هل في القرآن العظيم ما لا يعلم معناه ؟

محمد براء

New member
إنضم
12 مارس 2006
المشاركات
375
مستوى التفاعل
1
النقاط
18
بسم الله الرحمن الرحيم
قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تيمية رحمه الله تعالى : " مَنْ قَالَ : إنَّ مِنْ الْقُرْآنِ مَا لَا يَفْهَمُ أَحَدٌ مَعْنَاهُ، وَلَا يَعْرِفُ مَعْنَاهُ إلَّا اللَّهُ؛ فَإِنَّهُ مُخَالِفٌ لِإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ مَعَ مُخَالَفَتِهِ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ " .
لكن نُسِبَ هذا القَولُ لمالكٍ في روايةِ أشهب من «جامع العتبيَّة»، ونسبه الخفاجيُّ إلى الحنفيَّةِ، وإليه مال الإمام الشَّاطِبِيُّ في «المُوافَقَات» (3/91) . قاله ابن عاشور - وهو يحتاج إلى تحرير - .
وقد ذكروا أدلَّةً كثيرة على أنَّه ليس في القرآن ما لا يفهم معناه، وهي مبسوطة في كتاب «الإكليل في المتشابه والتأويل» لشيخ الإسلام وقد لخصّتها هنا :
منها : أَنَّ اللَّهَ إنَّمَا أَنْزَلَ الْقُرْآنَ لِيُعْلَمَ وَيُفْهَمَ وَيُفْقَهَ وَيُتَدَبَّرَ وَيُتَفَكَّرَ فِيهِ؛ مُحْكَمِهِ وَمُتَشَابِهِهِ وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ تَأْوِيلُهُ، فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ أَمَرَ بِتَدَبُّرِ الْقُرْآنِ مُطْلَقاً، وَلَمْ يَسْتَثْنِ مِنْهُ شَيْئًا لَا يُتَدَبَّرُ، وَلَا قَالَ : لَا تَدَبَّرُوا الْمُتَشَابِهَ، وَالتَّدَبُّرُ بِدُونِ الْفَهْمِ مُمْتَنِعٌ، وَلَوْ كَانَ مِنْ الْقُرْآنِ مَا لَا يُتَدَبَّرُ لَمْ يُعْرَفْ، فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يُمَيِّزْ الْمُتَشَابِهَ بِحَدٍّ ظَاهِرٍ حَتَّى يُجْتَنَبَ تَدَبُّرُهُ وَمَا اسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ لَا مُتَشَابِهًا وَلَا غَيْرَهُ .
ومنها : أَنَّ اللَّهَ أَخْبَرَ أَنَّ الْقُرْآنَ بَيَانٌ وَهُدًى وَشِفَاءٌ وَنُورٌ وَلَمْ يَسْتَثْنِ مِنْهُ شَيْئاً عَنْ هَذَا الْوَصْفِ، وَهَذَا مُمْتَنِعٌ بِدُونِ فَهْمِ الْمَعْنَى .
ومنها : أنَّ مِنْ الْعَظِيمِ أَنْ يُقَالَ : إنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ عَلَى نَبِيِّهِ كَلَاماً لَمْ يَكُنْ يَفْهَمُ مَعْنَاهُ لَا هُوَ، وَلَا جِبْرِيلُ، بَلْ وَعَلَى قَوْلِ هَؤُلَاءِ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُحَدِّثُ بِأَحَادِيثِ الصِّفَاتِ وَالْقَدَرِ وَالْمَعَادِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ نَظِيرُ مُتَشَابِهِ الْقُرْآنِ عِنْدَهُمْ، وَلَمْ يَكُنْ يَعْرِفُ مَعْنَى مَا يَقُولُهُ، وَهَذَا لَا يُظَنُّ بِأَقَلِّ النَّاسِ .
ومنها : أنَّ الْكَلَامُ إنَّمَا الْمَقْصُودُ بِهِ الْإِفْهَامُ فَإِذَا لَمْ يُقْصَدْ بِهِ ذَلِكَ كَانَ عَبَثاً وَبَاطِلاً، وَاَللَّهُ تَعَالَى قَدْ نَزَّهَ نَفْسَهُ عَنْ فِعْلِ الْبَاطِلِ وَالْعَبَثِ فَكَيْفَ يَقُولُ الْبَاطِلَ وَالْعَبَثَ وَيَتَكَلَّمُ بِكَلَامٍ يُنَزِّلُهُ عَلَى خَلْقِهِ لَا يُرِيدُ بِهِ إفْهَامَهُمْ ؟! وَقَدْ قَالَ الْحَسَنُ: " مَا أَنْزَلَ اللَّهُ آيَةً إلَّا وَهُوَ يُحِبُّ أَنْ يُعْلَمَ فِي مَاذَا أُنْزِلَتْ وَمَاذَا عُنِيَ بِهَا " . أخرَجَه أبُو عُبيد .
ومنها : قوله تعالى : ﴿ بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ ﴾ أَيْ كَذَّبُوا بِالْقُرْآنِ الَّذِي لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ، فَفَرَّقَ بَيْنَ الْإِحَاطَةِ بِعِلْمِهِ وَبَيْنَ إتْيَانِ تَأْوِيلِهِ، فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُحِيطَ أَهْلُ الْعِلْمِ وَالْإِيمَانِ بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ، وَأَنَّ الْإِحَاطَةَ بِعِلْمِ الْقُرْآنِ لَيْسَتْ إتْيَانَ تَأْوِيلِهِ، فَإِنَّ الْإِحَاطَةَ بِعِلْمِهِ مَعْرِفَةُ مَعَانِي الْكَلَامِ عَلَى التَّمَامِ، وَإِتْيَانُ التَّأْوِيلِ نَفْسُ وُقُوعِ الْمُخْبَرِ بِهِ .
ومنها : قوله تعالى : ﴿ وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا ، وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا ﴾ فَقَدْ أَخْبَرَ - ذَمًّا لِلْمُشْرِكِينَ - أَنَّهُ إذَا قُرِئَ عَلَيْهِمْ الْقُرْآنُ حُجِبَ بَيْنَ أَبْصَارِهِمْ وَبَيْنَ الرَّسُولِ بِحِجَابِ مَسْتُورٍ وَجَعَلَ عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا، فَلَوْ كَانَ أَهْلُ الْعِلْمِ وَالْإِيمَانِ عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةٌ أَنْ يَفْقَهُوا بَعْضَهُ لَشَارَكُوهُمْ فِي ذَلِكَ .
ومنها : أَنَّ الصَّحَابَةَ وَالتَّابِعِينَ لَمْ يَمْتَنِعْ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَنْ تَفْسِيرِ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ، وَلَا قَالَ هَذِهِ مِنْ الْمُتَشَابِهِ الَّذِي لا يُعْلَمُ مَعْنَاهُ، وَلَا قَالَ قَطُّ أَحَدٌ مِنْ سَلَفِ الْأُمَّةِ وَلَا مِنْ الْأَئِمَّةِ الْمَتْبُوعِينَ : إنَّ فِي الْقُرْآنِ آيَاتٍ لَا يَعْلَمُ مَعْنَاهَا وَلا يَفْهَمُهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَا أَهْلُ الْعِلْمِ وَالْإِيمَانِ جَمِيعُهُمْ، وَإِنَّمَا قَدْ يَنْفُونَ عِلْمَ بَعْضِ ذَلِكَ عَنْ بَعْضِ النَّاسِ وَهَذَا لَا رَيْبَ فِيهِ .
 
