ناصر عبد الغفور
Member
بسم الله الرحمن الرحيم
قال جل و علا:" فألقي السحرة سجدا، قالوا آمنا برب هارون و موسى"- طه:70-
قورن ذكر موسى بهارون عليهما السلام في عدة مواضع من القرآن الكريم بتقديم موسى عليه السلام إلا في هذه الآية، و قد تعددت أقوال العلماء في بيان سبب هذا التقديم:
- فقيل لأن هارون كان أكبر سنا من موسى عليهما السلام بثلاث سنين و أفصح منه، و قد قدم عليه موسى في كل المواضع فناسب أن يقدم هارون عليه و لو في موضع واحد.
- و قيل لحالة السحرة النفسية الذين أصابهم من التلعثم ما أصابهم حينما شاهدوا تلك المعجزة الكبرى، فقدموا ما حقه التأخير، كالذي قال:" اللهم أنت عبدي و أنا ربك" أخطأ من شدة الموقف.
- و قيل ليدفعوا توهم فرعون، إذا قدموا موسى، أنهم ما آمنوا به عليه السلام إلا لكونه تربى في حجر فرعون، كما قال:" ألم نربك فينا وليدا".
- و قيل أن الآيات -سواء التي قدم فيها موسى أو هارون عليهما السلام-، في قصتهما مع سحرة فرعون، أن كل هذه الآيات من كلام السحرة، فقدموا تارة موسى عليه السلام لشرفه و رسالته، و قدموا هارون أخرى لكبر سنه.
- و قيل لموافقة الفواصل كما ذهب إليه العلامة أبو زكريا الأنصاري-926هـ- في كتابه" فتح الرحمن بكشف ما يلتبس من القرآن الكريم"، و كذا الفراء الذي زعم أن المعنى قد يتسامح فيه لأجل اللفظ.
لكن هذا ليس بشيء فالمعنى القرآني لا يمكن أن يختل من أجل الفواصل.
- و منهم من ذهب إلى أن هذا أسلوب من أساليب القرآن يدل على جواز تقديم المفضول على الفاضل.
و لعل القول الأقرب أن الواو في قوله تعالى:" رب هارون و موسى" لا تفيد الترتيب كما هو الحال عموما، و إنما تفيد مطلق الجمع.
و قد حكى ابن عاشور رحمه الله تعالى في تفسيره بعض هذه الأقوال حيث قال:" ووجه تقديم هارون هنا الرعاية على الفاصلة ، فالتقديم وقع في الحكاية لا في المحكي ، إذ وقع في الآية الأخرى قالوا آمنا برب العالمين رب موسى وهارون ( ( الشعراء : 47 ، 48 ) . ويجوز أن يكون تقديم هارون في هذه الآية من حكاية قول السحرة ، فيكون صدر منهم قولان ، قدموا في أحدهما اسم هارون اعتباراً بكبر سنّه ، وقدموا اسم موسى في القول الآخر اعتباراً بفضله على هارون بالرسالة وكلام الله تعالى ، فاختلاف العبارتين باختلاف الاعتبارين ".
لكنه رجح قبل ذلك أن الواو لا تفيد إلا مجر الجمع، يقول رحمه الله تعالى:" وتقديم هارون على موسى هنا وتقديم موسى على هارون في قوله تعالى في سورة الأعراف ( 121 ، 122 ) : ( قالوا آمنا برب العالمين رب موسى وهارون ( لا دلالة فيه على تفضيل ولا غيره ، لأنّ الواو العاطفة لا تفيد أكثر من مطلق الجمع في الحكم المعطوف فيه ، فهم عرفوا الله بأنه ربّ هذين الرجلين ؛ فحكي كلامهم بما يدلّ على ذلك ؛ ألا ترى أنه حكي في سورة الأعراف ( 121 ) قول السحرة ) قالوا آمنا برب العالمين ، ولم يحك ذلك هنا ، لأن حكاية الأخبار لا تقتضي الإحاطة بجميع المحكي وإنما المقصود موضع العبرة في ذلك المقام بحسب الحاجة "-اهـ-.
