وقفات مع الإسرائيليات في كتب التفسير

إنضم
15/04/2003
المشاركات
1,144
مستوى التفاعل
4
النقاط
38
الموقع الالكتروني
www.tafsir.net
بسم الله الرحمن الرحيم


هذه وقفات مع الإسرائيليات في التفسير , كتبتها على هيئة نقاط , وهي أشبه ما تكون بإجابة على سؤال , حتى يسمح الوقت بإضافة الشواهد والاستدلالات مستوفاةً في بحث كامل – إن شاء الله - ؛ بعد إضافة تعديلاتكم وإضافاتكم وفوائدكم بارك الله فيكم :

مقدمات :
1- ( حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج ) رواه البخاري .
2- ( إذا حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم ) رواه البخاري .
3- أجمع العلماء على أن ما جاءنا عن بني إسرائيل على ثلاثة أقسام :
- ما يوافق شرعنا , فهو مقبول .
- ما يخالف شرعنا , فهو مردود .
- ما لم يوافق شرعنا ولم يخالفه , وهو المسكوت عنه , فهذا يُروى ولا يُطوى , على سبيل الاستشهاد لا الاعتقاد , ولا نصدقهم فيه ولا نكذبهم ؛ كما أمر به الحديث .

الوقفة الأولى :
الإسرائيليات هي كل ما رُوي عن بني إسرائيل من كتبهم أو عن علمائهم .
وهي نسبة إلى " إسرائيل " وهي في العبرية: عبد الله , أو صفوة الله .. , وهو نبي الله يعقوب عليه السلام { كل الطعام كان حلاًّ لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه .. الآية } .
وكل ما كان عن بني إسرائيل – سواءً من كتبهم أو علمائهم , داخل في مسمى الإسرائيليات ( حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج ) البخاري .

الوقفة الثانية :
قد يُراد بالإسرائيليات أعم ممّا يُذكر عن اليهود , كأخبار النصارى , أو ما يورد عمّن يطعنون في الإسلام , أو ما يكون من قبيل الموضوعات في التفسير , كقصة زينب بنت جحش رضي الله عنها عند قوله تعالى { وإذ تقول للذي أنعم الله عليه .. الآية }[الأحزاب37] , أو قصة الغرانيق , وغيرها .
ولمّا كان الأصل في ذلك اليهود – بني إسرائيل – وأكثره عنهم , ولهم يدٌ فيما عدا ذلك عُمِّمَ مصطلح " الإسرائيليات " على : كلِّ دخيلٍ في التفسير , وهذا التعميم أَثَّر على الحكم على الإسرائيليات بالمعنى الخاص - كما سيأتي -.

الوقفة الثالثة :
هل هناك فائدة في التفريق بين الإسرائيليات التي مصدرها أخبار بني إسرائيل , وبين ما سُمّيَ بذلك مما ليس عنهم ؟
التفريق بين الإسرائيليات التي مصدرها أخبار بني إسرائيل , وبين ما سُمّيَ بذلك مما ليس عنهم يفيد كثيراً في الحكم على الخبر ؛ فالدخيل في التفسير مما ليس عن بني إسرائيل مردود في الجملة – كقصة الغرانيق مثلاً - , وأما ما ورد عن بني إسرائيل فيدخل في النصوص الشرعية الواردة كـ ( حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج ) وغيره .

الوقفة الرابعة :
تعامل الصحابة رضي الله عنهم مع الإسرائيليات في حدود الإذن الشرعي , وفي إطار ( الاستشهاد لا الاعتقاد ) , وهم عند نقلهم لها في الغالب يسألون ويتحرون عمّا في التوراة يقيناً , لا مجرد ما يتناقله أهل الكتاب , فعند سؤالهم لكعب الأحبار مثلاً تجدهم يقولون: هل تجد في التوراة ؟ , أو يقول: قرأت في التوراة .. . ثم قد يكون الجواب محل نقاش أيضاً .
وهذا نوعٌ عالٍ من التوثق في نقل الإسرائيليات , يفيدهم عند وضعها في موضعها من التفسير .

وينبغي عند حديثنا عن الإسرائيليات أن نجعل فعل الصحابة رضي الله عنهم , وموقفهم من رواية الإسرائيليات نصب أعيننا , ولا تجرنا العاطفة وموقف العِدَاء الشرعي من اليهود , إلى تجاوز النص الشرعي , وتعامل الصحابة معه .

وهاهنا مُسَلَّمةٌ لا شك فيها وهي :
(( أن ما صح عن الصحابة من الإسرائيليات هو مما يوافق شرعنا , أو من المسكوت عنه , مما لا يوافق أو يخالف شرعنا ))
وكلاهما مقبول , بل إن رواية الصحابي لخبر بني إسرائيل المسكوت عنه يكاد يوصله إلى ما يوافق شرعنا .
فلا وجه أبداً للتحرج من حكاية ما في كتب التفسير مما صح عن أحد الصحابة من أخبار بني إسرائيل .

ولا ينقضي عجبي وألمي ممن يحاول تجريد كتب التفسير من هذه الروايات الإسرائيلية , بزعم أنها غير مفيدة في التفسير , أو إنها من دسائس أعداء الإسلام التي انطلت على المسلمين !! .
وهل تأمل هذا القائل كيف انطلت هذه الدسائس على الصحابة والتابعين وأئمة المفسرين الذين هم علماء الأمة ونبهائها , ثم فتح الله عليه فاكتشفها هو في هذا العصر العظيم !! .
وقد بدت بوادر هذا المسلك في عدد كبير من الرسائل العلمية في الأزهر سجلت بعنوان " الدخيل في التفسير " , لمهمة التجريد السابقة الذكر , وبدون استثناء في مادة الإسرائيليات , سواءً عن الصحابة أو غيرهم , وقد تناولت هذه الرسائل كتب التفسير من لَدُن ابن جرير , في أكثر من ثلاثين رسالة علمية , وهناك محولات لتسجيل رسائل علمية في بعض جامعات المملكة في نفس الموضوع , وقد وقفت على بعض الرسائل بهذا العنوان , والله المستعان .
والحقيقة أن طريقة إخراج الإسرائيليات من كتب التفسير بعيدة عن مناهج المفسرين , وهي كذلك متناقضة وغير عملية أو منهجية , وكثير ممن نصوا في تفاسيرهم على تجنب الإسرائيليات وعدم روايتها ؛ أورَدُوا في أثناء تفاسيرهم عدداً منها فمستقل ومستكثر – كتفسير المنار على سبيل المثال – .

الوقفة الخامسة :
ما الفائدة من الإسرائيليات في التفسير , وما الحاجة إليها , خاصة وأن بيان كلام الله تعالى لا يفتقر إلاّ إلى معرفة بالشرع وبلسان العرب ؟
هناك من يقول أن الإسرائيليات غير مفيدة في التفسير ولا حاجة إليها فيه , لكن صنيع المفسرين من لَدُن الصحابة إلى التابعين وتابعيهم إلى ابن جرير وكل من بعده من المفسرين ؛ ذِكرُ الإسرائيليات في تفاسيرهم , وهذه قضية منهجية عند المفسرين , والذي يسأل عن فائدة الإسرائيليات في التفسير ؛ يبدأُ بسؤال ابن عباس وأبا هريرة وابن مسعود وعائشة وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم ؛ لأنهم أول من روى الإسرائيليات في التفسير .

وأستطيع القول هنا أن :
(( التفسير لا يحتاج إلى الإسرائيليات ولكنه يستفيد منها ))

فالشيخ السعدي – رحمه الله - مثلاً , اعتمد في تفسيره لسورة يوسف على دقائق اللغة وسياق الكلام والموضوع العام , وغير ذلك , وترك ذكر أي شيء من الإسرائيليات فيها , فنطقت له الآيات بفوائد عجيبة ومعاني دقيقة , فهو هنا لم يحتج إلى الإسرائيليات , ولكننا - ولاشك - سنستفيد مما صح منها عن الصحابة مثلاً , في تأكيد هذه المعاني الصحيحة وتثبيتها .

الوقفة السادسة :
كان اليهود يعيشون مع الصحابة في المدينة , وكان أهل الذمة بعد ذلك في مجتمعات المسلمين آمنين , ومعهم في شوارعهم وبين بيوتهم وحول مساجدهم , ويحسن بنا أن نلحظ البُعدَ الدعوي في الإذن النبوي بالحديث عن بني إسرائيل ما كان حقاً من أخبارهم , أو ما لم يعارض شرعنا , وهذا العدل والإنصاف في العلم والدعوة باب عظيم من أبواب الترغيب في الإسلام , وتحبيب أهل الذمة في هذا الحق الذي يتمم ما عندهم من الحق , ولا يرد الحق ممن جاء به .
كما أنه كان من ثمرة ذلك الاحتكاك مع أهل الذمة التعرف على كتبهم وأخبارهم عن كثب , وتنقية ورد ما ينتشر منها بين العامة مما يعارض الشريعة , أو رواية ما يصلح منها , خاصة مما له علاقة بكتاب الله تعالى .

الوقفة السابعة :
كثير منّا ينفر من الإسرائيليات إذا مَرَّت معه في كتب التفسير لأنها إسرائيليات , لا لِأنها خالفت نصوصاً شرعية , أو مسلمات عقدية , وهذا خطأ منهجي , ناتج عن التصور القاصر للإسرائيليات في كتب التفسير .

الوقفة الثامنة :
بعض المفسرين ينقلون في تفاسيرهم من التوراة مباشرة , كالفخر الرازي , وابن كثير , وابن عاشور , وغيرهم , بل نقل ابن عاشور في تفسيره لآية (20) من سورة المؤمنون عن التوراة , وعن أساطير اليونان وإلياذتهم لهوميروس !! .

