هل نظر المعلّم في فم القارئ المتعلّم أدب أم شرط في التعليم؟

إنضم
05/04/2013
المشاركات
52
مستوى التفاعل
0
النقاط
6
الإقامة
الجزائر
بسم1​
ليس عندي في هذا الموضوع اطلاع في كتب أهل الفن. وإن رأيت بعض المعاصرين مهتما به جدا ومؤكدا عليه.
فمن وقع من الأساتذة والمشايخ الكرام على رأي أو نص بخصوص هذا الأمر فليفدنا بارك الله فيه.
والواقع أن بعض المقرئين يثقل عليه ذلك. ويعتمد على ما يسمع بأذنيه للتصحيح. ويرى أن ذلك مغنٍ تماما عن النظر المباشر إلا في حالات خاصة في أحرف مخصوصة.
ماذا عندكم بوركتم وبورك منتداكم؟
 
أقول: -والعلم عند الله- ليس من الضروري للمقرئ النظر إلى فم الطالب أثناء تلاوته، وقد كان من أئمة القراءة من هو أعمى، ومع هذا فهو إمام في القراءة يُرحل إليه، ولا ينظر إلى الطالب فضلاً عن النظر إلى فمه.
وقد يحتاج المقرئ إلى النظر في كيفية أداء الإشمام مثلاً، أمَّا كثرة النظر والتشدَّد في ذلك فإنه يخشى على المقرئ من الفتنة أو اتهامه بشيء لا يليق به، لاسيما إذا كان الطالب الذي يقرأ عليه حسن الهيئة، يقول الإمام ابن الجزري رحمه الله في ترجمة أحمد بن عثمان بن الفضل البغدادي المعروف بغلام السباك رحمه الله: (قدم دمشق وأقرأ بها، قال عبد القاهر الجوهري: سمعتُ غلام السباك يقول: ثقل سمعي وكان شاب جميل يقرأ عليَّ فكنت أنظر إلى فمه ولسانه مراعاة لقراءته، وكان الناس يقفون ينظرون إليه لحسنه، فاتهمتُ فيه، فساءني ذلك، فسألتُ الله أن يرد عليَّ سمعي فرده عليَّ....) غاية النهاية: 1/ 81. والله أعلم
 
أقول: -والعلم عند الله- ليس من الضروري للمقرئ النظر إلى فم الطالب أثناء تلاوته، وقد كان من أئمة القراءة من هو أعمى، ومع هذا فهو إمام في القراءة يُرحل إليه، ولا ينظر إلى الطالب فضلاً عن النظر إلى فمه.
وقد يحتاج المقرئ إلى النظر في كيفية أداء الإشمام مثلاً، أمَّا كثرة النظر والتشدَّد في ذلك فإنه يخشى على المقرئ من الفتنة أو اتهامه بشيء لا يليق به، لاسيما إذا كان الطالب الذي يقرأ عليه حسن الهيئة، يقول الإمام ابن الجزري رحمه الله في ترجمة أحمد بن عثمان بن الفضل البغدادي المعروف بغلام السباك رحمه الله: (قدم دمشق وأقرأ بها، قال عبد القاهر الجوهري: سمعتُ غلام السباك يقول: ثقل سمعي وكان شاب جميل يقرأ عليَّ فكنت أنظر إلى فمه ولسانه مراعاة لقراءته، وكان الناس يقفون ينظرون إليه لحسنه، فاتهمتُ فيه، فساءني ذلك، فسألتُ الله أن يرد عليَّ سمعي فرده عليَّ....) غاية النهاية: 1/ 81. والله أعلم
السلام عليكم
ما أجمل هذه القصة ! وما أجمل أن يستجيب الله لعباده الصالحين ؛ وكيف لا .. وهم من بذلوا جهدهم من أجل نشر كتاب الله ، فوهبهم نعمة التصدر لنشر كتاب الله ، ثم أجرهم عليها فضلا منه ونعمة .
قال موسى عليه السلام يوم الطور : يا رب، إن أنا صليت فمن قبلك ، وإن أنا تصدقت فمن قبلك ، وإن بلغت رسالاتك فمن قبلك، فكيف أشكرك؟، قال: يا موسى الآن شكرتني.
لا حرمنا الله من درركم شيخنا أبا إسحاق
والسلام عليكم
 
