ويستمر دور المجوس (مقال رائع بمناسبة أحداث لبنان)

عمر المقبل

New member
إنضم
06/07/2003
المشاركات
805
مستوى التفاعل
0
النقاط
16

د.محمد السيد
" تخليتم عنا ثلاثين عاماً ، فصغرنا وكبر غيرنا ! “، " نأتي إليكم فنأكل طعاماً لذيذاًً ونسمع كلاماً عاطفياً جيداً ، ثم لا نجد أي شيْ على الأرض " ، بهذه العبارات ؛ أجابني اثنان من العلماء الكبار في لبنان ، حين اتصلت بهما مستفسراً عن الأوضاع في لبنان .
لقد حوصرت بيروت وهوجمت ثلاث مرات ، إحداها كانت على يد إسرائيل عام ( 1982م ) والأخريان كانت على يد عناصر شيعية ، إحداها كانت على يد حركة أمل عام ( 1985م ) ، وهذه الثالثة – وأرجو أن تكون الأخيرة - على يد حزب الله وحركة أمل أيضاً ( وهما يشكّلان مجتمعتين وجهاً آخر لإسرائيل ) .

حين نسترجع التاريخ ؛ نرى بوضوح أن هذا العنف المنظم الذي قام به حزب الله خلال الأيام الماضية ، لم يكن وليد الصدفة ، ولم يكن مسألة عشوائية قام بها بعض الغوغاء ، بل نُظِم ورُتب بشكل منهجي أدى إلى ما أدى إليه . لأن المجوس – على مدار التاريخ – عمدوا إلى إسقاط المدن والدول الإسلامية ، بدءاً من أبي لؤلؤة المجوسي ، مروراً بابن العلقمي الذي أسهم في سقوط بغداد ، والدولة الصفوية في إيران التي أسهمت في سقوط الدولة العثمانية ، وانتهاءً بالعصر الحديث ، حيث أسهموا من جديد في سقوط بغداد وتسهيل دخول الدبابة الأمريكية المحتلة، وهاهم الآن في بيروت ، وإخوانهم الحوثيون في اليمن ، ولا ندري عن القادم !.

ليس من قبيل الصدفة أن توقف قناة المستقبل وجريدة المستقبل وإذاعة الشرق ، لأن هذه الوسائل الإعلامية كانت تنقل ما يحدث في بيروت بشكل دقيق ، وبالتالي ؛ فليس من مصلحة الحزب والحركة وحلفائهم أن تفضح تصرفاتهم من خلال الإعلام والبث الفضائي المباشر بالصوت والصورة .
ومرة أخرى يعيد التاريخ نفسه ، فإثر أحداث مذبحة صبرا وشاتيلا ، منعت حركة أمل – آنذاك - وسائل الإعلام على اختلاف أنواعها من دخول المخيم ونقل الصورة المأساوية الحقيقية للمجزرة ،فكُسرت الكاميرات وأُتلفت الأفلام ، وصودرت من الصحفيين ، وكان جلّ ما تناقلته وسائل الإعلام العربية منقول عن نظيرتها الغربية ، التي اشتكت بدورها من ذلك ، كما ذكرت صحيفة الصنداي تايمز آنذاك ..

لقد استطاعت قنوات المنار التابعة لحزب الله ، و ( nbn ) التابعة لحركة أمل ، وتلفزيون الجديد الشيوعي ، و ( otv ) التابعة لميشال عون حليفهم ، أن تفرض تعتيماً على الأخبار ، كما قاموا بنقل الصورة التي أراد حزب الله نقلها إلى العالم ، فأصبحتَ تشاهد هذه القنوات وكأنها تنبع من مشكاة واحدة .
وحتى قناة الجزيرة – التي يدير مكتبها في بيروت أحد القريبين من حزب الله وهو غسان بن جدو – استخدمت كل إمكاناتها في نقل الصورة التي أراد حزب الله نقلها ، واقتصرت في غالب تغطياتها على طرف واحد دون نقل الصورة كاملة ، ولم تكن كما تعلن في شعاراتها منبراً للرأي والرأي الآخر ، بل كانت منبراً للرأي نفسه من أشخاص عدة !
لقد كان حزب الله يتغنى بأنه لن يوجه سلاحه إلى الداخل، وأنه حزب المقاومة لإسرائيل فقط، فصحونا بين ليلة وضحاها لنكتشف أن بيروت مدينة إسرائيلية جديدة، داهمها حزب الله وحركة أمل ليروعوا سكانها من "اليهود من أهل السنة " ! الذين ناوئوهم خلال الفترة الماضية !، فأُقفل المطار ، واقتُحمت المنازل ، وروع الآمنون .

لا يخفى على فطنة القارئ الكريم أن هذه المدينة تضم أطيافاً من فئات المجتمع اللبناني مسلمين وغير مسلمين ، وفيهم مناوئون لحزب الله ، لكن حزب الله ترك كل هؤلاء لينقض كالأسد – بالأصالة عن نفسه و الوكالة عن حلفائه إيران وسوريا - على أهل السنة ، فيقتل ويعتقل شباباً ، ويقيدهم ويضعهم أمام كاميرات التلفزيون في حالة مزرية ، وكأنهم أسروا أسيراً يهودياً !.
إن طبيعة أهل بيروت التسامح ، فليس فيهم حقدٌ على الآخرين ، وفي غالبيتهم لم يكونوا مسلحين ، ولذلك فحين انقض الآخرون عليهم لم يستطيعوا الوقوف أمامهم أو التصدي لهذه الغزوة التي لم يحسبوا لها حساباً !

