( ورود النار ) هل هو حتم على المؤمنين ؟

إنضم
22/03/2011
المشاركات
50
مستوى التفاعل
0
النقاط
6
الإقامة
جمهورية مصر العربية - الق
كان من دأب السلف الصالح قراءة القرآن، وكأنه يتنـزل عليهم؛ فكانوا يقفون عند كل آية من آياته ويتفكرون فيها، فإن كانت آية خوف سألوا الله النجاة والعافية، وإن كانت آية رجاء حمدوا الله على ما أسبغ عليهم من نِعَم ظاهرة وباطنة، وسألوه من فضله ورحمته؛ وهكذا كان حالهم بين الرجاء في رحمة الله، والخوف من عذابه، وهذه المعادلة التي ينبغي على المسلم أن لا ينفك عنها في أحواله كافة .
وقد روي عن بعض السلف، أنه كان إذا قرأ آيات الخوف أو استمع إليها، ارتعدت مفاصله، وغشاه الخوف، وذرفت عيناه بالدموع؛ كما روي عن عبد الله بن رواحة رضي الله عنه، أنه كان واضعاً رأسه في حِجر امرأته، فبكى فبكت امرأته، فقال: ما يبكيك ؟ قالت: رأيتك تبكي فبكيت، قال: إني ذكرت قول الله عز وجل: { وإن منكم إلا واردها } (مريم:71)، فلا أدري أأنجو منها أم لا ؟
وكان أبو ميسرة إذا أوى إلى فراشه قال: يا ليت أمي لم تلدني ! ثم يبكي، فقيل له: ما يبكيك يا أبا ميسرة ؟ قال: أُخبرنا أنا واردوها، ولم نُخبر أنا صادرون عنها؛ وذلك إشارة منه لقول الله تعالى: { وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا }، ومن مأثور دعائهم في هذا: اللهم أخرجني من النار سالماً، وأدخلني الجنة غانماً .
وليس الغرض هنا بيان أحوال السلف، وموقفهم من آيات الخوف، وإنما جعلنا ذلك تقدمة للحديث عن قوله تعالى: { وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا }، فقد يرى البعض أن في هذه الآية معارضة لآيات أخرى، تفيد خلاف ما تفيده هذه الآية .
وذلك أن ظاهر قوله تعالى: { وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا } يفيد أنه سبحانه سوف يُدخل النار المؤمن وغير المؤمن؛ لأن قوله تعالى: { منكم } يعم جميع الناس. لكن في الوقت نفسه، وردت آية أخرى تفيد أن المؤمنين لن يدخلوا النار، وأنه سبحانه سوف يبعدهم عنها، كما في قوله تعالى: { إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون } (الأنبياء:101). إذن، نحن أمام آيتين ظاهرهما التعارض؛ فكيف السبيل للتوفيق والجمع بينهما ؟
لقد اتفق المفسرون على أن ( المتقين ) لا تنالهم نار جهنم بأذى، ثم هم بعد ذلك اختلفوا في بعض التفاصيل؛ فذهب أكثر المفسرين - وفي مقدمتهم الطبري - إلى أن قوله تعالى: { وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا } خطاب عام، يدخل فيه المؤمن وغير المؤمن؛ غير أن القائلين بهذا، اختلفوا في معنى ( الورود ) الذي جاء في الآية على أقوال ثلاثة:
القول الأول: أن المقصود من ( الورود )، هو ( الدخول )، أي دخول جهنم؛ والقائلون بهذا يستدلون لقولهم بالعديد من الآيات التي ورد فيها لفظ ( الورود ) بمعنى ( الدخول )، كقوله تعالى: { يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النار وبئس الورد المورود } (هود:98)، وقوله سبحانه: { ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا } (مريم:86)، وقوله تعالى: { إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون } (الأنبياء:98)، حيث أتى لفظ ( الورود ) فيها بمعنى ( الدخول ) بالاتفاق؛ ولأجل هذا استدل ابن عباس رضي الله عنهما أن ( الورود ) في آية مريم هو ( الدخول )؛ لأن أفضل ما يفسر به القرآن هو القرآن .
فقد ذكر الطبري فيما يرويه عن ابن عباس رضي الله عنهما، قوله: { وإن منكم إلا واردها }، قال: يدخلها. ومثل ذلك روي عن ابن مسعود ، قوله: { وإن منكم إلا واردها }، قال: داخلها .
ويشهد لهذا التفسير للآية، ما حدَّث به جابر بن عبد الله رضي الله عنه، وقد اختلف في مجلسه حول معنى ( الورود )، فمن قائل: لا يدخل النار مؤمن؛ ومن قائل: يدخلها المؤمن وغير المؤمن، فوضع جابر رضي الله عنه أصبعيه على أذنيه، وقال: (...صُمَّتا ! إن لم أكن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( الورود ): الدخول؛ لا يبقي بر ولا فاجر إلا دخلها؛ فتكون على المؤمن بردًا وسلامًا، كما كانت على إبراهيم، حتى إن للنار ضجيجًا من بردهم ، ثم ينجي الله الذين اتقوا ويذر الظالمين فيها جثيا. رواه أحمد وغيره، قال ابن كثير : حديث غريب؛ وقال الشنقيطي : إسناده لا يقل عن درجة الحسن .
وروي عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال في قوله تعالى: { وإن منكم إلا واردها }: قال: ( يدخلونها، أو يلجونها، ثم يصدرون منها بأعمالهم )، رواه أحمد .
والذي يقوي القول بأن المراد بـ ( الورود ) هو ( الدخول )، قوله تعالى في الآية التالية للآية موضع الحديث: { ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا } (مريم:72) .
وقد أجاب القائلون: إن ( الورود ) هو ( الدخول ) على قوله تعالى: { أولئك عنها مبعدون }، بأنهم مبعدون عن عذابها وألمها، فلا ينافي ذلك ورودهم إياها، من غير شعورهم بألم ولا حر منها، كما حدث مع إبراهيم الخليل عليه السلام؛ واستدلوا لهذا بحديث جابر رضي الله عنه المتقدم .
القول الثاني: أن المراد بـ ( الورود ) هو ( المرور ) على الصراط المضروب المقام فوق جهنم؛ ودليل من قال بهذا حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وفيه: (... ويضرب جسر جهنم ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فأكون أول من يجيز، ودعاء الرسل يومئذ: اللهم سلِّم سلِّم، وبه كلاليب مثل شوك السعدان، غير أنها لا يعلم قدر عظمها إلا الله، فتخطف الناس بأعمالهم ) متفق عليه؛ وأيضًا ما جاء عند مسلم من حديث جابر رضي الله عنه، وفيه: (... وعلى جسر جهنم كلاليب وحسك، تأخذ من شاء الله، ثم يطفأ نور المنافقين، ثم ينجو المؤمنون ...) .
وفي رواية ثانية لـ مسلم ، جاء فيها: (... فيأتون محمدًا صلى الله عليه وسلم، فيقوم فيؤْذن له، وترسل الأمانة والرحم، فتقومان جنبتي الصراط يمينًا وشمالاً، فيمر أولكم كالبرق ، قال: قلت: بأبي أنت وأمي ! أي شيء كمر البرق ؟ قال: ألم تروا إلى البرق كيف يمر، ويرجع في طرفة عين، ثم كمر الريح، ثم كمر الطير، وشد الرجال تجري بهم أعمالهم، ونبيكم قائم على الصراط، يقول: رب سلم سلم، حتى تعجز أعمال العباد، حتى يجيء الرجل، فلا يستطيع السير إلا زحفًا، قال: وفي حافتي الصراط كلاليب، معلقة مأمورة بأخذ من أُمرت به ...)؛ فهذه الأحاديث وما في معناها، تدل على أن المراد بـ ( الورود ) هو ( المرور ) وليس ( الدخول ) .
وذكر الشيخ الشنقيطي في تفسيره، أنه قد روي عن ابن مسعود رضي الله عنه، و الحسن البصري ، و قتادة ، أنهم فسروا ( الورود ) في الآية بـ ( المرور ) .
القول الثالث: أن المراد بـ ( الورود ) هو ( المشارفة ) و( المقاربة ) وليس ( الدخول ) ولا ( المرور )، ودليل من فسر الآية بهذا بعض آيات ورد فيها لفظ ( الورود ) بمعنى ( المشارفة ) و( المقاربة )، كقوله تعالى: { وجاءت سيارة فأرسلوا واردهم } (يوسف:19)، وقوله سبحانه: { ولما ورد ماء مدين } (القصص:23)، قالوا: ( ورود ) الماء لا يلزم منه الدخول فيه؛ لأن ( الورود ) في الآيتين، لو كان يعني ( الدخول ) فيه، لكان معناهما غير مستقيم، فتعين أن يكون المقصود بـ ( الورود ) فيهما ( ورود ) مقاربة ومشارفة؛ والذي يؤيد أن ( الورود ) بمعنى ( المشارفة ) و( المقاربة ) قولك: وردت الماء إذا جئته، وليس يلزم أن تدخل فيه. ومن هذا القبيل قول زهير بن أبي سلمة :
فلما وردن الماء زرقا جمامه وضعن عصي الحاضر المتخيم
قالوا: والعرب تقول: وردت القافلة البلد، وإن لم تدخله، ولكن قربت منه .
وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن الخطاب في الآية خاص بالكافرين ولا يشمل المؤمنين؛ ودليل من قال بهذا، أن السياق الذي وردت فيه الآية وارد في أهل النار، والحديث عنهم دون غيرهم، وإذا كان الأمر كذلك، كان الأنسب - بحسب رأي هذا الفريق - حمل الآية على الكافرين دون المؤمنين؛ لأن حمل الآية على أنها خطاب للمؤمنين والكافرين في آن معًا - كما يقول ابن عاشور - " معنى ثقيل ينبو عنه السياق، إذ لا مناسبة بينه وبين سياق الآيات السابقة؛ ولأن فضل الله على المؤمنين بالجنة وتشريفهم بالمنازل الرفيعة، ينافي أن يسوقهم مع المشركين مساقًا واحدًا "؛ لكن، يجاب على من استدل بالسياق، بالسياق نفسه، حيث جاء فيه ما يفيد نجاة المؤمنين من هذا ( الورود )، وذلك في قوله تعالى: { ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا } .
وقد تقدم أن الذي عليه أكثر أهل التفسير، أن الآية عامة في المؤمنين وغير المؤمنين، لكن الخلاف وقع بينهم في تفسير هذا ( الورود ) هل هو دخول إلى النار، أم هو مرور على جسر منصوب عليها، أم هو اقتراب منها؛ وكل هذه المعاني يحتملها معنى ( الورود )، وعلى ضوئها يمكن فهم الآيتين الكريمتين والجمع بينهما، ويزول ما يبدو بينهما من تعارض .
 
