هل قال أحدٌ بقول الشيخ الشعراوي رحمه الله في تفسير قصة آدم مع إبليس؟

إنضم
21/12/2009
المشاركات
16
مستوى التفاعل
0
النقاط
1
الإقامة
قطر
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعد:
فقد وقفْتُ على كلامٍ للشيخ الشعراوي رحمه الله في تفسير قصّة آدم في سورة البقرة، وأعجبني جدّاً، فبحثْتُ عن قائلٍ قبله أو بعده، فلم أظفَرْ به. وكلامُه هذا يوافقُ ظاهرَ القرآن، ويوافقُ ظاهرَ حديث موسى مع آدم عليها السلام في الصحيح.
وقبل أن أتبنّى هذا الرأي، فإني أطرحه هنا لأستفيد من شيوخي الأفاضل. والسؤال يدور حولَ جوازِ تبنّي هذا القول؛ بغضّ النظر عن قائلِه أو عن أيّ مسألةٍ أخرى.
قال الشيخ الشعراوي رحمه الله: (بعد أن خلق الله سبحانه وتعالى آدم وأمر الملائكة أن تسجد له وحدث كفر إبليس ومعصيته أراد الله جل جلاله أن يمارس آدم مهمته على الأرض . ولكنه قبل أن يمارس مهمته أدخله الله في تجربة عملية عن المنهج الذي سيتبعه الإنسان في الأرض ، وعن الغواية التي سيتعرض لها من إبليس . فالله سبحانه وتعالى رحمة منه لم يشأ أن يبدأ آدم مهمته في الوجود على أساس نظري ، لأن هناك فرقا بين الكلام النظري والتجربة...) إلى أن قال: (بعض الناس يقول : أنها جنة الخلد التي سيدخل فيها المؤمنون في الآخرة . وبعضهم قال : لولا أن آدم عصى لكنا نعيش في الجنة . نقول لهم لا . . جنة الآخرة هي للآخرة ولا يعيش فيها إنسان فترة من الوقت ثم بعد ذلك يطرد منها بل هي كما أخبرنا الله تعالى جنة الخلد . . كل من دخلها عاش في نعيم أبدي .
إذن فما هي الجنة التي عاش فيها آدم وحواء؟ هذه الجنة هي جنة التجربة أو المكان الذي تمت فيه تجربة تطبيق المنهج...) ثم قال بعدها بصفحة أو صفحتين: (ليست جنة الخلد وإنما هي جنة سيمارس فيها تجربة تطبيق المنهج . ولذلك لا يقال : كيف دخل إبليس الجنة بعد أن عصى وكفر ، لأن هذه ليست جنة الخلد ولابد أن تنتبه إلى ذلك جيدا حتى لا يقال أن معصية آدم هي التي أخرجت البشر من الجنة . لأن الله تعالى قبل أن يخلق آدم حدد مهمته فقال : { وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأرض خَلِيفَةً } [ البقرة : 30 ]
فآدم مخلوق للخلافة في الأرض ومن صلح من ذريته يدخل جنة الخلد في الآخرة ، ومن دخل جنة الخلد عاش في النعيم خالدا...) إلى أن قال: (جعلهما الله سبحانه وتعالى يمران بتجربة عملية بالنسبة لتطبيق المنهج وبالنسبة لإغواء الشيطان . وحذرهما بأن الشيطان عدو لهما).

وسؤالي: لماذا لم يلتفت أهل التفسير إلى هذه الآية الصريحة (إني جاعل في الأرض)، وهذا قبل الوقوع في المعصية؟
فأطلب من أساتذتي العلمَ والبيان...وأجزل الله لهم المثوبة والأجر...
 

القول بأن الجنة التي أدخلها آدم وزوجه ليست جنة الخلد نسبه الثعلبي في تفسيره للقدريَّة ويقصد بهم المعتزلة، وليس كل القدرية يقولون بهذا القول ، وإنما نسب هذا القول للجبائي وأبي القاسم البلخي وأبي مسلم الأصبهاني ، ومن المعتزلة من يقول بقول السلف في هذه الآية كأبي عيسى الرماني وواصل بن عطاء وعمرو بن عبيد.

والثعلبي رد هذا القول وأنكره، ورده أيضاً أبو المظفر السمعاني وشيخ الإسلام ابن تيمية بل نقل الإجماع على بطلانه
قال شيخ الإسلام: ((والجنة التي أسكنها آدم وزوجه عند سلف الأمة وأهل السنة والجماعة: هي جنة الخلد، ومن قال : إنها جنةٌ في الأرض بأرض الهند أو بأرض جدة أو غير ذلك فهو من المتفلسفة والملحدين أو من إخوانهم المتكلمين المبتدعين فإن هذا يقوله من يقوله من المتفلسفة والمعتزلة . والكتاب والسنة يردان هذا القول وسلف الأمة وأئمتها متفقون على بطلان هذا القول).

ومن أكثر من أطال في بحث هذه المسألة ومناقشة الأدلة والأقوال فيها ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابيه حادي الأرواح ومفتاح دار السعادة.
فلو أن أحداً نشط لتلخيص كلامه وعرضه هنا فهو نافع قيم.
 
مجمل لا يمكن الفصل فيه

مجمل لا يمكن الفصل فيه

شكرا للإخوة الكرام الأخ المري والأخ الداخل

اقُتبس كلام شيخ الإسلام هنا على حدته

ومن الواضح أن المسألة مما يمكن فيه الاجتهاد وأن لا قول من القولين مما يليق أن يسلك في ضمن الخلاف الفرقي

ويبدو كلام الشيخ الشعراوي معقولا جدا متفقا مع تناسق النصوص المتعددة مع بعضها

وما أرى كتاب حادي الأرواح بما ضم من أحاديث ضعيفة وحطب الليل مما يمكن أن يفصل القول في المسألة.

والجنة التي جرى فيها امتحان آدم وحواء بشجرة معرفة الخير من الشر[التوراة:سفر التكوين] هي جنة في منطقة اسمها عدن تقع بين دجلة والفرات، قرب آشور ، ومن الاشتراك بين اسمها (عدن) وبين قوله تعالى (جنات عدن) قال بعض من سلف إنها هي جنة الخلد
وليس في هذا دلالة لجواز الاشتراك ولأن التوراة ليست بحجة في ذاتها وإن كانت قد حوت القصة بتفصيل أكثر ولقوله صلى الله عليه وسلم وحدثوا عن بني إسرئيل ولا حرج.أقول إن الاشتراك في اسم (عدن بين جنة الخلد القرآنية وجنة آدم في عدن التوراتية) يجعل الآية من المجمل الذي لا قرينة ترجح أحد وجهيه على الآخر إلا بطرح تفسير لا يعتمد المفردة ويتجاهل الاشتراك في الاسم من أجل تعليل أكثر معقولية واتفاقا مع مجموع النصوص ومقاصد الدين وهو ما فعله الشيخ الشعراوي وما أحسب الشيوخ والمتكلمين الذين أورد الأخ عبدالعزيز أسماءهم قد قالوا به.
فلا شك أن كلام الشعراوي الذي أورده الأخ المري يكتسب قوته من عدة وجوه وردت في تضاعيف تعليلاته.
 
السلام عليكم

بارك الله فيكم ونفع بكم ....
كنت حائرة جدا في إجابة هذا السؤال ..كيف قال الله تعالى ((إني جاعل في الأرض خليفة ....)) والمعصية لم تحدث بعد ....
كلام الشيخ الشعراوي مقنع جدا ،بارك الله فيكم وفتح عليكم ...........
 
