هل يمكن أن نبدأ بالساكن؟

عمرو الديب

New member
إنضم
07/05/2012
المشاركات
428
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الإقامة
المدينة النبوية
موضوع أطرحه بين مشايخي وإخواني من أعضاء الملتقى المبارك، وللموضوع قصة؛ أحببت أن أسردها:

كان معي بعض الزملاء الأفاضل في سفر بين جدة والمدينة النبوية، وتناولنا أطراف الحديث حول مسألة كنت أعتبرها من المسلمات التي لا يمكن أن يختلف فيها اثنان؛ وهذه المسألة هي:
هل يمكن أن يُبدأ بالسَّاكن؟ فقلت لهم: إنه لا يمكن أن نبدأ بالساكن أبداً، وهذا مما لا خلاف فيه بين جميع العلماء.

قال أحدهم: الذي تقوله إنما ينطبق على اللغة العربية، وأما اللغات الأخرى فيمكن أن يُبتدأ بالساكن فيها؛ وقال الآخر: يمكن أن نبدأ بالساكن عقلًا وليس لغة.
فقلت: لا يمكن أن نبدأ بالساكن لا عقلا ولا لغة، وليس في اللغة العربية فقط بل في جميع اللغات؛ لأنه لا يتصور أن نبدأ بساكن إلا أن نحرِّكه؛ أو نأتي بحرف محرك قبله لنستطيع نطقه.
وهكذا استمر الحديث بين شدّ وجذب؛ ومن شدة حماسي في النقاش قلت لهم: لو وافقكم أحد في هذه الدنيا على أنه يمكن أن نبدأ بالساكن سأتراجع عن رأيي.
ثم قلت لهم إلى من تتحاكمون؟ فاستقرَّ الرأي إلى أن نتحاكم إلى شيخ فاضل متمكن في اللغة، فاتصلنا عليه، وعرضنا عليه الموضوع، فإذا به يقرُّ ما أقرَّه العلماء، وما كنت أقوله لهم من أنه يستحيل أو يُتخيل أن ننطق بالساكن، والحمد لله.

وفي النهاية: اقترحت عليهم أن أعرض هذا الموضوع لنرى ماذا يقول مشايخنا وإخواننا حول هذه المسألة في هذا الملتقى المبارك؟
 
شكرا على طرح الموضوع في الملتقى،
وعندي سؤال:
ومن شدة حماسي في النقاش قلت لهم: لو وافقكم أحد في هذه الدنيا على أنه يمكن أن نبدأ بالساكن سأتراجع عن رأيي.
هل ما زلت على قولك هذا؟
 
قال ابن آجروم: فإن قيلَ: همزةُ بينَ بينَ بِزِنَةِ المحقَّقة كما قلناه، فلِمَ لا يجوزُ أن تقَعَ أوَّلاً، فيُبتَدَأَ بها، كما وقع بعدها السَّاكنُ في نحو «أَا۬نْ رَأَتْ رَجُلاً»؟
فالجوابُ: أنَّ الابتداءَ بالسَّاكن مُحَالٌ في طباعهم، والجمعُ بين السَّاكنين في كلامهم ليس مُحَالاً، إنما هو مسْتثقَلٌ؛ أَلاَ تَرَاهُم يُجِيزُونَه في الوقف وفي الوصل بشُرُوطه، وقد ذكرناها في باب المدِّ.
 
أكرمك الله أبا نافع، قولي قدمته بعبارة: (ومن شدة حماسي)، بمعنى أني أستصعب أن أحدا يقول به، ولكن من الناس من خالف الإجماع وأتى بما لا يقبله العقل تارة، وبما لا يقبله الشرع تارة، وبما لا تقبله اللغة تارة، وعليه فليس البحث في كم قائل خرم الإجماع كي أرجع عن قولي، بل ما هي الأدلة التي تدحض إجماع العلماء كي أتراجع عن ذلك؟
 
كان المؤمل أن تبقى عند قولك يا شيخ عمرو،
وعلى كل فهذه بعض النقول، أسردها سردا لعدم وجود وقت للتحليل، وأكتفي بالنقول التي يفهم منها الجواز أو الإمكان، أما النقول المانعة أو المحيلة فستأتي بها أنت يا شيخ عمرو (ابتسامة).

في شرح المفصل لابن يعيش (الطبعة المنيرية: 3/82، 83) (طبعة دار الكتب العلمية: 2/289، 290):
"واعلم أنّ أصحابنا يقولون إنّ الابتداء بالساكن لا يكون في كلام العرب. وقد أحالَه بعضهم ومنع من تصوُّره، ولا شُبْهَةَ في الإمكان. ألا ترى أنّه يجوز الابتداءُ بالساكن إذا كان مدّغَمًا، نحو: "ثّاقَلْتُمْ"، "تَّخَذْتُمْ"، في "تَثاقَلْتُمْ"، و"اتَخَذْتُمْ"؟ ويُؤيِّد ذلك وأنّه من لغة العرب أنّهم لم يُخفِّفوا الهمزة إذا وقعتْ أوّلاً بأيِّ حركةٍ تَحرّكتْ، نحو: "أَحْمَدَ" و"إبراهيمَ"، ونحو قوله:
أَأَنْ رَأَتْ رجلاً أَعْشَى أضَرَّ به ... رَيْبُ المنون ودهرٌ مُفْنِدٌ خَبِلُ​
لأنّ في تخفيفها تضعيفًا للصوت، وتقريبًا له من الساكن، فامتناعُهم من تخفيف الهمزة مع إمكانِ تخفيفها والنطْقِ بها دليلٌ على أنّ ذلك من لغة العرب. وذلك من قِبَل أنّ المبتدىء بالنطق مستجِمٌّ مستريحٌ، فيُعظِّم صوتَه، والواقفُ تَعِبٌ حَسِرٌ يقِف للاستراحة، فيُضعِّف صوتَه".
 
في حاشيه الشهاب على تفسير البيضاوي (عنايه القاضي وكفاية الراضي: 1/ 41) ما نصه:
"وفي قوله: [دأبهم] أي: عادتهم إشارة إلى أنّ الابتداء بالساكن ممكن، لكن ترك لما فيه من اللكنة والبشاعة وقد قيل: إنه موجود في لغة العجم وانما ترك لتعسره لا لتعذره، واختاره الشريف.
وقال غيره: الحق أنّ وجوده في الفارسية غير ثابت وان لم يقم الدليل على استحالته. والاستدلال على هذا، وعلى كون الحركة مع الحرف أو قبله أو بعده مما لا طائل تحته.
وقيل: إن كان السكون ذاتياً كسكون الألف امتنع، وإلا أمكن. فالأقوال فيه ثلاثة".
 
وفي تفسير الرازي (مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير: 1/ 56) ما نصه:
"المسألة الحادية عشرة: الابتداء بالحرف الساكن محال عند قوم، وجائز عند آخرين؛ لأن الحركة عبارة عن الصوت الذي يحصل التلفظ به بعد التلفظ بالحرف، وتوقيف الشيء على ما يحصل بعده محال".
 