أولا: أرحب بك أخي إبراهيم في ملتقى أهل التفسير وأسأل الله أن يجعلك موفقا مسددا.
ثم أشكرك على نقل هذه المشاركة الجيدة حقا والتي لاحظت تناقلها بين عدد من المواقع، فهل أنت كاتب أم ناقل؟
بارك الله فيك.
 
قال ابن جرير رحمه الله تعالى:
واختلف أهل العلم في معنى الورود الذي ذكره الله في هذا الموضع ،
فقال بعضهم : الدخول . ثم ذكر من قال ذلك
وقال آخرون : بل هو المر عليها . ثم ذكر من قال ذلك.
وقال آخرون : بل الورود : هو الدخول ، ولكنه عنى الكفار دون المؤمنين . ثم ذكر من قال ذلك.
وقال آخرون : بل الورود عام لكل مؤمن وكافر ، غير أن ورود المؤمن المرور ، وورود الكافر الدخول . ثم ذكر من قال ذلك.
وقال آخرون : ورود المؤمن ما يصيبه في الدنيا من حمى ومرض . ثم ذكر من قال ذلك.
وقال آخرون : يردها الجميع ، ثم يصدر عنها المؤمنون بأعمالهم . ثم ذكر من قال ذلك.

ثم إنه رجح ما أيدته الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم .فقال:
"وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال : يردها الجميع ثم يصدر عنها المؤمنون ، فينجيهم الله ، ويهوي فيها الكفار وورودهموها هو ما تظاهرت به الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من مرورهم على الصراط المنصوب على متن جهنم ، فناج مسلم ومكدس فيها . "
 
بسم الله الرحمن الرحيم، وبه أستعين.
صدقت القول أخي يا نسيم الخير، ففهم الآية على ظاهرها يؤدي إلى التناقض الصارخ مع كتاب الله تعالى، ولا ريب أن هذا الفهم سبيله تلكم الروايات التي تتاقض مع كلام الله تعالى، والواجب -كما قُلت- أن تكون هنالك غربلة دقيقة لكل ما ورد من الروايات، فما خالف النص القرآني فإنّه يضرب به عرض الحائط، وهذا المنهج نفسه هو الذي أشار إليه الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم عندما قال: ( إِنَّكُمْ سَتَخْتَلِفُونَ مِنْ بَعْدِي فَمَا جَاءَكُمْ عَنِّي فَاعْرِضُوهُ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ فَمَا وَافَقَهُ فَعَنِّي وَمَا خَالَفَهُ فَلَيْسَ عَنِّي).
ولو رجعنا إلى سياق الآية: {وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَّقْضِيًّا }وسياقها: {وَيَقُولُ الْإِنسَانُ أَئِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا ، أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا ، فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا ، ثُمَّ لَنَنزِعَنَّ مِن كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا ، ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِيًّا } فسياق الآية يتحدّث مع منكري البعث، وآية الورود كذلك خطاب لهم وَرَدَ على سبيل الالتفات من الغيبة إلى الحضور، ومثل هذا في القرآن الكريم كثير كما يعرفه من له أدنى اطلاع على كتاب ربّنا.
ومن وجه آخر فإنّ معنى الورود يتصرّف فيرد تارة بمعنى الدخول، وقد يرد بمعنى المشارفة.
وحمل الآية على أنها خطاب للمؤمنين وأنّ الورود فيها بمعنى الدخول يتناقض مع آيات كثيرة من القرآن الكريم التي تبيّن حالة المؤمن في ذلكم اليوم حيث لا يحزنهم الفزع الأكبر وتتلقاهم الملائكة، وفي هذا من الروايات الكثيرة العجيبة التي تُناقض هذه المعاني فوجب إبطالها.
فمن دخل النار فقد أخزاه الله وذلك واضح في قوله تعالى {رَبَّنَا إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ} ولا خزي في ذلك للنبي والذين آمنوا معه، فقد قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}.
وربّما أشكل على هؤلاء قوله تعالى بعد آية الورود {ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوا وَّنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا } فإن ظاهرها ورود للنار ثم تنجية منها، ولكن التنجية لا تدلّ على دخول النار فإنها تكون حتّى من الشيء المخوف المترقب وقوعه، فإنّ قولك مثلا: نجّيتُ زيدا من القتل، لا يدلّ على أنّ زيدا ثمّ قتله فإنّ التنجية هنا كانت من الشيء المخوف المترقب وقوعه.

هذا وإنّ الاستمساك بنور الله تعالى ووحيه واجب في مثل هذه الأمور العقدية التي يبنى عليها إيمان المسلم، ويظهر في سلوكه وأعماله، والله الهادي إلى سواء السبيل.
والسلام عليكم ورحمة الله.
(أبو محسن)
 
أخي نسيم هكذا بكل سهولة ؟
أولا القطعي هو الذي حقق شرطي القطعية والآية التي نتكلم عنها ظنية المعنى لا قطعية وفهمك ظني . وتفسيرك للآيات يدل على أن لك منهجا في التفسير تعارض من قبلك , بين منهجك ,ونناقشك في منهجك , لأن الواضح أنك لست على مذهب أهل السنة .الخبر الظني لا يجوز أن يعارض القطعي هذا أمر مفروغ منه . ولكن هذا ليس مكان هذه الأية .
ارجوا منك أن تبين منهجك في التفسير بداية ثم تطرح ما لديك , فما ذكرته في ردك هو امر محير لا يجعلني أعرف منهجك . فالملائكة هم أصحاب الأعراف !!!اليس غريبا أن يخاف الملائكة من دخول النار يزم القيامة ؟ وحسب تفسيرك أين سيكونون ؟
الخزي يكون لمن مكث في النار وعذب فيها والإبعاد عن النار بدخول الجنة فاهل الجنة لا يسمعون ما يزعجهم من عذاب اهل النار , وقد ذكر بنا أن أصحاب الجنة ينادون أصحاب النار وأصحاب النار ينادون أصحاب الجنة .فهل تنبهت لذلك ؟وذلك الصور الذي يضرب بين الناس الذي بابه باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب والمناداة بينهم .وسؤال المؤمنين لاهل سقر ,فدخول النار خزي اذا كان مكوثا فيها وعذاب , ولكن الورود فوقها دون أذى هو كرامة وفضلا منه ومنة.

هذا ضربته على سبيل وإلا فكيف ترد خبر ظني بفهم ظني ؟
 
الأخ الكريم نسيم بسالم : يعجبني حرصك على التأنق في الكتابة، والعناية بعلامات الترقيم، وليت بقية الأعضاء يتأنقون تأنقك، ويحرصون حرصك على تنسيق موضوعاتهم، والعناية بتشكيل ما يُشكِل منها لتسهل قراءتها.
وأما تعقيبك هنا فيبدو لي أن لديك خللاً في الفهم، فالسنة النبوية الثابتة حُجةٌ لا بُدَّ من الأخذ بها ولا خيار للمسلم في ذلك، وردُّها بهذه الطريقة ليس من منهج المسلم، وأُعيذكَ أن تكون مِمَّن يَردُّون السنة النبوية بأهوائِهم ويدعون إلى الاكتفاء بالقرآن وهذا ليس من الإسلام في شيء، ولعلي ألتمسُ لكَ العُذرَ بعدم اطلاعك على كلام العلماء وأهل التفسير وأهل الحديث، وإلا فلو حملتُ كلامَك على ظاهرهِ أدرجتُكَ ضمنَ الذين يردُّونَ السنَّةَ النبوية ويدعونَ إلى الاكتفاءِ بالقرآنِ وهذا كُفرٌ لا شكَّ فيه، لا علاقةَ له بالحوار العلمي، ولا الخلاف في مسألة ورود المؤمنين على الصراط أو غيره من المسائل الجزئية .
ولعل أحد الزملاء المشرفين يتولى الجواب عن هذه الأخطاء العلمية والشبهات التي وردت في كلام الأخ نسيم حتى لا يغتر بها أحد القراء الفضلاء ممن لا يعرف مثل هذه المناهج الباطلة في التعامل مع فهم كلام الله سبحانه وتعالى . وجزى الله أخي الكريم مجدي خيراً على تعقيبه المختصر أعلاه .
 
أسأل الله لي ولكَ الهدايةَ للحقِّ، وإِنِّي أَرى لكَ عَقلاً أَرجو أَلاَّ يَخذُلَك في طَلبِ الحق إن شاء الله. ومن حقك أن تسمع ما يشفي غَليكَ ما دُمتَ تطلبُ الحقَّ، ولولا أشغال تتزاحمُ بين يديَّ لكنتُ أشرفُ بمناقشتك وأستفيد، ولكنني لا أملك من الوقت الآن ما يعينني على قراءة كتاباتك والكتابة المُطوَّلة للجواب.
وليتك تقرأ كتاب (السنَّةُ ومكانتُها في التشريع الإسلامي) للدكتور مصطفى السباعي، ففيها دراسةٌ مطوَّلةٌ للموقف الصحيح من السنَّة النبويَّةِ .
ولستُ أعلم خلفياتك الدينية والعقدية حيث لم أقرأ ما كتبتم كله، فقد تكون تتبنى معتقداً غير رأي السنة والجماعة لا تقبل فيه نقداً ولو جاءتك كلُّ آية، فإني أكره الجدل لذاته إذا لم يكن الغرضُ منه الوصول للحق والرجوع إليه، وإلا فلستُ بصدد نقل المناظرات من بطون الكتب - إنْ كنتَ قدْ قرأتَها - إلى الملتقى . فإني أشمُّ من كلامك الإزراء على علماء الحديث، والتهوين من شأن رواياتهم، والتعريض بصحيح البخاري في قولك : (وأدَّعي أنَّها أصح الكُتب بَعدَ كِتاب الله؛ وأعبُّ مِنها عبا بَعدَ ذَلك كحاطِب لَيل؛ وأؤسِّسَ لفكر أنَّ السُّنَّة قاضيَة على الكِتاب؛ وأنَّ الكِتاب أحوَج إلى السُّنَّة مِن السُّنَّة إلى الكِتاب...) وهذا منهج لبعض الفرق المخالفة للكتاب، والمعارضة للكتاب كبعض فرق الخوارج والباطنية .
والحديث عن منهج علماء الرواية والحديث حديثٌ عن الدقةِ والأمانةِ والصدق والإبداع والتحري الشديد، والنبوغ الفريد المدهش في التدقيق والتوثيق، والذي يُهوِّنُ من شأَنهم لا يخلو من جهلٍ بذلك، أو حقدٍ شديدٍ لمعرفته بإحكام منهجهم وإغلاقهم عليه منافذ الشبهات والشكوك بما رووه ونقلوه .
نسألُ الله أن يعيذنا من مضلات الفتن، وأن يكفينا شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، ولو أردنا أن نجادل كل مخالف في كل جزئية من قوله في هذا الملتقى لاستغرقنا العمر في ذلك، وما أحسبُ عمرَ بن الخطاب رضي الله عنه قد غابتْ عنهُ الحُجَّةُ في مجادلة صَبيغٍ عندما تعامل معه بالدرة، ولكن لا بأس بمساحة من النقاش تعين على الفهم، وتفتح المجال لطالب الحق، وما سوى ذلك فقد نصصنا في سياسات الموقع في المادة الأولى ما نصه :
البوابة الإلكترونية للتفسير (ويتبعها ملتقى أهل التفسير) تتخذ من منهج أهل السنة والجماعة منهجاً لها تعتمده في بحوثها ومقالاتها، وكل ما يُخالف هذا المنهج فليس مقبولاً لديها، ولا يُسمَح بكتابتِه، وإن وجد شيء من ذلك فهو يُمثِّل رأي كاتبه .
 
