وقفات مع كتاب (الأحاديث المشكلة الواردة في تفسير القرآن) للشيخ أحمد القصير

إنضم
4 أبريل 2003
المشاركات
172
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد

فقد أتحفنا فضيلة الدكتور/ أحمد بن عبد العزيز القصير بكتابه (الأحاديث المشكلة الواردة في تفسير القرآن الكريم)، وقد أحسن الشيخ في اختيار الموضوع ومنهج البحث، وجهده واضح في هذا العمل الذي يعد إضافة مهمة للمكتبة القرآنية والحديثية معا.
وقد اقتنيت الكتاب من المعرض وتصفحت المباحث الأولى منه، وبدت لي بعض الوقفات التي أردت أن أبثها في هذا الملتقى القرآني بين أفاضل المتخصصين فيه لا سيما ومنهم أخونا المؤلف وفقه الله وجزاه خيرا.

الوقفة الأولى: تعريف المشكل
ذكر الشيخ ص26 تعريف المشكل اصطلاحا، فقال: " هو كل نص شرعي استغلق وخفي معناه ، أو أوهم معارضة نص شرعي آخر، أو أوهم معاني مستحيلة شرعا أو عقلا، أو شرعا وعقلا". وكان ذكر قبله تعريفا مطولا ثم اختصره وخلص إلى المذكور.
وخطر في ذهني بعض الإيرادات حول هذا التعريف، لعل صدر الشيخ يتسع لها، ويفيدنا حولها من خلال معايشته لهذا الموضوع الذي يدور ويحور حول المشكل، وتحرير المصطلحات – كما لا يخفى - مهم جدا، فمن ذلك:
1. أقترح أن تبدل عبارة (أو أوهم معارضة نص شرعي آخر) بعبارة (أو أوهم معارضة دليل شرعي) لأن الدليل أعم من النص، فيدخل فيه الإجماع والقياس وقول الصحابي وغيرها، ويشمل الأدلة المتفق عليها والمختلف فيها.
2. التعميم في أول التعريف (هو كل نص شرعي ..) يشمل المقبول والمردود، فيدخل فيه الضعيف والموضوع لأنها نصوص منسوبة إلى الشارع، وبناء عليه ترد مئات الأحاديث المشكلة، وفي هذا الإطلاق نظر. فأقترح أن يقيد المشكل بالمقبول، أما المردود فلا يشكل ولا يشوش به على نصوص الشريعة لسقوطه، ونصب الإشكال بهذه الواهيات صرف للأوقات في غير ما يفيد، فلا داعي أن يثار الإشكال في نصوص الشريعة بناء على حديث ضعيف فضلا عن الموضوع.
3. قد يكون الإشكال بسبب تعارض النص مع قاعدة تاريخية أو لغوية، ولم يرد في التعريف ما يشير إلى ذلك، فلو أضيف إليه (أو أوهم تعارضه مع قاعدة ثابتة).
4. عبارة (أو أوهم معاني مستحيلة شرعا أو عقلا، أو شرعا وعقلا) يمكن اختصارها فيقال: شرعا وعقلا أو أحدهما.
5. كلمة (استغلق) في أول التعريف (استغلق وخفي معناه)؛ يمكن الاستغناء عنها لدلالة ما بعدها عليها، والمطلوب في الحدود أن تصاغ بأخصر ما يمكن.

الوقفة الثانية:
ذكر الشيخ ص44 أن الأحاديث المشكلة قسيمة للأحاديث المعلة ، وفرق بينهما أن الأول يتعلق بالمتون والثاني يتعلق بالأسانيد.
وهذا غريب، والتفريق المذكور غير صحيح، فإن إعلال الأحاديث له تعلق وثيق بالمتون، ومنهج المحدثين معروف في هذا ، وهناك أمثلة لكبار أئمة الحديث في إعلال أحاديث من جهة متونها.
وقصر نقد الحديث على جهة الأسانيد قول المستشرقين الذين أجلبوا به على المحدثين للنيل منهم، وكتبت ردود كثيرة في هذا منها رسالة الدكتوراه (اهتمام المحدثين بنقد الحديث سندا ومتنا ودحض مزاعم المستشرقين وأتباعهم) للدكتور/ محمد لقمان السلفي.
كما لم يظهر لي وجه جعل الأحاديث المشكلة قسيمة للأحاديث المعلة، فتأمل.