كثير من الطلاب المبتدئين في التدريب على التلاوة على شيوخهم في بداية تدريبهم تكثر منهم حركة الشفتين لغير سبب يدعو إلى ذلك، وقد لا يضبطون كيفية الإتيان بالحركات وهيئة الشفتين في كل حركة، كما أن بعضهم يغلب عليه ضم الشفتين عند كثير من الحروف المفخمة غير المضمومة، ففي هذه الحالات قد يحتاج المقرئ للنظر إلى فم الطالب لهذا الغرض، وليس جميع الشيوخ المقرئين عندهم القدرة على إصلاح تلك الملاحظات بمجرد السماع، بل يحتاج بعضهم إلى النظر إلى فم القارئ ليصحح له تلاوته، والله أعلم.
 
أحسن الله إليكم، وإلى الشيخ أبي إسحق الحضرمي، لقد ملأت فراغا كان في خاطري بخصوص هذه المسألة، وثقل علي فعل بعض فضلاء القراء قبلها، وما كنتُ أظنني أظفر بهذه الفائدة التي أفدتنا بها، أعزك الله، وهذا من بركات منتدانا الكريم.
 
السلام عليكم
ذكر في ترجمة الإمام قالون رحمه الله أنه كان أصم لا يسمع البوق فإذا قرئ عليه سمع بإذن الله، وهذا من كراماته رحمه الله.
وقيل أنه كان لا يسمع مطلقا، وكان يردّ على خطإ من يقرأ عليه من حركة شفتيه. غاية النهاية (1/616)، أحاسن الأخبار لابن وهبان (ص: 239).
فقد يؤخذ من القول الثاني: أن الشيخ إذا أنعم النظر في شفتي طالبه وهو يقرأ، كان ذلك أدعى للإتقان واطمئنان القلب، ولا يكون الأمر مطردا في ذلك، بل إذا اقتضته الحاجة والضرورة، وإلا فإن الشيخ المتقن الذي اعتاد تصويب طلابه وهم يقرؤون بإمكانه أن يصوّب من غير نظر للشفتين، لأن لكل حرف صوتا مميّزا سواء أخرجه من مخرجه الصحيح أو جانب الصواب في إخراجه، ولكل حركة إيقاعها الخاص في الأذن سواء أخلصها أم قارب. والله تعالى أعلم.
 
