هل نقول قلب أو إقلاب؟

إنضم
6 فبراير 2009
المشاركات
512
مستوى التفاعل
1
النقاط
18
الإقامة
الجزائر العاصمة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وأصلي وأسلم على رسول الله
قد وقع نقاش بين بعض أعضاء الملتقى حول موضوع القلب أو الإقلاب، في أحكام النون الساكنة والتنوين، فأنكر بعضهم أن يقال الإقلاب، وإنما يقال القلب فقط، وذهب آخرون إلى جواز الأمرين وأن الأمر واسع. إلا أن نقاش كان في غير موضوعه، فأحببت أن أفرده هنا وأنقل ما جرى بين الإخوة من نقاش مع حذف ما لا يتعلق بالموضوع. والله الموفق وجرى النقاش على هذا الرابط
http://vb.tafsir.net/newreply.php?do=newreply&p=116327
 
المصطلح الصحيح لهذا الحكم أن يقال: "القلب"، وليس " الإقلاب"، لأن "الإقلاب" مصدر أقلب يُقلب بضم الياء، و"القلب" مصدر قلَب يَقلب، ومصطلح "القلب" هو الذي استعمله علماؤنا قديما في كتبهم، ولا حاجة للإحالة لأن الأمر مستفيض في جميع كتب التجويد القديمة، وممن صوب هذا الخطأ في كتابه: الإمام المارغني في شرحه على الدرر عند الكلام على هذا الحكم، وبالله التوفيق.
 
السلام عليكم
علي رسلك يا أبا المنذر ..من تقصد بالقدامي ؟ هل تعلم أن ابن الجزري استعمل الإقلاب في كتاب التمهيد ؟ بل المغاربة عندكم لم يتفقوا . الجزم في المسائل خطأ محض ، والأفضل أن تعرض مداخلتك على هيئة استفسار فهذا أفضل بكثير ، وأَدْعي لرجوع المرء إلي الصواب ولا يكابر ؛ لأنه عرضه علي هيئة استفسار ، بخلاف إذا عرضه بصيغة الجزم لعله تأخذه العزة بالإثم .
ولا أقصدك شيخنا الحبيب ولكني أتحدث عن أمر عام وهي فرصة للتناصح .
واعذرني مضطر لأحيلك إلي بحث لي تحدثت فيه عن هذه النقطة ، أو أقل لك : سأنقله لك والأجر علي الله :

((( اختلفو هل نطلق علي الحكم " الإقلاب " أم القلب ؟؟

قال صاحب النجوم والطوالع :" [1]- يذكره بعض القراء كابن الجزري في التمهيد 157 يلفظ الإقلاب ، وانتقد ابن المجراد ذلك وصحح ابن القاضي في الفجر اللغتين قال ابن المجراد : " والقلب مصدر قلب يقلب ولا يقال الإقلاب كما يقوله بعض عوام الطلبة، لأن الإقلاب وزنه إفعال بكسر الهمزة، وإفعال لا يكون مصدرا إلا لأفعل رباعيا مثل أظهر وأنذر ولم يسمع عن العرب "أقلب" رباعيا ، وإنما سمع ثلاثيا" إيضاح الأسرار والبدائع لوحة 93).

قال في الفجر الساطع : "وهذا مخالف لما يأتي إن شاء الله أنه يقال رباعيا نقله في "فتح الباري". ا.هـ

أقول : قال الحافظ في الفتح :" قَوْله ( عَنْ الْإِقْرَان )
كَذَا لِأَكْثَر الرُّوَاة وَقَدْ أَوْضَحْت فِي كِتَاب الْحَجّ أَنَّ اللُّغَة الْفُصْحَى بِغَيْرِ أَلِف ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ بِلَفْظِ " الْقُرْآن " وَكَذَلِكَ قَالَ أَحْمَد عَنْ حَجَّاج بْن مُحَمَّد عَنْ شُعْبَة ، وَقَالَ عَنْ مُحَمَّد بْن جَعْفَر عَنْ شُعْبَة " الْإِقْرَان " قَالَ الْقُرْطُبِيّ : وَوَقَعَ عِنْد جَمِيع رُوَاة مُسْلِم " الْإِقْرَان " وَفِي تَرْجَمَة أَبِي دَاوُدَ " بَاب الْإِقْرَان فِي التَّمْر وَلَيْسَتْ هَذِهِ اللَّفْظَة مَعْرُوفَة ، وَأَقْرَن مِنْ الرُّبَاعِيّ وَقَرَنَ مِنْ الثُّلَاثِيّ وَهُوَ الصَّوَاب ، قَالَ الْفَرَّاء : قَرَنَ بَيْن الْحَجّ وَالْعُمْرَة وَلَا يُقَال أَقْرَنَ ، وَإِنَّمَا يُقَال أَقْرَنَ لِمَا قُوِيَ عَلَيْهِ وَأَطَاقَهُ ، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى ( وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ ) قَالَ : لَكِنْ جَاءَ فِي اللُّغَة أَقْرَنَ الدَّم فِي الْعِرْق أَيْ كَثُرَ فَيُحْمَل حَمْل الْإِقْرَان فِي الْخَبَر عَلَى ذَلِكَ ، فَيَكُون مَعْنَاهُ أَنَّهُ نَهَى عَنْ الْإِكْثَار مِنْ أَكْل التَّمْر إِذَا كَانَ مَعَ غَيْره ، وَيَرْجِع مَعْنَاهُ إِلَى الْقِرَان الْمَذْكُور . قُلْت : لَكِنْ يَصِير أَعَمّ مِنْهُ . وَالْحَقّ أَنَّ هَذِهِ اللَّفْظَة مِنْ اِخْتِلَاف الرُّوَاة ، وَقَدْ مَيَّزَ أَحْمَد بَيْن مَنْ رَوَاهُ بِلَفْظِ أَقْرَنَ وَبِلَفْظِ قَرَنَ مِنْ أَصْحَاب شُعْبَة ، وَكَذَا قَالَ الطَّيَالِسِيُّ عَنْ شُعْبَة الْقِرَان ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَة الشَّيْبَانِيِّ الْإِقْرَان ، وَفِي رِوَايَة مِسْعَر الْقِرَان .)) 15/ 355

وعلي ذلك جواز إطلاق قول الإقلاب عند ملاقاة النون الساكنة والتنوين للباء )))
والسلام عليكم
 
وعليكم السلام ورحمة الله



جزاك الله خيرا فضيلة الشيخ على هذا البيان، وكان الأولى بكم أن توفروا على أناملكم رقن تلك العبارات القاسية.