الوقفة الثالثة:
ذكر المؤلف ص48- 55 إحصائيات نفيسة في جداول مرتبة لأحاديث التفسير المشكلة في كتب أهل العلم باختلاف الفنون، وهذا العمل من مميزات البحث ودرره، لكن لم يذكر الباحث كيف وصل إلى ذلك، وما هي الآلية في جمع تلك الأحاديث؟ هل قام بجرد هذه الكتب كلها ؟ أم باستعراض الفهارس ؟ أم النظر في المظان ؟ أم بالبحث الإليكتروني؟.
وليته أيضا ذكر مواضع تلك الأحاديث المشكلة في تلك الكتب لتحصل الفائدة للقارئ وليس في ذلك إطالة، أما الاكتفاء بما ذكر فليس فيه كبير فائدة، فحينما يقرأ القارئ أن في كتاب التمهيد لابن عبد البر عشرة أحاديث مشكلة في التفسير، فما الفائدة إذا لم يطلع على أطرافها أو على الأقل مواضعها في الكتاب.

الوقفة الرابعة: الفهارس
على الرغم من أن البحث قرآني حديثي فقد خلا الكتاب من فهرس الآيات والأحاديث، وهذا غريب.
ولست أعني بفهرس الآيات: الآيات الواردة في البحث فهذا طويل قليل الفائدة، ولكن فهرس الآيات التي وقع عليها إشكال مرتبة على سور القرآن.
وهذان الفهرسان لن يطيلا من حجم الكتاب لأهميتهما، بل لو حصلت المشاحة فهما أولى من فهرس المراجع الذي أخذ أكثر من 45 صفحة.

الوقفة الخامسة: هاروت وماروت
تعد هذه القصة من المواضع المشكلة فعلا من جهة الرواية والدراية، وكنت راجعت قبل مدة بعض كتب التفسير والحديث في المسألة وانزاح بعض ذلك وبقيت بقية، فلما استعرضت فهرس هذا الكتاب وجدت المؤلف أفردها بمسألة ففرحت وبادرت بمراجعتها، ووجدت أننا اتفقنا في النتيجة في حل الإشكال في حديث ابن عمر.
لكن محل الإشكال الذي كان عندي في أثر علي رضي الله عنه قال: كانت الزهرة امرأة جميلة من أهل فارس، وإنها خاصمت إلى الملكين هاروت وماروت، فراوداها عن نفسها، فأبت عليهما؛ إلا أن يعلماها الكلام الذي إذا تكلم به يعرج به إلى السماء، فعلماها، فعرجت إلى السماء، فمسخت كوكبا. أخرجه الطبري وصححه الحاكم في (المستدرك) 2: 265 على شرط الشيخين.
وقال عنه الحافظ ابن حجر في (العجاب) 1: 322: "هذا سند صحيح، وحكمه أن يكون مرفوعاً؛ لأنه لا مجال للرأي فيه، وما كان علي رضي الله عنه يأخذ عن أهل الكتاب".
ووجدت المؤلف ذكر الأثر ونقل كلام ابن حجر بنصه من العجاب، لكن لم يذكر جوابا عنه يحل الإشكال.
وقد اجتهدت في تخريج هذا الإشكال، ولعلي أطرح الموضوع في مشاركة مفردة إن شاء الله.
أسأل الله أن يجزي الشيخ أحمد على هذا العمل العلمي المتميز، وأن يضاعف أجره ومثوبته، وأن ينفع به، وأن تكون هذه بداية خير وبركة.
والسلام عليكم ورحمة الله ،،
 
جزاك الله يا شيخ خالد وقد كنت أجهز ملفاً لعرض مميزات بحث الأخ الدكتور أحمد القصير وفقه الله ، وقد سبقتني بعرض هذه المشاركة بارك الله فيك ، والكتاب مفيد في بابه ، وخلوُّه من فهرس الأحاديث غريب جداً ولا أظنه يفوت على الدكتور أحمد وفقه الله فلعله سهو من الدار التي طبعت..
وقد اشتريت الكتاب أيضاً من المعرض وأعجبت كثيراً بموضوعه ، وهو يستحق العرض والإشادة به ، ولم يتسنَّ لي قراءته كاملاً حتى الآن ، وليتك تتكرم بذكر أبرز المميزات للكتاب أو نماذج من البحث.. والله الموفق..
 