بداية أشكر الشيخ عبد الرحمن على تعقيبه وأوافقه فيما تفضل فيه وقد طلبت من الأخ الفاضل نسيم أن يخبرنا بمنهجه فأخبرنا بمجمل لا يوضح إنتمائه وبما أنه في الجزائر وما ذكره من قول فإني أظنه من الإباضية , وأيا كان منهجه أو مذهبه فإن القول الذي تفضل به هو خلط لمواضيع تستخدم في الأصول أرادها في الفروع !!! . فالقطعي من الأحكام هو الأصل الذي يبنى عليه الدين والقطعي من الأخبار يجب الإعتقاد به . وما زعمته يا أخي نسيم أن تفسيرك أصبح قطعيا من أجل استقرائك فهذا مردود لأمرين :
الأول أن حاصل القطعي هو ما لا يَحتملُ أكثر من أمر واحد,ومعلوم أنه إذا دخل الإحتمال بطل الإستدلال في الإصول التي يبنى عليها الفروع ,وأن القطعي من الأخبار لا يمكن تصوره بأكثر من صورة فيما يقطع به ,فأهل الكهف كان معهم كلب ولكن عدتهم قد يختلف الناس بها . فلو قال أحد الناس أنه استقرأ النصوص والأخبار وأن عدتهم سبعة وثامنهم كلبهم ,لم تكن نتيجته قطعية إلا إذا اخبر الناس بما يبرهن قوله بما لا يدع مجال لغيره في معارضة رأيه .
الثاني : أن الحكم الشرعي لمخالف القطعي من الأخبار بعد البيان هو كفر مكذبها أو منكرها لأنه تكذيب للشريعة والخالق عز وجل ولا أظنك ترى ذلك .

بالنسبة لقولك عن عدم سماع أهل التقوى والسعادة للنار والمعذبين فليتك تنبهت للآيات التي أوردتها لك والخطاب بين أهل الجنة والنار ,ثم كيف تزعم أن من يرى ذلك هو من الأشقياء ثم تزعم أهل أهل الأعراف هم الملائكة !!!أليس هذا شأن غريب في مسألة أتيت بها آيات تتكلم عن الشفاعة ثم تزعم أن هؤلاء يرغبون أن يشفع لهم ويخافون النار ؟أم تستدل بمن سبقت لهم الحسنى أنهم مبعدون عنها ؟ فكيف جعلت الملائكة ليسوا منهم ؟
اظن اخي الكريم أن كل ما ذكرته من آيات تحتمل معان غير ما ذكرت وهذا يضعف اسقرائك للآيات , ف"لا يسمعون حسيسها " و"مبعدون " وغيرها كل هذا بعد الحساب ,ودخول أهل الجنة الجنة والنار النار . وقد ذكر ربنا عدة آيات لو نظر فيها أي إنسان بطريقتك لرأى تعارض والعياذ بالله تعالى , فقد قال عز وجل "ولا يسأل حميما حميما "وقال "يتعارفون بينهم " وقد سأل أحد الناس ابن عباس رضي الله عنه عن بعضها كما في صحيح البخاري .

وحتى لا تظن أن ما خطر ببالك أمر غاب عمن سبقك سأنقل لك من تفسير الطبري ما يبين لك خلاف ظنك :
يقول تعالى ذكره : لا يسمع هؤلاء الذين سبقت لهم منا الحسنى حسيس النار ، ويعني بالحسيس الصوت والحس .

فإن قال قائل : فكيف لا يسمعون حسيسها ، وقد علمت ما روي من أن جهنم يؤتى بها يوم القيامة فتزفر زفرة لا يبقى ملك مقرب ولا نبي مرسل إلا جثا على ركبتيه خوفا منها ؟ قيل : إن الحال التي لا يسمعون فيها حسيسها هي غير تلك الحال ، بل هي الحال التي حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثنى عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله ( لا يسمعون حسيسها وهم في ما اشتهت أنفسهم خالدون ) يقول : لا يسمع أهل الجنة حسيس النار إذا نزلوا منزلهم من الجنة .

إذا ظنك بأنك توصلت لجديد هو ظن يدل على عدم مرورك على التفاسير ,أو أنك غضضت الطرف لهوى في نفسك .
على أي حال أخي الكريم إذا أصلت الموضوع من أوله وبداية من حيث المنهج سيطيب الحوار في ذلك ,فقولك عن السنة حيث أنك تقول أصلي وأصوم وأزكي وسأحج يدلل أنك تعترف بالسنة ولكن ردك لمنهج أهل السنة يجعلنا نستفسر منك :ما منهجك ؟
ثم إنك من متخصصي الفقه الإسلامي وفي مرحلة الماجستير وأستغرب أنك تقول المتواتر في السنة العملية , فهل التواتر إلا في بعض العبادات دون غيرها ,وهل ترى اركان الحج مثلا متواترة عمليا؟وما تقول في الخلاف فيها ؟فالرافضة يصح الحج عندهم بعد يوم عرفة ,وعندهم خمس صلوات في ثلاث أوقات ,وعندهم الخمس بدلا من الزكاة .وهل ما يقال في الصلاة متواتر عملي وما حكم من خالف فيه ؟
لاحظ أنك اردت أن تخرج من متاهة التعارض والترجيح فوقعت في عالم من الأوهام ,وبما أنك متخصص في الفقه فلعلك تعلم الخلاف في تفاصيل هذه الأركان للإسلام ,والغريب أنك لم تنتقد اسلوب أهل الحديث بطريقة علمية بل بأنها متناقضة بزعمك. وبنفس زعمك زعم النصارى والملحدون على القران وبنفس الطريقة التي تطرحها هنا ,والذي ينبغي دائما هو أن نتفق على الأصل كي يكون تواصل بيننا وفهم لبعضنا البعض .

ثم إن ما ذكرته من أقول لأهل الحديث يمكن النظر اليها بصورة أفضل من الوجه المظلم الذي نظرت إليه فالله عز وجل قال وأقيموا الصلاة ,فلولا السنة لم نعرف ما نقول ولا ما نفعل اذا سهونا في الصلاة ولا مقدار الزكاة ولا نصابها ,ولم يكن لأي من أهل الحديث غرض بمثل هذه العبارة الإنقاص من القران بل إنه من المعلوم أن أهل الحديث ذكروا في أدب التعلم أنه يجب التفرغ لحفظ القران قبل حفظ الحديث ,فلا تجعل هوة بين القران والسنة واهل القران واهل السنة فالذين نقلوا الحديث هم من نقلوا القران .


 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أيها الإخوة الفضلاء.

لكم يسعد المرء لما يجد أقواما يتدارسون كلام رب العالمين ويحاولون الوقوف على أنواره ودرره، وإنها لحق غبطة تغمر كل مسلم يقيم لكتاب الله تعالى وزنا، ويرى الناس لاهين بحفظه وترداده دون الوقوف ساعة ليسمعوا بعضا من إنذاره وتبشيره بنور عقولهم وبصائر قلوبهم.

وقفت بين يدي هذا الموضوع المهم مستفيدا، ولكم أعجبني أدب المحاورة التي تصبغ هذا الموضوع رغم شقة الخلاف الظاهرة، وإني لأرجو من الإخوة أن يتعالوا إلى علياء القرآن الذي يسع العالمين بعلمه وفضله، ويستنكفوا عن بعض الأوصاف التي عفا عنها الزمن، من قبيل الاتهام بالخوارج أو التغني بانتماءات ومسميات لا يقوم دليل قاطع على عصمتها، وليكن نبراسنا الحجة والدليل، ومذهبنا وملجؤنا ربنا وخالقنا الذي نقف أمامه يوم البعث ولا يسألنا عن مذهب أو انتماء أبدا إلا إسلامنا ورسولنا وقرآننا وما عملنا فيما علمنا " ألم تك تأتيكم رسلكم بالبينات"، فحيث سارت بنا الأدلة من القرآن والسنة النبوية سرنا، ولا حصانة لفكر أو عالم إلا لكتاب الله تعالى وسنة نبيه الثابتة ثبوتا متفقا عليه.

وإني لأقترح على رواد هذا المنتدى المبارك أن يبادروا إلى عمل كريم يكون لهم ذكرا عند رب العزة جل وعلا، وهو أن نتعاون على رسم صورة لليوم الآخر من لحظة الموت إلى آخر مشهد من مشاهد يوم القيامة، ويكون المنهج بداية قرآنيا خالصا بأن ترتب الآيات حسب الترتيب الزمني لمشاهد يوم القيامة، استقراء واستقصاء، وبعد هذه العملية المتكاملة تضاف التفصيلات التي أتت بها سنة نبينا صلى الله عليه وسلم، لتكتمل الصورة في النهاية، على أن يُتوقف من كل آية تشابه علينا معناها ومن كل رواية لا يُعلم لها مكانا منسجما في النموذج، وإني لأظن أن هذا أقل ما يمكن أن يقوم به طلبة العلم خدمة لكلام ربهم واعترافا بفضله، وأنه أول عمل ينبغي القيام به فالمصير أمر خطير.