الوقفة التاسعة :
الأسانيد تفيد في ثبوت نسبة الخبر إلى قائله , فما فائدة ذكر أسانيد الإسرائيليات مادام متنها عن بني إسرائيل , وهم أهل الكذب والتحريف ؟
من فوائد إسناد الإسرائيليات معرفة ثبوتها عمّن حكاها , ومعرفة من رواها كذلك , فهي عن الصحابة ليست كروايتها عمّن دونهم .. وهكذا , كما أن في الإسناد للخبر خروج من عهدته , وتحميل للقارئ أن ينظر فيه ويحكم بنفسه , وكما قيل أن حال المسند كحال الشرطي الذي يجمع كل ما له علاقة بالجريمة وكل ما يمكن أن يكون تهمة للجاني ؛ ويضعه بين يدي القاضي ليختار منها ما شاء ويدع منها ما لا يصلح لعدم كفاية الأدلة .

الوقفة العاشرة :
الكتب المؤلفة في الإسرائيليات في التفسير عديدة , من أولها وأشهرها كتاب :
" الإسرائيليات في التفسير والحديث " لـ د/ محمد حسين الذهبي – رحمه الله - , وكتاب : الإسرائيليات والموضوعات في كتب التفسير , لـ د/ محمد بن محمد أبو شهبة – رحمه الله - , وكتاب : الإسرائيليات وأثرها في كتب التفسير , لـ د/ رمزي نعناعة <أردني> . وغيرها .
ويغلب في تناولها العاطفة , وعدم التمييز في الأحكام .
أما كتاب الذهبي فكَتَبَه بطلب من مجمع البحوث في الأزهر , وأخذه نعناعة قبل أن يُطبع , وضمنه كاملاً في كتابه الذي هو رسالته للدكتوراه , وناقشها أبو شهبة , والذهبي حاضراً , وواجهوه بأخذه لكتاب شيخه الذهبي كاملاً دون أي إشارة إليه , وطالت واشتدت المناقشة , وأثرت على درجته فيها . – حدثني بهذا أحد الأساتذة الجامعيين الذين حضروا هذه المناقشة - .

وبعد :
فهذه عشر وقفات , تشبه أن تكون فوائد متناثرة , قصدت فيها إلى ذكر بعض المسائل المتخصصة , دون عامة المسائل في الإسرائيليات , مما هو معلوم لدى العموم .
وأرجوا أن نجد في ما يأتي من تعليقات ما يُثري الموضوع أكثر , على أن تكون في هذا الإطار , وسنواصل التعليقات إن شاء الله تعالى حتى يكتمل الموضوع , ويكون جديراً بهذا المُلتقى المبارك .
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
 
أخي الحبيب أبا بيان وفقه الله ورعاه
أشكرك على هذه الوقفات المتميزة ، التي أتت على مسائل في غاية الأهمية . وأود أن أشير إلى أمور :

الأول : سبقت مشاركة حول الإسرائليات ورواية عبدالله بن عباس رضي الله عنهما لها للأخ الكريم أحمد القصير ، وسبقه إلى ذلك الأخ أحمد البريدي في نفس الأمر تجدها على هذا الرابط .
وأرجو منكم التكرم بمناقشتها على ضوء ما تذكره من نقاط حول الإسرائليات وفقك الله. وقد هممت بكتابة ما أراه حول تلك المسألة وملخص الرأي عندي في نقطتين :
1- أن العبرة في النقل عن الصحابة صحة السند ، فإذا صح السند عن ابن عباس فحسبك بذاك. فإن كان الأمر لا مدخل للرأي فيه ، فله حكم الرفع كما يقول العلماء ، واشتراط بأن يكون الراوي من غير المكثرين من الأخذ عن بني إسرائيل شرط غريب. فهل الثقة بالصحابي والعدالة تنخرم هنا؟ بحيث نقول ربما تكون هذه الرواية عن بني إسرائيل وليست عن الرسول صلى الله عليه وسلم؟ أليس هذا قدحاً في الصحابي الراوي ؟
وقد أشار أخي الشيخ خالد الباتلي إلى هذا الأمر وذكر أن أول من اشترط هذا الشرط كما يرى هو الحافظ العراقي . وتابعه ابن حجر ، وخالفهما في ذلك السخاوي رحمهم الله جميعاً ، وكلامه مبسوط في محله. فما رأيك في هذه النقطة؟

2- هل ثبت عن عبدالله بن عباس أنه من المكثرين من رواية الإسرائليات ؟ فهو لم يرو في تفسير الطبري سوى ستة عشر رواية حسب إحصاء الدكتور آمال محمد عبدالرحمن في كتابها عن الإسرائليات عند الطبري وسيأتي الإشارة إليه. فهل هذا العدد يعتبر كثيراً ؟

الثاني : أن هناك كتاب جديد صدر بعنوان (الإسرائليات في تفسير الطبري - دراسة في اللغة والمصادر العبرية) للدكتورة آمال محمد عبدالرحمن ربيع. طبع عام 1422هـ . وقد تناولت فيه الموضوع بطريقة لم تسبق إليها. فيا حبذا لو عرضت لهذا الكتاب ، ورأيك في منهجيته.
الثالث : أنني قد اطلعت على كتاب رمزي نعناعة ، وهو عندي أجود من كتاب شيخه الذهبي . وأنت أدرى بذلك وفقك الله ، فما رأيك ؟
أرجو منك المواصلة في هذا الطرح المتميز ، وأسأل الله العون والتوفيق والسداد.
 
الإسرائيليات: هي الأخبار المنقولة عن أهل الكتاب من غير طريق القرآن والسنة الثابتة عن النبي r، كالذي يحكى عن كعب الأحبار وكان من أحبار اليهود فأسلم، أو وهب بن منبه وغيرهما.

وهي أربعة أقسام:
1. إما أن يُعلم كذبها بما عندنا من الشريعة.
2. وإما أن يُعلم صدقها بما عندنا من الشريعة.
3. وإما أن تكون من المسكوت عنه؛ لكنها أقرب إلى الخرافة والكذب وتحيلها القول السليمة.
4. وإما أن تكون من المسكوت عنه، والعقول لا تحيل وقوعها.
فهذه أربعة أقسام للإسرائيليات.

فالقسم الأول: وهو ما عُلم كذبه بشهادة شرعنا له بالبطلان يجب رده وإطراحه، ولا تجوز حكايته إلا على سبيل التنبيه على بطلانه.
قال الحافظ ابن كثير: وما شهد له شرعنا منها (يعني من الإسرائيليات) بالبطلان فذاك مردود لا يجوز حكايته إلى على سبيل الإنكار والإبطال.اهـ( )

والقسم الثاني: وهو ما عُلم صدقه بشهادة شرعنا له بالصحة. فإذا ذُكر هذا القسم إنما يذكر استشهاداً لا اعتقاداً، ولا حاجة لنا فيه استغناء بما ثبت في شرعنا. وإذا ذُكر في التفسير لا يكون هو المفسِّر للآية، بل المفسِّر للآية هو ما ثبت في شرعنا، فانتفى كون الآية مفسَّرة بها ومحمولة عليها.

والقسم الثالث: وهو ما كان من المسكوت عنه؛ لكن العقول السليمة تحيله، ويغلب على الظنون كذبه، وهو أقرب إلى الخرافة. كجبل قاف المزعوم، والحوت "نون" الذي تُحمل عليه الأرض.
قال الحافظ ابن كثير: وإنما أباح الشارع الرواية عنهم في قوله r: "حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج" فيما قد يجوّزه العقل، فأما ما تحيله العقول، ويحكم عليه بالبطلان، ويغلب على الظنون كذبه، فليس من هذا القبيل. اهـ( )

والقسم الرابع: وهو ما كان من المسكوت عنه، ولا تحيله العقول السليمة، ولا يغلب على الظنون كذبه، فيجب في مثل هذا التوقف، فلا يحكم عليه بصدق أو كذب، وعلى هذا القسم ينزَّل قول النبي r: "لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم وقولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا.."( ).
قال الحافظ ابن حجر: أي إذا كان ما يخبرونكم به محتملاً لئلا يكون في نفس الأمر صدقاً فتكذبوه، أو كذباً فتصدقوه، فتقعوا في الحرج، ولم يرد النهي عن تكذيبهم فيما ورد شرعنا بخلافه ولا عن تصديقهم، فيما ورد شرعنا بوفاقه، نبه على ذلك الشافعي رحمه الله.اهـ( )
وقال الحافظ ابن كثير في قول النبي r: "حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج": هذا محمول على الإسرائيليات والمسكوت عنها عندنا، فليس عندنا ما يصدقها ولا ما يكذبها فيجوز روايتها للاعتبار.اهـ( )
وهذا القسم أكثر الأقسام ذِكراً في كتب التفسير، وغالبه في تحديد مبهمات لا فائدة للأمة في تحديدها، كأسماء أصحاب الكهف، ولون كلبهم، ومكان الكهف، وكم عدد الدراهم التي اشتُرِي بها يوسف، عليه السلام، أما ما تحتاجه الأمة فقد بين لنا رسولنا r، وشرحه، وأوضحه، عرفه من عرفه، وجهله من جهله( ).

فإذا كان حكم هذا النوع هو التوقف في التصديق والتكذيب؛ فلا يصح تفسير كلام الله بأمور مشكوك في صدقها وكذبها؛ فلربما حُملت الآية عليها فكانت كذباً فيكون قد فسر كلام الله تعالى بالكذب حقيقة، أو يكون قد خُولف أمر النبي r وذلك باعتقادنا صدق هذه الإسرائيليات، وأي تصديق لها أعظم من جعلها بياناً لمراد الله تعالى فيما أبهمه عن خلقه.
وكلا الأمرين باطل، فالقرآن حق ولا يحمل إلا على الحق، واعتقادنا في الإسرائيليات المسكوت عنها التوقف. فتعين صحة عدم تفسير آيات القرآن بهذه الإسرائيليات.
قال ابن كثير: "ليعلم أن أكثر ما يتحدثون به غالبه كذب وبهتان، لأنه قد دخله تحريف وتبديل، وتغيير وتأويل، وما أقل الصدق فيه، ثم ما أقل فائدة كثير منه لو كان صحيحاً"( ).