أما قولي "علماؤنا القدماء" فأقصد عصر ما قبل ابن الجزري، فإني لم أجد في حد اطلاعي في كتب الداني المطبوعة، ولا مكي، ولا القرطبي في الموضح، ولا ابن المرابط في التقريب، ولا ابن بري في نظمه....من استعمل هذا اللفظ.



ولم أكن أجهل أن الموجود في النسخة المطبوعة للتمهيد لابن الجزري (تحقيق الدكتور غانم قدوري ص: 168) لفظ "الإقلاب"، غير أنه أشكل بعد ذلك بقوله: "فإذا أتى بعد النون الساكنة والتنوين باء قلبت ميما"، ولم يقل: "أقلبت"، ثم وجدت المحقق أحال في الحاشية بقوله: ع (اقلبت)، بمعنى:الموجود في النسخة ع (اقلبت)، والنسخة ع هي النسخة المطبوعة للتمهيد والتي استعان بها الدكتور غانم في تحقيقه للكتاب، وقد طبعت بمصر سنة 1326هـ كما أفاد به في الدكتور في مقدمة التحقيق، فاختيار الدكتور مصطلح: (قلبت) دون (اقلبت) كان من النسخ الخطية الأخرى، وهذا في منتهى التحقيق.



فإن كان ابن الجزري استعمل حقيقة في كتاب التمهيد لفظ الإقلاب، فلماذا عدل في العبارة عن لفظ: اقلبت، واستعمل لفظ: قلبت، وهو مشتق "القلب"، أضف إلى ما ذكر أن الكتاب ألف في أول حياته، والذي استعمله في النشر هو لفظ "القلب" لا غير.



واستدلالكم في تصحيح لفظ "الإقلاب" بتحرير ابن حجر في الفتح حول لفظ القران والإقران بعدٌ عن النجعة، وحيدة عما نحن بصدده، فالحافظ يحرر في لفظين نقل عن العرب استعمالهما، وكان الأولى بكم أن تحاججوا بكلام عن العرب منقول أنهم استعملوا لفظ الإقلاب والقلب بمعنى واحد لا أن تقيسوا ذلك القياس.



ذكر ابن منظور في اللسان في مادة ق ل ب: "وأقلبه عن اللحياني وهي ضعيفة".



وذكر صاحب التاج في مادة ق ل ب: "وحكى اللحياني: أقلبه، قال: هي مرغوب عنها، والمختار عنده: قلبت".



وكما هو معلوم لدى فضيلتكم أن الاصطلاح في العلوم مبني على ما هو مشهور في اللغة والله تعالى أعلم.

 
السلام عليكم


كانت توجيهات فلم أكن أدري أنك في غني عنها .


عجيب مثل هذا الكلام الذي نسمعه .......
فلو قال ابن الجزري الإقلاب فهو الإقلاب ويجوز لغة .


عدّل في العبارة من باب التنوع وجواز الكل ، وليس معني أن عبارة أولي مَنْع العبارة الأخري ، فالشاذ عند القراء مالم يتواتر والشذ عند النحاة وأهل اللغة ماخرج عن قياسه أو ندر .
فكون ابن الجزري صدّر الباب بقوله (القسم الرابع : الإقلاب ) ثم قال أي عبارة داخل الباب فلا يصح أن يكون تعقبا عليه ..ثم إن طبعة د/ سعيد صالح زعيمة أثبتت " أقلب" ، ولو فرضنا أنها " قلبت " قل من باب الأولي مثلا .
وهل يعقل يا أخي أن يغير ابن الجزري كلمة كتبها في عنوان الباب بعبارة أخري في ثنايا الباب سهوا مثلا ؟؟

أما أقلب فقد جاءت بمعني القلب أيضا :
أساس البلاغة :


ق ل ب


قلب الشيء قلباً: حوّله عن وجهه. وحجر مقلوب، وكلام مقلوب. وقلب رداءه. وقلبه لوجهه: كبّه، وقلبه ظهراً لبطن. وقلب البيطار قوائم الدابّة: رفعها ينظر إليها. وتقلّب على فراشه. والحية تتقلّب على الرمضاء. وأقلبت الخبزة: حان لها أن تقلب. ورجلٌ أقلب: متقلب الشّفة. وشفة قلباء: بيّنة القلب، وقلبت شفته.


************


القاموس المحيط :


وأقْلَبَ العِنَبُ: يَبِسَ ظاهرُهُ، (وأقْلَبَ ) الخُبْزُ: حانَ له أنْ يُقْلَبَ. وتَقَلَّبَ في الْأُمورِ: تَصَرَّفَ كيفَ شاءَ. وحُوَّلٌ قُلَّبٌ، وحُوَّلِيُّ قُلَّبِيُّ، وحُوَّلِيُّ قُلَّبٌ: مُحْتالٌ بَصيرٌ بِتَقَلُّبِ الْأُمورِ. وكمِنْبَرٍ: حَديدَةٌ تُقْلَبُ بها أرضُ الزِّراعة. والمَقْلوبَةُ: الْأُذُنُ. والقَلَبُ، محركةً: انقِلابُ الشَّفَةِ. رَجُلٌ أقْلَبُ، وشَفَةٌ قَلْباءُ. والقَلُوبُ: المُتَقَلِّبُ، الكثيرُ التَّقَلُّبِ.


