هل كان القرآن العظيم يدوَّن في مكة ؟

محمد براء

New member
إنضم
12/03/2006
المشاركات
375
مستوى التفاعل
1
النقاط
18
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الدكتور مساعد الطيار في المحرر في علوم القرآن ص150 : " يظهر أنه لما كان الرسول صلى الله عليه وسلم في مكة لم يكن هناك اعتناء ظاهر بتدوين القرآن، إذ لم يرد سوى آثار ضعيفة يمكن الاستئناس بها فقط ، كأثر إسلام عمر رضي الله عنه، وأخذه الصحيفة التي كتب بها أول سورة طه " .
قلت : مما يدل على اعتناء النبي صل1 بتدوين القرآن وهو في مكة ، وجود كتاب للوحي فيها ، قال الحافظ ابن حجر في الفتح : "وَكَانَ زَيْد بْن ثَابِت رُبَّمَا غَابَ فَكَتَبَ الْوَحْي غَيْره . وَقَدْ كَتَبَ لَهُ قَبْل زَيْد بْنِ ثَابِت : أُبَيُّ بْن كَعْب ، وَهُوَ أَوَّل مَنْ كَتَبَ لَهُ بِالْمَدِينَةِ ، وَأَوَّل مَنْ كَتَبَ لَهُ بِمَكَّة مِنْ قُرَيْش عَبْد اللَّه بْن سَعْد بْن أَبِي سَرْح ، ثُمَّ اِرْتَدَّ ، ثُمَّ عَادَ إِلَى الْإِسْلَام يَوْم الْفَتْح " .
وفي ترجمة عبد الله بن سعد بن أبي السرح من الإصابة : " عن عكرمة عن ابن عبَّاسٍ قال : كان عبدُ الله بنُ سعد ابن أبي سرح يكتبُ للنبي صلى الله عليه وسلم فأزلَّهُ الشيطانُ فلحق بالكفار ، فأمر به رسولُ الله صلى الله عليه و سلم أن يُّقتل - يعني يوم الفتح - فاستجار له عُثمان فأجارَهُ النبي صلى الله عليه و سلم " .
والله تعالى أعلم .
 
بارك الله فيك .
أظن أنه لو قال حبيبنا الدكتور مساعد الطيار :(لم تحفظ آثار كثيرة لنا في كتابة الوحي في مكة) لكان أدق تعبيراً، حيث إنه قد بقي الوحي ينزل في مكة حوالي ثلاثة عشر عاماً، وهو في كل هذه السنوات يُدوَّن بالطريقة المناسبة، وقد أشار إلى ذلك مَنْ كتب في تاريخ الكتابة العربية، وكتابة المصحف بشكلٍ خاص.
 
كل الدلائل تشير إلى أن القرآن كان يكتب في مكة فلا يعقل أن يكون ذلك العدد من السور المكية لم يدون إلا بعد الهجرة
إذا كان بن مسعود يقول عن الإسراء والكهف ومريم وطه والأنبياء إنهن من العتاق الأول وهن من تلادي ، فهل يعقل أن بن مسعود حفظ هذه السور وحافظ عليها عن طريق التلقين فقط؟
وكذلك نجد أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه كان يقوم بالقرآن وكان من كتاب الوحي.
وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد كتب لسراقة وهو مهاجر في طريقه إلى المدينة فهذا يعني أن الكتابة بمكة كانت ممكنة.
 
الشيخ الفاضل عبد الرحمن : وفيكم بارك
 
ومما يمكن الإشارة إليه هنا ما توصل إليه الدكتور الفاضل ناصر الدين الأسد في كتابه (مصادر الشعر الجاهلي وقيمتها التاريخية) في إثبات معرفة الكتابة عند العرب في الجاهلية، وأورد أدلة كثيرة على ذلك، وهذا لا يخفى على الدكتور مساعد الطيار بالتأكيد، وإنما أحببت الإشارة إلى ذلك فحسب.
 
بارك الله فيك .
أظن أنه لو قال حبيبنا الدكتور مساعد الطيار :(لم تحفظ آثار كثيرة لنا في كتابة الوحي في مكة) لكان أدق تعبيراً، حيث إنه قد بقي الوحي ينزل في مكة حوالي ثلاثة عشر عاماً، وهو في كل هذه السنوات يُدوَّن بالطريقة المناسبة، وقد أشار إلى ذلك مَنْ كتب في تاريخ الكتابة العربية، وكتابة المصحف بشكلٍ خاص.
جزاك الله خيرا ,شيخنا عبد الرحمن , ولكن لا شك أن الفترة المكية كانت صعبة ,وكانت الفترة المدنية أسهل ,وحفظ القران في الصدور هو أصل حفظ القران والسطور هي حفظ للرسم وتثبيت للصدر .
وأنقل بعض مافي كتاب صحيح السيرة حيث قال رحمه الله :"
فصل
قال الله تعالى : ((( لا تحرك به لسانك لتعجل به . إن علينا جمعه وقرآنه . فإذا قرأناه فاتبع قرآنه . ثم إن علينا بيانه ))) [ القيامة : 16 - 19 ]
وقال تعالى : ((( ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه وقل رب زدني علما ))) [ طه : 114 ]
وكان هذا في الابتداء كان عليه الصلاة والسلام من شدة حرصه على أخذه من الملك ما يوحى إليه عن الله عز وجل يسابقه في التلاوة فأمره الله تعالى أن ينصت لذلك حتى يفرغ من الوحي وتكفل له أن يجمعه في صدره وأن ييسر عليه تلاوته وتبليغه وأن يبينه له ويفسره ويوضحه ويوقفه على المراد منه
ولهذا قال : ((( ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه وقل رب زدني علما )))
وقوله : ((( لا تحرك به لسانك لتعجل به . إن علينا جمعه ))) أي : في صدرك ((( وقرآنه ))) أي : وتقرأه ((( فإذا قرأناه ))) أي : تلاه عليك الملك ((( فاتبع قرآنه ))) أي : فاستمع له وتدبره ((( ثم إن علينا بيانه ))) وهو نظير قوله : ((( وقل رب زدني علما )))
[ 111 ] وفي ( الصحيحين ) عن ابن عباس قال :
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعالج من التنزيل شدة فكان يحرك شفتيه فأنزل الله : ؟ لا تحرك به لسانك لتعجل به . إن علينا جمعه وقرآنه ؟ قال : جمعه في صدرك ثم تقرأه ؟ فإذا قرأناه فاتبع قرآنه ؟ : فاستمع له وأنصت ؟ ثم إن علينا بيانه ؟ قال : فكان إذا أتاه جبريل أطرق فإذا ذهب قرأه كما وعده الله عز وجل
[ 112 ] صحيح السيرة النبوية - (ج 1 / ص 112-111)
وعدم نقل الكتابة في الفترة المكية لا ينفي الكتابة فيها ,وان كان الاصل هو حفظ الصدور (((بَلْ هُوَ آَيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ))) [العنكبوت/49]
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
أبشر أبا عبد الله ، سيتم التعديل إن شاء الله ، وقد قيدتها على نسختي لتداركها إن شاء الله في الطبعة القادمة .
 
