هل هناك فرق جزئي بين الثمرات والفاكهة في الجنة ؟

حمد

New member
إنضم
04/09/2008
المشاركات
747
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،
عبّر الله سبحانه بالثمرات في آيات .
وفي آيات بالفاكهة والفواكه .

فهل الفاكهة في الجنة هي الثمرات فحسب ؟
 
التفريق بين الألفاظ القرآنية ليس بالأمر الهين، وهو يحتاج إلى استيعاب الآيات جميعها في الموضوع الواحد وإجراء الفروق بينها، وسأذكر لك بعض تلك الفروق التي توصلت إليها بين الفاكهة والثمار، وفيها إن شاء الله تعالى تفريقاً بين فاكهة الجنة وثمرها، وهي من ثلاثة وجوه:
أولاً: الثمار أعم من الفاكهة، فكل فاكهة ثمار، وليس كل ثمار فاكهة، قال الله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} [الأنعام:141]، فجعلت الآية الزيتون ثمراً، وهو ليس بفاكهة، وعندما تكلم القرآن عن الثمرات كان يذكرها على سبيل عموم كل الثمرات ليدخل في ذلك ما كان فاكهة وما لم يكن فاكهة، قال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالًا سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}، وقال: {وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}.
ثانياً: الثمار مرتبطة بما ينتفع به الناس من أمور الرزق والتكسب والادخار، وليس بالضرورة كذلك الفاكهة، قال تعالى: {وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ}، وقال: {وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ}، وقال في عقوبة آل فرعون: {وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ}، وقال في حال من فقد سبب رزقه: {أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ}، فذكر الثمرات لأنها من أسباب التكسب والترزق، بما يعود عليه وأبنائه بالخير، وقال: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ}، وجاء في دعاء إبراهيم عليه السلام: {وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ}، ومعلوم أن الذي يصل إلى هذه الأرض القفر من الأرض هو ما يدخر من الثمار، ومما يعزز هذا الرأي ما ذهب إليه طائفة من المفسرين منهم ابن عباس رضي الله عنهما ومجاهد أن ما جاء في القرآن ثُمُر فهو مال، وما كان من ثَمَر فهو من الثمار، وهو ما رجحه بعض المفسرين عند قوله تعالى: {وكان له ثمر}، ولعله المناسب للسياق.
والفاكهة لا تدخر كالثمار، قال تعالى: {وَعِنَبًا وَقَضْبًا * وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا * وَحَدَائِقَ غُلْبًا * وَفَاكِهَةً وَأَبًّا * مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ}، وقال: {وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ * فِيهَا فَاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذَاتُ الْأَكْمَامِ}، وقال: {فَأَنْشَأْنَا لَكُمْ بِهِ جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ لَكُمْ فِيهَا فَوَاكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ}، فالفاكهة هنا عطفت أو عطف عليها ما يدخر.
ثالثاً: الآيات المتحدثة عن الجنة ذكرت الفاكهة في معظم السياقات، وكما هو معلوم أن الجنة ليست دار تكسب وادخار، وإنما هي دار تفكه وافتخار، وقد ذكر القرآن الفاكهة بهذا الاعتبار، قال تعالى: {مُتَّكِئِينَ فِيهَا يَدْعُونَ فِيهَا بِفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرَابٍ
وَأَمْدَدْنَاهُمْ بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ} وقال: {لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنْزِفُونَ * وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ * وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ * وَحُورٌ عِينٌ * كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ} وقال: {وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ * لَا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ}، وقال: {لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ * سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ}، وقال: {وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ * لَكُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا تَأْكُلُونَ} والآيات في ذلك كثيرة، لكنه ذكر في بعض الآيات الثمار دون الفاكهة من مثل قوله تعالى: {وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}، وذلك أن أهل الجنة سيذكرون ثمار الدنيا عند رؤية فاكهة الجنة لتشابههما في الظاهر، فالآيات القرآنية آثرت ذكر الثمر على الفاكهة لبيان هذا المعنى، وأن ثمار الآخرة ليست كثمار الدنيا، فهي من قبيل التنبيه.
ومثل قوله تعالى: { مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ}، فآثر هنا ذكر الثمرات على الفاكهة باعتبار العموم، فلا يوجد ثمر غير موجود في الجنة.
على أن القرآن أراد في معظم الآيات أن يلفت الأنظار إلى أن المقصود في الجنة التفكه فقال تعالى: {كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ * يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ}، وقال: {فِيهِمَا مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ}، وقال: {فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ}، وقال: {أُولَئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَعْلُومٌ * فَوَاكِهُ وَهُمْ مُكْرَمُونَ * فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ}، وقال: {إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ}، فهذه آيات في بيان أن أهل الجنة شغلهم الفاكهة، ولله الأمر من قبل ومن بعد.
 
جزاك الله خيراً
طرأ لي تفصيل :
وهو أن التفكه يأتي بعد وجود القوت من الطعام . (لحم وغيره)
فالثمرات يطلق عليها فاكهة إن وُجد القوت ، وإلا فلا .

