يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل

إنضم
17/05/2003
المشاركات
7
مستوى التفاعل
0
النقاط
1
رجعت لأكثر من تفسير لهذه الآية الكريمة بناءا على سؤال معلم تربية فنية وكأنه يتحجج بهذه الآية.

والذي خلصت إليه أن التماثيل كانت جائزة في شريعتهم مع حرمتها في شريعتنا.
لكن: أليس النهي عن صنع التماثيل يتعلق بجانب العقيدة والتوحيد؟
والأمور العقدية هل تتغير بتغير الشرائع ؟
الذي أعرفه أن الذي قد يتغير أمور العبادات ، لا العقائد ووسائل الشرك!!
 
بسم الله

الأخ الكريم أحمد

ما ذكرته عن المفسرين صحيح ، فأكثرهم على أن الثماثيل كانت مباحة لمن قبلنا إذا لم تكن للعبادة ، وإلا فإنه قد جاء في القرآن إنكار الخليل إبراهيم عليه السلام على قومه اتخاذهم الثماثيل في قوله ك ( ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون ) .
فالحاصل أن التماثيل في شرع من قبلنا مباحة إذا لم تكن متخذة للعبادة .

وأما قولك : لكن: أليس النهي عن صنع التماثيل يتعلق بجانب العقيدة والتوحيد؟
والأمور العقدية هل تتغير بتغير الشرائع ؟
فالجواب : أن النهي عن التصاوير في شريعتنا نهي عنه سداً للذريعة ، فهو ليس من أصول مسائل العقيدة التي اتفقت عليها الشرائع ، ومعلوم أن هناك مسائل كانت مباحة في شرائع من قبلنا مع تعلقها بالعقيدة ، كالسجود للمخلوقين وغير ذلك .
وقد فصل محمد علي الصابوني الكلام في هذه المسألة في كتابه القيّم : روائع البيان تفسير آيات الأحكام من القرآن 2/ 379-392 وذكر هناك ما هو جدير بالقراءة ، فلينظر
 
الأخ الكبير أبو مجاهد

جزاكم الله خيرا
فعلا رعاك الله أزلت الإشكال الذي كان عندي

وشكرا لك

أخوط طويلب العلم المستفيد
 
يشكل على القول بأن ذلك كان مباحا في شرع من قبلنا أمران :
الأول : أن هذه الآية واردة في شأن سليمان عليه السلام ، ومعلوم أن سليمان من ذرية إبراهيم عليهما السلام ، قال تعالى : { ومن ذريته دواد وسليمان .... } وقد جاء في القرآن الكريم إنكار إبراهيم عليه السلام لوجود التماثيل في قوله تعالى : { ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون } فكيف يكون محرما في شريعة إبراهيم ومباحا في شريعة سليمان عليهما السلام وهو متأخر عنه ؟
الأمر الثاني : أنه ثبت في الصحيحين من حديث عائشة في قصة الكنيسة التي كانت بأرض الحبشة وما فيها من التصاوير وأنه صلى الله عليه وسلم قال : « كانوا إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا وصوروا فيه تلك الصورة أولئك شرار الخلق عند الله » قال الحافظ ابن حجر : فإن ذلك يشعر بأنه لو كان ذلك جائزا في ذلك الشرع ما أطلق عليه صلى الله عليه وسلم أن الذي فعله شر الخلق.
وقد تناول الحافظ ابن حجر هذه المسألة في فتح الباري ( 10 / 395 ) الطبعة السلفية فقال ما نصه : وقد استشكل كون الملائكة لا تدخل المكان الذي فيه التصاوير مع قوله سبحانه وتعالى عند ذكر سليمان عليه السلام { يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل } وقد قال مجاهد كانت صورا من نحاس أخرجه الطبري وقال قتادة كانت من خشب ومن زجاج أخرجه عبد الرزاق والجواب أن ذلك كان جائزا في تلك الشريعة وكانوا يعملون أشكال الأنبياء والصالحين منهم على هيئتهم في العبادة ليتعبدوا كعبادتهم وقد قال أبو العالية لم يكن ذلك في شريعتهم حراما ثم جاء شرعنا بالنهي عنه ويحتمل أن يقال أن التماثيل كانت على صورة النقوش لغير ذوات الأرواح وإذا كان اللفظ محتملا لم يتعين الحمل على المعنى المشكل .أ . هـ
 
إخواني الأحبة في الله
تهنئة طيبة - مسبقة و مقدمة - بقرب حلول عيد الفطر المبارك ، أعاده الله عليكم و علينا و على المسلمين في كل مكان بالخير و النصر بفضله تعالى ، و هذا تعقيب سريع على تلك المسألة ، ربما يبسط فيما بعد إن شاء الله تعالى :

- القول بأن صنع التماثيل كان مباحا في شرعهم - بمعنى الصور ذات الأجسام من ذوات الأرواح - قد يعكر عليه ما أخبر به رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إن أشد الناس عذابا يوم القيامة المصورون " أخرجه الإمام البخاري في " صحيحه " ، و هو يشمل الأمم السابقة ، حيث ذكر الأئمة شراح الحديث في الجمع بينه و بين الآية : { ادخلوا آل فرعون أشد العذاب } اشتراك غيرهم معهم فيه ممن جاء ذلك التحريم في شرعهم ،
و لما كان ذلك الحديث على سبيل الإخبار ، فالقول بنسخ تلك الإباحة في شرعنا يعكر عليه ما تقرر من أن " الأخبار " الشرعية لا يدخلها النسخ ،
هذا من ناحية

- كما ان القول بإباحة ذلك الفعل في شرعهم قد يعكر عليه أن ذلك الفعل - عمل التماثيل ، على اختلاف معناها المراد - كان خاصا بسليمان عليه و على نبينا الصلاة و السلام ، أي " خصوصية " له ، و لم يكن عاما لهم في شرعهم ،
و مثله في ذلك ما أخبر به الله تعالى في شأن عيسى بن مريم عليهما السلام حكاية عنه : { أني أخلق لكم من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله } [ آل عمران : 49 ] ، فهو خاص بعيسى عليه السلام أيضا ، و كلاهما كان أمرا خارقا للعادة أو معجزة خاصيين بهما ، و لم يكونا عامين لسائر الناس في شرعيهما ، و هذ1ا أحسب أن لا خلاف فيه في هذه الحيثية ،
و قد يشكل في هذا أان كليهما جاء على سبيل الامتنان عليهما به ، مع كونه قد يبدو ظاهره غير مباح في أصله في كل الشرائع على ما إذا صح ما تقدم

فما القول في ذلك ، أعني : أن لا نسخ فيه ، لكونه لم يكن حكما عاما مباحا في شرعهم ، و إنما كان خاصا للنبيين الكريمين " خصوصية لهما " ، و إلا لم يكن هناك معنى للتميز في حال الاشتراك فيه معه سائر الناس وقتئذ .
و إن كاك نسخا فما وجه الخصوصية ،
و إن كان معنى " التماثيل " في الآية : النقش ، فكذلك يتوجه إليه السؤال المتقدم ؟

* * * هذا ، مع التأكيد و اليقين ان " التماثيل " - بمعنى : الصور ذات الأجسام لذوات الأرواح - حرام بالإجماع في شرعنا الإسلام ، على ما ذكره الإمام الحافظ ابن حجر في كتابه " فتح الباري " حكاية عن الإمام أبي بكر بن العربي
 
التعديل الأخير:
- بمناسبة الإحالة على ما ذكره أبو بكر ابن العربي - أنقل ما أورده عند ذكره للمسائل التي اشتملت عليها هذه الآية في كتابه أحكام القرآن :

