عبدالرحمن الشهري
المشرف العام
- إنضم
- 29/03/2003
- المشاركات
- 19,345
- مستوى التفاعل
- 145
- النقاط
- 63
- الإقامة
- الرياض
- الموقع الالكتروني
- www.amshehri.com
بسم الله الرحمن الرحيم
في عام 1408هـ وقع في يدي كتاب (الخط العربي) للخطاط محمد طاهر الكردي المكي رحمه الله ، وهو من أجود الكتب التي تحدثت عن الخط العربي وتاريخه وأنواعه ، وكان يكثر من النقل عن نظم سماه (كشف العمى) لمحمد العاقب ، ولا سيما عند كلامه عن رسم المصحف وخصوصيته ، ومن الأبيات التي حفظتها وبقيت في ذهني من تلك المنظومة قوله وهو يتحدث عن جمع المصحف في عهد أبي بكر وعثمان رضي الله عنهم :[poem=font="Traditional Arabic,6,blue,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4," type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
لم يُجمعِ القرآنُ في مُجلَّدِِ= على الصحيح في حياة أحمدِ
للأمن فيه من خلاف ينشأُ= وخيفة النسخ بوحي يطرأُ
وكان يُكتب على الأكتافِ= وقطع الأدم واللخافِ
وبعد إغماض النبي فالأحق = أن أبا بكر بجمعه سبقْ
جمعه غير مرتب السور = بعد إشارة إليه من عمرْ
ثم تولى الجمع ذو النورين = فضمه ما بين دفتينِ
مرتب السور والآيات = مخرجاً بأفصح اللغاتِ
وجاء في عد المصاحف اللوا = فرقن في القرى خلاف من روى
هل خمسةٌ أو سبعةٌ أو أربعة= والقولة الأولى هي المتبعة[/poem]
وقوله وهو يتحدث ويؤيد القول بإعجاز الرسم العثماني :
[poem=font="Traditional Arabic,6,blue,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4," type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
رسمُ القرآنِ سنةٌ متبعةْ = كما نحا أهلُ المناحي الأربعة
لأنه إِمَّا بأمر المصطفى = أو باجتماع الراشدين الخُلفا
وكلُّ من بَدَّلَ منه حرفا = باءَ بنارٍ أو عليها أَشْفى
والخطُّ فيه معجزٌ للناسِ = وحائدٌ عن مقتضى القياسِ
لا تهتدي لسره الفحولُ = ولا تحومُ حولَهُ العقولُ
قد خصهُ الله بتلك المنزلةْ = دون جميع الكتب المنزَّلة
ليظهر الإعجازُ في المرسومِ = منه كما في لفظه المنظومِ[/poem]
وهو نظم سلس بديع كما تلاحظون ، يحفظه سامعه من أول مرة لعذوبته ، وقد تطلبتُ هذا النظم من ذلك الوقت ، وسألتُ عنه من أظنه يدلني عليه ، ولكن لم أوفق في الحصول على هذا النظم ، ومع كثرة مراسلتي وسؤالي عرفتُ أن أحد الشيوخ الفضلاء المعنيين برسم المصحف في موريتانيا يقوم على تحقيقه ونشره من مدة .
ثم صدر - ولله الحمد- هذا الشرح في هذا العام 1427هـ محققاً عن دار إيلاف الدولية للنشر والتوزيع بالكويت .

وقد حققه الدكتور محمد بن سيدي محمد مولاي الأستاذ بالمعهد العالي للدراسات والبحوث بنواكشوط ، والباحث حالياً بالموسوعة الفقهية بوزارة الأوقاف الكويتية .
ويقع الكتاب في مجلد عدد صفحاته 366 صفحة من القطع العادي .
وقد قدم المحقق للكتاب بمقدمات عرف فيها بالناظم وشرحه على نظمه ، وتحدث عن جهود أهل شنقيط في التأليف في رسم المصحف وضبطه ، ثم تكلم عن منهج المؤلف فينظمه وشرحه .
