(وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى) من فوائد العصا .

المسيطير

New member
إنضم
14/04/2006
المشاركات
145
مستوى التفاعل
0
النقاط
16


قال تعالى : (وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَاموسى قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى ) .

قال الإمام القرطبي رحمه الله تعالى في تفسيره :

تعرض قوم لتعديد منافع العصا منهم ابن عباس رضي الله عنه , قال :

- إذا انتهيت إلى رأس بئر فقصر الرشا وصلته بالعصا .
- وإذا أصابني حر الشمس غرزتها في الأرض وألقيت عليها ما يظلني .
- وإذا خفت شيئا من هوام الأرض قتلته بها .
- وإذا مشيت ألقيتها على عاتقي وعلقت عليها القوس والكنانة والمخلاة .
- وأقاتل بها السباع عن الغنم .

وروي عنه ميمون بن مهران قال : إمساك العصا سنة للأنبياء , وعلامة للمؤمن .


وقال الحسن البصري : فيها ست خصال :
1- سنة للأنبياء .
2- وزينة الصلحاء .
3- وسلاح على الأعداء .
4- وعون للضعفاء .
5- وغم المنافقين .
6- وزيادة في الطاعات .


ويقال : إذا كان مع المؤمن العصا :
- يهرب منه الشيطان .
- ويخشع منه المنافق والفاجر .
- وتكون قبلته إذا صلى .
- وقوة إذا أعيا .


ولقي الحجاج أعرابيا فقال : من أين أقبلت يا أعرابي ؟ قال : من البادية . قال : وما في يدك ؟ قال : عصاي :
- أركزها لصلاتي .
- وأعدها لعداتي .
- وأسوق بها دابتي .
- وأقوى بها على سفري .
- وأعتمد بها في مشيتي لتتسع خطوتي .
- وأثب بها النهر .
- وتؤمنني من العثر .
- وألقي عليها كسائي فيقيني الحر , ويدفئني من القر .
- وتدني إلي ما بعد مني .
- وهي محمل سفرتي .
-وعلاقة إداوتي .
- أعصي بها عند الضراب .
- وأقرع بها الأبواب .
- وأتقي بها عقور الكلاب .
- وتنوب عن الرمح في الطعان .
- وعن السيف عند منازلة الأقران .
- ورثتها عن أبي , وأورثها بعدي ابني .
- وأهش بها على غنمي .

- ولي فيها مآرب أخرى , كثيرة لا تحصى .



قلت : منافع العصا كثيرة , ولها مدخل في مواضع من الشريعة :
- منها أنها تتخذ قبلة في الصحراء ; وقد كان للنبي عليه الصلاة والسلام عنزة تركز له فيصلي إليها .
- وكان إذا خرج يوم العيد أمر بالحربة فتوضع بين يديه فيصلي إليها ; وذلك ثابت في الصحيح .

والحربة والعنزة والنيزك والآلة اسم لمسمى واحد .

وكان له محجن وهو عصا معوجة الطرف يشير به إلى الحجر إذا لم يستطع أن يقبله ; ثابت في الصحيح أيضا .

وفي الموطأ عن السائب بن يزيد أنه قال : أمر عمر بن الخطاب رضي الله عنه أبي بن كعب وتميما الداري أن يقوما للناس بإحدى عشرة ركعة , وكان القارئ يقرأ بالمئين حتى كنا نعتمد على العصي من طول القيام , وما كنا ننصرف إلا في بزوغ الفجر .

وفي الصحيحين : أنه عليه الصلاة والسلام كان له مخصرة .

والإجماع منعقد على أن الخطيب يخطب متوكئا على سيف أو عصا , فالعصا مأخوذة من أصل كريم , ومعدن شريف , ولا ينكرها إلا جاهل .

وقد جمع الله لموسى في عصاه من البراهين العظام , والآيات الجسام , ما آمن به السحرة المعاندون .

واتخذها سليمان لخطبته وموعظته وطول صلاته .

وكان ابن مسعود صاحب عصا النبي صلى الله عليه وسلم وعنزته ; وكان يخطب بالقضيب - وكفى بذلك فضلا على شرف حال العصا - وعلى ذلك الخلفاء وكبراء الخطباء , وعادة العرب العرباء , الفصحاء اللسن البلغاء أخذ المخصرة والعصا والاعتماد عليها عند الكلام , وفي المحافل والخطب .