[align=justify]عودا حميداً أخي أباعبدالعزيز؛ فحياك الله بين إخوانك في هذا الملتقى الذي كنتَ من أوائل المشاركين المتميزين فيه.

ولعلك تواصل هذه الوقفات والتنبيهات المفيدة، فنحن نتابع ونستفيد.

ثم أرجو منك أن تتحفنا ببعض المسائل المهمة التي توصلت إليها في رسالتك للدكتوره عن أحاديث التفسير.

وتقبل تحيتي[/align]
 
بارك الله فيك يا أبا عبدالعزيز ، وليتك تواصل هذه المدارسة حول الكتاب جزاك الله خيراً أنت والمؤلف أبا خالد .

وللفائدة :
من مميزات الباحثين المحققين العناية بالقراءات النقدية للكتب الصادرة حديثاً وطرح المقالات حولها تقويماً وإبرازاً للمحاسن والملحوظات ، لينتفع بها الجميع ، ونحن قصرنا في هذا الملتقى تقصيراً كبيراً في ذلك مع القدرة عليه ، ومعظم الباحثين في الملتقى لديهم القدرة على مثل هذه القراءات النقدية فلعلنا نلتفت لها بطريقة أو بأخرى فإنه من التقصير أن يخلو الملتقى من مثل هذه المقالات بشكل أسبوعي .
وقد كنت أخطط أول بداية عرضي للمؤلفات الصادرة حديثاً لمثل هذا ، ولكن تكاثرت الإصدارات وضاقت الأوقات ، (وَفي الصَدرِ حُزّازٌ مِنَ الوَجدِ حامِزُ) كما قال الشمَّاخ .
 
شكر الله هذه المدارسة النافعة ,ولو لم يأت من نشر الباحث لبحثه إلا مثل هذه الفوائد لكفى به دافعاً للباحثين في نشر مؤلفاتهم المركونة في الأدراج , وننتظر من الدكتور أحمد التعقيب لتكمل الفائدة .
 
أرحب بأخي العزيز فضيلة الشيخ خالد بن عبد العزيز الباتلي وأشكره على تفضله بقراءة الكتاب وثنائه عليه وعلى مؤلفه، وقد أشرتُ في مقدمة الكتاب أن كل عمل بشري لابد وأن يعتريه بعض الخلل والقصور، لذا فإني أجد نفسي سعيداً بهذه الملاحظات التي أبداها فضيلة الشيخ خالد، وإني ممتن له بما أبداه، وهي ملاحظات قيمة تستحق التأمل وسأجيب عنها لاحقاً إن شاء الله تعالى؛ نظراً لانشغالي الآن وكوني على جناح سفر قد يستغرق أياماً.
 
أشكر الإخوة على مشاركتهم ولطفهم، وأفيد أنني لم أقرأ الكتاب كاملا، وأرجو أن يتيسر لي ذلك، لكنها وقفات بعد النظر في المباحث الأولى والخاتمة والفهارس.
ولعلي أكمل ما لدي، وأفتح المجال للإخوة ليدلوا بدلوهم ، ثم ندع المجال لأخينا المؤلف ليتحفنا بما لديه.

الوقفة السادسة: ضابط الأحاديث المشكلة
قال الباحث وفقه الله ص12: "ضابط الأحاديث المشكلة في هذا البحث: ما نص عالم أو أكثر على وجود الإشكال أو نفيه مع مراعاة اصطلاح المحدثين دون الأصوليين في ضابط المشكل".
وأقول: ما الداعي إلى ذكر النفي، فإذا نفى عالم وجود الإشكال في حديث ما، وكان معناه المتبادر غير مشكل؛ فبناء عليه يدخل في الضابط المذكور ويكون حديثا مشكلا، وهذا ليس بجيد.
ثم قد نجد حديثا مشكلا مع آية، أو مع حديث آخر في آية قرآنية، ولم نقف على نص لأحد الأئمة في ذلك، فبناء على الضابط المذكور لا يدخل في الموضوع وهذا ليس بجيد أيضا، وأخشى أن يكون الباحث لحقه فوت معتبر في أحاديث الباب بسبب التزام هذا الضابط.
والأولى أن يجعل الضابط منوطا بضابط المشكل وهذا هو المتبادر عقلا، فالأحاديث المشكلة على اسمها ما تحقق فيها ضابط الإشكال.
 
نعم..