والله تعالى أسأل أن يؤلف بين القلوب المؤمنة ويهديها حيث رضوانه وتوفيقه، ويجمعها على سرر متقابلين في جنات النعيم.
 
بمناسبة هذا النقاش العلمي الممتع، أحب أن أقدم بين يدي القراء مقالا لفضيلة الوالد الكتور محمد عناية الله سبحاني حفظه الله ورعاه.

قال الله تبارك وتعالى في كتابه العزيز:
(وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا (سورةمريم:71)

تأويل الآية عند البغوي:
قال البغوي في تأويل تلك الآية:
واختلفوا في معنى الورود هاهنا، وفيما تنصرف إليه الكناية في قوله: { وَارِدُهَا } قال ابن عباس رضي الله عنهما وهو قول الأكثرين؛ معنى الورود هاهنا هو الدخول والكناية راجعة إلى النار وقالوا: النار يدخلها البر والفاجر ثم ينجي الله المتقين، فيخرجهم منها.
والدليل على أن الورود هو الدخول: قول الله عز وجل حكاية عن فرعون: "يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النار"
وروى ابن عيينة عن عمرو بن دينار أن نافع بن الأزرق مارى ابن عباس رضي الله عنهما في الورود فقال ابن عباس رضي الله عنهما: هو الدخول. وقال نافع: ليس الورود الدخول، فتلا عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قوله تعالى: "إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون" (الأنبياء:98) أدخلها هؤلاء أم لا؟ ثم قال: يا نافع أما والله أنت وأنا سنردها وأنا أرجو أن يخرجني الله منها وما أرى الله عز وجل أن يخرجك منها بتكذيبك.
وقال قوم: ليس المراد من الورود الدخول، وقالوا النار لا يدخلها مؤمن أبدا لقوله تعالى: "إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون لا يسمعون حسيسها" (الأنبياء:101-102)
وقالوا: كل من دخلها لا يخرج منها. والمراد من قوله: { وَإِنْ مِنْكُمْ إِلا وَارِدُهَا } الحضور والرؤية،لا الدخول كما قال الله تعالى: "ولما ورد ماء مدين" أراد به الحضور.
وقال عكرمة: الآية في الكفار فإنهم يدخلونها ولا يخرجون منها.
وروي عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: { وَإِنْ مِنْكُمْ إِلا وَارِدُهَا } يعني: القيامة والكناية راجعة إليها.
والأول أصح وعليه أهل السنة أنهم جميعا يدخلون النار ثم يخرج الله عز وجل منها أهل الإيمان بدليل قوله تعالى:{ ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا (72) }(البغوي - معالم التنزيل)

رؤيــــــــــــــــــــــــــــةابن الجوزي:
وقال ابن الجوزي:
قوله تعالى : { وإِنْ منكم إِلا واردها } في الكلام إِضمار تقديره : وما منكم أحد إِلا وهو واردها .
وفيمن عُني بهذا الخطاب قولان .
أحدهما : أنه عامّ في حق المؤمن والكافر، هذا قول الأكثرين . وروي عن ابن عباس أنه قال : هذه الآية للكفار. وأكثر الروايات عنه كالقول الأول .
وفي هذا الورود خمسة أقوال .
أحدها : أنه الدخول . روى جابر بن عبد الله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " الورود : الدخول لا يبقى بَرّ ولا فاجر إِلا دخلها ، فتكون على المؤمن برداً وسلاماً كما كانت على إِبراهيم ، حتى إِن للنار أو قال : لجهنم ضجيجاً من بردهم " وروي عن ابن عباس أنه سأله نافع بن الأزرق عن هذه الآية ، فقال له : «أمّا أنا وأنت فسندخلها ، فانظر أيُخرجنا الله عز وجل منها ، أم لا؟» فاحتج بقوله تعالى { فأوردهم النار } [ هود : 98 ] وبقوله تعالى : { أنتم لها واردون } [ الأنبياء : 98 ] .
وممن ذهب إِلى أنه الدخول : الحسن في رواية ، وأبو مالك .
والثاني : أن الورود : الممرُّ عليها ، قاله عبد الله بن مسعود ، وقتادة . وقال ابن مسعود : يَرِد الناس النار، ثم يصدرون عنها بأعمالهم ، فأولُهم كلمح البرق ، ثم كالريح ، ثم كحُضْر الفرس، ثم كالراكب في رحله ، ثم كشدِّ الرحل ، ثم كمشيه .
والثالث : أن ورودها : حضورها ، قاله عبيد بن عمير .
والرابع : أن ورود المسلمين : المرور على الجسر ، وورود المشركين : دخولها . قاله ابن زيد .
والخامس : أن ورود المؤمن إِليها : ما يصيبه من الحمَّى في الدنيا ، روى عثمان بن الأسود عن مجاهد أنه قال : الحمَّى حظّ كل مؤمن من النار ، ثم قرأ : «وإِنْ منكم إِلا واردها» فعلى هذا مَن حُمَّ من المسلمين ، فقد وردها. (زاد المسير في علم التفسير:سورةمريم)
وهكذا نرى المفسرين رحمهم الله تحير وا في تأويل الآية، واختلفوا.
تحيروا في معنى الورود على خمسة أقوال،فمنهم من شرّق،ومنهم من غرّب، وشتان بين مشرّق ومغرّب!
وتحيروا فيمن عُني بهذا الخطاب،فمنهم من خصّص،فجعل وجه الخطاب إلى الكفار، ومنهم من عمّم، فجعل وجه الخطاب إلى الكفار والمؤمنين جميعا،وقال: الكفار والمؤمنون جميعا يدخلون النار،لاينجو منها أحد،ثم يخرج الله المؤمنين منها،ويذر الظالمين فيها جثيّا.
والعجيب في الأمر أن هذاالمفهوم الأخير هوالذي حظي بالقبول عند الجماهير، حتى قال البغوي:"والأول أصح، وعليه أهل السنة، أنهم جميعا يدخلون النار، ثم يخرج الله عز وجل منها أهل الإيمان."

سؤال وإشكال:
وهنا يثور سؤال، ويأتي إشكال :
كيف يكون هذاالرأي أصح ؟ وهو يخالف صريح القرآن،حيث قال تعالى:
إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ (101) لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ (سورةالأنبياء:102)
فهذا وعد من الله أنه يبعد المؤمنين من النار،ويجعل بينهم وبينها مسافة سحيقة حيث لايسمعون حسيسها، فكيف يصح القول بأنهم يدخلونها، ثم يخرجون منها ؟
وكيف يكون هذا الرأي أصح ؟ وهويخالف سياق الآية،ويخالف جوّالسورة، فقد سبقها قوله تعالى:
وَيَقُولُ الْإِنْسَانُ أَإِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا (66) أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا (67) فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا (68) ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا (69) ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِيًّا (70)
وهو كلام يتعلق كلّه بالكفار،حيث يصف إنكارهم للبعث بعد الموت، ثم يوبّخهم على هذا الإنكار والاستهزاء، ويصف وضعهم السيئ المخزي يوم القيامة،ثم تأتي تلك الآية:
وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا (71)

أسلوب الآية،وجوّالسورة:
علماً بأن تلك الآية ماجاءت على أسلوب الخبر،وإنماجاءت على أسلوب الوعيد والتهديد، وهذاالوعيد ليس كأيّ وعيد،بل هو وعيد له أزيز كأزيز الرعد،يرتجف له القلب،وتذوب له النفس !
فمامعنى توجيه مثل هذا الوعيد والتهديد إلى المؤمنين ؟
واستمرّ بعدها الكلام عن مواقف المجرمين،وأقوالهم وأحوالهم بأسلوب يرمي بشرر كالقصر،إلى أن ختمت السورة بتلك الآيات :
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا (96) فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا (97) وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا (98)
والسورة كماختمت بتبشير المتقين،وأنه سيجعل لهم الرحمن ودّا،فكذلك بدئت بذكرالرحمة،حيث قال تعالى:كهيعص (1) ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا (2) إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا (3)
ثم مضامين السورة كلها تحمل البشرى بالإنعام والإكرام لعباد الله المتقين،كما تحمل الإنذار للطغاة المستكبرين.
فسياق الكلام، وجوّ السورة،وجرس الكلمات،ولهيب الأسلوب كله لايقبل أبدا أن نعمّم الخطاب،ونجعله للكفار والمؤمنين سواء ، ونقول إن المؤمنين بأنبيائهم ورسلهم يدخلون النار !! كما يدخل الكفار، ثم يُخرج منها المؤمنون، ويترك فيها الكافرون.

استعمالات الورود ومشتقاته في القرآن:
ومما يجدر بالانتباه أن القرآن استعمل لفظ الورود للورود في الدنيا، مثل قوله تعالى:
وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ (القصص:23)
وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ فَأَدْلَى دَلْوَهُ قَالَ يَا بُشْرَى هَذَا غُلَامٌ وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ(19)

كما استعمله للورود في الآخرة، ولكنه فرّق بين الاستعمالين،فكلما استعمله للآخرة لم يستعمله إلا في سياق العصاة و الطغاة، مثل قوله تعالى:
وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ (96) إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَاتَّبَعُوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ (97) يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ (سورة هود:98)
إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ (98) لَوْ كَانَ هَؤُلَاءِ آلِهَةً مَا وَرَدُوهَا وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ (سورة الأنبياء:99)
يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا (85) وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا (سورةمريم: 86)
وهناأصبح هذا الفرق واضحاجدا حيث استعمل للمتقين (وفداً) واستعمل للمجرمين (ورداً) مع أن السياق نفس السياق.
زد إلى هذه الآيات تلك الآية التي نتحدث عنها:وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا(71)
تلك الاستعمالات للفظ الورود،ومشتقاته إن دلت على شيء فإنما تدل على أن الخطاب في الآية التي نتحدث عنها، ليس موجها إلى المتقين، بل هو موجّه إلى المنكرين المجرمين.

