وقفات .. مع شبهات المستشرقين في التفسير بالرأي ( 1 )

إنضم
24/04/2003
المشاركات
1,398
مستوى التفاعل
5
النقاط
38
الإقامة
المدينة المنورة
( شبهات المستشرقين في التفسير بالرأي )

الحمد لله رب العالمين .. والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .. وبعد ..
فإن القرآن العظيم هو كتاب الله الخالد أنزله هدى للعالمين ، جنِّهم وإنسهم ، عربهم وعجمهم ، من أهل الكتاب ومن غيرهم كما قال جل وعلا : ( تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيراً ) [ الفرقان : 1 ] ولقد تعهد الله بحفظه وأخبر عن عظمته حيث قال : ( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ) [ الحجر : 9 ] وقال جل وعلا : ( لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد ) [ فصلت : 42 ] .
وسيبقى هذا الكتاب العظيم معجزة كبرى تحمل الآيات البينات الهادية إلى الطريق الحق ، إلا أن أعداء الإسلام من اليهود والنصارى وأتباعهم لا يزالون يسيرون على طريقة كفار قريش حيث قالوا : ( إنما يعلمه بشر ) [ النحل : 103 ] ( فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ) [ النمل:13 ] ( وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ) [ الأحقاف:7 ] ( فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ) [المدثر:24] .
وهم بذلك يحاولون النيل من مكانة هذا الكتاب الكريم .. قال المبشر جون تاكلي : ( يجب أن نستخدم القرآن وهو أمضى سلاح ضد الإسلام نفسه بأن نعلم المسلمين أن الصحيح في القرآن غير جديد وأن الجديد فيه غير صحيح )( ) أ . هـ .
وفي سنة 1973م ألقى البابا شنودة خطاباً في الكنيسة المرقصية الكبرى بالإسكندرية جاء فيه : ( فإن الهدف هو زعزعة الدين في نفوسهم ومن ثم يجب عمل كل الطرق واستغلال كل إمكانات الكنيسة للتشكيك في القرآن وإثبات بطلانه ... )( ) .
ولا شك أن من طرقهم في ذلك بث الشبهات في تفسير كلام الله تعالى والتنقص من التفاسير الصحيحة ورجالها والثناء على التفاسير المنحرفة كما سيأتي .
وفي هذا البحث المختصر حاولت التعرف على بعض الشبهات التي أثارها المستشرقون في التفسير بالرأي وذلك بقراءة ما كتبه المستشرق جولد زيهر في كتابه مذاهب التفسير الإسلامي في فصل عن التفسير بالمأثور وآخر عن التفسير بالرأي حيث لم أجد من خصص هذا النوع من التفسير بذكر الشبهات التي أثيرت حوله إلا ما جاء في رسالة الدكتور عمر رضوان ـ حفظه الله ـ والتي اعتمد فيها على هذا الكتاب في استخراج شبههم في التفسير بالرأي ، لذا فسوف أذكر ملخص الشبهة ومن ثم محل فهمها من كلام هذا المستشرق ثم الأدلة التي يستدل بها إن وجدت والجواب عليها .

وسوف أقتصر على شبهتين رأيت أنها من أبرز ما ذكره المستشرق جولد زيهر :


 الشبهة الأولى :
تحريم التفسير بالرأي ـ مع عدم التفريق بين المحمود والمذموم ـ ونقل ذلك عن السلف رحمهم الله وأنهم حذروا منه وأن المرجع الوحيد في التفسير عندهم هو المأثور والذي يسميه ( العلم ) .