الأدلة على كتابة القرآن الكريم في العهد المكي

الأدلة على كتابة القرآن الكريم في العهد المكي

الأدلة على كتابة القرآن الكريم في العهد المكي
· المبحث الأول : الجمع النبوي للقرآن
· المبحث الثاني : الأدلة من القرآن المكي
· المبحث الثالث : الأدلة من الحديث والسيرة النبوية
المبحث الأول : الجمع النبوي للقرآن
حقيقة الجمع النبوي للقرآن
نزل القرآن الكريم على الرسول صلى الله عليه وسلم منجماً طيلة ثلاثة وعشرين عاماً، وفي تنجيمه حِكَمٌ كثيرة هي ليست محل البحث هنا.
وخلال فترة النزول القرآني كانت عملية جمعه تتم بموازاة نزوله، لا تتأخر عنه في شيء، حتى إذا انتهى النزول كان القرآن مجموعاً مكتمل الجمع بمعان عدة لهذا الجمع، تشمل الجمع في الصدور والكتابة في الصحف والترتيب في الآيات والسور(1).
وعليه، فإن عملية جمع القرآن الكريم أو حفظه سواء كان في مكة أو المدينة كانت تتم بطريقتين كل واحدة منهما كفيلة بحفظ القرآن لو انفردت فكيف بهما وقد اجتمعتا، وهو ما لم يتوفر لكتاب من الكتب وعلى مر التاريخ البشري، يقول الإمام الرازي في هذا الصدد : >واعلم أنه لم يتفق لشيء من الكتب مثل هذا الحفظ، فإنه لا كتاب إلا وقد دخله التصحيف والتحريف والتغيير، إما في الكثير منه أو القليل، وبقاء هذا الكتاب مصوناً عن جميع جهات التحريف مع أن دواعي الملاحدة واليهود والنصارى متوفرة على إبطاله وإفساده من أعظم المعجزات<(2).
ويظهر هذا في أشهر اسمين للقرآن الكريم وهما : القرآن والكتاب. ويتبين من الاسمين ـ القرآن والكتاب ـ أن كلاً منها يقصد به الجمع، أي جمع بعض الأشياء إلى بعض.
فالقراءة : عبارة عن جمع الحروف في الفم ثم النطق بها، وهو ما يسمى بالجمع الصوتي للقرآن الكريم. والكتاب كما سيظهر عن قريب عبارة عن جمع الحروف والكلمات في السطور. يقول الإمام ابن قتيبة : >وأصل القراءة : جمع بعض الحروف إلى بعض. وإنما سمي القرآن قرآناً لاجتماع بعض سوره إلى بعض. قال تعالى : { فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ }(1). أي : إذا جمعناه، فاتبع جمعه. ويقال : إذا ألَّفناه(2).
يقول دراز : >روعي في تسمية ـ القرآن ـ قرآناً كونه متلواً بالألسن، كما روعي في تسميته كتاباً كونه مدوناً بالأقلام... وفي تسميته بهذين الاسمين إشارة إلى أن من حقه العناية بحفظه في موضعين لا في موضع واحد، أعني أنه يجب حفظه في الصدور والسطور جميعاً، أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى. فلا ثقة لنا بحفظ حافظ حتى يوافق الرسم المجمع عليه من الأصحاب، والمنقول إلينا جيلاً بعد جيل على هيئته التي وضع عليها أول مرة. ولا ثقة بكتابة كاتب حتى يوافق ما هو عند الحفاظ بالإسناد الصحيح المتواتر<(3).
وفي تسميته بالكتاب إشارة إلى جمعه في السطور، لأن الكتابة جمع للحروف ورسم للألفاظ ... وسمي هذا الوحي بالكتاب وبالقرآن لامتياز الوحي المحمدي في مراحله كلها بهذه العناية المزدوجة في صيانة نصوصه وحفظ تعاليمه منقوشة في السطور، مجموعة من الصدور(4).
ومعلوم أن الجمع في لغة العرب يطلق ويراد من بين دلالته الحفظ والاستظهار في الصدور. وقد يطلق ويراد منه الكتابة والتسجيل في الكتب. فكلمة جمع القرآن تطلق تارةً ويراد منها حفظه واستظهاره في الصدور. وتطلق تارةً أخرى ويراد منها كتابته كله حروفاً وكلمات وآيات وسوراً. هذا جمع في الصحائف والسطور وذاك جمع في القلوب والصدور(5).
وقال الزركشي : >فإن معاني جمع القرآن تتلخص في أربعة : الحفظ في الصدور ـ الكتابة في الصحف المتفرقة ـ الترتيب للآيات والسور ـ الجمع في مصحف واحد(6).
وكتابة القرآن في الصحف والسطور مرت بثلاثة أطوار وهي :
كتابته في عصر النبي صلى الله عليه وسلم ـ وهو ما سيدور البحث حوله ـ. وكتابته في عصر أبي بكر رضي اللّه عنه. وكتابته في عصر عثمان رضي اللّه عنه(1).
لذا يود الباحث أن يشير إلى الوسيلة الثانية التي تم بها حفظ القرآن الكريم من التحريف أو التبديل أو الضياع أو الفقدان وهي الجمع الكتابي. والدراسة هذه مخصصة في أخذ مرحلة زمنية محدودة، وهي كتابة النص القرآني في العهد المكي فقط، لأن كتابة القرآن في المدينة أصبحت من الأمور الواضحة التي لا تحتاج إلى الدراسة والبحث، نظراً للأدلة الصريحة التي وردت في ذلك، ولكثرة ما كتب فيه. ويحبذ الباحث قبل الدخول في الموضوع أن يشير وبإيجاز شديد إلى الوسيلة الأولى لحفظ القرآن ألا وهي الجمع الحفظي، التي اعتاد الباحثون المسلمون على تسميتها بالوسيلة الأولى والأساسية في حفظ القرآن الكريم من التحريف. ويناقض أكثر الذين يذهبون هذا المذهب أنفسهم عند الحديث عن جمع أبي بكر للقرآن الكريم بأنه لم يقبل إلا ما توافر فيه الحفظ والكتابة معاً فلو كانت الكتابة وسيلة ثانوية لما اشترط لقبول قرآنية القرآن توفر الحفظ والكتابة، أو الشاهدين يشهدان على أن المكتوب كتب بين يدي النبي !، وعليه فالأولى أن يقال إن الحفظ والكتابة كانتا وسيلتين أساسيتين في حفظ القرآن الكريم، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قد توفي والقرآن كله مجموع في الصدوروالسطور.
الجمع الحفظي
وهو عبارة عن حفظ النص عن ظهر قلب، وهو من خصائص هذه الأمة، وظاهرة مستمرة إلى يوم القيامة، وفيها تحقيق لوعد اللّه عز وجل : { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإَنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ }(2).
وسَيد مَنْ حفظ القرآن الكريم الرسول الأمين صلى الله عليه وسلم فقد كان مولعاً بالحفظ والتلاوة لما يسمع من جبريل وما يوحي إليه حتى طمأنه الباري بقوله : { سَنُقْرِئُكَ فَلاَ تَنسَى }(3). وقد حفظ القرآن من الصحابة عدد كثير، ويظهر ذلك جلياً مما تواتر نقله أنه قد استشهد أكثر من سبعين منهم في بئر معونة فقط، وكذا في معركة اليمامة. والحديث عن الجمع الحفظي قد أُشبع بحثاً، فعليه لا يحتاج إلى تكرار ما قد قاله الآخرون في هذا المجال.
الجمع الكتابي
الكتابة في اللغة : مصدر كتب، يقال : كَتب يكتُب كَتْبا وكتاباً وكِتابةً ومَكتَبة وكِتْبة فهو كاتب ومعناها الجمع، يقال : تكتَّبت القوم إذا اجتمعوا، ومنه قيل لجماعة الخيل كَتِيبة، ومن ثَمَّ الخط كتابة لجمع الحروف بعضها إلى بعض كما سمِّي خَرْز القربة كتابةً لضم بعض الخُرَز إلى بعض(1).
وقد اتخذ النبي صلى الله عليه وسلم كُتَّاباً للقرآن الكريم كان يأمرهم بكتابة ما ينزل من القرآن الكريم حال نزوله لا يتأخرون عنه، وليس في ثبوت هذه الحقيقة من اتخاذه كتاباً يكتبون القرآن أدنى شك ولا خلاف، والروايات التي سبقت في إثباتها بلغت مبلغ التواتر المفيد للقطع. قال الزركشي : >كان النبي صلى الله عليه وسلم كلما أنزل عليه شيء من القرآن أمر بكتابته ويقول في مفترقات الآيات : ضعوا هذه في موضع كذا<(2) وقد كان من بين الكُتّاب الذين يستكتبهم النبي صلى الله عليه وسلم كثيراً، الخلفاء الأربعة، وعامر بن فهيرة وخالد بن سعيد وعبد اللّه بن أبي سرح وزيد بن ثابت وأبي بن كعب وخالد بن الوليد ومعاوية وثابت بن قيس(3) ... إلخ.
وكان أكثرهم من المكيين(4). ولا شك أن أغلبهم كان من السابقين إلى الإسلام. وغالب الظن أن هذا الإحصاء لم يشمل كل من انتدب لكتابة الوحي فيكون العدد أكثر من ذلك. وعلى أية حال فإن هذا العدد نفسه يدل على أن كتابة القرآن الكريم باستكتاب النبي صلى الله عليه وسلم لم تكن أمراً عارضاً، وإنما هي عمل أساسي من أعمال الدعوة قد خصصت له مؤسسة تقوم عليه هي مؤسسة كتاب الوحي(1).
وإذا رجعنا إلى الكتب التي تتحدث عن كتابة القرآن الكريم في عهد النبي صلى الله عليه وسلم نجد أنهم يطلقون القول أو العبارة (كتابة الوحي في العهد النبوي) ولا يقسمون ذلك إلى العهد المكي والعهد المدني سواء كُتُب المتقدمين أم المتأخرين، مما يدل على أن كتابة القرآن كانت قد غطت مراحل النزول كلها مكيها ومدنيها، خلافاً لما انتهى إليه بلاشير ودائرة المعارف الإسلامية وبعض الباحثين المسلمين، من أن المرحلة المكية لم يكن القرآن يكتب فيها، وإنما بدأت كتابته في السنوات الأولى من العهد المدني.ولإثبات ما ذكر سابقاً من أن القرآن كان يكتب في جميع مراحل النزول وبالتحديد في العهد المكي، سيقوم الباحث بذكر أدلة من القرآن المكي نفسه تضمنت ألفاظ ملهمة ومثبتة للكتابة، ومن الحديث ومن السيرة النبوية.
المبحث الثاني : الأدلة من القرآن المكي
إضافةً إلى ماسبق ذكره في الفصل الأول عن حالة الكتابة في مكة، التي أظهرت أن المناخ الثقافي كان مناسباً ومهيئاً لكتابة القرآن الكريم، فإنه وبتصفح بسيط للآيات القرآنية المكية، يجد الباحث أن فيها إشارات كثيرة إلى أدوات الكتابة وما يتعلق بها في مخاطبتها للعرب الذين أُلصقت بهم صفة الجهل بالقراءة والكتابة، مما يدل على أن العرب في ذاك الزمان لم يكونوا على جهل بالكتابة وما يتعلق بها. وعليه ستكون للدراسة وقفة مع الآيات القرآنية المكية ـ المثبتة لألفاظ الكتابة والتدوين ـ وما قيل في تفسيرها من قبل المفسرين واللغويين.
لا يخفى على الناظر في القرآن الكريم ذاك الزخم الهائل من الآيات التي تتضمن متعلقات الكتاب. فقد ورد في القرآن الكريم حوالي ثلاثمائة مرة مادة الكتاب وما اشتق منه(1). من ذلك وردت (145) مرة في القرآن المكي(2). مما يدل على أن العرب ولا سيما أهل مكة كانوا على دراية تامة بالكتابة والقراءة، لأنه لا يعقل أن يخاطب القرآن الكريم العرب بألفاظ لا علم ولا معرفة سابقة لهم بها. وعليه فلم يكن هناك مانع يمنع كتابة القرآن المكي النازل، كقلة من يعرف الكتابة وندرة وسائلها وغير ذلك مما قاله بعضهم في معرض كلامهم عن الجمع الحفظي للقرآن الكريم من أن معرفتهم بالكتابة كانت قليلة. فمن تلك الألفاظ بجانب الكتاب ومشتقاته : القراءة، الصحف، الرق، السجل، القرطاس، الزبور(3)، القلم، المداد والخط ... وعليه سيتم اختيار عدد من هذه الألفاظ للبحث والدراسة من خلال تفسير الآيات المتضمنة لها ومنها :
1. القراءة : وردت لفظة القراءة وما اشتق منها حوالي تسعين مرة في القرآن الكريم(1). وقد قال سبحانه وتعالى في أول ما نزل من الدستور الإسلامي(2)، مخاطباً رسوله صلى الله عليه وسلم : { اقْرَأ باسْم رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ، خَلَقَ الإنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ، اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأكْرَمُ، الَّذِي عَلَّمَ بالقَلَمِ، عَلَّمَ الإنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَم }(3). ولم تأت هذه اللفتة بدون قصد أو اعتباطاً، وإنما جاءت لتنبيه وحث النبي صلى الله عليه وسلم على القراءة والكتابة، ويتضح هذا أكثر إذا ما عُرف أن الآيات التي تلت هذه أيضاً كانت متعلقةً بأدوات الكتابة، وأن أول قَسَمٍ أقسم به اللّه سبحانه كان بالقلم : { ن والقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُون }(4).
أول ما نزل من القرآن هو مطلع سورة العلق، وفيه إشارة إلى القراءة، أو الجمع الصوتي للقرآن، بجمع الحروف في الفم ثم النطق بها. ثم نزل بعد ذلك مطلع سورة القلم، وفيه إشارة إلى كتابة القرآن، وهي جمع حروف وكلمات القرآن، بكتابتها على السطر(5).
يقول القلقشندي : >أعظم شاهد لجليل قدرها ـ الكتابة ـ، وأقوى دليل على رفعة شأنها، أن اللّه نسب تعليمها إلى نفسه، واعتده من وافر كرمه، وإفضاله فقال عزَّ اسمه : { اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأكْرَمُ، الَّذِي عَلَّمَ بالقَلَمِ، عَلَّمَ الإنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَم }، مع ما يروى أن هذه الآية والتي قبلها مفتتح الوحي، وأول التنزيل على أشرف نبي، وأكرم مرسل صلى الله عليه وسلم وفي ذلك من الاهتمام بشأنها ورفعة محلها ما لا خفاء فيه<(6).
فهناك مناسبة وثيقة بين أول كلمة نزلت من القرآن الكريم وبين القلم والكتابة : >فإن أول كلمة نزلت هي (اقرأ) ومعنى ذلك أن هناك مكتوباً ـ فلم تنزل كلمة (قل) بمعنى أن يردد النبي صلى الله عليه وسلم ما يقال له ولكن نزل ـ اقرأ ـ بمعنى أن يقرأ شيئاً مكتوباً. إذن فالكتابة سبقت القراءة. والكتابة بمعناها التدارس والتعلم، لأن القلم لا يقول ولكن يكتب. (فاقرأ)، إذن تتناسب مع القلم، وهما وسيلتا العلم والتعليم. وكان من الآيات الأولى التي نزلت من القرآن الكريم : { اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأكْرَمُ، الَّذِي عَلَّمَ بالقَلَمِ }. فجعل سبحانه مفتاح العلم القلم<(1).
يقول الإمام الزمخشري في تفسير الآية : >فدلَّ على كمال كرمه بأنه علَّم عباده ما لم يعلموا، ونقلهم من ظلمة الجهل إلى نور العلم، ونبه على فضل علم الكتابة لما فيه من المنافع العظيمة التي لا يحيط بها إلا هو، وما دونت العلوم ولا قيدت الحكم ولا ضبطت أخبار الأولين ومقالاتهم، ولا كتب اللّه المنزلة إلا بالكتابة، ولولا هي لما استقامت أمور الدين والدنيا، ولو لم يكن على دقيق حكمة اللّه العظيمة ولطيف تدبيره دليل إلا القلم والخط، لكفى به<(2). فقوم يُبتدأ الوحي عندهم بهذا الابتداء؛ لا يعقل أبداً أن يتركوا القلم ويناموا؛ ثم لا ينشط واحد من بينهم فيكتب أو يدون شيئاً(3).
2. الصحف : وقد وردت لفظة الصحف في سبعة مواضع من القرآن المكي. منها : في قوله تعالى : { كَلاَّ إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ، فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ، فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ }(4).
ففي هذه الآيات إشارة واضحة إلى كون القرآن الكريم في صحف. يقول ابن سِيدَه : >والصحيفة : التي يكتب فيها، والجمع صحائف وصُحُف وصُحْفٌ. وفي التنزيل : { إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الأُولَى، صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى }، يعني الكتب المنزَّلة عليهما، عليهما السلام<(5).
والفرق بين الصحف والمصحف كما يقول الحافظ العسقلاني : >أن الصحف الأوراق المجردة التي جمع فيها القرآن في عهد أبي بكر. وكانت سوراً مفرقةً كل سورة مرتبة بآياتها على حدة لكن لم يرتب بعضها إلى بعض، فلما نسخت ورتب بعضها إلى أثر بعض صارت مصحفاً<(1). وكلمة (صحيفة) لا تدل على الورق الذي نعرفه اليوم، ولكنها على كل حال شيء مبسوط خفيف الحمل يكتب عليه في سهولة(2). وقيل المقصود به هنا القراطيس التي تُكْتَبُ فيها(3).
يقول الإمام الآلوسي : >(في صحف)، قيل : صحف المسلمين على أنه إخبار بالغيب، فإن القرآن بمكة لم يكن في صحف، وإنما كان متفرقاً في الرقاع والجريد ونحوهما ...
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن وهب ابن منبه : أنهم ـ السفرة ـ أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم . قيل : لأنهم سفراء ووسائط بينه وبين سائر الأمة وقيل : لأن بعضهم يسفر إلى بعض في الخير والتعلم والتعليم<(4).
يقول الإمام أبو الفرج البغدادي : >وقوله (بأيدي سفرة) فيه قولان، أحدهما أنـهم المـلائكة، قاله الجـمهور. والثاني : أنهم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم قاله وهب بن منبه ...<(5).
ويقول الإمام الرازي : >القول الثاني في تفسير الصحف أنها هي صحف الأنبياء لقوله تعالى : { إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الأُولَى }، يعني أن هذه التذكرة مثبتة في صحف الأنبياء المتقدمين، والسفرة الكرام البررة هم أصحاب رسول اللّه، وقيل هم القراء<(6).
فـقد أعـلم اللّـه تعـالى فـي القـرآن بأنه مـجموع في الصحف في قوله تعالى : { رَسُولٌ مِنَ اللّه يَتْلُو صُحُفاً مُطَهَّرةً }(7)، وكان القرآن مكتوباً في الصحف، لكن كانت مفرقةً فجمعها أبو بكر في مكان واحد(8).
3. النبي صلى الله عليه وسلم والاستكتاب : ومن الآيات التي تدل وبوضوح على أن القرآن الكريم في مكة كان يكتب في الصحف، وأن المشركين كانوا على علم بتلك الصحف قوله تعالى على لسان المشركين : { وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الأوَّلِيْن اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيْلاً }(1).
يقول الفيروزآبادي : >ويقال : اكتتب فلان فلاناً : إذا سأله أن يكتب له كتاباً في حاجة، وعليه فسر بعضهم : { أَسَاطِيرُ الأوَّلِيْن اكْتَتَبَهَا } أي استكتبها<(2). وقيل : اكتتبها : أي بمعنى جمعها وسجلها(3). أو بمعنى انتسخها من غيره(4).