معنى التنجيــــــــــــــة في القرآن:
قد يقال: إذا كان المؤمنون لايدخلون النار،فمامعنى قوله تعالى:ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا (72)
نقول: إن التنجية لاتحمل دائما معنى الإنقاذ من المصيبة التي وقع فيها الإنسان،بل كثيرا ما تفيد معنى إبعاد الإنسان من موقع العذاب،أو من موقع الخطر قبل أن يقع فيه.
والقرآن استعمل تلك الكلمة في المعنيين،فمن شواهد المعنى الثاني قوله تعالى:
إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى مَنْ يَكْفُلُهُ فَرَجَعْنَاكَ إِلَى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَقَتَلْتَ نَفْسًا فَنَجَّيْنَاكَ مِنَ الْغَمِّ وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ ثُمَّ جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَا مُوسَى(سورةطه:40)
وقوله تعالى: وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُودًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَنَجَّيْنَاهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ(سورةهود:58)
وقوله تعالى: وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (17) وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (سورةفصلت:18)
وقوله تعالى: وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ (60) وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (سورةالزمر:61)
وقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (سورةالصف:10)
فتلك الآيات واضحة في أنه استعمل فيها لفظ الإنجاء والتنجية بالمعنى الذي أشرناإليه،وهو إبعاد العبد من موقع الخطر قبل أن يقع فيه. والقرائن كلها تدل على أنه هوالمراد في الآية التي نتحدث عنها.
فربنا سبحانه وتعالى يحشرالمتقين إلى الرحمن بكل إعزاز وإكرام، و يجعلهم على بعد شاسع من النار،حيث لايسمعون حسيسها، ويسوق المجرمين إلى جهنم مثل المواشي والأنعام،حيث ترهقهم ذلة، ويجللهم الخزي والهوان.
 
وأمَّا أنتَ أُستاذ "مَجدي" فأوافقُكَ أنَّ الدَّليلَ الواحِد (حتى مِن القُرآن) قَد يتطرَّقُ إليه الاحتِمال؛ فليسَت كُلُّ الآيات مِن قبيل المُحكم؛ بل هُنالِك المُفسَّر والظَّاهِر والمُؤوَّل...الخ (كَما أبدَع في تفصيل ذَلك أصوليي الحَنفيَّة)؛ وإنَّا أنا أُحاجِجُ في كُلِّ ما كَتبتُ باستِقراء آيات القُرآن (والاستِقراء التَّام قَطعي لا محالَة)؛ فتظافُر الأَدلَّة في عِدَّة موارِد وفي عدَّة مُناسَبات في عدَّة مواضِع؛ يُكسبُ المَسألة قَطعا لا مِراءَ فيه. وأستعجبُ مِنك تَمثيلَك بعدَّة "أصحاب الكَهف" بعدَ الأَمر القُرآني الواضِح بِعدم المِراء فيهم؛ والتَّسليم للنَّبأ الرَّباني في قصَّتِهم عُموما. ورُبَّما لستُ تُفرِّق بينَ قطعيَّة النَّص في ذَاتِه وقطعيَّتِه في تَطبيقِه على الواقِع؛ فليسَ هذا مِن ذاك.
.
معذرة أخي الذي يرفع الحكم من الظني الى القطعي يجب أن لا يتطرق اليه الإحتمال مع الحكم الظني وهذا نوع من التظافر يرفع الحكم من الظني الى القطعي ,لكن ما استدللت به لا يمكن أن يكون كذلك وقد بينت لك قول ابن جرير رحمه الله في الرد على ما قلته من اذهاب الحزن وعدم سماع حسيسها وغيرها .
وأما ما مثلته لك من قصة أهل الكهف فلا أوافقك في تفسيرك للنهي بل هو نهي خاص عن استفتاء أهل الكتاب فيهم والله عز وجل قال أنه يوجد من يعلم عدتهم .على أي حال كيلا نخرج عن الموضوع أرجوا أن نركز الحوار بهذه النقطة .
فلو كان الأمر كما زعمت أصبح قطعيا فهل تطلق على من خالفك حكم مخالف القطعي ؟

ثم القول بأن النبي صلى الله عليه وسلم لا يمكن أن يقول هذا الأمر فهذا يتطلب منك دليل قطعي أنه لا يمكن وإلا فهو ظمن ممكنات قوله .
وبالنِّسبَة لِنداء أهل الشَّقاء لأهل الجنَّة فثابِت نَعم؛ ولكِن بعد استِقرارِ كُلٍّ في مَثواه! بكيفيَّة الله وَحدَه العَليم بِها؛ ولَكن قَطعا ليسَ فيها تخويف لأصحابِ الجنَّة مِثقالَ ذَرَّة؛ بل رُبَّما يكُون لَهُم فيها استِشعار أكبَر بنِعمَة الله عَليهم لمَّا يطَّلعُون على أهل الشَّقاء. والعَكس كذَلك بالنِّسبَة للأشقياء (أي يَزدادون حسرة ومَرارَة والعياذُ بالله)؛ وفي كُلِّ الأحوال واضِح أن لا وُرودَ بالمَعنى الذي تُصوِّرُه الروايات! ولا أزال أستَعجبُ مِن ذَلك النَّقل الذي نَقلته من الطَّبري؛ كيفَ أنَّ جهنَّم تَزفر ولا يَبقَى نبي مُرسَل ولا مَلك مُقرَّب إلا جَثا على رُكبَتيه! سُبحانَك يا رب!
.
قبل مداخلة لم تستعجب من خوف الملائكة والآن تستغرب من خوف المؤمنين وهل المكلف هو الذي يخاف على نفسه أم الملائكة الذين لا يعصون الله ما أمرهم ؟

" جنات عدن يدخلونها يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا ولباسهم فيها حرير ( 33 ) وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور ( 34 ) "

الحزن الذي اذهبه عنهم هو بعد دخول الجنة .ثم إن مجرد استغرابك من الرواية ناجم عن فكر مسبق عند وهو أن أهل الجنة يحدث لهم الأمان منذ نفخ الصور ,وهذا سبب اعتراضك لأن الشرع ولا العقل ينفي ذلك أو يحيله بل هو من باب الممكن الذي يتصور فيما ذكره ربنا عن القيامة .
" يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد "






{وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُواْ عَلَيْنَا مِنَ الْمَاء أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللّهُ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ} [الأعراف : 50].
تأمَّل كلمَة "نادَى" وكيفَ أنَّها تدلُّ على البُعد؛ ممَّا يُقوِّي أن لا تَلاقي أبدا بينَ السُّعداء والأشقياء
{قَالَ هَلْ أَنتُم مُّطَّلِعُونَ [الصافات : 54]. فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاء الْجَحِيمِ} [الصافات : 55].
لاحَظ أنَّ ربَّ العزَّة قالَ "اطَّلَع" ولَم يقُل "ورَد" ، وهذا طَبعا بعدَ استِقرارِه في الجنَّة؛ وشاشات العَرض الآن تُقرّب لِنا الصُّورة؛ فبإمكان المَرء الاطِّلاع على أحداث بَعيدَة عَنه آلاف الأَميال؛ وهُو مُتَّكئ على أريكَتِه!
أُستاذ "مَجدي" أنا أرجِع إلى التَّفاسير وأستَفيدُ مِنها كَثيرا؛ ولَكن أقُول لَك بدُون غِربال القُرآن الدَّقيق؛ سيَختَلط لكَ فيها الحابِل والنَّابِل؛ لأنَّها دَوما في النِّهايَة مِن تأليفِ بَشر يُخطئ ويُصيب!
.
نادى ليست تدل على البعد لا المكاني ولا المعنوي لأن عدة آيات تدل على ذلك . وقد وردت الآية "أولئك ينادون من مكان بعيد "وما ورد من منادات نوح لإبنه وما ورد من منادات زكريا ربه .فأنت ترتب أوراقك على الظنيات وتجعلها قطعيات نحكم بها كل شيء .
أما الغريب أنك ترى اقوال العلماء المبنية على الأخبار الصحيحة تصيب وتخطيء وتسمي فهمك الذي خالفت فيه معظم أهل التفسير قطعي بسبب الإستقراء الذي تقوم به ,وهل غيرك لا يستقري ولا يبحث ؟واذا نسبت الخطأ لغيرك لماذا تجعل قولك أنت قطعي ؟؟؟وهل فهمك قطعي وفهم الناس ظني ؟ !!!!
أخي الكريم أنا فقط أرد لك حجتك بنفس الطريقة التي قمت بها سابقا وإن كنت ترى أني اتكلف بالرد عليك فلعلك لو نظرت في ردك لوجدت أنك تتكلف ,وهذه الدنيا الكل يعجب ببضاعته , وأغلب بضاعتنا مزجاة ما لم تكن مدعمة بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم , إن ما أردت أن أبينه لك أن الفكرة عندك قد غلبت على البحث فالفكرة عندك أنهم صالحون فكيف يمرون فوق النار ورودا ؟



وأمَّا بالنِّسبَة لقضيَّة المُتواتِر؛ فأقُول لكَ أنَّ ما استَفاضَ في مَشارِق الأرض ومَغارِبَها بين المُسلمين لا يحلُّ لي خِلافُه أبدا؛ فهُو قَطعي؛ ولا عِبرَة فيه بالشُّذوذ النَّادر (كما مثَّلت بالرَّافِضَة في قضيَّة عرَفة)؛ فالمُسلمُون على كافَّة المَذاهب مُتفقون على الوُقوف في عرَفة في ذَلك اليَوم المَعرُوف؛ فيحرُم على مَن خالَف ذَلك. ولستُ أقُول بأنِّي آخُذ بالمُتواتِر فقَط وأُهمِل ما عَداه (كَما توهَّمت رُبَّما)؛ بل أقُول كَما سبَق أن فصَّلت في الروايات التي تتضمَّن جُزئيات العبادات؛ ولا داعي لإعادَة ما قُلت.
.
لهذا سألتك ما هو منهجك في قبول الأخبار وذكرت لك أن ما ذكرته سابقا ليس منهجا بل هو هوى لأن كل إنسان بهذه الطريقة يستطيع أن يثبت رأيه , ألم تر أن الخوارج حاجوا ابن عباس بالقران وهو أعلم منهم وقد رد عليهم وعلمهم فمنهم من رجع ومنهم من هلك ,نحن نتكلم عن خبر الواحد كيف تقبله أو ترده ؟ أهل الحديث وضعوا قواعد وأهل البدع يعرضونه على مذهبهم , وكنت قد سألتك عن أمور أخرى تعلمها بسبب تخصصك كالحج والصلاة هل ما يقال فيها متفق عليه ؟وكيف تقرر صيغة ما يقال في الجلوس الأخير وفق منهجك الذي ذكرته سابقا ؟





وبالنِّسبَة لآيَة سُورة "يُونس"؛ فلا تَعني أنَّ التَّعارف يَحدُث في الآخِرة؛ بل واضِح أنَّ الآيَة تتحدَّث عَن استِقلال الأشقياءِ لزَمن الدُّنيا (وهذا نجدُه في كَثير من الآيات في القُرآن)؛ ومَعناها أنَّ زَمن الدُّنيا يُحسُّه الشَّقي كَما لَو وَقفَ مَع إنسان في الدُّنيا يتَعارَفُ مَعه؛ فكَم يستَغرِق هذا التَّعارُف مِن وَقت؟ هذا زَمن الدنيا بالنسبة للآخِرة! فهَل تتصوَّر تعارُفا في المَحشر عِند أصحابِ الجَحيم؟! على ماذا ولأجل ماذا؟! نَعم يَتخافتُون بينهُم في بِدايَة المَحشَر؛ ولَكن بعد ذَلك يَقع تهارج وتخاصم حتَّى بينَ ذَوي الأرحام، نسأل الله مِنه العافيَة!
{فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءلُونَ }[المؤمنون : 101].
.
هذه الأية مما ذكر ابن عباس رضي الله عنه متى يكون لا يتسائلون أما تفسيرك فهو بعيد لأن الله عز وجل ذكر ذلك في أكثر من آية : فقد ذكر عز وجل حوار اصحاب الأعراف مع أهل الجنة وأهل النار وتسائل المسلم عن قرينه الذي يقول له تالله إن كدت لتردين ,وذكر كم لبثتم في الأرض عدد سنين وقول بعضهم إن لبثتم إلا يوما .وقال عز وجل وأقبل بعضهم على بعض يتسائلون .