قلت: الذي أفهمه أن القرآن الكريم يسره الله وبيَّنه، فقد جاء بلسان عربي مبين ، ولكن أفهام الناس تختلف فمنهم من تسلَّح بعلوم فهم القرآن الكريم وهي كثيرة جداً ، عمدها الرئيسة : علوم القرآن وعلوم السنة وعلم الأصول وعلم اللغة .......، ومنهم من عدّ علم الموهبة والفتح الذي يعنى به العلم المعروف بإضافة علوم السلوك والترقي في مقامات الأتقياء ضمن علوم معرفة تفسير القرآن الكريم .ومن حاز هذه العلوم فإن القرآن الكريم أمامه جلياً لا غموض يجده البتة ـ إن شاء الله ـ .
ومن ليس لديه سلاح المعرفة الذي ذكرنا منه طرفاً، فإنه إن علم آية من القرآن فقد غابت عنه آيات ....
فالقرآن واضح جلي للمتفكرين إذ لا تنقضي عجائبه، ولا يشبع منه العلماء ولا يمله الأتقياء ، ولا يخلق عن كثرة الرد ـ أي لا يبلى ـ . ولكن فهم بعض مواضعه من عدمه يتوقف علينا نحن ـ كما أسلفت ـ والموضوع رحب للمشاركين...والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
 
السلام عليكم
1/ هل يوجد هناك آيات لها معنى، ولكن بلغ خفاء المعنى درجةكبيرة إلى أن وصل إلى أنه لا يعلم معناها أحد ( هذا مابحثه مالك في روايةِ أشهب من «جامع العتبيَّة»، ونسبه الخفاجيُّ إلى الحنفيَّةِ، وإليه مال الإمام الشَّاطِبِيُّ في «المُوافَقَات») .
2/ وهل هناك آيات لا معنى لها فلن يعلم معناها أحد من الخلق مهما سأل وبحث، ولا يعلم معناها إلا الله تعالى. وهذا ماحكى فيه ابن تيمية الإجماع.
وبين المسألتين فرق.
 
عودة
أعلى