تنبيه : الذي يظهر لي أنه أراد من بيان تحذير السلف من التفسير بالرأي فقدان الثقة به ، وأن السلف قد حاربوه ، وعزز ذلك أنه وصف المعتزلة بالمدرسة العقلية وأنهم بعملهم هذا كانوا حرباً على التفسير بالمأثور كما سيأتي ، فإذا فُقِدت الثقة بالتفسير بالرأي كله والذي يشمل المحمود أوقَفَنَا بعد ذلك على عدم الثقة بالتفسير بالمأثور لاضطرابه ـ على حد زعمه ـ وعدم وجود تفسير بالمأثور موحد للقرآن وبذلك يكون قد أتى على نوعي التفسير الثابت عن السلف.
توضيح الشبهة من كلامه :
• أما بالنسبة لتحذير السلف فإنه يقول : ( إذا نظرنا إلى أدب التفسير الذي بلغ نموَّه ثروة عظيمة الخصب ، عسر علينا بادئ ذي بدء أن نفهم أننا نقف تجاه نوع من الأدب لم تلق أوائلُه في الدوائر الدينية من صدر الإسلام عدمَ التشجيع فحسب ، بل وضع الممثلون الأتقياءُ للمصالح الدينية ( ) أمام هذه الأوائل علامات الإنذار والتحذير . حتى عهد متقدم من القرن الثاني للهجرة نجد شواهد على أن الاشتغال بالتفسير كان منظوراً إليه بعين الارتياب وأن الوعي الجاد كان يتراجع دون مزاولة ذلك في مهابة ونفور )( ).
• وأما في كون المصدر الوحيد في التفسير هو التفسير المنقول المأثور فإنه يقول :( فإن القرآن لا يجوز تفسيره بالرأي ـ أي التفكير الذاتي( ) ـ ولا بالهوى ـ أي الميل الاختياري ـ وإنما الطريقة الصائبة الفذة في تفسير الكتاب الحكيم هي التفسير بعلم( )). ثم يفسر معنى العلم المراد في هذه الطريقة فيقول : ( ولكن تحت لفظ " علم " لا يفهم عالمُ الدين الإسلامي( ) أصلاً نتاج التفكير الخاص( ) ، ولا حتى الخبر المتُلَقَّى من مصدر غير مختص ، وإنما يفهم التعاليم المسندة إلى مصادر العلم المعتد بها وحدها ـ أي : المسندة بالرواية إلى الرسول نفسه أو إلى صحابته ـ فمن يستطيعُ أن يسند قوله إلى هذه المصادر فهو وحده الذي عنده العلم وكل ما عدا ذلك فهو رأي أو هوى أو حدس وتخمين ولاحق له أن يسمى علماً ... وإذاً فالذي يعد في نطاق علوم الدين في الإسلام علماً حقيقياً هو ما يرجع إلى أقدم الثقات الذين هم أهل للعلم عن طريق سند الرواية الشفوية الصحيح فحسب )( ). ويؤكد أن التفسير المشهور بصوابه أي المؤسس على العلم هو ما يمكن إثباته عن النبي صلى الله عليه وسلم أو عن صحابته( ).
• ثم إنه يبين عدم الحاجة إلى التفسير بالرأي مع وجود المأثور فيقول : ( ولا يكاد يُحصى عدد الصحابة الذين يرجع إلى روايتهم " العلم " بتفسير مواضع القرآن وإذاً فلا يكاد الباحث الورع في القرآن يحس مرة بالحاجة إلى تدريب فكره الخاص في سبيل المخاطرة بالتفسير بالرأي ، فإنه إذا اجتهد في تحصيل المأثور سيجد عن طرق الروايات التي قبلها النقد الإسلامي على أنها جديرة بالتصديق تفسيراً منقولاً ينتهي إلى زمن الصحابة )( ).
• ولا يُظن أنه أراد بكلامه السابق الحث على الاعتناء بالتفسير بالمأثور ـ الذي هو أعلى نوعي التفسير ـ بل مراده فيما يظهر نزع الثقة من هذا النوع ـ التفسير بالرأي ـ وبيان عدم عناية السلف به ومن ثم هو سيطعن في التفسير بالمأثور مما يفقدنا النوع الثاني من أنواع التفسير حيث يقول : ( على أن المجموعة الكبيرة من المادة المأثورة تسهل مهمة اتخاذ موقف ناقد منها ، ولا نستطيع ـ على الرغم من كثرة الزيف القليل الفائدة ـ أن نقدر حق القدر ذلك النشاط الذي حفظ به الرواة المعلومات الهائلة الفياضة بالأقوال المتعارضة دون مبالاة ولا اكتراث )( ).
ثم يخرج بنتيجة فيقول : ( من الظواهر التي لاحظناها حتى الآن : يمكن استخلاص أنه لا يوجد تفسير مأثور موحد للقرآن )( ).
وبعد ذلك كله يلمح إلى أن هذا هو المأثور الذي يعول عليه السلف حيث يقول : ( وعلى هذا يمكن عد وجوه من التفسير مختلفة بعضها مع بعض ومتعارضة بعضها مع بعض تفسيراً بالعلم ، مع التسوية بينها جميعاً في ذلك الحق( ) )( ).
الجواب على هذه الشبهة( ) :
= أولاً : تحريم التفسير بالرأي :
ذكر عدداً من الأدلة وملخصها :
1- قوله تعالى : ( وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره ) [ الأنعام : 68 ] .
2- نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن التفسير بالرأي : كقوله صلى الله عليه وسلم : " من قال في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ "( ) ، وكالحديث الذي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه يخشى على أمته من ثلاث وذكر منهم : " رجال يتأولون القرآن على غير تأويله"( ).
3- نهي الصحابة رضي الله عنهم وامتناعهم من تفسير القرآن بمجرد الرأي :
كما ورد عن أبي بكر رضي الله عنه قوله : " أي أرض تقلني وأي سماء تظلني إذا قلت في كتاب الله ما لم أعلم "( ) . وكوقوف عمر رضي الله عن تفسير الأب في قوله تعالى : ( وفاكهة وأبّاً ) حيث قال : " عرفنا الفاكهة فما الأب ؟ فقال : لعمرك يا ابن الخطاب إن هذا لهو التكلف "( ).
4- تحذير السلف من التفسير بالرأي : كقول سعيد بن جبير ـ رحمه الله ـ (ت:95هـ) قال لرجل طلب إليه تفسير بعض آيات القرآن فقال : " لأن تقع جوانبي خير لك من ذلك".