وفي نواهد الأبكار وشوارد الأفكار (حاشية السيوطي على تفسير البيضاوي: 1/ 108) ما نصه:
"قوله: [لأن من دأبهم أن يبتدئوا بالمتحرك، ويقفوا على الساكن]
قال الطيبي: هذا يشعر أن الابتداء بالساكن ممكن، وموجود في اللغة، لكنه مستكره، وبه صرّح صاحب "المفتاح" في الصرف، قال: (دعوى امتناع الابتداء بالساكن فيما سوى حروف المد واللين ممنوعة، اللهم إلاّ إذا حكيت عن لسانك، لكن ذلك غير مجد عليك).
وقال الشريف: (التعليل بذلك دون الامتناع إشارة إلى جواز الابتداء بالساكن، وهو الحق، ومن قال بامتناعه لا يسمع منه إلا حكايته عن لسانه.
نعم، يمتنع الابتداء بالمدات، إلا أن ذلك لذواتها، لا لسكونها.
وإذا استقريت لغة العجم وجدت الابتداء بالساكن المدغم.
وقد يستدل على الجواز بأنه لو لم يجز لكان التلفظ بالحرف موقوفا على التلفظ بالحركة فيدور؛ لأن الحركة موقوفة على الحرف في التلفظ توقف العارض على المعروض.
ويجاب بأن امتناع الابتداء بالساكن يستلزم امتناع انفكاك الحركة عن الحرف المبتدإ به، وأما توقفة على الحركة فلا، لجواز أن تكون الحركة تابعة له، غير منفكة عنه).
قال: (واعلم أن الحركة والسكون بالمعنى المشهور مختصان بالأجسام، وأن المراد بالحركة كونه بحيث يمكن أن يتلفظ بعده بإحدى المدات الثلاث، وبسكونه كونه بحيث لا يمكن فيه ذلك).
وقال الشيخ سعد الدين: (التعليل بذلك مشعر بأنه ليس لامتناع الابتداء بالساكن، اللهم إلاّ إذا حكيت عن لسانك. صرّح بذلك في صرف "المفتاح".
وأما في المدات فالامتناع لذاتها، لا لسكونها، وإذا نظرت وجدت الابتداء بالساكن غير مرفوض في لغة العجم.
وقد يستدل على الإمكان بأنه لو امتنع لتوقف التلفظ بالحرف على التلفظ بالحركة ابتداء ضرورة تقدم الشرط على المشروط، لكن التلفظ بالحركة موقوف على التلفظ بالحرف ضرورة توقف وجود العارض على وجود المعروض.
وجوابه منع الشرطية؛ لجواز أن تكون الحركة لازما غير متقدم للحرف المبتدإ بها، لا شرطا سابقا.
على أنك إذا تحققت معنى حركة الحرف لم يكن هناك عارض ومعروض).
وقال الشيخ أكمل الدين: (في هذا التعليل إشعار بأن الابتداء بالساكن ممكن، وهو قول بعضهم، وذلك لأن نقيضه محال؛ لأنه لو لم يمكن توقف التلفظ بالحرف في الابتداء على التلفظ بالحركة، والحركة عارضة للحرف، فيتوقف التلفظ بها على التلفظ بالحرف، وذلك دور.
فإن قيل: الحرف مع الحركة عند التلفظ، فكان التوقف توقف معية، ولا دور فيه.
أجيب بأنهما وإن كانا في الوجود عند التلفظ مقارنين، ولكن وجود المعروض بالذات سابق على العارض، فكان توقف تقدم، وهو الدور.
وردّ بأن كلامنا في الحروف الملفوظ بها ابتداء، لا في الحروف المعقولة، وهما في التلفظ معا بلا خلاف.
وإذا ظهر هذا ثبت قول من يقول بالامتناع.
وهذا ظاهر للمتأمل في الحروف الملفوظ بها ابتداء)
وقال شيخنا العلامة محيي الدين الكافيجي: (فإن قلت: الابتداء بالساكن ممتنع أو ممكن.
قلت: الحق هاهنا هو التفصيل، بأن يقال: إن كان السكون للساكن لازما لذاته فيمتنع كالألف، وإلاّ فيمكن، لكنه لم يقع في كلامهم لسلامة لغتهم من كل لكنة وبشاعة).
وقال بعض أرباب الحواشي: (من زعم امتناع الابتداء بالساكن يحتج بالاستقراء، وهو - وإن كان تاما - لا يدلّ إلا على عدم الوقوع، وعدم الوقوع لا يستلزم الامتناع).
وقال البلقيني في "الكشاف": (ما استدل به من قال بإمكان الابتداء بالساكن قول غير صحيح، وممن حكاه ابن الخطيب في تفسيره).
والصحيح القطع بأن ذلك لا يمكن، ومقابله غلط، ومكابرة للحس.
قلت: وممن صرح بأن الابتداء بالساكن غير ممكن صاحب "البسيط" في النحو، والشلوبين في "شرح الجزولية"، لكن ذكر ابن يعيش خلافه، فقال في "شرح المفصل": (اعلم أن أصحابنا يقولون: إن الابتداء بالساكن لا يكون في كلام العرب، وقد أحاله بعضهم، ومنع من تصوره، ولا شبهة في الإمكان، ألا ترى أنه يجوز الابتداء بالساكن إذا كان مُدْغَمًا، نحو اثَّاقلتم في تثاقلتم.
ويؤيد ذلك وأنه من لغة العرب أنهم لم يخففوا الهمزة إذا وقعت أولا بأيّ حركة تحركت نحو أحمد وإبراهيم، ونحو قوله:
أأن رأت رجلا أعشى ... ** . . . . . . . . . . . . . ..
لأن في تخفيفها تضعيفا للصوت، وتقريبا له من الساكن، فامتناعهم من تخفيف الهمزة مع إمكان تخفيفها والنطق بها دليل على أن ذلك من لغة العرب، وذلك من قِبَلِ أن المبتدئ بالنطق مُسْتَجمٌّ مستريح فيعظم صوته، والواقف تعب حسر يقف للاستراحة فيضعف صوته)".
 
في هذه النقول كفاية، ولا حاجة إلى تحليلها لوضوحها.
هذا بالعربية. أما وقد وسع الشيخ عمرو الدائرة إلى كل اللغات فنقول له من المجمع عليه في اللغة الفرنسية إمكان وجواز ووقوع الابتداء بالساكن.
فمثلا كلمة Sport تعني الرياضة يتلفظونها sport وليس esport ولا asport ولا isport ولا osport ولا usport وهذه الخمسة هي تقريبا حركاتهم. يبدؤون بالساكن في مثلها
 
حفظك الله شيخنا أبا الحسن، ويكفي الموضوع شرفا أن حظي بمشاركم، وأرجعكم إلينا في ملتقى القراءات.
كان معي بعض الزملاء الأفاضل في سفر بين جدة والمدينة النبوية، وتناولنا أطراف الحديث حول مسألة كنت أعتبرها من المسلمات التي لا يمكن أن يختلف فيها اثنان؛ وهذه المسألة هي:
هل يمكن أن يُبدأ بالسَّاكن؟ فقلت لهم: إنه لا يمكن أن نبدأ بالساكن أبداً، وهذا مما لا خلاف فيه بين جميع العلماء.
نسيت أن أذكر أني كنت من هذا البعض الذين أشار إليهم الشيخ عمرو.
 
studio =اسْتُدْيُو
قديما قال لي مدرس الإنجليزي هذه الكلمة تبدأ بساكن في الإنجليزية .
لست أدري هل ذاكرتي أسعفتني أو لا ؟
يمكنكم البحث فيها
 
أحسنت النقل والاستدلال أخي محمد ايت عمران، ومثلك لا يخاف عليه (ابتسامة).

أخي الحبيب محمد: النقول التي نقلتها جميعها لا تثبت إطلاقا وقوع النطق بالساكن؛ والذي تفيده:
أن ذلك افتراضيا ممكنا؛ رغم أنه لم يقع، وغايته كما ذكرت: أنك تريد أن تثبت فقط أن هذا القول يقول به بعض الناس؛ وإن كان في الحقيقة غير واقع ولم يقع، وأقول: لن يقع.
وكما قال ابن جني: "وليس لقول من جوّز الابتداء بالساكن من القدر ما يُتشاغل بإفساده، وإنما سبيله في هذا سبيل من شك في المشاهدات من السوفسطية، ومن ليس بكامل العقل".
فأقول: هي مجرد افتراضيات ليس لها في الواقع مثال.
ولكن أعترف أني أول مرة أقف على مثل هذا الكلام الذي أوقفتني عليه ياشيخ محمد، وكنت أتصور أنه لم يقل به أحد، فجزاك الله عني خيرا.

وأما نقل ابن يعيش وهو:
"ألا ترى أنّه يجوز الابتداءُ بالساكن إذا كان مدّغَمًا، نحو: "ثّاقَلْتُمْ"، "تَّخَذْتُمْ"، في "تَثاقَلْتُمْ"، و"اتَخَذْتُمْ"، بالطبع لا يمكن أن ينطق أحد بالساكن في مثل هذه الكلمات، ولو ظل يحاول إلى يوم القيامة (ابتسامة).
ولو أردنا أن نفهم كلامه فهما صحيحا؛ لنظرنا إلى كلامه في آخر الكتاب حيث قال: "لأنه ليس من لغتهم الابتداء بالساكن" ربما فهم منه أن ذلك مختص بلغة العرب ويجوز الابتداء بالساكن في غير لغة العرب، وليس الأمر كذلك، بل إنما كان لتعذر النطق بالساكن، وليس ذلك مختصا بلغة دون لغة " (شرح المفصل، 136/9)."
وأما النصوص التي تمنع وتنص على أنه يستحيل الابتداء بالساكن فهي كثيرة، وقد نقلت أنت بعضها ياشيخ محمد في ثنايا كلامك، وبالتأكيد وقفت على هذه النصوص.
ومن هذه الأقوال قول ابن جني في المنصف: "اعلم أنَّ ألفَ الوصلِ همزةٌ تلحقُ في أوّلِ الكلمةِ توصلاً إلى النطقِ بالساكنِ وهرباً من الابتداء به إذا كان ذلك غير ممكنٍ في الطاقةِ فضلاً عن القياسِ".
وقال الرضي: "الظاهر أنَّه مستحيلٌ ، ولابدَّ من الابتداءِ بمتحرِّكٍ ، ولما كانَ ذلكَ المتحرِّكُ في شتر و سطام في غايةِ الخفاءِ ظنَّ أنَّه ابتدئ بساكنٍ ، وليس كذلك ، بل هو معتمِدٌ قبلَ ذلك الساكنِ على حرفٍ قريبٍ من الهمزةِ مكسورٍ".
وقال ابن الأنباري في الإنصاف، والعكبري في الإملاء، وأبو الحسن الوراق في العلل، والرازي في مفاتيح الغيب، : "الابتداء بالساكن محال".
 
وأما ما ذكرته شيخنا الفاضل محمد الحسن بوصو في نقلك لبعض الأمثلة؛ ففي الحقيقة أنه لا يمكن البدء بالساكن فيها، لأنك تأتي بجزء من الحركة لكي تتوصل للنطق بالحرف الساكن، ولو تأملت ونطقت الكلمة؛ لتبين لك ذلك بجلاء.
ومما يؤيد هذا الكلام من المتقدمين، قول الرضي عن من قال إن البدء بالساكن موجود في لغة الفرس قال: "ولما كانَ ذلكَ المتحرِّكُ في شتر و سطام في غايةِ الخفاءِ ظنَّ أنَّه ابتدئ بساكنٍ ، وليس كذلك ، بل هو معتمِدٌ قبلَ ذلك الساكنِ على حرفٍ قريبٍ من الهمزةِ مكسورٍ".
وأما من المحدثين؛ فقد قال أحمد حسن كيحل: " وما يعتقَدُ من أنَّ بعضَ اللغاتِ يبتدأ فيها بالساكن فهو وهمٌ؛ لأنَّك إذا تأملتَ وجدتَهم يحرِّكونَ الأولَ بحركةٍ مختلسةٍ، هي كسرةٌ خفيفةٌ".

والله أعلم بالصواب.
 
الدخول في الاختلاس متاهة كبيرة. ما ذكره أحمد حسن كحيل هو عين الوهم، هذه الفرنسية لغة حية يتكلم بها ملايين الناس، وقد تأملناهم فلم نجدهم يكسرون، ﻻخفيفة تامة ولا مختلسة. ثم كيف يمكن اختلاس حركة غير معتمدة على حركة ؟
أسلم بما ذكره العكبري وابن جني إذا كان قصدهما في العربية.
أرجوك جرب تقديم كلمة Sport إلى من يجيد الفرنسية وقل لي ماذا تسمع قبل السين
 
وجب التنبيه إلى أمرين:
الأول: أن مناط المسألة ومرجعها ليس هو علم التجويد أو ما شابه من العلوم القرآنية؛ بل هو علم الأصوات العام - الفوناتيك - وليس حتى علم وظائف الأصوات - الفونولوجي - لأن الفرضية التي طرحها أخونا صاحب الموضوع جعلها عامة على كل اللغات.
الأمر الثاني: تساعد الأدوات التقنية الحديثة - برامج الصوت وتقنياته - من واقع تحليلات الصوت في بيان إمكانية حدوث هذه الحالة أم لا وهي البدء بساكن.
لذلك فإنني كمتخصص في هذا المجال منذ 14 سنة أقول لك:
- في اللغات غير العربية يمكن البدء بساكن كما أشار بعض الإخوة كما في sport.
- في اللغات غير العربية يمكن البدء بساكنين، كما في كلمة structure وأشباهها، على خلاف في وجود الحركة التخلصية المختلسة بين الصامت الثاني والثالث أم لا، ولكن اللسان البشري يمكن أن يأتي بثلاثة صوامت متتالية دون حركة تخلصية.
- في اللغة العربية نفسها تجد صوتا وحيدا مركبا، هو الجيم؛ فالجيم العربية الفصيحة صوت مركب من صوتين: الأول هو الدال الانفجارية - الشديدة بمصطلح التجويد -، والثاني هومجهور الشين الاحتكاكي - الرخو بمصطلح التجويد - والذي نسميه الجيم الشامية.
فإن نطقنا للجيم الفصيحة هو نطق مركب لصوتين معا بطريقة فريدة في اللغة، وبه يكون تمام صوت الجيم.
وتجد مثلها في الإنجليزية بمهموسهما وهما التاء والشين كما في كلمة change.
وأستطيع بكل سهولة إثبات ذلك كله بالصور والأدلة التقنية الحديثة.

الخلاصة:
- يمكن للإنسان أن يبدأ كلامه بصامتين أو ثلاثة، ولا ضرر في ذلك ولا استحالة.
- اللسان العربي لا يبدأ بساكن تيسيرا لا تعذرا.

هذا والله أعلم.
 
وفي شرح الجاربردي على الشافية قال : " والحرف الذي يبتدأ به لا يكون إلا متحركا ؛ لأن الحرف المنطوق إما معتمد على حركته كباء " بكر " أو على حركة مجاورة كميم " عمرو " ، أو لين قله كباء " دابة " وصاد " خويصة " ، فمتى فقدت هذه الاعتمادات تعذر التكلم ، دليله التجربه ، ومن أنكر ذلك فقد أنكر العيان ، وكابر المحسوس ، وبعضهم جوز الابتداء بالساكن لأن التلفظ بالحركة إنما يحصل بعد التلفظ بالحرف ،وتوقيف الشيء على ما يحصل بعده محال ، وجوابه منع أنها بعده ، بل هي معه ، وإلا لأمكننا الابتداء بالحرف من غير الحركة ، وإنه محال ،والمراد الابتداء الأخذ في النطق بعد الصمت ، لا الأخذ في النطق بالحرف بعد ذهاب الذي قبله كما تخيله البعض ، حتى ألزم وقوع الابتداء بالساكن " شرح الشافية 1/163
وعلق ابن جماعة في الحاشية فقال : " مشى على ذلك الشريف والنظام وغيرهما ، وهو المشهور ، وقال ابن يعيش في شرح المفصل : " وليس ذلك لغة ، ولأن القياس اقتضاه ، وإنما هو من قبيل الضرورة وعدم الإمكان ، وقد ظن بعضهم أن ذلك من لغة العرب لا غير ، وإن ذلك ممكن وهو في لغة قوم آخرين ، ولا ينبغي أن يتشاغل بالجواب عن ذلك ؛ لأن سبيل معتقد ذلك سبيل من أنكر العيان وكابر المحسوس " .
وكل ما مر من نقولات لا تعدوا كونها كلاما نظريا ، لا يؤيدها واقع ، وإلا فليتفضل علينا بعض الأخوة بتسجيل صوتي فيه البدء بالساكن ، وبه يفصل الكلام في المسألة .
 
الشيخ أحمد اكتب كلمة Sport وقدمها إلى من يجيد الفرنسية عندكم واطلب منه أن يقرأها مبتدئا بها.
ليست وحدها بل مثلها مثل مئات الكلمات.
القول بمعاندة الواقع في النقول اعلاه معكوسة المصدر والاتجاه.
ماذا تعني هذه النقول النافية كلها أمام ملايين يبدأون بالسكون دون أن يؤثر في بدئهم به هذا الجدل.
الشيخ الأستاذ أحمد حسن كحيل رحمه الله عالم لغوي منقطع النظير لكن نظرية الاختلاس هذه ضعيفة جدا
إﻻ أن أكون لا أعرف السكون أو نكون نتحدث عن شيئين مختلفين
 
أنا إلى الآن غير مستوعب لكيفية البدء بالساكن ؛ لذا طلبت التسجيل الصوتي ، ولا أعلم أحدا ممن يجيد الفرنسية عندنا ، وعندي ميول للمنقول عن الأستاذ أحمد حسن كحيل ، ومن باب الإنصاف وجدتُ هذا النص عند السيد الشريف في شرح المواقف ، قال : "لا خلاف في أن الساكن إذا كان حرفا مصوتا (أي حرف مد) لم يمكن الابتداء به، إنما الخلاف في الابتداء بالساكن الصامت (الساكن الصحيح )، قد منعه - أي: إمكان الابتداء به - قوم للتجربة ، أي زعموا أن التجربة دلت على امتناع الابتداء به ،فإن كل من جرب ذلك من نفسه علم أنه لا يمكنه أن يبتدئ في تلفظه بالساكن الصامت، كما لا يمكنه الابتداء فيه بالمصوت، فلا فرق في ذلك بينهما ؛ لاشتراك السكون الذي هو المانع بينهما ، وجوزه آخرون ؛ لأن ذلك - أي: عدم جواز الابتداء بالساكن - ربما يختص بلغة كالعربية ، فإنه ليس في لغة العرب الابتداء بالساكن ، ولا يجوز فيها ذلك ؛ لا لأنه ممتنع في نفسه ، بل لأن لغتهم موضوعة على غاية من الإحكام والرصانة، وفي الابتداء بالساكن نوع لكنة وبشاعة ، ولذلك أيضا لم يجوزوا الوقف على المتحرك، مع إمكانه بلا شبهة ، ويجوز _ أي: الابتداء بالساكن_ في لغة أخرى ، كما في اللغة الخوارزمية مثلا ، فإنا نرى في الخارج اختلافا كثيرا ، ألا ترى أن بعض الناس يقدر على التلفظ بجميع الحروف المتخالفة المعتبرة في اللغات بأسرها ، ومنهم من لا يقدر إلا على بعضها ، متفاوتا بحسب القلة والكثرة ، وما ذكر من التجربة فهو حكاية عن ألسنتهم المخصوصة فلا يقوم حجة على غيرهم " .
الكلام باللون الأحمر من عندي توضيحا .
 
هذا نقل نفيس جدا
إذا كانت المسألة قابلة للجدل قديما فلم تعد الآن كذلك. كان العرب هم الذين يجربون الابتداء بالساكن ولما لم يفلحوا، لم يفسروه بطبيعة لغتهم وإنما أحالوه في كل اللغات. حتى قال السيوطي (911 ) في الفيته في النحو:
الابتدا بساكن لا يمكن @ وجئ بهمز الوصل فيما يسكن
هذه المعلومات صحيحة فقط إذا كانت أجهزة النطق عربية لسانا وبيئة وثقافة لا تكاد تعرف غير المذكور، أما عند غير من اتصف بما سبق فيجب تعديل البيت على النحو التالي:
الابتدا بساكن قد يمكن @ وخل همز الوصل فيما يسكن.
 
شكرا لك أ.بدر عرابي على هذه المداخلة المفيدة، ونحن نرجع الأمر إلى أهل التخصص، وأنتم منهم إن شاء الله، وأنا معك في قولك:
وجب التنبيه إلى أمرين:
الأول: أن مناط المسألة ومرجعها ليس هو علم التجويد أو ما شابه من العلوم القرآنية؛ بل هو علم الأصوات العام - الفوناتيك - وليس حتى علم وظائف الأصوات - الفونولوجي - لأن الفرضية التي طرحها أخونا صاحب الموضوع جعلها عامة على كل اللغات.
الأمر الثاني: تساعد الأدوات التقنية الحديثة - برامج الصوت وتقنياته - من واقع تحليلات الصوت في بيان إمكانية حدوث هذه الحالة أم لا وهي البدء بساكن.

وأما قولك:
- في اللغات غير العربية يمكن البدء بساكن كما أشار بعض الإخوة كما في sport.
- في اللغات غير العربية يمكن البدء بساكنين، كما في كلمة structure وأشباهها
هذا والله أعلم.

وقول شيخنا محمد الحسن بوصو:
فنقول له من المجمع عليه في اللغة الفرنسية إمكان وجواز ووقوع الابتداء بالساكن.
فمثلا كلمة Sport تعني الرياضة يتلفظونها sport وليس esport ولا asport ولا isport ولا osport ولا usport وهذه الخمسة هي تقريبا حركاتهم. يبدؤون بالساكن في مثلها

فأقول وبالله التوفيق: إن الذي يفصل في المسألة، ويجعلنا نسلم بما ذكرتم:

أن تنطقوا الساكن في السين من كلمة: (اسْتغفر)، والهمزة من: (يؤْمنون)، وغيرها؛ ثم تنطقوا بالساكن في الأمثلة التي ذكرتموها، نحو: sport، ثم انظروا هل النطق بالساكن في الكلمات العربية هو عينه في الكلمة التي استشهدتم بها؟
وأنتم أمام أمرين:

1- إما أن تقولوا: نعم، فنطالب فضيلتكم -كما طلب أخي أحمد نجاح- بأن ترفعوا لنا تسجيلا يبين بما لايدع مجالا للشك أن السكون في كليهما واحد.

2- وإما تقولوا: لا، فيكون الأمر: أن هؤلاء أي: أهل هذه اللغات، يسمونه: سكونا، ولكن طبيعة سكونهم تختلف عن السكون في اللغة العربية، وهذا الذي جعل المتقدمين والمحدثين يقولون: إن القول بالبدء بالسكون في هذه اللغات وَهْمٌ.
 
كان الغرض من هذا الموضوع - في رأيي - ثلاثة أمور:
1 . إثبات أن هناك من قال بجواز الابتداء بالساكن، وقد رأينا نقولا ليست بالقليلة تثبت ذلك، بغض النظر عن صحة القول من عدمه.
2 . أن الاستحالة التي ذكروها استحالة لغوية لا عقلية، وقد رأينا في المنقول السابقة من قرر ذلك، وفيهم جهابذة لا يليق أن نتهم عقلهم.
3 . أن هذه الاستحالة لا تسري على كل اللغات، وقد نص كثير من علماء اللغة المعاصرين (كإبراهيم السامرائي، ورمضان عبد التواب، وكمال بشر، وغيرهم) على جواز الابتداء بالساكن في مجموعة من اللغات السامية وغيرها، ومنها: السريانية، والعبرية، واللاتينية.
وشيخنا محمد الحسن عندما يمثل بالفرنسية فإنما يصدر عن خبرة بها وإتقان لنطقها.

وهناك بحوث معاصرة ناقشت قضيتنا، ومنها كتاب "دراسات في علم اللغة" للدكتور كمال بشر، وهو متوفر على الشبكة هنا:
http://elibrary.mediu.edu.my/books/TMA0029.pdf
ناقش القضية، وذكر أمثلة للغات التي تستسيغ الابتداء بالساكن، وفيه فوائد، لعلي أنشط إلى نقل بعضها هنا بإذن الله.

والله الموفق.
 
وهناك بحوث معاصرة ناقشت قضيتنا، ومنها كتاب "دراسات في علم اللغة" للدكتور كمال بشر، وهو متوفر على الشبكة هنا:
http://elibrary.mediu.edu.my/books/TMA0029.pdf
ناقش القضية، وذكر أمثلة للغات التي تستسيغ الابتداء بالساكن، وفيه فوائد، لعلي أنشط إلى نقل بعضها هنا بإذن الله.

والله الموفق.

لو تكرمت ياشيخ محمد في أي صفحة ذكر الكلام عن هذه المسألة؟ لأن الكتاب يقع في (251) صفحة.
 
أخي محمد الحبيب، قولك:
1 . إثبات أن هناك من قال بجواز الابتداء بالساكن، وقد رأينا نقولا ليست بالقليلة تثبت ذلك، بغض النظر عن صحة القول من عدمه.
فيه نظر؛ لأن من نقلت عنهم كالآتي:
أولا: نقلك عن ابن يعيش، أقول: قد أظهرت من كلامه في آخر الكتاب أنه لا يقول به؛ ليس فقط في اللغة العربية، وإنما أيضا في اللغات الأخرى.
ثانيا: نقلت عن الشهاب، الشهاب لم يصرح بمن قال بأن الابتداء بالساكن ممكنا، وإنما قال: قيل...، بصيغة التمريض.
ثالثا: والنقل عن الرازي أيضا لم يفد شيئا، لأنه قال: قال آخرون، ولم يسمهم.
رابعاً: ما نقلته عن بعض العلماء الآخرين، أيضا يقولون قال: بعضهم، ولم نعرف من البعض إلا صاحب "المفتاح" في الصرف، والشريف.
فوصفك ليس بالقليل فيه نظر، والوصف أيضا بالقلة فيه نظر أيضاً، بل الذي يوصف به هذا القول-على حسب ما نقلته-: الندرة التي ليست لها وزناً مقابل ما ذكره أئمة اللغة والنحو والصرف والتجويد وغيرهم.
وأما قولك:
2 . أن الاستحالة التي ذكروها استحالة لغوية لا عقلية
فيكفي فيها قول ابن جني: "وإنما سبيله في هذا سبيل من شك في المشاهدات من السوفسطية"، لأنه يستطيع أي إنسان أن يقول في أي مسألة لم تقع إلى الآن: أن ذلك ممكنا عقلا وإن لم يقع لغة، ولذلك نعتهم ابن جني بهذا الوصف.

وأما قولكم:
وقد رأينا في المنقول السابقة من قرر ذلك، وفيهم جهابذة لا يليق أن نتهم عقلهم
اتهام عقولهم أتركه لابن جني؛ حيث قال: "وإنما سبيله في هذا سبيل...ومن ليس بكامل العقل".

وأما قولكم:
وقد نص كثير من علماء اللغة المعاصرين (كإبراهيم السامرائي، ورمضان عبد التواب، وكمال بشر، وغيرهم) على جواز الابتداء بالساكن في مجموعة من اللغات السامية وغيرها
فنرجو منك أبا نافع أن تنقلها لنا هنا.

وقولكم:
وشيخنا محمد الحسن عندما يمثل بالفرنسية فإنما يصدر عن خبرة بها وإتقان لنطقها.
قد أجبت عن ما قاله شيخنا محمد الحسن بوصو، وأنتظر إجابته عن السؤال الذي طرحته على فضيلته.
 
البدء بالساكن ممكن و غير متعذر و هو موجود في اللغات الأجنبية مثل الفرنسية و الإنجليزية و حتى بلغة البربر، بل إن المغاربة عموما يستجيزون ذلك في لهجاتهم العامية
فالعامة عندنا يقولون ((حْمَد)) و لا يقولون ((أحمد)), و لو أن أحد نادى صاحبه ((أحمد)) لعُلم أنه أجنبي
و قد وجدت على الشبكة هذا الفيديو باللغة الفرنسية وهو خال من المنكرات و ليت إخواننا الذين لا يعرفون اللغة الفرنسية ينتبهون لنطقه لبعض الكلمات الفرنسية التي تبدء بالساكن على غرار:
Français
prononcer
groupe
francophone

و إليكم رابط الفيديو:
 
أختي الكريمة، بالنسبة لقولك هذا:
فالعامة عندنا يقولون ((حْمَد)) و لا يقولون ((أحمد)), و لو أن أحد نادى صاحبه ((أحمد)) لعُلم أنه أجنبي
و قد وجدت على الشبكة هذا الفيديو باللغة الفرنسية وهو خال من المنكرات و ليت إخواننا الذين لا يعرفون اللغة الفرنسية ينتبهون لنطقه لبعض الكلمات الفرنسية التي تبدء بالساكن على غرار:
Français
prononcer
groupe
francophone

بفضل الله تعالى يسكن بجواري أخ عزيز جزائري، وقابلته في صلاة المغرب، وقلت له انطق هذه الكلمات التي كتبتيها أنت، فإذا هو ينطق: (حْمد) بتحريك الحاء بالفتح، لكن الحركة كما ذكرت سابقا مختلسة سريعة، ولم يبتدأ بسكون خالص.
وكذلك جعلته ينطق الكلمات الفرنسية، وإذا به بنفس النطق يأتي بجزء من الحركة، ليتوصل بها لنطق حرف : f.
 
وتلبية لطلب الشيخ محمد الحسن بوصو وكذلك الأخت أم أنس الجزائرية؛ طلبت من أخ جزائري آخر تسجيل بعض الكلمات التي ذكرتموها، ليتضح ما ذكرته، وتحميلها من هنا:
https://www.wetransfer.com/downloads/dd4785f35abcb164373c2a51d461ca1020150207160508/a22adb

ويتضح من ذلك بدون شك أنه لم يبدأ بسكون خالص؛ كالبدء بالسكون في كلمة :استغفر، أو: مؤمن.
 
السؤال ليس عن الحرف بل عن الحركة التي تجزأت في نطقه جزئين، الأول جزء الفتحة أو الكسرة.
السؤال: الجزء الثاني من الفتحة أو الكسرة ما هو ؟
مع العلم بأن اختلاس الحركة غير المعتمدة وإسكانهما سواء في الاستحالة في اللغة العربية
 
الحركة لم تتجزأ، بل هي جزء واحد مختلس، وهذا موجود في العربية، فالحاء في (حمد) حركت بفتحة مختلسة.

وبغض النظر عما أقوله شيخنا محمد، أنت سمعت التسجيل، فما هو الذي بدأ به?
 
شيخنا محمد البحث في البدء بالإسكان، وأما القول بالاختلاس فهو حكم على ما سمعته أذناي، وسمعه العلماء من قبل سواء المتقدمين أو المحدثين.

وننتظر إلى أن تسمعه شيخنا، لكي تحكم بنفسك.
 
بحثت في المسألة فتجمعت لدي أقوال كثيرة، أورد بعضها تتميما لما جاء فيما نقل سابقا، وهذا كله من باب التباحث، ويكفي أنه تم زحزحة ما كان مسلما به عند الشيخ عمرو( ابتسامة)، وإلا فالمسألة حسمها الأقدمون بالقول: إنها لا طائلة تحت بحثها، خصوصا في لغتنا العربية، والله أعلم.

في كتاب المواقف للإيجي (ت 756هـ) وشرحه للشريف الجرجاني (ت 816هـ):
قال الماتن:
"هل يمكن الابتداء بالساكنة قد منعه قوم للتجربة وجوزه آخرون لأن ذلك ربما يختص بلغة كالعربية ويجوز في أخرى فإنا نرى في المخارج اختلافا كثيرا".
قال الشارح:
"...لا خلاف في أن الساكن إذا كان حرفا مصوتا لم يمكن الابتداء به، إنما الخلاف في الابتداء بالساكن الصامت؛ قد منعه، أي: إمكان الابتداء به، قوم للتجربة، أي: زعموا أن التجربة دلت على امتناع الابتداء به، فإن كل من جرب ذلك من نفسه علم أنه لا يمكنه أن يبتدئ في تلفظه بالساكن الصامت كما لا يمكنه الابتداء فيه بالمصوت، فلا فرق في ذلك بينهما لاشتراك السكون الذي هو المانع بينهما. وجوزه آخرون؛ لأن ذلك، أي: عدم جواز الابتداء بالساكن، ربما يختص بلغة كالعربية؛ فإنه ليس في لغة العرب الابتداء بالساكن ولا يجوز فيها ذلك، لا لأنه ممتنع في نفسه، بل لأن لغتهم موضوعة على غاية من الإحكام والرصانة، وفي الابتداء بالساكن نوع لكنة وبشاعة، ولذلك أيضا لم يجوزوا الوقف على المتحرك مع إمكانه بلا شبهة، ويجوز أي الابتداء بالساكن في لغة أخرى كما في اللغة الخوارزمية مثلا، فإنا نرى في الخارج اختلافا كثيرا، ألا ترى أن بعض الناس يقدر على التلفظ بجميع الحروف المتخالفة المعتبرة في اللغات بأسرها، ومنهم من لا يقدر إلا على بعضها متفاوتا بحسب القلة والكثرة".

وفي الفوائد السرية في شرح الجزرية للتاذفي (ص 185، طبعة دار البعثة):
"والحرف المبتدأ به لا يكون إلى متحركا، والحرف الموقوف عليه لا يكون إلا ساكنا أو في حكمه؛ كالموقوف عليه بالروم كما سيأتي، إلا أن الابتداء بالمتحرك ضروري عند من يقول باستحالة الابتداء بالساكن مستدلا على ذلك بالتجربة، والوقف على الساكن استحساني عند الكل.
وذهب جماعة إلى إمكان الابتداء بالساكن في غير حروف المد واللين، قالوا: وما ذكره المانعون من التجربة فهو حكاية عن ألسنتهم المخصوصة، فلا يقوم حجة على غيرهم. وأشهر القولين الأول"ـ

نقل عنه القول الثاني شيخنا الدكتور غانم الحمد في شرحه على الجزرية (ص 624) ثم علق بالقول:
"وإذا كانت اللغة العربية لا تعرف الابتداء بالساكن فإن ذلك لا يعني عدم إمكانية تحققه في النطق، أو عدم وجوده في اللغات الأخرى، لكن لا يخلو ذلك من كلفة على اللسان، ومن ثم فإن اللغة العربية تحاشت وقوعه".

وفي كتاب الكليات للكفوي (ص 22):
"وَإِذا عرفت هَذَا فَنَقُول: لَا خلاف فِي أَن السَّاكِن إِذا كَانَ حرفا مصوتا لم يُمكن الِابْتِدَاء بِهِ، وَإِنَّمَا الْخلاف فِي الِابْتِدَاء بالساكن الصَّامِت، فقد منع إِمْكَان الِابْتِدَاء بِهِ قوم للتجرية، وَجوزهُ الْآخرُونَ.
قَالَ الْعَلامَة الكافيجي: (وَالْحق هَهُنَا هُوَ التَّفْصِيل بِأَن يُقَال: إِن كَانَ السّكُون للساكن لَازِما لذاته فَيمْتَنع كالألف، وَإِلَّا فَيمكن؛ لكنه لم يَقع فِي كَلَامهم؛ لِسَلَامَةِ لغتهم من كل لَكن وبشاعة".

وفي جملة قرارات مجمع اللغة العربية بالقاهرة (موجودة على الشاملة):
"قرارات كتابة الأعلام اليونانية واللاطينية بحروف عربية:
القاعدة الأول: في الابتداء بالساكن: 1- الأسماء اليونانية واللاطينية التي تبدأ بحرف ساكن، يزاد همزة قطع مكسورة في أولها، إلا ما عرب قديماً فيحافظ عليها كما نطق به العرب".

والعلم عند الله تعالى.
 
لو تمثّل لنا ياشيخ سمير بالكلمات التي تبدءوا بها بالساكن؟
سْمْعْنِي أسيدي عمرو الديب. هذه واحدة فيها ثلاثة سواكن. وستسمعها مني إن شاء الله في المغرب، لكن هذه بالسين المهملة وليست بالمعجمة.
فْاسْتْمْسِكْ. بعض القراء ينطقونها هكذا وفيها أربعة سواكن متتالية.
وهل يستحيل أيضا على الوقف على المتحرك يا أستاذ عمرو؟
 
حقيقة استثقلت كثرة النقول، لكني عزمت أن يكون هذا آخرها بإذن الله، فتحملوني بارك الله فيكم،

كنت أشرت إلى بحث الدكتور كمال بشر في كتابه (دراسات في علم اللغة)، وسأقتطف منه نقلين فحسب،
قال رحمه الله (ص 148):
"والواقع أن ظاهرة النطق بالساكن في أول الكلام ليست مقصورة على التراث اللغوي القديم، بل هي موجودة كذلك في اللهجات العربية الحديثة المنتشرة في أرجاء الوطن العربي.
ففي لهجة لبنان مثلا "وبخاصة لهجة الدروز والقطاع الشمالي كله" توجد هذه الظاهرة في مجموعة من السياقات اللغوية، من أهمها:
1- كل سياق لغوي يقتضي وجود همزة الوصل في اللغة الفصحى، على القول بوجودها، نحو: "ضروب" "فعل أمر = druub". نفتْح "فعل ماض = infatah".
2- أول كل فعل مضارع ماضيه في الفصحى على وزن فعّل بتشديد العين "فيما عدا صيغة المتكلم حيث تحذف الهمزة نهائيا نحو: يوفق "ywaffaq".
3- أول مضارع الفعل الأجوف الثلاثي "ما عدا حالة المتكلم حيث تحذف الهمزة نهائيا كالسابق" نحو نْروح "nruuh".
4- أول كل كلمة هي اسم فاعل أو مفعول من الرباعي المضعف العين. مثل مجرب "mjarrib" موفق "mwaffaq".
وقد ارتبطت بهذه الظاهرة - ظاهرة النطق بالساكن ابتداء- ظاهرة أخرى يستحيل وقوعها في اللغة الفصحى بحسب ما نص عليه علماء هذه اللغة. تتمثل هذه الظاهرة في صورتين رئيسيتين هما:
1 . وجود مقطع مكون من صوت صامت واحد consonant. أو ما يمكن أن يشار إليه بالرمز: c؛ "consonant = c"، ويكون هذا المقطع عادة في أول الكلمة نحو: ضروب "c/cvvc = d/ruub".
ولكن هذا النمط المقطعي الذي يبدأ بصامتين "cc" غير كثير الورود في هذه اللهجة، إنه مقصور على حال واحدة معينة. هي صيغة ما أصله "استفعل" وفروعها في اللغة الفصحى. على أن يكون عين الكلمة ولامها من جنس واحد، نحو ستْعِد، أو تكون عينها حرف مد نحو ستراح: "= c/ccvvc straah".
وظاهرة النطق بالساكن نلحظها كذلك في لهجة القاهرة. نحن لا ننكر أن هذه اللهجة قد احتفظت بهمزة الوصل في أماكنها التقليدية. بل نضيف إلى ذلك. فنقول: إننا نسمعها أحيانا من بعض المثقفين وأنصافهم كما لو كانت همزة قطع. ولكنا مع ذلك نلاحظ أن هذه اللهجة قد كونت لنفسها نماذج وأنماطا من الصيغ يبدأ أولها بصوت صامت ساكن أي: غير متبوع بحركة.
من أشهر هذه النماذج وأوضحها في نظرنا حتى الآن صيغ الفعل الماضي من الثلاثي الموزون على فَعِل "بفتح فكسر" في الفصحى، وذلك عندما يتصل هذا الفعل بضمائر الرفع المتصلة. يقولون:
فهم: fihim ولكن فْهمت: fhimt
وهذا يعني بالضرورة أن اللهجة القاهرية قد طورت لنفسها تركيبا مقطعيا من نمط جديد. هو "consonant = c" كما في: فهمت "c/cvcc = fhimt". وموقعه أول الكلمة. وهو نمط غير معروف في الفصحى إذا أخذنا بكل ما رآه علماء هذه اللغة من قواعد صوتية وصرفية.
كل هذا الذي قررنا إنما يمثل معالم على الطريق إلى تأكيد القول بإمكانية النطق بالساكن في ابتداء الكلام وإلى الاعتقاد بوقوع ذلك النطق في اللغة العربية أو في لهجاتها، في الأقل في بعض فتراتها التاريخية. وليس من البعيد أن تكون هذه اللغة أو لهجاتها قد خضعت فيما بعد لشيء من التطور، ظهر أثره في حدوث صوت في أول الكلمات التي كانت تبدأ بالساكن قبل وجود هذا الصوت الذي سماه علماء العربية "همزة الوصل"".

وقال في موضع آخر (ص 161):
"الدليل الخامس:
إمكانية الابتداء بالساكن في بعض اللغات الأخرى كالسريانية والعبرية مثلا قد تؤخذ دليلا جديدا على احتمال خلو اللغة العربية من هذه الهمزة كذلك. وربما ينطبق هذا الأمر على هذه اللغة بصورة آكد في فتراتها التاريخية السابقة، حيث كان من الجائز الابتداء بالساكن في النطق آنذاك. ولعل مما يشير إلى صحة هذا الافتراض وقوع هذه الظاهرة - ظاهرة النطق بالساكن في ابتداء الكلام - في اللغة السريانية "وربما في العبرية كذلك" وفي بعض اللهجات الحديثة، كاللهجة اللبنانية، كما سبقت الإشارة إلى ذلك.
وإلى هذا الاتجاه الذي نتجه إليه ذهب أحد الدارسين المحدثين [هو الدكتور إبراهيم السامرائي في كتابه: التطور اللغوي التاريخي] حيث يقرر أن المرحلة "السابقة لهذه العربية الفصيحة كانت تجيز الابتداء بالساكن. والذي يقوي هذا الافتراض عندي قولهم: إن أمر الثلاثي في العربية همزته همزة وصل. والناطق المجيد لهذه البنية لا يحس بهذه الهمزة فلسانه ينطلق بالضاد كما في كلمة اضرب "الأمر" قبل أن ينطلق بشيء اسمه الوصل. وإجادة النطق تستدعي محو هذه الألف إطلاقا. وعلى هذا جاء نطق المغاربة في أيامنا هذه، فهم ينطلقون بالساكن في أفعال الأمر الثلاثية".
ويرى هذا الباحث أن هذه الظاهرة ليست مقصورة على الأفعال، بل هي كذلك تطبق على الأسماء، فيقول: "ومثل هذا ننطلق بالساكن إذا بدأنا بالأسماء التي نصوا على أن ألفاظها للوصل، كما في "ابن" و"اسم"، فأنت تنطلق بالساكن أو بشيء فيه سكون أو بنصف الساكن -إذا أسعفتنا لغة الاصطلاح- حتى يتم النطق بالكلمة على وجه اللازم. ووجود هذه الناحية ربما كان دليلا على الابتداء بالساكن في العربية التي سبقت هذه المرحلة الفصيحة، كما يقوي هذا القول استساغة الانطلاق بالساكن في سائر اللغات السامية الأخرى، بل ربما كانت الآرامية السريانية أشد قبولا للبدء بالساكن من التحريك. ومن أجل ذلك صارت هذه الناحية من مميزاتها الظاهرة".

والله يغفر لي ولكم.
 
وتلبية لطلب الشيخ محمد الحسن بوصو وكذلك الأخت أم أنس الجزائرية؛ طلبت من أخ جزائري آخر تسجيل بعض الكلمات التي ذكرتموها، ليتضح ما ذكرته، وتحميلها من هنا:
https://www.wetransfer.com/downloads/dd4785f35abcb164373c2a51d461ca1020150207160508/a22adb

ويتضح من ذلك بدون شك أنه لم يبدأ بسكون خالص؛ كالبدء بالسكون في كلمة :استغفر، أو: مؤمن.

سمعت التسجيل و دعوى الاختلاس غير مسلمة عندي و ننتظر مشاركة بقية الأعضاء

و في انتظار ذلك أحيلكم على كلام د.أيمن سويد فهو يثبت البدء بالساكن في غير لغة العرب
و جاء بأمثلة لكلمات أعجمية و أخرى عربية على جهة التمثيل و البيان و إليكم رابط الفيديو:
 
أحمد طول نفسك ياسيخ محمد (ابتسامة)، أما قولكم:
بحثت في المسألة فتجمعت لدي أقوال كثيرة، أورد بعضها تتميما لما جاء فيما نقل سابقا، وهذا كله من باب التباحث، ويكفي أنه تم زحزحة ما كان مسلما به عند الشيخ عمرو( ابتسامة)، وإلا فالمسألة حسمها الأقدمون بالقول: إنها لا طائلة تحت بحثها، خصوصا في لغتنا العربية، والله أعلم.
نعم جلعتني أقف على أقوال لم أقف عليها من قبل، أما الزحزحة التي ذكرتها، فإني بعد اطلاعي على الأقوال أيقنت أن البحث فيها عبثا، فلا يوجد البدء بالساكن في اللغة العربية لا فصيحها ولا عاميها، ولا يوجد في غيرها من اللغات أبدا، وسأكمل بقية الكلام.
 
وأما ما نقلته من أقوال عن فضيلة الدكتور: كمال بشر من ذكره بعض الأمثلة التي يبتدأ فيها بالساكن؛ فهي كالأمثلة التي ذكرها شيخنا محمد الحسن بوصو، والأخت أم أنس الجزائرية، والشيخ سمير عمر، فكلهم استدلوا بأنه يوجد النطق بالساكن في كلمات عامية وأجنبية، وقد رفعتها فإذا هي لا يوجد فيها البتة النطق بالساكن الخالص؛ بل النطق بحركة مختلسة سريعة في النطق، ويبقى أن أبحث عن مغربي ينطق ما ذكره أخي سمير عمر هنا:
سْمْعْنِي أسيدي عمرو الديب. هذه واحدة فيها ثلاثة سواكن. وستسمعها مني إن شاء الله في المغرب
وهل تظن أني سأصبر أستاذي سمير عمر إلى أن آتيك المغرب، أنا دمي حامي (ابتسامة)، ومع ذلك أحب أن أسمعها من فيك مباشرة.
وبالطبع لن أطلب سماعها من الشيخ محمد ايت عمران لأنه من تطوان، وإنما سأطلبها من مراكشي مثلك؛ ليكون حجة عليك (ابتسامة).
 
الآن طلبت من أخي المراكشي: سهل المغراوي نطقها، وهو يسكن بجواري في السكن، فأرسل لي هذا التسجيل:
https://www.wetransfer.com/downloads/586b623d819b8cd6376845a5b63aeb5520150207204030/7959cf

وبعد سماعه؛ يحصل للمرء حق اليقين في أنه لا يوجد النطق بالساكن الخالص في هذه الكلمة.

وأخيرا أقول:
1- تبين من كلام العلماء المتقدمين والمحدثين: أنه يستحيل البدء بالساكن.
2- أن ما ادَّعاه البعض من البدء بالساكن؛ إنما هو من قبيل المكابرة كما ذكر ذلك العلماء، وهو من قبيل أيضاً الافتراضيات التي ليس للواقع فيها مثال.
3- أن ما ادَّعاه بعض مشايخي هنا من أن هناك كلمات يبتدأ فيها بالساكن؛ اتضح أن ذلك غير صحيح، وذلك من خلال تسجيل الكلمات التي نصوا عليها من أن البدء فيه يكون بالسكون، وسجلت المقاطع من أهل اللهجة نفسها، واتضح أن ما سمعناه إنما هو حركة مختلسة في بداية الكلام قبل البدء بالساكن.

وعليه أختم كلامي في هذه المسألة، وأترك سماع المقاطع التي نزلتها لمشايخي في الملتقى؛ ليحكموا هم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
 
عودة
أعلى