قال الزمخشري : >والمعنى : اكتتبها كاتب له، لأنه كان أمياً لا يكتب بيده، وذلك من تمام إعجازه ... فإن قلت : كيف قيل : { اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْه }، وإنما يقال أمليت عليه فهو يكتتبها ؟ قلت : فيه وجهان : أحدهما : أراد اكتتابها أو طلبه فهي تملى عليه، أو كتبت له وهو أمي فهي تملى عليه : أي تُلقى عليه من كتابه يتحفظها لأن صورة الإلقاء على الحافظ كصورة الإلقاء على الكاتب<(5).
يقول أبو السعود العمادي : >والأساطير جمع أساطر أو أسطورة كأحدوثة، وهي ما سطره المتقدمون من الخرافات، اكتتبها، أي : كتبها لنفسه على الإسناد المجازي أو استكتبها، وقرئ على البناء للمفعول، لأنه صلى اللّه عليه وسلم أمي. وأصله : اكتتبها له كاتب فحذف اللام وأفضى الفعل إلى الضمير فصار اكتتبها إياه كاتب ثم حذف الفاعل لعدم تعلق الغرض العلمي بخصوصه، وبُنِيَ الفعل للضمير المنفصل فاستتر فيه، فهي تملى عليه، أي تلقى عليه تلك الأساطير بعد اكتتابها ليحفظها من أفواه من يمليها عليه من ذلك المكتتب لكونه أمياً لا يقدر على أن يتلقاها منه بالقراءة أو تملى على الكاتب على أن معنى اكتتبها أراد اكتتابها أو استكتابها ورجع الضمير المجرور إليه صلى الله عليه وسلم لإسناده الكتابة في ضمن الاكتتاب إليه صلى الله عليه وسلم <(6).
والاتهام جاء من قبل المشركين بهذه الصيغة الصريحة من أن هناك ما هو مكتوب يتداوله محمد صلى الله عليه وسلم وقد كتب له بناءً على طلبه، فلا بد أن يكون هناك شيء مكتوب حتى يأتي الاتهام بهذا الشكل، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لو كان يكتفي بقراءة القرآن وتلاوته على الناس في مكة فقط من غير أن يكون هناك شيء مكتوب لما جاء بهذه الصيغة، فالاتهام إنما هو مستند إلى مشاهدة.
وربما تتضح الصورة أكثر إذا ما عرفنا سبب النزول كما نقلته كتب التفسير والسيرة النبوية. فقد ذهب المفسرون والمؤرخون إلى أن هذه الآية نزلت في بعض مَنْ كان يقول ذلك، مثل : النضر بن الحارث(1)، الذي >كان إذا جلس رسول اللّه صلى الله عليه وسلم مجلساً فدعا فيه إلى اللّه، وتلا فيه القرآن، وحذر فيه قريشاً ما أصاب الأمم الخالية ـ خلفه في مجلسه إذا قام، فحدثهم عن رستم السنديد، وعن اسفنديار، وملوك فارس، ثم يقول : واللّه ما محمد بأحسن حديثاً مني، وما حديثه إلا أساطير الأولين، اكتتبها كما اكتتبتها<. فأنزل اللّه فيه : { وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً }(2).
4. طَلَبُ المشركين مكتوباً من السماء : من خلال الآيات القرآنية المكية يتبين أن معرفة أهل مكة بالكتابة والقراءة كانت عميقةً بدليل أنهم طالبوا الرسول صلى الله عليه وسلم بآيات ومعجزات تقنعهم بنبوته، ومن هذه الآيات والمعجزات، أن ينزل عليهم كتاباً من السماء يقرؤونه. قال تعالى : { وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأَرْضِ يَنْبُوعاً. أوْ تَكُوْنَ لَكَ جَنّةٌ مِنْ نَخِيْلٍ وعِنَبٍ فَتُفَجِّر الأَنهَارَ خِلالَها تَفْجِيْراً. أوْ تُسْقِطَ عَلينا كسَفاً أو تَأتِيَ باللّه وَالمَلائِكَةِ قَبِِْيلاً. أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى ُتُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَاباً نَقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلاَّ بَشَراً رَسُولاً }(3).
حيث إن المشركين طلبوا من الرسول صلى الله عليه وسلم أن يرقى في السماء ويأتيهم بكتاب معه أربعة من الملائكة يشهدون للرسول صلى الله عليه وسلم أنه صادق فيما يدعيه(4). فكيف يعقل أن يطالبوا الرسول صلى الله عليه وسلم بإنزال الكتاب ليقرؤوا ما فيه ويتأكدوا من صحة ذلك، إذا لم يكونوا على علم ودراية تامة بالكتاب والكتابة والقراءة. وكأنهم لم يقتنعوا بالصحف التي اتهموا الرسول باستكتابها فطلبوا كتاباً كاملاً.
5. الرَقّ : وقد جاء الرَقّ في قوله تعالى : { وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ، فِي رَقٍّ مَنْشُور }(1).
يقول الزمخشري : والرَقّ : جلد رقيق يكتب عليه، والصحيفة البيضاء(2). وكتاب مسطور : أي مكتتب قد سطر(3).
6. طي السجل : قال تعالى : { يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ }(4). مما يدل على معرفة العرب لأدوات الكتابة اللينة بحيث تطوى وتلف، لأنه لو كان أمراً غريباً لأنكروا على الرسول صلى الله عليه وسلم ذلك.
أي كطيه لما كتب فيه حفظاً له(5). والسجل للكتب : الصحيفة وفيها الكتاب. والمعنى : كطي السجل على مافيه مكتوب(6)، أي يوم نطوي السماء كما يطوى السجل على ما فيه من الكتاب. واللام في قوله (للكتب) بمعنى (على)(7). وقد قال الزمخشري : >السجل : وهو الصحيفة، أي : كما يطوى الطومار (الصحيفة، جمعه طوامير، والتطمير : الطَّيّ)، للكتابة، أي : ليكتب فيه، للمكتوبات، أي : لما يكتب فيه من المعاني الكثيرة<(8).
يقول الإمام الشوكاني : >أي : كطي السجل كائناً للكتب أو صفة له، أي : الكائن للكتب فإن الكتب عبارة عن الصحائف وما كتب فيها فسجلها بعض أجزائها وبه يتعلق الطي حقيقة ... أو : كما يطوى الطومار للكتابة أي : ليكتب فيه أو لما يكتب فيه من المعاني الكثيرة<(9).
7. القرطاس : وقد وردت لفظة القرطاس في قوله تعالى : { وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَاباً فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُبِينٌ }(1).
فهذا النص يلهم أن الكتابة على القرطاس وكون الكتب مؤلفة من قراطيس هو الشيء المألوف الذي لم يكن ليتصور غيره(2).
تقول العرب : قِرطاس وقُرطاس وقَرطاس، ثلاث لغات. وقِرْطَس وقَراطِس، مثل : دِرْهَم ودَرَاهِم(3).
يقول محمد رشيد رضا : >الكتاب في الأصل مصدر كالكتابة ويستعمل غالباً بمعنى المكتوب فيطلق على الصحيفة المكتوبة، وعلى مجموعة الصحف في مقصد واحد، والقرطاس بكسر القاف (وتفتح وتضم) الورق الذي يكتب فيه. وقيل هو مخصوص بالمكتوب منه<(4).
والقرطاس : الصحيفة يُكتب فيها تكون من ورق وكاغد وغيرهما، وهي بكسر القاف وضمها والفصيح الكسر ... ولا يقال : قرطاس إلا إذا كان مكتوباً، وإلا فهو طرس ـ الصحيفة التي محيت ثم كتبت ـ وكاغد(5).
8. الكتاب : ويقال إن : أول تسمية للقرآن على أنه كتاب، وردت في السورة الثامنة والثلاثين من النزول وهي (الأعراف 1 و51) ـ وهي من السور المكية ـ ... فلم يُسم ـ القرآن ـ في أول أمره كتاباً، بل قرآناً، أي كلاماً يتلى بعد التلقين، ثم وصف هذا المتلو بأنه ذكر وتنزيل و ... إلخ. ولما أصبح النازل منه كثرة يصح أن يكون كتاباً سمِّي كتاباً، ثم اندمجت المعاني ببعضها فاكتسبت الصفات والمصادر معنًى مفهوماً واحداً، وأصبحت تعني شيئاً واحداً، فالقرآن هو الكتاب، وهو الذكر وهو التنزيل، وهو الفرقان، والعكس بالعكس(6). فمن الآيات التي أطلقت فيها الكتاب على القرآن قوله تعالى : { إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ، فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ، لاَ يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ }(1). والآية مكية، ومعلوم أن المس يكون لشيء مادي محسوس مكتوب، ـ وقد سبق بيان ما المقصود من الكتاب في الأصل عند العرب ـ، وإلا فلو كان عبارةً عن تلاوة فقط، لما تطلب الأمر هذا النهي.
يقول دروزة : >فهذه الآيات وتلك وإن كانت تشير إلى صلة القرآن بالملائكة وطهارة أصله ومصدره وكرامته، فإن روح عبارتها تلهم أيضا بقوة أن القرآن صار مكتوباَ في صحف وصار لهذه الصحف واجب التكريم فلا يمسها إلا المطهرون. وهذا ما كان يجري فعلاً كما جاء في الروايات الوثيقة، وخاصةً في رواية إسلام عمر ـ ستأتي لاحقاً ـ وصحيفة القرآن التي كانت في يد أخته، ورَفْضِها تسليمها إليه إلا بعد أن يتطهر(2). وأصل التقليد الإسلامي الفقهي بعدم جواز مس المصحف إلا على طهارة هو من هذا الباب<(3).
يقول الإمام الزمخشري : >مكنون، مصون من غير المقربين من الملائكة، لا يطلع عليه من سواهم، وهو المطهرون من جميع الأدناس أدناس الذنوب وما سواها : إن جعلت الجملة صفة لكتاب مكنون وهو اللوح. وإن جعلتها صفة للقرآن، فالمعنى : لا ينبغي أن يمسه إلا من هو على الطهارة من الناس، يعني من مس المكتوب منه، ومن الناس من حمله على القراءة أيضاً، وعن ابن عمر : أحب إليّ أن لا يقرأ إلا وهو طاهر<(4).
وللفقهاء في هذه الآية كلام طويل، يكتفي الباحث فقط بالإشارة إلي ما نقله الجصاص، بقوله : >رُوي عن سلمان أنه قال : لا يمس القرآن إلا المطهرون فقرأ القرآن ولم يمس المصحف حين لم يكن على وضوء. وعن أنس بن مالك في حديث إسلام عمر قال : فقال : لأخته أعطوني الكتاب الذي كنتم تقرؤون. فقالت : إنك رجس، وإنه لا يمسه إلا المطهرون، فقم فاغتسل أو توضأ، فتوضأ ثم أخذ الكتاب فقرأه وذكر الحديث. وعن سعد إنه أمر ابنه بالوضوء لمس المصحف. وعن ابن عمر مثله وكره الحسن والنخعي مس المصحف من غير وضوء. وروي عن حماد أن المراد القرآن الذي في اللوح المحفوظ لا يمسه إلا المطهرون يعني الملائكة، وقال أبو العالية في قوله لا يمسه إلا المطهرون قال : هو في كتاب مكنون ليس أنتم من أصحاب الذنوب، وقال سعيد بن جبير وابن عباس : المطهرون الملائكة، وقال قتادة : لا يمسه عند اللّه إلا المطهرون، فأما في الدنيا فإنه يمسه المجوسي والنجس والمنافق، قال أبو بكر : إن حمل اللفظ على حقيقة الخبر فالأولى أن يكون المراد القرآن الذي عند اللّه، والمطهرون الملائكة، وإن حمل على النهي وإن كان في صورة الخبر كان عموماً فينا وهذا أولى لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في أخبار متظاهرة : أنه كتب في كتابه لعمرو بن حزم ولا يمس القرآن إلا طاهر، فوجب أن يكون نهيه ذلك بالآية إذ فيها احتمال له آخر سورة الواقعة<(1).
إضافةً إلى آيات أخرى كثيرة فيها إشارات واضحة إلى أدوات الكتابة، وعليه لم يكن الحديث عن مثل هذه الأدوات أمراً غريباً عند أهل مكة والذين خاطبهم القرآن، لأنهم كانوا على دراية تامة وعلم مسبق بها. وكان القرآن النازل يكتب في صحف تتداولها القلة المسلمة في مكة.
المبحث الثالث : الأدلة من الحديث والسيرة النبوية
1. كُتَّاب القرآن المكي
يدل على كتابة القرآن الكريم في العهد المكي ورود عدد من أسماء كُتّاب القرآن الكريم في العهد المكي في كتب الحديث والسيرة النبوية والتراجم. منهم :
عبد اللّه بن أبي سرح : كان من كُتّاب النبي صلى الله عليه وسلم الذين كتبوا له في مكة قبل الهجرة إلى المدينة المنورة، ثم ارتد عن الإسلام فأهدر الرسول دمه ثم رجع إلى الإسلام بعد فتح مكة بعد أن شفع له عثمان بن عفان رضي اللّّه عنه(1).
والأخبار والروايات التي وردت فيه كثيرة ومخلتفة في فترة ارتداده فيذهب البعض إلى أنه قد ارتد قبل الهجرة ومنهم الإمام الطبري. حيث يذكر في تفسيره : >أنه ـ عبد اللّه بن أبي سرح ـ قد وشى بعمار وجبير عند ابن الحضرمي أو لبني عبد الدار، فأخذوهم فعُذِّبوا حتى كفروا، وجذع أذن عمار يومئذ، فانطلق عمار إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فأخبره بما لقي، والذي أعطاهم من الكفر فأبى النبي صلى الله عليه وسلم أن يتولاه، فأنزل اللّه في شأن ابن أبي سرح وعمار وأصحابه : (من كفر باللّه من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان، ولكن من شرح بالكفر صدراً)، فالذي أكره عمار وأصحابه، والذي شرح بالكفر صدراً، فهو ابن أبي سرح<(2). ويذهب أغلبية العلماء إلى أنه قد ارتد بعد الهجرة، ولكن هذا ليس بالأمر المهم، ولكن المؤكد أن فترة كتابته للقرآن هي الفترة المكية وهو ما يهمنا هنا.
ويذكر الحافظ العسقلاني في معرض حديثه عن اكتفاء الإمام البخاري بذكر كُتَّاب النبي صلى الله عليه وسلم بزيد بن ثابت وأن البخاري قد أفرده بالحديث لكونه من أشهر الكُتَّاب، وإلا فقد كتب للرسول صلى الله عليه وسلم غيره فيقول : >قد كتب الوحي لرسول اللّه صلى الله عليه وسلم جماعة غير زيد بن ثابت. أما بمكة فلجميع ما نزل بها، لأن زيد بن ثابت إنما أسلم بعد الهجرة ...(1) وقد كتب له قبل زيد بن ثابت أبي بن كعب وهو أول من كتب له بالمدينة. وأول من كتب له بمكة من قريش عبد اللّه بن سعد بن أبي سرح، ثم ارتد ثم عاد إلى الإسلام يوم الفتح(2)، وممن كتب له بالجملة : الخلفاء الأربعة والزبير بن العوام وخالد وأبان وابنا سعيد بن العاص بن أمية وحنظلة بن الربيع الأسدي ومعيقيب بن أبي فاطمة وعبد اللّه بن الأرقم الزهري وشرحبيل بن حسن وعبد اللّه بن رواحة ...<(3).
وقول ابن حجر : <وهو أول من كتب له صلى الله عليه وسلم بمكة<، فيه دلالة واضحة على أن هناك غيره ممن كتب له صلى الله عليه وسلم في مكة، وهو ما يدل عليه واقع المسلمين الذين التفوا حول الدعوة الجديدة، حيث إن كثيراً من الذين آمنوا ودخلوا الإسلام أول الأمر كانوا من الذين يعرفون الكتابة والقراءة، ولا شك أن بعضاً منهم كانوا من كتاب القرآن المكي وقد ذكر ابن حجر بعضاً منهم.
وبناءً على ما قاله ابن حجر من أن بعضاً من الصحابة كتبوا له بالجملة بصورة عامة، وذكر بعض الأسماء كما سبق وأغلبهم من المكيين الذين دخلوا الإسلام مبكراً، ذكر بعض المعاصرين عدداً من أسماء كتبة القرآن المكي.
فذكر محمود راميار من كُتَّاب الوحي في مكة عدداً كثيراً بقوله : >ومن كتاب الوحي في مكة : الخلفاء الأربعة، وشرحبيل بن حسنة ـ 18هـ ـ، وعبد اللّه بن سعد بن أبي سرح القرشي ـ 37 هـ(4) وخالد بن سعيد بن العاص بن أمية وطلحة والزبير (الزبير بن العوام) ـ 36 هـ وسعد بن أبي وقاص ـ 55 هـ وعامر بن فهيرة ـ 4 هـ وعلاء بن حضرمي ـ 21 هـ ومعيقيب بن أبي فاطمة الدوسي ـ 40 هـ والأرقم بن أبي الأرقم حضرمي ـ 11 هـ وحاطب بن عمرو ـ أسلم قبل دخول الرسول صلى الله عليه وسلم دار الأرقم وحاطب بن أبي بلتعة ـ 30 هـ ومصعب بن عمير وعبد اللّه بن جحش ـ 3 هـ وجهم بن قيس وسالم مولى أبي حذيفة ـ 12 هـ، ...<(1). وإضافةً إلى مَنْ ذكرهم فقد كتب في مكة : حنظلة بن ربيع الأسدي بن صيفي بن رباح التميمي الكاتب، وعبد اللّه بن الأرقم الزهري(2).
ومن الأسـماء اللامـعة في هـذا البـاب : خـالد بـن سـعيد وهـو مـن الذين أسـلموا قـديماً فـي مـكة، وهـو مـن الذين كتبوا للنبي صلى الله عليه وسلم في مكة، يذكر ابن عبد البر وابن حجر : >روى إبراهيم بن عقبة عن أم خالد بنت خالد قالت : أَبي أول من كتب بسم اللّـه الرحـمن الرحيم<(3). وقـال عـنه الأنصـاري : >وكـان أول مـمن كتـب لـرسـول اللّه صلى الله عليه وسلم ، وقيـل : أول من كتـب بـسم اللّـه الرحـمن الرحيـم، وكان ثالث الإسـلام، وقيـل : رابعاً، وقيل : خامساً<(4). وهذا القول لا يصدق إلا إذا أخذناه بالفترة المكية، لأن النبي صلى الله عليه وسلم عندما هاجر إلى المدينة كان يكتب له أبي بن كعب وزيد بن ثابت، وعلي بن طالب وغيرهم. وخالد بن سعيد لم يهاجر إلى المدينة إلا بعد غزوة خيبر. إذن جائز جداً أن خالداً وهو قديم الإسلام، كان أول من كتب لرسول اللّه صلى الله عليه وسلم بمكة. وعندما عاد إلى المدينة، بدأ يكتب رسائل النبي صلى الله عليه وسلم مرةً أخرى(5). وقد قيل إن أول من كتب لرسول اللّه صلى الله عليه وسلم في مكة هو شرحبيل بن حسنة(6). وعليه يمكن الجمع بين هذه الأخبار بأن كلاً من خالد بن سعيد وشرحبيل بن حسنة قد كتبا له قبل الهجرة إلى الحبشة، وبعدها كتب له ابن أبي سرح أو معاً ثم استمر الأخير على الكتابة إلى أن ارتد.
فالاختلاف في تحديد أول من كتب في مكة يعتبر أكبر دليل على أن القرآن المكي كان يكتب. وأن النبي صلى الله عليه وسلم كان له كُتّاب عديدون وليس كاتب واحد، بدليل هذا الاختلاف فيمن كتب له أولاً في مكة قبل الهجرة. ومع أن كتبة القرآن في مكة كانوا أقل عدداً عما كان عليه الحال في المدينة بعد الهجرة(1). إلا أنه لا شك وكما يقول الفيومي : >أنه كان يوجد في مكة من الكتبة من يسد هذه الحاجة، ويقوم بتلك المهمة<(2)، ومن أول نزول القرآن الكريم على النبي صلى الله عليه وسلم ، حيث أن أوائل المسلمين كانوا من الكتبة.
إلا أنه لا بد من الإشارة إلى ظاهرة غريبة في الكتب التي تتحدث عن كُتّاب النبي صلى الله عليه وسلم بصورة عامة وكُتّاب القرآن الكريم بصورة خاصة ولا سيما الكتب المعاصرة، وهي عدم الموضوعية في مراعاة تاريخ إسلام هؤلاء الكُتّاب، فأول من تذكرهم من كُتّاب النبي صلى الله عليه وسلم تذكر الذين تأخر إسلامهم إلى ما بعد الهجرة، وكان الأولى أن يتم ذكر الذين أسلموا قديماً حتى يشمل بذلك العهدين المكي والمدني(3). والأسوأ من هذا أن من الباحثين من يأتي ليرد على بلاشير في نفيه لكتابة القرآن في مكة فيذكر في معرض رده عدداً من كتاب النبي صلى الله عليه وسلم المكيين الذين تأخر إسلامهم إلى ما بعد الهجرة إلى المدينة، أو أسلموا في فتح مكة أو قريباً منه، أمثال خالد بن الوليد ومعاوية بن أبي سفيان وغيرهم(4).