أدلة من قال بقول الشعراوي رحمه الله

أدلة من قال بقول الشعراوي رحمه الله

قال بن القيم في مفتاح دار السعادة :
"....فإن قيل ما ذكرتموه من هذه الوجوه وأمثالها إنما يتم إذا قيل إن الجنة التي اسكنها آدم وأهبط منها جنة الخلد التي أعدت للمتقين والمؤمنين يوم القيامة وحينئذ يظهر سر اهبطاه وإخراجه منها ولكن قد قالت طائفة منهم أبو مسلم ومنذر بن سعيد البلوطي وغيرهما أنها إنما كانت جنة في الأرض في موضع عال منها لا أنها جنة المأوى التي أعدها الله لعباده المؤمنين يوم القيامة وذكر منذر بن سعيد هذا القول في تفسيره عن جماعة فقال وأما قوله لآدم اسكن أنت وزوجك الجنة فقالت طائفة اسكن الله تعالى آدم صلى الله عليه و سلم جنة الخلد التي يدخلها المؤمنون يوم القيامة وقال آخرون هي جنة غيرها جعلها الله له وأسكنه إياها ليست جنة الخلد قال وهذا قول تكثر الدلائل الشاهدة له والموجبة للقول به لان :
1. الجنة التي تدخل بعد القيامة هي من حيز الآخرة وفي اليوم الأخر تدخل ولم يأت بعد.
2. وقد وصفها الله تعالى لنا في كتابه بصفاتها ومحال إن يصف الله شيئا بصفة ثم يكون ذلك الشيء بغير تلك الصفة التي وصفها به والقول بهذا دافع لما اخبر الله به قالوا:
· وجدنا الله تبارك وتعالى وصف الجنة التي أعدت للمتقين بعد قيام القيامة بدار المقامة ولم يقم آدم فيها.
· ووصفها بأنها جنة الخلد ولم يخلد آدم فيها.
· ووصفها بأنها دار جزاء ولم يقل إنها دار ابتلاء وقد ابتلى آدم فيها بالمعصية والفتنة
· ووصفها بأنها ليس فيها حزن وأن الداخلين إليها يقولون الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن وقد حزن فيها آدم.
· ووجدناه سماها دار السلام ولم يسلم فيها آدم من الآفات التي تكون في الدنيا.
· وسماها دار القرار ولم يستقر فيها آدم.
· وقال فيمن يدخلها وما هم منها بمخرجين وقد اخرج منها آدم بمعصيته.
· وقال لا يمسهم فيها نصب وقد ند آدم فيها هاربا فارا عند إصابته المعصية وطفق يخصف ورق الجنة على نفسه وهذا النصب بعينه الذي نفاه الله عنها.
· وأخبر انه لا يسمع فيها لغو ولا تأثيم وقد أثم فيها آدم واسمع فيها ما هو اكبر من اللغو وهو انه أمر فيها بمعصية ربه وأخبر أنه لا يسمع فيها لغو ولا كذب وقد اسمعه فيها إبليس الكذب وغره وقاسمه عليه أيضا بعد أن اسمعه إياه.
· وقد شرب آدم من شرابها الذي سماه في كتابه شرابا طهورا أي مطهرا من جميع الآفات المذمومة وآدم لم يطهر من تلك الآفات.
· وسماها الله تعالى مقعد صدق وقد كذب إبليس فيها آدم ومقعد الصدق لا كذب فيه.
· وعليون لم يكن فيه استحالة قط ولا تبديل ولا يكون بإجماع المصلين والجنة في أعلى عليين والله تعالى إنما قال إني جاعل في الأرض خليفة ولم يقل إني جاعله في جنة الماوى فقالت الملائكة "أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء "والملائكة اتقى لله من أن تقول مالا تعلم وهم القائلون لا علم لنا إلا ما علمتنا وفي هذا دلالة على أن الله قد كان أعلمهم أن بني آدم سيفسدون في الأرض وإلا فكيف كانوا يقولون مالا يعلمون والله تعالى يقول وقوله الحق : "لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعلمون "والملائكة لا تقول ولا تعمل إلا بما تؤمر به لا غير قال الله تعالى ويفعلون ما يؤمرون.
· والله تعالى أخبرنا أن إبليس قال لآدم "هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى " فإن كان قد اسكنه الله جنة الخلد والملك الذي لا يبلى فكيف لم يرد عليه نصيحته ويكذبه في قول فيقول وكيف تدلني على شيء أنا فيه قد أعطيته واخترته بل كيف لم يحث التراب في وجهه ويسبه لان إبليس لئن كان يكون بهذا الكلام مغويا له إنما كان يكون زاريا عليه لأنه إنما وعده على معصية ربه بما كان فيه لا زائدا عليه ومثل هذا لا يخاطب به إلا المجانين الذين لا يعقلون لان العوض الذي وعده به بمعصية ربه قد كان أحرزه وهو الخلد والملك الذي لا يبلى ولم يخبر الله آدم إذ اسكنه الجنة انه فيها من الخالدين ولو كان فيها من الخالدين لما ركن إلى قول إبليس ولا قبل نصيحته ولكنه لما كان في غير دار خلود غره بما أطمعه فيه من الخلد فقبل منه ولو اخبر الله آدم انه في دار الخلد ثم شك في خبر ربه لسماه كافرا ولما سماه عاصيا لان من شك في خبر الله فهو كافر ومن فعل غير ما أمره الله به وهو معتقد للتصديق بخبر ربه فهو عاص وإنما سمى الله آدم عاصيا ولم يسمه كافرا.
· قالوا فإن كان آدم اسكن جنة الخلد وهي دار القدس التي لا يدخلها إلا طاهر مقدس فكيف توصل إليها إبليس الرجس النجس الملعون المذموم المدحور حتى فتن فيها آدم.
· وإبليس فاسق قد فسق عن أمر ربه وليست جنة الخلد دار الفاسقين ولا يدخلها فاسق البتة إنما هي دار المتقين وإبليس غير تقي فبعد أن قيل له "اهبط منها فما يكون لك أن تتكبر فيها" أنفسح له أن يرقى إلى جنة المأوى فوق السماء السابعة بعد السخط والإبعاد له بالعتو والاستكبار هذا مضاد لقوله تعالى "اهبط منها فما يكون لك أن تتكبر فيها" فإن كانت مخاطبته آدم بما خاطبه به وقاسمه عليه ليس تكبرا فليس تعقل العرب التي أنزل القرآن بلسانها ما التكبر ولعل من ضعفت رويته وقصر بحثه أن يقول :إن إبليس لم يصل إليها ولكن وسوسته وصلت فهذا قول يشبه قائله ويشاكل معتقده وقول الله تعالى حكم بيننا وبينه وقوله تعالى : "وقاسمهما" يرد ما قال لأن المقاسمة ليست وسوسة ولكنها مخاطبة ومشافهة ولا تكون إلا من اثنين شاهدين غير غائبين ولا أحدهما ، ومما يدل على أن وسوسته كانت مخاطبة قول الله تعالى :" فوسوس إليه الشيطان قال يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى" فأخبر أنه قال له ودل ذلك على أنه إنما وسوس إليه مخاطبة لا انه أوقع ذلك في نفسه بلا مقاولة فمن ادعى على الظاهر تأويلا ولم يقم عليه دليلا لم يجب قبول قوله وعلى أن الوسوسة قد تكون كلاما مسموعا أو صوتا قال رؤبة:
وسوس يدعو مخلصا رب الفلق ... وقال الأعشى:
تسمع للحلي وسواسا إذا انصرفت ... كما استعان بريح كشرق زجل.

· قالوا وفي قول إبليس لهما ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة دليل على مشاهدته لهما وللشجرة ولما كان آدم خارجا من الجنة وغير ساكن فيها قال الله : "الم أنهكما عن تلكما الشجرة" ولم يقل : "عن هذه الشجرة" كما قال له إبليس لان آدم لم يكن حينئذ في الجنة ولا مشاهدا للشجرة .
· مع قوله عز و جل : "إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه" فقد اخبر سبحانه خبرا محكما غير مشتبه انه لا يصعد إليه إلا كلم طيب وعمل صالح وهذا مما قدمنا ذكره انه لا يلج المقدس المطهر إلا مقدس مطهر طيب ومعاذ الله أن تكون وسوسة إبليس مقدسة أو طاهرة أو خيرا بل هي شر كلها وظلمة وخبث ورجس تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا وكما أن أعمال الكافرين لا تلج القدس الطاهر ولا تصل إليه لأنها خبيثة غير طيبة كذلك لا تصل ولم تصل وسوسة إبليس ولا ولجت القدس قال تعالى كلا إن كتاب الفجار لفي سجين.
· وقد روى عن النبي صلى الله عليه و سلم أن آدم نام في جنته وجنة الخلد لا نوم فيها بإجماع من المسلمين لان النوم وفاة وقد نطق به القرآن والوفاة تقلب حال ودار السلام مسلمة من تقلب الأحوال والنائم ميت أو كالميت.
· قالوا وقد روى عنه صلى الله عليه و سلم انه قال لأم حارثة لما قالت له يا رسول الله إن حارثة قتل معك فإن كان صار إلى الجنة صبرت واحتسبت وان كان صار إلى ما سوى ذلك رأيت ما أفعل فقال لها رسول الله صلى الله عليه و سلم أو جنة واحدة هي إنما هي جنان كثيرة فاخبر صلى الله عليه و سلم أن لله جنات كثيرة فلعل آدم اسكنه الله جنة من جنانه ليست هي جنة الخلد.
· قالوا وقد جاء في بعض الأخبار أن جنة آدم كانت بأرض الهند قالوا وهذا وإن كان لا يصححه رواة الأخبار ونقلة الآثار فالذي تقبله الألباب ويشهد له ظاهر الكتاب أن جنة آدم ليست جنة الخلد ولا دار البقاء.
· وكيف يجوز أن يكون الله أسكن آدم جنة الخلد ليكون فيها من الخالدين وهو قائل للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة .
· وكيف اخبر الملائكة انه يريد أن يجعل في الأرض خليفة ثم يسكنه دار الخلود ودار الخلود لا يدخلها إلا من يخلد فيها كما سميت بدار الخلود فقد سماها الله بالأسماء التي تقدم ذكرنا لها تسمية مطلقة لا خصوص فيها فإذا قيل للجنة دار الخلد لم يجزان ينقص مسمى هذا الاسم بحال.
فهذا بعض ما احتج به القائلون بهذا المذهب وعلى هذا فإسكان آدم وذريته في هذه الجنة لا ينافي كونهم في دار الابتلاء والامتحان وحينئذ كانت تلك الوجوه والفوائد التي ذكرتموها ممكنة الحصول في الجنة .
يتبع جواب بن القيم إن شاء الله تعالى
 