قال العلامة عبدالرحمن السعدي: "واعلم أن كثيراً من المفسرين، رحمهم الله، قد أكثروا في حشو تفاسيرهم من قصص بني إسرائيل، ونزلوا عليها الآيات القرآنية وجعلوها تفسيراً لكتاب الله، محتجين بقوله r: "حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج".
والذي أرى أنه، وإن جاز نقل أحاديثهم على وجه، تكون مفردة غير مقرونة، ولا منزلة على كتاب الله، فإنه لا يجوز جعلها تفسيراً لكتاب الله قطعاً إذا لم تصح عن رسول الله r.
وذلك أن مرتبتها كما قال r: "لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم".
فإذا كانت مرتبتها أن تكون مشكوكاً فيها، وكان من المعلوم بالضرورة من دين الإسلام أن القرآن يجب الإيمان به والقطع بألفاظه و معانيه.
فلا يجوز أن تجعل تلك القصص المنقولة بالروايات المجهولة، التي يغلب على الظن كذبها، أو كذب أكثرها، معاني لكتاب الله، مقطوعاً بها، ولا يستريب بهذا أحد.
ولكن بسب الغفلة عن هذا، حصل ما حصل. والله الموفق"( ).اهـ( )

انظر : مقدمة ابن كثير - قواعد الترجيح للحربي - التفسير والمفسرون - المقدمات الأساسية
 
بسم الله

شكر الله للإخوة الذين كتبوا هذه المقتطفات القيمة ، وأرغب في التأكيد على الأخ أبي بيان بأن يواصل تحرير مسائل هذا الموضوع بطريقته السابقة أو بأحسن منها ، وله منا الدعاء والشكر .

والموضوع يحتاج إلى تأصيل أكثر مع الحرص على ربط التأصيل النظري بالأمثلة التطبيقية ؛ لأن ذلك مما يعين على تحرير كثير من المسائل المتعلقة بهذا الموضوع .
 
* * شكر وبيان * *

* * شكر وبيان * *

الإخوة الفضلاء :
عبد الرحمن الشهري , خالد الباتلي , أبو مجاهد .

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد :

أشكركم جميعاً على حسن ظنكم بأخيكم الضعيف , وأخص بالشكر شيخنا الفاضل /د. مساعد الطيار - حفظه الله - على مشاركته بموضوعه

ولأخي الحبيب عبد الرحمن الشهري وفقه الله :
بالنسبة لكتاب الدكتورة آمال , فلم أطلع عليه , وآمل أن أحصل عليه قريباً .
ومنذ زمن وأنا أُطارح عدداً من المتخصصين مسألة أن يكون الصحابي من المشهورين بالأخذ عن أهل الكتاب , وأن هذه القضية غير منضبطة ولا دقيقة , وما ذكرتَه فائدة جليلة لم أطلع عليها من قبل , فجزاك الله خيراً منها .
وفي الحقيقة أنه واجهتني مشكلة أخرت هذا الموضوع كثيراً وهي :
محاولة جمع واستقصاء ما رواه الصحابة من الإسرائيليات , ثم استخلاص ما صح منها , ثم استخراج منهجهم وقواعدهم في التعامل معها .
وكما ترى فهذا موضوع يصلح رسالة ماجستير , ( أو بحث ترقية على الأقل !! ) , ونتيجة ذلك البحث تجيب على كل الأسئلة والإشكالات المتوقعة على هذا الموضوع .
ولكني آثرت طرح هذه الوقفات التي تعتبر مهاداً نظرياً عند النظر في الإسرائيليات على العموم .

ولأخي أبو مجاهد أسعده الله بأمنيته :
فهذا عذري كما رأيت , وسأجتهد إن شاء الله تعالى , في إضافة أي موضع تطبيقي يصلح شاهداً للموضوع مع توالي الأيام , وأرجوا أن تشاركني ذلك , وجميع الأحبة المهتمين .

ولأخي الفاضل خالد الباتلي وفقه الله :
فآمل ملاحظة ما يلي :
1 - التفريق بين حاجة التفسير إلى الإسرائيليات ؛ واستفادته منها .
2 - التنبه إلى صنيع الصحابة رضي الله عنهم في ذلك , وأخذه بعين الاعتبار .
3 - التفريق بين < عدم صحة تفسير آيات القرآن بالإسرائيليات > كما ذكرتَ , و < ذكرها مع تفسير آيات القرآن لأغراض كثيرة لم تكن لتخفى على الصحابة ومن بعدهم من أئمة المفسرين .

وكل هذه النقاط سبقت في الوقفات , فأحسن الله لك المثوبة على إفادتك , وبارك الله في جميع الإخوة .
والله أعلم .
 
هناك كلام للشيخ أحمد شاكر رحمه الله في الإسرائيليات ذكره في مقدمة كتابه عمدة التفسير ، حيث قد جمع كلام ابن كثير في الإسرائليات أثناء تفسيره ، ونقده.
وأذكر أنني قرأت للشيخ أحمد شاكر كلاماً قاسياً في من يورد الإسرائليات في التفسير مطلقاً ، ويرى أن من أكبر الحرج أن تجعل كلام بني إسرائيل مع تفسير كلام الله جنباً إلى جنب.
فلعلكم تشيرون إلى ذلك يا أبا بيان وفقكم الله
 
لاتزال فوائدك تترى

لاتزال فوائدك تترى

لا تزال فوائدك تترى , ولعلي أُطالع كلامه بنصه , وإن كنت وقفت على مجمل كلامه , وعلى مواضع كثيرة لابن كثير رحمهما الله تعالى , وأنا - ولا أعوذ بالله من كلمة أنا , كما يقول البشير الإبراهيمي - أتجنب عامداً ذكر كلام الأئمة السابقين في هذا الباب ؛ حتى نقف منه على يقين مستوعب لجميع مواضع النظر والخلاف , فعندها نذكر ونناقش بأدلة ويقين , ولا يعني هذا التهوين مما ذُكر في أصل الموضوع , ولكن للبيان خطاب وللرد خطاب , وأنا هيَّابٌ من الرد خاصة عند ذكر هؤلاء الجبال في العلم والحفظ . والله الموفق .
 
الأخ الفاضل أبو بيان ؛شكر الله لك هذه الفوائد الحسان ،وثقل لك بها الميزان واسمح لي بوقفة وإحالة .
اماالوقفة فمع قولك- رعاك ربك -: وهاهنا مُسَلَّمةٌ لا شك فيها وهي :
(( أن ما صح عن الصحابة من الإسرائيليات هو مما يوافق شرعنا , أو من المسكوت عنه , مما لا يوافق أو يخالف شرعنا ))
وكلاهما مقبول , بل إن رواية الصحابي لخبر بني إسرائيل المسكوت عنه يكاد يوصله إلى ما يوافق شرعنا .
فلا وجه أبداً للتحرج من حكاية ما في كتب التفسير مما صح عن أحد الصحابة من أخبار بني إسرائيل .أ.ه
فأقول هل مجرد رواية الصحابي الجليل للمسكوت عنه تجعله موافقاً للشرع ؟ أم أن غاية ما في الأمر أن يكون رأيا معتبراً لهذا الصحابي الراوي ؟.آمل أن تتأمل ذلك.
وأما الإحالة فطالع -مشكوراً - كلام الحافظ ابن كثير في أول قصة إبراهيم الخليل -عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والتسليم-في سورة الأنبياء ؛ حيث أورد رحمه الله كلاماً مختصراً نفيساً في بيان المنهج في التعامل مع الإسرائيليات .
 
شكر الله لك أخي هذه المشاركة , وكنت أعلم أني سأُلاحظ على هذه العبارة , وهذا من نباهتك أخي الفاضل , وأنبه هنا إلى اختياري لفظة " يكاد " , ولم أعبر بما يفيد الجزم .
وإن كان في نفسي أنه لا يَبعُد كثيراً عنه , خاصة من الناحية العملية .

وهذا رأي يُتَأمل .
 
تكلم عن قضية الاسرائيليات الشيخ محمد الخضيري في كتابه تفسير التابعين بكلام جميل تحسن مراجعته .

ولي بعض الملاحظات في هذاالموضوع البالغ الاهمية لعل الاخوة ينظرون فيها :

1-البحث في راوية الاسرائيليات من البحث في الجائز لا الواجب فلو ترك المرء الروايات الاسرائيلية مطلقا فلا تثريب عليه .

2-اطلاق القول بجواز ذكر الروايات الاسرائيلية مادام قد ذكرها بعض الصحابة ترد عليه الاشكالات التالية :

1-قد ذكر الاخ ابو بيان ان الاسرائيليات تذكر من باب الاستشهاد فقط لكن واقع المفسرين عند التمحيص يخالف ذلك وقد ذكر الشيخ الخضيري من نتائج الاسرائيليات:
1-مخالفة الظاهر :
فمن ذلك قول سعيد بن المسيب وهويحلف ما يستثني :ما اكل ادم من الشجرة وهو يعقل ولكن حواء سقته من الخمر حتى اذا سكر قادته اليها فاكل .
2-الترجيح :
ومنه انكار مجاهد نزول المائدة حقيقة مخافا ظاهر الاية وسبب الترجيح ان اهل الكتاب لم يرد عندهم فيها شيئ.
ومنه في قوله تعالى" ونادى نوح ابنه".

قلت ومنه ما ذكره الشيخ مساعد الطيار في تفسير النعجة في سورة ص وانها المراة.

ثم مامعنى الاستشهاد اليس معناه ان المعنى مقرر معروف ثم نستشهد عليه والواقع في بعض الاسرائيليات ان ذلك لم يعرف الا من طريق الاسرائيلية كما في تفسير النعاج مثلا.

3-ذكر علماء الحديث ان الحديث المنكر لا يقوي ولايتقوى كما قال الامام احمد رحمه الله تعالى :المنكر ابدا منكرفكيف يجوز الاستشهاد بالاسرائيليات باطلاق وفيها المناكير .

