هل هناك إجماع على إعجاز القرآن البلاغى ؟

  • بادئ الموضوع بادئ الموضوع محب
  • تاريخ البدء تاريخ البدء

محب

New member
إنضم
22/09/2003
المشاركات
69
مستوى التفاعل
2
النقاط
8
بسم الله .. والحمد لله ..

هل يمكننا القول بأن علماء المسلمين مجمعون على أن القرآن معجز ببلاغته ؟

وهل يضر هذا الإجماع ما ذهب إليه بعض العلماء من عدم إعجاز القرآن ببلاغته مثل ابن حزم وغيره ؟

أفيدونا أثابكم الله من فضله .
 
جزى الله من أجاب أو ساعد فى الإجابة .
 
جاء في تفسير المنار 1/201 ما نصه :( الوجه الثاني : بلاغته التي تقاصرت عنها بلاغة سائر البلغاء قبله وفي عصر تنزيله وفيما بعده ولم يختلف أحد من أهل البيان في هذا ) انتهى المقصود نقله .

وهذا مقال أرجو من الإخوة إبداء رأيهم حوله :
وجـهُ الإعجـاز الوحيد للقرآن الكريم

الذي تحـدى به الإنسَ والجنَّ يكمن في نظـمه

العجز هو عدم القدرة وعجَزَ عن الأمر إذا قصر عنه. والمعجزة هي الآية التي يُتحدّى بها ويقصر المتحدّى عنها ولا يقدر على الإتيان بمثلها. وتطلق المعجزة على كل آية على النبوة سواء أكانت مؤنثاً كالعصا أو مذكراً كالقرآن. ووجه الإعجاز هو الأمر الكامن في المعجزة التي من أجله لا يقدر المتحدى على الإتيان بمثلها ويقصر عنه. فإذا قصر المتحدى عن الإتيان بمثلها على الوجه الكامن فيها فقد عجز، وإن أتى المتحدى أو غيره بمثلها على وجهها المعجز فقد بطل إعجازها، وبطلت صلاحيتها للتحدي. وقد يكون للمعجزة أكثر من خاصية ويكون وجه الإعجاز في واحدة من هذه الخواص. فعصا موسى عليه السلام كانت تنقلب حية وكانت تسعى وكانت تخيف، إلا أن عصي السحرة كان يخيل للناس أنها حيات وأنها تسعى واسترهبتهم، مما جعل موسى عليه السلام يوجس خيفة، فأمر بإلقائها وهنا كانت المفاجأة حيث ظهرت الخاصية التي تميزت بها عصاه، وظهر وجه الإعجاز وهو أنها تلقف ما يأفكون، وعند ذلك ألقي السحرة ساجدين. وكذلك القرآن الكريم فإنه باللغة العربية وبحروف عربية ومع ذلك تحدى العرب وعجزوا عن الإتيان بمثله فهو معجزة الرسول محمد r من هذا الوجه، ولا يشاركه في هذا الوجه من الإعجاز أي كلام آخر. والإعجاز حتى يكون في أمر من الأمور يجب أن لا يشاركه فيه أمر آخر.

وقد ظهرت في الآونة الأخيرة كتابات حول وجود وجوه أخرى من الإعجاز في القرآن الكريم، علماً بأنّ هذه الوجوه لم يتحدَّ القرآن بها، ولم يستقل بها عن غيره بل هي موجودة في السنّة كذلك.