لقد غرقت بيروت في صمت مطبق كأنه صمت القبور من هول الصدمة ، وأقفلت المحال أبوابها وخلت الطرقات من المارة ، وامتلأت الشوارع بالنفايات البشرية التي شكلها المسلحون والنفايات المادية الخارجة من البيوت .
" أختي وأبناؤها محاصرون في تلة الخياط ( أحد أحياء بيروت السنية ) ، ممنوعون من الخروج ، ومسلحو " حزب الله " في الأزقة وفوق أسطح البنايات يقنصون كل من يخرج إلى الشوارع " .
" مقتل خمسة أشخاص أثناء تشييع جنازة في الطرق الجديدة ( حي سني في بيروت ) " والصور أظهرتهم وهم يتخبطون في دمائهم .
"محاصرة دار الفتوى والمساجد ، ومنزل النائب سعد الحريري ، والسراي الحكومي ، واقتحام منزل نائب سني آخر هو عمار حوري ".
هذه مرويات ومشاهد ذكرها الإعلام وأناس كانوا في المكان ، نقلوها بصدق وأمانة ، وليس الهدف منها المبالغة أو التهويل والتحذير من أخطار متوهمة أو خيالات.
ويعيد التاريخ نفسه مرة أخرى ، فتنتقل الأحداث إلى خزان أهل السنة طرابلس ، ليجد أهل السنة أنفسهم وجهاً لوجه مع النصيرين العلويين من سكان طرابلس ، ويحدث الاقتتال بينهم في باب التبانة ، ويسفر النصيريون عن وجههم الكالح ، ليصرح قائدهم البارحة على إحدى الفضائيات قائلاً : عددنا ( 50) ألفاً ، ليس لدينا مانع من أن يقتل نصفهم ليحيى النصف الآخر بكرامة !

إن هذه المعركة حدثت نفسها بين سنة طرابلس ووالد هذا الشخص ( علي عيد ) بدعم سوري إيراني مشترك ، قبل ربع قرن من الآن ، فتغيرت الشخوص وبقي المكان والعقائد لم يتغيرا .
وعلى الجانب الآخر من الصورة مارس الجيش اللبناني ما يسمى بالحياد ، فأغلق المطار ، ولم يصنع شيئاً ، وأقفلت الطرق إليه ، ولم يصنع شيئاً ، وأقفلت غالبية الطرق الرئيسة في بيروت والمناطق ، ولم يصنع شيئاً ، وانتشر في شوارع بيروت الرئيسة وترك الأزقة الخلفية للمسلحين ليعيثوا فساداً ، وكان القتل والتخريب على مرأى منه ومسمع ، وكل ذلك سوغته قيادة الجيش بالخوف من أن يؤدي دخول الجيش المعركة إلى انفراط عقده ،لكون كثير من أبنائه من الطائفة الشيعية ، وهو أمر استدعى انتقاداً مبطناً من رئيس الحكومة اللبنانية فؤاد السنيورة في خطابه مساء السبت الماضي ، طالباً من الجيش أن يمارس دوره على الأرض ، حكماً بين الفرقاء ، فليت شعري أي حياد هذا؟ وما فائدة الجيش حين لا يُقدم وقت الإقدام !

وهنا أتذكّر كيف كان حال اللواء السادس في الجيش اللبناني، الذي وقف مع حركة أمل وأسهم بدوره في المذابح التي ارتكبتها الحركة ضد اللبنانيين والفلسطينيين على حد سواء ، تلبية لنداء زعيم الحركة آنذاك وحامي الديمقراطية الآن نبيه بري !
إن أهل السنة بحاجة الآن – أكثر من أي وقت مضى - إلى تفكير جاد وعميق يبحث هذا الأمر بدقة ويستخرج منه العبر التي يجب أن يتعلموا منها بقدر ما آلمتهم .
إنهم بحاجة إلى التواصل فيما بينهم سواء في داخل لبنان أو خارجه لابتكار الأساليب التي تسعى إلى نشر قضيتهم وتوضيح خطر المجوس القادم على لبنان والمنطقة بشكل واضح ، كما أنه لابدّ من التواصل مع وسائل الإعلام العربية والعالمية وفضح المخططات والأعمال التي ارتكبها المجوس الجدد في بيروت وأماكن أخرى من لبنان .
وفي الوقت نفسه فإن على العلماء مسؤولية كبيرة في بيان الحق وتوضيحه للناس ، وذلك بتحديد اتجاه البوصلة الذي يجب أن يسيروا فيه ، فلقد كانت كلمة مفتي الجمهورية أول يوم من الحدث محلاً لتسليط الضوء من قبل وسائل إعلام مختلفة ، ثم تبعه عددٌ من العلماء والمشايخ ، ولهذا أثر واضح في أن العلماء لهم دورهم الذي لا يستهان به في القيادة ، فيجب عليهم أن يلتقطوا هذه الإشارة ولا يضيعوها عند الهدوء والتقاط الأنفاس ، حتى لا تُستَلب الانتصارات ، وتضيع في الهواء .