4-الاحتجاج بفعل ابن عباس رضي الله عنه فيه الامور التالية :
1.هل بقية الصحابة على نفس المنهج الظاهر ان ابن عباس توسع في هذ الامرواما الوارد عن غيره من الصحابة فيمكن الجواب عنه بالامور التالية :
0-هل الوارد عنهم قليل ام كثير ؟ وهذه القلة هل يمكن ان يقال فيها انها مــــــــنـــــــهـــــج لهم ام يقال هذا من الامور العارضة التي لاتكون مقصودة ؟ وهل الوارد الصحيح عنهم فيه الروايات المنكرة ؟
وقصدي من هذا انه ينبغي النظر في فعل الصحابة حتى ينظر هل هي مسالة اطبقوا عليها ام هي راي لبعضهم خالفه اخرون من الصحابة .
ثم رايت الشيخ الخضيري في كتابه تفسير التابعين ذكر مايلي :
1-"انفردت مدرستا العراق وخاصة مدرسة الكوفة بقلة المروي عنها في الجانب الاسرائيلي فلانكاد نجد فيها الكثرة التي كانت في المدرسة المكية وقد تعود اسباب ذلك الى ما يلي :
1.تاثر المدرستين -البصرية والكوفية -بالمدرسة المدنية التي قل فيها هذا النتاج ولاسيما ان عمر رضي الله عنه كان شديدا على كعب الاحبار لئلا يحدث الناس بما يفتنهم .
وتاثرت هذه المدرسة الكوفية ايضا بابن مسعود شيخها الذي كان بعيدا عن الرواية في هذا الجانب يحذو حذو عمر في اعماله واقواله "اهـ.
2-"يعد ابي بن كعب رضي الله عنه من اقل الصحابة اعتمادا على الاسرائيليات فلم يرو عنه الا خبران وفي اسنادهما مقال "اهـ.
3-ان من تلاميذ ابن عباس رضي الله عنه من خالف منهج شيخه فذكر الخضيري ان عكرمة اعرض عن كثير من الاسرائيليات ولم يرو عن ابن عباس الاالقليل وغالبها كان في المبهمات .
واما عطاء فانه اعرض عن تلك الروايات .
2-القائلون بالاحتجاج بفعل الحبر البحر ابن عباس ترد عليهم الاشكالات التالية :
0.هل يجوزالتوسع في الاسرائيليات فجوابهم بالمنع وقد قال الخضيري "والحاصل ان ابن عباس توسع في الرواية عن بني اسرائيل فتبعه اصحابه في ذلك "فما جوابهم؟.
0.هل يجوز ذكر الاسرائيلية المشتملة على المنكر دون بيان النكارة فيها ؟ ...
وابن عباس رضي الله عنه وردت عنه روايات فيها نكارة ولم يرد فيها بيانه لهذه النكارة .
0. ان ابن عباس رضي الله عنه قد نعى على المسلمين سؤال اهل الكتاب وهذا يجعلنا نتريث في اطلاق القول بالجواز بناء علىفعل ابن عباس رضي الله عنه.
0.ان ابن عباس قد نص علىان اهل الكتاب قد بدلوا وغيروا .فهذا كسابقه بل اشد في الحجة.
0.اذا ذكر ابن عباس الاية ثم ذكر الاسرائيلية في معرض تفسير الاية الايسبق الى الفهم ان ابن عباس فسر الاية بالاسرائيلية وانظر الى قوله في تفسيرسورة ص ".....ثم امر به فطرح في البحر فذلك قوله (ولقد فتنا سليمان والقينا على كرسيه جسدا)يعني الشيطان الذي كان تسلط عليه.اهـ.فهل يجوز التفسيربهذه الصورة باطلاق مع ما في ذلك من ايهام الاعتماد على الاسرائيلية ؟
واذكر بعض الاحتمالات التي قد يمكن تخريج فعل ابن عباس عليها ولااجزم بها بل اضعها بين ايديكم للنظر فيها :
-الظاهر والله اعلم ان الدافع لابن عباس على التوسع في ذلك حديث حدثوا عن بني اسرائيل ولاحرج .
-قد يكون والله اعلم في بعض الاحيان يذكرابن عباس الاسرائيلية معتمدا عليها ووجه ذلك ان القران ذو اوجه واذا كان المعنى المذكور في الاسرائيلية مما يمكن حمل الاية عليه فتحمل الاية عليها.
وسيقوى عندك هذا المعنى اذا علمت ان ابن عباس كان كما يقول الشيخ الخضيري يكثر من سؤال كعب الاحبار .
فلو جمعت ان كعبا كما يقول الذهبي :وكان خبيرا بكتب اليهود له ذوق في معرفة صحيحها من باطلها في الجملة .اذا جمعت ذلك مع معرفتك بحسن فهم ابن عباس وقوة ذكائه لربما قوي هذا المعنى في نفسك.
واذا صح هذا المعنى فلك ان تقول ان ابن عباس استشهد بالاسرائيلية لان المعنى يمكن وجوده ولو لم ترد الاسرائيلية.
وقد يقول قائل ان ابن عباس اعتمد على الاسرائيلية في التفسير من جهة انه ولو في بعض الاحيان تكون الاسرائيلية هي التي اثارت هذا المعنى ولو لا الاسرائيلية لما ذكر هذا المعنى .
-قد يكون ابن عباس ذكرالاسرائيلية التي فيها نكارة لبعض تلامذة النجباء الذين لاحاجة له في تنبيههم الى بطلان هذه الاسرائيلية .
ولا شك انه في بعض الاحيان يكون ذكر الاسرائيلية من باب المثال او غير ذلك وهذا لا اشكال فيه ولكن الاشكال فيماظاهره مشكل .

وانقل لكم ما ذكره الشيخ الخضيري في كعب :
"...فهو -اي كعب -وان انكر عليه عمر مرة وقال له :لتتركن الاحاديث او لالحقنك بارض القردة.
الا انه في مرة اخرى نجده يساله ويقول له :ما اول شيئ ابتدأه من خلقه ؟..."اهـ.
اليس في نهي عمر الاول حجة لمن يمنع التوسع في الاسرائيليات وعدم اطلاق القول بجواز ذكرها في التفسير .

وقد يحتج المانعون بالامور التالية :
1-ان الحديث دل على جواز التحديث عن بني اسرائيل والجائز يجوز تركه ولاسيما اذا ترتب على ذلك مصلحة.
2-ان باب المصالح والمفاسد باب عظيم والمصلحة تقضي المنع من ذلك لامور:
0.المفاسد المترتبة على رواية الاسرائيلية من مخالفة الظاهر ،والترجيح بناء على الاسرائيلية، وذهاب فهم كثير من الناس الى ان المراد بالاية ما ورد في هذه الاسرائيلية وليس الناس في الفهم على مستوى واحد وانتم تقولون لاوجه للتحرج من رواية الاسرائيليات فلامانع اذا ان اذكرها في كتاب مؤلف للعامة ولن يفهم كثير من الناس ان المراد بهذه الاسرائيلية مجرد المثال بل لن يفهم كثير من طلبة العلم ان المراد المعنى الجملي دون التفاصيل .
فان قلتم ان رددتم علينا فردوا على ابن عباس فنقول لكم يجوز روايات الاسرائيليات المنكرة فان رددتم علينافردوا على ابن عباس.

ومن اجاز الرواية الاسرائيلية ذكر لذلك ضوابط وقيودا ولكن في كثير من الاحيان في العلم اذا ذكرت قيود في مسالة نظريا فانه في الجانب التطبيقي يتساهل في ذلك فلينتبه لذلك .

واخيرا ههنا امور :

1-لا اشكال في جواز ذكر الاسرائيلية من باب المثال او في المبهمات ونحو ذلك .
2-فرق بين ان يقال"فلا وجه أبداً للتحرج من حكاية ما في كتب التفسير مما صح عن أحد الصحابة من أخبار بني إسرائيل ".
وبين ان يقال ينبغي التحري في رواية الاسرائيليات ويجوز رواية مالا يؤثر حكما ولامعنى .

فان السامع للاول سيتوسع في رواية الاسرائيليات وقد يذكر المنكرات وقد يرى انها غير منكرة وقد ذكر الشيخ مساعد ان كون الرواية منكرة او غير منكرة مما قد يختلف فيه .فهل يستساغ ذكر المنكرات .وهذا لعلها نتيجة طبيعية للتوسع فان ما تراه منكرا قد لا اراه منكرا وقد اراه منكرا ولاتراه منكرا .

والمطبق للمعنى الثاني سيتحرى في رواية الاسرائيليات وقد يقع في رواية المنكر مرة او مرتين لذهول او لغير ذلك ولايمكن ان يقال فيما هذا حاله ان منهجه ذكر الاسرائيليات .

هذه امور احببت ذكرها في هذا الموضوع المهم وان كان ثم نقد فلا تبخلوا علينا به وجزى الله الاخوة خيرا .

ولا يبخلن علينا شيخنا ابو عبد الملك بملاحظاته فانا حريصون على معرفة رايه.
 
