هل مدين هم أصحاب الأيكة ؟

إنضم
05/07/2004
المشاركات
103
مستوى التفاعل
2
النقاط
18
هل مدين هم أصحاب الأيكة ؟
في سياق البحث في مواضع قصة شعيب عليه السلام مع قومه في القرآن الكريم اعترضت مسألة مهمة، لا بد من الفصل فيها لتحديد مسار البحث، حيث ورد في سور ”الأعراف وهود والعنكبوت“ أن شعيباً عليه السلام أرسل إلى ”مدين“ كما قال تعالى: (وإلى مدين أخاهم شعيباً...) [الأعراف/85، وهود/84 والعنكبوت/36]، وورد في سورة ”الشعراء“ أنه أرسل إلى ”أصحاب الأيكة“ كما قال تعالى: (كذب أصحاب الأيكة المرسلين . إذ قال لهم شعيب ألا تتقون) [الشعراء/176-177]، فهل شعيب عليه السلام أرسل إلى قومه ”مدين“ وهم يوصفون بأنهم ”أصحاب الأيكة“ ؟ أو أنه أرسل إلى قومين: قومه ”مدين“ و”أصحاب الأيكة“ وهم مجاورون لهم؟.
ولقد بحثت في المسألة فكتبت هذه الورقات المرفقة، آمل ممن يطلع عليها أن يصحح ويسدد ما يحتاج إلى ذلك، وله مني جزيل الشكر، والله ولي التوفيق.
 
بسم الله الرحمن الرحيم

أخي الكريم يوسف العليوي وفقه الله
مرحباً بكم مع إخوانكم في هذا الملتقى العلمي الذي يشرف بانضمام أمثالكم.
أما البحث الذي أرفقته مشكوراً فهو بحث موفق ، تلوح عليه علامات التتبع والتدقيق والعناية بالتوثيق للأقوال.
والذي فهمته أنك ذهبت إلى ترجيح القول بأنهما أمة واحدة لقوة الأدلة على ذلك ، وهو رأي ابن عباس كما أشرت إلى ذلك في أول نقلك للقائلين بالقول الثاني.
جزاك الله خيراً ، وزادك علماً بكتابه.
 
بسم الله الرحمن الرحيم

الأخ الكريم عبد الرحمن الشهري

أشكر لكم ترحيبكم،
كما أشكر لك حسن تعليقك،
نفع الله بك وزادك من فضله.
 
الأخ المعظم لربه، جعلني الله وإياك من المعظمين له
أشكرك على مرورك، وأعتذر عن عدم الرد، فقد انشغلت كثيراً عن الموقع، وما طلبته كان موجوداً في الملف الذي أرفق مع الموضوع، إلا أنه بعد التجديدات يبدو أنه سقط، وإليك هذا الموضوع في المرفقات مع الشكروالاعتذار مرة أخرى
 
[align=justify]السلام عليكم ..
الأخ الكريم يوسف العليوي ..

شكر الله لكم بحثكم القيّم ..
ولئن رجّحتم في مقالتكم القول الثاني - أن مدين وأصحاب الأيكة أمّة واحدة - إلا أن هذا القول ترد عليه إشكالات ، يصعب ربطها مع ما ذهبتم إليه . وأرجو أن يتّسع صدركم لما سأذكر منها :

أولاً : ذكرتم في النقطة الثانية قول جمع من المفسّرين ، وهو (((أن الله تعالى لما ذكر مدين جعل شعيباً أخاهم ؛ لأنه منهم ، فقال تعالى : { وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا ...} [الأعراف: 85 ، وهود: 84 والعنكبوت: 36] ، ولما ذكر أصحاب الأيكة لم ينسبه إليهم فقال : { كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلَا تَتَّقُونَ } [الشعراء: 176-177] ، ولم يقل : إذ قال لهم أخوهم شعيب ؛ لأنه ليس منهم ، وإن كان أرسل إليهم ))) .
وهذا القول له اعتباره ، من حيث ورود جملة من الأنبياء في سورة الشعراء نفسها ، كلهم قال الله تعالى فيه (أخوهم) إلا أصحاب الأيكة :
قال تعالى : { كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلَا تَتَّقُونَ } [الشعراء: 123-124] .
وقال تعالى : { كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ أَلَا تَتَّقُونَ } [الشعراء: 141-142] .
وقال تعالى : { كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلَا تَتَّقُونَ } [الشعراء: 160-161] .
ثم قال بعد ذلك : { كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلَا تَتَّقُونَ } [الشعراء: 176-177] .


ثانياً : أن الله تعالى جمع (الرسالة) في حقّ شعيب - عليه السلام ، فقال سبحانه وتعالى على لسان شعيب : { لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالاَتِ رَبِّي } [الأعراف: 93] ، في حين أنه قال على لسان صالح - مثلاً : { لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي } [الأعراف: 79] . وإن نظم القرآن الكريم ليؤكّد أكثر من رسالة في حقّ شعيب - عليه السلام ..
فلو نظرنا إلى ما ذكره كل من صالح وشعيب وبلّغ به قومه ، نجد أن ما ذكره شعيب من الأوامر والنواهي أكثر مما ذكره صالح .
قال تعالى على لسان صالح - عليه السلام : { فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ * وَلَا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ * الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ * قَالُوا إِنَّمَا أَنتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ } [الشعراء: 150-153] .
وقال تعالى على لسان شعيب - عليه السلام : { فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ * وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ * أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ * وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ * وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ * وَاتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالْجِبِلَّةَ الْأَوَّلِينَ * قَالُوا إِنَّمَا أَنتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ } [الشعراء: 179-185] .
فيظهر لنا من السياق أنها في حقّ صالح - عليه السلام - رسالة ، وفي حقّ شعيب - عليه السلام - رسالات ..