***********

أما أقلب بمعني إقلاب سيأتي بيانه في كلام صاحب الفجر الساطع إن شاء الله ـ


فيه دلالة علي أنكم لم تنظروا في الكلام جيدا ، هذا الاحتجاج بكلام ابن حجر ليس مني اقرأ هذه العبارة جيدا :




هل علمت من الذي يحتج بكلام ابن حجر ؟؟
وأسهل كلمة نسمعها " بعدٌ عن النجعة، وحيدة عما نحن بصدده ، نحن في واد وأنت في واد ، وهذا ليس محل النزاع وووو " دون فهم للكلام أو القراءة بتمعن وصبر .
والسلام عليكم
 
......
عن رأي الإمام ابن الجزري في هذه القضية، فقد نقلتم أنه ذكر في كتاب التمهيد (الإقلاب)، وكلنا يعرف أن كتاب التمهيد ألفه وهو في بداية طلبه-أظن كان عمره 17 سنة-، ولو رجعنا إلى بعض كتبه الأخرى وقد ألفها وهو شيخ الإقراء، فنرى أنه استعمل مصطلح (القلب) كما في المقدمة الجزرية والطيبة وكتاب النشر، وما أدري ماذا استعمل في كتبه الأخرى، وهي جديرة بمراجعتها لننظر رأيه في هذا المصطلح عنده: هل يجوز عنده الوجهان؟ أم أنه استعمل في أول أمره (الإقلاب) ثم تركه واستعمل (القلب)؟
ونظير هذا قضية ترقيق الألف المدية مطلقا كما ذهب إليه الإمام ابن الجزري في التمهيد، ثم رجع عنه في النشر واستُشكل الأمر في المقدمة عند قوله (وحاذرن تفخيم لفظ الألف) وقد درس هذه القضية بعض أعضاء الملتقى على هذا الرابط http://vb.tafsir.net/showthread.php?t=3073
وقد فهمت من كلامك أن الإقلاب يجوز في اللغة لأن ابن الجزري استعمله، ولعلي مخطئ في الفهم، ولكن هذا الذي فهمته فإن كان كذلك فيعني هذا أن كلام ابن الجزري حجة في اللغة، فهذا أرجو أن لا يكون تعصبا لابن الجزري رحمه الله، وإنما ينبغي أن يحتج لاختياره -في باب اللغة والصرف- بكلام أهل التخصص من أهل اللغة وأهل الصرف، وهذا نناقشه فيما بعد في مشاركة أخرى. وخاصة أن ابن الجزري رحمه الله نفسه ترك هذا المصطلح في بعض كتبه الأخرى.

والمسألة تحتاج إلى النظر في عامة كتب ابن الجزري لمعرفة مذهبه الذي استقر عليه. ثم في كتب أهل التجويد والقراءات -من مشارقة ومغاربة-
والرجوع أيضا، وهو مهم، إلى كتب أهل اللغة والتصريف لمعرفة الصحيح عندهم والضعيف. والله أعلم
وسنرجع إلى هذه القضية فيما بعد إن شاء الله، وإن كنا خرجنا عن الموضوع الأصل، وكان الأولى مناقشة هذه المسألة في موضوع جديد خاص.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
 
أيها الأساتذة الفضلاء: .......
أما بالنسبة لموضوع القلب والإقلاب فالأمر ليس مُهوَّلا، وكلاهما مستعمل، على حد قول الحق جل وعلا: ((والله أنبتكم من الأرض نباتا)) ويصح في غير القرآن إنباتا، وأهم شيء فيه معرفة كيفية تطبيقه، فليتنبه لذلك.
 
..
أما بالنسبة لموضوع القلب والإقلاب فالأمر ليس مُهوَّلا، وكلاهما مستعمل، على حد قول الحق جل وعلا: ((والله أنبتكم من الأرض نباتا)) ويصح في غير القرآن إنباتا، وأهم شيء فيه معرفة كيفية تطبيقه، فليتنبه لذلك.
لو تبين لنا -أحسن الله إليك- وجه الاستشهاد بهذه الآية على جواز قول أَقلَبَ مكان قَلَبَ، مع أنه ضعيف لغة -كما سيأتي- فالآية إنما فيه جواز استعمال نباتا في مكان إنباتا. لو تبينون لي ذلك بارك الله فيكم.
 