( إن قيل : فكيف شاء عمل الصور المنهي عنها ؟ قلنا : لم يرد أنه كان منهيا عنها في شرعه , بل ورد على ألسنة أهل الكتاب أنه كان أمرا مأذونا فيه , والذي أوجب النهي عنه في شرعنا والله أعلم ما كانت العرب عليه من عبادة الأوثان والأصنام , فكانوا يصورون ويعبدون , فقطع الله الذريعة وحمى الباب . فإن قيل : فقد قال حين ذم الصور وعملها من الصحيح قول النبي عليه السلام : { من صور صورة عذبه الله حتى ينفخ فيها الروح , وليس بنافخ } . وفي رواية : { الذين يشبهون بخلق الله } ; فعلل بغير ما زعمتم . قلنا : نهي عن الصورة , وذكر علة التشبيه بخلق الله , وفيها زيادة علة عبادتها من دون الله , فنبه على أن نفس عملها معصية , فما ظنك بعبادتها , وقد ورد في كتب التفسير شأن يغوث ويعوق ونسرا , وأنهم كانوا أناسا , ثم صوروا بعد موتهم وعبدوا . وقد شاهدت بثغر الإسكندرية إذا مات منهم ميت صوروه من خشب في أحسن صورة , وأجلسوه في موضعه من بيته وكسوه بزته إن كان رجلا وحليتها إن كانت امرأة , وأغلقوا عليه الباب . فإذا أصاب أحدا منهم كرب أو تجدد له مكروه فتح الباب [ عليه ] وجلس عنده يبكي ويناجيه بكان وكان حتى يكسر سورة حزنه بإهراق دموعه , ثم يغلق الباب عليه وينصرف عنه , وإن تمادى بهم الزمان يعبدوها من جملة الأصنام والأوثان , فعلى هذا التأويل إن قلنا : إن شريعة من قبلنا لا تلزمنا فليس ينقل عن ذلك حكم . وإن قلنا : إن شرع من قبلنا شرع لنا فيكون نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الصور نسخا ...

وإن قلنا : إن الذي كان يصنع له الصور المباحة من غير الحيوان وصورته فشرعنا وشرعه واحد .
وإن قلنا : إن الذي حرم عليه ما كان شخصا لا ما كان رقما في ثوب فقد اختلفت الأحاديث في ذلك اختلافا متباينا بيناه في شرح الحديث , لبابه أن أمهات الأحاديث خمس أمهات :
الأم الأولى: ما روي عن ابن مسعود وابن عباس أن أصحاب الصور يعذبون , أو هم أشد الناس عذابا . وهذا عام في كل صورة .
الأم الثانية : روي عن أبي طلحة عن النبي صلى الله عليه وسلم : { لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا صورة } زاد زيد بن خالد الجهني : { إلا ما كان رقما في ثوب } وفي رواية عن أبي طلحة نحوه , فقلت لعائشة : هل سمعت هذا ؟ فقالت : لا ; وسأحدثكم ; { خرج النبي صلى الله عليه وسلم في غزاة فأخذت نمطا فنشرته على الباب , فلما قدم ورأى النمط عرفت الكراهة في وجهه , فجذبه حتى هتكه , وقال : إن الله لم يأمرنا أن نكسو الحجارة والطين . قالت : فقطعت منه وسادتين وحشوتهما ليفا فلم يعب ذلك علي } .
الأم الثالثة : قالت عائشة : { كان لنا ستر فيه تمثال طائر , وكان الداخل إذا دخل استقبله , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : حولي هذا فإني كلما رأيته ذكرت الدنيا } .
الأم الرابعة: روي عن عائشة قالت : { دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا متسترة بقرام فيه صورة فتلون وجهه ثم تناول الستر فهتكه , ثم قال : إن من أشد الناس عذابا يوم القيامة الذين يشبهون خلق الله . قالت عائشة : فقطعته , فجعلت منه وسادتين } .
الأم الخامسة: قالت عائشة : { كان لنا ثوب ممدود على سهوة فيها تصاوير , فكان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي إليه , ثم قال : أخريه عني , فجعلت منه وسادتين ; فكان النبي صلى الله عليه وسلم يرتفق بهما } . وفي رواية في حديث النمرقة قالت : { اشتريتها لك لتقعد عليها وتتوسدها ; فقال : إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة , وإن الملائكة لا يدخلون بيتا فيه صورة } .

قال القاضي : فتبين بهذه الأحاديث أن الصور ممنوعة على العموم , ثم جاء : إلا ما كان رقما في ثوب , فخص من جملة الصور , ثم بقول النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة في الثوب المصور : أخريه عني ; فإني كلما رأيته ذكرت الدنيا فثبتت الكراهة فيه . ثم بهتك النبي صلى الله عليه وسلم الثوب المصور على عائشة منع منه , ثم بقطعها لها وسادتين حتى تغيرت الصورة وخرجت عن هيئتها بأن جواز ذلك إذا لم تكن الصورة فيه متصلة الهيئة , ولو كانت متصلة الهيئة لم يجز لقولها في النمرقة المصورة : اشتريتها لك لتقعد عليها وتتوسدها , فمنع منه وتوعد عليه , وتبين بحديث الصلاة إلى الصورة أن ذلك كان جائزا [ في الرقم ] في الثوب , ثم نسخه المنع , فهكذا استقر فيه الأمر . والله أعلم . ) انتهى كلامه

تذييل : جاء في الموسوعة الفقهية : ( التصوير في الديانات السابقة :
قال مجاهد : قوله تعالى في حق سليمان عليه السلام وطاعة الجن له : { يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب } قال : كانت صوراً من نحاس . أخرجه الطبري .
وقال قتادة : كانت من الزجاج والخشب أخرجه عبد الرزاق .

قال ابن حجر : كان ذلك جائزا في شريعتهم , وكانوا يعملون أشكال الأنبياء والصالحين منهم على هيئتهم في العبادة ليتعبدوا كعبادتهم . وقال أبو العالية : لم يكن ذلك في شريعتهم حراما . وقال مثل ذلك الجصاص . قال ابن حجر : ولكن ثبت في الصحيحين { أن أم حبيبة وأم سلمة رضي الله عنهما ذكرتا للنبي صلى الله عليه وسلم كنيسة رأينها بأرض الحبشة , فذكرتا من حسنها وتصاوير فيها , فقال النبي صلى الله عليه وسلم أولئك قوم كانوا إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا , وصوروا فيه تلك الصور . أولئك شرار الخلق عند الله } . قال : فإن ذلك يشعر بأنه لو كان جائزا في شريعتهم ما أطلق على الذي فعله أنه شر الخلق , هكذا قال . لكن الأظهر أنه ذمهم لبناء المساجد على القبور , ولجعلهم الصور في المساجد , لا لمطلق التصوير , ليوافق الآية , والله أعلم . )
 