وثالثاً : حين ذكر العذاب في حقّ قوم صالح - عليه السلام - ذكر الرّجفة ، ووحّد الدار . قال تعالى : { فَعَقَرُواْ النَّاقَةَ وَعَتَوْاْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقَالُواْ يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ * فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ } [الأعراف: 77-78] ، والرّجفة هي الزلزلة الشديدة وتختصّ بجزء من الأرض .
أما عندما ذكر عذاب قوم شعيب - عليه السلام - فذكر الصيحة ، وجمع الدار (ديارهم) . قال تعالى : { وَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مَّنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ } [هود: 94] ، وذلك لأن الصيحة يبلغ صوتها مساحة أكبر مما تبلغ الرجفة ..[/align]

وجزاكم الله خيراً ، وزادكم بصيرة بكتابه ..
 
الأخ لؤي الطيبي

لم أقع على (الإشكالات) التي أردت أن تشير إليها , أو لم أفهمها , فحبذا لو وضحت أكثر .

ثم أرى أن الآيات التبست عليك .
فقد خلطت بين الأعراف وبين هود فيما يخص الدار والديار ...

إذ ذكرت الأعراف الدار بالإفراد لكليهما .. فيما ذكرت هود الجمع لكليهما كذلك ...

فانتبه !.




وأضيف باختصار إلى ما شارك به أخونا صاحب البحث

أن مدين هم أصحاب الأيكة , كما أن ثمود هم أصحاب الحجر !.

إذ التشابه بين القصتين كثير ملفت, حتى قال الله {ألا بعدا لمدين كما بعدت ثمود} .
 
جزاك الله خيراً أبا عبد الله على هذا البحث الطيب , وأسأل الله أن ينفع بعلمك .
 
السلام عليكم
أخي الكريم المعظّم لربه ..
ما أنا إلا طالب علم ، يحاول أن يتدبّر كتاب الله ..

وتضارب الأقوال في أن شعيباً - عليه السلام – بُعث إلى قوم واحد أو إلى قومين ، لا يغيّر في النتيجة النهائية شيئاً . فالنتيجة واحدة هنا وهناك ، وتحمل قولاً واحداً ، هو أن الله تعالى أهلك الذين بعث فيهم شعيباً ، ودمّرهم بسبب تمرّدهم على الله وعلى رسوله وتكذيبهم له .

وما كانت مداخلتي إلا بسبب بعض الأمور التي أشكلت عليّ في البحث .. وبعد أن نبّهتنا مشكوراً إلى أمور ، سأحاول أن أبيّن ما زال مشكلاً في ملاحظتين :

الأولى : إن لم يناسب ذكر الأخوة بحق شعيب – عليه السلام – في آية الشعراء ، لأن قومه نُسبوا إلى عبادة الأيكة ، فما بال القرون الأخرى مع أنبيائهم ؟ فهل أن قوم نوح ، وقوم عاد ، وقوم ثمود ، وقوم لوط ... كانوا يعبدون الله وحده ، فنسب أسماء أنبيائهم إليهم ؟

قال تعالى : { كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلَا تَتَّقُونَ } [الشعراء: 105- 106] .
وقال تعالى : { كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلَا تَتَّقُونَ } [الشعراء: 123-124] .
وقال تعالى : { كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ أَلَا تَتَّقُونَ } [الشعراء: 141-142] .
وقال تعالى : { كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلَا تَتَّقُونَ } [الشعراء : 160-161] .
ثم قال تعلى بعد ذلك عن أصحاب الأيكة : { كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلَا تَتَّقُونَ } [الشعراء: 176-177] .

الثانية : لو كان الضمير في (وإنهما) ، في قوله تعالى : { فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُّبِينٍ} [الحجر: 79] ، عائداً على قريتي لوط ، وقوم شعيب ، فلماذا يخصّ قرية لوط مرّة أخرى بالذكر ، بعد أن جاء ذكرها من قبل في قوله سبحانه : { وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُّقيمٍ } [الحجر: 76] ؟ فما الذي دعا لتكرير معالم قرية لوط مرتين في هذا المقام ؟

ودمتم لنا سالمين ..
 
حوار علمي ماتع ، وبحث قبل ذلك موفق . شكر الله لكم يا أبا عبدالله هذه الفوائد ، وما أجمل التدبر والتأمل في آيات القرآن ، والموازنة بينها .
 
يُشار فقط إلى أن لوطا عليه السلام كذلك لم يُنسب بالأخوة إلى قومه في غير آية الشعراء،
- الشُعراء : {كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ، إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلَا تَتَّقُونَ، إني لكم رسول أمين، فاتقوا الله وأطيعون، وما أسألكم عليه من أجر، إن أجري إلا على رب العالمين}، ولعل السبب - والله أعلم - أنه استهل حديثه في هذه السورة متوددا لهم مذكرا ناصحا أمينا حتى يستميل قلوبهم ويسترعي أسماعهم،
أما في بقية المواضع فكان مُستهل القصة إما تقريعا وإنكارا وتوبيخا شديدا:
- الأعراف : {وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ}
- النمل: {وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ}
- العنكبوت : {وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ}
وإما أن يقتصر على مشاهد النهاية وحلول العذاب كما في هود والحجر والقمر والصافات
وفي كلا الحالتين لم يُنسب إليهم بالأخوة لعدم ملاءمتها مع التقريع والعذاب كأن الله يُبرئه منهم ويقطع آصرته بهم لصنائعم الشنيعة
فالأقرب والله أعلم أن مدين وأصحاب الأيكة أمة واحدة، فقيام أمة على هذا الاحتمال المذكور (ذكر الأخُوة) بعيد في نظري والله أعلم
 
عودة
أعلى