هذا ما زورته في نفسي أول ما طالعت الكتاب.

وهو : ما ضابط الأحاديث المشكلة الداخلة في البحث؟
وهل الأحاديث المذكورة في البحث هي وحدها المشكلة في التفسير؟!!
 
قلت في التعريف العام للمُشْكِل:
"هو: كلُّ نصٍ شرعي؛ استغلق وخفي معناه، أو أوهم مُعارضة نصٍ شرعي آخر؛ من آيةٍ قرآنية، أو سنةٍ ثابتة، أو أوهم معارضة مُعْتَبَرٍ مِنْ: إجماعٍ، أو قياسٍ، أو قاعدةٍ شرعيةٍ كليةٍ ثابتة، أو أصلٍ لغوي، أو حقيقةٍ علميةٍ، أو حِسٍ، أو معقولٍ".
وقلت إن هذا التعريف يشمل مشكلَ القرآن، ومشكلَ الحديث، في جميع الاصطلاحات.
ثم قلت بعد ذلك ويمكن اختصار التعريف فيقال:
" هو: كلُّ نصٍ شرعي؛ استغلق وخفي معناه، أو أوهم مُعارضة نصٍ شرعي آخر، أو أوهم معاني مستحيلة؛ شرعاً أو عقلاً، أو شرعاً وعقلاً ".

وما أورده أخي الشيخ خالد على التعريف الثاني جاء مفصلاً وخالياً من الإيرادات نسبياً في التعريف الأول، وحتى الإيرادات التي أوردها الشيخ خالد لا تخلو من اعتراض.

فقوله:
أقترح أن تبدل عبارة (أو أوهم معارضة نص شرعي آخر) بعبارة (أو أوهم معارضة دليل شرعي) لأن الدليل أعم من النص، فيدخل فيه الإجماع والقياس وقول الصحابي وغيرها، ويشمل الأدلة المتفق عليها والمختلف فيها.

أقول: هذا الاقتراح يرد عليه أن في آخر التعريف ما يكفي في الدلالة عليه، وهو قولي: (أو أوهم معاني مستحيلة؛ شرعاً أو عقلاً، أو شرعاً وعقلاً ) فإن هذا اللفظ يشمل الأدلة الشرعية كلها.

فإن قيل: فهلا اكتفيتم إذاً بالتعريف التالي:
هو: كلُّ نصٍ شرعي؛ أوهم معاني مستحيلة؛ شرعاً أو عقلاً، أو شرعاً وعقلاً.
فجوابه: أننا لو اكتفينا بذلك لصار التعريف مختصراً اختصاراً مخلاً لا يفي بالغرض ولا يؤدي المعنى المطلوب، وهكذا شأن الاختصارات المبالغ فيها فإنها غالباً لا تفي بالغرض المطلوب.

وأما التعميم الذي ذكرته في أول التعريف فإنه هو الأنسب ليشمل القرآن والسنة، لأننا لو قيدناه بالمقبول فإن هذا القيد وهذا الوصف لا يناسب نصوص القرآن الكريم، ولابد في التعريف من أن تأتي بلفظ مطلق ثم تشير في ثنايا التعريف ما يُفهم منه تقييد ذاك المطلق، وقد أشرت في التعريف لذلك بقولي: (أو أوهم مُعارضة نصٍ شرعي آخر؛ من آيةٍ قرآنية، أو سنةٍ ثابتة) ليدل على أن السنة غير الثابتة غير داخلة في التعريف.

وأما قولي في التعريف : (استغلق وخفي معناه) فليس هذا من تكرار الألفاظ المترادفة، إذ هناك فرق كبير بين الاستغلاق والخفاء.

وفي الجملة فإن التعريف الذي ارتضيه وأراه إن شاء الله جامعاً مانعاً هو التعريف الأول، وإن كان فيه بعض الطول، والله أعلم.
 
قلت في تعليقي على المراد بالأحاديث المشكلة الواردة في تفسير القرآن الكريم ص (44):
مما يحسن التنبيه لـه أن هناك قسيماً للأحاديث المشكلة في التفسير وهي: الأحاديث المُعلَّة، إلا أن ثمة فرق بين الاثنين؛ إذ الأول يتعلق بالمتون، والآخر يتعلق بالأسانيد، وربما تلاقى الاثنان، فقد يكون بعض الأحاديث مشكلاً في لفظه ومُعلاً في إسناده.