التعليق على الإسرائيليات
الأخ الفاضل ( المشارك7 ) حفظه الله ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، أما بعد :
فأستميحكم عذرًا أن أُعلِّقَ على ما ذكرتم من تعليقكم على الأخ الفاضل ( أبي بيان ) حفظه الله ، وأقول :
قولكم حفظك الله : (( البحث في راوية الاسرائيليات من البحث في الجائز لا الواجب فلو ترك المرء الروايات الاسرائيلية مطلقا فلا تثريب عليه )) .
هذا القول صحيح ، لذا لا يعاب على مفسر تركه للإسرائيليات ، وهذا ما لا تجده من النقد الموجه إلى كتاب من كتب التفسير ، بخلاف ضدِه .
وما ذكرتموه في النقطة الثانية من إطلاق القول بجواز ذكر الروايات الاسرائيلية مادام قد ذكرها بعض الصحابة ، وأنه ترد عليه الإشكالات التي ذكرتم ، فهذا صحيح من جهة أنه قد ورد الاعتماد على الإسرائيلية في بعض تفسيرات السلف ، لكنه قول بالرأي والاجتهاد ، وإذا وجد له مخالف من قول غيره من السلف غير معتمد على الإسرائيلية ، فالمسألة في هذه الحال تعود إلى الترجيح بين الأقوال ، ويمكن تضعيف القول الذي اعتمد على الإسرائيلية بذلك ، لكن الأمر هنا يرجع إلى مثال بعينه ، والأمر الذي يراد دراسته يرجع إلى المنهج العام في الإسرائيليات وما يتعلق بها من قواعد القبول أو الرفض .
وقولكم : ((ذكر علماء الحديث أن الحديث المنكر لا يقوي ولا يتقوى كما قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى : " المنكر أبدًا منكر " ، فكيف يجوز الاستشهاد بالإسرائيليات بإطلاق وفيها المناكير ؟! ))
أقول : إن هنا المراد النظر في المنهج العام في التعامل مع الإسرائيليات ، وهنا فرق بين أن يقال : يجوز رواية الإسرائيليات ، والقول بقبول جميع الإسرائيليات ، والقول بالقبول لا يقول به أحد ، والقول الأول مأخوذ من منهج مفسري السلف ( الصحابة والتابعين وأتباع التابعين ) ، وهذا الذي يقصد بحثه ؛ لأنه يترتب على عيب نقل الإسرائيليات في التفسير نقد منهج السلف .
وهذه الفكرة ـ أيها الأخ الفاضل ـ لم ترتضِها ـ ولك ذلك ، فالأمر راجع إلى الاجتهاد ـ لذا جاءت عندك كتابة منهج بارزة هكذا (مــــــــنـــــــهـــــج ) ، وهذا سديد منك لو كنت تتبعت التفسير المأثور عن السلف فانتقدت أن يكون منهجًا معروفًا عندهم .
وأقول لك : إنك على خُبرٍ أن التفسير المروي عن أفراد الصحابة لا يوازي المروي عن ابن عباس بحال ، بل إنك تعلم أن بعض كتب طبقات المفسرين قد أدخلت بعض الصحابة في المفسرين ، مع أنه لم يرد عنهم إلا القليل ، بل النادر أحيانًا ، وهذه مسألة تحتاج إلى بحث ، وهي محلُّ نظر واختلاف آراء ، وقد طرحتها في موضوع (مفهوم المفسِّر) في كتابي (( مفهوم التفسير والتأويل والاستنباط والتدبر والمفسر )) .
وأقصد من ذلك أنك لو طبقت هذا المنهج الذي ذكرته في قولك : ((الاحتجاج بفعل ابن عباس رضي الله عنه فيه الأمور التالية :
1.هل بقية الصحابة على نفس المنهج ؟
الظاهر أن ابن عباس توسع في هذا الأمر وأما الوارد عن غيره من الصحابة فيمكن الجواب عنه بالأمور التالية :
هل الوارد عنهم قليل أم كثير ؟ وهذه القلة هل يمكن أن يقال فيها : إنها مــــــــنـــــــهـــــج لهم أم يقال هذا من الأمور العارضة التي لا تكون مقصودة ؟ وهل الوارد الصحيح عنهم فيه الروايات المنكرة ؟
وقصدي من هذا انه ينبغي النظر في فعل الصحابة حتى ينظر هل هي مسالة أطبقوا عليها أم هي رأي لبعضهم خالفه آخرون من الصحابة )) .
أقول : ولو طبقت منهجك هذا ، فأنه لا يسلم لك بعض مصادر التفسير ؛ وطرقه ؛ لأنك ستجد القلَّة فيه عن غير ابن عباس ـ كالاستشهاد بالشعر ـ فهل يُرَدُّ ذلك من أجل أنك لا تجده إلا عن ابن عباس ، أم ماذا ؟ .
أقول لك هذا مدارسةً لا تقريرًا ، والأمر يحتاج إلى بحث واستقراء ، وفقني الله وإياك وجميع الإخوة إلى تحرير مثل هذا .
ثمَّ استشهدت مشكورًا برأي الشيخ الدكتور محمد بن عبد الله الخضيري في كتابه الممتع البديع (( تفسير التابعين )) ، ولي في هذا تعليقات :
الأول : أتمنى منك لو أعطيت نبذة مختصرة عن هذا الكتاب تعريفًا به لمن يتصفح هذا الملتقى ؛ لأن هذا الكتاب من الكتب الفريدة في منهجية البحث ، وفي فوائد نفيسة جدًّا ، ظهرت بعد استقراء وتأمُّل .
وإني لأجدها فرصة أن أرفع للإخوة الذين يشاركون في الملتقى بأن يقوموا بالتعريف ببعض الكتب النافعة في علوم القرآن والتفسير ؛ لأن الملتقى فرصة للتعريف بالكتب المتعلقة بعلوم القرآن والتفسير ، والدال على الخير كفاعلة .
الثاني : إنَّ لي تحفُّظًا على مصطلح (( مدرسة )) في التفسير ، لأمور :
1 ـ إن هذا المصطلح من المصطلحات الفلسفية المعاصرة ، وقد ظهر للتعبير عن بعض الأفكار التي يتبناها مجموعة من الناس ويدافعون عنها ، ويينضوون تحتها .
وهذا الأسلوب غير موجود في ما يسمى بمدارس التفسير مطلقًا .
2 ـ ثمَّ إنَّ هذا التصنيف منتقضٌ بما عُرِفَ من تنوع شيوخ بعض التابعين ، وتنوع مواطنهم التي عاشوا فيها ، فهل النسبة للمدرسة إلى الشيوخ أم إلى الموطن ؟
ومن أمثلة من تعدد فيه هذه :
أبو العالية ، فهو مدنيٌّ ، ثمَّ بصري ، وقد أخذ التفسير عن ابن عباس ، فهل يُنسبُ إلى مدرسة المدينة لنشوئه الأول فيها ، وتلقيه العلم على شيوخها ، أم إلى البصرة التي استقرَّ بها بعد ذلك ، فيكون من المدرسة البصرية ، أم إلى تتلمذه على ابن عباس فيكون من المدرسة المكية .
مجاهد بن جبر ، تلقى التفسير عن ابن عباس ، وهو من أخصِّ تلاميذه ، ثم تلقى العلم على بعض شيوخ المدينة من الصحابة ، وأخذ بقراءة ابن مسعود واستفاد منها في التفسير ، فإلى أي المدارس يُنسب .
الحسن البصري ، كان مدني المنشأ ، ثمَّ صار بصريًا ، فإلى أي المدارس يُنسب ، وهل كان الوعظ الذي تميَّز به مما أخذه من مدرسة المدينة ، أم هو من اختصاصاته التي منَّ الله بها عليه .
أبو مالك غزوان الغفاري ، فهو كوفيٌّ ، وقد أخذ التفسير عن ابن عباس ، فهل يُلحقُ بالمدرسة الكوفية لاستيطانه بها ، أم بالمدرسة المكية لأجل شيخه .
وكذا الحال بأبي الشعثاء جابر بن زيد البصري الذي تلقى التفسير عن ابن عباس ، وهو بصري ، مع ملاحظة قلَّةِ الرواية عنه في التفسير .
3 ـ وإذا لاحظت ما يتميز به أفراد كل مدرسة ، فإنك ستجد بينهم تباينًا في المنهج التفسيري ، ففي تلاميذ ابن عباس ( المدرسة المكية ) تجد أن عطاء منحاه في التفسير فقهي ؛ لأنه مفتي مكة ، لكن لم يبرز هذا المنحى عند غيره من تلاميذ ابن عباس كما برز عنده .
وتجد العناية ببيان المفردات عند مجاهد أكثر من غيره من تلاميذ ابن عباس ، وهكذا غيرهم ممن له تميز في شيء من التفسير لا يبرز عند غيره من أصحابه .
وهذا يقود إلى الملحوظة الرابعة ، وهي :
4 ـ هل ما يتميز به الواحد منهم يُعدُّ ميزة للمدرسة التي ينتمي إليها أم لا ؟
الواقع أنه لا يُعدُّ من منهج المدرسة العام ؛ لأنَّ مصطلح المدرسة ـ كما سبق ـ يرتبط بأفكار معينة تدور حولها المدرسة ، ولا يمنع أن يكون لأفرادها اجتهادات فردية خارج إطار هذه الأفكار العامة ، وهذه الاجتهادات الفردية لا تُنسب إلى المدرسة ، بل تُنسب إلى أصحابها .
5 ـ ومما يدلُّ على عدم صحة هذا الإطلاق أنك تجد أن أصحاب المدرسة المنسوبين إليها قد يخالفون آراء شيخهم في التفسير ، مما يدلُّ على أنهم لا يلتزمون رأيه في كلِّ شيء ، ويمكن القول بأنهم لا يتبنونه في كل مسألة تفسيريه ، والدليل على ذلك ورود أقوال عنهم تخالف أقوال شيوخهم ، واختلافها من باب تنوع المعاني وتعدد الأقوال ، وليس من باب الاختلاف الذي يرجع إلى قول واحد ، وهذا الاختلاف ظاهر لمن يقرأ في تفسير السلف .
فإن قيل : إن الاختلاف في الأمثلة التفسيرية لا يعني الاختلاف في أصل المنهج التفسيري الذي سار عليه شيخ المدرسة .
فالجواب : إن المنهج التفسيري عند جميع هذه المدارس متقاربٌ جدَّا ، بل إنهم يتفقون في أغلب المنهج ، والاختلاف بينهم إنما هو في بعض الأمور الجزئية ، كما أن الاختلاف كائن في القِلَّةِ والكثرة في الأخذ بهذا المصدر أو ذاك .
فكل المدارس ترجع إلى القرآن والسنة ولغة العرب وأسباب النُّزول وقصص الآي ، وتُبَيِّنُ الحكم الفقهي الذي تتضمنه الآية ، وتُبَيِّنُ من نزل فيه الخطاب ، وتُبَيِّنُ مبهمات بعض الآي … الخ .
لكنهم بين مقلٍّ ومكثرٍ ، أو بين من يرد عنه في هذه المصادر رواية ومن لا يرد عنه .
والذي يظهر أن تفسير السلف يصدر عن مدرسة واحدة ، ومصادرهم وأصولهم متفقة ، ليس بينهم فيها اختلاف ، سوى الاختلاف في كثرة الاعتماد على هذا المصدر أو ذاك .
أما الإسرائيليات التي هي أصل هذا النقاش فهي مصدر من مصادرهم ، والأمر فيها مختلف لورود الحديث المشهور فيها ، وما وقع من خلاف في تطبيقه بين المفسرين لا يعني أنها ليست من المصادر ، وكونها من المصادر لا يعني القبول المطلق لكل تفسير اعتمد على مروية إسرائيلية .
وأرى أن التميز يرجع إلى الأشخاص بذاتهم ، وقد يظهر عليهم أثر شيوخهم فيهم ، وكلما تعددَّت الشيوخ ظهر تنوع التفسير عند التلميذ ، والله أعلم .
الثالث : أن ما نقلت من استقراء الدكتور محمد بن عبد الله الخضيري يخصُّ التابعين ـ في أغلبه ـ وأمر الإسرائيليات يحتاج إلى استقراء في طبقات السلف الثلاث للخروج برؤية واضحة في هذا المجال ، مع اليقين بأنَّ ما يرد عن الصحابة فإن النفس إليه أسكن ، ووضع التأصيل عليه أسلم .
ثمَّ أعود بعد هذا الاستطراد إلى بقية كلامك الممتع في الإسرائيليات ، فأقول :
إن ما ذكرته بعد ذلك مفيد في كيفية الاستفادة من الإسرائليات التي رويت من طريق السلف ، ويظهر أنَّ في ما ذكرته أمرين منفكين :
الأول : كيفية التعامل مع ما ورد عن السلف من الإسرائيليات سواءً أظهرت نكارتها لك ، أم كانت مما لا يُحكم بنكارتها .
الثاني : التجوز في رواية الإسرائيلية للعامة .
أما في الأولى ، فأرى أنني وإياك ملزمون بأدب التعامل مع السلف ، ومعرفة منهجهم في ذلك ، والحرص على تخريج ما ورد عنهم على وجه لا يخالف منهجهم العام ، ومعرفة سبب قولهم بذلك إن أمكن .
وأما الثانية ، فأنت في مقام الاختيار ، فلك أن تترك ما تراه غريبًا منكرًا من هذه الإسرائيليات ، ولا تذكره البتة ، وهذا المنهج قد سلكه بعض المفسرين ، كالشيخ عبد الرحمن السعدي ففي تفسيره .
لكن المشكل عندك هنا فيما لو ذكر بعضهم شيئًا من هذه الروايات التي فيها نكارة عندك ، فإنك تحتجُّ عليه بما ذكرت ، ولعل هذا من باب اختلاف التنوع في الاجتهاد ، والذي يقلُّ فيه التثريب ، فمن روى فله سلف ، ومن ترك وأعرض فله سلف ، ولا شكَّ أن السلم البعدُ عن هذه المنكرات الإسرائيلية .
لكن أقول لك : إن الملاحظ أن بعض الناس لا يقبل الإسرائيلية حتى لو لم يكن فيها شيء غريب ولا منكر ، فتراه يعلق على تفسير من التفاسير ، ويقول في الحاشية : (( هذه إسرائيلية )) .
فيفهم من كلامه أنها مردودة ؛ لأنها إسرائيلية فقط ، ولا ينظر إلى صحة انطباق القصة المذكور على الآية ، وكونها مثالاً لمعنى الآية ، وأن الآية تحتملها ، وكل هذا لا يلزم منه قبول هذه الإسرائيلية من جهة الخبر ؛ لأن قبول الأخبار له شرط ، وبيان المعنى لا يدخل في شرط قبول الأخبار ، فبينهما اختلاف في المنهج ، لذا ترى في بيان المعنى أنه يقبل فيه ما لا يقوم حجة في نقل أحاديث الأحكام من الأسانيد ، وهذا له باب آخر لعله يأتي تفصيله .
وأخيرًا ، فإنَّ الموضوع لا يزال يحتاج إلى مطارحات علمية أخرى ، وإني لأتمنى أن يكون للإخوة المشاركين في هذا الملتقى بحث جماعي في مرويات الإسرائيليات في تفسير السلف من الصحابة والتابعين وأتباعهم ، فلو تصدَّر الأخ ((أبو بيان)) أو الأخ ((المشارك7 )) ـ تكرُّمًا ، لا أمرًا ـ إدارة هذا البحث ، وطلب المشاركة من الإخوة ، وأخذ كل واحد من الباحثين واحدًا من أعلام المفسرين من السلف ، واستخرج المرويات الإسرائيلية عنده ، ونظر في طريقة روايته لها ، وأسلوب الرواية الواردة عنه :
هل كانت جوابًا لسؤال ؟
هل كانت استشهادًا .
هل اعتمد عليها في بيان المعنى ؟
هل فيها نكارة أو غرابة ، وما موطن ذلك ؟ … إلخ من الأسئلة التي ستظهر في بحث هذا الموضوع ، ثمَّ يضع كل واحد ما وصل إليه في بحثه .
أظنُّ أنه سيُتوصَّل إلى حلِّ بعض المشكلات المستعصية في هذا الباب ، والله أعلم .
هذا اقتراح أرجو أن يجد قبولاً ، وكأني بكم تقولون : ما أسهل الاقتراح ، لكن من ينفِّذ ؟
أقول نعم ، لكني أرجو أن يتميز هذا الملتقى بالإبداع في كل أموره ، حتى في مثل هذه الأفكار التي قد يظنها بعض الناس صعبة التطبيق ، لكن أقول : من استعان بالله أعانه ، ومن كان همه خدمة كتاب ربه فإن الله سيوفقه ، ويكفينا فخرًا أننا نكتب فيما يتعلق بهذا الكتاب العزيز ، وأسأل الله لي ولكم الإخلاص في القول والعمل ، وأن لا تخدعنا أنفسنا بما نقدِّم ، وأن نكون من العاملين الجادين .
أعتذر إليكم عن الإطالة ، وأرجو أن أكون قد بينت شيئًا مما يتعلق بتعليقكم أيها الأخ الكريم .
محبكم : أبو عبد الملك .
 