وأنكرت الشعوبية على خطباء العرب أخذ المخصرة والإشارة بها إلى المعاني .

والشعوبية تبغض العرب وتفضل العجم .

قال مالك : كان عطاء بن السائب يمسك المخصرة يستعين بها . قال مالك : والرجل إذا كبر لم يكن مثل الشباب يقوى بها عند قيامه .

قلت : وفي مشيته كما قال بعضهم : قد كنت أمشي على رجلين معتمدا فصرت أمشي على أخرى من الخشب قال مالك رحمه الله ورضي عنه : وقد كان الناس إذا جاءهم المطر خرجوا بالعصي يتوكئون عليها , حتى لقد كان الشباب يحبسون عصيهم , وربما أخذ ربيعة العصا من بعض من يجلس إليه حتى يقوم .

ومن منافع العصا ضرب الرجل نساءه بها فيما يصلحهم , ويصلح حاله وحالهم معه .

ومنه قوله عليه السلام ( وأما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه ) في إحدى الروايات .

وقد روي عنه عليه السلام أنه قال لرجل أوصاه : ( لا ترفع عصاك عن أهلك أخفهم في الله ) رواه عبادة بن الصامت ; خرجه النسائي .

ومن هذا المعني قوله صلى الله عليه وسلم : ( علق سوطك حيث يراه أهلك ) وقد تقدم هذا في " النساء " .

ومن فوائدها التنبيه على الانتقال من هذه الدار ; كما قيل لبعض الزهاد : ما لك تمشي على عصا ولست بكبير ولا مريض ؟ قال إني أعلم أني مسافر , وأنها دار قلعة , وأن العصا من آلة السفر .أ.هـ

 


[align=center]
نفع الله بك يا أبا محمد
إذن أتخذها من الليلة (ابتسامة)

[/align]



وقال الحسن البصري : فيها ست خصال :
6- وزيادة في الطاعات .


[align=center]
لم يتبيَّن لي وجه كون اتخاذها زيادةً في الطاعات




[/align]
 
لكن كثير من الخصال المذكورة لا تناسب الآن مع حياة المدن، وأخشى أن رأيت مع "الشاب" أن يتهم بأنه صاحب مشاكل (مبتسم)
 
شكر الله لكم ونفع بكم
لكن الآ ترون أن كثيرا من الخصال المذكورة لا تناسب الآن مع حياة المدن، وأخشى إن رأيت مع "الشاب" أن يتهم بأنه صاحب مشاكل (مبتسم)

ولعل حمل العصا راجع إلى مسألة الأعراف في الزي واللباس، والخروج عن مقضى ذلك مشكل جدا .
 

قال أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ في كتابه البيان والتبيين :

وسئل عن قوله‏:‏ ‏"‏ وَلِيَ فيها مَآرِبُ أُخْرَى ‏"‏ طه‏:‏ 18 قال‏:‏

لستُ أحيط بجميع مآربِ موسى صلى الله عليه وسلم ولكني سأُنَبِّئكم جُمَلاً تدخل في باب الحاجة إلى العصا من ذلك :

-أنها تُحمَل للحيّة والعقرب وللذّئب وللفحل الهائج ولعَير العانَةِ في زمن هَيْج الفُحول وكذا فحول الحُجُور في المُروج .

- ويتوكَّأ عليها الكبير الدالف .

- والسَّقيم المدنَف .

- والأقطعُ الرِّجلِ والأعرج فإنها تقوم مقامَ رِجلٍ أخرى .

- والعَصَا تَنوب للأعمى عن قائده .

- وهي للقصّار .

- والفَاشِكار .

- والدبَّاغ .

- ومنها المِفأَد للمَلَّة والمحراك .

- وهي لدق الجِصّ والجِبْسين والسّمسم .

- ولِخَبط الشَّجَر .

- وللفَيْج وللمُكارِي فإنهما يتخذان المخاصر فإذا طال الشّوْط وبَعُدَت الغاية استعانا في حُضْرهما وهَرْوَلِتهما في أضعاف ذلك بالاعتماد على وجه الأرض .

- وهي تعدِّل من مَيل المفلوج .