وقسيم الشيء ما يكون مقابلاً له ومندرجاً معه تحت شيء آخر.

وما ذكرته من فرق بين الأحاديث المشكلة والأحاديث المعلة إنما هو تصور ذهني توصلت إليه من خلال استقرائي لكتب العلل وكتب مشكل الحديث، فإن الغالب في ألفاظ المحدثين أن يُطلقوا الإشكال على المتن والعلة على الإسناد، وقد أشرت أنه ربما تلاقى الاثنان، فقد يكون بعض الأحاديث مشكلاً في لفظه ومُعلاً في إسناده.
لكن نادراً ما تقرأ إطلاق الإشكال على السند، وفي الجملة فإن هذا التفريق إنما هو باعتبار الغالب من استعمال المحدثين، والله أعلم.
 
ما ذكرته من إحصائيات في جداول مرتبة لأحاديث التفسير المشكلة في كتب أهل العلم باختلاف الفنون، هذه الإحصائيات حصلت عليها عبر نظام البطاقات حيث كنت أدون مراجع كل مسألة في بطاقة خاصة بعدها تشكل لدي عدد كبير من البطاقات ثم بعد ذلك عملت على فرز كتب كل بطاقة فتحصّل ما رأيت.

ووقوفي على مظان كل مسألة في كتاب ما لم يكن بالأمر الهين فقد أخذت مني جهداً ووقتاً ليس باليسير، وهذه الأحاديث المشكلة وقفت عليها بعد طول استقراء لأمهات كتب التفسير ومشكل الحديث وشروح الحديث، وهذا الاستقراء يشكل ثلثي المادة العلمية، وهو استقراء مأخوذ من فكرة القراءة السردية السريعة وهي تحتاج إلى رياضة ولا يناسب في كتب المطولات إلا مثل هذه الطريقة.
وأما بقية المادة العلمية فحصلت عليها من الموسوعات الإلكترونية.
ومواضع هذه الأحاديث المشكلة تجده في أصل كل مسألة حينما أحرر الإشكال فإني أحيل على الكتب التي ذَكَرَت الإشكال.
 
كنت وضعت في أصل الرسالة فهرساً للأحاديث المشكلة التي تم دراستها وفهارس أخرى لكن دار النشر أصرت علي بحذف هذه الفهارس حتى لا يكبر حجم الكتاب فطاوعتهم مكرهاً.
 
في قصة هاروت وماروت ذكرت أثر علي رضي الله عنه قال: «كانت الزهرة امرأة جميلة من أهل فارس، وأنها خاصمت الملكين هاروت وماروت، فراوداها عن نفسها، فأبت إلا أن يعلماها الكلام الذي إذا تُكلم به يُعرج به إلى السماء، فعلماها، فتكلمت به، فعرجت إلى السماء فمُسِخت كوكباً».
وهذا الأثر كما هو واضح موقوف على علي رضي الله عنه، وقول الحافظ ابن حجر « هذا سند صحيح، حكمه أن يكون مرفوعاً؛ لأنه لا مجال للرأي فيه، وما كان علي يأخذ عن أهل الكتاب».
أقول هذا القول من ابن حجر لا يُسلم له بل الأثر واضح فيه خرافات بني إسرائيل، وأن علي إنما أخذه عنهم، فلا وجه إذاً للاشتغال بحل إشكاله.
 
قلت في ضابط الأحاديث المشكلة التي تم دراستها في البحث: ما نص عالم أو أكثر على وجود الإشكال أو نفيه، مع مراعاة اصطلاح المحدِّثين دون الأصوليين في ضابط المشكل.
والداعي لذكر النفي هو مأخذ خفي قد لا يتفطن له البعض، ذلك أن كثيراً من العلماء يعبرون بالنفي بناء على أن الأصل هو عدم وجود إشكال في الحديث، وأن الإشكال إنما هو باعتبار نظر المجتهد، أو باعتبار وجود خطأ في نقل الحديث أو غيرهما، وهذا هو الحق، فإن الإشكال الظاهر من النص إنما هو متوهم وليس بحقيقة، وهذا هو السر بالتعبير بالنفي من قبل جماهير العلماء.