الاخ أبو بيان كتبت
"ولا ينقضي عجبي وألمي ممن يحاول تجريد كتب التفسير من هذه الروايات الإسرائيلية , بزعم أنها غير مفيدة في التفسير "
ارجو ان تذكر بعض الامثلة ولك الشكر
 
بدون تعيين

بدون تعيين

بإمكانك أخي الفاضل أن تجد هذه العبارة في عدد من الكتب التي تحدثت عن الإسرائيليات في التفسير - وفي المقال بعضها - , وفي مقدمة عدد من كتب التفسير , وبالأخص مختصرات التفاسير التي تقذفها لنا المطابع تباعاً .
وذكرت في الموضوع منهج عدد من الرسائل العلمية التي لاتفرق في موضوع الإسرائيليات في كتب التفسير .
 
قال الإمام القرطبي - رحمه الله - في مقدمة كتابه ( الجامع لأحكام القرآن ) :
وشرطي في هذا الكتاب : . . , وأضرب عن كثير من قَصَص المفسرين , وأخبار المؤرخين , إلا ما لابد منه , ولا غنىً عنه للتبيين . ا.هـ

فإن كانت الإسرائيليات داخلة في مراد القرطبي بـ : ( قَصَص المفسرين , وأخبار المؤرخين ) ؛ فكلامه هذا شاهد جيد لِما ذكرناه في أصل الموضوع .
 
ومن الوقفات

ومن الوقفات

الوقفة الحادية عشر :
أخرج البخاري ومسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما قال :
إن اليهود جاؤوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكروا له رجلاً منهم وامرأة زنيا , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما تجدون في التوراة ؟ قالوا : نفضحهم ويجلدون . قال عبد الله بن سلام : كذبتم , إن فيها آية الرجم . فأتوا بالتوراة فنشروها , فوضع أحدهم يده على آية الرجم , فقال ما قبلها وما بعدها , فقال عبد الله بن سلام : ارفع يدك , فرفع يده فإذا آية الرجم , قالوا : صدق , فأمر بهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجما .

في الحديث :
تسمية الجملة من التوراة : آية .
 
ابن كثير والإسرائيليات

ابن كثير والإسرائيليات

* الوقفة الثانية عشر:
معلوم موقف ابن كثير من الاسرائيليات, ولكن في هذا النقل عنه بيان لصعوبة الانفكاك عن المباح روايته منها,
خاصة عند استجلاء كامل الموقف من أخبار الأمم السابقة؛ لغرض إتمام الفائدة طبعاً.
قال ابن كثير عند تفسيره لقوله تعالى في سورة مريم: {وهُزِّي إليك بجذع النخلة}[25]:
(والظاهر أنها كانت شجرةً, ولم تكن في إبَّانِ ثمرها, قاله وهب بن مُنبه).

ولعل الأيام تسمح بشواهد أخرى. والله الموفق.
 
أخي أبا بيان زادك الله بسطة في العلم والرزق

لو اطلعت على ما ذكره الجديع في كتابه مقدمات في علوم القرآن حول هذا الموضوع ، وأبديت رأيك فيه ..... [يحذف الجواب لإفادة العموم ]

شكرا لك ، وتقبل تحيتي
 
احب ان اضيف اضافتين الاولى فيما يخص الاردني الذي سرق رسالة الدكتور الذهبي اذ الحقيقة ان الموضوع ليس في هذا الكتاب وانما كان هذا الطالب قد استعار من استاذه كتابا بعنوان الاتجاهات المنحرفة في التفسير ثم قام باعطائه الى وزارة الاوقاف الاردنية وطبعته باسمه واوهم الناس ان الكتاب للطالب حتى جاء الذهبي الى الاردن وراى ما راى ثم حلف بعدها ان لا يشرف على طالب اردني وقد بر بقسمه رحمه الله
واما الثانية فكيف نوفق بين ما يقال عن رواية الصحابة للاسرائيليات وبين غضب النبي صلى الله عليه وسلم من عمر لانه كان يقرا في صحيفة من صحفهم وبما صح عن ابن عباس انه قال لا تسالوا اهل الكتاب ولا والله ما راينا حدا منهم سالكم عن مسالة في دينه فهل خالف ابن عباس قوله
والسلام
 
الأستاذ الفاضل د جمال وفقه الله
أعتذر عن تأخر الرد, وقد أصبت وفقك الله في إضافتك الأولى, والوهم فيما نقلتُ ليس مني, وإنما من الدكتور الذي حدثني.
وبالنسبة للرد النبوي على عمر رضي الله عنه فهو للزجر عمَّا في تلك الكتب مما يغني عنه كتاب الله المهيمن على ما قبله من كتاب, وفيه أمرٌ بالاستغناء بالقرآن عن غيره, فما كان في تلك الكتب من خير فهو في القرآن وأزيد.
وأما ابن عباس رضي الله عنهما فنهيه عن النقل عن أهل الكتاب محمولٌ على نقله على جهة الاعتماد عليه, خاصة إذا كان ذلك في مقابل أصول تفسيرية معتمدة.
ومجمل القول أن كلا الصورتين السابقتين حصل فيهما تجاوز لشرط من شروط الاستشهاد بالإسرائيليات.
وقد ورد عن عمر وابن عباس وغيرهما من الصحابة رضي الله عنهم روايات عن بني إسرائيل, صحت أسانيد بعضها, وحَسُن بعضها, والباقي مما لا ينهض بنفسه يتقوى بغيره لإثبات أصل القضية, وأن ذلك كائن منهم رضي الله عنهم, لفوائد لا تخفى.
 