إننا بحاجة إلى النظرة الواسعة الشاملة للصورة بأكملها ، وأن نسمي الأمور بأسمائها ، ونعرف عدوّنا الحقيقي ، الذي يجب أن نعدّ العدة لمواجهاته ، وبالتالي ؛ فإن أم المعارك التي يجب أن يخطط لها العلماء في لبنان هي بناء الطائفة السنية على أسسٍ صحيحة تحفظ بقاءهم من الزوال ، بناء يجعل هذه الطائفة تمارس دورها الطبيعي الذي يمارسه أهل السنة على مدار العصور في كونهم أهل العدل والحق والتسامح وبذل الخير للآخرين ، كما أنهم في الوقت نفسه ينطبق عليهم قول عمر رضي الله عنه : " لست بالخبّ ولا الخبّ يخدعني" .
وهذا يقتضي من العلماء أن يطوّروا آلياتهم ، ويخرجوا من النظرة الضيقة المبنية على قلة العلم أو الوعي عن البعض ، وحب المصالح الشخصية عند البعض الآخر ، وادعاء الحياد والهدوء البارد ! لينهض فئة من المخلصين – ولا أظنهم قلة – ليعيدوا الناس إلى الجادة ويرسموا لهم طريق الخلاص .
وفي الوقت نفسه ؛ أطالب القادة والعلماء والموسرين في العالم العربي والإسلامي ألا يتخلوا عن إخوانهم في لبنان بالنصح والتسديد والمساعدة ، فما تبذله إيران وسوريا في لبنان من المال والسلاح والرجال ، أمرٌ لا يستهان به ، وهاهو ذا بدأ يؤتي أكله فيما نرى ونسمع .

إنكم إن أسلمتم لبنان للمجوس وغيرهم ؛ فأخشى أن يصلكم الدور ، وأن تندموا ولات ساعة مندم .
وهنا أطالب عدداً من الكتّاب الذين كتبوا هذه الأيام ، ودافعوا عن المجوس بحجة ما يسمى بالممانعة ، وأنهم مقاومة وطنية تقاوم الأمريكي والصهيوني أن يعيدوا النظر في كتاباتهم ويتفكّروا في الوقائع كما هي ، ويخرجوا من التنظير والأبراج التي يعيشون بها ، ليعلموا كم هي جنايتهم عظيمة من كل جوانبها حين لا يشاهدون الصورة من كل جوانبها .
إنه لا ينبغي أن نظل نستمريء النوح والبكاء والشكوى ، كما يفعل المجوس في كل عاشوراء ، وأن ينتقل إلينا هذا الأمر ، بل لابدّ من أخذ العدة له ووضع الخطط المناسبة لصده ، فما حدث كافً في أخذ العبرة ، وما يجب فعله يجب أن يتجاوز ردّ الفعل الآني ، إلى الأفعال المنظمة الممنهجة وفق دراسة وخطط استراتيجية .

رابط المقال :
http://www.almoslim.net/node/93330
 
أعلم أنك، يا د. عمر، ناقل فقط للخبر. ولذلك أنزهك عن استعمال لفظ (المجوس) لوصف أي كان، ممن يتبرأون من معتقدات المجوس.
وإلا فأهل الحجاز الحاليون أحفاد عباد الأصنام في قريش والجزيرة العربية. فهل يسوغ لأحد أن يصف المسلمين بأنهم أهل أوثان؟
والأمر ينطبق أيضا على تعيير اليهود المعاصرين بأنهم حفدة القردة والخنازير.
المجوس وصف ديني وليس جغرافيا، وإلا ففي إيران ألوف من أهل السنة.
وتعيير الآخرين ليس من أخلاق الإسلام.
أقول هذا لاستيائي الشديد من وقوع أغلب المواقع الإسلامية المحسوبة على السلفية في هذا الزلل، منذ ثمانينات القرن الماضي. وأعتقد أن هذا الأمر ليس من أخلاق الإسلام في شيء.
أقول هذا، ولم أقرأ من المقال سوى عنوانه المستفز.
 
أشكرك أخي محمد على هذا التعقيب ،وتمنيت أن يكون تعليقك بعد قراءة المقال كاملا لنستفيد من بقية ملاحظاتك ،وإن كنت أُفضّل أن توجه ما تراه لنفس الكاتب عن طريق الرابط ، وهو من أهل التفسير ،وأظنه مشارك معنا في الملتقى .


ولي عودة على ملاحظتك ـ إن شاء الله ـ .
 
إن كان كاتب المقال مسجلا في المنتدى فلعله يقرأ ملاحظتي.
أما بقية محتوى المقال، فقد قرأته، وهو مكرر، ويعيد مقولات أقرأها في عدد من الصحف العربية والمواقع الشبكية.
مع احترامي للكاتب والناقل.
 
لعل هذا التحليل قد يروق لك أخي ( محمد بن جماعة ) !

لعل هذا التحليل قد يروق لك أخي ( محمد بن جماعة ) !

[align=center]الحرب بعد فعل الحزب
بقلم الدكتور أبي عمرو محمد بن حامد الأحمري
المصدر : http://www.alasr.ws/index.cfm?method=home.con&contentid=10054

( 1-2 )[/align]


قدرنا في زمن الهزيمة والتبعية أن تكون قوتنا ضدنا، مالنا ضدنا، إعلامنا ضدنا، وهكذا اليوم سلاحنا ضدنا، فهذه سلسلة من الخسارات كلما أردنا أن نسير للأمام فإذا عقد كثيرة تجرنا للخلف، ما إن فرح العرب بالمقاومة فإذا هي تنعطف للجهة الخطأ. فرضي الممتحنون بالرغبة في استمرار تذوق الهزيمة، واستمراء الهوان.