فقد قالوا إن من وجوه إعجازه أن فيه ذكراً أو إشارات لحقائق علمية لم تكتشف إلا في العصر الحديث كقوله تعالى: ]وأنزلنا الحديد[ ، وقوله: ]والأرض بعد ذلك دحاها[ ، وقوله: ]وخلق منها زوجها[ ، وقوله: ]وجعلنا من الماء كل شيئ حي[ ، وقوله: ]بينهما برزخ لا يبغيان[ ، وقوله: ]والجبال أوتاداً[ ، وقوله: ثم جعلناه نطفة في قرار مكين @ ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاماً كسونا العظام لحماً ثم أنشأناه خلقاً آخر فتبارك الله أحسن الخالقين[ وأشباه هذه الآيات، في حين أن القرآن لم يتميز بذكر هذه الأمور التي قالوا إنها إعجاز علمي، بل شاركته في ذلك السنة، ففي حديث أبي هريرة المتفق عليه قال: قال رسول الله r: «ما بين النفختين أربعون قال أربعون يوماً قال أبيت، قال أربعون شهراً؟ قال أبيت، قال أربعون سنة؟ قال أبيت، قال ثم ينـزل الله من السماء ماء فينبتون كما ينبت البقل، قال وليس من الإنسان شيء إلا يبلى إلا عظماً واحداً وهو عَجْبُ الذَّنَب ومنه يركب الخلق يوم القيامة» وقد قالوا إن الخلية الأم موجودة في عجب الذنب، وأن هذه الخلية فريدة من نوعها، وفيها من الخصائص ما يجعل فيها قابلية نشوء كل خلايا الجسم على اختلاف أنواعها منها، وكشف العلم كما قالوا إنها تحوي كل الصفات الوراثية، وهذا يثبت أن السنة تشارك القرآن في هذا الوجه الذي قالوا إنه من وجوه الإعجاز، ولو كان ما قالوه حقاً لوجب أن تكون السنة معجزة كالقرآن في حين أن القرآن هو المعجز المتحدى به وليس السنة.

ومن وجوه الإعجاز التي ذكروها ما فيه من تشريعات، ويكفي للإجابة أن رسول الله r قال: «قد أوتيت القرآن ومثله معه» ومن اطلع على كتب الفقه سيجد مصداق هذا، فأين الإعجاز؟ وللكافر أن يجادل فيقول أين الإعجاز في قطع يد السارق وأين الإعجاز في الزواج من أربع وأين الإعجاز في إعطاء الذكر مثل حظ الأنثيين؟ والمطلوب أن تقيم الحجة العقلية عليه، فكيف تساوي بين القرآن والسنة في الإعجاز، بل قد يزعم الكافر أن التشريعات الغربية أفضل مما في القرآن من تشريع ويكفي ما فيه من حريات، أين الإعجاز في دفع الجزية وجلد الزاني وتحريم الخنـزير؟ وعليه فلو أردنا إقامة الحجة على الكافر ليؤمن بالقرآن بقولنا إن فيه تشريعات معجزة لا يستطيع البشر أن يأتوا بمثلها لاضطرب الأمر واختلط وضاعت الحجة. وما لم يؤمن الكافر أولاً بأن القرآن من عند الله فإنه لن يؤمن بأن التشريعات القرآنية معجزة.

ومما ذكروه من الوجوه إخباره عن المغيبات كقوله تعالى: ]ألم @ غلبت الروم @ في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون @ في بضع سنين[ ، وفي السنة أضعاف ما في القرآن من أخبار غيبية عن المستقبل كقوله r: «وليوشكن أن يكون للرجل مثل شطن فرسه من الأرض حيث يرى من بيت المقدس خير له من الدنيا جميعاً»، وقوله: «من أشراط الساعة إذا تطاول رعاء البهم في البنيان»، وقوله: «يأتي على الناس زمان يتباهون بالمساجد»، وقوله: «لتفتحن القسطنطينية»، وقوله: «لا تقوم الساعة حتى يبني الناس بيوتاً يشبهونها بالمراجل» يعني الثياب المخططة، وقوله لأم حرام: «أنت من الأولين» فركبت البحر فصرعت وهلكت، وقوله: «تقتل عمار الفئة الباغية»، وقوله: «يوشك الأمم أن تداعى عليكم» وغيرها، فإذا كان الإخبار عن الغيب وجهاً من وجوه الإعجاز فالسنة معجزة.

وقالوا إن من وجوه إعجاز القرآن إخباره عن قصص الأولين، وليس الأمر محصوراً في القرآن فقد أخبرت السنة كذلك عن قصص الأولين كقصة أصحاب الغار الذي انسد بابه عليهم، وقصة الراهب والغلام وغيرها، بل يشاركه في هذا الوجه ما كتب بلغات مختلفة عن أخبار الماضين، ولن يستطيع الكافر أن يؤمن بصدق القصص القرآني وتمييزه من قصص الكتب الأخرى إلا إذا آمن أولاً بأن القرآن من عند الله. وما دام الأمر كذلك فالقرآن غير معجز من هذا الوجه.