أحببت منذ بداية نقاشاتكم المفيدة هذه أن أعقب وأشارك لكن الدنيا تأخذنا بمشاغلها التي لا تنتهي (شغلنا الله وإياكم بطاعته ونفعنا بالعلم النافع), وإني لأستسمحكم ـ أيها الكرام ـ في مشاركتكم برأيي المتواضع في هذا الموضوع بعد انصرافكم عنه, فأقول مستعينة بالله:
إن معلم القرآنِ الماهر المتقن سليم الحواسِ ـ أي ليس بكفيف ولا ثقيل سمعٍ ـ يصعب أن يظل مع النظر إلى فم الطالب وعدم النظر إليه = على حال واحد, وأظن من الصعب بمكان أن يدعيَّ معلمٌ ثباته على حال واحد إلا إذا خرج عن كونه سليم الحواس, أو انتفت عنه المهارة والإتقان.
ذلك أن المعلم المبتدئ حين يجلس لتعليم كتاب الله؛ غالبا ما تكون مهاراته في تصويب الأخطاء غضّة طريّة, حاله كحال أيّ معلمٍ مبتدئٍ في أي فن من الفنون, ثم هو إلى جانب ذلك يدرك بينه وبين نفسه جملةً من أخطاءه التي لم يتمكن من تصويبها بعد, وهو حريص أشد الحرص على ألا ينقلها لطالب في حلقته, فتراه منصتا لتلاوة الطالب, ومدققا في مراقبة شفتيه, وفي ملاحقة مخارجه, يحاول أن يقتنص من تلاوته نفس الأخطاء التي كان يقتنصها فيه معلمه, لأنها حاضرة في ذهنه, ثم إذا ما أجاد استخراجها وتصويبها؛ انطلق يفتش عن غيرها, ويُعمل خبرته الوليدة في معالجتها.
وكم من خطأ تلتقطه أذنا المعلم ثم لا تنجح عيناه على تبرير سببه, وكم من خطأ تلتقطه عيناه ثم لا يسعفه سمعه على تبرير ماهيته, لذا فلا عجب أن يحتاج المعلم الماهر المبتدئ؛ إلى تنمية مهاراته البصرية كما ينمّي مهاراته السمعية في التقاط الأخطاء.
وكم من معلم حريص عاد إلى بيته وقد حمل معه أخطاءً استعصى عليه تصويبها حين سمعها من طالبه؛ فتراه يردد الخطأ بينه وبين نفسه حتى يحلَله, ويضعَ يده على موضع الخلل منه تحديدا, فمعرفة المعلم بكيفية حدوث الخطأ هو أسرع طريق لسرعة تصويبه للطالب.
ثم لا يزال المعلم يراوح بين متابعة الطالب بأذنه؛ ومتابعته ببصره حتى يتعالى بنيان خبرته يوما بعد يوم, فيصل إلى مرحلة جديدة يجد المعلم نفسه أمام تحد واستنفار لمهاراته كلها من أجل أن يعتمد على التقاط الأخطاء بحاسة السمع دون النظر.
وبعد كر وفر وجهد ومجاهدة ـ لا يطلع عليها ولا يعلم بها إلا المعلم نفسه ـ سيجتاز المعلم هذه المرحلة الدقيقة, التي قد تطول عليه وقد تقصر, كل معلم على حسب دقته وعزيمته.
وفي المرحلة المنشودة (مرحلة جني الثمار) سيجد المعلم نفسه على درجةٍ عالية من الدقة السمعية التي تمكِّنه من إدراك: تراخٍ في ضمِ حرفٍ خرجَ من مخرجه دون مشاركةٍ من الشفتين, وإدراك انبساطٍ في الشفتين عند نطق الحرف لم يصل بعدُ إلى درجةِ التقليل, ويمكِّنه أيضا من تحديد موضعِ اللسانِ بدقةٍ من فم الطالب حين خروج الحرف من غير مخرجه الصحيح, وقد تلتقط أذناه انطباق الشفتين العجلى بعد الوقوف على نونٍ بعد مدٍ, وقد يلحظ تحرك موضع أطراف الثنيتين العلويتين من المنطقة الرطبة في باطن الشفة السفلى مع الفاء إلى منطقةٍ جافةٍ خارجها دونما نظر, كما أنه سيدرك من مجرد السماع مشاركة الشفتين وارتفاعهما في مخرج حرف لا علاقة له بهما, وربما كان من المهارة بمكان يجعله يدرك إشماما في الشفتين لم يصحبه صوتٌ بيِّنٌ, إلى غير ذلك من الملاحظة الخفية التي كان يلتقطها زمنا ببصره.
وعلى هذا أعود فأجمل ما فصلتُ فيه فأقول: إن معلم القرآنِ الماهر المتقن سليم الحواسِ ـ أي ليس بكفيف ولا ثقيل سمعٍ ـ يصعب أن يظل مع النظر إلى فم الطالب وعدم النظر إليه = على حال واحد, بل لا يزال المعلم يراوح بين متابعة الطالب بأذنه؛ ومتابعته ببصره؛ حتى يتعالى بنيان خبرته يوما بعد يوم؛ فيتمكن من التقاط الأخطاء اعتمادا على حاسة السمع وحدها دون النظر.
هذا والله أعلم
 
عودة
أعلى