هنا أورد ما استعمله العلماء السابقين المؤلفين في التجويد والقراءات:
-ففي الإقناع في القراءات السبع لابن خلف : ص108 سماه إبدالا وقلبا صحيحا، ثم نقل عن السيبويه قوله (تقلب النون مع الباء ميما). وكذلك ذكر في كتابه الاكتفاء في القراءات السبع ص53: إبدال.
-وأما الكنز في القراءات العشر لعبد الله بن عبد المؤمن: ص46 سماه قلبا.
-وأما الروضة في القراءات الإحدى عشرة لأبي علي المالكي : ج1ص280: قال: يقلبان ميما.
-وفي التجريد لابن الفحام المتوفى 516: ص116: قلبهما ميما.
-وفي كتاب التحديد للداني: ص115: أن يقلبا ميما، وكذا هو في كتابه التيسير ص174 (وكذا في شرحه الدر النثير للمالقي ص443و448) ، وجامع البيان ،والأرجوزة المنبهة ص219، وجامع البيان ص300
-وفي التبصرة لمكي بن أبي طالب: ص125: وأجمعوا على إبدال النون الساكنة والتنوين ميما عند الباء. وقال في كتاب الرعاية ص265: ينقلبان ميما.
-وفي غاية الاختصار للعطار الهمداني ج1 ص174 قال : مقلوبة، وص 176 فإنهما تنقلبان عندها ميما.. وقال في كتابه التمهيد في معرفة التجويد ص302: أما القلب فعند الباء خاصة، وذاك أنها تُقلَبُ في اللفظ ميما.
-وفي كتاب "قراءة الكسائي" لمحمد بن أبي نصر الكرماني المتوفى سنة 563: ص22: ويقلبهما عند الباء.
-وفي منح الفريدة الحمصية في شرح القصيدة الحُصرية: ص361: قال الحُصْري: وتقلب عند الباء ميما. وقال الشارح ابن عظيمة: يقلبان في اللفظ ميما إذا كانت بعدهما باء.
فتلاحظ أنهم استعملوا (القلب) ولم يستعملوا (الإقلاب)


-وأما في المختصر البارع في قراءة نافع لابن جزي المالكي: ص71، قال: الإبدال.
-وتلخيص العبارات بلطف الإشارات في القراءات السبع،لابن بليمة: ص26: يبدل عند الباء ميما.
-والتذكرة للطاهر بن غلبون ج1 ص238: أن يبدلا عند الباء ميما.
-وأما في المصباح لأبي الكرم الشهرزوري المتوفى سنة 550: ج1 ص456: يصيران عند الباء ميما.
فاستعملوا هنا مصطلح الإبدال، والأخير كلمة التصيير.
وكلهم تركوا استعمال كلمة (الإقلاب).
بل قد أنكر بعض علماء التفسير والقراءات هذا الاستعمال، وقد نقلتم فيما سبق كلام المارغني التونسي رحمه الله في كتابه النجوم الطوالع شرح الدرر اللوامع، وهو نقل عن ابن المجراد رحمه الله إنكارهلكلمة الإقلاب وأنه من كلام عوام الطلبة، وهذا نص ما نقلتم:
قال صاحب النجوم والطوالع :" [1]- يذكره بعض القراء كابن الجزري في التمهيد 157 يلفظ الإقلاب ، وانتقد ابن المجراد ذلك وصحح ابن القاضي في الفجر اللغتين قال ابن المجراد : " والقلب مصدر قلب يقلب ولا يقال الإقلاب كما يقوله بعض عوام الطلبة، لأن الإقلاب وزنه إفعال بكسر الهمزة، وإفعال لا يكون مصدرا إلا لأفعل رباعيا مثل أظهر وأنذر ولم يسمع عن العرب "أقلب" رباعيا ، وإنما سمع ثلاثيا" إيضاح الأسرار والبدائع لوحة 93).

وأضيف هنا كلام المفسر المقرئ عبد الرحمن الثعالبي الجزائري المالكي رحمه الله المتوفى سنة 875 في كتابه المختار من الجوامع في محاذاة الدرر اللوامع فقال ص72:
والقلب مصدر قولك قَلَبَ يقْلَبُ قَلْباً ولا يقال الإقلاب، لأن الإقلاب رباعي من أقلب، والقلب ثلاثي من قلب يقلب قلبا، مثل: ضرب يضرب ضربا. اهـ


وطبعا هناك كتب أخرى في القراءات والتجويد القديمة لم أطالعها، يمكن الإفادة منها .

وأما الحافظ المقرئ ابن الجزري رحمه الله:
ففي كتابه التمهيد -وهو من أول مصنفاته-: ص56 [الباب الثالث]: القلب. وفي باب أحكام النون الساكنة: الإقلاب.(فنلاحظ أنه استعمل اللفظين)
وأما في المقدمة الجزرية والنشر وتقريب النشر والطيبة وتحبير التيسير كلها لابن الجزري: القلب.
فنلاحظ أن في كتبه المتأخرة استعمل (القلب) وترك استعمال (الإقلاب). وهذا يحتمل أنه تركه لضعفه في اللغة، تبعا لغيره من القراء السابقين كما تقدم.
وطبعا له كتب أخرى ينبغي الرجوع إليها لنتأكد من أن استعمال لفظة (الإقلاب) في كتبه نادر أو في حكم الشاذ.
والله أعلم

وأما كلام أهل اللغة فيكون في مشاركة قادمة إن شاء الله.
 