فرح من أدمنوا الهزيمة والتبعية بأن اقتتلنا، وعاد الخصام بيننا، وفرحوا بأن السلاح وقع في السنة لا فرحا بموت السنة ربما، ولكن فرحا بخطأ المقاومة، وفرحوا بأن نظرياتهم في فشل كل مقاومة هو رهان كسبوه، ويا سوء ما يفرحون به، فهم يفرحون بمزالق المقهورين الباحثين عن النجاة، والصاعدين من رماد الهزائم، يفرحون بما يسر الغزاة، لأنهم أصبحوا من إعلام الغزاة ثقافة ومصيرا!


وكأن هؤلاء يؤكدون أن من استعمل السلاح في بلاد أو عالم العرب اليوم دفاعا عن نفسه وبلده وماله، فهو إما إرهابي أو إيراني، والإرهابي حسب التعريف الصهيوني هو: "مسلم يدافع عن دينه أو أرضه المحتلة"، أو إنه عميل لإيران، أما المسلمون الباقون فهم طيبون لطفاء، ناعمون، ليس ذلك فحسب بل يبتسمون لمن يدوسهم، ويبيعهم في أسواق النخاسة العالمية، فليس لهم سياسة مستقلة عن سياسة الصهاينة، والمحتل هو الذي سوف ينقذهم من الإسلام السياسي!!


لا شك أن كل إنسان شريف يحترم كل مقاومة شريفة، وبخاصة التي لم تتلطخ بدم الأبرياء، وكان هذا هو السبب في تعاطف الناس مع الحزب، فيما مضى، فلما انعطف التوجه فتغير، فستتغير النظرة ما لم يكن للحزب قدرة على التخلص من العيب. فحزب الله سلك طريقا خاطئا لا مرية في ذلك، حين أنزل رجاله للشوارع، لقتال غير ذوي القتال. ولعل حزب الله قد توهّم أن هؤلاء قد استثمروا المليارات التي أرسلت لهم في تجنيد جيش ضده، ولا يبدو أن هذا حصل، ولكنه قد يفتح لهم الآن الطريق!


إن تراجع الحكومة وتراجع الحزب وسحب قواته من الشوارع، تصرف نافع للجميع، وخطوة يجب استثمارها إلى آخر ما تحتمل من مصالحة، ولا يحسن القول هنا عن مباريات إيرانية صهيونية، فليست إيران فيما يظهر داخلة في تفاصيل موقف حزب الله، ولا إسرائيل ضالعة في تفاصيل موقف الحكومة اللبنانية، ولا يشرّف الطرفين أن يمارسا حتى هذه الأخطاء بأسباب خارجية.


حسن نصر الله أخطأ، فقد فتح الطريق لتكوين جيش ضد حزبه، وأعطى مبررا لن يسهل نقضه، وكان خصومه لا يملكون عقيدة حرب ولا سلاح، فقد أعطاهم مبررا لذلك، وفتح على نفسه وقومه باب جحيم لم يكن له حاجة لطرقه، وسيعود بإضعافه وإضعاف المقاومة عموما ومستقبلا. ونرجو أن لا تصعد قوى تمزيق جديدة أكثر من الموجود.


وكان هؤلاء الناقدون للمقاومة، لا يملكون عقيدة إلا عقيدة كراهية حزب الله، واليوم سيقوى الجيش وستبنى مليشيات تبدأ رسالتها ضده، ثم تكون جيشا يحقق رغبة إسرائيل ويحميها كما فعلت الكتائب سابقا، وقد أصبح للمليارات مبررات كثيرة وسوف يحوّل المزيد من المال لتشكيل قوة ضاربة ضده فوق ما توقعه هو ومن معه، لم تكن هناك في الماضي فرصة إسرائيلية لتكوين قوة ولا مبررات كافية لاستخدام السنة والمسيحيين والدروز ضد الحزب، أما اليوم فقد يكون للتاريخ مجرى آخر.


في السابق، ليس لدى الطرف الأمريكي الإسرائيلي في لبنان من عقيدة متفق عليها إلا الطاعة لما يشتهيه السادة في واشنطن وتل أبيب، وهذه الطاعة بلوغها صعب، مصاريفها ضخمة ونتائجها خسارة. أما اليوم فقد وجدوا مساعدة أعطاها لهم الحزب، العقيدة كانت هي ما يفتقده خصومه، واليوم قد يجدوا عقيدة كانت بعيدة المنال، وستظهر نسور وغربان كثيرة على جثث اللبنانيين كما تظهر دائما على ضحايا الحروب.


حسن لم يدرك أن التاريخ لا يعيد نفسه، فليس هو صلاح الدين، لينظف الدار قبل القرار، بل ربما وقع في قصة صدام في الكويت، ثم تبقى قصة كونه من طائفة والطائفية تكسر سلاحه، فبعض الذين أيدوه قديما في المقاومة أيدوه على استحياء، إذ يعجب أحرارهم عمله، ويشكّون في ولائه، ولم يكن بحاجة لهذه الخطوة!


