(وتكون الجبال كالعهن) و (وتكون الجبال كالعهن المنفوش)

إنضم
7 مايو 2004
المشاركات
2,562
مستوى التفاعل
13
النقاط
38
الإقامة
الخبر - المملكة ا
الموقع الالكتروني
www.islamiyyat.com
مختـارات من سـورتي المعـارج والقـارعة

قال تعالى في سورة المعارج : ( وتكون الجبال كالعهن ) وقال في سورة القارعة ( وتكون الجبال كالعهن المنفوش )

فزاد كلمة ( المنفوش ) في سورة القارعة على ما في المعارج ، فما سبب ذاك ؟

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
والجواب :

1- أنه لما ذكر القارعة في أول السورة، والقارعة من ( القَرْعِ ) ، وهو الضرب بالعصا ، ناسب ذلك ذكر النفش لأن من طرائق نفش الصوف أن يُقرعَ بالمقرعة .

كما ناسب ذلك من ناحية أخرى وهي أن الجبال تهشم بالمقراع ( وهو من القَرْع ) وهو فأس عظيم تُحَطَّم به الحجارة فناسب ذلك ذكر النفش أيضاً . فلفظ القارعة أنسب شيء لهذا التعبير.


كما ناسب ذكر القارعة ذكر (الفراش المبثوث) في قوله ( يَوْمَ يكونُ النّاسُ كالفَراشِ المبثوثِ) أيضاً لأنك إذا قرعت طار الفراش وانتشر . ولم يحسن ذكر (الفراش) وحده كما لم يحسن ذكر (العهن) وحده.

ـــــــــــــــــــــــــــــ

2- إن ما تقدم من ذكر اليوم الآخر في سورة القارعة ، أهول وأشد مما ذكر في سورة المعارج فقد قال في سورة المعارج ( تَعْرُجُ الملائكَةُ والرّوحُ إلَيْهِ في يَومٍ كانَ مِقدارُهُ خمَسينَ ألفَ سَنَةٍ . فاصبِرْ صَبراً جمَيلاً . إنهُمْ يَرونَهُ بَعيداً. وَنَراهُ قَريباً) وليس متفقاً على تفسير أن المراد بهذا اليوم ، هو اليوم الآخر.

وإذا كان المقصود به اليوم الآخر فإنه لم يذكر إلا طول ذلك اليوم ، وأنه تعرج الملائكة والروح فيه. في حين قال في سورة القارعة (القارعة. مَا القارِعَةُ . وَما أدْراكَ ما القارِعَةُ ) فكرر ذكرها وعَظَّمها وهوَّلها. فناسب هذا التعظيم والتهويل أن يذكر أن الجبال تكون فيه كالعهن المنفوش.

وكونها كالعهن المنفوش أعظم وأهول من أن تكون كالعهن من غير نفش كما هو ظاهر.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
3- ذكر في سورة المعارج أن العذاب (واقع) وأنه ليس له دافع (سَألَ سائلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ . للكافِرينَ لَيْسَ لَهُ دافِع) ووقوع الثقل على الصوف من غير دفع له لا ينفشه بخلاف ما في القارعة فإنه ذكر القرع وكرره ، والقرع ينفشه وخاصة إذا تكرر ,فناسب ذلك ذكر النفش فيها أيضاً.

ــــــــــــــــــــــــــــ
4- التوسع والتفصيل في ذكر القارعة حسَّن ذكرَ الزيادة والتفصيل فيها ، بخلاف الإجمال في سورة المعارج فإنه لم يزد على أن يقول : "في يَومٍ كانَ مِقدارُهُ خمَسينَ ألفَ سَنَةٍ ".

ــــــــــــــــــــــــ
5- إن الفواصل في السورتين تقتضي أن يكون كل تعبير في مكانه ، ففي سورة القارعة قال تعالى:"يَوْمَ يَكونُ النّاسُ كالفَراشِ المبثوث. وَتَكونُ الجِبالُ كالعِهنِ المنفوشِ). فناسبت كلمة (المنفوش) كلمةَ (المبثوث).