وأمَّا عَن قَولِك إنَّ نَقلَة القُرآن هُم نَفسُهم نَقلَة الحديث؛ فلمَ تُشكِّك في الحَديث ولا تُشكِّك في القُرآن؟ والجَواب على ذَلك طَبعا واضِح أن القُرآن لَم ينقطَع تواتُره في أيَّة طَبقَة من الطَّبقات؛ بل إنَّه في كُلّ طَبقَة يَزداد بالملايين رُبَّما؛ وكلامُنا عَن أحاديثِ الآحاد وهَل يُؤخذ بِها في مَسائِل الاعتقاد؟! وهَل ادَّعى أحدٌ قطعيَّتَها؟! وإن كانَ فبأيَّة حُجَّة؟! هذا ما نُناقش فيه؛ وأمَّا كتاب الله فقَد تولَّى ربُّ العالمين حِفظه نصا!
أسأل الله لي ولكُم التَّوفيق والسَّداد؛ وأن يَهدينا جَميعا إلى سَبيلِ الرَّشاد. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاتُه
وهل اناقشك بأن ثبوت القران مثل ثبوت السنة أم هل ترى أن اهل الحديث ساوو بينهم . ألم تعلم أن مخالفة الحديث للقران أو لحديث أصح منه يعتبر شذوذا وقد يكون منكرا ؟
واريد أن أعرف اسم عالم واحد من أهل السنة وافقك على اسلوبك في قبول الأخبار ؟
 
الأولى في رأيي أن يكون النقاش فقط حول موضوع تفسير معنى الآية، (والأقوال التي قيل فيها لا تخرج عما نقل السلف عن السلف) وأما الموضوعات المنهجية الأخرى فتبحث تحت عناوين مستقلة.
 
يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا (85) وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا (سورةمريم: 86)
وهناأصبح هذا الفرق واضحاجدا حيث استعمل للمتقين (وفداً) واستعمل للمجرمين (ورداً) مع أن السياق نفس السياق.
هذا الإستنتاج غريب جدا لأن وردا يعني عطشى
قال ابن جرير:
وقوله ( ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا ) يقول تعالى ذكره : ونسوق الكافرين بالله الذين أجرموا إلى جهنم عطاشا ، والورد : مصدر من قول القائل : وردت كذا أرده وردا ، ولذلك لم يجمع ، وقد وصف به الجمع .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ووافقه في التفسير ابن كثير
وقال القرطبي :
ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا السوق الحث على السير . و وردا عطاشا قاله ابن عباس وأبو هريرة - رضي الله عنهما - والحسن والأخفش والفراء وابن الأعرابي : حفاة مشاة وقيل : أفواجا . وقال الأزهري أي مشاة عطاشا ، كالإبل ترد الماء ، فيقال : جاء ورد بني فلان القشيري : وقوله : ( وردا ) يدل على العطش لأن الماء إنما يورد في الغالب للعطش وفي ( التفسير ) مشاة عطاشا تتقطع [ ص: 75 ] أعناقهم من العطش وإذا كان سوق المجرمين إلى النار فحشر المتقين إلى الجنة . وقيل وردا أي الورود كقولك جئتك إكراما لك أي لإكرامك أي نسوقهم لورود النار .


 
لا داعي للاستغراب أخانا الكريم مجدي،

يقول الزمخشري: والورود : العطاش لأنّ من يرد الماء لا يرده إلا لعطش وحقيقة الورد : المسير إلى الماء.

ثم إن كلام الزمخشري جميل جدا في الفرق بين وفدا ووردا، حيث يقول: ذكر المتقون بلفظ التبجيل ، وهو أنهم يجمعون إلى ربهم الذي غمرهم برحمته وخصهم برضوانه وكرامته ، كما يفد الوفاد على الملوك منتظرين للكرامة عندهم. وعن علىّ رضى اللّه عنه : ما يحشرون واللّه على أرجلهم ، ولكنهم على نوق رحالها ذهب ، وعلى نجائب سروجها ياقوت. وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلى جَهَنَّمَ وِرْداً (86)وذكر الكافرون بأنهم يساقون إلى النار بإهانة واستخفاف كأنهم نعم عطاش تساق إلى الماء. والورود : العطاش لأنّ من يرد الماء لا يرده إلا لعطش وحقيقة الورد : المسير إلى الماء.

وهناك كلام رائع لابن عاشور، حيث يقول:

{وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيّاً * ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيّاً}
لما ذكر انتزاع الذين هم أولى بالنار من بقية طوائف الكفر عطف عليه أن جميع طوائف الشرك يدخلون النار، دفعا لتوهم أن انتزاع من هو أشد على الرحمان عتيا هو قصارى ما ينال تلك الطوائف من العذاب، بأن يحسبوا أن كبراءهم يكونون فداء لهم من النار أو نحو ذلك، أي وذلك الانتزاع لا يصرف بقية الشيع عن النار فإن الله أوجب على جميعهم النار.
وهذه الجملة معترضة بين جملة {فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ} الخ... وجملة {وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين كفروا} الخ...
فالخطاب في {وَإِنْ مِنْكُمْ} التفات عن الغيبة في قوله: {لنحشرنهم} و {لنحضرنهم} ؛ عدل عن الغيبة إلى الخطاب ارتقاء في المواجهة بالتهديد حتى لا يبقى مجال للالتباس المراد من ضمير الغيبة فإن ضمير الخطاب أعرف من ضمير الغيبة. ومقتضى الظاهر أن يقال: وإن منهم إلا واردها. وعن ابن عباس أنه كان يقرأ {وإن منهم} .وكذلك قرأ عكرمة وجماعة.
فالمعنى: وما منكم أحد ممن نزع من كل شيعة وغيره إلا وارد جهنم حتما قضاه الله فلا مبدل لكلماته، أي فلا تحسبوا أن تنفعكم شفاعتهم أو تمنعكم عزة شيعكم، أو تلقون التبعة على سادتكم وعظماء أهل ضلالكم، أو يكونون فداء عنكم من النار. وهذا نظير قوله تعالى {إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين وإن جهنم لموعدهم أجمعين} ، أي الغاوين وغيرهم.
وحرف {إن} للنفي.
والورود: حقيقته الوصول إلى الماء للاستقاء. ويطلق على الوصول مطلقا مجازا شائعا، وأما إطلاق الورود على الدخول فلا يعرف إلا أن يكون مجازا غير مشهور فلا بد له من قرينة.
وجملة {ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا} زيادة في الارتقاء بالوعيد بأنهم خالدون في العذاب، فليس ورودهم النار بموقت بأجل.
و {ثُمَّ} للترتيب الرتبي، تنويها بإنجاء الذين اتقوا، وتشويها بحال الذين يبقون في جهنم جثيا. فالمعنى: وعلاوة على ذلك ننجي الذين اتقوا من ورود جهنم. وليس المعنى: ثم ينجي المتقين من بينهم بل المعنى أنهم نجوا من الورود إلى النار. وذكر إنجاء المتقين، أي المؤمنين، إدماج ببشارة المؤمنين في أثناء وعيد المشركين.
وجملة {وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيّاً} عطف على جملة {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} . والظالمون: المشركون.
والتعبير بالذين ظلموا إظهار في مقام الإضمار. والأصل: ونذركم أيها الظالمون.
ونذر: نترك، وهو مضارع ليس له ماض من لفظه، أمات العرب ماضي {نذر} استغناء عنه بماضي {ترك}، كما تقدم عند قوله تعالى {ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ} [الأنعام: من الآية91] في سورة الأنعام.
فليس الخطاب في قوله: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} لجميع الناس مؤمنهم وكافرهم على معنى ابتداء كلام؛ بحيث يقتضي أن المؤمنين يردون النار مع الكافرين ثم ينجون من عذابها، لأن هذا معنى ثقيل ينبو عنه السياق، إذ لا مناسبة بينه وبين سياق الآيات السابقة. ولأن فضل الله على المؤمنين بالجنة وتشريفهم بالمنازل الرفيعة ينافي أن يسوقهم مع المشركين مساقا واحدا، كيف وقد صدر الكلام بقوله: {فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ} وقال تعالى {يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدا ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا} ، وهو صريح في اختلاف حشر الفريقين.
فموقع هذه الآية هنا كموقع قوله تعالى: {وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ} [الحجر:43] عقب قوله: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ} [الحجر:42]. فلا يتوهم أن جهنم موعد عباد الله المخلصين مع تقدم ذكره لأنه ينبو عنه مقام الثناء.
وهذه الآية مثار إشكال ومحط قيل وقال، واتفق جميع المفسرين على أن المتقين لا تنالهم نار جهنم. واختلفوا في محل الآية فمنهم من جعل ضمير {منكم} لجميع المخاطبين بالقرآن، ورووه عن بعض السلف فصدمهم فساد المعنى ومنافاة حكمة الله والأدلة الدالة على سلامة المؤمنين يومئذ من لقاء أدنى عذاب، فسلكوا مسالك من التأويل، فمنهم من تأول الورود بالمرور المجرد دون أن يمس المؤمنين أذى، وهذا بعد عن الاستعمال، فإن الورود إنما يراد به حصول ما هو مودع في المورد لأن أصله من ورود الحوض. وفي آي القرآن ما جاء إلا لمعنى المصير إلى النار كقوله تعالى: {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ} [الانبياء:98] وقوله: { يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ} [هود:98] وقوله: {وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْداً} . على أن إيراد المؤمنين إلى النار لا جدوى له فيكون عبثا، ولا اعتداد بما ذكره له الفخر مما سماه فوائد.
ومنهم من تأول ورود جهنم بمرور الصراط، وهو جسر على جهنم، فساقوا الأخبار المروية في مرور الناس على الصراط متفاوتين في سرعة الاجتياز. وهذا أقل بعدا من الذي قبله.
وروى الطبري وابن كثير في هذين المحملين أحاديث لا تخرج عن مرتبة الضعف مما رواه أحمد في مسنده والحكيم الترمذي في "نوادر الأصول" . وأصح ما في الباب ما رواه أبو عيسى الترمذي قال يرد الناس النار ثم يصدرون عنها بأعمالهم الحديث في مرور الصراط.
وأضاف ابن عاشور
ويروى عن بعض السلف روايات انهم تخوفوا من ظاهر هذه الآية. من ذلك ما نقل عن عبد الله بن رواحة، وعن الحسن البصري، وهو من الوقوف في موقف الخوف من شيء محتمل.
 