تحريم التماثيل عام في كل حال ، و ليس خاصا بكونها للعبادة و لا بقصد المضاهاة

تحريم التماثيل عام في كل حال ، و ليس خاصا بكونها للعبادة و لا بقصد المضاهاة

- * ( عمل التماثيل المجسمة – لذوات الأرواح – محرم لذاته ، و تحريمه عام بالإجماع ، و ليس خاصا بغر ض من الأغراض )
- -----------------------------------------------------------------
شاع في كثير من بلاد المسلمين إقامة و نصب التماثيل لأشخاص يرونهم عظماء و نجباء ، و قد أعان على ذلك ما أفتى به بعض المعاصرين من إباحة ذلك الفعل الوارد النهي عنه و تحريمه بأقوى الدلالات على التحريم ، مثل قوله صلى الله عليه و سلم في الحديث الصحيح المتفق عليه : " إن أشد الناس عذابا يوم القيامة المصورون " ،
- قال ابن العربي : [ حاصل ما في اتخاذ الصور أنها إن كانت ذات أجسام حرم بالإجماع ] ، ذكره ابن حجر في " فتح الباري " ، و قوله هذا محمول على ما كان للأجسام ذات الأرواح ، كما أوضحه ابن حجر :
- حيث قال - في شرح حديث ابن عباس : سمعت محمدا صلى الله عليه و سلم يقول : " من صور صورة في الدنيا كلف يوم القيامة أن ينفخ فيها الروح ، و ليس بنافخ " ، رواه البخاري - : ( كذا أطلق و ظاهره التعميم فيتناول صورة ما لا روح فيه ، لكن فهم ابن عباس من بقية الحديث التخصيص بصورة ذات الأرواح من قوله " كلف أن ينفخ فيها الروح " فاستثنى ما لا روح فيه كالشجر ) .
-
- **************************
- و إنما استحلوا ذلك الفعل بدعوى قصر التحريم و تخصيصه بما إذا كانت للعبادة ، و بما إذا كانت بقصد مضاهاة خلق الله في تلك الأشكال للمخلوقات ، اما ما لم يكن بغرض العبادة ، و كذا ما لم يكن بقصد المضاهاة فلا يحرم بزعمهم و ادعائهم ، و هو تعليل بعلة لم ينص و لم يدل عليها الشرع بدليل ، و تخصيص بغير مخصص ، و هذا و ذاك لا يصحان و لا يجوزان ، على ماهو معروف في علم الأصول .

• و قد جاءت الأحاديث بالوعيد بالعذاب الشديد على ذلك الفعل ، و منها :
• 1 - ما جاء في مسند الإمام أحمد بن حنبل ( ج1/ص 407) :

• [ ح 3868 ] حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الصمد ثنا أبان ثنا عاصم عن أبي وائل عن عبد الله ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " أشد الناس عذابا يوم القيامة : رجل قتله نبي أو قتل نبيا ، وإمام ضلالة ، وممثل من الممثلين " .
• و الممثلين هنا : هم ما يسمون بالمثالين – بتشديد الثاء – في زمننا هذا. ا .
• و لفظ " الممثلين " – الوارد في الحديث - جاء على سبيل العموم ، لمجيئه بلفظ من ألفاظه ، و هو : المعرف بأل الاستغراقية ، و لم يقم دليل على تخصيص ذلك الوعيد بالعبادة أو غيرها ، فيظل على عمومه حتى يقوم الدليل المغير و المبيح – على ما هو مقرر في أصول الفقه – و لا دليل هنا ، و المماري عليه الدليل . هذا من ناحية .

*********************************
و عليه فغير صحيح ما تعقب به على الحافظ ابن حجر - مما نقل في أعلاه عن محرري " الموسوعة الفقهية " - في علة تحريم التماثيل : [ قال ابن حجر : كان ذلك جائزا في شريعتهم , وكانوا يعملون أشكال الأنبياء والصالحين منهم على هيئتهم في العبادة ليتعبدوا كعبادتهم . وقال أبو العالية : لم يكن ذلك في شريعتهم حراما . وقال مثل ذلك الجصاص . قال ابن حجر : ولكن ثبت في الصحيحين { أن أم حبيبة وأم سلمة رضي الله عنهما ذكرتا للنبي صلى الله عليه وسلم كنيسة رأينها بأرض الحبشة , فذكرتا من حسنها وتصاوير فيها , فقال النبي صلى الله عليه وسلم أولئك قوم كانوا إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا , وصوروا فيه تلك الصور . أولئك شرار الخلق عند الله } . قال : فإن ذلك يشعر بأنه لو كان جائزا في شريعتهم ما أطلق على الذي فعله أنه شر الخلق , هكذا قال . لكن الأظهر أنه ذمهم لبناء المساجد على القبور , ولجعلهم الصور في المساجد , لا لمطلق التصوير , ليوافق الآية , والله أعلم ] . انتهى الاقتباس .

**************************
* و ذلك النقل و العزو إلى ابن حجرتعوزه الدقة ، بل الصحة : فأوله مناقض لآخره : ففي أوله : " كان ذلك جائزا في شريعتهم " . و في آخره : " فإن ذلك يشعر بأنه لو كان جائزا في شريعتهم ما أطلق " .
- و إنما ذكر الأول جوابا لما أشكل من الجمع بين تلك الآية و ذلك الحديث ، فقال : و الجواب أن ذلك كان جائزا في تلك الشريعة .........ثم قال : و يحتمل أن يقال إن التماثيل كانت على صورة النقوش لغير ذات الأرواح ، و إذا كان اللفظ محتملا لم يتعين الحملعلى المعنى المشكل ( و ذكر قصة كنيسة الحبشة ذات التصاوير ، مما ذكرته الموسوعة ) ،
ثم قال : [[ فدل على أن فعل صور الحيوان فعل محدث أحدثه عباد الصور . و الله أعلم ]] .

* و مقتضى قوله هذا أنه يرى أن عمل التماثيل لم يكن جائزا في شرعهم لذاته و للعبادة أيضا ،
أما تعقبهم لرأيه هذا - بقولهم : (. لكن الأظهر أنه ذمهم لبناء المساجد على القبور , ولجعلهم الصور في المساجد , لا لمطلق التصوير , ليوافق الآية , والله أعلم ] ) – فغير صحيح كذلك :

فما قاله الإمام ابن حجر هو الأصح ، بل هو الصحيح ، و مخالفيه خالفهم التوفيق ، و صحيح أن الذم لحقهم لبنائهم القبور على المساجد و كذا لجعلهم الصور في المساجد – كما جاء في " الموسوعة الفقهية " – و لكن نفي كون الذم على مطلق التصوير غير صحيح :
-
- أولا : - لأن عمل الصورة معصية في ذاته – كما قاله الإمام أبو بكر بن العربي في كتابه " أحكام القرآن " في تفسيره الآية ، و هو ما نقله الشيخ د . أبو مجاهد العبيدي أعلاه – قال : ( نهي عن الصورة , وذكر علة التشبيه بخلق الله , وفيها زيادة علة عبادتها من دون الله , فنبه على أن نفس عملها معصية , فما ظنك بعبادتها ) .
-
- ثانيا : – ما دلت عليه الأحاديث الصحيحة عن ابن عباس – رضي الله عنهما – من النهي و الوعيد الشديد على مجرد عمل الصورة – المجسدة لذوات الأرواح – و من ذلك :


- 1 - ما جاء في صحيح البخاري ( ج2/ص775 ) :
- 104 باب بيع التصاوير التي ليس فيها روح وما يكره من ذلك
-
- حدثنا عبد الله بن عبد الوهاب حدثنا يزيد بن زريع أخبرنا عوف ( عن سعيد بن أبي الحسن قال: كنت عند ابن عباس رضي الله عنهما إذ أتاه رجل فقال : يا أبا عباس إني إنسان إنما معيشتي من صنعة يدي وإني أصنع هذه التصاوير ، فقال بن عباس : لا أحدثك إلا ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول سمعته يقول : " من صور صورة فإن الله معذبه حتى ينفخ فيها الروح ، وليس بنافخ فيها أبدا " .
- فربا الرجل ربوة شديدة واصفر وجهه ، فقال [ يعني : ابن عباس ] : ويحك إن أبيت إلا أن تصنع فعليك بهذا الشجر كل شيء ليس فيه روح .
- قال أبو عبد الله سمع سعيد بن أبي عروبة من النضر بن أنس هذا الواحد) .
- أي : الحديث . ذكره ابن حجر في الفتح .
-
2 - ما جاء في صحيح مسلم ( ج3/ص1670 ) :
-
- قال مسلم قرأت على نصر بن علي الجهضمي عن عبد الأعلى بن عبد الأعلى حدثنا يحيى بن أبي إسحاق عن سعيد بن أبي الحسن قال : ( جاء رجل إلى بن عباس فقال : إني رجل أصور هذه الصور فأفتني فيها . فقال له : ادن مني . فدنا منه ، ثم قال : ادن مني . فدنا حتى وضع يده على رأسه ، قال :أنبئك بما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم " سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول
- : " كل مصور في النار ، يجعل له بكل صورة صورها نفسا فتعذبه في جهنم " .
- وقال [ يعني : ابن عباس ] : إن كنت لا بد فاعلا فاصنع الشجر وما لا نفس له .
- فأقر به نصر بن علي ) .