2. قصة إسلام عمر بن الخطاب
تدل على أن القرآن الكريم كان يكتب في العهد المكي رواياتُ قصةِ إسلام عمر بن الخطاب، وقد نقلت بروايات كثيرة جداً يقوى بعضها بعضاً.
نقل ابن إسحاق ذلك فقال : >وكان إسلام عمر فيما بلغني أن أخته فاطمة بنت الخطاب وكانت عند سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل، وكانت قد أسلمت وأسلم بعلها سعيد بن زيد وهما مستخفيان إسلامهما من عمر، وكان نعيم بن عبد اللّّه النحام ـ رجل من قومه من بني عدي بن كعب ـ قد أسلم وكان أيضاً يستخفي إسلامه خوفاً من قومه وكان خباب بن الأرت يختلف إلى فاطمة بنت الخطاب يقرئها القرآن، فخرج عمر يوماً متوشحاً بسيفه يريد رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ورهطا من أصحابه ذكروا له أنهم قد اجتمعوا في بيت عند الصفا، وهم قريب من أربعين من بين رجال ونساء، ومع رسول اللّه صلى الله عليه وسلم عمه حمزة بن عبد المطلب وأبو بكر بن أبي قحافة الصديق وعلي بن أبي طالب في رجال من المسلمين رضي اللّه عنهم، ممن كان أقام مع رسول اللّه بمكة ولم يخرج فيمن خرج إلى أرض الحبشة، فلقيه نعيم بن عبد اللّّه فقال له : أين تريد يا عمر ؟ فقال : أريد هذا الصابئ الذي فرَّق أمر قريش وسفَّه أحلامها (...) فرجع عمر عامداً إلى أخته وختنه ـ زوج أخته ـ، وعندهما خباب بن الأرت معه صحيفة فيها طه يقرئهما إياها (...) وقال لأخته أعطيني هذه الصحيفة التي سمعتكم تقرؤون آنفاً، أنظر ما هذا الذي جاء به محمد (...) فأعطته الصحيفة وفيه طه فقرأها فلما قرأ منها سطراً قال : ما أحسن هذا الكلام وأكرمه (...)<. الرواية(1).
ويبدو من ظاهر الرواية أنه كان من عادة خباب بن الأرت الذهاب إليهما لتدارس القرآن معاً كحلقة دعوية تنظيمية صغيرة، وهذه لا شك نموذج لكيفية تعلم وتعليم القرآن في العهد المكي، حيث غالباً ما يتم الاعتماد في الدعوات السرية على الوثائق المكتوبة لخفتها وسهولة تبادلها بين أفراد الجماعة الواحدة، ولا سيما في الظروف الأمنية الحرجة التي عادةً ما يكون فيها أفراد المجموعة مراقبين من قبل الطرف المقابل.
ولم يكن القصد من ذهاب خباب إليهما لتعليمهما القراءة، فقد ثبت أن سعيداً كان من الذين يعرفون الكتابة والقراءة هو ووالده الذي كان واحداً من مشاهير الحنفاء ـ سبق ذكره ـ الذين قرؤوا الكتب الدينية قبل البعثة النبوية. وعليه فإن عملية تعليم القرآن الكريم وتدارسه كما هو معروف يحتاج إلى أدوات التعليم من صحف ونحوها وهو ما يظهر هنا بشكل واضح.
يقول محمد حسين هيكل : >ولم تكن هذه الصحيفة التي سجلت سورة طه إلا واحدة من صحف كثيرة كانت متداولةً بين أيدي الذين أسلموا من أهل مكة، سجلت سوراً أخرى من القرآن الكريم<(1).
والذي يبدو من الأحداث أن هذه الوثائق والصحف التي كانت متداولةً بين القلة المسلمة في مكة كانت تكتب على أغلب الظن في مقر الرسول صلى الله عليه وسلم ـ دار الأرقم بن الأرقم ـ بناءً على كون الأرقم بن الأرقم من الذين كانوا يعرفون الكتابة والقراءة، ومن ثم كان من كتاب النبي صلى الله عليه وسلم ، وعليه فلا يستبعد أن يكون أحد أسباب اختيار الرسول صلى الله عليه وسلم لداره إضافةً إلى مايذكره المؤرخون من الأسباب، كونه من الكتبة حتى يتيسر للرسول صلى الله عليه وسلم كتابة ما ينزل عليه فور نزوله ولا سيما أثناء وجوده في داره.
وفــي روايـة : أن الصـحيفة كـان فيـها مـع سـورة طه سورة : { إذا الشمس كُوِّرَتْ }(2). وهي السورة الخامسة من حيث ترتيب النزول.
ومما سبق بيانه عن حالة الكتابة ومعرفة العرب والمسلمين للكتابة ولا سيما في مكة تفنيد وجواب لما قاله كونستانس جيورجيو عند حديثه عن إسلام عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه، وهل قرأ سعيد القرآن على عمر بن الخطاب يقول : >فهي رواية لا تتناسب مع الوقائع التاريخية، لأن القرآن في السنة الثامنة قبل الهجرة لم يكن بالشكل الذي نعرفه اليوم، بل إنه لم يكن كذلك طيلة حياة النبي صلى الله عليه وسلم . ولم يجمع القرآن إلا في عهد خلافة عثمان. كان القرآن متداولاً ومعروفاً بشكل آيات متفرقة ـ في العهد المكي ـ، وأكثر المسلمين يحفظونه، ولم يكتب منه إلا بعض الآيات، لأن أكثر المسلمين أميون، ولا يعرفون القراءة ولا الكتابة. لم يكن القرآن في ذلك الزمان بالشكل الذي نراه الآن، لأن آياته لم تكن قد جمعت ولا اكتملت، لأن بعضها نزلت بالمدينة بعد الهجرة<(1). إضافةً إلى ذلك فلم يقل أحد أن القرآن الكريم كان كله مكتوباً عندما اطلع عليه عمر بن الخطاب في بيت أخته، وإنما كل ما في الأمر أنه اطلع على صحيفة من الصحف التي كانت متداولةً بين المسلمين آنذاك.
وبعد هذا لا يلتفت إلى ما قاله MONTOGOMERY WATT من قوله : >من المعروف أن أجزاءً من القرآن قد كتبت، ففي قصة إسلام عمر بن الخطاب، يقال : أنه وجد مع أخته وزوجها اللذين أسلما سورة طه مكتوبة في صحيفة، فقرأها عمر بنفسه بعد أن طلب منهم أن ينظر فيها. فإذا ما وثقت هذه القصة ـ وهو أمر غير مؤكد ـ فإنها تبين أن أجزاء من الوحي قد كتبت في منتصف الفترة المكية<(2).
3. قصة إسلام لبيد بن ربيعة
الشاعر المعروف المخضرم، كان من الذين اشتهروا في الجاهلية بمعرفة الكتابة والقراءة ـ وقد تمَّ التطرق إلى معرفته وابنته للكتابة والقراءة ـ. وقصة إسلامه شبيهة بقصة إسلام عمر بن الخطاب في تأثره بأسلوب القرآن الكريم. حيث يقال إن سبب إسلامه أنه : >كانت هناك قصيدة شعرية له، واعتبرت هذه من أعظم ما قيل من الروائع في بلاد العرب على عهد محمد صلى الله عليه وسلم ، لم يجرؤ أحد من الشعراء الآخرين على تقديم أي شيء منافس لها، إلى أن علقت بعض آيات القرآن من سورة قرآنية بجانبها، ولم يكد لبيد ـ وهو الوثني ـ يقرأ أولى تلك الآيات حتى بهره الإعجاب بما قرأ، وأعلن اعتناقه الإسلام في الحال، وقال : إن كلاماً كهذا ليس من قول البشر، وإنه ولا شك وحي إلاهي<(3).
4. خبر رافع بن مالك
سيأتي في الفصل الخامس أن بعض الصحابة ولا سيما من الأنصار قاموا بنقل القرآن المكي من مكة إلى المدينة قبل الهجرة، من ذلك ما جاء من أن رافع بن مالك هو الذي حمل القرآن المكي المكتوب إلى المدينة المنورة.
5. قصة سراقة بن مالك
نجد النبي صلى الله عليه وسلم في أحلك الظروف وأخطر اللحظات من حياته التي تمثل نقطة الانعطاف في مسيرة الدعوة الإسلامية، ألا وهي لحظة الخروج من بيته مهاجراً إلي المدينة. وقد أحاط المشركون ببيته لينالوا منه، واستمرت مطاردتهم له، وأعلنوا عن مكافأة كبيرة لكل من يأتي به صلى الله عليه وسلم حياً أو ميتاً، مع كل هذه المخاطر نجده صلى الله عليه وسلم يحمل معه ضمن الأشياء القليلة التي حملها معه إلى المدينة كامل أدوات الكتابة، ونجد أن بعض كتاب الوحي بقوا ملازمين له وملتفين حوله لتسجيل كل آية توحى إليه، فنجد أن كلا صاحبيه صلى الله عليه وسلم في الهجرة أبو بكر الصديق وعامر بن فهيرة كانا من الكتبة المعروفين. ويدل على ذلك قصة كتاب الأمان لسراقة بن مالك بن جعشم. فقد روى البخاري في كتاب بدء الوحي، باب هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة على لسان سراقة : >... فناديتهم بالأمان، فوقفوا، فركبت فرسي حتى جئتهم. ووقع في نفسي حين لقيت ما لقيت من الحبس عنهم أن اللّه سيظهر أمر رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ، فقلت له : إن قومك قد جعلوا فيك الديَّة. وأخبرتهم أخبار ما يريد الناس بهم، وعرضت عليهم الزاد والمتاع، فلم يَرزَآني، ولم يسألاني إلا أن قال : اخف عنّا. فسألته أن يكتب لي كتاب أمن، فأمر عامر بن فهيرة فكتب في رقعة من أدم، ثم مضى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم <(1).
وللأستاذ محمد صبيح كلام مضطرب في موضوع كتابة القرآن المكي، ولأهميته ينقله الباحث بطوله حيث يقول : >ولكننا نقلب ما بين أيدينا من مراجع لكي نظفر بصورة دقيقة واضحة عن طريقة كتابة الوحي في الفترة المكية التي استمرت نحو ثلاثة عشر عاماً فلا نكاد نظفر بشيء يستحق الذكر ... حقيقة كان هؤلاء الصحابة الذين ذكرنا ـ أبو بكر وعمر وعثمان وعلي والزبير ـ بجوار النبي، بعضهم منذ الدقيقة الأولى والبعض أسلم بعد سنين، ولكن وجودهم لا يدل على أنهم كانوا يقومون بمهمة تدوين القرآن في الفترة المكية ... وذلك أن هذه الفترة كانت فترة اضطراب عنيف في حياة الإسلام، فقد كان معتنقوه قلة قليلة جداً تعد بالعشرات وكانت قريش تلاحقهم بأذاها المتصل وتضيق عليهم الخناق، فهل يمكن أن نفرض وجود نظام ثابت لتدوين الوحي في هذه الفترة.
وإذن فنحن لا نستطيع أن نجزم بأن القرآن لم يدون في الفترة المكية، ولكنا على ثقة من أن وسيلة العلم المؤكد لدينا بنبأ هذا الموضوع ليست ميسورةً ولا هي ممكنةً ... وعلى هذا فإنا نلجأ إلى بعض الفروض، ونستند إلى إشارات خفيفة مفرقة في بعض المراجع<(1).
ثم يضيف في موضع آخر : >أن النصوص التي بين أيدينا لا تقطع بأن القرآن كان يدون في العهد المكي ... فقد استمر الوحي ينزل على رسول اللّه عشر سنين في هذه الفترة، ولم تكن ظروف النبي في مكة لتسمح له بحالة من الاستقرار تساعد على التنظيم المنتظم، وكل ما رجحناه هو أن صحفاً معينةً كانت تكتب من القرآن ويتداولها المسلمون سراً، ليتدارسوها في بيوتهم، بعيداً عن أعين قريش وعن أذاها المتصل<(2).
ففي قصة سراقة هذه تفنيد ودحض لما ذهب إليه الكاتب من أن الظروف الصعبة في مكة والملاحقة المستمرة لم تكن لتسمحا للمسلمين بكتابة القرآن ! فمما لا ريب فيه أن ظروف النبي صلى الله عليه وسلم في مكة كانت أحسن مما كانت عليه لحظة الخروج من بيته متوجهاً صوب المدينة، والملاحقة كانت في أوجها وبشكل أعنف مما كانت عليه خلال السنوات الثلاث عشر التي قضاها النبي صلى الله عليه وسلم وصحبه في مكة، لأن العصبة الماسكة بزمام الأمور كانت تعتبر خروج الرسول صلى الله عليه وسلم من مكة تهديداً صارخاً لمصالحها ولأمنها، لذا أعلنت الجوائز والمكافآت للإتيان بالنبي صلى الله عليه وسلم حيّاً كان أو ميتاً، ولكن رغم ذلك وكما يتبين من الرواية الصحيحة الصريحة لم يهمل النبي صلى الله عليه وسلم أدوات الكتابة تحسباً لنزول القرآن عليه في أثناء الهجرة. فهل يصح بعد هذا كله أن يدَّعي أحد أن الظروف الصعبة والملاحقة المستمرة وقفتا مانعتين من كتابة القرآن في مكة لذا كان الاعتماد على الحفظ فقط ؟!
6. وضع الآيات في أماكنها
قوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه الإمام أحمد وأصحاب السنن الثلاثة وصححه ابن حبان والحاكم من حديث عبد اللّه بن عباس عن عثمان بن عفان قال : >كان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم مما يأتي عليه الزمان ينزل عليه من السور ذوات العدد، فكان إذا نزل عليه الشيء يدعو من يكتب عنده فيقول : ضعوا هذا في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا ...< الحديث(1).
يمكن الاستدلال بالحديث على أن القرآن المنزل كان كله مكتوباً ـ مكيه ومدينه ـ وإلا فكيف يقول الرسول صلى الله عليه وسلم ضعوا هذا في الموضع الفلاني، ولا يعقل أن يدعي أحد أن هذا كان المقصود به القرآن المدني دون المكي. ويتضح هذا أكثر إذا ما علمنا أن هناك سوراً عديدةً نزلت في مكة، وبعد عشر سنوات أو أكثر نزلت آيات منها في المدينة كسورة الأعراف وسورة الأنعام(2) وغيرها كثير. ففي المدينة عندما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يأمرهم بقوله : >ضعوا هذا في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا ...< معناه : أن السور المكية كلها وليس بعضها كانت مكتوبة ومعلومة أماكنها للكتبة من الصحابة وغيرهم.
فإن قيل إن القرآن المكي قد تمت كتابته في المدينة بعدما استقر المقام برسول اللّه صلى الله عليه وسلم هناك، وبعدما كثرت الكتابة وكثر عدد الكتاب من المسلمين واستقر شأنهم. فالجواب أن هذا لم يثبت ولم ينقله أحد ولو بطريق ضعيف، بل لم يقل به أحد. مع العلم أن سيرة النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة قد نقلها الصحابة كاملةً واضحةً تمام الوضوح حتى أبسط دقائق وجزئيات حياته صلى الله عليه وسلم ، فقد كان الصحابة حريصين كل الحرص على نقل كل شيء من سيرته صلى الله عليه وسلم . إذن فكيف يعقل أن يأمر النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة بكتابة ذلك الزخم الكبير من الآيات والسور التي تعادل ثلثي القرآن ولا ينقلها أحد من الصحابة ! فلو حدث ذلك لكان من الأمور التي يذكرها مؤرخو السيرة النبوية ضمن أعماله صلى الله عليه وسلم التي قام بها في المدينة، ولكن لم يحدث ذلك مما يدل على أن القرآن المكي كان كله مكتوباً، فيأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بوضع الآيات المدنية في السور المكية التي كتبت في مكة.
7. جمع أبي بكر للقرآن
ومما يدل دلالةً واضحةً على أن القرآن المكي كله كان قد كتب في مكة، أنه لم يذكر أحد لا من المتقدمين ولا من المتأخرين أن الجمع في عهد أبي بكر رضي اللّه عنه إنما كان نسخاً ونقلاً لما في صدور وصحف الصحابة التي كتبت بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم بالنسبة للقرآن المدني، أما المكي فقد تم الاعتماد في نسخه ونقله على ما في صدور الحفاظ فقط، لأنه لم يكن مكتوباً. بل المعروف والثابت أن النسخ والنقل كان لما في الصدور والسطور بالنسبة لكل القرآن الكريم مكيه ومدنيه وبدون استثناء، ففي البخاري عن زيد بن ثابت : >لما نسخنا الصحف في المصاحف ...<(1). ومعلوم أن زيد بن ثابت ومن معه لم يكونوا يقبلون من أحد شيئاً إلا إذا شهد اثنان من المسلمين على أن المكتوب الذي معه قد كتب بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم وذلك بموجب الدستور الذي وضعه أبو بكر الصديق رضي اللّه عنه في جمع القرآن، فقد جاء في الحديث أن أبا بكر قال لعمر وزيد اقعدا على باب المسجد فمن جاءكما بشاهدين على شيء من كتاب اللّه فاكتباه. يقول الحافظ العسقلاني : >وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم أذن في كتابة القرآن ونهى أن يكتب معه غيره، فلم يأمر أبو بكر إلا بكتابة ما كان مكتوباً، ولذلك توقف ـ زيد ـ عن كتابة الآية من آخر سورة براءة حتى وجدها مكتوبةً، مع أنه كان يستحضرها هو ومن ذكر معه<(2). ويضيف في موضع آخر : >وكان غرضهم أن لا يكتب إلا من عين ما كتب بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم لا من مجرد الحفظ<(3). فذلك يدل على أن القرآن المكي كان كله مكتوباً. وقد سبق أن احتمال كتابة القرآن المكي في المدينة بعد الهجرة النبوية أمر مرفوض وغير صحيح ولم يثبت ولو بطريق ضعيف.
8. زخم القرآن المكي
ينضاف إلى كل ما سبق أنه لا يعقل أن يتم إهمال القرآن المكي من دون كتابة، هذا إذا ما علم أنه يمثل ثلثي القرآن الكريم، وهو ما يعادل أكثر من ثمانين سورة ـ ثلاث وثمانين وقيل : خمس وثمانين،(4) أو ست وثمانين سورة ولا يظن ظان أن أغلب سور القرآن المكي من السور القصار وعليه لا يشكل زخما كبيراً، لأنه وكما سبق أنه يمثل ثلثي القرآن الكريم، وهناك الكثير من السور الطوال ضمن القرآن المكي أمثال : (سورة الأعراف وهي أطول السور المكية وثالثة السور القرآنية طولاً)(1)، إضافةً إلى ذلك فإن ثلاثة من السور الطوال السبع مكيات(2).
ومعلوم أن هناك إجماعاً على أن النبي صلى الله عليه وسلم ما لحق بالرفيق الأعلى إلا والقرآن الكريم كله مكتوب في الصحف والرقاع من دون فرق بين المكي منه والمدني ولكنه لم يكن مجموعاً في مصحف واحد، وهو ما قام به زيد بن ثابت بأمر من خليفة المسلمين أبي بكر رضي اللّه عنه. وبمراجعة أي كتاب أو أي نص يجد الباحث التأكيد على أن جمع القرآن في عهد أبي بكر رضي اللّه عنه إنما كان بمثابة نسخ ونقل لما كتب بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم بيد أنه لم يكن مجموعاً في مكان واحد وإنما كان مفرقاً في الصحف.