السلام عليكم
أؤيد دعوة الأخ السلامى الذى دعا إلى دراسة مشاهد يوم القبامة بقوله
وإني لأقترح على رواد هذا المنتدى المبارك أن يبادروا إلى عمل كريم يكون لهم ذكرا عند رب العزة جل وعلا، وهو أن نتعاون على رسم صورة لليوم الآخر من لحظة الموت إلى آخر مشهد من مشاهد يوم القيامة،
والاشكال الذى نحن بصدده يحله ترتيب المشاهد

وبداية اقرر أن الذين اتقوا يشملهم الورود بدليل أنهم ينجون مما بعده
فى آية " وَنَسُوقُ ٱلْمُجْرِمِينَ إِلَىٰ جَهَنَّمَ وِرْداً " مريم 86 تدل على أنهم يساقون في مرحلة الورد ... فهى قبل الاحضار حول جهنم وقبل الدخول فيها
وكذلك قوله تعالى " يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ ٱلنَّارَ وَبِئْسَ ٱلْوِرْدُ ٱلْمَوْرُودُ" هود 98
إذا تفكرنا في الآية وتصورنا طابورا من فرعون وقومه على رأسه فرعون وبليه أكثر قومه اجراما بعده ... وهكذا على الترتيب حتى ينتهى طابور المجرمين ثم يتبعهم الظالمين ثم يتبعهم الكافرين الذين لم يحاربوا موسى ولم يصدوا عن سبيل الله ؛ حتى أقلهم كفرا ومعصية ثم يليهم أقل القوم ايمانا ثم المتقبن ثم المحسنين ثم ..... حتى مؤمن آل فرعون وامرأة فرعون ، يكونان فى آخر الطابور ... ،
فإن اخترنا رجل تقى من قوم فرعون فى هذا الطابور ... يكون قد صدق فيه القول أنه وردها ولو بالرؤية من بعيد ؛ ولكنه لن يُحضر حولها ولن يدخلها
وكذلك يكون ترتيب كل أمة يقدمها امام الكفر فيهم إلى النار
ولكن من يحضر حول جهنم هم من ذكروا فى الآيات"وَيَقُولُ الْإِنسَانُ أَئِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا ، أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا ، فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا ، ثُمَّ لَنَنزِعَنَّ مِن كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا ، ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِيًّا" ؛ ومن يدخلها أولا هو الأولى بها صليا على الترتيب

وقوله تعالى "
وَلَوْلاَ نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنتُ مِنَ ٱلْمُحْضَرِينَ " الصافات 57 يدل على أنه ليس كل من وردها سيكون من المحضرين ؛
إذن ... قوله تعالى " ثُمَّ نُنَجِّي ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ وَّنَذَرُ ٱلظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيّاً" يدل على أن من ينجو هو من بلغ درجة التقوى وتبدأ نجاته مابين الورود والإحضار ، كل حسب أولويته فى النجاة
فأقل الناس تقوى آخرهم نجاة .. ويظل خائفا أن يُحضر جاثيا حولها ثم يلقى فيها
هذا والله أعلم
الله أعلم
 
اذا كان الحديث الصحيح قد ورد في معرض مرور الصراط فوق النار وهذا يتوافق مع معنى الورود وقد ذكر ابن جرير أقوال المفسرين في ذلك ثم رجح رأي من وافق الرواية الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم فلا يسعني أن أقبل غير قوله في التفسير لا لأنه شيخ المفسرين وإنما لأن الرواية صحيحة ,ففي مثل هذا الأمر إما أن يذكر ما يدلل على ضعف الروايات وإما أن يسلم لها لأنها صحيحة .
والذي عليه أهل السنة أن بعض المسلمين سيدخلون النار وسيخرج الله من النار من يقول لا إله الا الله خالصا بها قلبه ,وأما من سيدخل الجنة فسيتجاوز الصراط المنصوب فوق جهنم و روى البخاري ومسلم :"عن أبى هريرة - رضى الله عنه - عن النبى - صلى الله عليه وسلم - قال « لا يموت لمسلم ثلاثة من الولد ، فيلج النار إلا تحلة القسم » ". قال أبو عبد الله ( وإن منكم إلا واردها )

قال الشيخ ناصر الدين الألباني عن حديث ابن مسعود :
السؤال: ما معنى قوله عليه الصلاة والسلام في الحديث السابق: (لن تمسهما النار إلا تحلة القسم)؟ الجواب: هذا الحديث يشير إلى قوله تبارك وتعالى في الآية الكريمة:
sQoos.gif
وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيّاً
eQoos.gif
[مريم:71] (وَإِنْ مِنْكُمْ) قسم من الله، (إِلَّا وَارِدُهَا) اختلف العلماء قديماً وحديثاً في معنى الورود المقصود في هذا الحديث على ثلاثة أقوال: القول الأول: الورود بطرف النار، كما يقال: أورد الإبل الحوض.والقول الثاني: المرور على الصراط من فوق النار. والقول الثالث وهو لا ينافي الثاني: الدخول في النار؛ لأن المرور على الصراط هو دخول في النار. فقوله تعالى:
sQoos.gif
وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا
eQoos.gif
[مريم:71] أي: داخلها، لا فرق بين مؤمن وكافر، كلهم من الإنس والجن لا بد لهم من هذا الدخول، لكن بعد أن يتحقق هذا القسم الإلهي من الدخول هناك، بعد ذلك سرعان ما يتميز الصالح من الطالح، فالصالح يدخل الجنة، والطالح يدخل النار. ويفسر هذا الكلام حديث أذكره لما فيه من بيان وتفصيل، لكن لا بد لي من أن أقرن بذلك أن هذا الحديث لم يصح من حيث إسناده؛ لأنه على شهرته ينبغي أن نذكره تنبيهاً على ضعفه، لكن معناه مقبول في حدود ما جاء من الأدلة. ذلك الحديث يرويه بعض التابعين من المجهولين -وهو العلة- عن جابر بن عبد الله الأنصاري أنه لقيه في طريقه فقال: كنا في مجلس ذكرت فيه هذه الآية: (( وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا ))[مريم:71] قال: فاختلفنا -وذكر الأقوال الثلاثة- فما كان من جابر -كما تقول الرواية على ضعفها- إلا أن وضع إصبعيه في أذنيه وقال: صُمَّتا صُمَّتا إن لم أكن سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: لا يبقى بر ولا فاجر إلا ويدخلها، ثم تكون برداً وسلاماً على المؤمنين، كما كانت على إبراهيم).إذاً: هذا الدخول المذكور في هذه الآية، والمفسر أيضاً في حديث أخرجه الإمام مسلم في صحيحه من حديث حفصة بنت عمر بن الخطاب رضي الله عنهما قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: لا يدخل النار أحد من أهل بدر وأصحاب الشجرة، قالت: كيف هذا يا رسول الله! والله عز وجل يقول:
sQoos.gif
وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا
eQoos.gif
[مريم:71]؟ ) وهنا ملاحظة مهمة من حيث أنها تساعد طالب العلم على فهم النصوص الشرعية: نجد هنا السيدة حفصة رضي الله عنها كأنها تريد أن تقول: إن الذي تقوله يا رسول الله! خلاف ما أفهم من الآية، فالآية:
sQoos.gif
وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا
eQoos.gif
[مريم:71] ولفظة (منكم) تشمل بلا شك أهل بدر وأصحاب الشجرة، فكيف التوفيق بين هذه الآية حسب فهمي، -أي: حفصة - وبين ما تقوله يا رسول الله؟!فقال لها بكل هدوء ولطف كما هو شأنه عليه السلام وديدنه: ">فاقرئي ما بعدها:
sQoos.gif
ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيّاً
eQoos.gif
[مريم:72] ) ما هي الفائدة؟ الفائدة: أن الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذا سمع قولاً ولم ينكره؛ كان ذلك دليلاً على صحته في نفسه، ولكن يمكن أن يدخل فيه تخصيص وتقييد لا يخطر على بال المتكلم بتلك الكلمة.وهذه فائدة مهمة جداً قد يغفل عنها بعض أهل العلم، ..........

 
يقول ابن عاشور في حديث إلا تحلة القسم:

ومن الناس من لفق تعضيدا لذلك بالحديث الصحيح: أنه لا يموت لمسلم ثلاثة من الولد فيلج النار إلا تحلة القسم فتأول تحلة القسم بأنها ما في هذه الآية من قوله تعالى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} وهذا محمل باطل، إذ ليس في هذه الآية قسم يتحلل، وإنما معنى الحديث: أن من استحق عذابا من المؤمنين لأجل معاص فإذا كان قد مات له ثلاثة من الولد كانوا كفارة له فلا يلج النار إلا ولوجا قليلا يشبه ما يفعل لأجل تحلة القسم، أي التحلل منه. وذلك أن المقسم على شيء إذا صعب عليه بر قسمه اخذ بأقل ما يتحقق فيه ما حلف عليه، فقوله تحلة القسم تمثيل.
 