هذه الأوجه ليست دليلاً على الإعجاز قطعاً لمشاركة السنة له فيها، ومشاركة غير السنة، والذي يبدو عند التدقيق أن القائلين بهذا يخلطون بين إعجاز القرآن وكونه r يوحى إليه ولا ينطق عن الهوى. فالقرآن معجز والسنة غير معجزة، وكلاهما وحي، ويجب التمييز بينهما.

ووجه الإعجاز الوحيد في القرآن الكريم الذي تحدى به الإنس والجن يكمن في نظمه وأسلوبه، أي في كيفية التعبير لتصوير المعاني، والتعبير يكون بألفاظ وتراكيب، وهذه الألفاظ والتراكيب هي قوالب للمعاني، ولا تنفصل عنها مطلقاً، إلا إذا كانت من المهمل وليس منه في القرآن شيء. وإذا ترجمت بعض معاني القرآن إلى غير العربية فإنها لا تكون معجزة، فالإعجاز يكون في النظم الذي يصور المعاني.

هذا هو الوجه الوحيد للإعجاز، وإدراكه يحتاج إلى معرفة بالعربية وآدابها، وهذا يختلف تماماً عن إقامة الحجة على أن القرآن معجز، فإقامة الحجة يمكن أن تكون بأية لغة لإثبات أن القرآن من الله وليس من عند محمد ولا من عند العرب أو العجم، وأن التحدي بالإعجاز كان وما يزال قائماً، فلن يأتي أحد بمثله أي بمثل نظمه وأسلوبه. فالمطلوب لإقامة الحجة إثبات عجز الناس، لا بيان وجه الإعجاز، والأول يكون بكل لغة والثاني لا يكون إلا بالعربية.

وينبغي لمن يتصدى لجدال الكفار والمنافقين أن يفرق بين إعجاز القرآن وبين تلقي النبي r للوحي وكونه لا ينطق عن الهوى، ويفرق أيضاً بين إقامة الحجة على أنه معجز وبين بيان وجه الإعجاز فيه. ومن أبى إلا أن يثبت وجود الحقائق العلمية في القرآن فليستعملها في إثبات الوحي لمحمد r لا في إعجاز القرآن q

ع.ع
وجه إعجاز القرآن الوحيد
 
جزاكم الله خيراً ..

ولكن هل يعد رأى ابن حزم وابن سنان الخفاجى وغيرهما نقضاً لإجماع أهل البيان ؟
 
جزاكم الله خيراً ..
ولكن هل يعد رأى ابن حزم وابن سنان الخفاجى وغيرهما نقضاً لإجماع أهل البيان ؟
الأخ العزيز محب وفقه الله وسدد خطاه
إن تجاوزنا رأي إبراهيم النظام وابن سنان الخفاجي ومن قال بقولهم وهم قلة فيمكن أن نعتبر القول بالإعجاز البلاغي إجماعاً . وهو الوجه الذي وقع به التحدي للمخاطبين من العرب ابتداء وغيرهم من باب أولى .
وإن رأيتم أن معارضة هؤلاء للقول بالإعجاز البلاغي ناقضة للإجماع فيبقى قول الجمهور إذن ، أو الأكثر .
ورأي ابن حزم فيه اضطراب ويحتاج إلى تتبع ، والذين جمعوا بين القول بالصرفة والإعجاز البلاغي في كلامهم تناقض فيما يبدو لي، مثل الشريف المرتضى والرماني .
 
جزاكم الله خيرًا . والحق حق ولو خالفه من خالفه .

ولعل سبب الاضطراب الذي أشرتم إليه ، أو أحد أسبابه : اختلاف التنظير عن التطبيق .. فقد يقول أحدهم بالصرفة نظريـًا ، لكن إذا كان في مقام التطبيق تنبهر عيناه بنور القرآن ، فلا يرى أمامه إلا البهاء والجلال ، ولا يسيل من قلمه إلا ما يعبر عما يراه .

