عبدالرحمن الشهري
المشرف العام
- إنضم
- 29/03/2003
- المشاركات
- 19,345
- مستوى التفاعل
- 145
- النقاط
- 63
- الإقامة
- الرياض
- الموقع الالكتروني
- www.amshehri.com
بسم الله الرحمن الرحيم
قال السائل : ما رأيكم بالعلامات الموجودة في المصاحف الآن ,وهل يجب أن يلتزم بها القارئ للقرآن؟
الجواب :
إن الأصل في وقوف القرآن أنَّها مبنية على الاجتهاد ، وليس هناك وقف يحرم أو يجب إلا بسببٍ .
ومبنى الوقوف على المعنى ، لذا يعاب على من لم يحرر المعاني في الوقوف ، لكنه لا يصل بعمله هذه إلى الحرمة .
والحرمة والوجوب تحتاج إلى دليل شرعي ؛ إذ أنها تدل على فعل شيء يخالف الشريعة ، وليس ذلك في الوقوف القبيحة التي حكم العلماء عليها بالقبح .
وتعمد الوقف على ما لا يحسن الوقف عليه فعل قبيح بلا إشكال ، لكنه لا يصل إلى حدِّ الحرمة إلا إذا كان يعتقد ذلك المعنى القبيح ، وإذا كان يعتقد ذلك المعنى القبيح فإنه آثم سواءً أكان في حال قراءة أم كان في غيرها .
فمن وقف على قوله :(يد الله مغلولة) ، وهو يعتقد هذا المعنى ويريده ، فهو آثم باعتقاده قبل وقفه ، والله أعلم .
أما التزام القارئ بها من أجل تحسين الأداء وتبيين المعاني ، فإنها إنما جُعلت لهذا الغرض ، وإذا كان هذا هو الغرض منها فالتزامها أولى من تركها ، مع مراعاة أن تركها ليس فيه إثمٌ .
وهذه العلامات الموجودة في المصاحف مأخوذة من وقوف السِّجاوندي ( ت : 560 ) من كتابه الكبير ( علل الوقوف ) ، ووقوفه هي : الوقف اللازم ، وعلامته (م) ، والوقف المطلق ، وعلامته (ط) ، والوقف الجائز ، وعلامته (ج) ، والوقف المجوز لوجه ، وعلامته (ز) ، والمرخص ضرورةً ، وعلامته (ص) ، وما لا يوقف عليه ، وعلامته (لا) .
وقد بقيت هذه الوقوف إلى هذا العصر ، وهي المعمول بها في مصاحف الأتراك والقارة الهندية .
أما المصحف المصري وما انبثق عنه كمصحف المدينة النبوية المطبوع بمجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف ، فإنه استفاد من وقوف السجاوندي وإن كان خالفه في بعض مواطن الوقف أو في الزيادة عليه في المصطلحات التي هي في الحقيقة نابعة منه ، ووقوف هذه المصاحف هي : الوقف اللازم ، وعلامته (م) ، والوقف الجائز ، وعلامته (ج) ، والوقف الأولى ، وعلامته (قلى) ، والوصل الأولى ، وعلامته (صلى) ، ووقف المعانقة ، وعلامته (.. ..) ثلاث نقاط على جملة المعانقة أو كلمتها ، والوقف الممنوع ، وعلامته (لا) .
ولعلك تلاحظ أنه لا يوجد فيها الوقف المطلق والوقف المرخص ضرورة والوقف المجوز لوجه التي هي من وقوف السجاوندي . كما تجد في المصحف المصري ومن تبعه وقف المعانقة والوقف الأولى والوصل الأولى ، وهذه لم ينص عليها السجاوندي ، لكن بالنظر إلى أنواع الوقف الجائز عنده وباستقراء علله تجد أنها موجودة عنده ، وإن لم ينصَّ عليها .
وباستقراء تطبيقات الوقف الجائز عند السجـاوندي ( ت : 560 ) ظهر أنه على مراتب ثلاثٍ :
1 ـ ما يستوي فيه موجب الوقف وموجب الوصل ، وهو الذي اصطلح عليه بأنه ( الجائزُ ) .
2 ـ ما يكون الوصل فيه أولى من الوقف ، وهو الذي اصطلح عليه بأنه ( المجوز لوجه ) .
والوقف المجوز لوجه عنده : ما تكون علة الوصل فيه أقوى من علة الوقف ، لكن يجوز الوقف لأجل هذه العلة المرجوحة .
3 ـ ما يكون الوقف فيه أَولى من الوصل ، وهذا القسم لم يذكر له مصطلحاً كالسابقين ، غير أنه ظهر عنده في تطبيقاته ، حيث ينصُّ في بعض مواطن الوقوف على جواز الوصل والوقف ، ويرجح الوقف على الوصل .