- وتُقيم من ارتعاش المُبرسَم .

- ويتّخذها الرّاعي لغَنمِه .

- وكلُّ راكب لمركَبِه .

- ويُدْخل عَصاهُ في عُروة المِزْوَد ويمسك بيده الطرفَ الآخَر وربَّما كان أحدُ طرفيها بيد رَجُل والطّرَف الآخَر بيد صاحبه وعليها حِمْلٌ ثقيل .

- وتكون إنْ شئتَ وتِداً في حائط .

- وإن شئت ركَزْتها في الفضاء وجعلتَها قِبلةً .

- وإنْ شئتَ جعلتها مِظلَّة .

- وإنْ جعلت فيها زُجّاً كانت عَنَزة .

- وإن زِدتَ فيها شيئاً كانت عُكَّازاً .

- وإن زدت فيها شيئاً كانت مِطْرداً .

- وإن زدت فيها شيئاً كانت رُمْحاً .

- والعصا تكون سَوْطاً وسلاحاً .

- وكان رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم يخطُب بالقضيب وكفى بذلك دليلاً على عِظَم غَنائها وشَرَف حالها وعلى ذلك الخلفاءُ وكبراءُ العرب من الخُطباء .


أعتذر : هناك بعض الكلمات تحتاج إلى بحث في معناها ، ولعل الله تعالى أن ييسر ذلك .
 
نقل القرطبي في تفسيره لهذه الآية قول بعضهم/

حملتُ العصا لا الضعف أوجب حملها * عليَّ ولا أني تحنيت من كبر
ولكنني ألزمتُ نفسي حملها * لأُعلمها أن المقيم على سفر
 
الشيخ الكريم / الحمادي
جزاك الله خيرا .

لم يتضح لي المراد ، إلا إن كان المقصود زيادة الأجر لمن استخدمها في الطاعات .

الشيخ الفاضل / عبدالرحمن السديس
جزاك الله خيرا .
تنبيه لطيف ، لا حرمك الله الأجر .
وقد كانت العصا في زمن مضى - قريب - يُخشى أن تكون من لباس الشهرة ، المكمل لهيئة معينة لإخوة كرام ...نسأل الله لنا ولهم الهداية - .

الشيخ الكريم / أباعبدالله المحتسب
جزاك الله خيرا .

إضافة متميزة ... لا حرمك الله الأجر .
 
بارك الله فيكم أبا محمد على هذه الفوائد . وقد أذكرتني ما ذكره الجاحظ من قصة الشرقي وصاحبه في رحلتهما إلى الرقة . حيث ذكر فيها مواقف طريفة انتفع فيها صاحبه بالعصا . وهذا نص كلام الجاحظ في كتابه (البيان والتبيين).

قال الشّرْقيّ: ولكن دعْنا من هذا؛ خرجتُ من الموصل وأنا أريد الرَّقّةَ مستخفياً، وأنا شابٌّ خفيف الحاذِ، فصحبني من أهل الجزيرة فتى ما رأيتُ بعده مثلَه، فذكر أنه تغلبي، من ولد عمرو بن كلثوم، ومعه مِزْود وركوة وعصاً، فرأيتُه لا يفارقها، وطالت ملازمتُه لها، فكدت من الغيظ أرمي بها في بعض الأودية، فكنَّا نمشي فإذا أصبنا دوابَّ ركبناها، وإن
لم نُصب الدوابَّ مشَينا، فقلت له في شأن عصاه.
فقال لي: إنّ موسى بن عمران صلى الله عليه وسلم حين آنس من جانب الطُّور ناراً، وأراد الاقتباس لأهله منها، لم يأتِ النارَ في مقدار تلك المسافة القليلة إلاّ ومعه عصاه، فلما صار بالوادي المقدَّس من البقعة المباركة قيل له: ألق عصاك، واخلَعْ نعليك، فرمى بنعليه راغباً عنهما، حين نزّه اللَّه ذلك الموضِع عن الجِلد غير الذَّكيّ، وجعل اللَّه جِمَاعَ أمره من أعاجيبه وبرهاناته في عصاه، ثم كلمه من جوف شجرةٍ ولم يكلّمه من جوف إنسان ولا جانّ .

