يحلو للبعض أن يجلس في برجه العاجي ويقوم بالتنظير على أبناء الملتزمين، وفي كل خلل يراه يبدأ بتشخيص الأسباب ويبحث عن الخطأ التربوي الذي ارتكبه المتدين، فتارة يكون السبب أنه أجبر أهل بيته على الصلاة، وتارة لأنه تشدد في فرض الحجاب، وأخرى أنه تركهم ولم يجبرهم، أو أن السبب انشغاله في دعوة الناس مما أنساه رعيته أقصد ذريته، ولا ينتهي ربط الأسباب المادية بالمسببات عند هذا الإنسان، والأدهى من ذلك وأمر أنه ما أن يجد نجاحاً تربوياً عند أحد من أبنائه حتى يبدأ بالتمجيد لشخصه الكريم فقد أوتيه عن علم عنده، فهو المربي الفاضل الذي أخذ من كل جوانب التربية بسبب وأتبع سبباً حتى أكرمه الله بذرية هي في نظره إلى الملائكة أقرب، ويتشاغل هذا الشخص المنظر عن ابتلاء الأنبياء فنوح ابنه كافر، ولم يستطع ابراهيم أن يحمل أباه على الإيمان، ولوط جاء ابتلاؤه في الزوجة، وامرأة فرعون عدمت الوسيلة وضاقت بها الحيلة، فما وجدت إلا: رب ابني لي عندك بيتاً في الجنة، ومحمد خير خلق الله أسقط في يده وهو يقول: قلها يا عماه. وابتلاءات الأنبياء هذه هي جمع لأقرب أنواع القرابات ابن وزوج وأب وعم.
ولعل قائلاً يقول كأني بك تقولين أن الأقدار تجعل الإنسان لا كسب له وهو كالريشة في مهب الريح، وليس هذا ما أردته إنما أردت أن نكون على بينة من منهج القرآن المتفرد الذي ربط الأسباب بمسبباتها في مستوى معين، وربط النتائج بالأقدار الربانية فلا نقطع النظر عن هذا أو ذاك ولا يغلب عندنا طرف على طرف حتى لا تذهب نفسنا حسرات، أو ننسب لأنفسنا أفضال هي من الله لا من كسبنا.
ولعل قائلاً يقول كأني بك تقولين أن الأقدار تجعل الإنسان لا كسب له وهو كالريشة في مهب الريح، وليس هذا ما أردته إنما أردت أن نكون على بينة من منهج القرآن المتفرد الذي ربط الأسباب بمسبباتها في مستوى معين، وربط النتائج بالأقدار الربانية فلا نقطع النظر عن هذا أو ذاك ولا يغلب عندنا طرف على طرف حتى لا تذهب نفسنا حسرات، أو ننسب لأنفسنا أفضال هي من الله لا من كسبنا.