الجواب عن هذه الأدلة : يمكن الجواب عن هذه الأدلة التي ذكرها جولد زيهر بجواب عام وهو : أن العلماء قد قسموا التفسير بالرأي إلى قسمين :
أ ـ تفسير بالرأي المذموم : وهو تفسير القرآن تفسيراً غير جارٍ على قوانين العربية ولا موافقاً للأدلة الشرعية( )، وهو التفسير بمجرد الهوى وبلا استكمال لأدوات التفسير وشروطه . وجميع ما ورد من الأحاديث والآثار التي فيها النهي عن التفسير بالرأي إنما قصد بها هذا النوع من التفسير . وإنما قلنا بحملها على هذا النوع من الرأي لوجود أدلة أخرى تدل على جواز التفسير بالرأي المحمود وعلى وقوعه عند السلف رحمهم الله تعالى وعلى رأسهم الصحابة الكرام كما سيأتي .
ب ـ تفسير بالرأي المحمود : وهو تفسير القرآن بموافقة كلام العرب مع موافقة الكتاب والسنة ومراعاة شروط التفسير( ). وهذا النوع من التفسير لا يمكن إنكاره عن السلف بل إن السلف رحمهم الله تعالى قد وضحوا معاني كلام الله تعالى بأقوال لم يسندوها إلى من سبقهم وإنما فهموها من كلام الله تعالى ومما يدل على ذلك اختلافهم رحمهم الله تعالى في تفسير كثير من الآيات .
وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ( فهذه الآثار الصحيحة وما شاكلها عن أئمة السلف محمولة على تحرجهم عن الكلام في التفسير بما لا علم لهم به ، فأما من تكلم بما يعلم من ذلك لغة وشرعاً فلا حرج عليه ، ولهذا روي عن هؤلاء وغيرهم أقوال في التفسير و لا منافاة لأنهم تكلموا فيما علموه وسكتوا عما جهلوه ، وهذا هو الواجب على كل أحد ، فإنه كما يجب السكوت عما لا علم له به فكذلك يجب القول فيما سئل عنه مما يعلمه لقوله تعالى : ( لتبيينه للناس ولا تكتمونه ) [ آل عمران : 187 ] .ولما جاء في الحديث المروي من طرق : " من سئل عن علم فكتمه ألجم يوم القيامة بلجام من نار "( ) )( ) أ.هـ.
ومما يدل على جواز هذا النوع من التفسير :
أ ـ الأدلة الكثيرة الواردة في كتاب الله تعالى والتي تحث على الاعتبار والاتعاظ بالقرآن الكريم : من مثل قوله تعالى : ( أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها ) [ محمد : 24 ] وقوله : ( كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب ) [ ص : 29 ] وقوله : ( ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ) [ النساء : 83 ] . وقد دلت الآية الأخيرة على أن في القرآن ما يستنبطه أولوا الألباب باجتهادهم .
ب ـ اختلاف الصحابة رضي الله عنهم في تفسير القرآن على وجوه ومعلوم أنهم لم يسمعوا كل ما قالوه من النبي صلى الله عليه وسلم .
ج ـ دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس رضي الله عنهما بقوله : ( اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل ) فلو كان التفسير مقصوراً على السماع ، لما كان هناك فائدة من تخصيصه رضي الله عنه بهذا الدعاء( ).
د ـ أن من نُقل عنهم التحرج من التفسير فقد نقل عنهم تفسير آيات من كتاب الله تعالى برأيهم ـ المحمود ـ فقد جاء عن أبي بكر رضي الله عنه أنه فسر " الكلالة " برأيه ووافقه عليها عمر رضي الله عنه حيث قال : " أقول فيها برأيي فإن كان صواباً فمن الله وإن كان غير ذلك فمني ومن الشيطان ... )( ) فيحمل توقفهم في بعض الآيات على أنه من باب الورع أو لوجود من يكفي في الجواب عنهم أو لعدم اتضاح المعنى لديهم .