بارك الله فيك أبا سعد الغامدي ،
ولي كلام من تفسيري " من تفصيل الكتاب وبيان القرآن " حول الموضوع برمته سأنشره مساء الغد إن شاء الله
وإنما أخرته لأنه من مواضع شتى من التفسير ، ولمراجعته بعد ناشئة الليل وخلاصته :
ـ أن الله لم يجب دعوة إبليس إلى الإنظار بعد كفره واستكباره عن الطاعة بالسجود وهيهات كما في قوله تعالى " وما دعاء الكافرين إلا في ضلال " وإنما كان إبليس من المنظرين مثل السامري الدجال ويحيى بن زكريا وغيرهم .
ـ أن الجنة ليست هي جنة الخلد الموعودة المحرمة على الكفار والمستكرين
ـ أن الخليفة الذي أخبر الله به ملائكته في الذكر الحكيم كما في قوله تعالى " وإذ قال ربك للملئكة " ليس هو آدم الذي لم يسفك دما قط ولم يفسد في الأرض وليس هو بنو آدم الذين جعلهم ربنا خلفاء في الأرض يخلف بعضهم بعضا والذين كان منهم النبيون والصديقون ومن لم يعصوا الله في الدنيا كعيسى ابن مريم أي هم أبعد الناس من الاتصاف بسفك الدماء بل هو خليفة منتظر لم يأت بعد وله الملك في الأرض بالتسخير والآيات الخارقة للتخويف والقضاء .
ـ أن الملئكة لم تعترض على وعد الله بل كان قولهم " أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ..." من العبودية الكاملة التي وصفهم الله بها في قوله " لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون "
ـ وأظن ظنا وما أنا بمستيقن بل أحسب أن هذه الثورات العربية هي إرهاصات نفاذ ذلك الوعد وأن ما تقدم من سفك الدماء والإفساد في الأرض في سوريا واليمن ...لا يزال بسيطا وسيأتي أسوأ منه من بعض المتمكنين الذين سيفسدون في الأرض ويسفكون الدماء ويقطّعون أرحامهم أولئك المنافقون هم الموصوفون بقوله " فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطّعوا أرحامكم " ومن المثاني معه قوله " وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد " في خطاب المنافقين الذين سيتولون أي يصبحون ولاة .
والله الموفق والمستعان
 
ـ أن الله لم يجب دعوة إبليس إلى الإنظار بعد كفره واستكباره عن الطاعة بالسجود وهيهات كما في قوله تعالى " وما دعاء الكافرين إلا في ضلال " وإنما كان إبليس من المنظرين مثل السامري الدجال ويحيى بن زكريا وغيرهم .

شَكَر الله تعالى لشيخِنا الكريم الحَسَـن بن ماديك , ولي إليه سؤال عن قوله تعالى (إنَّكَ من المُنظَرينَ إلَى يومِ الوقتِ المعلُومِ) أليسَ إجابةً واضحةً لطلَبِ إبليسَ (أَنظِرنِي إلَى يومِ يُبعَثُـونَ) خصوصاً أنَّ غايةَ الإنظَار واحدةٌ في الطلَب والإجابة.؟
 
شيخنا محمود الشنقيطي سلّمك الله :

إبليس من المنظرين

إن الله لم يجب دعاء إبليس إلى الإنظار كما في قوله  قال رب فأنظرني إلى يوم يبعثون  الحجر 36 سورة ص 79 ومن المثاني معه قوله  قال أنظرني إلى يوم يبعثون  الأعراف 14 وقوله  لئن أخرتن إلى يوم القيامة  الإسراء 62 بل كان إبليس كما في قوله  وكان من الكافرين  البقرة 34 وسورة ص 74 والله لا يجيب دعاء الكافرين أبدا كما في قوله  وما دعاء الكافرين إلا في ضلال  الرعد 14 غافر 50 لكن الله أخبر أن إبليس من المنظرين كما في قوله  قال فإنك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم  الحجر 37 ـ 38 وسورة ص 80 ـ 81 ومن المثاني معه قوله  قال إنك من المنظرين  الأعراف 15 وقوله  قال اذهب  الإسراء 63 أي أخر عنه الموت كغيره من المنظرين .
وإبليس من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم وهو في الدنيا قبل يوم الدين يوم القيامة الذي طلب الإنظار أي تأخير موته إليه ويوم يموت إبليس معلوم للناس جميعا غير مجهول ألا ترى أن حرف الحجر وحرف سورة ص قد تضمنا قوله  قال فإنك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم  وتضمن حرف الأعراف  قال إنك من المنظرين  ولم يقل بعده إلى يوم الوقت المعلوم إذ قال الله قبله قوله  فاخرج إنك من الصاغرين  الأعراف 13 ، ولقد تضمن القرآن أن الصاغرين هم المجرمون الذين لن يؤمنوا بالآيات الخارقة للتخويف والقضاء الموعودة كما يأتي بيانه في كلية الآيات فالذين سيتكبرون عنها هم الموصوفون بقوله  سيصيب الذين أجرموا صغار عند الله وعذاب شديد بما يمكرون  الأنعام 124 يعني في فجر ليلة القدر كما بينت وهي ليلة معلومة وأجل مسمى كما بينت في كلية النصر في ليلة القدر .

السامري من المنظرين وهو الدجال المنتظر

وإن السامري الدجال كذلك من المنظرين لقوله  قال فاذهب فإن لك في الحياة أن تقول لا مساس وإن لك موعدا لن تخلفه  سورة طـه 97 من قول موسى ومن أعلم من موسى الذي كلمه ربه وآتاه التوراة ـ بخبر السامري ـ ويعني قول موسى أن السامري منظر لن يموت في عهده وإلا لقتله موسى بيده ولا يخفى أن موسى أمر بقتل عبدة العجل كما في قوله  وإذ قال موسى لقومه يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم  البقرة 54 .
وقوله  قال فاذهب فإن لك  في خطاب السامري من المثاني مع قوله  قال اذهب فمن تبعك منهم  في خطاب إبليس لدلالة كل منهما على الإنظار أي أن العقاب أخر عن كل منهما .
وقوله  فإن لك في الحياة  يعني أن إنظاره هو إلى آخر الحياة وهي أعم من حياة السامري لو لم يكن من المنظرين وكما في الحديث الصحيح "إن يكن هو فلن تسلط عليه " قاله النبي صلى الله عليه وسلم لعمر لما أراد قتل ابن صياد ظنا منه أنه هو الدجال .
وقوله  أن تقول لا مساس  دليل على أنه يسجن في حيث لا يمسه أحد ولا يمس هو أحدا في سجنه ذلك كما في الأحاديث النبوية .
وقوله  وإن لك موعدا لن تخلفه  دليل آخر على الإنظار وأن موعده متأخر عن موسى وإلا لقتله موسى ولكن موعده هو خروجه في آخر هذه الأمة ليعيث فيها فسادا أربعين يوما ثم ينزل الله عيسى ابن مريم فيقتله في باب لد كما أخبر خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم في بيان موعد لن يخلفه السامري الدجال بعد خروجه من سجنه ، والعجيب أن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينكر حياة الدجال لما أخبر عن ابن صياد في المدينة وإنما ذهب ليراه ولو لم يكن الدجال حيا آنذاك لأخبرهم أنه لم يولد بعد .
إن فتنة السامري الدجال في قوم موسى بعده قبل رجوعه بالتوراة ستتكرر ولم تنقض برجوع موسى وذلك قول موسى  إن هي إلا فتنتك تضل بها من تشاء وتهدي من تشاء  الأعراف 146 أي بعد أن أخذت الرجفة سبعين رجلا من خيار قوم موسى الذين اعتذروا وتابوا من عبادة قومهم العجل وكان ذلك بعد قول موسى  فاذهب فإن لك في الحياة أن تقول لا مساس وإن لك موعدا لن تخلفه  سورة طـه 97 ولو كانت فتنة السامري قد انقضت بذلك لما قال موسى بعد أن أخذت الرجفة قومه مناجيا ربه قوله  إن هي إلا فتنتك تضل بها من تشاء وتهدي من تشاء  بصيغة المستقبل في  تضل  و  وتهدي  ولقال بدله أضللت بها من تشاء وهديت من تشاء أي ممن لم يفتن بالسامري والعجل .
وستتكرر فتنة السامري الدجال كما هو مدلول قوله  وإن يروا سبيل الغي يتخذوه سبيلا  وكما بينته في موضعه من التفسير .
إن سورة طـه التي تضمنت قصة السامري باسمه هي من القرآن نبوة خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم كما هي دلالة قوله  كذلك نقص عليك من أنباء ما قد سبق وقد آتيناك من لدنا ذكرا  طـه 99 .
وإن السامري من بني إسرائيل الذي فتن قوم موسى بالعجل هو الدجال الأعور كما هو دلالة قوله  بصرت بما لم يبصروا به  طـه 96 وهو الطعن في الذين يتمتعون بعينين سالمتين .
وإن قوله  وكذلك سولت لي نفسي  طـه 96 من قول السامري هو من المثاني مع قوله  واتبع هواه  الأعراف 176 إذ هو نفسه الدجال الأعور المنظر ولا يعني وصفه بقوله  واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها  أنه كان من المكرمين كالرسل والنبيين إذ وصف الله ثمود بمثل ذلك في قوله  وآتينا ثمود الناقة مبصرة فظلموا بها  أي أن آية خارقة قد جاءهم بها رسولهم صالح وكذلك رأى السامري آية خارقة جاء بها موسى .
والعجيب أن النبي صلى الله عليه وسلم قد اعتبر السامري الدجال أكبر فتنة من جميع الفتن ما بين خلق آدم والساعة وكذلك قال الله  فأتبعه الشيطان  الأعراف 175 يعني أن السامري أصبح سيد إبليس ومتبوعه لأن السامري سيدعي أنه إله الناس إذ غضب من قبل أن حرق موسى عجله ومعبوده وسيدعي ما ادعاه من قبل للعجل وقصر إبليس عن ادعاء ذلك .
ولموضوع المنظرين من بني آدم كعيسى وأمه ويحيى تفصيل كبير في تفسيري " من تفصيل الكتاب وبيان القرآن"