3 – و جاء في المعجم الكبير ( ج12/ص164)
12772 حدثنا بشر بن موسى ثنا هوذة بن خليفة ثنا عوف عن سعيد بن أبي الحسن قال كنت عند بن عباس إذ أتاه رجل فقال إني إنسان إنما معيشتي من صنعة يدي وأنا أصنع هذه التصاوير فقال بن عباس لا أجد لك إلا ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من صور صورة فإن الله يعذبه يوم القيامة حتى ينفخ فيها وليس بنافخ فيها أبدا قال فربا لها الرجل ربوة شديدة واصفر وجهه ثم قال ويحك إن أبيت إلا أن تصنع فعليك بهذا الشجر وكل شيء ليس فيه روح
12773 حدثنا حفص بن عمر بن الصباح الرقي ثنا قبيصة بن عقبة ثنا سفيان عن عوف عن سعيد بن أبي الحسن عن بن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله .

4 – و كذا ما حاء في مسند أحمد بن حنبل :
3394 حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل ومحمد بن جعفر قالا ثنا عوف عن سعيد بن أبي الحسن قال بن جعفر حدثني سعيد بن أبي الحسن قال كنت عند بن عباس وسأله رجل فقال يا بن عباس إني رجل إنما معيشتي من صنعة يدي وإني أصنع هذه التصاوير قال فإني لا أحدثك إلا بما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من صور صورة فإن الله عز وجل معذبه يوم القيامة حتى ينفخ فيها الروح وليس بنافخ فيها أبدا قال فربا لها الرجل ربوة شديدة فاصفر وجهه فقال له بن عباس ويحك إن أبيت إلا أن تصنع فعليك بهذا الشجر وكل شيء ليس فيه روح



*******************************

** فدلت تلك الأحاديث الصحاح – و بخاصة ذلك الحديث المتفق عليه عند البخاري و مسلم – أن الحرمة في عمل التماثيل المجسدة لذوات الأرواح عامة ، و ليست خاصة بما إذا كانت لغرض العبادة ، و لا بما إذا كانت بقصد مضاهة خلق الله ، فذلك الرجل كان يصنعها و يعملها ليتكسب بها معيشته و ينمي ماله ، و كان نجارا يتكسب من صنعة يده تلك ، فنهاه ابن عباس – حبر الأمة – عن عمل كل ما له روح ،

*** و هذه الأحاديث نص في المسألة ، فيجب المصير إليها ، و لا اجتهاد في مقابلة النص ، و كل قول مخالف للنص الصحيح مردود ، و كل اجتهاد مخالف للنص مرفوض كذلك .

و عليه : فعمل التماثيل المجسمة – لذوات الأرواح – معصية كبيرة ، و محرم لذاته ، و حرمته عامة في كل حال ، و ليست خاصة بما إذا كانت لغرض العبادة أو بقصد المضاهاة ، و المماري عليه الدليل .
و قد استثني منه لعب البنات الصغيرة لورود الدليل .

- و عمل تلك التماثيل محرم في شرعنا بالإجماع – كما نقل عن أبي بكر بن العربي – و هو كذلك في شرع قوم سليمان عليه السلام و في شرع غيرهم – كما قال ابن حجر – و إذا صح ذلك ، لما تقدم ، و إذا تقرر : فلا نسخ لقوله تعالى حكاية عن سليمان عليه السلام : { و يعملون له ما يشاء من محاريب و تماثيل } الآية ،
هذا ، و الله تعالى أعلم و أحكم

- و نعود للسؤال عن جواب الإشكال المذكور في المشاركة المتقدمة ، فمن يجيب ؟
-

كتبه
د . أبو بكر بن عبد الستار بن محمد آل خليل
مصر
 
جواب الإشكال أنه لا بأس بالتماثيل إذا كانت لمجرد الزينة أو أثرًا من آثار التاريخ، بشرط أن لا تكون مصدر شرك أو شبهة على نقاء عقيدة التوحيد. ولذلك أبقى الصحابة رضوان الله عليهم على التماثيل في البلاد المفتوحة التي لم يكن يعبد أهلها الأصنام، ولنا فيهم قدوة.
 
الحديث نص في المسألة ،ولا اجتهاد مع النص ، و الاجتهاد المخالف للنص مردود و مرفوض

الحديث نص في المسألة ،ولا اجتهاد مع النص ، و الاجتهاد المخالف للنص مردود و مرفوض

المراد ب " التماثيل " - في سؤالي و مقالتي
تلك - : الصور المجسدة لما فيه روح ، و هو ما أوضحته في العنوان ، و في أثناء المقال ،
- فإن كان كلامك في " التماثيل " المذكور أعلاه في هذا المعنى المقصود : فأنت محجوج بدليلين صحيحين صريحين :

الأول : بالحديث الصحيح المتفق عليه ، و المذكور في مقالتي المتقدمة - و عامل التماثيل فيه نهي عنها على سبيل العموم ، إذ كان نجارا يتكسب من صنعها ، و لم يخص ابن عباس منها ما إذا اتخذ للعبادة - و هو بلا شك أشد حرمة - و إنما نهاه عن مطلق عملها ، من غير استفسار عن الغرض المستعمل فيه ، و هذا واضح في نص الحديث ،
و ترك الاستفصال في الأحوال - كما وقع في حال عمل الرجل هنا - ينزل منزلة العموم في الأقوال ، و تلك قاعدة أصولية مرعية عند العلماء ،

و الثاني : أنت محجوح بالإجماع على تحريم الصور ذات الأجسام - و هي التماثيل - كما حكاه الحافظ ابن حجر عن الإمام أبي بكر بن العربي ، و قوله هذا محمول على ما كان منها لذوات الأرواح ( أي : ما لا روح فيه ، لقول ابن عباس في الحديث المتفق عليه : " ويحك إن أبيت إلا أن تصنع فعليك بهذا الشجر كل شيء ليس فيه روح " .

- و هما ملخص المقالة المتقدمة ، فراجعها بروية ،
* و قد فزع ذلك الرجل النجار ، و ربا ربوة شديدة من الوعيد الوارد بالحديث الشريف لما يعمله من الخشب ، ثم يأتي قوم يستحلون " التماثيل " المجسمة - للرؤساء و الفنانين و غيرهم - بغير دليل صحيح صريح يخص حكم التحريم بحال دون حال ،
و ذلك إنما ينشا عن أحد أمرين :
الأول : عن الاستخفاف بوعيد الله ، و ذلك بالتجرؤ على انتهاك محارمه و حماه بغير يقين من الحل ، و ما ثبت بيقين - و هو التحريم هنا - فلا يزول إلا بيقين - للإباحة - و هذه قاعدة أصولية لا منازع فيها .
الثاني : أو قد ينشا عن الغفلة أو التغافل عن علم " أصول الفقه " و قواعده ، حيث لا يخصص " العام " إلا بدليل ، و " اليقين لا يزول بالشك ، و إنما بيقين مثله " ، و أول قواعده : " لا اجتهاد مع النص " : فكل اجتهاد في مقابلة " النص " مردود و كل كلام مخالف للنص مردود ،
و علم أصول الفقه هو ما ينبني عليه الفقه ، و من غاب عنه كثر غلطه و أخطأ في استدلاله .
و هذا قول عام أردت توضيحه للأخوة الأعضاء ، للعناية بذلك العلم الأصيل المهم .

وفقنا الله و إياكم إلى الحق و السداد .
اللهم آمين
* و ما زال الاعتراض قائما ، و من المعارض الصحيح سالما
 
محمد الأمين قال:
جواب الإشكال أنه لا بأس بالتماثيل إذا كانت لمجرد الزينة أو أثرًا من آثار التاريخ، بشرط أن لا تكون مصدر شرك أو شبهة على نقاء عقيدة التوحيد. ولذلك أبقى الصحابة رضوان الله عليهم على التماثيل في البلاد المفتوحة التي لم يكن يعبد أهلها الأصنام، ولنا فيهم قدوة.

فقه عجيب غريب ، فيه إهمال للنصوص وتعلق بشبه لا تقوم بها حجة .

وقد تتبعت بعض مشاركات الكاتب فوجدته يأتي بالعجائب - هداه الله وأصلحه -.
 
المسألة خلافية قديمة. وهي منصبة على قاعدة أصولية مختلف بها منذ زمن الصحابة. ألا وهي:‏

هل نطبق حرفية النص أم روح النص؟

بمعنى هل علينا أن نطبق النص بحرفيته وعلى ظاهره، أم نحاول أن نفهم روحه؟

اختلف الصحابة في هذا. ولا يخفى عليك حديث صلاة العصر في بني قريظة. بعض الصحابة رضوان الله عليهم فهموه على ظاهره، ‏وبعضهم فهم العلة المقصودة منه. وأقر الرسول صلى الله عليه وسلم الطرفين.‏

والمسألة مشابهة هنا لورود نصوص في تحطيم التماثيل وطمس الصور. فمن فهم النصوص حرفياً لزمه تحطيم كل تمثال وطمس كل ‏صورة. وقال أغلب هؤلاء بجواز الصور الشمسية لأنها مجرد حبس ظل. ومن حرم هذه فإنه تناقض لأنه جمع بين المذهبين.‏

والمذهب الثاني هو أن سبب تحريم الصور والتماثيل حتى لا تصبح ذريعة للشرك أو للتبرك. ولذلك كثير من العلماء يرون جواز وضع ‏الصور في موضع مهان. فيجوز رسم الصور على السجاد الذي يداس بالأقدام، لأن هذا لا يقدّس. ويجوز كذلك وضع تماثيل بدون ‏رأس، لأنها تبدو ناقصة. ويجوز وضع صور في غير موضع ظاهر. فلا يجوز تعليق الصورة على الحائط، لكن يجوز وضعها بين صفحات ‏الكتاب إن أمنوا بأن لا تقدس هذه الصورة (كأن تكون صورة شيخ أو ولي). وأجاز الجمهور صور غير ذي روح (نباتات وطبيعة).‏

بل هناك من أجاز صنع التماثيل والصور إن أمن عدم التقديس. وكان الإمام القرافي (من الأصوليين المالكية) يصنع التماثيل بنفسه!‏

ويبدو أنه مذهب جمهور الصحابة، بل إجماعهم. حيث أنهم لم يحطموا التماثيل والصور في بلدان فارس والشام والعراق، لكنهم ‏حطموها في بلاد الهند وبلاد العرب. ذلك أنها لم تكن تعبد في فارس والشام ومصر. وتركوا تلك الصروح الضخمة والتماثيل الكثيرة ‏إلى اليوم.‏

وقد دخل سعد بن أبي وقاص (فاتح العراق وأحد المبشرين للجنة) قصر كسرى في المدائن. وفي ذلك القصر صور كثيرة على الجدران ‏وتماثيل. ولم يهدم منها شيئاً، بل بقيت ليومنا هذا. ولم ينكر عليه أحد من الصحابة ولا على غيره. فهذا إجماع منهم على جواز إبقائها ‏إن لم تكن تعبد من دون الله ولم يكن لها أي قدسية.‏

قال الطبري في تاريخه (2\464): «لما دخل سعد المدائن فرأى خلوتها، وانتهى إلى إيوان كسرى، أقبل يقرأ: {كم تركوا من جنات ‏وعيون وزروع ومقام كريم ونعمة كانوا فيها فاكهين كذلك وأورثناها قوما آخرين}. وصلى فيه صلاة الفتح، ولا تصلى جماعة. ‏فصلى ثماني ركعات لا يفصل بينهن. واتخذه مسجداً. وفيه تماثيل الجص: رجال وخيل. ولم يمتنع –ولا المسلمون لذلك– وتركوها على ‏حالها. قالوا: وأتم سعد الصلاة يوم دخلها، وذلك أنه أراد المقام فيها. وكانت أول جمعة بالعراق جمعت جماعة بالمدائن في سنة ست ‏عشرة».‏

وقال الطبري في تاريخه (4\478): «عن علي بن عصمة أن خالد بن برمك خط مدينة أبي جعفر (المنصور، وهي مدينة بغداد) له، ‏وأشار بها عليه. فلما احتاج إلى الأنقاض، قال له: ما ترى في نقض بناء مدينة إيوان كسرى بالمدائن، وحمل نقضه إلى مدينتي هذه؟ ‏قال: لا أرى ذلك يا أمير المؤمنين. قال: ولم؟ قال: لأنه عَلَمٌ من أعلام الإسلام، يستدِلُّ به الناظر إليه على أنه لم يكن ليُزال مثل ‏أصحابه عنه بأمر دنيا، وإنما هو على أمر دين. ومع هذا يا أمير المؤمنين فإن فيه مصلى علي بن أبي طالب صلوات الله عليه. قال: ‏هيهات يا خالد. أبيت إلا الميل إلى أصحابك العجم. وأمر أن ينقض القصر الأبيض، فنقضت ناحية منه وحمل نقضه. فنظر في مقدار ما ‏يلزمهم للنقض والحمل، فوجدوا ذلك أكثر من ثمن الجديد لو عمل. فرفع ذلك إلى المنصور، فدعا بخالد بن برمك، فأعلمه ما يلزمهم ‏في نقضه وحمله، وقال: ما ترى؟ قال: يا أمير المؤمنين، قد كنتُ أَرَى قبل ألا تفعل. فأما إذا فعلت، فإني أرى أن تهدم الآن حتى تلحق ‏بقواعده، لئلا يُقال إنك قد عجزت عن هدمه. فأعرض المنصور عن ذلك، وأمر ألا يُهدم».‏

وكانت على جدران إيوان كسرى صور ملونة بالحجم الطبيعي، مرسومة بدقة فائقة. وما تزال هذه الصور إلى يومنا هذا. فهذه لم تكن مدفونة في الرمل طبعاً، بل هذا القصر دخله عدد من الصحابة وأقاموا فيه. فكيف لم يروا الصور وهي واضحة ما تزال لهذا اليوم؟! أما عدم القدرة على الهدم، فبديله الطمس (أي للصور). وهذا لا يحتاج لا لنفقة كبيرة ولا لتسخير عدد هائل من الناس. ومن السهل أن يأمر الحاكم بطلي الجدران من جديد. فلم يبق إلا أنهم فهموا أحاديث طمس الصور بأنها خاصة بما كانت له قدسية أو ما كان يعبد من غير الله.

وهذه الصور استمرت مشاهدة يصفها المؤرخون والأدباء. قال ياقوت الحموي في معجم البلدان (1\295): «وقد كان في الإيوان صورة كسرى أنو شروان، وقيصر ملك أنطاكية، وهو ‏يحاصرها ويحارب أهلها».‏ وقد وصفها الشاعر العباسي الشهير البحتري في قصيدته السينية الرائعة. وكان عبد الله بن المعتز يقول: «لو لم يكن للبحتري: من قصيدته السينية في وصف إيوان كسرى –فليس للعرب سينية مثلها– ‏وقصيدته في وصف البركة، لكان أشعر الناس في زمانه».‏ فيصور لنا البحتري هذه الصور بأنها من الدقة بحيث يكاد يتخيلها حقيقة فيلمسها بيده ليتأكد أنها مجرد صورة. فيقول في قصيدته:

حَضَرَت رَحلِيَ الهُمومُ فَوَجَّهــتُ إِلى أَبيَضَ المَدائِنِ عَنسي
وَإِذا مارَأَيتَ صورَةَ أَنطاكِيَّةَ إِرتَعتَ بَينَ رومٍ وَفُرسِ
وَالمَنايا مَواثِلٌ وَأَنوشَروانَ يُزجى الصُفوفَ تَحتَ الدِرَفسِ
في اِخضِرارٍ مِنَ اللِباسِ عَلى أَصفَرَ يَختالُ في صَبيغَةِ وَرسِ
تَصِفُ العَينُ أَنَّهُم جِدُّ أَحياءٍ لَهُم بَينَهُم إِشارَةُ خُرسِ
يَغتَلي فيهِم إِرتِابي حَتّى * تَتَقَرّاهُمُ يَدايَ بِلَمسِ
 
التسليم بأدلة الأحكام أولا قبل السؤال عن الشبهات سبيل المتقين

التسليم بأدلة الأحكام أولا قبل السؤال عن الشبهات سبيل المتقين

الأخ " محمد الأمين "
وفقني الله و إياكم إلى الحق بإذنه تعالى ،
قلتم :(( المسألة خلافية قديمة.)) . و هذا غير صحيح في شأن الصور المجسمة لذوات الأرواح ، و قد نقلت الإجماع على تحريمها ، كما حكاه الإمام الحافظ ابن حجر عن الإمام أبي بكر بن العربي ، فارجع إليه إن شئت ، و هذه واحدة ،

و ما جاء فيه ذلك الوعيد بالعذاب الشديد لا يقتحم بالظنون و الشبهات ، و الحكم الذي ثبت بيقين لا يرتفع إلا بيقين ، و هذه أخرى .
و لعلك في حاجة إلى أن أعيد عليك ما ذكرته لك تعقبا لادعائك بإباحة شرب ما فيه قليل من الكحول بدعوى احتواء عصير الفواكه و كذا دم الإنسان على مثله - و هو هنا ألصق بمسألتنا هذه و أصدق :
* [[ " لا اجتهاد مع النص "
تلك قاعدة أصولية أولية ، لا منازع فيها بين من يعتد بقولهم و خلافهم من أئمة العلم المعتبرين ،
فإذا سلمناها ، و إذا سلمنا سلامة الحديث - المتقدم و المتفق عليه - من التفسير و التأويل المعارض لما احتج له - إذا سلمنا ذلك ، فيمكن حينئذ - و حينئذ فقط - أن تقول او يقول قائل بمثل ما تقول : هناك شبهة أن كذا و كذا ...
فحينئذ يمكن النظر في دفعها و كشفها ،
و لكن هذا إنما يكون بعد الوقوف عند حكم النص ، و كذا ما انعقد عليه الإجماع ،
و أما غير ذلك : فإنكار لحجية أدلة الأحكام الشرعية ، و إهدار لها و لأصول التشريع ،
فلا يلتفت إليه و لا يعرج عليه ،
و إذا أنكرت الأصول : فلا جدوى من المناظرة في الفروع ]] .
 
بسم الله الرحمن الرحيم و الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على رسول الله صلى الله عليه و سلم ..

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ..

قد استفاض أخي محمد الأمين في بيان عدم إنكار الكثير من الصحابة للتماثيل و التصاوير التي صنعت لغير غرض العبادة جزاه الله سبحانه و تعالى خيرًا ..

و قد استفاض أخي الكريم الدكتور أبو بكر في بيان إنكار عدد من الصحابة أيضًا للتماثيل و التصاوير بصفة عامة أي لذاتها دون غرض لغيرها جزاه الله سبحانه و تعالى خيرًا ..

و قد كنت أحتكم في الفهم دائمًا لما عليه الصحابة الكرام .. كيف فهموا هذا النص و كيف طبقوه فيما صح عنهم من أخبار ؟.. فإن أجمعوا على تفسير و فعل واحد .. ألزمت نفسي به .. أما إذا ما اختلفوا فإني أرد الأمر إلى قول النبي صلى الله عليه و سلم أو تطبيقه و محاولة جمع كل الأحاديث التي قيلت في هذا الشأن و تمحيصها لبيان الأمر .. إذ لابد من وجود حقيقة واحدة , فلا يمكن أن تكون التماثيل محرمة لذاتها و لغيرها في الآن ذاته .. هذا أمر ترفضه العقول .. فلابد أن للأمر حقيقة واحدة , إما يكون تحريمًا مخصصًا بعلة , و إما أن يكون عامًا بغير علّة ..

لما تقدم .. فإنني لن أعلق على أي حديث نُقل فيه رأي صحابي في قول رسول الله صلى الله عليه و سلم .. و إنما سألزم نفسي بأحاديث النبي صلى الله عليه و سلم نفسه في محاولة للفهم و تبين الحكم و الله سبحانه و تعالى ولي التوفيق ..

1- حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم " من صور صورة فإن الله معذبه حتى ينفخ فيها الروح ، وليس بنافخ فيها أبدا " ...

لا يمكن فهم هذا الحديث بمعزل عن المناسبة التي قيل فيها , إذ ربما قيل هذا الحديث لمن كانوا يصورون و ينحتون بغرض المضاهاة و التقديس .. و لم أعرف عن هذا الحديث حتى الآن سوى الرواية لا المناسبة .. إذ ربما قيلت كعظة لمن يرسمون الصور بغرض التقديس و التأليه ففهمها ابن عباس رضي الله سبحانه و تعالى عنهما بمعزل عن ظرفها و عممها على كافة المصورين كما فعل رضي الله سبحانه و تعالى عنهما في الحديث الذي ذكره اخونا أبو بكر .. و لا يمكن الاستدلال - كما يفعل البعض - بقوله صلى الله عليه و سلم " فإن الله معذبه حتى ينفخ فيها الروح " بأن هذا تخصيص لمن ادعى أن لها روح مضاهاة منه لخلق الله .. إذ ربما كان هذا الأمر عقابًا عامًا من الله سبحانه و تعالى لكل من يصور سواء كان ذلك لغرض العبادة أو لغيره .. إذ أن مطالبته بما لا يملك أن يفعل هو تعذيب في حد ذاته و عقاب على معصية أمر الله سبحانه و تعالى .. و على هذا فلا يمكن الاستدلال بهذا الحديث على جواز التصوير لغير غرض التقديس أو المضاهاة من عدمه .. و إنما يستدل به فقط في بيان وجود حكم شرعي بالنسبة للتصاوير يمكن معرفته و بيانه من استقصاء بقية الأحاديث .. و مثله الحديث الشريف " كل مصور في النار ، يجعل له بكل صورة صورها نفسا فتعذبه في جهنم "

2- حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أشد الناس عذابا يوم القيامة : رجل قتله نبي أو قتل نبيا ، وإمام ضلالة ، وممثل من الممثلين " .