ومع كل ما سبق فقد ساهمت ظروف الدعوة في مكة، وكذا تركيز مؤرخي السيرة على جوانب فقط من العهد المكي، مثل ما كان يتعرض له الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم وصحابته من سخرية واستهزاء ومضايقة، ومن ثم ثباتهم على إيمانهم ونحو ذلك من القضايا، أقول ساهم كل ذلك في إخفاء وحجب جوانب أو جزئيات كثيرة من سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم ومن ذلك مسألة كتابة القرآن المكي. وعليه فإن اهتمام المؤرخين لم يتجه صوب هذه المسألة الحساسة، إما لأن الموضوع كان من البديهي عندهم بحيث لم يكن هناك من داع للخوض فيه إلى أن جاء المستشرقون وطرحوا بعض الشبهات والشكوك في هذا المجال، مما حدا ببعض الباحثين المعاصرين للرد على ما صدر منهم. أو أنه كان هناك غموض في جوانب من سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم في مكة، فقفز عليه المؤرخون وكثير ممن كتبوا في الموضوع، ولا سيما في العصر الحالي وهو أمر محتمل، فاكتفوا بترديد ما قاله العلماء القدامى في مجال جمع القرآن الكريم ولا سيما في العهد المدني، وهو ما يعنونون له في الكتب بجمع القرآن في العهد المدني.
(1) القرآن الكريم دراسة لتصحيح الأخطاء الواردة في الموسوعة الإسلامية، ص 60.
(2) الرازي : ضياء الدين عمر : مفاتيح الغيب، (د. م : دار الفكر، ط 3، 1985م) مج 10، ج 165/19.
(1) سورة القيامة 18/.
(2) ابن قتيبة، عبد اللّه بن مسلم : رسالة الخط والقلم، تحقيق : حاتم صالح الضامن، (بيروت : مؤسسة الرسالة، ط 2، 1989م) ص 29.
(3) دراز، محمد عبد اللّه : النبأ العظيم : نظرات جديدة في القرآن، تخريج وتعليق : عبد الحميد أحمد الدخاخني، (مصر : دار المرابطين، ط 1، 1997م) ص 6.
(4) الصالح، صبحي : مباحث في علوم القرآن، (بيروت : دار العلم للملايين، ط 18، 1990م) ص 17.
(5) الزرقاني، محمد عبد العظيم : مناهل العرفان في علوم القرآن، تصحيح : أمين سليم الكردي، (بيروت : دار إحياء التراث العربي، ط 2، 1998م) ج 173/1.
(6) الزركشي، محمد بن عبد اللّه : البرهان في علوم القرآن، تحقيق : محمد أبو الفضل إبراهيم، (بيروت : دار المعرفة، د. ط، 1391هـ) ج 239/1.
(1) عبيدات، محمود سالم : دراسات في علوم القرآن، (د. م : دار عمار، ط 1، 1990م) ص 117.
(2) سورة الحجر 9/.
(3) سورة الأعلى 6/.
(1) القلقشندي : صبح الأعشى، ج 51/1. وانظر : ابن قتيبة : رسالة الخط والقلم، ص 23-22. وابن سيده، علي بن إسماعيل : المحكم والمحيط الأعظم في اللغة، تحقيق : مراد كامل، (د. م : جامعة الدول العربية، معهد المخطوطات، ط 1، 1972م) ج 482/6.
(2) الزركشي : البرهان، ج 232/1.
(3) فقد أوصلهم العراقي إلى اثنين وأربعين كاتباً. أنظر : الكتاني : التراتيب الإدارية، ج 117-116/1. وابن القيم : زاد المعاد في هدي خير العباد، مج 117/1. وابن منظور : مختصر تاريخ دمشق لابن عساكر، ج 347-331/2. وابن عبد ربه : العقد الفريد، ج 8/1. والحلبي : السيرة الحلبية، ج 423-422/3. والنسائي : فضائل القرآن، ص 75-74. وعيسى : كتاب الوحي، ص 71-61. والأعظمي : كتاب النبي، ص 115-25.
(4) القطان : مناع : تاريخ التشريع الإسلامي، (القاهرة : مكتبة وهبة، ط 4، 1989م) ص 105.
(1) القرآن الكريم دراسة، ص 60.
(1) شاهين : تاريخ القرآن، ص 67.
(2) عبد الباقي، محمد فؤاد : المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم، (بيروت : دار الفكر، ط 4، 1997م) ص 756-751.
(3) والزبور : (الكتب، واحدها زبور، وقد كانت العرب على معرفة بها حيث يقول امرؤ القيس :
أتَت حِجَجْ بعدي عليها فأصبَحَتْ كخَطّ زَبُورٍ في صحائفِ رهبانِ). ابن قتيبة : رسالة الخط والقلم، ص 24-23.
(1) شاهين : تاريخ القرآن، ص 67.
(2) الآيات الأولى من سورة العلق هي أول ما نزلت من القرآن الكريم على أرجح الأقوال. انظر : البخاري : الجامع الصحيح، ج 1894/3. والحاكم النيسابوري، محمد بن عبد اللّه : المستدرك على الصحيحين، تحقيق : مصطفى عبد القادر عطا، (بيروت : دار الكتب العلمية، ط 1، 1990م) ج 576/2، وابن حنبل، أحمد : مرويات الإمام أحمد في التفسير، مج 370/4. والسيوطي، جلال الدين : الدر المنثور في التفسير بالمأثور، (بيروت : دار الفكر، ط 3، 1990م) مج 561/8. والشافعي، محمد بن إدريس : أحكام القرآن، تحقيق : عبد الغني عبد الخالق، (بيروت : دار الكتب العلمية، د. ط، 1400 هـ) ج 7/2.
(3) سورة العلق 5-1/.
(4) سورة القلم 2-1/.
(5) الخالدي، صلاح عبد الفتاح : هذا القرآن، (عمان : دار المنار، ط 1، 1993م) ص 26.
(6) القلقشندي : صبح الأعشى، ج 35/1.
(1) عفيفي، فوزي سالم : نشأة وتطور الكتابة الخطية المصرية، ص 205.
(2) الزمخشري، محمود بن عمر : الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل، تحقيق : عبد الرزاق المهدي، (بيروت : دار إحياء التراث العربي، ط 1، 1997م)، ج 782-781/4. وانظر : القرطبي الجامع لأحكام القرآن، ج 120/20. والشوكاني : فتح القدير، ج 468/5.
(3) علي، جواد : تاريخ العرب في الإسلام، ص 15.
(4) سورة عبس 13-11/.
(5) ابن سيده : المحكم والمحيط في اللغة، ج 115/3.
(1) العسقلاني، أحمد ابن حجر : فتح الباري في شرح صحيح البخاري، تحقيق : محي الدين الخطيب، (بيروت : دار المعرفة، د. ط. 1981م) ج 18/9.
(2) صبيح : بحث جديد عن القرآن الكريم، ص 71.
(3) الزمخشري : الكشاف، ج 788/4.
(4) الآلوسي : روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني، (د. م : دار إحياء التراث العربي، د. ط. ت) ج 42/30.
(5) ابن الجوزي، عبد الرحمن بن علي : زاد المسير في علم التفسير، (د. م : المكتب الإسلامي، ط 3، 1984م)، ص 29.
(6) الرازي : مفاتيح الغيب، مج 59/16.
(7) سورة البينة 2/.
(8) العسقلاني : فتح الباري، مج 13/9.
(1) سورة الفرقان 5/.
(2) الفيروزآبادي، محمد بن يعقوب : بصائر ذوي التمييز، تحقيق : محمد علي النجار، (بيروت : المكتبة العلمية، د. ط. ت) ج 330/4.
(3) معجم ألفاظ القرآن الكريم : مراجعة : محمد عبد العزيز القلماوي ومحمد أحمد سعد الألفي، (د. م : مجمع اللغة العربية - الإدارة العامة للمعجمات وإحياء التراث العربي، د. ط، 1990م) ج 949/2.
(4) الرازي : مفاتيح الغيب، مج 12، ج 51/24.
(5) الزمخشري : الكشاف، ج 269/3.
(6) العمادي، أبو السعود : إرشاد العقل السليم إلى مزايا القرآن الكريم، (بيروت : دار إحياء التراث العربي، د. ت. ط) ج 203/6.
(1) وكان من الكتبة في قريش، ويقال أنه هو الذي كتب صحيفة قريش في مقاطعة قريش لبني هاشم. سبقت الإشارة إليه.
(2) ابن هشام : السيرة النبوية، ج 358/1، سورة الفرقان 6-5.
(3) سورة الإسراء، 93-90.
(4) انظر سبب نزول الآية : الزمخشري : الكشاف، ج 649/2. والرازي : مفاتيح الغيب، مج 11، ج 21، ص 59.
(1) سورة الطور 3-2/.
(2) معجم ألفاظ القرآن الكريم، ج 511/1.
(3) الصولي : أدب الكتاب، ص 120.
(4) سورة الأنبياء 104/.
(5) الفيروزآبادي : بصائر ذوي التمييز، ج 192/3. وانظر : الرازي : مفاتيح الغيب، مج 11، ج 228/22.
(6) الواحدي، علي بن أحمد : الوجيز في تفسير الكتاب العزيز، تحقيق : صفوان عدنان داوودي، (بيروت : دار القلم، ودمشق : الدار الشامية، ط 1، 1415 هـ) ج 725/2.
(7) السجستاني، محمد بن عزيز : كتاب غريب القرآن، تحقيق : محمد أديب عبد الواحد جمران، (د. م : دار قتيبة، ط 1، 1995م) ص 282-281. وانظر : الطبري : تفسير الطبري، ج 100/17.
(8) الزمخشري : الكشاف، ج 138/3.
(9) الشوكاني : فتح القدير، ج 429/3.
(1) سورة الأنعام 7/.
(2) دروزة : القرآن المجيد، ص 77.
(3) ابن قتيبة : رسالة الخط والقلم، ص 25.
(4) رضا، محمد رشيد : تفسير المنار، (بيروت : دار الفكر، ط 2، 1973م) ج 311/7.
(5) السمين الحلبي، أبو العباس بن يوسف محمد : الدر المصون في علوم الكتاب المكنون، تحقيق : علي محمد معوض وعادل أحمد عبد الموجود وجاد مخلوف وزكريا عبد المجيد النوتي، ـبيروت : دار الكتاب العلمية، ط 1، 1994م) ج 13/3.
(6) المصري، عبد الرؤوف : معجم القرآن، (بيروت : دار السرور، ط 2، 1948م) ص 117.
(1) سورة الواقعة 79/77.
(2) انظر : ابن هشام : السيرة النبوية، ج 367-365/1.
(3) دروزة : القرآن المجيد، ص 98-97.
(4) الزمخشري : الكشاف، ج 467/4.
(1) الجصاص، أحمد بن علي : أحكام القرآن، تحقيق محمد الصادق قمحاوي، بيروت، دار إحياء التراث العربي، د. ط، 1405م، ج 5/300.
(1) انظر تفاصيل القصة في : ابن الأثير : الكامل في التاريخ، مج 313/2. والأنصاري، أبو عبد اللّه محمد بن علي : كتاب النبي الأمي ورسله إلى ملوك الأرض من عرب وعجمي، (حيدر آباد : دائرة المعارف العثمانية، ط 1، 1976م) ج 189/1. والتلمساني، أبو الحسن علي بن محمد : كتاب تخريج الدلالات السمعية، تحقيق : أحمد محمد أبو سلامة، (القاهرة : لجنة إحياء التراث العربي، د. ط، 1985م) ص 167. والبلاذري، أحمد بن يحيى : أنساب الأشراف، تحقيق : محمد حميد اللّه، (القاهرة : دار المعارف، ط 3، 1987م) ج 532-531/1. والفراء، أبي زكريا يحيى بن زياد : معاني القرآن، تحقيق : أحمد يوسف نجاتي ومحمد علي النجار، (د. م : الهيئة المصرية العامة للكتاب، ط 2، 1980م) ج 344/1. والسيوطي : الدر المنثور في التفسير بالمأثور، ج 55/3.
(2) الطبري : جامع البيان، ج 273/7.
(1) وانظر : ابن كثير، إسماعيل بن عمر : فضائل القرآن، تحقيق : سعيد عبد المجيد محمود، (د. م : دار الحديث، د. ط. ت) ص 54. والعسقلاني، ابن حجر : فضائل الـقرآن، مـراجعة وشـرح : السيد الجميلي، (د. م : دار الهلال، ط 1، 1986م) ص 48-47.
(2) العسقلاني : فتح الباري، مج 22/9. وانظر : البلاذري : فتوح البلدان، ص 458.
(3) العسقلاني : فتح الباري، مج 22/9.
(4) انظـر : الحـلبي : السيرة الحلبية، ج 422/3. وأبو شهبة، محمد : المدخل لدراسة القرآن الكريم، (الرياض : دار اللواء، ط 3، 1987م) ص 338. وأبو الفضل، مير محمدي : بحوث في تاريخ القرآن وعلومه، (بيروت : دار التعارف، د. ط، 1980م) ص 120-118. والحمد : رسم المصحف، ص 97-96. وقاموس القرآن الكريم : إعداد نخبة من العلماء، (الكويت : مؤسسة الكويت للتقدم العلمي، ط 1، 1992م) ص 46.
(1) راميار : تاريخ قرآن، ص 65. وانظر : العك، خالد بن عبد الرحمن : تاريخ توثيق نص القرآن الكريم، (دمشق : دار الفكر، ط 2، 1986م) ص 30-29.
(2) طاحون، أحمد بن محمد : مع القرآن الكريم، (د. م : مطابع أهرام الجيزة الكبرى، د. ط. ت) ص 28.
(3) ابن عبد البر : الاستيعاب، ج 421-420/2. والعسقلاني : الإصابة، ج 237/2.
(4) الأنصاري : كتاب النبي، ج 107/1.
(5) الأعظمي : كتاب النبي صلى الله عليه وسلم ، ص 53-52.
(6) الأنصاري : كتاب النبي، ج 129/1. والكتاني : التراتيب الإدارية، ج 118/1.
(1) دراز، محمد عبد اللّه، مدخل إلى القرآن الكريم، ترجمة : محمد عبد العظيم علي، (الكويت : دار القلم، د. ط، 1984م) ص 35-34. والصباغ، محمد لطفي : لمحات في علوم القرآن واتجاهات التفسير، (الكويت : المكتب الإسلامي، ط 3، 1990م) ص 102. وأبو سليمان، صابر حسن محمد : روائع البيان في علوم القرآن، (بيروت : المكتب الإسلامي، ط 1، 1988م) ص 23. وطعيمة، صابر : هذا القرآن قصة الذكر الحكيم، (بيروت : دار الجيل، ط 1، 1979م) ص 53.
(2) الفيومي، محمد شكري أحمد : قواعد الكتابة الإملائية نشأتها وتطورها، (دبي : دار القلم، ط 2، 1988م) ص 14.
(3) انظر مثلا : داود، أحمد محمد علي : علوم القرآن والحديث، (د. م. ن. ط. ت)، ص 47. والحسن، محمد علي : المنار في علوم القرآن، (عمان : مطبعة الشرق، ط 1، 1983م) ص 88. والإبراهيم، موسى إبراهيم : بحوث منهجية في علوم القرآن الكريم، (الأردن : دار عمار، ط 2، 1996م) 48-47. والقطان : مناع : مباحث في علوم القرآن، (القاهرة : دار غريب، ط 5، 1981م) ص 106.
(4) انظر : عبد العال : المستشرقون والقرآن، ص 24.
(1) ابن هشام : السيرة النبوية، ج 1/367-365. وانظر : ابن الأثير، عز الدين أبي الحسن : الكامل في التاريخ، (بيروت : دار صادر، د. ط، 1979م) مج 86-84/2. والذهبي، محمد بن أحمد : تاريخ الإسلام وطبـقات المـشاهير والأعلام، تحقيق : محمد محمود حمدان، (القاهرة : دار الكتاب المصري، وبيروت : دار الكتاب اللبناني، ط 1، 1991م) مج 30-28/1. البلاذري، أحمد بن يحيى : الشيخان أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وولدهما، تحقيق : إحسان صدقي العمد، (الكويت : مؤسسة الشراع الغربي، ط 1، 1989م) ص 143-135. وابن شبّه، أبو زيد عمر : تاريخ المدينة المنورة، تحقيق : فهيم محمد شلتوت، (د. م : دار التراث، الدار الإسلامية، ط 1، 1990م) ج 660-656/2. وابن حنبل، أحمد : فضائل الصحابة، تحقيق : وصي اللّه محمد عباس، (بيروت : مؤسسة الرسالة، ط 1، 1983م) ج 280/1. والسيوطي، جلال الدين : الخصائص الكبرى، (بيروت : دار الكتب العلمية، ط 1، 1985م) ج 223-219/1. والبيهقي، أحمد بن الحسين : دلائل النبوة ومعرفة أحوال صاحب الشريعة، تخريج : عبد المعطي قلعجي، (بيروت : دار الكتب العلمية، ط 1، 1985م) ص 221-215. وابن حبان : أبي حاتم البستي : السيرة النبوية وأخبار الخلفاء، تحقيق : عزيز بك، (د. م : مؤسسة الكتب الثقافية، ط 1، 1991م) ص 89-86. والسهيلي : الروض الأنف في شرح السيرة النبوية لابن هشام، ج 277-264/3. وابن كثير : البداية والنهاية، ج 81-79/3. والغزالي، محمد : فقه السيرة، تحقيق : محمد ناصر الدين الألباني، (القاهرة : دار الكتب الحديثة، ط 4، 1964م) ص 123-122.
(1) هيكل : الصديق أبو بكر، ص 309-308. وانظر : هيكل : حياة محمد، ص 33-32.
(2)السهيلي : الروض الأنف، مج 277/3.
(1) جيورجيو، كونستانس : نظرة جديدة في سيرة رسول اللّه، تعريب : محمد التونجي، (د. م : الدار العربية للموسوعات، ط 1، 1983م) ص 108.
(2) Montogomery Watt : Bellصs Introduction to the Qurصan, Edingburgh At the University Press, 1994, p. 37.
(3) خليفة، محمد : الاستشراق والقرآن العظيم، ترجمة : مروان عبد الصبور شاهين، مراجعة : عبد الصبور شاهين، (القاهرة : دار الاعتصام، ط 1، 1994م) ص 52، نقلاً عن ص 88، من : L ANE, E. W Selections form the Qurصan with an interwoven Commentary, James Madison, London, 1840.
إلا أن الباحث لم يجد القصة في المصادر الإسلامية القديمة التي تتحدث عن إسلام لبيد، لذا تم العزو فقط إلى المرجع الذي نقل منه الأستاذ محمد خليفة القصة. وأغلب المصادر التي اطلع عليها الباحث لا تذكر شيئاً عن إسلامه، ولكن هناك شواهد تؤيد هذه القصة منها ما عرف عن لبيد من معرفته للكتابة والقراءة وإجادته للشعر فقد كان من كبار الشعراء، وكما تمت الإشارة إلى أنه كان من عادته أن يكتب أشعاره ولا سيما أثناء المراسلات مع الشعراء الآخرين، وربما كانت القصيدة التي تمت الإشارة إليها من المعلقات السبع المشهورة في التاريخ الجاهلي.
(1) الكرماني : صحيح البخاري بشرح الكرماني، (بيروت : دار إحياء التراث العربي، ط 2، 1981م) ج 109/15 وما بعدها. والعسقلاني : فتح الباري، الحديث رقم : 3906، ج 239-238/7. وابن كثير، إسماعيل بن عمر : السيرة النبوية، تصحيح : أحمد عبد الشافي، (بيروت : دار الكتب العلمية، د. ط. ت) ج 370/1. وحميد اللّه، محمد : مجموعة الوثائق السياسية، ص 54. وابن هشام : السيرة النبوية، ج 490/1. والسهيلي : الروض الأنف، ج 187/4. وابن فهد، نجم عمر : إتحاف الورى بأخبار أم القرى، تحقيق : فهيم شلتوت، (القاهرة : مكتبة الخانجي، د. ط، 1983م) ج 370/1.
(1) صبيح : بحث جديد عن القرآن الكريم، ص 68.
(2) صبيح : بحث جديد عن القرآن الكريم، ص 167.
(1) العسقلاني : فتح الباري، مج 22/9. والزركشي : البرهان في علوم القرآن، ج 241/1.
(2) سورة الأعراف مكية إلا الآيات : 170-163. وسورة الأنعام مكية والآيات المدنية فيها : 20، 22، 91، 93، 114، 141، 151، 152. انظر : دروزة، محمد عزة : التفسير الحديث، (د. م : دار إحياء الكتب العربية، د. ط، 1962م) ج 113/2، وج 145/4.
(1) العسقلاني : فتح الباري، مج 518/8.
(2) العسقلاني : فتح الباري، مج 13/9، وص 15.
(3) المرجع السابق، مج 15/9. وانظر : أبو زهرة، محمد : المعجزة الكبرى، (د. م : دار الفكر العربي، د. ط. ت) ص 28. والغزالي، محمد : نظرات في القرآن، (القاهرة : دار الكتب الحديثة، ط 5، د. ت) ص 42.
(4) ابن الجوزي، عبد الرحمن بن علي : فنون الأفنان في عجائب علوم القرآن، تحقيق : رشيد عبد الرحمن العبيدي، (بغداد : المجمع العلمي العراقي، د. ط، 1988م) ص 185-184.
(1) دروزة : التفسير الحديث، ج 112/2.
(2) قال الزركشي : "وقد حكى عن سعيد بن جبير أنه عد السبع الطوال : البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، والأنعام، ويونس ـ مختلف فيها ـ". انظر : الزركشي : البرهان، ج 244/1.
المصدر
http://www.isesco.org.ma/arabe/publications/Quran/P4.php
 