اذا تفكرنا في الآية وتصورنا طابورا من فرعون وقومه على رأسه فرعون وبليه أكثر قومه اجراما بعده ... وهكذا على الترتيب حتى ينتهى طابور المجرمين ثم يتبعهم الظالمين ثم يتبعهم الكافرين الذين لم يحاربوا موسى ولم يصدوا عن سبيل الله ؛ حتى أقلهم كفرا ومعصية ثم يليهم أقل القوم ايمانا ثم المتقبن ثم المحسنين ثم ..... حتى مؤمن آل فرعون وامرأة فرعون ، يكونان فى آخر الطابور ... ،
الله أعلم

أخي الكريم من أين أتيت بهذا الطابور الذي يؤمه فرعون وفي آخر الطابور امرأة فرعون.
الطابور الذي يؤمه فرعون (إن كان هناك طابور) فهو طابور قومه الذين اتبعوه فحسب.
وأما امرأة فرعون ومؤمن آل فرعون فسيكونان في مقدمة الطابور الذي يؤمه نبي الله موسى عليه السلام (مرة أخرى، إن كان هناك طابور)
وطابور فرعون يتوجه إلى النار (فأوردهم النار وبئس الورد المورود)
وطابور موسى يتوجه نحو الجنة.
(مرة أخرى إن كان هناك طابور)
 
يقول ابن عاشور في حديث إلا تحلة القسم:

ومن الناس من لفق تعضيدا لذلك بالحديث الصحيح: أنه لا يموت لمسلم ثلاثة من الولد فيلج النار إلا تحلة القسم فتأول تحلة القسم بأنها ما في هذه الآية من قوله تعالى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} وهذا محمل باطل، إذ ليس في هذه الآية قسم يتحلل، وإنما معنى الحديث: أن من استحق عذابا من المؤمنين لأجل معاص فإذا كان قد مات له ثلاثة من الولد كانوا كفارة له فلا يلج النار إلا ولوجا قليلا يشبه ما يفعل لأجل تحلة القسم، أي التحلل منه. وذلك أن المقسم على شيء إذا صعب عليه بر قسمه اخذ بأقل ما يتحقق فيه ما حلف عليه، فقوله تحلة القسم تمثيل.
القسم هو :وان منكم إلا وهو قسم مؤكد والذي اعترض عليه النحويون لا ينفي ذلك فكونه نادرا كما قالوا لا يمنع القول به وأنت تعلم أن القواعد النحوية مؤسسة على القران وشعر العرب وكلامهم لا العكس ,وتعلم أن من شروط القراءة الصحيحة موافقتها لوجه من اللغة ولو كان ضعيفا.
ومعلوم ان قواعد النحو هي أحوج للقران .
أما الإعتراض على أن من مات له من الكفار ثلاثة من الولد لا يج النار فهو اعتراض لا يستقيم لأن الخطاب موجه للمسلمين وعند البحث عن الحديث ستجد أنه في باب من مات له ولد فاحتسب . ليشير الى الحديث الذي ذكر فيه الإحتاب ,ثم ان الحديث الثاني حدد بصفة لهم وهي لم يبلغوا الحنث,ثم في القران الكريم الوعيد لبعض الذنوب بأن صاحبها سيدخل النار ومعلوم أنها كلها إن كانت أقل من الشرك فهي تحت الوعيد .
ومعلوم أن من دخل النار دخول المعذب كان ذلك خزي له لأن الله قال "ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته "فهو دخول المعذب بالقليل أو الكثير سواء بسواء ,ويزول اخزي بالخروج من النار وتسميتهم بعتقاء الرحمن .

على أي حال قد أوردت كلام الشيخ ناصر الدين ومن ضمنه كان حدي حفصة رضي الله عنهما وهو في الصحيح وهو يدلل على أن فهمها هو موافق لما ذكرت .

لتقرير صحة التفسير يجب ان نقرر هل هي على سبيل القسم ؟وحتى لو لم يكن قسم فلمن الخطاب؟ وما محل ثم ؟هل تفيد الترتيب في الأحداث ,فيكون الورود ثم النجاة ؟
اعتراضي أخي الكريم أنه يوجد أحاديث صحيحة كثيرة تفيد ورود النار .والله أخبر أن المؤمنين سينجون منها , وأن دخول النار هو خزي كان الفهم الصواب حمل وردو المؤمنين هو مرورهم من غير أذى يجعلهم يدخلونها دخول المعذب المهان كما تقرر الأحاديث أيضا .
والله تعالى أعلم
 
السلام عليكم
الأخوة الكرام
نتفق أن المؤمنين لهم ورود بنص الآية
ونتفق أن المتقين سينجون بعد الورود
فلا نريد أدلة على هاتين الحقيقتين
إنما نتساءل
عن :
1- كيفية الورود : هل هى مرور على صراط على متن جهنم ، أم عين الدخول فيها ؛ أم الحضور فى ساحتها ، أم مجرد الرؤية من بعيد
2- وقت الورود : هل بعد الحساب والميزان فيكون الدخول
أم بعد الحشر وقبل الحساب ؟
3- هل هذا الورود يشمل المؤمنين بكل درجاتهم ... المتقين ، المحسنين ، الأبرار ، الشهداء ، الصالحين ..
أعتقد أن المحسنين - الذين أحسنوا فلهم الحسنى وزيادة - عنها مبعدون

أما مسألة الطايور أثتاء الورود فهو كما نفهم الورود... "يقدم قومه" يتحرك أمامهم وهم خلفه فى طابور العرض على جهنم
يقدم قومه ... إذن هو أمامهم - فى مقدمة الطابور - لا أحد منهم على مستوى اجرامه
الصف الذى يليه أكابر المجرمين
الصف الثالث أصاغر المجرمين
وهكذا .... قصدت أن هناك ترتيبا حسب الأولوية وحسب القرب من فرعون فى اجرامه
ثم فى النهاية من هم أبعد الناس عنه لأنهم مؤمنون كتموا ايمانهم

المهم الورود قبل الاحضار حول جهنم جثيا ؛ وأثناء هذا الورود يتم التفريق بين الفريقين بين من سيكون من المحضرين ومن لن يكون منهم ... فهذا نجاة الذين اتقوا .. أما من جثا حولها فلن يقوم من جثوته هذه حتى يدخلها " ونذر الظالمين فيها جثيا "
والله أعلم
 
ليس هناك اتفاق على أن المؤمنين يردون النار.
وليس هناك دليل على التفرقة بين المحسنين والأبرار في ورود النار.
وليس هناك دليل على جعل صف المؤمنين خلف صف الكافرين في ورود النار.
بل وليس هناك دليل على الصفوف والطوابير.
وعالم الغيب ليس مجاله الخيال وإنما الدليل من القرآن والآثار التي توافق القرآن.

هذا وإن القرآن الكريم واضح جدا في كثير من الآيات، مثل قوله:
وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمرا (أي الكفار فقط)
وسيق الذين اتقوا إلى الجنة زمرا (أي إلى الجنة فقط)
وكما جاء:
يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا. وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا.
والآيات الواردة في ذلك كثيرة، وكلها متفقة على معنى واحد وهو أن الكافرين يساقون إلى النار لوحدهم، وأن المؤمنين يحشرون إلى الجنة فحسب. وليس في تلك الآيات الكثيرة إشارة واحدة إلى أن المؤمنين يذهبون إلى الجنة مرورا بالنار.
والإشكال وقع في آية واحدة فقط، وإذا كان الأمر فيه محتملا، فينبغي أن يفسر المحتمل وفق ماجاء صريحا في الآيات الأخرى الكثيرة.
 
السلام عليكم
نحن بصدد اشكال لكى نصل إلى فهم صجيح له لابد من قراءة النصوص كلها
مثلا
قوله تعالى
"إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنتُمْ لَهَا وَارِدُونَ " الأنبياء 98
" إِنَّ ٱلَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِّنَّا ٱلْحُسْنَىٰ أُوْلَـٰئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ" الأنبياء 101
ركز المفسرون على أن من عبدوهم كعيسى والملائكة عنها مبعدون ؛ وقد كان الأولى التفكير فى الناس ، من لم يعبدوهم ...أليسوا مبعدين أيضا ؟!
قالآية 98 تكلمت عن العابدين والمعبودين ؛ والآية 101 تبعد غير العابدين لآلهة من دون الله ... ووصفتهم " الذين سبقت لهم منا الحسنى " من هم هؤلاء؟....... "لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ ٱلْحُسْنَىٰ وَزِيَادَةٌ..." يونس 26 ؛ مما يدل أن المحسنين مبعدون عن النار . فكيف لانفرق بين درجات المؤمنين ؟ إن كان المحسنون مبعدون فالأبرار والصالحين والشهداء من باب أولى .

وبالتالى يبقى الاشكال : من المخاطبون فى آبة مريم " وإن منكم إلا واردها " ؟
فإن أقررنا أنه خطاب للمخاطبين بالقرآن وهم كل البشر وخاصة المؤمنين ...
وإن كان المتقين شملهم الورود ولكنهم نجوا منها .
فإنه لزاما علينا أن نفهم معنى الورود
ومن المداخلات السابقة تبين أنه ليس الدخول
ويبقى اشكال المرور على الجسر الذى على متنها .. وهو مالم يأت به دليل قوى ، ويعارضه أن المحسنون عنها مبعدون
وأنا لاأرى حلا لهذا الاشكال إلا بفهم الورود على أنه مرحلة مبكرة بعد الحشر وقبل الحساب والميزان ... كلٌ حسب درجته فهناك من يكون قريبا منها يقف على سورها ... وهناك من يراها من بعيد لايسمع حسيسها ولا يشم ريحها
إن سوق المتقين إلى الرحمن وفدا ليس هناك مايمنع أن يكون بعد الورود ،
وسوقهم إلى الجنة زمرا ... بالطبع بعد الحساب والميزان .بعدما وردوا النار ورودا يلائم درجتهم ثم نجوا منا .. كما نصت آية مريم !!
فأنت إن رتبتها ستجدها متسقة تماما ولا اشكال فيها .

والحمد لله
وهذا ليس خيالا ولكنه تحليل للنصوص لكى نفهم ترتيب الأحداث
و
الآيات الواردة في ذلك كثيرة، وكلها متفقة على معنى واحد وهو أن الكافرين يساقون إلى النار لوحدهم، وأن المؤمنين يحشرون إلى الجنة فحسب. وليس في تلك الآيات الكثيرة إشارة واحدة إلى أن المؤمنين يذهبون إلى الجنة مرورا بالنار.
والإشكال وقع في آية واحدة فقط، وإذا كان الأمر فيه محتملا، فينبغي أن يفسر المحتمل وفق ماجاء صريحا في الآيات الأخرى الكثيرة.
إذن لاجسر على متن جهنم ؛ وإذن لن بدخل أحد من المؤمنين النار نهائيا ؛ ولن يخرج منها بعضهم بعد ذلك !!!
 
عودة
أعلى