جزاك الله خيراً
نعم لاشك أن هناك احتمالاً ووجهاً مقبولاً في التفسير بهذا ، لكنني -من وجهة نظري- أظن أننا نحتاج إلى بحث ودراسة مطولة للحديث قبل القطع به ، وأهل الحديث أعرف بهذا من إسناد وروايات ومتون إلى آخره.
وهذا رابط يستحق الإطلاع:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=16015
فلست أظن أننا ينبغي أن نبحث عن الحديث الذي يفسر القرآن الكريم قبل أن نبحث في القرآن الكريم. ثم نتوجه إلى الحديث فيكون فهمنا له صحيحاً..
ولا أريد الخروج عن الموضوع حقيقةً..
وعلى سبيل المثال فقوله (وبرزت) فيه إشارة إلى التخويف والتهديد ، وهذا لا يتفق مع رؤية المؤمن لمقعده من النار وما نجا منه لأن هذا تطمين وليس تخويفاً.
وهذا يؤكده قوله تعالى: (وأزلفت الجنة للمتقين * وبرزت الجحيم للغاوين) فهنا نرى التقابل بين
تقريب الجنة و
إبراز النار ومافي الأول من بشارة والآخر من تخويف وتهديد.
وهناك وجه آخر يحتمله قوله تعالى: (وبرزت الجحيم لمن يرى) ، فهناك من يحشر أعمى يوم القيامة:
(وَمَن كَانَ فِي هَٰذِهِ
أَعْمَىٰ فَهُوَ
فِي الْآخِرَةِ أَعْمَىٰ وَأَضَلُّ سَبِيلًا)
(وَمَن يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ ۖ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِهِ ۖ
وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَىٰ وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا ۖ مَّأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ ۖ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا)
فيظهر والله أعلم أن هناك من هو أعمى في الآخرة وأبكم وأصم ، وفي الآية الآخرى:
(
قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَىٰ وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا)
فهنا هو أعمى لكنه ليس أبكماً لأنه يتكلم. وشواهد حديث وسماع أهل النار كثيرة. فمن هذا والله أعلم نستنتج أن هناك من هو أعمى وأصم وأبكم ، وهناك من هو أعمى فقط وليس أبكماً ، فيمكن أن نستنتج أن هناك من ليس بأعمى ولا أصم ولا أبكم من أهل النار أيضاً.
فقد يكون قوله تعالى: (لمن يرى) تخصيص لهؤلاء الصنف من أهل النار.
و نجد في سورة الشعراء التي جاء فيها ذكر قوله تعالى: (وبرزت الجحيم للغاوين)
أصنافاً أخرى من أهل النار وهم الذين يدعونهم من دون الله ، وجنود إبليس ، وإبليس أيضاً ، والغاوون.
ويظهر والله أعلم أن هناك صنفاً من الذين أسرفوا على أنفسهم ينجيهم الله بتقواهم ، والتقوى قد تكون بشق تمرة ؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (اتقوا النار ولو بشق تمرة) فيمكن أن يكون من هؤلاء من حصل منهم أنه اتقى النار بمثل هذا القدر أو أكثر، فيرون النار ثم ينجيهم الله منها ، نقرأ في سورة مريم:
(رَّبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ ۚ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا (65) وَيَقُولُ الْإِنسَانُ أَإِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا (66) أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا (67)
فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا (68) ثُمَّ لَنَنزِعَنَّ مِن كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَٰنِ عِتِيًّا (69) ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَىٰ بِهَا صِلِيًّا (70) وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا ۚ كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ حَتْمًا مَّقْضِيًّا (71)
ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوا وَّنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا (72)
فنرى هنا من عبد مع الله غيره وظن أن له شريكاً (فاعبده واصطبر لعبادته هل تعلم له سمياً) ، وإنكار الإنسان للبعث وعدم تذكره أن الله عزوجل خلقه من العدم. فظن أن ما يدعوه من دون الله مثيل لله ، شريك لله في خلقه - والله عز وجل هو من خلق الإنسان من عدم- (
وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ ۖ) ، وهؤلاء الشركاء زعموا أن لا بعث (
وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَمَا ظَنَنتُمْ أَن لَّن يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَدًا) في سورة الجن.
وهؤلاء هم الغاوون الذين يُسألون أين ما كنتم تدعون من دون الله؟ (وَقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ تَعْبُدُونَ ﴿92﴾ مِن دُونِ اللَّهِ هَلْ يَنصُرُونَكُمْ أَوْ يَنتَصِرُونَ) الشعراء.
ثم نرى (لنحشرنهم والشياطين) صنفان ، ثم (من كل شيعة) أصناف متعددة أيضاً ضمن الصنفين ، (أيهم أشد على الرحمن عتياً) فهذا إبليس وأعوانه والله أعلم ومن بلغ مبالغ في الكفر والإضلال والظلم. ثم ينجي الله الذين اتقوا ويَذر الظالمين. فهنا مقابلة بين من
استمرأ الظلم تماماً ومن
اتقى الظلم وقد يكون ذلك بشق تمرة (اتقوا النار ولو بشق تمرة).
فنجاة هؤلاء الغاوين هي بترك الظلم.
وفي ختام سورة الشعراء:
(
وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ (224) أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ (225) وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ (226) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانتَصَرُوا مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُوا ۗ
وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ (227)
وقد يقول قائل إن القول بأن هناك من هو أعمى وغير ذلك هو في الحشر.
وهذا دقيق ، ولا أعرف له جواباً ، لذلك فما ذكرته هنا هو وجه محتمل يحتاج إلى كثير من البحث.
والله تعالى أعلم ،
والحمد لله رب العالمين.