والحال في هذا كحال من ينكر الحكمة والتعليل في مقام التنظير ، ثم إذا كان في مقام الكلام على الأحكام الشرعية ، لا يعود يرى إلا الحكمة الباهرة من وراء كل حكم وتشريع ، فلا يصدر عن قلمه إلا ما ملك حسه .

والله أعلم .
 
جزاكم الله خيراً، فمشاركاتكم على جانبٍ من الأهمّية، ولي تعقيب على مشاركة أخي أبي مجاهد حفظه الله ..

إذ لا بدّ من بيان أن ما وقع به التحدّي من دون سائر الوجوه المذكورة من علميٍّ وتشريعي وإخبارٍ بالغيب ...أقول : ما وقع به التحدّي هو الجانب البلاغيّ في القرآن من دون سائر الوجوه، ولذلك نرى العلماء والدارسين يُطبقون على تسمية هذا النوع بالإعجاز .

ثم إننا إذا تجاوزنا هذا الجانب فإننا نرى الباحثين والعلماء على طريقين :

الأول : وهم الأكثر، الذين يسمّون سائر الوجوه وجوهاً معجزة كذلك، ولا يشترطون لتسمية هذا الخارق : معجرةً أن يكون قد وقع به التحدّي .

ولذلك سمّوا كلّ الخوارق التي جرت على يدي النبي صلى الله عليه وسلّم: معجزات، مثل "معجزة الإسراء والمعراج"، معجزة "نبع الماء من بين أصابعه صلى الله عليه وسلّم"، وغير ذلك من الخوارق التي جرت على يديه صلى الله عليه وسلم .
وعلى هذه الطريق سمَّوا هذه الوجوه معجزة، من غير ارتباطٍ بكونها متحدىً
بها أو لا .

الثاني : نفرٌ من أهل العلم لم يسمّوا هذه الوجوه جميعاً معجزات، لكونها لم يقع بها التحدّي .

وهؤلاء سمّوا هذه الوجوه - باستثناء الوجه البلاغي - : دلائل ربانيّةِ القرآن أو ما أشبه، ومن هؤلاء الدكتور صلاح الخالدي - حفظه الله وحفظكم - الذي صنّف كتابه في الإعجاز بعنوان : "إعجاز القرآن البياني، ودلائل مصدره الرباني" .
وفيه - كما يبدو من العنوان - فرّق بين البلاغة القرآنية المعجزة، بالنظر إلى أنها قد وقع بها التحدي، وبين سائر الوجوه الخارقة للعادة؛ فسمّاها : دلائل ربانية القرآن، باعتبار أن التحدّي لم يقترن بها إلّا أنها دالّة بما فيها من خرقٍ للعادة على مصدر القرآن الإلهي .

وعليه؛ فالخلاف - كما يظهر - بين الفريقين خلافٌ اصطلاحيّ .

إلّا أنه لا بدّ من بيان مسألة تتعلّق بـ"الإعجاز التشريعي" - إن صحّ التعبير - .
فمَكْمَنُ الإعجاز فيه ليس قطع اليد أو الرجم أو الجلد أو ما أشبه، بل الإعجاز فيه بمجموع هذا التشريع الذي يرقى ليعالج الوضع البشريّ الأرضيّ، ويخفّف وطأة باطله، وما يمكن أن تؤول إليه حالته بعيداً عن روح هذه الشريعة .
ومن يُخاطَب بهذا النوع من "الإعجاز" هم المعنيّون بالقوانين، والمختصّون بالعلوم الحقوقيّة الذين يُدركون جودة هذه الشريعة المتكاملة، ومناسبتها لحياة البشر، وعدم وجود شريعة أخرى بكمالها .
وليس هذا مختصّاً بالإعجاز التشريعي فقط، بل وجه الإعجاز الأوّل، وهو "البلاغة"إنما يُخاطب به من يعرفُ لغة العرب ويجيدها، وإلّا فكم سمعنا ممن استعجمت ألسنتهم كما استعجمت عقولهم التساؤل عن الإعجاز البلاغي في هذه السورة أو تلك ؟؟
وكذلك القول في سائر أنواع الإعجاز، والله أعلم .
 
عودة
أعلى