ولم يكن إبليس قط مع الملائكة ولا في جنة الخلد

وكان إبليس من الجن وكان له ذرية كما في قوله  إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني  الكهف 50 .
ولم يكن إبليس من الملائكة المخاطبين بقوله :
  وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم  الكهف 50 الإسراء 61 البقرة 34
  ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم  الأعراف 11
  وإذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من طين فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين  ص 71 ـ 72
  وإذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من صلصال من حمإ مسنون فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين  الحجر 28 ـ 29
ولقد سجد الملائكة كلهم أجمعون من غيراستثناء كما في قوله :
  فسجد الملائكة كلهم أجمعون إلا إبليس استكبر وكان من الكافرين  ص 73 ـ 74
  فسجد الملائكة كلهم أجمعون إلا إبليس أبى أن يكون مع الساجدين  الحجر 30 ـ 31
  فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين  البقرة 34
  فسجدوا إلا إبليس لم يكن من الساجدين  الأعراف 11
  فسجدوا إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه  الكهف 50
ويعني أن إبليس كان من الجن ولم يكن من الملائكة كما لم يتضمن تفصيل الكتاب مثل قولنا إلا إبليس كان من الملائكة ففسق عن الطاعة ، وانقطع إبليس من المستثنى منه فنصب إذ لم يكن من الملائكة وإنما كان من الجن وكان من الكافرين ولم يكن من الساجدين .
أما الملائكة فلا ذرية لهم ولم يكفروا لحظة واحدة بل كانوا من الساجدين والراكعين .
وأبى إبليس واستكبر أن يكون مع الساجدين وهم أعم من الملائكة كما في قوله :
  قال يا إبليس ما لك ألا تكون مع الساجدين  الحجر 32
  قال يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيديّ أستكبرت أم كنت من العالين  ص 75
  قال ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك  الأعراف 12
وهو المشكل الذي لم يفقهه التراث الإسلامي إذ حسبوا أن إبليس كان يعبد الله مع الملائكة قبل أمرهم بالسجود لآدم فشمله الأمر وحسبوا أنه كان بينهم في السماوات العلى فخالفوا صريح القرآن الذي وصف إبليس بأنه كان من الكافرين ولم يكن من الساجدين وهيهات أن يكون مع الملائكة المقربين في الملإ الأعلى كافر لم يسجد لله من قبل .
ومن زعم أن وصف إبليس بأنه كان من الكافرين إنما يعني بعد أمره بالسجود لآدم لا قبله فليتأمل قوله  وصدها ما كانت تعبد من دون الله إنها كانت من قوم كافرين  النمل 43 ولا يخفى وصف ملكة سبإ به قبل مجيئها إلى سليمان وأنها رغم ما أوتيت من العقل والفطنة وبعد النظر والتأمل فقد عبدت الشمس من دون الله لأنها كانت من قوم كافرين فأثر فيها ما حولها من الناس وما تلقته من التصورات والسلوك الذي لم تستطع تجاوزه ولا ثورة عليه بل فرض عليها التقليد وتعطيل السمع والبصر والتأمل والتفكر .
ولقد أنكر الله على إبليس ألا يكون مع الساجدين لآدم وأن لا يسجد إذ أمره مما يعني دخول من دون الملائكة من المخلوات في أمر الملائكة بالسجود فسجد الساجدون وهم أعم من الملائكة وشذ غير الساجد وهو إبليس وحده الذي فسق عن أمر ربه .
وهكذا تضمن تفصيل الكتاب المنزل أصلا من أصول الخطاب والتكليف وهو ما يسمى لدى التراث الإسلامي بأصول الفقه ، وكان أمر الملائكة بالسجود لآدم يشمل معهم من دونهم من المخلوقات يومئذ فسجد الملائكة كلهم أجمعون وسجد بسجود الملائكة الساجدون غير الملائكة وشذ إبليس وحده ، ويعني أن خطاب الأعلى يشمل من دونه .
فوا عجبا للفقهاء ـ عبر التاريخ الإسلامي ـ لم يفقهوا هـذا وفقهه جميع المخلوقات من الدواب والطير يومئذ وهم أمم أمثال بني آدم كما في قوله  وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ما فرطنا في الكتاب من شيء  الأنعام 38 وكانوا يومئذ من الساجدين إذ فقهوا أن خطاب وتكليف الأعلى يشمل من دونه .
وللمزيد من البيان والتفصيل فإن تفصيل الكتاب قد تضمن ترتيب المخلوقات كالتالي :
1. الملائكة والنبيون .
2. الذين آمنوا وهم صحابة النبي والرسول خاصة وكما بينت في مدلول الإيمان في أصول التفسير .
3. المؤمنون وهم الأجيال اللاحقة بعد الصحابة من المؤمنين في أمة النبي.
4. الناس .
ولخطاب بني آدم دلالة أخرى بيّنتها في أصول التفسير عند بيان من نبوة جميع النبيين .
أما الملائكة والنبيون فهم أفضل المخلوقات كما هي دلالة قوله  ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أربابا  عمران 80 وهو صريح في كفر من اتخذ الملائكة والنبيين وهم أفضل المخوقات أربابا من دون الله فمن دونهم من المخلوقات أحرى أن لا يتخذ ربا من دون الله ، إذ لم يأذن الله باتخاذ أفضل مخلوقاته شركاء معه أو من دونه فمن دونهم من الناس ومن الكواكب والأصنام حري أن لا يتخذ وليا ولا شريكا من دون الله الواحد القهار .
وإن الخطاب المنزل من عند الله أي التكاليف التي كلف بها العباد لقسمان :
1. أمر امتثال كالإيمان وإقام الصلاة والصوم والحج والبر وفعل الخير .
2. وأمر اجتناب ونهي كترك الشرك والكذب وقتل النفس التي حرم الله والزنا وشرب الخمر .
وإن تعدية الإيمان بالباء لتعني تعلقه بغيب يوم وقع الإيمان من المؤمن كما بينت مدلول الإيمان في أصول التفسير ، ولقد وصف الله حملة العرش والملائكة المقربين بالإيمان كما في قوله  الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به  غافر 7 يعني أنهم يؤمنون به ولم يروه بعد وهم أفضل المخلوقات وسعهم الإيمان بالله وهو من الغيب في الدنيا ووسع كذلك سائر الملائكة وجميع النبيين والرسل الإيمان به ولم يروه في الدنيا كما هي دلالة قوله  لا تدركه الأبصار  الأنعام 103 وقوله  قال لن تراني  الأعراف 143 ودلّ إيمانهم بالله على صحة الحديث النبوي " واعلموا أنكم لن تروا ربكم حتى تموتوا " وأن لن يقبل ممن دونهم من الناس وسائر المخلوقات إلا الإيمان بالله في الدنيا .