قال الشّرْقيّ: إنه ليُكثر من ذلك وإني لأضحك متهاوناً بما يقول، فلما برزْنا على حمارَينا تخلَّف المُكَاري فكان حمارُه يمشي، فإذا تلكّأَ أكرهَه بالعصا، وكان حماري لا ينساق، وعلم أنه ليس في يدي شيءٌ يُكرهه، فسبقني الفتى إلى المنزل فاستراح وأراح، ولم أقدر على البَراح، حتَّى وافاني المُكاري، فقلت: هذه واحدة.

فلمّا أردْنا الخروجَ من الغدِ لم نقدْر على شيءٍ نركبُه، فكنا نمشي، فإذا أعيا توكأ على العصا، وربما أحضَرَ ووضع طرف العصا على وجه الأرض فاعتمد عليها ومَرَّ كأنه سهم زالج، حتى انتهينا إلى المنزل وقد تفسَّخْتُ من الكلال، وإذا فيه فضل كثير، فقلت: هذه ثانية.

فلمَّا كان في اليوم الثالث، ونحن نمشي في أرض ذات أخاقيقَ وصُدوع، إذْ هجمنا على حيَّةٍ منكَرة فساورتْنا، فلم تكن عندي حيلةٌ إلا خِذلانَه وإسلامَه إليها، والهربَ منها، فضربها بالعصا فثقلت، فلمَّا بَهَشَت له ورفعت صدرَها ضَربَها حتَّى وقذَها، ثمّ ضربها حتَّى قتلها، فقلت: هذه ثالثةٌ، وهي أعظمهنّ .

فلمّا خرجنا في اليوم الرابع، وقد واللّه قَرِمْت إلى اللَّحم وأنا هاربٌ مُعْدِم، إذا أرنبٌ قد اعترضَتْ، فحذفها بالعصا، فما شَعرتُ إلاّ وهي معلَّقة وأدركنا ذكاتَها، فقلت: هذه رابعة .

وأقبلتُ عليه فقلت: لو أنّ عندنا ناراً لما أخّرتُ أكلَها إلى المنزل، قال: فإنّ عندك ناراً فأخرج عُوَيداً من مِزْودِه، ثمّ حكّه بالعصا فأورَتْ إيراءً المَرْخُ والعَفَارُ عنده لا شيء، ثم جَمَع ما قدَر عليه من الغُثاء والحشيش فأوقد نارَه وألقى الأرنبَ في جوفها، فأخرجناها قد لزِق بها من الرَّماد والتُّراب ما بغّضَها إليّ، فعلَّقَها بيده اليُسرى ثم ضرب بالعصا على
جُنوبها وأعْراضها ضرباً رقيقاً، حتَّى انتثر كلُّ شيءٍ عليها، فأكلناها وسكن القَرَم ، وطابت النَّفس، فقلت: هذه خامسة.

ثمّْ إنّا نزلْنا بعضَ الخانات، وإذ البيوتُ مِلاءٌ روثاً وتُراباً، ونزلنا بعَقِب جُنْدٍ وخَرابٍ متقدّم، فلم نجدْ موضعاً نَظلُّ فيه، فنظر إلى حديدةِ مِسحاةٍ مطروحةٍ في الدّار، فأخذَها فجعل العصا نِصَاباً لها، ثمّ قام فجرفَ جميعَ ذلك التُّرابِ والرَّوث، وجرَدَ الأرضَ بها جَرْداً، حتَّى ظهر بياضُها، وطابت ريحُها فقلت: هذه سادسة .

وعلى أيِّ حالٍ لم تَطِبْ نفسي أن أضعَ طعامي وثيابي على الأرض، فنَزَع واللَّه العصا من حديدة المِسحاة فوتَدها في الحائط، وعلَّقَ ثيابي عليها، فقلت: هذه سابعة .