وأما اشتراطي أن ينص عالم أو أكثر على وجود الإشكال أو نفيه؛ فإن هذا من باب حفظ الحق لعلمائنا السابقين رحمهم الله، وفي الغالب فإنك لن تقف على حديث مشكل إلا ووجدت لهم كلاماً فيه وهم قدوتنا وبهم نستنير، والله المستعان.
 
المشايخ الفضلاء د. خالد الباتلي و د. أحمد القصير وفقهما الله : بارك الله فيكما على هذه المدارسة المفيدة النافعة للكتاب، وليتها تتواصل حول مسائل هذا الموضوع المهم .
 
مدارسة ممتعة...

وأمتع منها: الخلق الرفيع، والأسلوب الحكيم، الذي سلكه كلٌّ من صاحب الكتاب، والناقد.

أسأل الله للجميع التوفيق والسداد...

وياليت سلك أحد الإخوان مثل هذا في رسالة أو كتاب آخر يكون مؤلفه عضواً في الملتقى، حتى يتمّ النقاش حول موضوعاته!
 
الليلة رأيت الكتاب لأول مرة في المكتبة وأعجبت بموضوعه فاشتريته وتصفحته فوجدته قيماً - جزى الله مؤلفه خيرا - ولعل الشيخ أحمد يتحفنا بفهارس كتابه التي تم حذفها حتى تكون الاستفادة من كتابه تامة.
 
في قصة هاروت وماروت ذكرت أثر علي رضي الله عنه قال: «كانت الزهرة امرأة جميلة من أهل فارس، وأنها خاصمت الملكين هاروت وماروت، فراوداها عن نفسها، فأبت إلا أن يعلماها الكلام الذي إذا تُكلم به يُعرج به إلى السماء، فعلماها، فتكلمت به، فعرجت إلى السماء فمُسِخت كوكباً».
وهذا الأثر كما هو واضح موقوف على علي رضي الله عنه، وقول الحافظ ابن حجر « هذا سند صحيح، حكمه أن يكون مرفوعاً؛ لأنه لا مجال للرأي فيه، وما كان علي يأخذ عن أهل الكتاب».
أقول هذا القول من ابن حجر لا يُسلم له بل الأثر واضح فيه خرافات بني إسرائيل، وأن علي إنما أخذه عنهم، فلا وجه إذاً للاشتغال بحل إشكاله.
لا بد من حل الإشكال
فنحن مع هذا الأثر أمام أمور:
أحدها:أن الذي حكم على سند الحديث هو الحافظ بن حجر وهو من هو في الحديث وعلومه.
الثاني: أن السند ـ حسب بن حجر ـ سندُ صحيح إلى علي رضي الله عنه ، وقد قال بن كثير:
"قال ابن جرير: حدثني المثنى، حدثنا الحجاج حدثنا حماد، عن خالد الحذاء، عن عمير بن سعيد، قال: سمعت عليًا، رضي الله عنه، يقول: كانت الزُّهَرة امرأة جميلة من أهل فارس، وإنها خاصمت إلى الملكين هاروت وماروت، فراوداها عن نفسها، فأبت عليهما إلا أن يعلماها الكلام الذي إذا تكَلَّم المتكلم به يُعْرج به إلى السماء. فعلماها فتكلمت به فعرجت إلى السماء. فمسخت كوكبًا!
وهذا الإسناد جيد ورجاله ثقات، وهو غريب جداً."

الثالث: أن بن حجر مشى على قواعد المحدثين :
فالحديث صحيح السند
وأنه لا مجال للرأي فيه فهو في حكم المرفوع
أن عليا رضي الله عنه لم يعرف بالأخذ عن أهل الكتاب.

الرابع: أن الشيخ أحمد لا يسلم لابن حجر بكلامه دون أن يذكر الأسباب إلا قوله : الأثر واضح فيه خرافات بني إسرائيل. ولم يذكر الدليل.
الخامس: كيف يجوز على علي رضي الله عنه أن يأخذ خرافات بني إسرائيل ثم يفسر بها كتاب الله تعالى !؟
السادس: لماذا اكتفى بن كثير رحمه الله بقوله : وهو غريب جدا.
السابع: أن الشيخ خالد وعد بحل الإشكال ولكنا لم نر شيئا بعد ؟
الثامن: أدخلني الله وإياكم ووالدينا من أبواب الجنة الثمانية.
 
جزاكم الله خيرا
مدارسة نافعة ، ورائع جدا وجود المؤلف والمتعقب .
نفع الله بكم
 
عودة
أعلى