طنطاوي وساركوزى وبرسلكوني !
مفكرة الإسلام: أعلنت الصحف الفرنسية والإيطالية تأييدها لشيخ الأزهر في مسعاه في حظر النقاب في المدارس والمعاهد الأزهرية .
التعليق:
كتبه للمفكرة / شريف عبد العزيز
في الوقت الذي تنشغل فيه الأوساط الدولية والإقليمية بجريمة عصابة رام الله وخيانتها للقضية الفلسطينية، ومحاولة استيعاب آثار هذه الجريمة الشنيعة، وفي الوقت الذي يحاصر فيه المسجد الأقصى من قبل عشرات ألاف من الصهاينة المجرمين، وبداخل المسجد العشرات من المقادسة الأبطال المرابطين للدفاع عن حرمة مسجدهم من تدنيس الصهاينة، وفي الوقت الذي تسن فيه الدول الأوروبية والغربية كل يوم قوانين جديدة متشددة تستهدف بها الوجود الإسلامي علي أراضيها بالتضييق والحصار والمراقبة، حتى أصبح كل مسلم ومسلمة علي أرضها في دائرة الشك والاتهام، ومدان وإرهابي حتى تثبت براءته، وفي الوقت الذي استقوت فيه التيارات العلمانية في بلاد الإسلام واستأسدت في الآونة الأخيرة، وتجرأت علي سب القرآن والطعن في ثوابت الدين، ونجحت في تمرير العديد من القوانين المشبوهة التي تكرس العلمانية، وحققت ضربة كبيرة رن لها كل علماني في العالم، عندما نجحوا في تمرير الاختلاط لأول مرة في عقر دار الإسلام ومهده، وفي بلد ظل عصياً علي التغريب، لتصبح بلاد الإسلام جميعها هدفاً في مرمي نيران العلمنة والتغريب .
في هذا الوقت نسأل أنفسنا جميعاً من يمثل الأمة الآن ويدافع عنها ويتحدث باسمها؟ هل فعلاً يصلح شيخ الأزهر الدكتور طنطاوي للعب هذا الدور الخطير؟
في هذا الوقت العصيب الذي يبحث فيه المسلمون عمن يمثلهم ويعبر عن آمالهم وثقافتهم ومبادئهم، عمن يكون لسانهم أمام أعداء الأمة، ويكون ملاذهم عند النوازل والمستجدات يهرعون إليه طلباً للفتوى والمشورة والإجابة علي الشبهات التي تلقي عليهم ليل نهار، في الوقت الذي للنصارى قسيسهم، ولليهود حاخامهم، وحتى للشيعة آيتهم ومرجعيتهم، وكلهم يعبرون عن آمال طوائفهم ويعكسون رغباتهم، ويدافعون عن قيمهم ومبادئهم، ويمثلونهم في كل موطن تمثيلاً حقيقياً، في هذا الوقت نسأل أنفسنا جميعاً من يمثل الأمة الآن ويدافع عنها ويتحدث باسمها؟ هل فعلاً يصلح شيخ الأزهر الدكتور طنطاوي للعب هذا الدور الخطير؟
الدكتور طنطاوي نجح أن يجعل منصب شيخ الأزهر مليء السمع والبصر، وجعله في دائرة الضوء بشدة، ونجح أن يجعل وسائل الإعلام الدولية قبل الإقليمية تتناقل أخباره وتصريحاته
حقيقة الدكتور طنطاوي نجح أن يجعل منصب شيخ الأزهر مليء السمع والبصر، وجعله في دائرة الضوء بشدة، ونجح أن يجعل وسائل الإعلام الدولية قبل الإقليمية تتناقل أخباره وتصريحاته، وحتى زياراته التفقدية للمعاهد الصغيرة النائية، فالشيخ بحق تجعل الكاميرات تلهث ورائه في كل مكان، ولكن وللأسف الذي تتحسر له النفس، تفعل ذلك لهدف واحد وهو تلقف تصريحات الشيخ المثيرة للجدل والتي تأتي دائما ً في مصلحة أعداء الأمة، وتصب مباشرة في خدمة المتربصين بها في الداخل والخارج .
تاريخ الشيخ منذ أن كان في منصب الإفتاء يتصف بالإثارة والجدل ومخالفة الجمهور، واستمر علي حاله بعدما أصبح شيخاً للأزهر، ومواقفه التي صدم بها مشاعر الأمة، خاصة وقت النوازل حيت تتجه نحوه الأبصار، انتظاراً لرأي فضيلته السديد! في النازلة، يأتي رأيه صادماً للجماهير والمسلمين في كل مكان، والمواقف أكثر وأشهر من أن نعيدها في هذا المقام ولكن الجديد هذه المرة هذا التوافق العجيب، والتطابق الغريب بين تصريحات فضيلته بشأن النقاب وقرار حظره، وبين تصريحات ساركوزى الفرنسي وبرسلكوني الإيطالي، وهما من ألد أعداء الأمة في هذا الزمان بخصوص النقاب والحجاب في بلادهما .