وقفة مع قوله تعالى:" آمنا برب هارون و موسى":
قال جل و علا:" فألقي السحرة سجدا، قالوا آمنا برب هارون و موسى"- طه:70-
قورن ذكر موسى بهارون عليهما السلام في عدة مواضع من القرآن الكريم بتقديم موسى عليه السلام إلا في هذه الآية، و قد تعددت أقوال العلماء في بيان سبب هذا التقديم:
- فقيل لأن هارون كان أكبر سنا من موسى عليهما السلام بثلاث سنين و أفصح منه، و قد قدم عليه موسى في كل المواضع فناسب أن يقدم هارون عليه و لو في موضع واحد.
- و قيل لحالة السحرة النفسية الذين أصابهم من التلعثم ما أصابهم حينما شاهدوا تلك المعجزة الكبرى، فقدموا ما حقه التأخير، كالذي قال:" اللهم أنت عبدي و أنا ربك" أخطأ من شدة الموقف.
- و قيل ليدفعوا توهم فرعون، إذا قدموا موسى، أنهم ما آمنوا به عليه السلام إلا لكونه تربى في حجر فرعون، كما قال:" ألم نربك فينا وليدا".
- و قيل أن الآيات -سواء التي قدم فيها موسى أو هارون عليهما السلام-، في قصتهما مع سحرة فرعون، أن كل هذه الآيات من كلام السحرة، فقدموا تارة موسى عليه السلام لشرفه و رسالته، و قدموا هارون أخرى لكبر سنه.
- و قيل لموافقة الفواصل كما ذهب إليه العلامة أبو زكريا الأنصاري-926هـ- في كتابه" فتح الرحمن بكشف ما يلتبس من القرآن الكريم"، و كذا الفراء الذي زعم أن المعنى قد يتسامح فيه لأجل اللفظ.
لكن هذا ليس بشيء فالمعنى القرآني لا يمكن أن يختل من أجل الفواصل.
- و منهم من ذهب إلى أن هذا أسلوب من أساليب القرآن يدل على جواز تقديم المفضول على الفاضل.
و لعل القول الأقرب أن الواو في قوله تعالى:" رب هارون و موسى" لا تفيد الترتيب كما هو الحال عموما، و إنما تفيد مطلق الجمع.
و قد حكى ابن عاشور رحمه الله تعالى في تفسيره بعض هذه الأقوال حيث قال:" ووجه تقديم هارون هنا الرعاية على الفاصلة ، فالتقديم وقع في الحكاية لا في المحكي ، إذ وقع في الآية الأخرى قالوا آمنا برب العالمين رب موسى وهارون ( ( الشعراء : 47 ، 48 ) . ويجوز أن يكون تقديم هارون في هذه الآية من حكاية قول السحرة ، فيكون صدر منهم قولان ، قدموا في أحدهما اسم هارون اعتباراً بكبر سنّه ، وقدموا اسم موسى في القول الآخر اعتباراً بفضله على هارون بالرسالة وكلام الله تعالى ، فاختلاف العبارتين باختلاف الاعتبارين ".
لكنه رجح قبل ذلك أن الواو لا تفيد إلا مجر الجمع، يقول رحمه الله تعالى:" وتقديم هارون على موسى هنا وتقديم موسى على هارون في قوله تعالى في سورة الأعراف ( 121 ، 122 ) : ( قالوا آمنا برب العالمين رب موسى وهارون ( لا دلالة فيه على تفضيل ولا غيره ، لأنّ الواو العاطفة لا تفيد أكثر من مطلق الجمع في الحكم المعطوف فيه ، فهم عرفوا الله بأنه ربّ هذين الرجلين ؛ فحكي كلامهم بما يدلّ على ذلك ؛ ألا ترى أنه حكي في سورة الأعراف ( 121 ) قول السحرة ) قالوا آمنا برب العالمين ، ولم يحك ذلك هنا ، لأن حكاية الأخبار لا تقتضي الإحاطة بجميع المحكي وإنما المقصود موضع العبرة في ذلك المقام بحسب الحاجة "-اهـ-.
التعديل الأخير: