بسم الله الرحمن الرحيم
أولا اشكر للاخ الكريم الشيخ وليد السلمي جديته في البحث وجرأته في ابداء رأيه المنبعث عن قناعة أوصلها اليه بحثه ودرسه للمسأله ، بصرف النظر عن ماوصل اليه من نتيجة يوافق عليها أو يخالف
وأعترف أنها لم تكن لي جرأة اخي الكريم في ابداء رأيي في هذه المسأله ، لالصعوبتها إنما لحاجتها لبحث شديد وسبر لكلام العلماء رحمهم الله ، وجمع للنصوص المتعلقة بالمسأله ، ثم النظر والترجيح ، وليس هذا بالامر الهين ، خاصة إن كان قد استشكلها أو استشكل بعض وجوهها اعلام وقراء كبار أمثال الذهبي رحمه الله
واذكر ان أول ما وقعت على هذه المساله هو في كتاب مشكل القرآن لابن قتيبه رحمه الله وقد أيد مقولةالشعبي رحمه الله الشهيرة في هذه المسأله ثم راجعت الفتح والنبلاء ومعرفة القراء فلم تطمئن نفسي لشئ مما وقعت اليه خاصة أن اثر ( لم يجمع القرآن الا أربعة... ) لايمكن أن يكون منطلقا لبحث هذه المسأله لا نفيا ولا اثباتا ، إذ لامفهموم له ، وحديث ( يؤم القوم اقرأهم لكتاب الله... ) كذلك ، إذ مصطلح القراء كان في الصدر الاول ليس خاصا بمن جمع القرآن إنما كان المقصود به عند إطلاقه، العلماء الذين يقرؤون القرآن ويفقهون معانيه، كماذهب الى هذا ابن خلدون في مقدمته رحمه الله وأيد مذهبه بعض المعاصرين من كبار أهل العلم , ولا يكدر عليه اثر ابن مسعود رضي الله عنه ( … وسياتي على الناس زمان قليل فقهاؤه كثير قراؤه ) بل يزيده وضوحا فمقصوده رضي الله عنه ، وسياتي على الناس زمان يكثر فيه القراء الذين لافقه لهم ـ وما أكثرهم , والواقع يشهد ولا حول ولا قوة الا بالله ـ .
ثانيا:
كذلك إختلاف كبار العلماء حول هذه المسأله بين مثبت وناف فالشعبي وابن قتيبه وابن حزم وغيرهم يذهبون الى أنه لم يجمعه منهم سوى على رضي الله عنه , والعبض الاخر كالذين ذكرهم اخي وليد ذهبوا الى أن الخلفاء الاربعة رضي الله عنهم كلهم قد جمع القرآن وفريق ثالث مال الى انه لم يجمعه سوى عثمان وعلي رضي الله عنهما وكأن الذهبي يميل اليه من صنيعه في كتابه معرفة القراء الكبار
ثالثا:
قلة النصوص المساعده لكشف هذه المسأله خاصة إذا علمنا أنها ليست من مسائل الدين أو ماتنعقد به إمامه أو تعرف به فضيلة فكلهم صحابة كرام نحبهم ونتولاهم ونترضى عنهم ونعتقد بأن خيرهم بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم هو أبو بكر فعمر فعثمان فعلي رضي الله عنهم جميعا، فهي أقرب الى أن تكون من ملح العلم العزيزة وهذا لايعني الانكفاء عن بحثها وتحقيق القول فيها .
سبحان من جعل الخلافة رتبة *** وبنى الامامة أيمابنيان
واستخلف الاصحاب كي لايدعي***من بعد أحمد في النبوة ثان
فمازلت ارى أن المسالة تحتاج الى بحث أوسع وتتبع لكلام العلماء رحمهم الله فمازال في نفسي شئ مما ذكره اخي وليد وفقه الله ـ ولايقال ان المثبت مقدم علىالناف لان معه زيادة علم ، إذ هذه المسألة ليست من مواطن هذه القاعده فهذه مسألة تعتمتد على البحث والنظر، وقد يكون النافي لها معه زيادة علم بها لم تكن مع المثبت ،وجزا الله أبا خالد خيرا أن فتح الباب ومهد الطريق فالعلم رحم بين أهله.
فأرى إن كان لدى أخي الكريم وليد متسع من الوقت لتتبع كلام العلماء رحمهم الله وإعادة النظر في هذه المسالة بشئ من التفصيل والاستدلال البين ، اذ ليس هناك دليل صريح اعتمد عليه من ذكر أنه قال بقوله، إنما هي اجتهادات لمفهومات بعض النصوص التي ربما أفادت نقيض ماذهبوا اليه، خاصة فيما يتعلق بالشيخين رضي الله عنهما .ولولا أنهم أختلفوا رحمهم الله بين مثبت وناف لما تجرأناوتطاولنا على ماسطروا.
وهذه بعض الكتب التي رجعت اليها وقد تفيد اخي الكريم أمين سر ـ سكرتيرـ مجلة مواكب تلبية لطلبه
1ـ مشكل القرآن لابن قتيبه
2ـ الانتصار للباقلاني
3ـ الفصل لابن حزم رحمه الله ، ج4
4ـ المرشد الوجيزلابن ابي شامة
5ـ جمال القراء للسخاوي رحمه الله ج1
6ـ الاتقان للسيوطي رحمه الله ج1
7ـالنبلاء للذهبي في تراجمهم رضي الله عنهم
8ـ معرفة القراء له رحمه الله ، كذلك في ترجمة عثمان وعلي رضي الله عنهما
9ـ فتح الباري لابن حجر رحمه الله
والاهم من هذا كله إن كان للشيخين شيخ الاسلام وابن القيم رحمهما الله كلام حول هذه المسأله ، حبذا لويتحفنا به احد الاخوة .