أما أقلب فقد جاءت بمعني القلب أيضا :
أساس البلاغة :
ق ل ب
قلب الشيء قلباً: حوّله عن وجهه. وحجر مقلوب، وكلام مقلوب. وقلب رداءه. وقلبه لوجهه: كبّه، وقلبه ظهراً لبطن. وقلب البيطار قوائم الدابّة: رفعها ينظر إليها. وتقلّب على فراشه. والحية تتقلّب على الرمضاء. وأقلبت الخبزة: حان لها أن تقلب. ورجلٌ أقلب: متقلب الشّفة. وشفة قلباء: بيّنة القلب، وقلبت شفته.
************
القاموس المحيط :
وأقْلَبَ العِنَبُ: يَبِسَ ظاهرُهُ، (وأقْلَبَ ) الخُبْزُ: حانَ له أنْ يُقْلَبَ. وتَقَلَّبَ في الْأُمورِ: تَصَرَّفَ كيفَ شاءَ. وحُوَّلٌ قُلَّبٌ، وحُوَّلِيُّ قُلَّبِيُّ، وحُوَّلِيُّ قُلَّبٌ: مُحْتالٌ بَصيرٌ بِتَقَلُّبِ الْأُمورِ. وكمِنْبَرٍ: حَديدَةٌ تُقْلَبُ بها أرضُ الزِّراعة. والمَقْلوبَةُ: الْأُذُنُ. والقَلَبُ، محركةً: انقِلابُ الشَّفَةِ. رَجُلٌ أقْلَبُ، وشَفَةٌ قَلْباءُ. والقَلُوبُ: المُتَقَلِّبُ، الكثيرُ التَّقَلُّبِ.
***********
هذا الذي نقلتم هنا هو أهم ما في البحث، لأنه استدلال بكلام أهل اللغة على مسألتنا،
ألاحظ أن فعل (قلب) الثلاثي يتعدى إلى مفعول، تقول قلب الشيءَ، وأما ما ذُكر من الأمثلة من استعمال لفظة (أقلب) الرباعي فهو لازم، يقولون : أقلبَ العنبُ، فلا يصح هنا استبدال كلمة (أقلب) بكلمة (قلب)، فلا يقال (قَلَبَ العنبُ). كما لا يصح أن يقال (أَقلبَ الشيءَ) لأن الفعل أقلب لا يتعدى، فالذي يظهر لي أن (أقلب) -هنا- ليس من (قلب)، هذا فقط فيما ألاحظ مما نقلتَه عن الزمخشري والفيروز آبادي رحمهما الله، وكان الأولى أن تنقل عن الفيروزآبادي رحمه الله قوله في القاموس في أول مادة "قلب": (قَلَبَه يَقْلِبُه : حَوَّلَه عن وجْهِه كأَقْلَبَه وقَلَّبَه وأصابَ فُؤادَه يَقْلُبُه ويَقْلِبُهُ و الشيءَ : حَوَّلَه ظَهْراً لِبَطْنٍ كقَلَّبَه و اللَّهُ فلاناً إليه : تَوفَّاه كأَقْلَبَه) فهذا أوضح. وقال الزبيدي في تاج العروس شارحا ومعقبا :(قلب : ( قَلَبَه ، يَقْلِبُهُ ) ، قَلْباً ، من بابِ ضَرَب : ( حَوَّلَهُ عن وَجهِهِ ، كأَقْلَبَهُ ) . وهذا عن اللِّحْيَانِيّ ، وهي ضعيفةٌ . وقد انْقَلَبَ . ( وقَلَّبهُ ) مُضَعَّفاً . ( و ) قَلَبَه : ( أَصابَ ) قَلْبَه ، أَي ( فُؤادَهُ ) ، ومثلُهُ عبارةُ غيرِه ( يَقْلُبُه ، ويَقْلِبُهُ ) ، الضَّمّ عن اللِّحْيَانيّ ، فهو مَقْلُوبٌ . ( و ) قَلَبَ ( الشيْءَ : حَوَّلَه ظَهْراً لِبَطْنٍ ) اللامُ فيه بمعنى على ، ونَصَبَ ظَهْراً على البَدَل ، أَي : قَلَبَ ظَهْرَ الأَمْرِ عَلَى بَطنه ، حَتَّى عَلِمَ ما فِيه ، ( كقَلَّبَه ) مُضَعَّفاً . وتَقَلَّب الشَّيْءُ ظَهْراً لِبَطْنٍ ، كالحَيَّة تَتَقَلَّبُ على الرَّمْضاءِ . وقَلَبَه عن وَجْهِه : صَرفَه . وحكى اللحيانيّ : أَقْلَبَهُ ، قال : وهي مرغوبٌ عنها .
وقَلَبَ الثَّوْبَ ، والحَدِيثَ ، وكُلَّ شَيْءٍ : حَوَّلَه ؛ وحكى اللِّحْيَانيُّ فيهما أَقْلَبَه ، والمختارُ عندَه في جميع ذالك : قَلَبْتُ .
). اهـ
فهذا يوضح أن (أقلب) غير مرغوب فيه وأنه ضعيف، وأن ما نقل من أن قلب كأقلب غير مختار. والمختار قلب.

وفي المقابل نقل أبو المنذر عن أهل اللغة ضعف كلمة (أقلب) الرباعي ، ونقله عن ابن منظور الإفريقي قال:[( قلب ) القَلْبُ تَحْويلُ الشيءِ عن وجهه قَلَبه يَقْلِبُه قَلْباً وأَقْلَبه الأَخيرةُ عن اللحياني وهي ضعيفة]، وعن الزبيدي شارح القاموس وقد نقلنا كلامه فيما سبق،

والقضية تحتاج إلى مزيد بحث عند أهل اللغة، وكنت رجعت قديما إلى كتب اللغة -أعني المعاجم-، وخلصت إلى أن الصحيح عند أهل اللغة استعمال (قلب) الثلاثي، وأن أقلب الرباعي شاذ في اللغة قليل الاستعمال، فلعل الإمام ابن الجزري رحمه الله -وغيره- استعمل مصطلح (الإقلاب) من هذه الحيثية أن بعض العرب استعملوه، لكنه من كلامهم الشاذ المرغوب عنه. ولذلك تركه في مؤلفاته الأخرى.