فلما صرتُ إلى مَفْرِق الطُّرق، وأردتُ مفارقته، قال لي: لو عَدَلت فبتَّ عندي كنتَ قد قضيتَ حقَّ الصُّحبة، والمنزلُ قريب، فعدلتُ معه فأدخلَني في مَنزلٍ يتَّصل ببيعة، قال: فما زال يحدِّثني ويُطْرِفني ويُلْطِفني اللّيلَ كلَّه، فلما كان السّحرُ أخذ خُشَيْبة ثم أخرجَ تلك العصا بعينها فقرعَها بها، فإذا ناقوسٌ ليس في الدنيا مثلهُ، وإذا هو أحذَقُ الناس بضرْبه، فقلت له:
ويلَك، أمَا أنت مسلم، وأنت رجلٌ من العرب من ولد عَمرو بن كلثوم؟ قال: بلى، قلت: فلِمَ تضربُ بالناقوس؟ قال: جُعلتُ فِداك إنَّ أبي نصرانيّ، وهو صاحب البِيعة، وهو شيخٌ ضعيف، فإذا شَهِدتُه بَرَرته بالكفاية، فإذا هو شيطانٌ مارد، وإذا أظرفُ النّاس كلِّهم وأكثرُهم أدباً وطلباً، فخبَّرته بالذي أحصيتُ من خِصالِ العصا، بعد أن كنتُ هممتُ أن أرمَي بها، فقال: واللَّه لو حدّثتُك عن مناقب نفع العصا إلى الصبح لما استنفَدْتُها.
 
[align=right]أثابك الله خيرا يااخانا الفاضل المفضال
وجعله في صحائف أعمالك

ومتابعة لما تفضلتم به :

الشعوبية والعصا :

ولعل أصدق مثال لهذه الخصومة العنيفة بين علماء العرب والموالى : هذا الكتاب الذى كتبه الجاحظ فى البيان والتبيين وهو " كتاب العصا " . واصل هذا الكتاب كما تعلم ان الشعوبية كانوا ينكرون على العرب الخطابة ، وينكرون على خطباء العرب ما كانوا يصطنعون أثناء خطابتهم من هيئة وشكل وما كانوا يتخذون من أداة ، وكانوا يعيبون على العرب اتخاذ العصا والمخصرة وهم يخطبون . فكتب الجاحظ كتاب العصا ليثبت فيه أن العرب أخطب من العجم ، وأن اتخاذ الخطيب العربي للعصا لايغض من فنه الخطابي .
أليست العصا محمودة فى القرآن والسنة وفى التوراة وفى أحاديث القدماء ؟ ومن هنا مضى الجاحظ فى تعداد فضائل العصا حتى أنفق فى ذلك سفرا ضخما .

والذي يعنينا من هذا كله هو أن نلاحظ أن الجاحظ وأمثاله من الذين كانوا يعنون بالرد على الشعوبية ، مهما يكن علمهم ومهما تكن روايتهم لم يستطيعوا أن يعصموا أنفسهم من الانتحال الذى كانوا يضطرون الله اضطرارا ليسكتوا خصومهم من الشعوبية .
فليس من اليسير ان نصدق أن كل ما يرويه الجاحظ من الأشعار والأخبار حول العصا والمخصرة يضيفه الى الجاهليين صحيح .
ونحن نعلم حق العلم ان الخصومة حين تشتد بين الفرق والأحزاب فأيسر وسائلها الكذب .

فالجاحظ عقد في كتابه ''البيان والتبيين'' باباً طويلاً سماه ''كتاب العصا'' صوّر فيه طعن الشعوبية على العرب في خطاباتهم، إذ كانوا يشيرون فيها بالعصي والمخاصر، كما كانوا يتكئون على القسي، مما يصرف في رأي الشعوبيين الخاطر ويشغل الذهن أثناء الخطابة.. وزعموا أن الفرس أخطب من العرب.. وكل ذلك نازعهم الجاحظ في عنف شديد، ولكي يبلغ كل ما كان يريد إفحامهم ومقاومتهم جعل كتابه ( البيان والتبيين) رداً مفحماً عليهم، إذ خصصه لعرض الثقافة العربية الخالصة في صورها المختلفة من الخطابة والشعر والأمثال، كي يروا رؤية العين ما في هذه الثقافة من قيم بلاغية وجمالية، فينتهوا عن مزاعمهم ويثوبوا إلى رشدهم''

واحتل كتاب العصا ، عند الجاحظ ، من كتابه : البيان والتبيُّن :

الجزء الثالث ، وفيه :