أما السنة، فليس لدى حكوماتهم الكبيرة فضلا عن الأقلية في لبنان من مواقف سياسية تجاه أحد، وهم مفلسون جدا في مجال العقيدة السياسية، ويحاربون وجودها، ويرقبون كل زيارة وزائر من هنا وهناك، عسى أن يمن عليهم أو يحدد لهم عدوا أو يضع على ألسنتهم خطابا أو ألقابا، وقد فعل الزوار وسيفعلون، وستبقى ألسنتهم معبرا لأفكار الآخرين ومصالحهم، حتى تأتي لحظة المصالحة والوعي التي تبدو بعيدة ما دامت ثقافة العصمة والغرور هي السائدة.


[align=center]( 2-2)[/align]


من القراء من طلب أكثر من مرة العودة إلى كلام قديم لا أريده، فقد صح واستقر، وليس مهما إعادة البحث فيه، ولكن أشكالا قريبة منه تعود بأوهام البعض؛ من نمط تصنيف الصراع في لبنان وأنه بين السنة والشيعة، وأشكل عليهم المزج الغريب هذا، إذ نجد حكومات سنية ضد السنة في غزة وضد حماس والجهاد، ونجد شيعة يؤيدون ويدعمون الحركتين، فالحكومة المصرية ترسل النفط لإسرائيل وتحارب حماس في غزة، وعذبت عددا من رجالها في مصر، تطلب منهم أن يدلّوا على موقع الجندي الصهيوني الأسير "شاليط"!


وتتهم الحكومة المصرية غزة بأن فيها "إخوان مسلمون"، وهؤلاء قد يتضامنون مع الإخوان في مصر، فيسقطون الإمام المعصوم، فيخسر الصهاينة الشريك المخلص، مع أن هذا الحبيب المقرب للديمقراطية الصهيونية، يبدأ كل موسم انتخابات بقرار يضع خصومه في السجن من الإخوان وحركة كفاية، ثم يقيم لبعضهم محاكم عسكرية، ويقيم انتخابات ويجلب البلطجية لمن يصوت لغيره! من الطريف أن كلمة "بلطجية كما هي بالعربية"، دخلت قاموس الإنجليزية في السي إن إن ونيويورك تايمز لأول مرة بسبب الانتخابات المصرية لمبارك!


في التقسيمات اللبنانية، هناك اشتراكيون، وقسم من الدروز، فريق جنبلاط، ومسيحيون وقتلة مجرمون، مثل جعجع والجميّل وارث الكتائب، ووارث سيئ السمعة أخيه بشير "والتاريخ الأسود في صبرا وشاتيلا"، فهم اليوم مع الحريري والسنيورة وقباني ومشايخ وإخوان مسلمين، في تيار المستقبل ومعهم شيعة، وهذا الطرف أغلبه سنة، وهم من يمثل الخط الأمريكي كما يراه حزب الله.


يقابل هذا مشايخ سنة، لهم سابقة دعوة وعمل مع حزب الله، مثل فتحي يكن رئيس "جبهة العمل الإسلامي" وقسم من الإخوان المسلمين، وقسم من الدروز، ومسيحيون مثل عون (عدو سوريا سابقا) وتياره وأمل "ذات التاريخ المظلم في قتل الفلسطينيين" مع حزب الله، وهذا تيار أغلبه شيعة. فهل التسمية والتقسيم: "سني وشيعي" تقسيم صحيح؟


والحقيقة أن من الخطأ جعل الدين أو المذهب سلاحا للتمييز بين الصفين، أو توهم أن قصة سنة وشيعة هي مدار الصراع، فالأديان والمذاهب الآن في لبنان تابعة ومستخدمة من قبل السياسيين من الطرفين، والعقيدة التي تميز بين الطرفين هي السياسة ومصادر التمويل، ومن السياسة الموقف من الخارج ـ أمريكا وإسرائيل ، من جهة، ومن الجهة الأخرى سوريا وإيران، هي الفيصل فيما يدور بينهم اليوم، فمن كان مواليا لأمريكا وهادئا على الأقل في موضوع الصهاينة، فهو في حزب الحريري وبعض الدروز وبعض المسيحيين، ويطلق عليهم ألقاب إيجابية من أمريكا ومن إسرائيل وإعلامها، فهم: "المعتدلون".


ومن كان مع المقاومة وضد إسرائيل، فهو ضد أمريكا ومع سوريا وإيران، سلفيا كان أو شيعيا مسيحيا أو شيوعيا إخوانيا أو قوميا. ويسميهم الأمريكان: "المتطرفين أو إيرانيين"، هذا إن سلموا من تسميتهم بـ: "إرهابيين"، كما يعيّر الاحتلال المقاومة في أي مكان. ومجمل هؤلاء مع تيار حزب الله (معارضة، أو ممانعة، أو مستقلون، أو مع إيران). وبهذا تفهم أين العقائد مما يدور، إن المواقف السياسية من إسرائيل وأمريكا وإيران هي "العقيدة" وهي محط الولاء والبراء في هذه الساحة. والأديان يسخرونها لمصالحهم أو لعقائدهم السياسية المذكورة.