وقد أوجز المحقق وصفه للكتاب فقال :
(وكتاب (رشف اللمى على كشف العمى) كتاب في رسم القرآن وضبطه حسب قراءة الإمام نافع من روايتي قالون وورش ، فهو كتاب جيد في بابه ، يغني عن الكتب المطولة في هذا الفن ، ولا يغني عنه غيره . أبان فيه المؤلف عن قدرة فائقة على الجمع والاختصار والنظم ، وقد ضمنه علوماً شتى مثل : نزول القرآن إلى سماء الدنيا ، ثم نزوله على محمد صلى الله عليه وسلم ، والكلام على ترتيب السور والآيات ، وجمع القرآن وتدوينه ، وعدد المصاحف التي بعث بها سيدنا عثمان بعد أن جمع الناس على مصحف واحد ، كما أنه تعرض لوجوب اتباع الرسم ، ولعدد السور والآيات ...
هذا مع الشمول والدقة في موضوعه الأساسي ، أعني الرسم والضبط ، فقد عرض القواعد عرضاً علمياً دقيقاً واضحاً ، وتعرض لكل أمر قد يخفى على الصغار والكبار ، كما يحوي نكتاً بلاغية ، وقواعد منطقية ، وحكايات طريفة ، وتوجيهات موفقة ، وأحكاماً مدققة ، ومعلومات ضافية ، فهو كتاب نفيس يحتاج طالب العلم إليه ، ولا يغني عنه غيره) ص 44-45
ويقع هذا النظم في 417 بيتاً من بحر الرجز ، ونظمه سهل بديع مليء بالأمثال والحكم . يقول في مطلعه :
[poem=font="Traditional Arabic,6,blue,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4," type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
حمداً لِمَنْ عَلَّمَ بالأقلامِ = وجَمَعَ القرآنَ في الإمامِ
وللعلومِ جعلَ الكتابهْ= قيداً وأحرزَ بها كتابَه
صلَّى على الهادي النبي الأُمِّيْ = ما دارتِ النجومُ حولَ الأمِّ
هذا وقد أُلقيَ في رِباطي = صوغُ نظامٍ محكمِ الرِّباطِ
يُبينُ فحواهُ لأهلِ الخَطِّ = رسمَ الصحابةِ وشكلَ الضَّبْطِ
مما اقتضاهُ مقرأ الإمامِ= أبي رؤيم نافعِ الهُمامِ
وقد نحاهُ فارسُ الميدانِ= غواص بحر درر المعاني
فصاغ ما يطوق الرقابا = فيه وأبدى العجب العجابا
فجئتُ إذ ذاك بنظمٍ شافِ= يبدي اللئالئ من الأصدافِ
خالٍ من التضمين والإقواءِ = ووصمة السناد والإيطاءِ
سميته كشف العمى والرينِ = عن ناظري مصحف ذي النورينِ[/poem]
نبذة عن مؤلف النظم وشرحه :
هو العلامة الشيخ محمد العاقب بن سيدي عبدالله بن مايابي اليوسفي الجكني ، اشتهر والده سيدي عبدالله بالعلم والصلاح ، وجده سيد أحمد اشتهر بالسخاء ، ولذا غلب عليه هذا اللقب مايابي لكثرة عطائه.
ولهذا العالم منزلة عظيمة ونبوغ في جل الفنون كالفقه والأصول والعربية ، وكان يلقب بحريري زمانه لجودة نظمه ونثره . وله مؤلفات وأنظام منها :
1- نظم في 112 بيتاً سماه (نشر الطرف عما طوى الجهل من أحكام الشرف) وهو في علم الأنساب ولا سيما نسب آل البيت ، وقد حقق هذا النظم سنة 1416هـ .
2- نظم التزامات الخطاب وشرحه .
3- نظم نوازل سيدي عبدالله بن الحاج إبراهيم .
4- مجمع البحرين في سيرة الشيخ ماء العينين .
5- رشف اللمى على كشف العمى في الرسم والضبط .
وقد هاجر إلى مدينة فاس المغربية بعد احتلال الفرنسيين لموريتانيا ، وتوفي بفاس عام 1312هـ رحمه الله وغفر له.