أما أقلب بمعني إقلاب سيأتي بيانه في كلام صاحب الفجر الساطع إن شاء الله
والسلام عليكم
هذا لم يتضح لي في النقل، إلا أن تقصد أنه أجازه، فهذا نعم، لكن من غير بيان شاف، فإنه أشار إلى كلام الحافظ ابن حجر رحمه الله، وهو رحمه الله تكلم على غير هذه الكلمة!
والله أعلم
 
السلام عليكم
أشكر الشيخ الفاضل والمشرف الرائع الشيخ ضيف الله الشمراني الذي تفطن لما أقصده ، وبالفعل كان كلامي استفزازا للشيخ محمد يحيي شريف ، ولكنه استفزاز من باب المداعبة . ودائما ما أقحمه معي في أي موضوع لحبي الشديد له حفظه الله ورعاه وثبته علي الحق .
أما الأخ حكيم بن منصور ، وأذكر أن اسمك عبد الحكيم أيضا ولكن لا أذكر أين قرأته .
دعني أوفر عليك المجهود وأريد أن أسألك سؤالين فقط :
الأول : ما المقصود بكلمة ضعيف أو شاذ في اللغة ؟
الثاني : بم تفسر ما قاله ابن المجراد واستشهاده بالعلامة ابن حجر بأن ما كان علي وزن فَعَلَ يصلح أن يأتي علي وزن إِفْعَال ؟
ولاحظ شيخنا الكريم أنهم يتحدثون عن وزن وليس عن كلمة بعينها .
بارك الله فيكم
والسلام عليكم
 
السلام عليكم
أما الأخ حكيم بن منصور ، وأذكر أن اسمك عبد الحكيم أيضا ولكن لا أذكر أين قرأته .
سماني والدي حكيم، ويناديني بعض الإخوة وكبار السن: عبد الحكيم، توقيرا لي وتعظيما لاسم الله العظيم أن يسمى به أحد، فإذا كان عندنا من اسمه حكيم أو حليم أو كريم ونحوه: ينادونه عبد الحكيم وعبد الحليم وعبد الكريم، ظنا منهم أن ذلك واجب، وأفادني بعض مشايخي أن النبي صل1 كان ينادي الصحابي الجليل "حكيم بن حزام" فيقول: يا حكيم، وهو في الصحيح، فدل على جواز التسمية به والمناداة به

دعني أوفر عليك المجهود وأريد أن أسألك سؤالين فقط :
الأول : ما المقصود بكلمة ضعيف أو شاذ في اللغة ؟
الثاني : بم تفسر ما قاله ابن المجراد واستشهاده بالعلامة ابن حجر بأن ما كان علي وزن فَعَلَ يصلح أن يأتي علي وزن إِفْعَال ؟
ولاحظ شيخنا الكريم أنهم يتحدثون عن وزن وليس عن كلمة بعينها .
بارك الله فيكم
والسلام عليكم
وأما هذان السؤالان فمنكم نستفيد؛ فلو تجيبون أنتم عنهما فتوفرون لي من المجهود أكثر بارك الله فيكم، والذي استشهد بكلام ابن حجر رحمه الله هو ابن القاضي رحمه الله في كتابه الفجر الساطع معقبا على ابن المجراد رحمه الله.
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
طرأ على فكري تخمين وهو: لماذا لا يكون لفظ الإقلاب من الأخطاء الشائعة التي انتشرت في عصر ابن الجزري وصارت من الشائع المتوارد، وبخاصة إذا علمنا أنه قد ألفت قبل عصر ابن الجزري كتب في تصحيح أخطاء الأدباء والعلماء في اللغة فضلا عن العامة ككتاب "درة الغواص في أخطاء الخواص" للإمام النحوي الأديب أبي محمد القاسم بن علي الحريري صاحب المقامات، أضف إلى ما ذكرنا أن ابن الجزري رحمه الله كان شابا لما ألف كتاب التمهيد، ولم نره استعمل لفظ "الإقلاب" في أي من كتبه الأخرى، فقد يكون قد وقع في ذلك الخطأ ـ وجلّ سبحانه من لا ينسى ولا يخطئ ـ، وذهل أن يصححه بعد ذلك، وأقبل النساخ ينسخونه بذلك الخطأ، والنساخ ـ كما هو معلوم لدى من يعاين المخطوطات ويعالج كُرَبها ـ لا يحسن الجم منهم الخط وأصول الإملاء والنحو والصرف. وهذا كما قلت أولا كله تخمين قد يحتمل الخطأ كما قد يحتمل الصواب.
وما ذكره أخونا الشيخ الشمراني من استدلاله بآية: "والله أنبتكم من الأرض نباتا" فبعيد، فـ: "نباتا" نائب عن المصدر لأن المصدر "إنباتا"، وكلمة "نبات" اسم جنس جمعي غير مشتق فليس له فعل من لفظه كـ: شجر، فأين هي صحة القياس؟
وأشكر أخانا عبد الحكيم على حسن اعتنائه واهتمامه، بارك الله في جهود الخير.
والسلام عليكم ورحمة الله.
تم تحريره من قبل لجنة الإشراف
 
لا يقال عما حكاه بعض أئمة اللغة إنه من الأخطاء الشائعة، وإنما يقال: لغيّة (بالتصغير) أو لغة قليلة، أو لغة ضعيفة أو نحو ذلك.
وبالنظر فيما تفرد اللحياني بحكايته يظهر أنه لغة ضعيفة أو شاذة في أغلب الأحيان.
وأيا ما كان الأمر فمثل هذا المصطلح مشهور عند أهل التخصص، فحتى لو كان غلطا من جهة اللغة، فهو صحيح من جهة الاصطلاح؛ وقد يكون هذا من باب التوليد لإظهار المعنى؛ كما قال الحافظ العراقي:
ثم الوجادة وتلك مصدر ........... وجدته مولدا ليظهر
تغاير المعنى ..........

والله أعلم.
 
أود أن أضع فيما يلي خلاصة ما كتبت هناك في مسألة "القلب" : هل هو قلب أو إقلاب ؟ .

وكان جواباً عن سؤال الشيخ عبد الحكيم عن معنى الشاذ والضعيف في اللغة .

فقلت : الضعيف عرفه السيوطي في المزهر بقوله : (الضعيف : ما انحط عن درجة الفصيح ، والمنكر أضعف منه وأقل استعمالاً بحيث أنكره بعض أئمة اللغة ولم يعرفه) .