جزاك الله خيرا أخانا زهير على هذا النقل الطيب
وهو فصل من كتاب:
كتابة القرآن الكريم في العهد المكي
تأليف : عبد الرحمن عمر محمد اسبينداري
نشر : المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة
والكتاب موجود على الشبكة ملف وورد
وهو على هذا الرابط لمن أحب أن يطلع عليه
www.saaid.net/book/9/2602.doc
 
في هذا البحث ثلاثة أمور :
الأول : كون قريش ( أو العرب ) كانت تعرف الكتابة ، وهذا أمر مفروغ منه ، ولا جدال فيه ، وليس محل نزاع .
الثاني : كونه يوجد قرآن مكتوب في مكة ، وهذا لا يزال محل بحث ونظر .
الثالث : عناية النبي صلى الله عليه وسلم بكتابة القرآن في مكة ، وهذه ليس هناك ما يسندها من الآثار .
والبحث المشارإليه فيه حشد كبير للآثار والأخبار ، وفي بعضها استدلال بها في غير محلها ـ كما أن بعضها ضعيف جدًا لا يصلح للاحتجاج ، كقوله : ( ومعلوم أن زيد بن ثابت ومن معه لم يكونوا يقبلون من أحد شيئاً إلا إذا شهد اثنان من المسلمين على أن المكتوب الذي معه قد كتب بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم وذلك بموجب الدستور الذي وضعه أبو بكر الصديق رضي اللّه عنه في جمع القرآن، فقد جاء في الحديث أن أبا بكر قال لعمر وزيد اقعدا على باب المسجد فمن جاءكما بشاهدين على شيء من كتاب اللّه فاكتباه ) .
ثم ماذا يضير نقل القرآن إذا كان القرآن المكي قد كُتب في المدينة ، وليس في مكة ؟!
أليس جبريل كان يعارض محمدًا صلى الله عليه وسلم بالقرآن كل سنة ؟!
أليس محمد صلى الله عليه وسلم يقرأ على الصحابة في صلواته وفي خطبه وفي غيرهما القرآن؛ مكيَّه ومدنيَّه ؟!
أليس الصحابة من الأنصار قد أخذوا القرآن المكي عن الصحابة المكيين لما قدموا إليهم ؟!
فماذا يضير بعدُ أن لا يكون القرآن قد كُتِب في مكة؟!
ثمَ إن ميزة الحفظ التي كانت تُعرف عند العرب مما يجب أن لا نغفل عنها؛ لأنها من أكبر مقومات حفظ القرآن ، وكان العرب يتميزون بذلك ، فكيف سيكون الحال مع الصحابة الذين يتلقون كتاب ربهم من فمِ نبيهم مباشرة بلا كتاب ، كما قال أبو وائل : (خطبنا بن مسعود فقال كيف تأمروني أقرأ على قراءة زيد بن ثابت بعدما قرأت من في رسول الله صلى الله عليه وسلم بضعا وسبعين سورة وإن زيدا مع الغلمان له ذؤابتان) . رواه النسائي في الكبرى ، ورواه غيره .
ولو جُمِعت الآثار التي فيها نص على تلقي القرآن من فيّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لوجِد عدد لا بأس به .
وإن كتابة المصحف ـ مع ما كان عند الصحابة من عناية بها ـ لا تعدل الحفظ أبدًا ، بل كان الحفظ هو الأصل ، ولم تكن المصاحف منتشرة كما نراه اليوم .
إن طعن المستشرقين الذي اعتمد عليه الباحث (عبد الرحمن عمر محمد اسبينداري ) لا يبيح لنا تجاوز التحقيق العلمي في تقويم المسائل ، وإني ألاحظ في كتابته إندفاعًا في الردِّ على مسائل لا تؤثر على نقل القرآن الكريم ، وما فعله ذلك إلا لأن المستشرقين تعرضوا لها ، وزعموا أنها طعون في نقل القرآن .
ثم كون بعض المكيين من الصحابة كان يكتب ، فإنه لا يمكن الجزم بأنهم كلهم تعلموا الكتابة في مكة .
وكم يفرحني وقوع هذا الانتقاد من الاخ ( محمد براء ) ، لأنها فرصة جيدة لمن يدرس طلاب الدراسات العليا ليجلُّوا هذه المسألة ، فهي ـ في نظري إلى الآن ـ تحتاج إلى مزيد بحث وتحرير .
 