الجنة التي اخرج منها آدم وزوجه
وإن قوله :
ـ  قال فاهبط منها فما يكون لك أن تتكبر فيها فاخرج إنك من الصاغرين  الأعراف 13
ـ  قال فاخرج منها فإنك رجيم  الحجر 34 سورة ص 77
ـ  قال اخرج منها مذءوما مدحورا لمن تبعك منهم لأملأن جهنم منكم أجمعين  الأعراف 18
ـ  قال اذهب فمن تبعك منهم فإن جهنم جزاؤكم جزاء موفورا  الاسراء 63
حكاية عن إبليس لما فسق عن أمر ربه بإبائه أن يسجد لآدم واستكبر عن طاعة الله ، لا يعني أنه كان في السماوات العلى مع الملائكة المكرمين ولا أنه كان في جنة الخلد ، كما يتبادر إلى الذهن عود ضمير التأنيث في  منها  في سورة ص وسورة الحجر  قال فاخرج منها فإنك رجيم  وفي حرف الأعراف  قال اخرج منها  ،  قال فاهبط منها  ، وإنما يقع ضمير التأنيث على الجنة التي أسكنها آدم وزوجه فابتليا فيها بالشجرة وبإبليس ، ولأن القرآن يحمل في ثناياه بيانه وتفصيله فإننا نستنبط منه القرائن التالية :
ـ أن القرآن قد سمّى المكان الذي ابتلي فيه آدم وزوجه بأكل شجرة منها بالجنة كما في قوله  وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة  البقرة 35 ، وقوله  ويا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة  الأعراف 19 ، وقوله  وطفقا يخصفا عليهما من ورق الجنة  الأعراف 22 ، وطـه 121،  يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة  الأعراف 27 ،  إن هذا عدو لك ولزوجك فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى  طـه 117 ،
ـ أن الجنة التي أسكنها آدم وزوجه قد وصفت بقوله تعالى  فأخرجهما مما كانا فيه  البقرة 36
ـ أن القرآن قد سمّى جنات معلومة في الدنيا على ظهر الأرض كما في المثاني :  كمثل جنة بربوة  البقرة 265 ،  أيود أحدكم أن تكون له جنة من نخيل وعنب  البقرة 266 ،  أو تكون لك جنة من نخيل وعنب  الإسراء 91 ،  واضرب لهم مثلا رجلين جعلنا لأحدها جنتين من أعناب ...كلتا الجنتين ...ودخل جنته وهو ظالم لنفسه ...ولولا غذ دخلت جنتك قلت ...فعسى ربي أن يؤتين خيرا من جنتك  الكهف  أو يلقى إليه كنز أو تكون له جنة يأكل منها  الفرقان 8 ،  لقد كان لسبإ في مسكنهم آية جنتان  سبإ 15 ،  وبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتي أكل خمط ...  سبإ 16 ،  إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة  القلم 17 .
إن إبليس قد دخل وسكن الجنة التي أخرج منها آدم وزوجه كما هي دلالة قوله  قال اهبطا منها جميعا بعضكم لبعض عدو فإما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى  سورة طـه 123 ، ويدخل إبليس في خطاب حرف طـه كما هو صريح قوله  وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو فإما يأتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون  البقرة 36 ، لدلالة ضمير الجمع في  بعضكم  عليه ولدخوله في التكليف باتباع الهدى الذي وعد الله يومئذ أن يرسله مع الرسل والنبيين .
وإنها لجنة على أرض لا يجوع صاحبها ولا يعرى ولا يظمأ فيها ولا يضحى أما جنة الخلد فما يخرج منها من دخلها وإنما يدخلها السعيد ممن تجاوز الحياة الدنيا بعد البعث للحساب .
وإن الذي أخرج منه إبليس كذلك ليس هو جنة الخلد المحرمة على الكافرين والمستكبرين وليس هو السماوات العلى مع الملائكة المقربين .
ومبلغ علمي أنه موقع آخر لم يقع بعد من الناس تدبر القرآن لاستنباطه .
ولقد أهبط بنو إسرائيل من أرض سيناء كما في قوله  اهبطوا مصرا فإن لكم ما سألتم  البقرة 61 وليس هو هبوط من السماوات إلى الأرض وإنما هو هبوط من موقع على الأرض إلى آخر .
ولقد أهبط نوح ومن معه في السفينة كما في قوله  قيل يا نوح اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلى أمم ممن معك  هود 48 .
وكذلك تهبط الحجارة من خشية الله كما هو معلوم من سورة البقرة أي تزول من مكانها إلى أسفل منه مما يعني عدم حصر الهبوط الذي خوطب به آدم وحواء في الهبوط من السماوات أو جنة الخلد إلى الأرض .
يتواصل
 
قال الشيخ الشعراوي رحمه الله: (ب[SIZE=6 قال:
عد أن خلق الله سبحانه وتعالى آدم وأمر الملائكة أن تسجد له وحدث كفر إبليس ومعصيته أراد الله جل جلاله أن يمارس آدم مهمته على الأرض . ولكنه قبل أن يمارس مهمته أدخله الله في تجربة عملية عن المنهج الذي سيتبعه الإنسان في الأرض ، وعن الغواية التي سيتعرض لها من إبليس . فالله سبحانه وتعالى رحمة منه لم يشأ أن يبدأ آدم مهمته في الوجود على أساس نظري ، لأن هناك فرقا بين الكلام النظري والتجربة...) إلى أن قال: (بعض الناس يقول : أنها جنة الخلد التي سيدخل فيها المؤمنون في الآخرة . وبعضهم قال : لولا أن آدم عصى لكنا نعيش في الجنة . نقول لهم لا . . جنة الآخرة هي للآخرة ولا يعيش فيها إنسان فترة من الوقت ثم بعد ذلك يطرد منها بل هي كما أخبرنا الله تعالى جنة الخلد . . كل من دخلها عاش في نعيم أبدي .[/SIZE]
إذن فما هي الجنة التي عاش فيها آدم وحواء؟ هذه الجنة هي جنة التجربة أو المكان الذي تمت فيه تجربة تطبيق المنهج...) ثم قال بعدها بصفحة أو صفحتين: (ليست جنة الخلد وإنما هي جنة سيمارس فيها تجربة تطبيق المنهج . ولذلك لا يقال : كيف دخل إبليس الجنة بعد أن عصى وكفر ، لأن هذه ليست جنة الخلد ولابد أن تنتبه إلى ذلك جيدا حتى لا يقال أن معصية آدم هي التي أخرجت البشر من الجنة . لأن الله تعالى قبل أن يخلق آدم حدد مهمته فقال : { وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأرض خَلِيفَةً } [ البقرة : 30 ]
أليس هذا القول من لوازم القول بعصمة الأنبياء؟ ثم إن القول بأن الله خلق جنة لآدم ليطبق فيها تجربة المنهج، يحتاج لدليل صريح، حيث إنه من أمور الغيب التي لا يقبل فيها قول لا يستند لنص من الكتاب والسنة. ثم هل اختلف السلف - الصحابة والتابعين - في المراد بالجنة هنا؟ لماذا نوجِد خلافا فيما لم يختلفوا فيه؟ .
والمعروف والمتبادر إلى الذهن أن الجنة هنا هي جنة الخلد. وهو مذهب أهل السنة والجماعة. كما ذكر ذلك ابن جزي، وأبي السعود، والثعالبي، وغيرهم.
يقول بن عثيمين: " وهل المراد بـ الجنة جنة الخلد؛ أم هي جنة سوى جنة الخلد؟..
الجواب: ظاهر الكتاب، والسنة أنها جنة الخلد، وليست سواها؛ لأن "أل" هنا للعهد الذهني..
فإن قيل: كيف يكون القول الصحيح أنها جنة الخلد مع أن من دخلها لا يخرج منها . وهذه أُخرج منها آدم؟
فالجواب: أن من دخل جنة الخلد لا يخرج منها: بعد البعث؛ وفي هذا يقول ابن القيم في الميمية المشهورة.
فحيَّ على جنات عدن فإنها منازلك الأولى وفيها المخيم
قال: "منازلك الأولى"؛ لأن أبانا آدم نزلها"..[3/ 85].
وينبغي النظر في سياق الآيات، يقول تعالى: {قال اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين} فقوله: اهبطوا، وقوله: ولكم في الأرض مستقر، دليل على أنهم لم يكونوا قبل ذلك فيها. يقول بن جرير:"يقول تعالى ذكره لآدم وحواء .. اهبطوا من السماء إلى الأرض بعضكم لبعض عدو".[تفسير الطبري 10/ 116].
وقال سبحانه في آية أخرى:{ إن لك ألا تجوع فيها ولا تعرى وأنك لا تظمأ فيها ولا تضحى } أليست هذه من صفات جنة الخلد؟ والله تعالى أعلم.
 
.
والمعروف والمتبادر إلى الذهن أن الجنة هنا هي جنة الخلد.

ليس معروفا ولا متبادرا للذهن أن الجنة هنا هي جنة الخلد بدليل قول إبليس لآدم : هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى، لو كان آدم في جنة الخلد فهو ليس في حاجة إلى شجرة الخلد، فجنة الخلد ساكنها مخلد.
جنة الخلد لا يبلى فيها شيء، وإبليس هنا يخاطب آدم بما يعلم (وملك لا يبلى)، آدم يعلم معنى (لا يبلى)، فهو لا بد أنه شاهد أشياء تبلى، لو كان يعيش في جنة الخلد فإن محتوياتها لا تبلى.
سنة الله في خلقه أن التكليف يأتي بعد التجربة، أي طالب وظيفة لا يتسلم وظيفته إلا بعد اختباره، وقبل أن يباشر أدم مهمته في الأرض كان عليه أن يعلم أن إبليس عدو مبين قولا وفعلا، فكانت التجربة الفعلية.
الإسم أو الوصف يجب أن يطابق حقيقة الموصوف، جنة الخلد إسم لموصوف حقيقته الخلود واقعا، فإذا كانت هذه الجنة ساكنها لا يخلد فيها وأشجارها مع المدة تهرم وتموت وأزهارها تدبل بعد حين فهي لا تستحق أن تسمى جنة الخلد، أما إذا كان ساكنها وكل شيء فيها لا يبلى ولا يموت فعندئذ يحق أن تسمى جنة الخلد.
وكيف تسمى جنة الخلد وفيها شجرة ثمارها تمنع الخلود فيها!!
هل يصح أن نسمي مدرسة ب (الأخلاق الحميدة) وفيها معلم سمعته سيئة.
 
قال الإمام مسلم: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ طَرِيفِ بْنِ خَلِيفَةَ الْبَجَلِىُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ حَدَّثَنَا أَبُو مَالِكٍ الأَشْجَعِىُّ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ وَأَبُو مَالِكٍ عَنْ رِبْعِىٍّ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « يَجْمَعُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى النَّاسَ فَيَقُومُ الْمُؤْمِنُونَ حَتَّى تُزْلَفَ لَهُمُ الْجَنَّةُ فَيَأْتُونَ آدَمَ فَيَقُولُونَ يَا أَبَانَا اسْتَفْتِحْ لَنَا الْجَنَّةَ. فَيَقُولُ وَهَلْ أَخْرَجَكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ إِلاَّ خَطِيئَةُ أَبِيكُمْ آدَمَ لَسْتُ بِصَاحِبِ ذَلِكَ اذْهَبُوا إِلَى ابْنِى إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ اللَّهِ...)) [صحيح مسلم 1/ 129].
 