وحكم الضعيف أنه لا يحتج به ولا يجوز استعماله إلا في ضرورة الشعر ، وقد عقد سيبويه في كتابه باباً بعنوان "باب ما يجوز في الشعر من إيا ولا يجوز في الكلام" ، أي أنه يجوّز في الشعر ما لا يجوّز في اختيار الكلام .

وأما الشاذ فهو : خلاف المطرد ، وإذا كان المطرد يقاس عليه ويطرد استعماله فإن الشاذ هو الذي لا يقاس عليه أو لا يطرد استعماله .

وحكم الشاذ أنه لا يعتدّ به ولا يعرج عليه كما قال أئمة اللغة في مصنفاتهم ، وإنما يقتصر فيه على حكاية ما سمع عن العرب ، قال أبو البركات الأنباري في الإنصاف : (...الشذوذ الذي يقتصر فيه على السماع لقلته ولا يقاس عليه ؛ لأنه ليس كل ما حكي عنهم يقاس عليه ، ألا ترى أن اللحياني حكى أن من العرب من يجزم بـ "لن" وينصب بـ "لم" إلى غير ذلك من الشواذ التي لا يلتفت إليها ولا يقاس ...) .

وبناءً على ذلك : فإن استعمال "الإقلاب" ضعيف من حيث اللغة ، أي أنه انحط عن درجة الفصيح ، فكيف يسوغ استعماله كمصطلح في مسألة متعلقة بأفصح الكلام .

ومما يجدر التنبيه عليه : أن قول العلماء "لا مشاحة في الاصطلاح" أو "لا حجْر في الاصطلاح" كل ذلك مبني على ما إذا كان المصطلح أصلاً ثابتاً من حيث اللغة .

وللشيخ العلامة الدكتور بكر أبو زيد رسالة في هذا الباب بعنوان "المواضعة في الاصطلاح على خلاف الشريعة وأفصح اللغى" وقرر فيها أن الاصطلاحات ينبغي تنزيلها على مقاييس اللغة العربية ومقاييس الشريعة وقواعدها ، فيحسن الرجوع إلى تلك الرسالة للاستزادة ، والله أعلم .

ثم نبهت على الحديث الصحيح الذي يمكن أن يحتج به على ثبوت هذا المصطلح بالصيغة الرباعية .

فقد أخرج الإمام مسلم في صحيحه من حديث سهل بن سعد قال : (أتي بالمنذر بن أبي أسيد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين ولد فوضعه النبي صلى الله عليه وسلم على فخذه وأبو أسيد جالس ، فلهي النبي صلى الله عليه وسلم بشيء بين يديه فأمر أبو أسيد بابنه فاحتمل من على فخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقلبوه فاستفاق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال أين الصبي ؟ فقال أبو أسيد : أقلبناه يا رسول الله ، فقال ما اسمه ؟ قال فلان يا رسول الله ، قال لا ، ولكن اسمه المنذر ، فسماه يومئذ المنذر) .

ولكن هذه الصيغة لم يقبلها علماء الحديث حيث قرروا أن الصواب في اللفظة أن يكون ثلاثياً :

قال القاضي عياض في مشارق الأنوار : (وفي حديث المنذر بن أبي أسيد حين ولد فأقلبوه وفيه "أقلبناه يا رسول الله" كذا جاءت فيه الروايات في كتاب مسلم ، صوابه في كل هذا "قلبناه" أي رددناه وصرفناه ، ولا يقال فيه "أقلب") .

وقال ابن الأثير في النهاية : (فقالوا : "أقلبناه يا رسول الله" هكذا جاء في رواية مسلم وصوابه "قلبناه" أي رددناه) .

وإذا كان العلماء لم يرتضوا هذه اللغة الضعيفة مع أنها وقعت في حديث صحيح فصوبوها على اللغة الفصيحة ، فكيف إذاً يمكن أن تقبل إذا وقعت في كلام آحاد الناس ، والله أعلم .
 
السلام عليكم
....
أما وجود أمثال الشيخ أبي عمار المليباري شجعني أن أخاطبه بلسان العلم لأنه أهل له ودائما يصب الكلام في صلب الموضوع .
ولكن قبل الجواب أود أن أضع مشاركة أ. أبي مالك العوضي تمهيدا لما يأتي :
(((( لا يقال عما حكاه بعض أئمة اللغة إنه من الأخطاء الشائعة، وإنما يقال: لغيّة (بالتصغير) أو لغة قليلة، أو لغة ضعيفة أو نحو ذلك.
وبالنظر فيما تفرد اللحياني بحكايته يظهر أنه لغة ضعيفة أو شاذة في أغلب الأحيان.
وأيا ما كان الأمر فمثل هذا المصطلح مشهور عند أهل التخصص، فحتى لو كان غلطا من جهة اللغة، فهو صحيح من جهة الاصطلاح؛ وقد يكون هذا من باب التوليد لإظهار المعنى؛ كما قال الحافظ العراقي:

ثم الوجادة وتلك مصدر ........... وجدته مولدا ليظهر

تغاير المعنى ..........والله أعلم. ))))))))​

وهذا ما قلناه في تعريف الشاذ :أن الشاذ في اللغة ما قل وندر .
ولنعد لهذا الحديث الشريف :
قال الشيخ أبوعمار : " ولكن هذه الصيغة لم يقبلها علماء الحديث "
وقال أيضا : " إذا كان العلماء لم يرتضوا هذه اللغة الضعيفة مع أنها وقعت في حديث صحيح فصوبوها على اللغة الفصيحة ، فكيف إذاً يمكن أن تقبل إذا وقعت في كلام آحاد الناس ، والله أعلم"


قال ابن حجر رحمه الله في شرح هذا الحديث:
قال ابن حجر في الفتح : ....وَذَكَرَ اِبْن التِّين أَنَّهُ وَقَعَ فِي رِوَايَته أَقْلَبْنَاهُ بِزِيَادَةِ هَمْزَة أَوَّله ، قَالَ وَالصَّوَاب حَذْفهَا وَأَثْبَتَهَا غَيْره لُغَة .)ا.هـ




إذن ليس كل علماء الحديث متفقين علي ما قاله ابن التين .