أما عن ابن عباس فقط صح عنه الأخذ من الإسرائيليات، لكن أين ثبت ذلك عن عمر؟!
 
أعطي كل ذي حقً حقه

أعطي كل ذي حقً حقه

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي الحبيب
جزاك الله خيراً على هذا الجهد العلمي
غير أني ألوم عليك تحاملك على علماء الأزهر في قولك (وقد بدت بوادر هذا المسلك في عدد كبير من الرسائل العلمية في الأزهر سجلت بعنوان " الدخيل في التفسير " , لمهمة التجريد السابقة الذكر , وبدون استثناء في مادة الإسرائيليات , سواءً عن الصحابة أو غيرهم , وقد تناولت هذه الرسائل كتب التفسير من لَدُن ابن جرير , في أكثر من ثلاثين رسالة علمية ) فإننا في الأزهر لا نجرد كتب التفسير إلا من الإسرائيليات التي تخالف شرعنا , وتعطي الفرصة لأعداء الإسلام لإيراد الشبه على ديننا . وأنا لا أتكلم هذا الكلام بدون دليل وإنما أتكلمه من واقع عملي في رسالتي التي بعنوان
( الدخيل في الروايات الواردة في تفسيري الإمامين ابن أبي حاتم والآلوسي )
( من أول سورة الأعراف إلى آخر سورة التوبة )
لنيل درجة التخصص الماجستير في التفسير وعلوم القرآن , من قسم التفسير وعلوم القرآن بكلية أصول الدين والدعوة , جامعة الأزهر ، فرع المنصورة.
والتي أراك قد تحاملت عليها وعلى أمثالها من رسائل الدخيل في الأزهر الشريف الذي له دور كبير في الدفاع عن الإسلام في الماضي والحاضر . أرى فضيلتك قد أغفلته .
فطلبي من فضيلتك أن لا تتحامل على الأزهر وعلمائه , وأن لا تتجاهل دوره في الدفاع عن الإسلام , وأن تراجع هذه الرسائل جيداً قبل الحكم عليها .
و السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخوك عبد العزيز محمود المشد
الدراسات العليا - قسم التفسير وعلوم القرآن
مرحلة الماجستير - جامعة الأزهر
 
أخي الحبيب عبد العزيز المشد
قد قرأت ما كتب أبو بيان ، والمسألة علمية ، وهي تحتاج إلى نقاش علميٍّ ، ويا حبذا لو ذكرت لنا أمثلة مما رواه ابن أبي حاتم بالذات ، وأعطيتنا فيها طريقة دراستكم لها ، وهل طريقتكم كطريقة كل الرسائل ، لكي يكون النقاش على مثال واضح
وأرجو أن تتأمل قول أبي بيان : (( والحقيقة أن طريقة إخراج الإسرائيليات من كتب التفسير بعيدة عن مناهج المفسرين , وهي كذلك متناقضة وغير عملية أو منهجية , وكثير ممن نصوا في تفاسيرهم على تجنب الإسرائيليات وعدم روايتها ؛ أورَدُوا في أثناء تفاسيرهم عدداً منها فمستقل ومستكثر ؛ كتفسير المنار على سبيل المثال )) .
وأرجو أن تتأمل قضية مهمة للغاية ، فابن أبي حاتم من نقَّاد الحديث ، ومن أعلام المسلمين ، وهو يروي التفسير عن طبقة الصحابة والتابعين وأتباع التابعين ، فهل خفي عليه وعلى من قبله أنها تخالف شرعنا وتركوها ، أم المسألة تعود إلى منهجٍ علميٍّ عندهم نحتاج إلى أن نتأمَّله وننظر فيه .
أخي الكريم :
نحن بحاجة إلى دراسة جادةٍ لمثل هذا الموضوع ، وليس إلى دراسات قد حكمت مُسبقًا على هذه الروايات فهي تأتيها على أسلوب النَّقضِ .
لست أصف رسالتك ولا هذه الرسائل بكلامي هذا ، لكن ما اطلعت عليه كان يمشي على هذا الأسلوب ، ولعلك أخبر به ، فرسالتك متخصصة في هذا الشأن ، فأرجو أن لا تفهم أني أحكم على ما انتهجه الأزهر في هذا بالنقص ، ولا بغيره ، فأنا لم أطَّلع عليها ، وأتمنى أن تتحفنا بأمثلة نُدير حولها النقاش ، وتكون في موضوع مستقلٍّ عن هذا الموضوع .
 
عبد العزيز المشد المحترم , وفقه الله , كتب :

فإننا في الأزهر لا نجرد كتب التفسير إلا من الإسرائيليات التي تخالف شرعنا , وتعطي الفرصة لأعداء الإسلام لإيراد الشبه على ديننا

فهنا أتساءل :

هل يجوز هذا التعامل بالتراث شرعا ؟

لقد تصفحت قبل عامين تقريبا في السيرة النبوية لابن هشام ....حذفت منها الاسرائيليات .

هل يجوز ذلك شرعا في العلم ؟

تقديرا

موراني
 
اضافة : من كلّف الأزهر الشريف أو غيره من المؤسسات الدينية شرعيا بالحذف حتى لكلمة واحدة من النصوص التراثية التي رواها السلف الصالح عبر القرون ؟

تقديرا

موراني
 
ما يزال المسلمون منذ أيام السلف يقومون بتلخيص وتهذيب واختصار الكتب، فأين المشكلة؟
 
محمد الأمين :
نعم : وكانت عناوين هذه الكتب : الملخص ..... المختصر ... والتهذيب أو حتى تذهيب التهذيب ....
وذلك الى جانب الأصل الكامل ان وجد ! ولا بديلا له .
هذه هي المشكلة عند المعاملة الأزهرية بالتراث .

عندما تخرج كتابا لأول مرة ( وهناك كتب مخطوطة لا تحصى ولم تر ضوء الشمس الى يومنا هذا ) هل تجرد (تحذف) منه الاسرائيليات أو ما يخالف الشرع حسب رأيك ؟
المعاملة الأزهرية تشجعك الى ذلك .
فمن هنا : ان فعلته لارتكبت الجريمة العظمى على التراث .
 
الشيخ مساعد: شكر الله لك تعقيبك, وقد ذكرت كثيراً ممَّا ههمت بكتابته, فجزاك الله خيراً.
الأخ الكريم محمد الأمين: جزاك الله خيراً على متابعتك وحسن إفادتك, وبالنسبة لرواية عمر رضي الله عنها فسأضيفها حالما أتمكن إن شاء الله تعالى.

وأرحب بالأخ الكريم عبد العزيز المشد مشاركاً مفيداً في هذا الملتقى, وأستأذنه في هذه الإشارات:
- قلت: (غير أني ألوم عليك تحاملك على علماء الأزهر في قولك (...) فإننا في الأزهر). يا أخي لا أتذكر أني ذكرت علماء الأزهر في المقال, ولم أتحامل عليهم, ولا خطر ذلك على بالي, ولا فهمه أحد ممن قرأ المقال قبلك, لكن الشيء الوحيد الذي نفهمه من هذه العبارة هو: أنك من علماء الأزهر.
- وقلت: (والتي أراك قد تحاملت عليها وعلى أمثالها من رسائل الدخيل في الأزهر الشريف الذي له دور كبير في الدفاع عن الإسلام في الماضي والحاضر . أرى فضيلتك قد أغفلته ). ليس للموضوع علاقة بدور الأزهر في الماضي والحاضر, وهو ما أراك أقحمته في الموضوع بكل سبيل, وقد ذكر الشيخ مساعد سلمه الله أن المسألة علمية, فلتكن منك في هذا الإطار.

- وقلت: (فطلبي من فضيلتك .., وأن تراجع هذه الرسائل جيداً قبل الحكم عليها ). لقد سعدت بكونك أحد الدارسين للدخيل في كتب التفسير, وكنت أتمنى لو تسنى لي الاطلاع المفصل على هذه الرسائل أو ما تيسر منها, غير أني نقلت ما كتبت عنها عن أستاذ مشارك في قسم التفسير وعلوم القرآن في الأزهر وجامعة أم القرى, واستوثقت تلك المعلومة من أستاذ آخر بنفس الدرجة العلمية والتخصص في كلا الجامعتين, وناقشتهما في هذا المنهج, ورأيت ذلك كافياً في توضيح المنهج العام لهذه الرسائل فيما يتعلق بموضوعنا.
فحبذا لو تكرمت وعرضت منهج رسالتك في استخراج الاسرائيليات ودراستها والحكم عليها, في موضوع مستقل, تفيدنا فيه أكثر عن هذا الموضوع.
 
فائدة :
قال شيخ الإسلام في الرد على البكري : (( ... وأيضًا فعلماء الدين أكثر ما يحررون النقل فيما ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم لأنه واجب القبول أو فيما ينقل عن الصحابة و أما ما ينقل من الإسرائيليات و نحوها فهم لا يكترثون بضبطها ولا بأحوال نقلها لأن أصلها غير معلوم و غايتها أن تكون عن واحد من علماء أهل الكتاب أو من أخذه عن أهل الكتاب لما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إذا حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم فإما أن / يحدثوكم بباطل فتصدقوهم و إما أن يحدثوكم بحق فتكذبوهم فإذا كنا قد نهينا عن تصديق هذا الخبر و أمثاله مما يؤخذ عن أهل الكتاب لم يجز لنا أن نصدقه إلا أن يكون مما يجب علينا تصديقه مثل ما أخبرنا به نبينا عن الأنبياء و عن أممهم فإن ذلك يجب تصديقه مع الاحتراز في نقله فهذا هذا )) .
 