قول رسول الله صلى الله عليه و سلم " من الممثلين " في هذا الحديث يستوقفني .. إذ أن الرسول صلى الله عليه و سلم لم يقل " نبيًا من الأنبياء " .. و لم يقل صلوات ربي و سلامه عليه "إمام ضلالة من الأئمة " .. في حين أنه صلى الله عليه و سلم قال في حديثه عن الممثل خصه بأن قال " من الممثلين " .. و هذا ما جعلني أعتقد أنه صلى الله عليه و سلم ينبه على ما هو شائع في هذا الزمان من أن الممثلين يمثلون بغرض المضاهاة أو التقديس .. فهذا التعقيب " من الممثلين " ربما ينبه السامع إلى الظرف الزماني لهذا الحديث و إرتباطه بممثلي هذا العصر .. و رسول الله صلى الله عليه و سلم لم يكن ليزيد دون غرض بلاغي .. و عليه فإن تعميم الحديث على كل حال لا يصلح ..

3- ما ثبت في الصحيحين { أن أم حبيبة وأم سلمة رضي الله عنهما ذكرتا للنبي صلى الله عليه وسلم كنيسة رأينها بأرض الحبشة , فذكرتا من حسنها وتصاوير فيها , فقال النبي صلى الله عليه وسلم أولئك قوم كانوا إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا , وصوروا فيه تلك الصور . أولئك شرار الخلق عند الله }

و يكفيني التعقيب بما ذكره الأخوة نقلًا عن الموسوعة الفقهية الكويتية " الأظهر أنه ذمهم لبناء المساجد على القبور , ولجعلهم الصور في المساجد , لا لمطلق التصوير " .. و في هذا القول موافقة للآية الكريمة .. أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم " يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل " ..

4- عرائس عائشة رضي الله سبحانه و تعالى عنها : فقد ثبت أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قد رأى السيدة عائشة تلعب بدمي على هيئة بنات و لم ينكر عليها ذلك .. و في الحديث تم وصف الدمية بالبنات و هذا يدل على ان الدمية كانت كاملة الهيئة أي أنها كانت تمثال تام الصنع يلعب به الأطفال .. و قد أجاز العلماء ذلك كغرض تعليمي للبنات و تدريب لهن على أمور البيت المستقبلية .

5- روي عن أبي طلحة عن النبي صلى الله عليه وسلم : { لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا صورة } زاد زيد بن خالد الجهني : { إلا ما كان رقما في ثوب } وفي رواية عن أبي طلحة نحوه , فقلت لعائشة : هل سمعت هذا ؟ فقالت : لا ; وسأحدثكم ; { خرج النبي صلى الله عليه وسلم في غزاة فأخذت نمطا فنشرته على الباب , فلما قدم ورأى النمط عرفت الكراهة في وجهه , فجذبه حتى هتكه , وقال : إن الله لم يأمرنا أن نكسو الحجارة والطين . قالت : فقطعت منه وسادتين وحشوتهما ليفا فلم يعب ذلك علي } . - قالت عائشة : { كان لنا ستر فيه تمثال طائر , وكان الداخل إذا دخل استقبله , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : حولي هذا فإني كلما رأيته ذكرت الدنيا } . - روي عن عائشة قالت : { دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا متسترة بقرام فيه صورة فتلون وجهه ثم تناول الستر فهتكه , ثم قال : إن من أشد الناس عذابا يوم القيامة الذين يشبهون خلق الله . قالت عائشة : فقطعته , فجعلت منه وسادتين } . -

هذه الأحاديث أشد دلالة على تحريم التصوير بصفة عامة .. فلا يمكن التصور بأن السيدة عائشة قد اتخذت تمثال الطائر أو التصاوير بغرض العبادة ! .. فلابد أن اقتناء تلك الصور حرام شرعًا على كل مسلم لما ثبت من فعل النبي صلى الله عليه و سلم , إلا أن هناك أفعالًا قام بها نبي الله صلى الله عليه و سلم يجب ان تستوقفنا ..

1- قام رسول الله صلى الله عليه و سلم بهتك الثوب فقامت السيدة عائشة بتفصيل وسادتين منهما , مما يعني أن وجود تلك التصاوير في غير هيئة كاملة أمر جائز على عمومه لأي غرض دون العبادة أو المضاهاة .. و لا يصح القول بأنه ربما التصاوير كانت على الجانب الآخر الذي تم تفصيل الوسادتين منه .. إذ لو كان الأمر كذلك لما كان لقول السيدة عائشة رضي الله سبحانه و تعالى عنها " فلم يعب ذلك علي " أهمية ! .. فهذا يعني أن التصاوير كانت موجودة و لكن بغير هيئتها الكاملة و الله سبحانه و تعالى أعلى و أعلم .

2- لم يعب الرسول صلى الله عليه و سلم في أي من تلك الأحاديث على الممثلين بصفة عامة .. بل عاب منهم من يحاولون مضاهاة خلق الله سبحانه و تعالى .


6- روى أبو هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتاني جبريل فقال لي أتيتك البارحة فلم يمنعني أن أكون دخلت إلا أنه كان على الباب تماثيل وكان في البيت قرام ستر فيه تماثيل، وكان في البيت كلب، فمر برأس التمثال الذي في البيت يقطع فيصير كهيئة الشجرة ومر بالستر فيقطع فيجعل منه وسادتين منبوذتين توطآن، ومر بالكلب فخرج، ففعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإذا بالكلب للحسن أو للحسين كان تحت نضد لهم فأمر به فأخرج، هذا لفظ أبي داود ولفظ الترمذي ونحوه ولفظ النسائي، استأذن جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: [ادخل] فقال: كيف أدخل وفي بيتك ستر فيه تصاوير؟ فإما أن تقطع رءوسها أو تجعل بسطاً يوطأ فإنا معشر الملائكة لا ندخل بيتاً فيه تصاوير أ.هـ أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي .

و يدل هذا الحديث على أن التماثيل الغير كاملة الهيئة غير محرمة على الإطلاق .. سواء كانت بغرض تعليمي أو للهو إلا أن تكون بغرض العبادة و التقديس طبعًا ! ..