بل وقال صاحب عمدة القارئ في شرح البخاري : ..قوله فوضعه أي فوضعه النبي على فخذاه إكراما قوله فلهي النبي بكسر الهاء وفتحها أي اشتغل بشيء كان بين يديه فاحتمل أي رفع قوله فاستفاق أي فرغ من اشتغاله كما يقال أفاق من مرضه ولم ير الصبي فقال أين الصبي فقال أبو أسيد قلبناه أي صرفناه إلى البيت وذكر ابن التين أنه وقع في رواية أقلبناه بزيادة همزة في أوله قال والصواب حذفها وأثبته غيره لغة وقال الكرماني أقلبناه لغة في قلبناه فلا سهو في زيادة الألف .

قوله ولكن قد علم أنه للاستدراك فأين المستدرك منه وأجيب بأن تقديره ليس ذلك الذي عبر عنه بفلان اسمه بل هو المنذر..)ا.هـ
ومعلوم أن اللغة لا يحيط بها إلا نبي ، وفي الأمثلة السابقة نجري قاعدة : المثبت أولي من المنفي لأنه عنده زيادة بيان .

قال الحافظ في الفتح :" قَوْله ( عَنْ الْإِقْرَان )
كَذَا لِأَكْثَر الرُّوَاة وَقَدْ أَوْضَحْت فِي كِتَاب الْحَجّ أَنَّ اللُّغَة الْفُصْحَى بِغَيْرِ أَلِف ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ بِلَفْظِ " الْقُرْآن " وَكَذَلِكَ قَالَ أَحْمَد عَنْ حَجَّاج بْن مُحَمَّد عَنْ شُعْبَة ، وَقَالَ عَنْ مُحَمَّد بْن جَعْفَر عَنْ شُعْبَة " الْإِقْرَان " قَالَ الْقُرْطُبِيّ : وَوَقَعَ عِنْد جَمِيع رُوَاة مُسْلِم " الْإِقْرَان " وَفِي تَرْجَمَة أَبِي دَاوُدَ " بَاب الْإِقْرَان فِي التَّمْر وَلَيْسَتْ هَذِهِ اللَّفْظَة مَعْرُوفَة ، وَأَقْرَن مِنْ الرُّبَاعِيّ وَقَرَنَ مِنْ الثُّلَاثِيّ وَهُوَ الصَّوَاب ، قَالَ الْفَرَّاء : قَرَنَ بَيْن الْحَجّ وَالْعُمْرَة وَلَا يُقَال أَقْرَنَ ، وَإِنَّمَا يُقَال أَقْرَنَ لِمَا قُوِيَ عَلَيْهِ وَأَطَاقَهُ ، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى ( وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ ) قَالَ : لَكِنْ جَاءَ فِي اللُّغَة أَقْرَنَ الدَّم فِي الْعِرْق أَيْ كَثُرَ فَيُحْمَل حَمْل الْإِقْرَان فِي الْخَبَر عَلَى ذَلِكَ ، فَيَكُون مَعْنَاهُ أَنَّهُ نَهَى عَنْ الْإِكْثَار مِنْ أَكْل التَّمْر إِذَا كَانَ مَعَ غَيْره ، وَيَرْجِع مَعْنَاهُ إِلَى الْقِرَان الْمَذْكُور . قُلْت : لَكِنْ يَصِير أَعَمّ مِنْهُ . وَالْحَقّ أَنَّ هَذِهِ اللَّفْظَة مِنْ اِخْتِلَاف الرُّوَاة ، وَقَدْ مَيَّزَ أَحْمَد بَيْن مَنْ رَوَاهُ بِلَفْظِ أَقْرَنَ وَبِلَفْظِ قَرَنَ مِنْ أَصْحَاب شُعْبَة ، وَكَذَا قَالَ الطَّيَالِسِيُّ عَنْ شُعْبَة الْقِرَان ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَة الشَّيْبَانِيِّ الْإِقْرَان ، وَفِي رِوَايَة مِسْعَر الْقِرَان .)) 15/ 355



حتي ولو كان قليلا لكنه مسموع من العرب ولا يقال خطأ ، وقد بينا أن المثبت أولي من النافي .

والسلام عليكم
 
الحمد لله أنك اقتنعت بالخلاف في المسألة وثبوت الأمر .
والدليل نقلك للخلاف .
وكل عام وأنت والمسلمين بخير
 
الحمد لله أنك اقتنعت بالخلاف في المسألة وثبوت الأمر .
والدليل نقلك للخلاف .
وكل عام وأنت والمسلمين بخير
لا يا شيخ عبد الحكيم لم أقتنع بالخلاف في المسألة، والذي أراه أن يقال (قلب) لا (إقلاب) تبعا لعامة علماء القراءات والتجويد، ولست أنكر على من قال (إقلاب) إذا اقتنع به، فالأمر سهل إن شاء الله، ولا يحتاج إلى كثير كلام، إلا للمباحثة.
والله أعلم

وإنما نقلت الخلاف هنا جمعا للمادة في موضوع وموضع واحد وطلبا للإنصاف.

لا غير

والقصد هو العلم والتعلم، والفائدة والاستفادة

وأعتق الله رقبتي ورقبتك ورقبة كل أعضاء الملتقى من النار. وتقبل قيامنا وصيامنا

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
 
عودة
أعلى