ومن أمثلة ذلك الوقف على لفظ (أزواجًا) الثاني من قوله تعالى :(فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَمِنَ الأَنْعَامِ أَزْوَاجا يَذْرَأُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) حيث حكم عليه بالجواز ، وقال في عِلَّةِ ذلك الوقف الجائز :( لأن الضمير :(فيه) قد يعود إلى الأزواج الذي هو مدلول قوله : (أزواجًا) ، والأصح أنه ضمير الرَّحِم ، وإن لم يسبق ذكره ، فكان الوقف أوجه ).
* وأما وقف التعانق أو المعانقة المرموز له بالنقاط الثلاث ، فقد كان يسمى عند المتقدمين وقف المراقبة ، وأول من نبه عليه أبو الفضل الرازي ( ت : 454 ).[النشر لابن الجزري 1/238].
وعرَّفه أبو العلاء الهمذاني ( ت : 569 ) ، فقال :( المراقبة بين الوقفين : أن لا يثبتا معًا ، ولا يسقطا معًا ، بل يُوقف على أحدهما).[ الهادي إلى معرفة المقاطع والمبادي ( رسالة علمية لم تطبع ) ( ص : 55 )].
وقد أشار إلى هذا الوقف السجاوندي ( ت : 560 ) في قوله تعالى :(فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَاباً يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَى أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ * مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرائيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً ...) [المائدة : 31 ـ 32].
قال :(...(النادمين) ج . (من أجل ذلك) ج ، كذلك ؛ أي هما جائزان على سبيل البدل ، لا على سبيل الاجتماع ؛ لأن تعلُّق (من أجل) يصلح بقوله :(فأصبح) ، ويصلح بقوله :(كتبنا) ، وعلى(أجل ذلك) أجوز ؛ لأن ندمه ـ من أجل أنه لم يوارِ ـ أظهر ).
وهذه الوقوف لا ينبغي التهييج عليها لانتشارها بين المسلمين في مصاحفهم ، وليس فيها ما يوجب الخطأ المحض ، إذ هي اجتهادات اجتهد فيها علماء أفذاذ ، واتباعها أولى من تركها .
كما أنَّ من كان له اجتهاد وخالفهم في أماكن الوقف أو في مصطلحاته فإنه لا يشنَّع عليه أيضًا .
لكن لا تُجعل اجتهادات الآخرين في الوقوف سبيلاً إلى التشنيع على وقوف المصحف ، ولو ظهرت صحتها ؛ لأنَّ في ذلك استطالة على جلالة المصحف ، وجعل العمل فيه عرضة للتغير ، وذلك ما لا ينبغي .
لكن لو عمل الإنسان لنفسه وقوفًا خاصة به لرأي رآه ، واجتهاد اجتهده ، فإنه لا يثرَّب عليه أيضًا ؛ لأن أصل المسألة كله مبناه الاجتهاد .
قال السائل : ما رأيكم بالعلامات الموجودة في المصاحف الآن ,وهل يجب أن يلتزم بها القارئ للقرآن؟
الجواب :
إن الأصل في وقوف القرآن أنَّها مبنية على الاجتهاد ، وليس هناك وقف يحرم أو يجب إلا بسببٍ .
ومبنى الوقوف على المعنى ، لذا يعاب على من لم يحرر المعاني في الوقوف ، لكنه لا يصل بعمله هذه إلى الحرمة .
والحرمة والوجوب تحتاج إلى دليل شرعي ؛ إذ أنها تدل على فعل شيء يخالف الشريعة ، وليس ذلك في الوقوف القبيحة التي حكم العلماء عليها بالقبح .
وتعمد الوقف على ما لا يحسن الوقف عليه فعل قبيح بلا إشكال ، لكنه لا يصل إلى حدِّ الحرمة إلا إذا كان يعتقد ذلك المعنى القبيح ، وإذا كان يعتقد ذلك المعنى القبيح فإنه آثم سواءً أكان في حال قراءة أم كان في غيرها .
فمن وقف على قوله :(يد الله مغلولة) ، وهو يعتقد هذا المعنى ويريده ، فهو آثم باعتقاده قبل وقفه ، والله أعلم .
أما التزام القارئ بها من أجل تحسين الأداء وتبيين المعاني ، فإنها إنما جُعلت لهذا الغرض ، وإذا كان هذا هو الغرض منها فالتزامها أولى من تركها ، مع مراعاة أن تركها ليس فيه إثمٌ .
وهذه العلامات الموجودة في المصاحف مأخوذة من وقوف السِّجاوندي ( ت : 560 ) من كتابه الكبير ( علل الوقوف ) ، ووقوفه هي : الوقف اللازم ، وعلامته (م) ، والوقف المطلق ، وعلامته (ط) ، والوقف الجائز ، وعلامته (ج) ، والوقف المجوز لوجه ، وعلامته (ز) ، والمرخص ضرورةً ، وعلامته (ص) ، وما لا يوقف عليه ، وعلامته (لا) .
وقد بقيت هذه الوقوف إلى هذا العصر ، وهي المعمول بها في مصاحف الأتراك والقارة الهندية .