= ثانياً : تفسيره للعلم بأنه ما كان منقولاً فقط عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وأن الذي يعد في نطاق علوم الدين في الإسلام علماً حقيقياً هو ما يرجع إلى أقدم الثقات :
لم يذكر لهذا الكلام مستنداً غير ما ذكر من تحذير السلف من الخوض في التفسير كما سبق بيانه والجواب على هذا الزعم :
هو أن السلف رحمهم الله تعالى كانوا يعدون من العلم المقبول في تفسير كلام الله تعالى ما كان عن طريق الاجتهاد بآلته الصحيحة حتى ولو لم يكن منقولاً عن النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام رضي الله عنهم أجمعين . ودليل ذلك ما يلي :
1- عن أبي جحيفة رضي الله عنه أنه قال : " قلت لعلي بن أبي طالب : هل عندكم شيء من الوحي إلا ما في كتاب الله ؟ قال : لا والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ما أعلمه إلا فهماً يعطيه الله رجلاً في القرآن ... "( ) الأثر .
2- أن من المعلوم أن القرآن الكريم قد تضمن كليات الشريعة وقد استدل به السلف على مسائل لم تكن موجودة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته رضي الله عنهم ولا يمكن أن يكون هذا الاستدلال إلا بطريق الاجتهاد والأمثلة في ذلك كثيرة مما يدل على عدم توقفهم على المأثور فقط( ) .
3- أن عدداً من السلف رحمهم الله كان يرد تفسير معاني القرآن إلى اللغة العربية ويستشهد على ذلك منها وهذا ليس من التفسير بالمأثور . قال ابن الأنباري : "وجاء عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وتابعيهم رضوان الله عليهم من الاحتجاج على غريب القرآن ومشكله باللغة والشعر ما بين صحة مذهب النحويين في ذلك وأوضح فساد مذهب من أنكر ذلك عليهم .من ذلك ... أن ابن عباس قال : إذا سألتموني عن غريب القرآن فالتمسوه في الشعر فإن الشعر ديوان العرب"( ) .
قال القرطبي رحمه الله : " وقال بعض العلماء إن التفسير موقوف على السماع ، لقوله تعالى : ( فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول ) [ النساء : 59 ] . وهذا فاسد ، لأن النهي عن تفسير القرآن لا يخلو : إما أن يكون المراد به الاقتصار على النقل والمسموع وترك الاستنباط ، أو المراد به أمراً آخر . وباطل أن يكون المراد به ألا يتكلم أحد في القرآن إلا بما سمعه ، فإن الصحابة رضي الله عنهم قد قرؤوا القرآن واختلفوا في تفسيره على وجوه ، وليس كل ما قالوه سمعوه من النبي صلى الله عليه وسلم ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم دعا لابن عباس وقال : ( اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل ) فإن كان التأويل مسموعاً كالتنزيل فما فائدة تخصيصه بذلك ؟! وهذا بيّن لا إشكال فيه "( ) .