ولعل هذا يفسّر الاختصار في قول الله تعالى : ((أولئك لهم رزق معلوم * فواكه ....))
فذِكر الفواكه يشير إلى وجود قُوتهم .

والله سبحانه أعلم بمراده .
 
أخي حمد بارك الله فيك وزادك حمداً في الدنيا والآخرة
ما طرأ لك من التفصيل يصح أن نقوله في الدنيا، فالقوت هو المقدم على التفكه، أما الآخرة فهي دار تفكه، والآية التي ذكرتها لا تعينك على الاستدلال وهي قوله تعالى: {أولئك لهم رزق معلوم*فواكه وهم مكرمون}، لأن فواكه من باب بيان أمر الرزق المعلوم، ولذلك يعربها المدققون من المفسرين عطف بيان، وبعضهم ذهب إلى أنها خبر لمبتدأ مضمر مفهوم من السياق تقديره ذلك الرزق فواكه، وعلى الإعرابين يكون الرزق المعلوم فاكهةً، وليس كما ذهبت إلى أنه قوت، فالجنة دار تفكه كما سبق بيان ذلك، يقول البيضاوي: "فإن الفاكهة ما يقصد للتلذذ دون التغذي، والقوت بالعكس، وأهل الجنة لما أعيدوا على خلقة محكمة محفوظة عن التحلل كانت أرزاقهم فواكه خالصة" ولله الأمر من قبل ومن بعد.
 
لم أقصد أخي أنّ الفاكهة قوت ، بل قصدت أن وجودها يشير إلى وجود غيرها مما هو قوت .
وجزاك الله خيراً .
((إنّ لك ألا تجوع فيها))
 
إذا كنت هذا الذي قصدته فلا بأس، لكن الذي يفهم من عبارتك:
"ولعل هذا يفسّر الاختصار في قول الله تعالى : ((أولئك لهم رزق معلوم * فواكه ....))
فذِكر الفواكه يشير إلى وجود قُوتهم ".

أن ذكر الفواكه في الآية يأتي بعد ذكر القوت، وعليه فالرزق المعلوم هو القوت، وهذا الاستدلال هو المرفوض، لكنك ما دمت لم تقصد ذلك فالأمر فيه سعة.
 
أعتذر عن المداخلة التي هي في غير موضوعكم، لكن أريد أسأل د. المثنى عبدالفتاح عن مثل هذا التعبير الذي جاء أثناء كلامه:
" وعندما تكلم القرآن عن... " - أليس الأولى أن نقول: "تكلم الله"؟ لأن القرآن صفة من صفاته سبحانه و تعالى، و الموصوف بالتكلم هو الرب عز و جل ؟؟
عفواً...
 
نستطيع أن نقسم هذه المسألة إلى جهتين:
الجهة الأولى: عند ذكر الآية مفردة، كأن يقول القائل: قال القرآن، أو يقول القرآن، أو تكلم القرآن، فهذه من حيث الجواز جائزة، إما على تقدير محذوف إيجازاً والتقدير: تكلم منزل القرآن، والأولى أن يقول: قال تعالى، أو قال الله تعالى.
الجهة الثانية: عند ذكر القرآن جملة، كأن يقول القائل: تحدث القرآن عن فضيلة التقوى في كثير من آياته، أو تكلم القرآن في هذا الباب بما يشفي العليل، فهذا هو الأولى، ولا يقال حينئذ: الأولى أن يقال: قال الله تعالى، وتخيل معي لو قلنا العبارة الآتية: وعندما تكلم الله عن الثمرات، لم يكن الأمر مقبولاً؛ لأني أكون حينئذ أسندت جملةً من المعاني التي سآتي على ذكرها واحدة تلو الأخرى إلى الله تعالى، ولا يفوتنا أنه إسناد فهمٍ إلى القرآن جملة، وهو من باب الاجتهاد، وإسناده إلى الله تعالى غير لائق.
وهنا نستطيع أن نجيب عن ظاهرة لم تكن موجودة عند المتقدمين، إذ لم يكن من عادتهم أن يقولوا: قال القرآن، أو يقول القرآن، أو تكلم القرآن، إلا على الندرة، وهو أسلوب نجده عند بعض المتأخرين المعاصرين، وسبب ذلك أن التفسير الموضوعي لم يكن منتشراً عند المفسرين قديماً كما انتشر في هذا العصر، وكما لا يخفى أن عناية الكاتبين في التفسير الموضوعي في جملته لا في آحاد آياته، ولذلك يعبرون بقولهم: يقول القرآن، أو تكلم القرآن عن هذا الموضوع، ولا يقولون تكلم الله عن هذا الموضوع، وكلامي كان من هذا القبيل، فعندما قلت: تكلم القرآن، أردت جملة القرآن وما جاء فيه حديث عن الثمرات، وعندما جئت على الآيات قلت: قال تعالى.
وأشكر مداخلتك ولو لم تكن في صلب الموضوع، لكنها مفيدة إن شاء الله فوجودنا في هذا الملتقى لطلب الفائدة والعلم، والله الموفق لخير الدنيا والآخرة.
 
عودة
أعلى