ناصر عبد الغفور
Member
بسم الله الرحمن الرحيم
هل كان أبو إبراهيم عليه السلام مؤمنا؟
من الفروق التي ذكرت بين الأب والوالد أن الأب أوسع من الوالد، فوالد الرجل من أنجبه، أما الأب فقد يقصد به الوالد أو الجد وإن علا، بل وقد يقصد به العم.
ومن حججهم قوله تعالى:" قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ"،فذكروا إسماعيل ضمن الآباء.
وقوله تعالى:" قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ (75) أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ (76)": أراد به آباؤهم وأجدادهم...
ومن هنا ذهب البعض إلى أن أبا إبراهيم كان مؤمنا وأن الكلام في القرآن الكريم لم يكن بخصوص والده وإنما بخصوص عمه آزر.
وهذا الرأي غير سديد وذلك لعدة أسباب:
1- سياق الكلام وأسلوب الحوار، كما في سورة مريم:" وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا (41) إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا (42) يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا (43) يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا (44) يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا (45)".
فانظر إلى هذا التلطف في الحوار: يا أبت...: فهنا لا ينازع عاقل أن المقصود أبوه الذي أنجبه لا عمه أو جده. لأن هذه المبالغة في التلطف وخفظ الجناح والخضوع لا تكن إلا مع الوالد غالبا.
2- هب أن ما ذكروه من الفرق بين الأب والوالد صحيح، فإن الألفاظ تفسر بالمشهور المتداول وليس بالغريب الشاذ. كما نبه عليه إمام المفسرين في تفسيره:"وتأويل كتاب الله على الأغلب من معروف كلام العرب، دون غيره.". اهـــ.
3- ورد في صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه:"يلقى إبراهيم أباه آزر يوم القيامة و على وجه آزر قترة و غبرة فيقول له إبراهيم : ألم أقل لك لا تعصني ؟ فيقول أبوه : فاليوم لا أعصيك فيقول إبراهيم : يا رب ! إنك وعدتني أن لا تخزيني يوم يبعثون و أي خزي أخزى من أبي الأبعد ؟ فيقول الله : إني حرمت الجنة على الكافرين فيقال : يا إبراهيم ! انظر ما بين رجليك ! فينظر فإذا هو بذيخ ملتطخ فيؤخذ بقوائمه فيلقى في النار.".
قال الحافظ ابن حجر:"وقيل الحكمة في مسخه ضبعا أن الضبع من أحمق الحيوان وآزر كان من أحمق البشر لأنه بعد أن ظهر له من ولده من الآيات البينات أصر على الكفر حتى مات واقتصر في مسخه على هذا الحيوان لأنه وسط في التشويه بالنسبة إلى ما دونه كالكلب والخنزير وإلى ما فوقه كالأسد مثلا ولأن إبراهيم بالغ في الخضوع له وخفض الجناح فأبى واستكبر وأصر على الكفر فعومل بصفة الذل يوم القيامة.". اهــــــــ.
فهذا الحافظ يتكلم عن الحديث انطالاقا من الحقيقة الواضحة التي هي ظاهر القرآن الكريم وسنة خير المرسلين من أن أبا إبراهيم إنما هو والده الذي أنجبه لا غيره.
4- أن هذا القول لم يثبت عن أحد من السلف، فقد ذهب ابن عباس رضي الله عنه
وغير واحد من علماء النسب إلى أنا أبا إبراهيم عليه السلام
كان إسمه تارح وأن آزر إسم الصنم، وهذا يعني أن الحوار إنما كان بين الخليل ووالده.
وما أحسن ما قاله الحافظ ابن كثير رحمه الله
تعالى في توجيه الخطاب بآزر مع أنه اسم الصنم:" قلت: كأنه غلب عليه آزر لخدمته ذلك الصنم".اهــــ.
أما ابن جرير الطبري رحمه الله
تعالى فقد رجح أن يكون آزر اسم أبيه، ثم أجاب بأنه قد يكون له اسمان، كما لكثير من الناس، أو يكون أحدهما لقبا، قال الحافظ معلقا:"وهذا الذي قاله جيد قوي، والله أعلم.".اهــــ.
والله أعلم وأحكم ونسبة العلم إليه أسلم.
هل كان أبو إبراهيم عليه السلام مؤمنا؟
من الفروق التي ذكرت بين الأب والوالد أن الأب أوسع من الوالد، فوالد الرجل من أنجبه، أما الأب فقد يقصد به الوالد أو الجد وإن علا، بل وقد يقصد به العم.
ومن حججهم قوله تعالى:" قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ"،فذكروا إسماعيل ضمن الآباء.
وقوله تعالى:" قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ (75) أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ (76)": أراد به آباؤهم وأجدادهم...
ومن هنا ذهب البعض إلى أن أبا إبراهيم كان مؤمنا وأن الكلام في القرآن الكريم لم يكن بخصوص والده وإنما بخصوص عمه آزر.
وهذا الرأي غير سديد وذلك لعدة أسباب:
1- سياق الكلام وأسلوب الحوار، كما في سورة مريم:" وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا (41) إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا (42) يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا (43) يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا (44) يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا (45)".
فانظر إلى هذا التلطف في الحوار: يا أبت...: فهنا لا ينازع عاقل أن المقصود أبوه الذي أنجبه لا عمه أو جده. لأن هذه المبالغة في التلطف وخفظ الجناح والخضوع لا تكن إلا مع الوالد غالبا.
2- هب أن ما ذكروه من الفرق بين الأب والوالد صحيح، فإن الألفاظ تفسر بالمشهور المتداول وليس بالغريب الشاذ. كما نبه عليه إمام المفسرين في تفسيره:"وتأويل كتاب الله على الأغلب من معروف كلام العرب، دون غيره.". اهـــ.
3- ورد في صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه:"يلقى إبراهيم أباه آزر يوم القيامة و على وجه آزر قترة و غبرة فيقول له إبراهيم : ألم أقل لك لا تعصني ؟ فيقول أبوه : فاليوم لا أعصيك فيقول إبراهيم : يا رب ! إنك وعدتني أن لا تخزيني يوم يبعثون و أي خزي أخزى من أبي الأبعد ؟ فيقول الله : إني حرمت الجنة على الكافرين فيقال : يا إبراهيم ! انظر ما بين رجليك ! فينظر فإذا هو بذيخ ملتطخ فيؤخذ بقوائمه فيلقى في النار.".
قال الحافظ ابن حجر:"وقيل الحكمة في مسخه ضبعا أن الضبع من أحمق الحيوان وآزر كان من أحمق البشر لأنه بعد أن ظهر له من ولده من الآيات البينات أصر على الكفر حتى مات واقتصر في مسخه على هذا الحيوان لأنه وسط في التشويه بالنسبة إلى ما دونه كالكلب والخنزير وإلى ما فوقه كالأسد مثلا ولأن إبراهيم بالغ في الخضوع له وخفض الجناح فأبى واستكبر وأصر على الكفر فعومل بصفة الذل يوم القيامة.". اهــــــــ.
فهذا الحافظ يتكلم عن الحديث انطالاقا من الحقيقة الواضحة التي هي ظاهر القرآن الكريم وسنة خير المرسلين من أن أبا إبراهيم إنما هو والده الذي أنجبه لا غيره.
4- أن هذا القول لم يثبت عن أحد من السلف، فقد ذهب ابن عباس رضي الله عنه
وما أحسن ما قاله الحافظ ابن كثير رحمه الله
أما ابن جرير الطبري رحمه الله
والله أعلم وأحكم ونسبة العلم إليه أسلم.