= ثالثاً : ما ذكره من أن أوائل من تكلموا في التفسير لم يلقوا عدم التشجيع فحسب وإنما وضعت أمامهم علامات التحذير وأنه كان يُنظر للمشتغل بالتفسير بعين الارتياب وأن الوعي الجاد كان يتراجع دون مزاولة ذلك في مهابة ونفور .
فالجواب على ذلك إضافة لما سبق من أن التحذير والنهي كان من التفسير بالرأي المذموم فإننا نجد من أقوال السلف رحمهم الله ما يدل على التشجيع والحث على تفسير كتاب الله تعالى :
من ذلك ما رواه ابن جرير عن سعيد بن جبير رحمه الله قال : " من قرأ القرآن ثم لم يفسره كان كالأعمى أو كالأعرابي"( ) .
وما جاء عن ابن أبي مليكة قال : رأيت مجاهداً يسأل ابن عباس عن تفسير القرآن ومعه ألواحه فيقول له ابن عباس : " اكتب " قال : حتى سأله عن التفسير كله( ) .
وقد ورد الثناء ممَنْ أسماهم " الممثلون الأتقياءُ للمصالح الدينية " ولعله يقصد الخلفاء كأبي بكر وعمر وعلي رضي الله عنهم ورد عنهم الثناء والتشجيع لمن فسر القرآن :
قال علي رضي الله عنه : "ابن عباس كأنما ينظر إلى الغيب من ستر رقيق"( ). قال القرطبي : وكان علي رضي الله عنه يثني على تفسير ابن عباس ويحض على الأخذ عنه( ).
وجاء أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه ذكر جابر بن عبد الله ووصفه بالعلم فقال له رجل : جُعلت فداءك تصف جابراً بالعلم وأنت من أنت ؟! فقال : " إنه كان يعرف تفسير قوله تعالى : " إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد " [ القصص : 85 ].( ).
وقال عبد الله بن مسعود وهو من كبار الصحابة رضي الله عنهم : ( نعم ترجمان القرآن عبد الله بن عباس "( ) . وقال الحسن رحمه الله : " والله ما أنزل الله آية إلا أحب أن يعلم فيما أنزلت وما يعني بها( ). فهذه الآثار وغيرها تدل على عدم صحة ما أراد تصويره من أن السلف كانوا يضعون أمام أوائل المفسرين علامات التحذير والمنع من الخوض في التفسير بل فيها الحث والمدح والثناء مما لا يخفى أنه دافع لفهم واستشراح كتاب الله تعالى من غير تقييد منهم بالأثر .
 
جزاكم الله خيرا على هذا الطرح

ننتظر الجزء المتبقي من البحث

والتعرض للشبهة الثانية
 
لقد انتفعنا بما كتبت يا شيخ فهد , وننتظر بقية البحث لأهميته ,شكر الله لك .
 
بارك الله فيكم على هذا البيان المهم والله كم نحن بحاجة لكشف مثل هذه الشبهات والأباطيل والرد عليها..وفقكم الله ونفع بكم الإسلام والمسلمين....
والله أسأل أن يحفظ ديننا وأمننا ... اللهم آميــــن...
 
عودة
أعلى