التعديل الأخير:
الدكتور الفاضل مساعد الطيار حفظه الله :
تتميماً لما تفضلتم به :
إن صح ما قاله ابن عاشور في مقدمة تفسيره : " عَلَى ترتيبِ قراءَةِ النَّبِيِّ e في الصَّلَوَاتِ الجهرِيَّةِ وفي عديدِ المناسَبَاتِ حَفِظَ القُرآنَ كُلُّ مَن حَفِظَهُ كُلاًّ أو بعضَاً، وليسَ لهُم مُعتَمدٌ في ذلكَ إلا مَا عُرِفُوا به مِن قُوَّةِ الحَوَافِظِ(1) ، ولم يكونُوا يعتَمِدُونَ عَلَى الكِتَابَةِ، وإنَّمَا كانَ كُتَّابُ الوَحيِ يكتُبُونَ مَا أنزلَ منَ القُرآنِ بأمرِ النَّبِيِّ e ، وذَلِكَ بتوقِيفٍ إلهيٍّ . ولعلَّ حكمَةَ الأمرِ بالكِتَابَةِ أن يرجعَ إليها المسلمُونَ عندما يحدُثُ لَهُم شَكٌّ أو نِسيانٌ ولكنَّ ذَلِكَ لم يَقَع " .
فإن مسألة ثبوت كتابة القرآن سواء في مكة أو المدينة تصبح مسألة تاريخية لا تأثير لها على حفظ الله تعالى لكتابه ، بحيث لو فُرض أنه لم يثبت خبرٌ قطُّ في أن القرآن كان يكتب في مكة أو في المدينة لما كان ذلك خارماً في حفظ الله تعالى لكتابه ، لأن الاعتماد في الحفظ لم يكن على الكتابة وإنما على قوة الحوافظ لدى أصحاب النبي صل1 .
فما رأيكم بكلام ابن عاشور ؟
وبالاستنتاج الذي استنتجته منه ؟
________________
(1) أخرج ابن جرير في تفسيره (15132) عن قتادة أن موسى عليه السلام لما أخذ الألواح قال : " ربِّ إنِّي أجدُ في الألواحِ أُمَّةً أناجيلُهم في صُدُورهم يقرأونَهَا ، وكان من قبلَهُم يقرأُون كِتَابهم نَظَرًا ، حتى إذا رَفَعُوها لم يحفَظُوا شيئًا، ولم يعرِفُوه .
- قال قتادة : وإن الله أعطاكم أيَّتُها الأمةُ من الحفظِ شيئًا لم يُعطِهِ أحدًا من الأُمم - .
قال موسى : ربِّ اجعلهم أمتي ! قال الله : تلك أُمَّةُ أحمَد !
 