من يقلد من؟ ومن تأثر بمن؟
فرنسا وإيطاليا علي وشك إصدار قرار بمنع النقاب من الحياة العامة مثر المواصلات والشوارع والمحال التجارية
ساركوزي وبرسلكوني قالا عن النقاب: أنه ليس من الإسلام في شيء، وأن دليل الجهل والتخلف والرجعية، ولا يلبسه إلا المنحرفات أو القبيحات، واتخذا إجراءات متتابعة من أجل منعه من المدارس والجامعات والوظائف، والآن فرنسا وإيطاليا علي وشك إصدار قرار بمنع النقاب من الحياة العامة مثر المواصلات والشوارع والمحال التجارية بحيث لا يسمح للمرأة أن تخرج من بيتها وهي منتقبة، وإلا تعرضت للقبض عليها [ ولا ننسي في هذا المقام أن ننوه أن تونس الخضراء قد سبقت دول العالم أجمع في هذا القرار فهو مطبق منذ زمن طويل بها، ولا عزاء للأمة المسلمة ] .
والدكتور طنطاوي قال عن النقاب: أنه عادة وليس عبادة وليس في الإسلام أي دليل علي ما يسمي النقاب، وأنه من العادات البدوية، وبكل قسوة لا تصدر من آحاد المسلمين فضلاً عمن يفترض فيه أنه شيخ علماء الزمان، وصف الفتاة البريئة التي كانت ترديه بالمعهد الذي تشرف بزيارة فضيلته [ معهد احمد الليبي بالقاهرة ] بالقبح وبشاعة الوجه، ثم اتخذ قراراً سريعاً بحظر النقاب في المدارس والمعاهد الأزهرية .
وبالطبع لم يكن يدور في خلد فضيلته أن أعداء الأمة سيفرحون بقرار الحظر وستتلقفه كل القوى المعادية للإسلام، تستغله من أجل حملة شرسة علي الإسلام والمسلمين بالداخل والخارج .
فقد قالت باربارة سالتاماريني مسئولة التكافؤ في حزب شعب الحرية الإيطالي، تعليقاً علي تصريحات الشيخ طنطاوي : أخيراً لم يعد هناك مجال للشك بعد توضيحات هذه السلطة العليا في السنة الإسلامية حول حق المرأة في التمتع بحريتها التي يحجبها النقاب، والذي يمثل عنصراً دخيلاً علي الإسلام كما صرح الشيخ طنطاوي .
حزب رابطة الشمال المشهور بعدائه الشديد للمهاجرين والمسلمين، سيقدم مقترحاً للبرلمان الإيطالي يطالب فيه بمعاقبة كل من تمشي في الشارع منتقبة استناداً علي تصريحات الشيخ طنطاوي
وفي نفس الوقت صرحت صحيفة كورييري ديلاا سيرا الإيطالية أن حزب رابطة الشمال المشهور بعدائه الشديد للمهاجرين والمسلمين، سيقدم مقترحاً للبرلمان الإيطالي يطالب فيه بمعاقبة كل من تمشي في الشارع منتقبة استناداً علي تصريحات الشيخ طنطاوي، وكان برسلكوني قد أعرب عند نجاحه في الانتخابات أن نجاحه بمثابة حائط صد ضد الإسلام والمسلمين والمظاهر الإسلامية في إيطاليا وعلي رأسها النقاب والحجاب .
ورجعنا قليلاً عدة سنوات عندما قررت فرنسا حظر الحجاب في المدارس الحكومية وهاج الرأي العام داخل فرنسا حتى ممن لا ينتمي لهذا الدين، وذلك أيام رياسة شيراك لفرنسا، اقترح ساركوزى وكان وقتها في منصب وزير الداخلية علي الرئيس شيراك أن يطلب رأي شيخ الأزهر في القضية، وبالطبع النتيجة كل الناس تعرفها، لقد أفتى الشيخ الموقر وقتها بحرية فرنسا في اتخاذ أي قرار تراه صواباً، وعلي المسلمين المقيمين بفرنسا السمع والطاعة، فكان كلامه أشد سلاح حاربت به فرنسا الحجاب، كما سيكون كلامه الحالي أشد ما يحارب به النقاب أيضاً .
وإن كان ما تتعرض له الأمة الآن مما تنفطر له القلوب، وتأسي له النفوس، وتبكي من أجله العيون، فإن ما فعله الشيح طنطاوي أشد علي النفس والقلب، فهو قد أتي علي كل من كان قبله، ولا يدركه أبداً أحد يأتي بعده، والله أعلم .
المصدر