(( بسم اللّه الرحمن الرحيم

كتاب العصا

هذا أبقاك اللَّه الجزء الثالث من القول في البيان والتبيين وما شابَهَ ذلك من غُرَرِ الأحاديث وشاكَلَه من عُيون الخُطب ومن الفِقَرِ المستحسَنة والنُّتَف المستخرَجة والمُقَطَّعات المتخيَّرة وبعضِ ما يجوز في ذلك من أشعار المذاكَرة والجواباتِ المنتخَبة ونبدأُ على اسم اللَّه بذكر مذهب الشعوبية ومن يتحلَّى باسم التَّسويَة وبمطاعِنهم على خطباء العرب‏:‏ بأخذ المِخصَرَةِ عند مناقَلَة الكلام ومساجَلة الخصومِ بالموزون والمُقَفَّى والمنثور الذي لم يُقَفَّ وبالأرجاز عند المَتْح وعند مُجاثاة الخَصْم وساعَة المشاوَلَة وفي نفس المجادَلة والمحاوَرة وكذلك الأسجاعُ عند المنافرة والمفاخرة واستعمال المنثور في خُطَب الحَمَالَة وفي مقامات الصُّلح وسَلِّ السخيمة والقولُ عند المعاقَدِة والمعاهَدة وتركُ اللّفظ يَجري على سجيَّته وعلى سلامته حتَّى يخرجَ على غير صنعة ولا اجتلاب تأليف ولا التماسِ قافية ولا تكلّفٍ لوزنٍ مع الذي عابُوا من الإشارة بالعِصيّ والاتّكاء على أطراف القِسِيّ وخدِّ وجه الأرض بها واعتمادها عليها إذا اسحَنفرت في كلامها وافتنَّتْ يومَ الحفْل في مذاهبها ولزومِهم العمائم في أيام الجُموع وأخْذِ المخاصر في كلِّ حال وجلوسِها في خطب النّكاح وقيامِها في خطب الصُّلْح وكلِّ ما دخل في باب الحَمَالة وأكّد شأن المحالفةِ وحقّق حُرمةَ المجاورة وخُطَبِهم على رواحلهم في المواسم العظام والمجامع الكِبار والتّماسُحِ بالأكُفّ والتّحالف على النار والتعاقُد على المِلح ،
وأخذ العهد الموكَّد واليمين الغَمُوسِ ....)

ولا نعرف في التاريخ كتاباً شَغَلَ مؤلِّفَهُ، كما شَغَل كتاب "العصا" أسامة ابن منقذ. فقد ظلَّ أسامة متعلّقاً بموضوع كتابه نحو ستين عاماً.

ويشير أسامة في مقدمة الكتاب إلى السبب الذي حدا به إلى تأليفه، فيذكرُ أنه سمع من والده-وهو صغير-أنه توجه إلى خدمة السلطان ملك شاه بأصفهان، فزارٌ الشيخ العالِمْ أبا يوسف القزويني عندما اجتاز بغداد. وكان معه علي بن البوين-الشاعر النحوي-وهو كاتب سديد الملك جَدّ أسامة.

وكان الشيخ أبو يوسف القزويني لضعفِهِ وكِبَره قد استند بين الجالس والمستلقي إلى فراشٍ له، وحولَهُ كتبٌ كثيرةٌ، فمَدَّ ابن البوين يده إلى أحدهما، فنهره الشيخ قائلاً: "يَدخلُ الجاهلُ على الإنسانِ؛ فَينبسطُ ويقرأُ ما عنده من الكتبِ-أي أني من أهلِ العِلم-ما أحوجك ما يكون في يدك فوقها". فألقى ابن البوين الكتاب من يدِه، وكان.. كتاب "العصا". فاشتدَّت عند أُسامة الرغبة في اقتناء هذا الكتاب، فظلّ ستين عاماً يبحثُ عنه في كلّ مكان، ويَسأل عنه كلّ إنسان، فلم يُوفّق إلى الاهتداء إليه، ولم يَقِف على مَنْ وقَع بصره عليه؛ فدفعهُ اليأس إلى تأليفِ كتابهِ.