موضوع قيم

موضوع قيم

موضوع مهم يجتذب المؤرخين والمتخصصين في علوم القرآن والتدوين.
ليس لدينا نصوص قطعية تحسم الأمر في هذه المسألة شأن كثير من القضايا، وليس لنا إلا التخمين.
لكن ما يجعلنا نميل إلى أن قسطا كبيرا من القرآن المكي قد كتب قبل الهجرة أمور من أهمها أن الكتابة
كانت في أهل مكة وأن الأسرى قد طلب إليهم أن يعلموا الكتابة لأبناء الأنصار. وإن ضُعفت هذه الرواية.
وأن لدينا نصوصا صحيحة تثبت أنهم كانوا يتدارسون القرآن على صحائف كما حصل لفاطمة بنت الخطاب وزوجها سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل، فهذه حادثة لا يكون تعميمها خطأً في الاستقراء لأنها مما يمكن
حصوله ومما يترجح معها كتابة أكثر القرآن المكي.
لكن ثم أمورا لا ينبغي إغفالها أبدا منها أن الخطّ العربي كان ضعيفا فيه 17 رمزا لـ33 صوتاً ولم يتطور ليصبح
قادرا على نقل النص بنفسه إلا بعد قرن تقريباً. بل كان في عصر النبي صل1 والخلقاء الراشدين رضي الله عنهم مساعدا للحفظ.
ومع ذلك يظل للكتابة قيمة فمساعدة الحفظ أمر ليس بالقليل ولا سيّما في ترتيب الآيات في أماكنها .

وأما قول ابن حجر إن ابن أبي سرح كان مما يكتب في مكة فأمر فيه نظر. إذ يبدو أنه كان يكتب في المدينة
وهذا معنى قولهم فلحق بالكفار. والله أعلم​
 
وأما قول ابن حجر إن ابن أبي سرح كان مما يكتب في مكة فأمر فيه نظر. إذ يبدو أنه كان يكتب في المدينة

وهذا معنى قولهم فلحق بالكفار. والله أعلم​

بن أبي السرح أسلم قبل الفتح ولهذا يستبعد أنه كان يكتب الوحي في مكة وهو كافر​
 
استفسار وإن تأخر لفضيلة الدكتور مسلم الطيار بخصوص عدم الكتابة في مكة

استفسار وإن تأخر لفضيلة الدكتور مسلم الطيار بخصوص عدم الكتابة في مكة

أولاً أعتذر إن كانت هذه المداخلة متأخرة نظراً لأن الموضوع مر عليه وقت طويل، ولكنني لم أكن أتابع هذا الملتقى منذ سنوات، ورأيت الموضوع خلال الأيام السابقة وبما أن الموضوع ما يزال يقرأ على الملتقى فأردت أن أشارك فيه، وأوجه أستفسارا لفضيلة الدكتور مساعد الطيار فضلاً عن تعليق بسيط لكلامه مع كل الاحترام والتقدير له ولمن شارك في المناقشة هذه.
ثانياً: دخلت المنتدى بهذا الإسم مع أنني مسجل باسمي ولقبي (عبدالرحمن اسبينداري) ولكنني لم أتمكن من فتحه بكل الطرق فأضطررت أن أفتح حساب آخر على الملتقى الذي هو هذا.
ثالثاً: استغربت جدا من التعميم الذي استعمله الدكتور في أكثر من موضع وهو يعلق على بحثي (كتابة القرآن الكريم في العهد المكي)، سواء ما تعلق بالبحث نفسه، أو بمسألة عناية النبي صلى الله عليه وسلم بكتابة القرآن الكريم في العهد المكي عامة.
والذي أريد أن أبينه هنا مسألة واحدة فقط وهي نفي الدكتور لعناية النبي صلى الله عليه وسلم بمسألة الكتابة بأسلوب غير علمي بقوله: (عناية النبي صلى الله عليه وسلم بكتابة القرآن في مكة، وهذه ليس هناك ما يسندها من الآثار).
ولن أكرر هنا كثير من الأدلة التي استشهدت بها في البحث، ولكن فقط أريد الوقوف على دليل واحد استشهدت به في البحث على مدى عناية النبي صلى الله عليه وسلم بكتابة القرآن الكريم في العهد المكي، وهو: كتاب الأمان لسراقة.
فلا أدري كيف نفهم حمل النبي صلى الله عليه وسلم لأدوات الكتابة معه في الهجرة، وقد خرج من داره وأهل مكة كلهم يطاردونه، ويعلنون الجوائز للقبض عليه حياً أو ميتاً...ما الذي يدفع بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى أن يحمل معه أدوات الكتابة فضلا عن وجود شخصين معه وهما أبو بكر وعامر بن فهيرة وهما من الكتاب المعروفين. أليس هذا دليلا على أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ تلك الأدوات توقعا لنزول الوحي...
ولا أعتقد أن بإمكان أحد أن ينكر هذه القصة لأنها صحيحة....والأمر الغريب الذي قاله الدكتور بأنني قد تجاوزت التحقيق العلمي في تقويم المسائل وبأنه لاحظ إندفاعاً عندي في الرد على المستشرقين...فلا أدري كيف أباح الدكتور لنفسه في كتابه المحرر في علوم القرآن أن يقرر وبأسلوب قطعي وبدون أن يستند ولو على دليل ضعيف أن يقرر أن النبي قد كتب كل ما نزل عليه من القرآن في مكة بالمدينة بقوله: "ولما انتقل النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، وكان الأمر قد آل إليه، وقد بدأ بتنظيم المجتمع الإسلامي، كان مما اعتنى به كتابة القرآن، فكتب ما نزل عليه بمكة، وإذا نزل عليه شيء من القرآن بالمدينة كتبه". ينظر: الطيار، مساعد بن سليمان بن ناصر: المحرر في علوم القرآن، (جدة: مركز الدراسات والمعلومات القرآنية بمعهد الإمام الشاطبي، ط2، 1429هــ 2008م)، ص105.
فيا حبذا لو جاء الدكتور ولو بدليل ضعيف يثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قد كتب القرآن المكي في المدينة...ومعلوم أن الصحابة رضوان الله عليهم قد نقلوا الأحداث في المدينة بشكل واضح بل نقلوا مسائل بسيطة جدا قام بها النبي صلى الله عليه وسلم، فكيف لا يقوم أحدهم بنقل هذه الحادثة الكبيرة وهي مسألة كتابة أكثر من ثلثي القرآن الكريم في المدينة...وقد قلنا سابقا أنه لم ينقل أحد من الصحابة مسألة كتابة النبي صلى الله عليه وسلم لما نزل في مكة في المدينة، وذلك لأنه كان مكتوبا في مكة، وذكرنا أقوال العلماء في الكيفية التي تم بها نقل المكتوب في مكة إلى المدينة ولا سيما في بيعة العقبة والتفاصيل موجودة في الكتاب ولا داعي لذكرها من جديد.
ومع تقديري لفضيلة الدكتور ولكنني أعتقد أن الدكتور لم يكن موفقا فيما قاله بخصوص كتابة القرآن الكريم في العهد المكي من جانب، ومن جانب آخر فإن نفي الأمور بهذا التعميم أو إثباتها فيه تجاوز للتحقيق العلمي.

د. عبدالرحمن عمر اسبينداري/كوردستان العراق
 
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه
يقول الحق سبحانه وتعالى : {وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ }[العنكبوت:48]
هذه الآية الكريمة تقسم حال الرسول صلى الله عليه وسلم مع الوحي إلى مرحلتين :
المرحلة الأولى : مرحلة الأمية : لا علاقة للرسول صلى الله عليه وسلم بتلاوة أي كتاب سماوي ولا بكتابته .
ونذكر نموذجا من الذين يكتبون (ورقة بن نوفل) : " وكان امرأً تنصر في الجاهلية، وكان يكتب الكتاب العبراني، فيكتب من الإنجيل بالعبرانية ما شاء الله أن يكتب "​
المرحلة الثانية : مرحلة الوحي ، فبها أصبح الرسول صلى الله عليه وسلم يعلم ما علمه الله عن طريق الوحي من أخبار الأمم السابقة ، والأنبياء والرسل والكتب .
كما أنه صلى الله عليه وسلم أصبح يتحكم في عملية تدوين الوحي عن طريق كتاب الوحي في مكة أولا ثم في المدينة ثانيا بعد هجرته صلى الله عليه وسلم ، هؤلاء الكتبة الذين أصبحوا يمين الرسول صلى الله عليه وسلم في كتابة الوحي . حيث كان يشرف على هذه العملية بنفسه : " كان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم مما يأتي عليه الزمان ينزل عليه من السور ذوات العدد، فكان إذا نزل عليه الشيء يدعو من يكتب عنده فيقول : ضعوا هذا في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا ..."
وهذا يؤكد أن عملية تلاوة القرآن وحفظه في الصدور وكتابته كانت عملية واحدة لا انفصال فيها . لأن الله هيأ لها أسبابها : من نزول الوحي وتيسيره للحفظ ، كما هيأ للقرآن كتبة يكتبونه منذ اللحظة الأولى . وقصة إسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه أكبر دليل على وجود الكتابة في العهد المكي .
والله أعلم وأحكم
 
عودة
أعلى