عبد الغني عمر عيساوي
New member
[FONT="]يومان من أيام ملتقى علم صناعة المخطوط بالجزائر... توصيف وتقييم [/FONT]
[FONT="] [/FONT]
[FONT="]يتوجب عليَّ قبل البدء في سرد فعاليات هذا الملتقى الدولي حول علم صناعة المخطوط، أو ما اصطلح عليه عند الغربيين والمستشرقين بعلم الكوديكولوجيا، وما اصطلحتُ عليه بأنه : فن صناعة الوعاء المعرفي، أن أبيِّن أن علم المخطوطات في الجزائر – كعلم وفن مستقل- يعدُّ حديث ولادة ونشأة بين أحضان علمائها وطلاب علمها، ومثقفيها ومفكريها، لذا فإن فكرة الملتقى عموما في مبتدئها ومنتهاها فكرة رائدة جيدة تدفع علم المخطوطات والاهتمام به في الجزائر إلى الأمام.[/FONT]
[FONT="]احتضنت ولاية الجلفة هذا الملتقى الدولي المبارك، بجامعة زيان عاشور، ذلك الصرح العلمي الكبير، والذي خُصص به مخبرٌ خاصٌ بجمع ودراسة وتحقيق مخطوطات المنطقة.[/FONT]
[FONT="]تنوعت المداخلات والمشاركات بتنوع البلدان المشاركة، فمن مصر كان اللقاء بالأستاذ محمود زكي الباحث في معهد المخطوطات، والذي حمل لي معه نبأ غير سار، مفاده أن الأستاذ عصام الشنطي قد لزم المكان، ولا يستطيع الحراك، وأنه ترك المعهد إلى بيت ابنته بالإسماعيلية، فنسأل الله له العافية وحسن الخاتمة.[/FONT]
[FONT="]وكانت مداخلته بعنوان: نحو منهجية بحثية لعلم المخطوط الإسلامي، وهي المداخلة التي ترك بها العديد من علامات الاستفهام، ليس هذا محل سردها.[/FONT]
[FONT="]ومن تونس الشقيق، كانت مداخلة الدكتورة سناء الباروني،من جامعة جندوبة، وكان عنوان مداخلتها: آفاق دراسة المخطوط بين الضيق والسعة ... المخطوط الإباضي نموذجا.[/FONT]
[FONT="] ولي على هذه المداخلة شيء من التحفظ، ذلك أن طابع الدعوة والدفاع عن المنهج الإباضي كان غلاَّبا واضحا فيها، لما رأته وتراه من استهجان أهل السنة في الجزائر للفرقة الإباضية، وللفائدة فإن البارونية من القبائل الإباضية المشهورة في تونس.[/FONT]
[FONT="]ومن بلاد المغرب الأقصى مداخلة الأستاذ خالد زهري، والذي كان مقررا أن يشارك بمداخلة بعنوان: مخطوطات الفقه المالكي وآفاق معرفة جديدة، قراءة في بعض المعطيات الكوديكولوجية من خلال مخطوطات" المرشد المعين" لابن عاشر الأندلسي الفاسي.[/FONT]
[FONT="]وأصبنا بالدهشة وهو يعلن نبأ تغيير المداخلة إلى الحديث عن مخطوطات ابن سينا في الخزانة الحسينية – لست متأكدا من العنوان بالضبط ولكن هذا هو موضوعها إجمالا-.[/FONT]
[FONT="]أما عن سبب الدهشة التي تملكتنا، فسيأتيك نبأه بعد حين في التقييم.[/FONT]
[FONT="]ومن السعودية ممثلا عن جامعة أم القرى، كانت مداخلة الدكتور الأستاذ عوفي عبد الكريم الجزائري،[/FONT]
[FONT="]والتي كانت بعنوان صناعة فهرسة المخطوطات في الجزائر من 1830 إلى 2010.[/FONT]
[FONT="] وكانت مداخلة نقض بها عمل الدكتور مختار حساني، في كتابه "التراث الجزائري المخطوط في الجزائر او الخارج"، والذي قدَّم له – وياللأسف – الدكتور علي خراسي، وأفاض الدكتور عبد الكريم في النقض بالحجج، متسلحا بالغيرة على التراث، فهباه الله محبة وقوة في نفوس السامعين وهو يذود عن تراث الجزائر، ومما قاله في شأن الرجل وعمله: شوه تراثنا تشويها كبيرا.[/FONT]
[FONT="]وفي جلسة انفرادية بالدكتور، أراني كتابه الجديد عن التجربة الجزائرية في الفهرسة، والذي سيطبع في القريب العاجل.[/FONT]
[FONT="]أما عن مداخلات أهل البلد المنظم، فقد شدتني وبإعجاب مداخلة الأستاذ: ماحي قندوز أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة تلمسان، والتي كانت بعنوان: القيمة العلمية لكتاب فرانسوا دي روش، المدخل إلى علم الكتاب المخطوط. [/FONT]
[FONT="]ذلك أنها كانت مداخلة علمية قيمة، تنم عن علم وفقه بعلم الكوديكولوجيا، صلب موضوع الملتقى.[/FONT]
[FONT="]كذا مداخلة الدكتور والشيخ المربي: عبد المجيد جمعة الأستاذ بجامعة الأمير عبد القادر الإسلامية بقسنطينة، والتي كانت بعنوان: المنهج السليم في تحقيق المخطوط، وهي مداخلة علمية، كان فيها قائلها ناصحا ومبينا أساليب التحقيق وقواعده، وقد أفاض بإخلاص وإسهاب – نحسبه- في أمر النية في التحقيق، فكانت مداخلة رائعة.[/FONT]