بعدما شاع أن إيران تساعد المقاومة في فلسطين من [جهاد وحماس]، وتدربها وترسل لها المال، وبحثنا عن جواب الفلسطينيين، فكان من فحواه: إن كان كذلك فليس كله حبا للسنة، ولكن مصالح إسلامية مشتركة، وإيران ربما فعلت دفاعا عن إستراتيجيتها، ومذهبيتها السياسية الاستقلالية من الاحتلال الغربي، وموقفها من الصهاينة واضح، وللفلسطينيين حسابهم، ويرون أنفسهم في حال المضطر لإيران، فلم يستقبلهم السنة ولم يموّلوهم، ولم يعطوهم جوازات ولا تدريب ولا إقامة على أرضهم، ويقولون إنه لا يجرؤ إنسان شريف على نقدهم في اللجوء إلى إيران، لأنه لا يملك ـ كما يقول الفلسطينيون ـ أي جواب معقول أو مشروع يدل على أنهم تشيعوا بسبب الإعانات!


ويردون على مخالفيهم: ماذا تقولون وأنتم ترون المواقف تستقر على هذا النحو: غالب الفلسطينيين في الداخل والمهاجر (بحسب الانتخابات) وحماس والجهاد والشعبية وقيادات وكثير من شرفاء فتح وإيران وحزب الله وسوريا في صف، وترون في الصف المقابل: دحلان وعباس وبعض المنظمة والصهاينة ودول عربية في صف!


هذا ليس ضربا من الخيال، بل يسد عليكم الأفق وتتعثرون به، وقصة سنة وشيعة لا تملك أن ترفعها للجدال في الفقرة السابقة، ولعلكم ترون بحق أن مواقف أتباع الصهاينة أكثر انسجاما مع باطلهم وأنفسهم من مواقف كثير من المتدينة العقائديين الغارقين في تناقض لا يثمر علما ولا عقلا ولا مصلحة! [انتهى تلخيص الحوار مع أحدهم بأسلوبي في هذه الفقرة]


إنكم ترون السنة "بعض الحكومات غير المستقلة"، يحاصرون الإسلاميين الفلسطينيين، ويرسلون المال والدعم لأعدائهم، وليحققوا انقلاب دحلان عليهم، (راجع الفضيحة التي وثقتها مجلة فانيتي فير، فلم يسقط بسببها أحد ولم ينتحر فاعل، لأنه في زماننا خيانة الشعب في بلاد العرب لا تعاب)، مع أن حماس وصلت بطريقة منتخبة ديمقراطية على عين كارتر نفسه مراقبا، فليست مشكلة أمريكا وإسرائيل مع إيران وحماس وحزب الله، الديمقراطية، غابت أم حضرت، بل مشكلة إيران أنها استقلت، وأن لها حكومة مستقلة تصنع مصلحتها، وأن حماس والجهاد مستقلون، وهكذا أي حكومة أو حزب سني أو شيعي، صيني أو هندي، فسيكون هذا مصيره مع أي إمبراطورية، إلا عندما لا تستطيع الإمبراطورية قهره فإنها تشاركه؛ بحسب المثل السائد عندهم "إن لم تستطع أن تغلبهم فشاركهم".


وشيء من هذا هو سبب سياسة المشاركة مع الإيرانيين في أفغانستان والعراق. وغير مستبعد أن تتنازل الإمبراطورية وتحاور من تسميهم اليوم إرهابيين، وتصالحهم، لأن للإمبراطوريات مصالح تتجاوز أهمية كثير من الأتباع، إذ يرى الأتباع المواقف حاسمة، ولكن السياسة والمنافع مرنة عندما تواجهها القوة ولو كانت صغيرة ولكنها جادة ومستمرة، إذ التخفيف من قسوة التحيزات واللجوء للتفاهم مصير البشر دائما.


وبقي أن ندرك أن مشكلة أحداث نيويورك وما تلاها صدمت السنة وقياداتها التي تتمنى أي مخرج من لوازم الحياة، وحملت أكثر مما تحتمل، فأصبح السنة "قبيلة لا يغدرون بذمة ولا يظلمون الناس حبة خردل"، أصيبوا بالرعب فاتجهت حكوماتهم وبعض شعوبهم إلى تزيين التبعية والسلبية والجبن، وثقافة السلام المتطرف، حتى تبين للسنة أنفسهم في بيروت بفضل قيادتهم الجديدة بأن ثقافتهم أشبه بثقافة صالة استقبال في فندق، بلا قوة ولا حمية، ومزق السنة صور الحريري لما أوصلتهم إليه ثقافة المال المرسل إليه والقلوب التي انهارت بعد سبتمبر، حين تصبح القوة عيبا، والدفاع عن النفس إرهابا.


* وماذا عن الحزب بعد الحرب


بشار وحسن: شابان مولعان الآن بالخطابة، أو هكذا يبدو لمن لا يعرف عنهما إلا هذا، مع بروز ودهاء في إدارة وخطابة حسن، وقد ظهر أنه فقد منها الكثير في لقائه الأخير، غير أن الخطابة تبدو من مشكلات بشار الظاهرة، فقد تورط في لغة فوق طاقته، وحل منصبا في جسم قديم متهالك يفتك بشبابه، ويصّلب أو يجمد البيئة من حوله، ولعل الظرف أكبر من الشخص، فيتراجع وينساق مع لغة موروثة ليست له، وليس لها، وقد رأيناه وقد اختطفه السجع ورنة الكلام، فأساء استخدامها، ومدح وذمّ، وتورط فلم يستطع أن يسيطر عليها في أخطاء ستلازمه ما دام حيا بقوله: "أنصاف مواقف وأنصاف رجال". لم يقصدها إلا لمجرد سياحة لغوية،كما يقولون، وهي شبيهة بسجع المثل الذي ردده صدام فورطه: "قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق"، ولم يبد قادرا على الخلاص من إلزامات المثل المسجوع!