جزى اللهُ شيوخي الأفاضل كلَّ خير على هذه الدُّرَر والفوائد القيّمة...والتي أفادتني كثيراً...
ومن باب المدارسة فقط لا أكثر؛ أقول:
أولا: المرتكز عندي ليس في تحديد الجنّة، وإنّما هو في في قوله: (أدخله فيها لتجربة تطبيق المنهج...إلخ)، يعني: لم يُدخلْهُ فيها للخلود، وهذا فيه بيانٌ لظاهر الآية (جاعل في الأرض)، وجواب على حديث محاججة آدم وموسى عليهما الصلاة والسلام.
ثانيا: القول بأن الجنة هي جنّة الآخرة؛ أمرٌ محتمل، وليس بذي بالٍ في تحديد المسألة الأولى، لأنَّ الذي أورده ابن القيّم رحمه الله، قرائن، ويُمكن أن يقال: هذه الأوصاف التي وُصِفَتْ بها الجنّة، إنّما هي أوصافٌ بعد التكليف وبيان الجزاء والعقاب! قد يُقال هذا، وله وجه.
يبقى الاستغراب عندي: كيف تجاوز جلٌّ المفسّرين الفصلَ في قوله تعالى: (إني جاعلٌ في الأرض) وبعدها أدخله الجنّة؟!
فبارك الله في شيوخي وإخواني...
 
جزى اللهُ شيوخي الأفاضل كلَّ خير على هذه الدُّرَر والفوائد القيّمة...والتي أفادتني كثيراً...
ومن باب المدارسة فقط لا أكثر؛ أقول:
أولا: المرتكز عندي ليس في تحديد الجنّة، وإنّما هو في في قوله: (أدخله فيها لتجربة تطبيق المنهج...إلخ)، يعني: لم يُدخلْهُ فيها للخلود، وهذا فيه بيانٌ لظاهر الآية (جاعل في الأرض)، وجواب على حديث محاججة آدم وموسى عليهما الصلاة والسلام.
ثانيا: القول بأن الجنة هي جنّة الآخرة؛ أمرٌ محتمل، وليس بذي بالٍ في تحديد المسألة الأولى، لأنَّ الذي أورده ابن القيّم رحمه الله، قرائن، ويُمكن أن يقال: هذه الأوصاف التي وُصِفَتْ بها الجنّة، إنّما هي أوصافٌ بعد التكليف وبيان الجزاء والعقاب! قد يُقال هذا، وله وجه.
يبقى الاستغراب عندي: كيف تجاوز جلٌّ المفسّرين الفصلَ في قوله تعالى: (إني جاعلٌ في الأرض) وبعدها أدخله الجنّة؟!
فبارك الله في شيوخي وإخواني...
الخليفة ليس آدم عليه السلام وإنما هم بنوه
وآدم عليه السلام كان بين أمرين :
قدري: لا يعلم عنه شيئا
وأمر شرعي: هو السكن في الجنة وعدم الأكل من الشجرة.
وكونه قدر عليه أنه يعيش في الأرض لا يمنع من كونه أسكن الجنة "جنة الخلد" ، وكل ما ذكره المانعون يمكن أن يجاب عليه وليس عندهم دليل قاطع في المسألة.
والأمر متعلق بإرادة الله تعالى وليس في الشريع ولا في العقل ما يحيله.
 
جزاك الله خيرا شيخنا الفاضل...وأجزل لك المثوبة والأجر...
الخليفة ليس آدم عليه السلام وإنما هم بنوه
جزاك الله خيراً...لعلّ سؤالي خارج عن هذا...لكنه ترجيح نستفيدُ منه...
وآدم عليه السلام كان بين أمرين :
قدري: لا يعلم عنه شيئا
وأمر شرعي: هو السكن في الجنة وعدم الأكل من الشجرة.
بارك الله فيك وزادك من فضله...الكلام على قوله تعالى: (إني جاعل في الأرض خليفة)، هذا يؤيّدُ القولَ القائل: "إن الله أدخل آدم الجنّة ليعرفَ عدوّه والمنهج، وليس للمكث فيها ابتداءً"، وبناء على هذا؛ من الخطأ أن يُقال: خلق اللهُ آدمَ ليُسكنَه جنَّتَهُ خالداً، فحصل ما حصل ونزل للأرض بسبب خطيئتِه، ولم يُخلَق أصلاً ليمكثَ في الأرض.
وكونه قدر عليه أنه يعيش في الأرض لا يمنع من كونه أسكن الجنة "جنة الخلد" ، وكل ما ذكره المانعون يمكن أن يجاب عليه وليس عندهم دليل قاطع في المسألة.
والأمر متعلق بإرادة الله تعالى وليس في الشريع ولا في العقل ما يحيله.
كلامٌ نفيس دقيق، حفظك الله تعالى...ولكنه خارج عن سؤالي؛ فأنا لا أجادلُ في نوع الجنّة. وقد بيّنتُ ذلك بقولي:
(القول بأن الجنة هي جنّة الآخرة؛ أمرٌ محتمل، وليس بذي بالٍ في تحديد المسألة الأولى)
فلا عدمنا فوائدك...
 
بارك الله فيك وزادك من فضله...الكلام على قوله تعالى: (إني جاعل في الأرض خليفة)، هذا يؤيّدُ القولَ القائل: "إن الله أدخل آدم الجنّة ليعرفَ عدوّه والمنهج، وليس للمكث فيها ابتداءً"، وبناء على هذا؛ من الخطأ أن يُقال: خلق اللهُ آدمَ ليُسكنَه جنَّتَهُ خالداً، فحصل ما حصل ونزل للأرض بسبب خطيئتِه، ولم يُخلَق أصلاً ليمكثَ في الأرض.
وفيك بارك وزادك علما وحلما
حسب علمي لم يقل أحد إن الله خلق آدم ليخلده في الجنة لأن القصص القرآني واضح في هذه القضية.
ولكن يبقى أن الذي أخرج آدم من الجنة هو الخطيئة، ولو لم تقع منه الخطيئة لما أخرج منها.
ثم يبقى السؤال : هل كان بالإمكان ألا تقع الخطيئة من آدم ؟
ولأننا علمنا بالقضية قلنا : إن الله قد قدر على آدم الخروج فكان لا بد من الوقوع في الخطيئة ، وهنا قد نقع في المحذور والمسألة الشائكة وهو الاحتجاج بالقدر على الوقوع في المعصية ؟
وإذا كان كل شيء بقدر فكيف العمل مع قوله تعالى:
(يَا بَنِي آَدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ )
وقوله تعالى:
(هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ) التغابن(2)
وقوله:
(...فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ (7) وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمُونَ مَا لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (8)) الشورى
 
حسب علمي لم يقل أحد إن الله خلق آدم ليخلده في الجنة لأن القصص القرآني واضح في هذه القضية
هذا ما كنْتُ أربو إليه؛ لأن بعض المفسرين يتناقلون هذا الكلام في دروسِهم...فجزاك الله خيراً. وبالتالي: هل يجوز أن أقول مقالة الشيخ الشعراوي رحمه الله: "أُدخِلَ الجنةَ لتجربةِ تطبيق المنهج...إلخ"، وبعد كلامك؛ يظهر أنَّ هذا القول جائز، ولا حرج فيه، والله أعلم.
ولكن يبقى أن الذي أخرج آدم من الجنة هو الخطيئة، ولو لم تقع منه الخطيئة لما أخرج منها.
ثم يبقى السؤال : هل كان بالإمكان ألا تقع الخطيئة من آدم ؟
ولأننا علمنا بالقضية قلنا : إن الله قد قدر على آدم الخروج فكان لا بد من الوقوع في الخطيئة ، وهنا قد نقع في المحذور والمسألة الشائكة وهو الاحتجاج بالقدر على الوقوع في المعصية ؟
تحليل جيّد...وقبل أن ألتقط دررَ فوائدك ثم أبثها للقارئ، أذكر باختصار شديد قولَ بعض أهل العلم في حديث احتجاج آدم وموسى عليهما الصلاة والسلام.
وقد تبنّى شيخ الإسلام رحمه الله رأياً، وذكر تلميذه رأياً آخر...ولا أظنّها تخفى عليك، ولكن لربط أفكار القارئ فقط؛ فخلاصتُها رأيان:
الأول: أنَّ موسى لامَ آدمَ على مصيبتِه لا عيبِه؛ بمعنى: لامَهُ على خروجه من الجنّة، ولم يلمْهُ على ارتكاب المعصية؛ فاحتجَّ آدمُ حينئذٍ بالقدر، ويجوز الاحتجاج بالقدر في المصائب دون المعايب. وهذا رأي شيخ الإسلام رحمه الله.
الثاني: أنَّ آدمَ احتجَّ بالقدر على ذنب تاب منه، وهذا جائز، ذكره ابن القيّم رحمه الله.
فبناءً على الرأي الأوّل؛ نستطيع أن نقول: نعم؛ قدّر اللهُ الخروجَ على آدم لعلمِه بمعصيتِه في تطبيقهِ. فهل هناك أيُّ محظور في هذا القول؟ لا يظهر لي ذلك، ولعلكم تعلّقون على ذلك، والعلم عند الله تعالى.
وعلى هذا لا نحتاج لمناقشة التالي:
وإذا كان كل شيء بقدر فكيف العمل مع قوله تعالى:
(يَا بَنِي آَدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ)
وقوله تعالى:
(هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ) التغابن(2)
وقوله:
(...فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ (7) وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمُونَ مَا لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (8)) الشورى
الكلام على هذا يطول كثيراً، ولا أظنّها تخفى عليك، فهذه مسألةٌ أخرى طويلة الذيول...
لا عدمنا فوائدك...حفظك الله...
وبالمناسبة: الشيخ الدكتور مساعد الطيّار حفظه الله عندنا في قطر، يشرح مقدمةَ شيخ الإسلام رحمه الله...
 
سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم.
للرفع؛ فقد أجاد الإخوةُ وأفادوا كثيراً.
ولعلّ شيوخنا يحفونا بالمزيد؛ فهي مسألة مهمّة للمفسّر، ويترتّب عليها معاني تربويّة كثيرة.
 
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
يقول رشيد رضا (ت:1354هـ) في تفسير المنار : " وقد ظهر لي عند كتابة تفسير الآيات شيء آخر لم يذكره الأستاذ الإمام ولم أره في كتب التفسير ، وهو أن القول بأن آدم أسكن جنة الآخرة يقتضي أن تكون الآخرة هي الدار الأولى والدنيا . فتكون التسمية للدارين غير صحيحة ، ويتنافى أيضا كون الجنة دار ثواب يدخلها المتقون جزاء بما كانوا يعملون كما ورد في الآيات الكثيرة "
 
لم يسبق الشعراوي رحمه الله إلى ذلك ...

لم يسبق الشعراوي رحمه الله إلى ذلك ...

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعد:
فقد وقفْتُ على كلامٍ للشيخ الشعراوي رحمه الله في تفسير قصّة آدم في سورة البقرة، وأعجبني جدّاً، فبحثْتُ عن قائلٍ قبله أو بعده، فلم أظفَرْ به. وكلامُه هذا يوافقُ ظاهرَ القرآن، ويوافقُ ظاهرَ حديث موسى مع آدم عليها السلام في الصحيح.
وقبل أن أتبنّى هذا الرأي، فإني أطرحه هنا لأستفيد من شيوخي الأفاضل. والسؤال يدور حولَ جوازِ تبنّي هذا القول؛ بغضّ النظر عن قائلِه أو عن أيّ مسألةٍ أخرى.
قال الشيخ الشعراوي رحمه الله: (بعد أن خلق الله سبحانه وتعالى آدم وأمر الملائكة أن تسجد له وحدث كفر إبليس ومعصيته أراد الله جل جلاله أن يمارس آدم مهمته على الأرض . ولكنه قبل أن يمارس مهمته أدخله الله في تجربة عملية عن المنهج الذي سيتبعه الإنسان في الأرض ، وعن الغواية التي سيتعرض لها من إبليس . فالله سبحانه وتعالى رحمة منه لم يشأ أن يبدأ آدم مهمته في الوجود على أساس نظري ، لأن هناك فرقا بين الكلام النظري والتجربة...) إلى أن قال: (بعض الناس يقول : أنها جنة الخلد التي سيدخل فيها المؤمنون في الآخرة . وبعضهم قال : لولا أن آدم عصى لكنا نعيش في الجنة . نقول لهم لا . . جنة الآخرة هي للآخرة ولا يعيش فيها إنسان فترة من الوقت ثم بعد ذلك يطرد منها بل هي كما أخبرنا الله تعالى جنة الخلد . . كل من دخلها عاش في نعيم أبدي .
إذن فما هي الجنة التي عاش فيها آدم وحواء؟ هذه الجنة هي جنة التجربة أو المكان الذي تمت فيه تجربة تطبيق المنهج...) ثم قال بعدها بصفحة أو صفحتين: (ليست جنة الخلد وإنما هي جنة سيمارس فيها تجربة تطبيق المنهج . ولذلك لا يقال : كيف دخل إبليس الجنة بعد أن عصى وكفر ، لأن هذه ليست جنة الخلد ولابد أن تنتبه إلى ذلك جيدا حتى لا يقال أن معصية آدم هي التي أخرجت البشر من الجنة . لأن الله تعالى قبل أن يخلق آدم حدد مهمته فقال : { وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأرض خَلِيفَةً } [ البقرة : 30 ]
فآدم مخلوق للخلافة في الأرض ومن صلح من ذريته يدخل جنة الخلد في الآخرة ، ومن دخل جنة الخلد عاش في النعيم خالدا...) إلى أن قال: (جعلهما الله سبحانه وتعالى يمران بتجربة عملية بالنسبة لتطبيق المنهج وبالنسبة لإغواء الشيطان . وحذرهما بأن الشيطان عدو لهما).

وسؤالي: لماذا لم يلتفت أهل التفسير إلى هذه الآية الصريحة (إني جاعل في الأرض)، وهذا قبل الوقوع في المعصية؟
فأطلب من أساتذتي العلمَ والبيان...وأجزل الله لهم المثوبة والأجر...
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعد:
فقد وقفْتُ على كلامٍ للشيخ الشعراوي رحمه الله في تفسير قصّة آدم في سورة البقرة، وأعجبني جدّاً، فبحثْتُ عن قائلٍ قبله أو بعده، فلم أظفَرْ به. وكلامُه هذا يوافقُ ظاهرَ القرآن، ويوافقُ ظاهرَ حديث موسى مع آدم عليها السلام في الصحيح.
وقبل أن أتبنّى هذا الرأي، فإني أطرحه هنا لأستفيد من شيوخي الأفاضل. والسؤال يدور حولَ جوازِ تبنّي هذا القول؛ بغضّ النظر عن قائلِه أو عن أيّ مسألةٍ أخرى.
قال الشيخ الشعراوي رحمه الله: (بعد أن خلق الله سبحانه وتعالى آدم وأمر الملائكة أن تسجد له وحدث كفر إبليس ومعصيته أراد الله جل جلاله أن يمارس آدم مهمته على الأرض . ولكنه قبل أن يمارس مهمته أدخله الله في تجربة عملية عن المنهج الذي سيتبعه الإنسان في الأرض ، وعن الغواية التي سيتعرض لها من إبليس . فالله سبحانه وتعالى رحمة منه لم يشأ أن يبدأ آدم مهمته في الوجود على أساس نظري ، لأن هناك فرقا بين الكلام النظري والتجربة...) إلى أن قال: (بعض الناس يقول : أنها جنة الخلد التي سيدخل فيها المؤمنون في الآخرة . وبعضهم قال : لولا أن آدم عصى لكنا نعيش في الجنة . نقول لهم لا . . جنة الآخرة هي للآخرة ولا يعيش فيها إنسان فترة من الوقت ثم بعد ذلك يطرد منها بل هي كما أخبرنا الله تعالى جنة الخلد . . كل من دخلها عاش في نعيم أبدي .
إذن فما هي الجنة التي عاش فيها آدم وحواء؟ هذه الجنة هي جنة التجربة أو المكان الذي تمت فيه تجربة تطبيق المنهج...) ثم قال بعدها بصفحة أو صفحتين: (ليست جنة الخلد وإنما هي جنة سيمارس فيها تجربة تطبيق المنهج . ولذلك لا يقال : كيف دخل إبليس الجنة بعد أن عصى وكفر ، لأن هذه ليست جنة الخلد ولابد أن تنتبه إلى ذلك جيدا حتى لا يقال أن معصية آدم هي التي أخرجت البشر من الجنة . لأن الله تعالى قبل أن يخلق آدم حدد مهمته فقال : { وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأرض خَلِيفَةً } [ البقرة : 30 ]
فآدم مخلوق للخلافة في الأرض ومن صلح من ذريته يدخل جنة الخلد في الآخرة ، ومن دخل جنة الخلد عاش في النعيم خالدا...) إلى أن قال: (جعلهما الله سبحانه وتعالى يمران بتجربة عملية بالنسبة لتطبيق المنهج وبالنسبة لإغواء الشيطان . وحذرهما بأن الشيطان عدو لهما).

وسؤالي: لماذا لم يلتفت أهل التفسير إلى هذه الآية الصريحة (إني جاعل في الأرض)، وهذا قبل الوقوع في المعصية؟
فأطلب من أساتذتي العلمَ والبيان...وأجزل الله لهم المثوبة والأجر...
أخي حمد صالح المري... لم يسبق الشعراوي رحمه الله إلى الالتفات لآية " إني جاعل في الأرض خليفة" وأنَّها جاءت قبل إسكانه عليه السلام الجنة وقبل أمره باجتناب الأقتراب من الشجرة.. بل عدد من كبار المفسرين وقفوا على هذه الآية وتنبهوا إليها عند تفسيرهم لقولهتبارك وتعالى: " {قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (38)} [البقرة : 38] ... اذ خلصوا إلى أنَّ تكرار الأمر بالهبوط إنّما كان لينتبه من يظن أنَّ سبب خروج آدم عليه السلام من الجنة إنّما كان بمعصيته... فليس الأمر كذلك وإنّما هو مقرر من قبل ومن أجله خُلق آدم، إذ قال تعالى من قبل: " {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ... (30)} [البقرة : 30]... و منهم الإمام المفسر الكبير الفخر الرازي صاحب مفاتيح الغيب فقال عند آية الأمر بالهبوط: في بيان الغرض من تكرار الامر بالهبوط فذكر الوجهين الرئيسين اللذيَن قال بهما اهل التفسير؛ أولهما: أنَّ الهبوط الثاني غير الأول.. وثانيهما أنه كُرر للتأكيد، ثمَّ عقَّبَ بـــ " وعندي فيه وجه ثالث أقوى من هذين الوجهين وهو أن آدم وحواء لما أتيا بالزلة أمرا بالهبوط فتابا بعد الأمر بالهبوط ووقع في قلبهما أن الأمر بالهبوط لما كان بسبب الزلة فبعد التوبة وجب أن لا يبقى الأمر بالهبوط فأعاد اللّه تعالى الأمر بالهبوط مرة ثانية ليعلما أن الأمر بالهبوط ما كان جزاء على ارتكاب الزلة حتى يزول بزوالها بل الأمر بالهبوط باق بعد التوبة لأن الأمر به كان تحقيقاً للوعد المتقدم في قوله : إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً [البقرة : 30] مفاتيح الغيب جـ3 ص471... طبعة دار احياء التراث العربي. ..
وفي غيره مثل قوله فانظر اخي بارك الله فيك في التفاسير عند الآية 38 من سورة البقرة.
 