______________________________


و بعد ما تقدم خلصت إلى الآتي و الله سبحانه و تعالى ولي التوفيق :-

1- التصوير بكامل الهيئة غير مباح لكل ذي روح - لتخصيص العديد من الأحاديث ذوات الأرواح من عموم الذوات الأخرى كالنباتات و الجمادات - و لا يباح التصوير بكامل الهيئة إلا لغرض تعليمي لما ثبت في حديث عرائس السيدة عائشة رضي الله سبحانه و تعالى عنها و يشمل هذا في رأيي تماثيل العظماء و غيرهم إذا ما وضعت في مدرسة أو ميدان - على ألا تكون على قبور أو مساجد لنهي النبي صلى الله عليه و سلم و تحقيره لهذا الفعل - و نقش عليها ما يفيد كون هذا التمثال لأحد الذين فعلوا عملًا مجيدًا .. و لا يجوز أيضًا وضعها في منزل لأن الغرض التعليمي محدود فيه , و لهذا - و الله سبحانه و تعالى - أعلم خص الرسول صلى الله عليه و سلم البيت بالذكر دون بقية الأماكن في أنه لا تدخله الملائكة إذا ما كانت به صور .. و هذا يتوافق أيضًا مع الآية الكريمة - أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم - " و يصنعون له ما يشاء من محاريب و تماثيل " إذ يقول ابن حجر " كان ذلك جائزا في شريعتهم , وكانوا يعملون أشكال الأنبياء والصالحين منهم على هيئتهم في العبادة ليتعبدوا كعبادتهم " .. و ذلك الفهم هو الوحيد الذي يجمع بين ما سبق من أحاديث و بين الآية الكريمة إذ أنه لا يجوز القول بأن هذا الفعل منسوخ في شريعتنا , فقد تبين أن إبراهيم عليه الصلاة و السلام قد نهى قومه عنها من جانب , و من جانب آخر فإنه لا يجوز النسخ في الأخبار خصوصًا و أن علّة التحريم غير مختلفة و موجودة في نفس زمن سيدنا سليمان .. وهذا يفسر فعل الصحابة من عدم تحطيمهم للتماثيل التي لم تكن تُعبد في مصر مثلًا في حين أنهم حطموا تماثيل أخرى كانت تُعبد في بلاد أخرى .. فقد كان غرضهم من عدم التحطيم و الله سبحانه و تعالى أعلم أن هذه التماثيل تعبر عن الآية الكريمة - أعوذ بالله السميع العليم ن الشيطان الرجيم - " قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلكم " فتركوها آيه .. أي أن لها غرض للوعظ و التعليم .. و عليه فإنه لا يحل التصوير او النحت بكامل الهيئة إلا لغرض تعليمي فقط و أي غرض آخر فهو حرام شرعًا .

2- يباح التصوير لكل ذي روح غير كامل الهيئة لما تقدم من أدلة على ذلك من إقرار النبي صلى الله عليه و سلم لفعل عائشة رضي الله سبحانه و تعالى عنها من خياطة الوسادتين من القماش المزدان بالصور التي مزقها رسول الله صلى الله عليه و سلم لما تقدم من حديث جبريل صلى الله عليه و سلم .


هذا اجتهاد خاص مني .. و أسأل الله سبحانه و تعالى أن أكون قد وفقت فيه و أن يعفو عني إن كان فيه خطأ أو سوء تقدير و أن يهديني و إياكم إلى ما يحبه و يرضاه عزّ و جلّ .. و أرجو من كل من لديه تعقيب ألا يبخل به .. فربما أحق حقًا أو أبطل باطلًا ..

و أسأل الله سبحانه و تعالى أن يصلي على سيدنا محمد و على آله و أصحابه تسليمًا كثيرًا .. و الحمد لله رب العالمين ..

و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ..
 
الحمد لله تعالى
قولكم"أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم " يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل " .. "

قد ألف الحافظ الشيوطي رسالة سماها "القذاذة في مسألة الاستعاذة" وهي ضمن الحاوي للفتاوي له، وحققها الشيخ أبو عبد الرحمن محمود الجزائري ضمن مجموع، جنح فيها الإمام السيوطي رحمه الله إلى عدم مشروعية الاستعاذة عند الاستدلال بآية وأورد في ذلك أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يورد الآية من غير استعاذة، وإنما الاستعاذة للتلاوة. والله أعلم
 
الأخوة الكرام

في المسائل العقائدية لا يقال شرع من قبلنا،

يقول القاسمي في تفسير محاسن التأويل:" وتماثيل: أي صور ونقوش منوعة على الجدر والسقوف والأعمدة، جمع تمثال، وهو كل ما صُوّر على مثال غيره من حيوان وغير حيوان". نعم من حيوان وغير حيوان.
فالأمر ببساطة أنهم كانوا يعملون له التماثيل التي تليق بعقيدة نبي كريم.
 
بسم الله الرحمن الرحيم و الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على رسول الله صلى الله عليه و سلم ..

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ..

جزاك الله خيرًا أخي الحكيم .. سأحاول الاطلاع على تلك الرسالة .. هل يوجد رابط الكتروني لها ؟

أخي الكريم البيراوي كيف يتم النسخ في المسائل العقيدية ؟ .. لو كانت عقيدية فهي غير مرتبطة بزمن أو مكان لذا فهي لا تنسخ مثلها مثل الأخبار ..

و تأويلك للآية الكريمة جائز فعلًا و على كل حال فسواء كان ذلك لنبات او جماد أو إنسان فإنه لا مشكلة فيه .. إذ أن كل الأوجه جائزة حسب تعليقي بأعلى ..

و الحمد لله رب العالمين ..

و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ..
 
الحمد لله تعالى
قولكم"أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم " يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل " .. "

قد ألف الحافظ الشيوطي رسالة سماها "القذاذة في مسألة الاستعاذة" وهي ضمن الحاوي للفتاوي له، وحققها الشيخ أبو عبد الرحمن محمود الجزائري ضمن مجموع، جنح فيها الإمام السيوطي رحمه الله إلى عدم مشروعية الاستعاذة عند الاستدلال بآية وأورد في ذلك أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يورد الآية من غير استعاذة، وإنما الاستعاذة للتلاوة. والله أعلم

انظر هنا: احذر الوقوع في هذا الخطأ !!
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اخواني الكرام
لا اجد حرجا فيما ذكرتموه من ادله وبراهين
لكن يظل القول بانه انما نهي عنها لانه قد تصبح اماكن عبادة او تعظيم
وهذه الاحاديث جميعها يتم تحويلها في هذا الاتجاه
فكيف استطيع الرد بادلة قوية توضح توضيحا تاما المعنى الصحيح
وجزاكم الله خيرا
 
الأخ الكريم حسام

نعم في العقائد لا نسخ، لأن العقيدة أخبار، وليست طلبات، ويبدو أنك فهمت كلامي على غير مقصدي.

الأخ الكريم زرسنت

التماثيل كل ما يماثل الشيء ويشابهه، فلماذا نذهب إلى التماثيل المحرمة ثم نطلب الحل؟! أرجو أن ترجع إلى مداخلتي القصيرة.
 
بسم الله الرحمن الرحيم و الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على رسول الله صلى الله عليه و سلم ..

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ..

جزاك الله سبحانه و تعالى خيرًا أخي الكريم أبو مجاهد و زادك الله سبحانه و تعالى علمًا ..

أخي الكريم زرسنت .. يمكن تلخيص الأمر ببساطة في الآتي :-

1- التصوير و النحت للكائنات على اختلافها سواء كانت بروح أو بغير روح حلال مطلقًا إذا ما كانت غير كاملة الهيئة أي لا يرسم الجسم كاملًا سليمًا .. و حكمة ذلك و الله سبحانه و تعالى أعلى و أعلم أن ذلك مما يغري بالعبادة و التقديس عند الجهلاء , في حين أن الاقتصار على رسم الأطراف دون الأبدان الكاملة أقل ضررًا بالنسبة لهذه العقول .

2- يحرم رسم الجسم كاملًا سليمًا لذوات الأرواح إلا إذا كان ذلك دمية كلعب الأطفال .. و هنا قد يستدل قياسًا بأن كل ما له غرض تعليمي و تثقيفي فهو حلال , أما إذا ما كان بغرض التسلية لا التربية و كان للفخر لا للاعتبار و العظة فإنه يُحرَّم على كل مسلم و هو من الكبائر كما قال العلماء .

و الأدلة على هذه الأقوال موجود في مشاركتي بأعلى .. و الله سبحانه و تعالى أعلى و أعلم ..


أخي الكريم البيراوي .. لم أفهم كلامك على وجه الدقة , و لا أرى وجه الاعتراض حتى الآن فسامحني إن أسأت فهمك ..

و أسأل الله العظيم سبحانه و تعالى رب العرش الكريم .. أن يصلي على سيدنا محمد و على آله و صحبه و سلم تسليمًا كثيرًا .. و الحمد لله رب العالمين ..

و الحمد لله رب العالمين
 
عودة
أعلى