أما حسن نصر الله، فورطته أكثر من كبيرة، وأهم ورطة سيعانيها في المستقبل القريب هي قوته من السلاح والأفكار، فقد شحن الصدور وملأ الرؤوس غرورا وثقة، وملأ المخازن، فأين سيصرف شحنات السلاح وشحنات العواطف، إنه صنع جوا ثوريا، والثورة سوف تبدأ في أكل أهلها إن لم تجد ما تأكله. ولو تحقق له أن قضى على بعض خصومه ـ في هذه المناوشات ـ فلربما خفف من زفرات جحيم جيشه، ولو واجهه أحد في الشوارع لتحقق بعض التنفيس، فأين يسرب هذه القوة، لأن السياسة المجردة لا تسعها الآن، إلا أن يقبل وحزبه بخطة عبقرية يتجنبون فيها هياج ما اقتنعوا به من الانتصار.


وقضية القضايا هنا هي التحولات السياسية التي قد تنجح، فقد تصالح سوريا، وتستعيد شيئا من ماء الوجه، وتقطع الصلة بإيران وحزب الله ثمنا لذلك، وبهذا تحل الكارثة على إيران في حماية مصالحها في الشام، لأن المشروع الذي يقوم به البارع أردغان الآن في الصلح ـ إن تمّ ـ فسوف يدمر الكثير من المصالح الإيرانية، ويضعف طموحاتها ويعزلها، ويمتد الأتراك في الميراث الإيراني (الشام كله) بعلاقات وصلات جيدة على حساب الإيرانيين، وتضعف المقاومة المرتبطة بالشيعة في كل مكان، وأهمها لبنان، إذ لن يكون للأتراك علاقة قوية بهم؛ ليس فقط بسبب سنة وشيعة، ولكن لأن تركيا منافس كبير للفرس قديم ومتجدد في المنطقة، وترتبط تركيا مع الصهاينة بعقود وعهود لن يفرط فيها الأتراك ولا الصهاينة قريبا. كما أن تركيا تمتد حضاريا "جنس الترك" من غرب الصين إلى البلقان، ومذهبيا تمثل مذهب الأغلبية.


أما الفلسطينيون، فسوف تحاول تركيا أن توقف ـ ولو مؤقتا ـ المقاومة الفلسطينية التي كانت تتلقى دعما وتدريبا إيرانيا، ولكن خطوة كهذه، أي سقوط المقاومة المرتبطة بإيران، سوف يوحد منطقة واسعة الأرجاء سنيّة ـ إن بقي شعار السنة مرفوعا آن ذاك ـ ضد الصهاينة، أي ستحمل المقاومة القادمة شعارات الإصلاح وأفكارا إسلامية، لأن المنطقة العربية أصبحت الآن خاوية من الأفكار المضادة، فقد ذهب البعث، وضعفت القومية، وتراجع الشيعة سياسيا على الأقل، وسوف تسود أو تنتصر أفكار إسلامية تجديدية أو معتدلة، ولن تنجح إلا بشيء من القطيعة مع الحاضر.


ومما سيجعل التوجه يتسلح بهذه الأفكار الحاجة الفطرية، والتحولات في المنطقة ومحيطها، تتجه إلى هذا الاتجاه، فالصهاينة يتجهون إلى عنصرية دينية حاسمة، وهذه أوروبا يحكمها اليمين المسيحي كما لم يكن من قبل، و تركيا تقبل باستحياء أو بذكاء على استعادة هوية دينية. وهنا يعود تركيب الصراع القديم التركي الفارسي، وهذا طبيعي في حال بقاء الجمود السياسي والجهل والتبعية العربية.


وهناك خيال آخر، وهو إمكان التحالف الإيراني الإسرائيلي الأمريكي، وهذا خيار يطرب كثيرا من السلفيين والقوميين [لأنهم يشعرون بالمعابة الآن، لكون بلدانهم في حضن احتلال وتحالف إسرائيلي أمريكي فلهم شوق ولو نفسي أن يكونوا في تيار المقاومة ضد الثلاثة]، وليس هذا الاحتمال بعيدا، ولكن هذا قد يبقي العرب هامشيين زمنا، والتحالف هذا قد يتم بسبب صعوبة كبح جماح الطموحات الإمبراطورية الإيرانية، فيكون الحل معها بالتوجه لاستيعابها، ومشاركتها الثروة العربية والسياسة، وبسبب أنه قد يكون لها فاعلية من خلال الأقلية المهمة من أفغانستان إلى الشام، وقد يكون مناسبا للأطراف الثلاثة حال تراجع الحضور العسكري الأمريكي، والرغبة في إخماد الطموحات في المنطقة العربية.