أخي حمد صالح المري... لم يسبق الشعراوي رحمه الله إلى الالتفات لآية " إني جاعل في الأرض خليفة" وأنَّها جاءت قبل إسكانه عليه السلام الجنة وقبل أمره باجتناب الأقتراب من الشجرة.. بل عدد من كبار المفسرين وقفوا على هذه الآية وتنبهوا إليها عند تفسيرهم لقولهتبارك وتعالى: " {قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (38)} [البقرة : 38] ... اذ خلصوا إلى أنَّ تكرار الأمر بالهبوط إنّما كان لينتبه من يظن أنَّ سبب خروج آدم عليه السلام من الجنة إنّما كان بمعصيته... فليس الأمر كذلك وإنّما هو مقرر من قبل ومن أجله خُلق آدم، إذ قال تعالى من قبل: " {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ... (30)} [البقرة : 30]... و منهم الإمام المفسر الكبير الفخر الرازي صاحب مفاتيح الغيب فقال عند آية الأمر بالهبوط: في بيان الغرض من تكرار الامر بالهبوط فذكر الوجهين الرئيسين اللذيَن قال بهما اهل التفسير؛ أولهما: أنَّ الهبوط الثاني غير الأول.. وثانيهما أنه كُرر للتأكيد، ثمَّ عقَّبَ بـــ " وعندي فيه وجه ثالث أقوى من هذين الوجهين وهو أن آدم وحواء لما أتيا بالزلة أمرا بالهبوط فتابا بعد الأمر بالهبوط ووقع في قلبهما أن الأمر بالهبوط لما كان بسبب الزلة فبعد التوبة وجب أن لا يبقى الأمر بالهبوط فأعاد اللّه تعالى الأمر بالهبوط مرة ثانية ليعلما أن الأمر بالهبوط ما كان جزاء على ارتكاب الزلة حتى يزول بزوالها بل الأمر بالهبوط باق بعد التوبة لأن الأمر به كان تحقيقاً للوعد المتقدم في قوله : إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً [البقرة : 30] مفاتيح الغيب جـ3 ص471... طبعة دار احياء التراث العربي. ..
وفي غيره مثل قوله فانظر اخي بارك الله فيك في التفاسير عند الآية 38 من سورة البقرة.

الأخت الفاضلة/ أم إياس وفقك الله

هذا ما كنتُ أبحثُ عنه؛ فجزاك الله خيراً على هذا النقل النفيس، وقد وجدْتُ عدداً قليلاً تتابعوا على هذا الكلام، ونقلوه عن الحسن؛ فعلى هذا: يُعتبَر هذا قولاً قال به بعضُ المفسرين قبل الشيخ الشعراوي رحمه الله.

تبقى مسألة واحدة: هل في هذا القول محظور شرعي؟
الذي يظهر لي -والعلم عند الله- أنه لا محظورَ فيه، ولا يُشكل عليه تبني الرازي رحمه الله له؛ فإنه منقول عن الحسن قبله، والله تعالى أعلم.
 
· قالوا وقد روى عنه صلى الله عليه و سلم انه قال لأم حارثة لما قالت له يا رسول الله إن حارثة قتل معك فإن كان صار إلى الجنة صبرت واحتسبت وان كان صار إلى ما سوى ذلك رأيت ما أفعل فقال لها رسول الله صلى الله عليه و سلم أو جنة واحدة هي إنما هي جنان كثيرة فاخبر صلى الله عليه و سلم أن لله جنات كثيرة فلعل آدم اسكنه الله جنة من جنانه ليست هي جنة الخلد.

عجيب هذا الاستدلال !
هذه الجنان ، أليست في الجنة نفسها .
أم منها ما في الهند ، والسند ، ومنها ما هو مرتفع ؟؟؟؟!!!​
 
في تعريف ( قول الصحابي عن أمر غيبي ) أن له حكم المرفوع ، لأنه لا يستطيع أن يقوله الصحابي بالرأي ، ولا بد أن يكون الصحابي ممن لم يتأثر بروايات أهل الكتاب .

فقول الشيخ الشعراوي ، هل سيكون من قبيل ما له حكم المرفوع ؟
قطعًا : لا .
وما دام ليس له حكم المرفوع ، فسيظل ( ظن ) . .....
ولو روجعت الأحاديث لعله يتبين ...
 
قال الله سبحانه وتعالى
مَا كَانَ لِي مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلَى إِذْ يَخْتَصِمُونَ{69} إِن يُوحَى إِلَيَّ إِلَّا أَنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُّبِينٌ{70} إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِن طِينٍ{71} فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ{72} فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ{73} إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنْ الْكَافِرِينَ{74}ص
وهذا يقطع بان الله عز وجل خلق ادم عليه السلام في الملأ الاعلى اي في جنة المأوى التي في السماء
 
وسؤالي: لماذا لم يلتفت أهل التفسير إلى هذه الآية الصريحة (إني جاعل في الأرض)، وهذا قبل الوقوع في المعصية؟
فأطلب من أساتذتي العلمَ والبيان...وأجزل الله لهم المثوبة والأجر...
الاية الكريمة بعد وقوع المعصية وليس قبلها​
 
في تعريف ( قول الصحابي عن أمر غيبي ) أن له حكم المرفوع ، لأنه لا يستطيع أن يقوله الصحابي بالرأي ، ولا بد أن يكون الصحابي ممن لم يتأثر بروايات أهل الكتاب .

فقول الشيخ الشعراوي ، هل سيكون من قبيل ما له حكم المرفوع ؟
قطعًا : لا .
وما دام ليس له حكم المرفوع ، فسيظل ( ظن ) . .....
ولو روجعت الأحاديث لعله يتبين ...
شيخنا الكريم: هذه المسألة خارج الموضوع؛ وقد أشرتُ إلى ذلك في المشاركات السابقة.
وأشكرك على المشاركة التي لم تخلُ من فائدة كما هي عادتك..
 
الاخ حمد
لم اعلم احدا قال بهذا ولكن الدليل قول الله سبحانه وتعالى
{إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِن طِينٍ }ص71
فهي الاية الوحيدة في قصة ادم عليه السلام التي جاءت ب (إذ) غير مسبوقة بواو وهذا يدل على ان بداية القصة هذه الاية
وقد ذكرت هذا وتفاصيل كثيرة اخرى عن قصة ادم عليه السلام في موضوع نشرته سابقا في هذا الملتقى بعنوان ( قصة ادم عليه السلام ) فيمكنك الاطلاع عليه
 
التعديل الأخير:
تبقى مسألة واحدة: هل في هذا القول محظور شرعي؟
الذي يظهر لي -والعلم عند الله- أنه لا محظورَ فيه، ولا يُشكل عليه تبني الرازي رحمه الله له؛ فإنه منقول عن الحسن قبله، والله تعالى أعلم.[/QUOTE].

أخي حمد المري ... أحمد الله أنَّكَ أفدتَ من ردي ...
وأمَّا بالنسبة لمسألتك الثانية؛ فأقول أنَّ كلام الشعراوي رحمه الله يتضمن قضيتين :
الأولى : القول في الجنة التي جرى فيها ماقصَّه علينا القرآن الكريم من خبر سيدنا آدم
عليه السلام ،أهي جنة الخلد أم جنة أخرى غيرها، قد طال كلام العلماء فيه حاشدين الأدلة النقلية والعقلية لترجيح أحد القولين، ولن يجمعوا على أحدهما ما دامت السماوات والأرض، فهذا أمر غيبي لم يفصح عنه نصُّ القرآن الكريم، ، الأولى بنا أن نقف عليه ولا نبحث فيه، ولو كان في معرفته فائدة لجَلَّاه القرآن الكريم بكل وضوح.
الثانية: أنَّ ما وقع لآدم وزوجه
عليهما السلاممع إبليس اللعين " تجربة عملية عن المنهج الذي سيتبعه الإنسان في الأرض ، وعن الغواية التي سيتعرض لها من إبليس . فالله سبحانه وتعالى رحمة منه لم يشأ أن يبدأ آدم مهمته في الوجود على أساس نظري ، لأن هناك فرقا بين الكلام النظري والتجربة..." فليس في كلامه محظور ، فهو أجتهاد منه في الغرض من وقوع هذه القصة مع آدم عليه السلام _ عند وقوعها_
والمهم في القضية أنَّ اهباط آدم للأرض لم يكن معاقبة له على الذنب وإنَّما وقع وفق المُقَدَّر الإلهي لهذه البشرية.
 
عودة
أعلى