أما المصحف المصري وما انبثق عنه كمصحف المدينة النبوية المطبوع بمجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف ، فإنه استفاد من وقوف السجاوندي وإن كان خالفه في بعض مواطن الوقف أو في الزيادة عليه في المصطلحات التي هي في الحقيقة نابعة منه ، ووقوف هذه المصاحف هي : الوقف اللازم ، وعلامته (م) ، والوقف الجائز ، وعلامته (ج) ، والوقف الأولى ، وعلامته (قلى) ، والوصل الأولى ، وعلامته (صلى) ، ووقف المعانقة ، وعلامته (.. ..) ثلاث نقاط على جملة المعانقة أو كلمتها ، والوقف الممنوع ، وعلامته (لا) .
ولعلك تلاحظ أنه لا يوجد فيها الوقف المطلق والوقف المرخص ضرورة والوقف المجوز لوجه التي هي من وقوف السجاوندي . كما تجد في المصحف المصري ومن تبعه وقف المعانقة والوقف الأولى والوصل الأولى ، وهذه لم ينص عليها السجاوندي ، لكن بالنظر إلى أنواع الوقف الجائز عنده وباستقراء علله تجد أنها موجودة عنده ، وإن لم ينصَّ عليها .
وباستقراء تطبيقات الوقف الجائز عند السجـاوندي ( ت : 560 ) ظهر أنه على مراتب ثلاثٍ :
1 ـ ما يستوي فيه موجب الوقف وموجب الوصل ، وهو الذي اصطلح عليه بأنه ( الجائزُ ) .
2 ـ ما يكون الوصل فيه أولى من الوقف ، وهو الذي اصطلح عليه بأنه ( المجوز لوجه ) .
والوقف المجوز لوجه عنده : ما تكون علة الوصل فيه أقوى من علة الوقف ، لكن يجوز الوقف لأجل هذه العلة المرجوحة .
3 ـ ما يكون الوقف فيه أَولى من الوصل ، وهذا القسم لم يذكر له مصطلحاً كالسابقين ، غير أنه ظهر عنده في تطبيقاته ، حيث ينصُّ في بعض مواطن الوقوف على جواز الوصل والوقف ، ويرجح الوقف على الوصل .
ومن أمثلة ذلك الوقف على لفظ (أزواجًا) الثاني من قوله تعالى :(فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَمِنَ الأَنْعَامِ أَزْوَاجا يَذْرَأُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) حيث حكم عليه بالجواز ، وقال في عِلَّةِ ذلك الوقف الجائز :( لأن الضمير :(فيه) قد يعود إلى الأزواج الذي هو مدلول قوله : (أزواجًا) ، والأصح أنه ضمير الرَّحِم ، وإن لم يسبق ذكره ، فكان الوقف أوجه ).
* وأما وقف التعانق أو المعانقة المرموز له بالنقاط الثلاث ، فقد كان يسمى عند المتقدمين وقف المراقبة ، وأول من نبه عليه أبو الفضل الرازي ( ت : 454 ).[النشر لابن الجزري 1/238].
وعرَّفه أبو العلاء الهمذاني ( ت : 569 ) ، فقال :( المراقبة بين الوقفين : أن لا يثبتا معًا ، ولا يسقطا معًا ، بل يُوقف على أحدهما).[ الهادي إلى معرفة المقاطع والمبادي ( رسالة علمية لم تطبع ) ( ص : 55 )].
وقد أشار إلى هذا الوقف السجاوندي ( ت : 560 ) في قوله تعالى :(فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَاباً يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَى أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ * مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرائيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً ...) [المائدة : 31 ـ 32].
قال :(...(النادمين) ج . (من أجل ذلك) ج ، كذلك ؛ أي هما جائزان على سبيل البدل ، لا على سبيل الاجتماع ؛ لأن تعلُّق (من أجل) يصلح بقوله :(فأصبح) ، ويصلح بقوله :(كتبنا) ، وعلى(أجل ذلك) أجوز ؛ لأن ندمه ـ من أجل أنه لم يوارِ ـ أظهر ).
وهذه الوقوف لا ينبغي التهييج عليها لانتشارها بين المسلمين في مصاحفهم ، وليس فيها ما يوجب الخطأ المحض ، إذ هي اجتهادات اجتهد فيها علماء أفذاذ ، واتباعها أولى من تركها .
كما أنَّ من كان له اجتهاد وخالفهم في أماكن الوقف أو في مصطلحاته فإنه لا يشنَّع عليه أيضًا .
لكن لا تُجعل اجتهادات الآخرين في الوقوف سبيلاً إلى التشنيع على وقوف المصحف ، ولو ظهرت صحتها ؛ لأنَّ في ذلك استطالة على جلالة المصحف ، وجعل العمل فيه عرضة للتغير ، وذلك ما لا ينبغي .
لكن لو عمل الإنسان لنفسه وقوفًا خاصة به لرأي رآه ، واجتهاد اجتهده ، فإنه لا يثرَّب عليه أيضًا ؛ لأن أصل المسألة كله مبناه الاجتهاد .