[align=center]بسم الله الرحمن الرحيم[/align]
صَوَّرت مقالاً قبل ثلاث سنوات, وتصفحته البارحة!!, فقرأتُ فيه ما يلي:

(مما يحسن توجيه النظر إليه في هذا المبحث ، أن بعض المعاصرين قد شنّ غارة على وجود مرويات بني إسرائيل في تفسير الصحابة ، وعدّ ذلك من عيوب تفسيرهم .
والذي يجب التنبّه له أن الحديث عن الإسرائيليات يَطَال سلف الأمة من المفسرين : صحابةً ، وتابعين ، ولقد كان هؤلاء أعلم الناس بالتفسير ، وأعظم الذائدين عن الدين كل تحريف وبطلان .
لقد تجوّز سلف هذه الأمة في رواية الإسرائيليات ، أفلم يكونوا يعرفون حكم روايتها ومنزلتها في التفسير ؟ .
ألم يكونوا يميّزون هذه الإسرائيليات التي استطاع المتأخرون تمييزها ؟ !
وإذا كان ذلك كذلك ؟ فما الضرر من روايتها ؟ .
ألا يكفي المفسر بأن يحكم على الخبر بأنه إسرائيلي ، مما يجعله يتوقف في قبول الخبر ؟ .
إن بحث (الإسرائيليات) يحتاج إلى إعادة نظر فيما يتعلق بمنهج سلف الأمة في روايتهم لها ، ومن أهم ما يجب بحثه في ذلك ما يلي :
1- جَمْعُ مروياتهم فيها ، وجَعْلُ مرويات كل مفسرٍ على حِدَةٍ .
2- محاولة معرفة طريق تحمّل المفسر لها ، وكيفية أدائه لها ، فهل كان يكتفي بعرضها ثقةً منه بتلاميذه الناقلين عنه ؟ أو هل كان ينقدها ، ويبين لتلاميذه ما فيها ؟
3- ما مدى اعتماد المفسر عليها ؟ وهل كان يذكرها على سبيل الرواية لما عنده في تفسير هذه الآية ، من غير نظر إلى صحة وضعف المروي ؟
أوْ هل كان يرويها على سبيل الاستئناس بها في التفسير ؟
أو هل يعتمد عليها ، ويبني فهم الآية على ما يرويه منها ؟
تلك المسائل وغيرها لا يتأتّى إلا بعد جمع المرويات ، واستنطاقها لإبراز جوابات هذه الأسئلة وغيرها مما يمكن أن يَثُورَ مع البحث, ثم بعد هذا يمكن استنباط منهج السلف وموقفهم من الإسرائيليات في التفسير . والله أعلم).

وكان عنوان المقال: مصادر التفسير (4) - تفسير الصحابة للقرآن - الحلقة الثانية. بقلم : مساعد بن سليمان الطيار, في مجلة البيان عدد99, ص18, 1416هـ.

لَمَّا قرأتُ ذلك وجدت في نفسي سعادةً ذكرتني سعادة ابن مسعود رضي الله عنه لَمَّا أفتى في مسألةٍ باجتهاده, ثم قام إليه من أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذلك بنَصِّه, ففرح فرحاً عظيماً, ووصل الرجل صلةً جليلة.

فالحمد لله على فضيلة التوافق من غير تشاعُرٍ ولا تواطؤ, إذ لم أقرأ هذا المقال إلا البارحة, وبينه وبين موضوعي هذا سبع سنين, وكأنهما من رأسٍ واحدة .., فأنشدتُ في هذا:

لمَّا وقفتُ على الآثارِ أَنْشُدُها = أُسائِلُ الركبَ عن رأيِي, وما الخبرُ؟
قالوا: لكَ اللهُ من رأيٍ أصبتَ به = عينَ الحقيقةِ إذ لم يعدُها النظرُ
وافقتَ فيه حميدَ الرأيِ ذا بصرٍ = لهُ على البعدِ مِني السمعُ والبصرُ​
 
سؤال ورجاء

سؤال ورجاء

أيها الأفاضل السلام عليكم ورحمة الله
ائذنوا لي أن أسألكم هل قام أحد اليوم بنقد متن الإسرائيليات نقدا دقيقا بعد أن يكون قد نقدها سندا, وهل من أحد استطاع إرجاع تلك الأسرائيليات إلى نصوص كتب بعينها معروفة عند أهل الكتاب؟
فإن كان أحد قد فعل هذا فدلونا على اسم الكتاب وصاحبه لنرجع إليه.
ولكم الأجر والشكر والثواب.
 
سمير القدوري قال:
وهل من أحد استطاع إرجاع تلك الأسرائيليات إلى نصوص كتب بعينها معروفة عند أهل الكتاب؟.

فعلت هذا الدكتورة آمال محمد عبد الرحمن في كتابها "الإسرائيليات في تفسير الطبري - دراسة في اللغة والمصادر العبرية". لكن نحتاج لدراسات أخرى مشابهة في تفاسير وكتب أخرى.
 
[align=justify]قال ابن العربي المالكي رحمه الله في كتابه أحكام القرآن عند ذكره لمسائل قصة أمر موسى لبني إسرائيل بذبح البقرة :
( فِي الْحَدِيثِ عَنْ بَنِي إسْرَائِيلَ: كَثُرَ اسْتِرْسَالُ الْعُلَمَاءِ فِي الْحَدِيثِ عَنْهُمْ فِي كُلِّ طَرِيقٍ، وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: {حَدِّثُوا عَنْ بَنِي إسْرَائِيلَ وَلَا حَرَجَ}. وَمَعْنَى هَذَا الْخَبَرِ الْحَدِيثُ عَنْهُمْ بِمَا يُخْبِرُونَ بِهِ عَنْ أَنْفُسِهِمْ وَقِصَصِهِمْ لَا بِمَا يُخْبِرُونَ بِهِ عَنْ غَيْرِهِمْ؛ لِأَنَّ أَخْبَارَهُمْ عَنْ غَيْرِهِمْ مُفْتَقِرَةٌ إلَى الْعَدَالَةِ وَالثُّبُوتِ إلَى مُنْتَهَى الْخَبَرِ، وَمَا يُخْبِرُونَ بِهِ عَنْ أَنْفُسِهِمْ، فَيَكُونُ مِنْ بَابِ إقْرَارِ الْمَرْءِ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ قَوْمِهِ؛ فَهُوَ أَعْلَمُ بِذَلِكَ. وَإِذَا أَخْبَرُوا عَنْ شَرْعٍ لَمْ يَلْزَمْ قَوْلُهُ؛ فَفِي رِوَايَةِ مَالِكٍ، عَنْ {عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: رَآنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنَا أُمْسِكُ مُصْحَفًا قَدْ تَشَرَّمَتْ حَوَاشِيهِ، فَقَالَ: مَا هَذَا؟ قُلْت: جُزْءٌ مِنْ التَّوْرَاةِ؛ فَغَضِبَ وَقَالَ: وَاَللَّهِ لَوْ كَانَ مُوسَى حَيًّا مَا وَسِعَهُ إلَّا اتِّبَاعِي}.) [/align]
 
جزاك الله خيراً أبا مجاهد , وما أجمل فلتات ابن العربي رحمه الله , لكن التعميم في الحديث لا يدل على ما ذهب إليه من التفريق , ولا أثر للعدالة والثبوت في هذا الباب ؛ لأنه محصور - بنصوص أخرى - فيما لا خبر فيه من شرعنا , كما أن النص جاء بإباحة التحديث عنهم , وهذا أوسع من الأخذ عنهم والاعتماد على نقلهم .
 
بارك الله فيكم يا أبا بيان وفي كل الإخوة الذين شاركوا في ثراء هذا الموضوع المهم والدقيق ، ومنذ نشر هذا الموضوع حتى اليوم مضت سنوات حضرت فيها الكثير من اللقاءات والندوات والمؤتمرات المتصلة بالقرآن . وتعرض فيها الباحثون للإسرائيليات وروايتها في بعض أوراقهم . وأذكر دعوة جهر بها أحد الأساتذة الفضلاء في أحد المؤتمرات لتجفيف منابع الشبهات في كتب التفسير وهي الروايات الإسرائيلية، واستبعادها تماماً لما تفضي إليه من الطعن في القرآن وفي فهم المسلمين له ، وهو من خيرة الأساتذة في الدراسات القرآنية فكيف بمَنْ دونه !
وهذا يدل على ضرورة إشاعة المنهج الصحيح الآمن في التعامل مع الروايات المنسوبة لبني إسرائيل، والتدقيق في التفريق بين جنس هذه الروايات التي وردت الإشارة إليها في أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم وغيرها من الروايات الباطلة التي وردت عن غيرهم وضمنها بعض المفسرين كتبهم كقصة الغرانيق وأمثالها .
وفقكم الله .
 
يقول العلامة الشيخ أحمد شاكر فى مقدمته لكتاب عمدة التفاسير :
ان اباحة التحدث عنهم فيما ليس عندنا دليل على صدقه و لا كذبه شىء , و ذكر ذلك فى تفسير القرآن و جعله قولا أو رواية فى معنى الآيات أو فى تعيين ما لم يعين فيها أو فى تفصيل ما أجمل فيها شىء آخر !! لأن فى اثبات مثل ذلك بجوار كلام الله ما يوهم أن هذا الذى لا نعرف صدقه و لا كذبه مبين لمعنى قول الله سبحانه و مفصل لما أجمل فيه ! و حاشا لله و لكتابه من ذلك . و ان رسول الله صلى الله عليه و سلم اذ أذن بالتحدث عنهم أمرنا ألا نصدقهم و لا نكذبهم , فأى تصديق لرواياتهم و أقاويلهم أقوى من أن نقرنها بكتاب الله و نضعها منه موضع التفسير و البيان ؟! اللهم غفرا .
 
عودة
أعلى