وفي سورة المعارج ، قال ( يَوْمَ تكونُ السّماءُ كالمهُلِ . وَتَكونُ الجِبالُ كالعِهنِ) فناسب (العِهن) (المُهل).

ـــــــــــــــــــــــ
6- ناسب ذكر العهن المنفوش أيضاً قوله في آخر السورة ( نار حامية) لأن النار الحامية هي التي تُذيبُ الجبالَ ، وتجعلها كالعهن المنفوش ، وذلك من شدة الحرارة ، في حين ذكر صفة النار في المعارج بقوله: "كلا إنها لظى. نَزّاعة للشّوَى" . والشوى هو جلد الإنسان. والحرارة التي تستدعي نزع جلد الإنسان أقل من التي تذيب الجبال ، وتجعلها كالعهن المنفوش فناسب زيادة ( المنفوش ) في القارعة من كل ناحية. والله أعلم.
ــــــــــــــــــــــــ
7- كما أن ذكر النار الحامية مناسب للقارعة من ناحية أخرى ، ذلك أن (القَرَّاعة) – وهي من لفظ القارعة –

هي القداحة التي تُقدح بها النار . فناسب ذكر القارعة ذكر الصوف المنفوش ، وذكر النار الحامية ، فناسب آخر السورة أولها.

وبهذا نرى أن ذكر القارعة حسَّنَ ذكر (المبثوث) مع الفراش ، وذكر (المنفوش) مع الصوف ، وذكر النار الحامية في آخر السورة.

************
والله أعلم .

( من كتاب لمسات بيانية في نصوص من التنزيل ) ص 198- 200

للدكتور فاضل السامرائي
 
وفقكم الله ونفع بكم .
جهود الأستاذ الدكتور فاضل السامرائي مشكورة بارك الله في علمه وعمره ، حيث أحيا في نفوس كثير من المشاهدين قيمة العناية بدقائق لغة القرآن وبلاغته ، وليته عندما طبع الكتاب وثق المعاني اللغوية التي يذكرها . مثل (القرَّاعة) وغيرها التي نقلتموها هنا مثلاً . حيث يغتفر في البرنامج إغفال توثيقها لظروف الإلقاء المباشر .
 
وفقكم الله ونفع بكم .
جهود الأستاذ الدكتور فاضل السامرائي مشكورة بارك الله في علمه وعمره ، حيث أحيا في نفوس كثير من المشاهدين قيمة العناية بدقائق لغة القرآن وبلاغته ، وليته عندما طبع الكتاب وثق المعاني اللغوية التي يذكرها . مثل (القرَّاعة) وغيرها التي نقلتموها هنا مثلاً . حيث يغتفر في البرنامج إغفال توثيقها لظروف الإلقاء المباشر .
بارك الله فيكم فضيلة الدكتور،
ببحث سريع في الشاملة، لم أستدل على (قراعة) - بالمعنى المذكور- في شيء من معاجم اللغة
إلا أن ما هو في البلاد العربية (ولاعة - القداحة - جداحة) هو في اليمن (قراعة)
ولم يتضح لي قصد الدكتور فاضل حفظه الله
على أن الجلي أنها ليست قراعة اليوم الغازية أو الكهربائية، فلعلها تكون شعلة النار، أو حجرا كالزَّند مثلا
على أن وزن (فعّالة) اسم آلة نادر الورود جدا في التراث
ولذا اعتبره اللغويون المعاصرون من الأوزان الحديثة، مثل:
غسالة - ثلاجة - عصارة - فرامة..
ولعل عند أحد الأفاضل فائدة
 
والقَرّاعةُ: القَدّاحةُ التي يُقْتَدَحُ بها النارُ.
لسان العرب لابن منظور، مادة: ق ر ع.
 
عودة
أعلى