وكتاب العصا \ تأليف أسامة بن منقذالكناني الكلبي الشيزري المتوفى سنة (584هـ) ؛

طبع بتحقيق حسن عباس ؛تقديم محمد مصطفى هدارة ؛


نشراالهيئة المصرية العامة للكتاب، فرع الإسكندرية 1398هـ/1978م
[/align]
 
للأسف

للأسف



كتاب ( العصا ) لأسامة بن منقذ ، يؤسف لكثرة أخطاء الطباعة الواقعة فيه ،

وكان على حواشي نسختي عشرات من التنبيهات ،

واستعارها مني أحد الإخوان ولم يردها منذ سنين ،

فأرجوه أن يتكرم بردها مشكورا .
 
المشايخ الفضلاء /
د.عبدالرحمن الشهري
د.مروان الظفيري
منصور بن مهران

جزاكم الله خير الجزاء ، وأجزله ، وأوفاه .

---
وفي : ( المعجم الوسيط ) الصادر عن : ( مجمع اللغة العربية بجمهورية مصر العربية ) :

(العَصَا) : ما يُتًّخذُ من خشب وغيرِه للتوَكُّؤ أَو الصَّرْب [مؤنث] .

ومثنَّاهُ : عَصَوان. (ج) عِصِيٌّ.

وتطْلَقُ على عَظْمِ السَّاق وعلى اللسان .

ويقال : هو ليِّنُ العَصَا وضعيف العَصَا : رقيقٌ ليِّنٌ حسنُ السِّيَاسة.

وهو صلُب العَصَا وشديدُ العَصَا : عنيفٌ.

ويقال : شقَّ العَصَا : خالفَ الجماعة وشقَّ اجتماعَهُم .

وانشقَّت العَصَا : وقَعَ الخِلافُ .

ورَفَعَ عَصَاهُ : سارَ .

وأَلْقَى عَصَاهُ : استقرَّ وتركَ الأَسْفَارَ .

وقَرَعَ له العَصَا : نبَّهَهُ وفطَّنَهُ ؛ وفي المثل: " إِن العَصَا قُرِعَتْ لذي الحِلْم " .

ويقال للرَّأْسِ الصغير : رَأْسُ العَصَا .

وهم عَبيدُ العَصَا : مُسْتَذَلُّونَ .

ويقال: لعظام الجَناح : العِصِيُّ .

والعِصيُّ المَمْلُوحةُ : نَوْعٌ من الخُبْزِ على شَكْل العُصَيَّات الصغيرة .

(العُصَيَّةُ) : تصغيرُ العَصَا . وفي المثل: "إِن العَصَا من العُصَيَّة": الأَمر العظيم يهيجُه الأَمْرُ الصغير .
 


كتاب ( العصا ) لأسامة بن منقذ ، يؤسف لكثرة أخطاء الطباعة الواقعة فيه ،

وكان على حواشي نسختي عشرات من التنبيهات ،

واستعارها مني أحد الإخوان ولم يردها منذ سنين ،

فأرجوه أن يتكرم بردها مشكورا .

[align=center]
كان الله في عونك ، وعوننا جميعا
يا أخي الحبيب الغالي منصورا
على هذه المصيبة العظيمة
وهم يظنون بذلك أنهم يستطيعون إخراج الكتاب
مطرزا باسمهم ـ عفا الله عنهم ـ


ويقطع المؤرخ البصري عبد القادر باش أعيان برأيه الرافض لإعارة أيّ كتاب
من كتبه إذ علق لافتة كتب عليها بقوله الفصل:


[poem=font="Simplified Arabic,6,black,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="backgrounds/25.gif" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
ألا يا مستعير الكتب إليك عني=فأن إعارتي للكتب عار
فمحبوبي من الدنيا كتاب=وهل أبصرت محبوباً يعار[/poem]

وحدثني أحد أساتيذي أنه أمضى عدة أيام يمحو هوامش وتعليقات كتبها
مستعير على كتاب يعتز به ؛ لذا تجب العناية بالكتاب المستعار
وعدم العبث به ، أو تأخيره وقتاً يحرم غيره من الانتفاع به
وقد كتب معتزٌّ بكتبه لمستعير استعار منه كتاباً ، فأبطأ عليه:


[poem=font="Simplified Arabic,6,black,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="backgrounds/23.gif" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
ماذا جناه كتابي فاستحق به=سجناً طويلاً وتغييباً عن الناس
أطلقه كي نسأله عما حل به=في عقر دارك من ضر ومن بأس[/poem]
[/align]
 
عودة
أعلى