[FONT="]وللفائدة فإن الدكتور له رسالة دكتوراه بتقريض من الشيخ الجليل: بكر أبو زيد رحمه الله- فاتني عنوانها-[/FONT]
[FONT="]ثم مداخلة الدكتور سليم خيراني من جامعة الجزائر، حول المخطوطات العربية في المكتبات الغربية، وكانت مداخلة قيمة، بين فيها رحلة المخطوط العربي إلى بلاد الغرب، وأساليب وأسباب تلك الرحلة البائسة لمخطوطاتنا في المكتبات الغربية، وقد أبان عن علم، وأفسح عن جولة في المخطوطات والتراث .[/FONT]
[FONT="]ثم لا يفوتني التنبيه لتلك المداخلة التي أزالت الكثير مما كان يختلج في صدري وقلبي، وهي مداخلة الأستاذ: بلعذل الطيب، من جامعة الجلفة، والتي إن سمح لي أن أضع لها عنوانا بالنيابة عنه هو: المتطفلون والمخطوط الجزائري.[/FONT]
[FONT="]فقد ظهر الرجل غيورا على تراثنا أن تناله أيادي أناس رأوا فيه جسرا للشهادات ونيل المرتبات، دونما أدنى غيرة أو نية في التحقيق لهذا التراث المجيد، ولمزكثيرا من المحاضرين حينما ظهر عوارهم وجهلهم بأمور التحقيق والتراث، وأبوا إلا المشاركة، وإن سألتهم عن التخصص لم يجدوا حرجا أن يقولوا: شريعة وقانون، أدب معاصر ونقد، سياسة شرعية ... وهلم جرَّا وهلم جرجرة، من التخصصات التي غاية ما يمكن أن يقال في حق صاحبها، مثقف في علم المخطوطات،- أي أنه آخذ بطرف منه- لا أن يحاضر على أنه متخصص في علم المخطوطات.[/FONT]
[FONT="]وقد صدقني القول أحد الدكاترة بالقول: أنا من المتطفلين، والنية هي شهادة المشاركة ..... فالله المستعان.[/FONT]
[FONT="]ثم تتابعت المشاركات حول الرقمنة والفهرسة، والمكتبات المهتمة بجمع وصيانة المخطوطات.[/FONT]
[FONT="] وإن الملاحظ ليجد أن المداخلات في غالبها إن لم نقل كلها، كانت خارجة عن صلب موضوع وعنوان الملتقى الذي كان: علم صناعة المخطوط، أي علم الكوديكولوجيا، إلا ما كان من مداخلة الأستاذ: ماحي قندوز التي أشرت إليها آنفا، وهذا ما دعاني أن أكرِّر في مداخلاتي الثلاث هذه النقطة بالذات، حتى ملَّ مني من ملَّ واشمأز من اشمأز.[/FONT]
[FONT="]وهذا الذي أصابنا بالدهشة من صنيع بعضهم لما غيروا مشاركاتهم، من دراسة في الكوديكولوجيا، إلى أمور عامة في التحقيق وغيره.[/FONT]
[FONT="]ومن بين الأمور الإيجابية التي تحسب لهذا الملتقى، أنه حاول الجمع بين طلاب المخطوطات ومقتنيها، خاصة الزوايا، وقد شارك بمداخلة قيمة الشيخ دحية أبو الأنوار ممثلا عن شيخ زاوية الهامل، وتحدث فيها عن تعهدهم بتسهيل أمور تصوير المخطوطات المتوفرة لديهم، واشترط في ذلك الأهلية والتخصص من الطالب، وهو في ذلك محق.[/FONT]
[FONT="]غير أنه تحامل نوعا ما على مركز جمعة الماجد، واتهمه أنه مركز يصبو لتحقيق الربح الوفير، وأن عمله مادي بحت ولم يكن لأجل العلم، وهذا ما رددت عليه فيه في مداخلتي، وأشرت إلى أنه حكم قاس، والأمانة والأخلاق تشهد لهم بغير ذلك، ولا يشكر الله من لم يشكر الناس.[/FONT]
[FONT="]وبفضل من الله تعالى، قد خلق هذا الملتقى جسرا تعارفيا متينا بين المهتمين بالتراث و المشتغلين بالمخطوطات في الجزائر، وشتى ولاياتها.[/FONT]
[FONT="]وكانت من بين التوصيات التيخرج بها هذا الملتقى، اعتماد المخبر لفكرة ملتقى دولي سنوي بذات الجامعة.[/FONT]
[FONT="]والتحضير لملتقى دولي ثان عنوانه: رحلة المخطوط بين المشرق والمغرب.[/FONT]
[FONT="]أخيرا/[/FONT]
[FONT="]ندوت من ولاية الجلفة، والسعادة تغمرني، أن تعرفت بتلك الأزفلة من المشتغلين بالتراث والمخطوطات بالجزائر، وأن كنت حاضرا في ذلك الملتقى الذي كان بعنوان : علم صناعة المخطوط، الواقع والآفاق.[/FONT]
[FONT="]وندوت منها وبعض الحزن في قلبي أن شيخي وأستاذي عصام الشنطي قد لزم المكان، وأن بعض المتطفلين قد نالوا حظهم بنيل شهادة المشاركة وما كانوا أهلا لها.[/FONT]
[FONT="]وبين سعادة وحزن أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه.[/FONT]
[FONT="] [/FONT]
[FONT="]والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.[/FONT]