​العقل والفؤاد في قصة يوسف الصديق "عليه السلام"​

إنضم
10/05/2012
المشاركات
1,360
مستوى التفاعل
37
النقاط
48
الإقامة
جدة
الموقع الالكتروني
tafaser.com
بسم الله الرحمن الرحيم
العقل والفؤاد في قصة يوسف الصديق عليه السلامعليه السلامعليه السلامعليه السلام



مقدمة :
امتداداً للدراسات التطبيقية على مفهوم مكنونات النفس البشرية وفق القرآن الكريم ومفاهيم القلب والعقل والفؤاد ، وما توصلنا إليه من أن القلب هو نواة النفس وترتبط به قوتان تتجاذبانه إما للخير وهو العقل أو للشر وهو الفؤاد ، وقلنا بأن النفس تندفع بفعل اختيار القلب لأحد الاتجاهين حسب قوة الجذب التي يميل القلب إليها.
وقلنا بأن الفؤاد هو مكونٌ ضروريٌ للكائنِ الحي للبقاء والغذاء والتكاثر وكافة الاحتياجات الأرضية التي لا غنى للكائن الحي لأجلها ، وأن قيم الفؤاد هي الخوف والغضب والشهوة والطمع والحقد والحب والبغض ، وهي بيئة صالحة ومرتع مناسب للشيطان ، وقلنا بأن العقل هو القوة المقيدة لذلك الفؤاد فيقيد القلب عن الطعام عند الصيام ويقيده عن الزنا فيمتنع عن الفاحشة وهكذا.
قلنا بأن العقل هو قوة صالحة إيجابية فطرية يأتي الدين لينميها ويعززها بمواجهة الفؤاد وشهواته فيحصل التوازن الهام في حياة المؤمن ، ذلك التوازن الذي يفتقده الكافر والملحد الذي يسير في ركاب فؤاده ولا يردعه عن الحرام ويعقله سوى قيمة أخرى من قيم الفؤاد كقيمة الخوف فإن أمن الخوف تولى في الأرض ليفسد فيها يهلك الحرث والزرع.
إن هذه الدراسات الدراسات التطبيقية بجانب ما فيها من تدبر لكتاب الله فهي تعين المؤمن على معرفة نوازع الخير والشر في نفسه ، وتلمس مكنونات نفسه ودوافعه وأهدافه وبالتالي فإنه إن أدرك ذلك فهو في موضع القدرة على كبت جماح شهواته وتمكين هيمنة عقلهِ على تصرفاته وأفعاله
ويمكن للقارئ الكريم أن يراجع بحث القلب و العقل والفؤاد ومفاهيمها في القرآن الكريم للتعرف على كل مكون من مكونات النفس والشاهد القرآني الذي يصفه ويدلنا عليه ، وسبق أن نشرنا دراسة تطبيقية لهذه النظرية على قصة موسى عليه السلام وتتبع مواضع اعتلاء الفؤاد على العقل واعتلاء العقل الفؤاد والشواهد القرآنية لكل حالة ، وفي هذه الدراسة سنستقرئ قصة يوسف الصديق عليه السلام وكل أشخاص القصة القرآنية وماهية دور العقل والفؤاد في مجرى هذه القصة والله ولي التوفيق.

ملاحظة : دراسة تطبيقية من خلال دراسة (فؤاد موسى وأمه عليهما السلام)
يتبع ..
 
ملامح عامة لسورة يوسف:
إذا نظرنا في سورة يوسف من البعد الذي نسعى لاستجلاءه فيما يتعلق بالعقل والقلب والفؤاد لرأينا في هذه السورة بأنها صورة وبيان ماثل لنزاع العقل والفؤاد وكيف أن قيم الفؤاد بيئة خصبة للشيطان يعبث بها ويفاقم اشتعالها سعياً في الوقيعة بين الناس وإيرادهم المهالك.
إن سورة يوسف اشتملت على كافة صورة قيم الفؤاد كالحسد والشهوة والخوف والغضب والحزن وكيف تكون دافعاً لاجتراح السيئات وارتكاب المعاصي، ومن أهم وأبرز الدروس التي نتعلمها من هذا البعد هو أن قيم الفؤاد اذا استعلت على العقل وتملكت قلب ابن آدم فإن كونه من المسلمين كأبناء يعقوب (إخوة يوسف) أو كان من المشركين كالعزيز ومرأته وقومها فإن نتيجة هذا الاستعلاء هو السوء والوبال في كل الأحوال.
إن مواضع استعلاء العقل في كل القصة مواضع قليلة ولكنها برغم ذلك مؤثرة وقيِّمة ومغيَّرة في مآل الأمور إلى الخير ولذا فيستقر لدينا أن إخضاع الفؤاد لسلطة العقل هو مناط صلاح أمر ابن آدم والعكس بالعكس.
أعلام السورة :
وهنا سنذكر أعلام السورة من جهة الاستعلاء الغالب إما للعقل أو للفؤاد بناء على ما يظهر للقارئ من سلوك وتصرفات.
أولاً : يوسف ويعقوب عليهما السلام : ونلحق بهما ابن يعقوب وهو بنيامين الأخ الشقيق ليوسف عليه السلام ، وهنا نتحدث عن أعلام الخير والحق والعقل والعدل في السورة ، فقد حازوا التكريم الرباني والاصطفاء الإلهي لنبوته فامتلكوا زمام أنفسهم فاستعلت عقولهم على أفئدتهم وتحققت فيهم قيم الصبر والحكمة واليقين فانتهى بهم الأمر لمآل خير في الدنيا وهم في الآخرة هم الفائزون.
ثانياً : إخوة يوسف : وقد اعتلت أفئدتهم على عقولهم فتملكتهم مشاعر الحسد والحقد والغضب فأقصت عقولهم وقدمت أفئدتهم فاصطبغت أنفسهم بصبغة الشر برغم بنوتهم لنبي الله يعقوب عليه السلام وإيمانهم بالله وعبادتهم له فلم تتحقق فيهم لوازم الإيمان الذي هو صنو العقل وقرينه.

ثالثاً: امرأة العزيز والنسوة : اعتلت أفئدتهن على عقولهن فتملكتهن وطغت عليهن مشاعر الشهوة والخيانة والفجور فاصطبغت أنفسهن بصبغة الخطيئة والعلاقة المحرمة لهاثاً وراء شهواتهن بلا عقل يضبط سلوكهن ويزجر أفئدتهن عن فعل الزنا ، فمالت قلوبهن ناحية الفؤاد فكان مآلهن الخسران والفضيحة.
رابعاً: العزيز والملك وصاحبي السجن : وهم مفاتيح تحقق مآل كل فريق من فرق العقل والفؤاد ومن خلالهم يتصل القصص وتتتابع الأحداث ، فالملك الذي سجن يوسف هو الذي أخرجه واستخلصه ، والفتى الذي رافق يوسف في السجن ، هو الذي ساهم في إخراجه وفك أسره ، والعزيز هو الذي اعتنى بيوسف وأكرم مثواه حتى تتابعت الأحداث لما بعد ذلك.

يتبع إن شاء الله
 
عودة
أعلى