وتصبح حسنات تركيا هي عيوبها وحاجز ضد نموها، فالتحولات السريعة في النمو في تركيا، والخوف من تمددها جنوبا لمجتمع محيط بها كبير، قد يألفها أكثر من إيران، وبسبب قيمها الديمقراطية والانفتاح الجذاب والتقدم الاقتصادي والمذهب المشترك مع العرب والتاريخ القريب. غير أن هذه أيضا مجازفة وتحتاج تحولات فكرية إيرانية، وتحتاج من أمريكا عدم مبالاة بالثروة في حال نمو صراع تركي إيراني قريب، بدا بعضه في كركوك، وسوف يكون الأكراد هم عامل التوازن الصعب في حالة مخيفة كهذه، وإن حدثت مواجهات، فسوف يستخدمهم الجميع.


ليس معقولا اعتبار العرب في كل هذه التحولات مجرد ثروة ومناطق نفوذ ونزاع ومهاجرين عابرين، ولكنهم وصلوا إلى حال انعدام الوزن السياسي بسبب الاستبداد الذي أذلهم واستتبع مصالحهم، وتهاوي حكوماتهم عن مشاركة مواطنيها في حقوقهم في بلادهم ومصيرهم.


والزمن القريب القادم لحزب الله وسوريا حاسم، فهل يستطيع هذا المعسكر أن يخفف من توتره مع البيئة المحيطة، أو يحيّد بعضها، ويكون ذكيا ذكاء الإيرانيين في أفغانستان، وفي العراق، يأخذ من الاحتلال ويشاركه ويخالفه؛ فيصافح ويأخذ باليمين ويطعن وبالشمال؟ أم أن ضعف الحيلة والخطابة والشعارات تدفعه لآخر الطريق، فيخسر، ويسبب سقوطه هزة وإرباكا زمنا قبل أن يستقر الوضع، والموجة القادمة إن حدثت، فيبدو أنها لا تخدم الوجوه القديمة من الطرفين، وتعد بحال أحسن على الزمن البعيد.
 
أعلم أنك، يا د. عمر، ناقل فقط للخبر. ولذلك أنزهك عن استعمال لفظ (المجوس) لوصف أي كان، ممن يتبرأون من معتقدات المجوس.
وإلا فأهل الحجاز الحاليون أحفاد عباد الأصنام في قريش والجزيرة العربية. فهل يسوغ لأحد أن يصف المسلمين بأنهم أهل أوثان؟
والأمر ينطبق أيضا على تعيير اليهود المعاصرين بأنهم حفدة القردة والخنازير.
المجوس وصف ديني وليس جغرافيا، وإلا ففي إيران ألوف من أهل السنة.
وتعيير الآخرين ليس من أخلاق الإسلام.
أقول هذا لاستيائي الشديد من وقوع أغلب المواقع الإسلامية المحسوبة على السلفية في هذا الزلل، منذ ثمانينات القرن الماضي. وأعتقد أن هذا الأمر ليس من أخلاق الإسلام في شيء.
أقول هذا، ولم أقرأ من المقال سوى عنوانه المستفز.


[align=center]الحمد لله

اما تعيير الكافرين الظالمين منهم بالشرك و الكفر الذي فيهم وتسفيه دينهم واظهار باطله فهو منهج قرآني لا أشك

ولا امتري في ذلك ،ولو قرأت القرآن لوجدته ، واعذرني على الملاحظة اخي الفاضل فكل تعليقاتك خلو من الاستشهاد

في مثل هذه المواضيع خلو من الادلة القرآنية و الحديثية و ليس ثمة الا العاطفة حتى تنال رضى الآخر!

واسمع قول الله تعالى في الكفار : ان هم الا كالانعام بل هم اضل.

وقوله تعالى فيهم : ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع الا دعاء و نداء......وصفهم بالبهائم مع الراعي ، لا

يفقهون من كلامه الا صوته فقط..

وقال سبحانه فيهم : أولئك هم شر البريئة .................فجعلهم أشر ما في الكون.

وجعلهم سبحانه وتعالى نقضة للعهود.

وجعلهم سبحانه وتعالى اولياء للشيطان و أحزاب الشيطان.

والآيات في تعيير الظالمين من الكفار البادئين بالظلم وجهادهم باللسان و السيف امر معلوم..

أما وصف الروافض بالمجوس فمن أحب قوما فهو منهم ، وقبر ابي لؤلؤة المجوسي وثن يعبد من دون الله في إيران ،

ويترضون عنه و يترحمون على قتله أمير المومنين ، فلا يضر الشيخ ان نسبهم الى من يحبون و ان كانوا لا يعبدون

النار ، أما علمت ان النبي صلى الله عليه و سلم قال : المرء مع من أحب.

اما قياسك اهل الحجاز عليهم من المومنين الصالحين فهذا ظلم منك وتسرع في الحكم ، أفتجعل من يترضى على ابي

لؤلؤة المجوسي ويبغض التوحيد كمن يترضى على عمر رضي الله عنه و يحب التوحيد ، لا يستويان مثلا.

وتبين لي من مدة أنك تتبع العاطفة أكثر مما تتجرد الى الحق في مثل هذه المواضيع ، فكلامك فيها كما قلت ناشء في

غالب الاحوال عنها ، فلا أدلة و لا تفصيل وليس ثمة الا شيء واحد : ان يراك الغرب بمظهر المتمدن المتحضر ، خلافا

للاصولي الهمجي و السلفي الهمجي .

فخاطبنا بالقرآن و بالمحكمات من القرآن اذا اردت التعقيب و الرد والصدور مفتوحة منشرحة لكلام الله تعالى وسنة رسوله

صلى الله عليه وسلم[/align] .
 
عودة
أعلى