هل فى القُرآن الكريم ما يدُل على امكانية الوصول الى الكواكب ؟

إنضم
10/06/2020
المشاركات
6
مستوى التفاعل
2
النقاط
3
العمر
26
الإقامة
مصر
موضوع للبحث ..
س1 : هل فى القُرآن الكريم ما يدُل على عدم امكانية الوصول الى الكواكب ؟
س2 : هل فى هذه الاية ما يدُل على عدم امكانية الوصول الى سطح القمر ؟
وهى قوله تعالى (يا معشر الجن والانس ان استطعتم ان تنفذوا من أقطار السماوات والأرض فانفذوا لا تنفذون الا بسُلطان) الاية ؟
س3 : ما الفرق بين السماء التى فيها الافلاك والنجوم والكواكب الثابتة والسيارة . وبين السماء التى هى السقف المحفوظ ؟
وابسطوا الكلام فى ذلك مأجورين باذن الله ..
 
التعديل الأخير:
أخي الفاضل
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذا موضوع في غاية الأهمية ، ولي بحث على ضوء النص القرآني في التفريق المعنوي والدلالي بين السماء والسماوات مستندا في ذلك الى النص القرآني.
بدأت في كتابته على هيئة حلقات متتابعة وتوقفت لسبب لا داعي لذكره .
ابرز ما أريد قوله ان السماوات شيء والسماء شيء آخر.
والنفاذ من أقطار السماوات لا يراد به الانتقال بين الكواكب في سمائنا الدنيا بل الانتقال لبعد آخر من الأبعاد السبعة المسماة بالسماوات.
 
اشكر لك اخى الفاضل الطيب .. مشاركتك ..
وقد وجدت كلامًا له ارتباط بالموضوع ..
وقد زال الاشكال الى حدٍ كبير ولله الحمد ، ولكن فتح باب النقاش فى الموضوع مُفيد ..
قولك (النفاذ من أقطار السماوات لا يراد به الانتقال بين الكواكب)
صادق وقد فهمت الفهم الصحيح للأية :
فهذه الأية اختلف أهل التأويل فى تفسيرها
وقد ذكر امام المُفسرين ابن جرير رحمه الله . وغيره من عُلماء التفسير فى تفسير هذه الأية الكريمة أقوالًا أحسنها قولان :
أحدُهما : أن المُراد بذلك يوم القيامة ، وأن الله سُبحانه أخبر فيها عن عجز الثقلين يوم القيامة عن الفرار من أهوالها ، وقد قدم ابن جرير هذا القول ، وذكر أن فى الأية التى بعدها ما يدُل على اختياره له
وقد روى باسناده : عن الضحاك بن مزاحم انه قال :
" إذا كان يوم القيامة أمر الله السماء الدنيا فتشقَّقت بأهلها، ونـزل من فيها من الملائكة، فأحاطوا بالأرض ومن عليها بالثانية، ثم بالثالثة، ثم بالرابعة، ثم بالخامسة، ثم بالسادسة، ثم بالسابعة، فصفوا صفا دون صف، ثم ينـزل الملك الأعلى على مجنبِّته اليسرى جهنم، فإذا رآها أهل الأرض ندوّا، فلا يأتون قطرا من أقطار الأرض إلا وجدوا سبعة صفوف من الملائكة، فيرجعون إلى المكان الذي كانوا فيه، فذلك قول الله إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ * يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ ، وذلك قوله: وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا * وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ ، وقوله: ( يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلا بِسُلْطَانٍ )، وذلك قوله: (وَانْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ * وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا .)" أ.هـ
والقول الثانى : أن المُراد بذلك . بيان عجز الثقلين عن الهُروب من الموت لأنه لا سُلطان لهم يُمكنهم من الهروب من الموت ، كما أنه لا سُلطان لهم على الهروب من أهوال يوم القيامة
وروى بسنده عن الضحاك انه قال : " يقول ( يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإنْسِ ) .... الآية، يعني بذلك أنه لا يجيرهم أحد من الموت، وأنهم ميتون لا يستطيعون فرارا منه، ولا محيصا، لو نفذوا أقطار السموات والأرض كانوا في سُلطان الله، ولأخذهم الله بالموت."
وعلى هذين القولين يكون المُراد بالسُلطان : القوة
والقول الثالث :
رواه بسنده عن ابن عباس قوله : "إن استطعتم أن تعلموا ما في السموات والأرض فاعلموه، لن تعلموه إلا بسلطان، يعني البينة من الله جلّ ثناؤه."
قوله (لا تنفذون الا بسُلطان)
المُراد بالسُلطان ذُكرفيه اقوال
قيل : الا بحُجة وبينه . وقيل : الا بمُلك وليس لكُم مُلك ..
قال ابن جرير: "وأولى الأقوال فى ذلك بالصواب : قول من قال . معنى ذ لك : الا بحُجة وبينة ، لأن ذلك هو معنى السُلطان فى كلام العرب ، وقد يدخل الملك فى ذلك ، لأن المُلك حُجة"
وروى بسنده عن عكرمة (لا تنفذون الا بسُلطان) قال : كُل شئ فى القُرآن سلطان فهو حُجة
وكذلك قال مُجاهد بحُجة
وقال قتادة : (لا تنفذون الا بسُلطان) لا تنفذون الا بمُلك ، وليس لكُم مُلك
وقيل المُراد بالسُلطان : القوة كما سبق

وهكذا يزول الاشكال اذ المُراد بهذه الاقوال ، ان هذا اما ان يكون فى يوم القيامه ، واما ان فى الدُنيا لكن المُراد بيان عجزهم عن الهروب من الموت ، وقضاءة وقدره ، وحُكمه الكونى ..
مع ان بعض العُلماء استدل بالاية على امكانية الوصول الى القمر ،
وجه الاستدلال انه قال (لا تنفذون الا بسُلطان) وهو هذا العلم المادى واجهزة القمر الصناعى والصواريخ الخ كذا قالوا ..

لكن اخى قولك (لا يراد به الانتقال بين الكواكب في سمائنا الدنيا) فيه اشتباه ..
ماذا تقصد بالسماء الدُنيا ؟
بعد اختراقنا للغُلاف الجوى وطبقاته ، نكون قد وصلنا الى الفضاء والكون وليس السماء الدُنيا
و لا نستطيع الوصول الى السماء الدُنيا وفق النص القُرآنى ، اذ هى السقف المحفوظ .
الا اذا اردت بالسماء العُلو كما فى قوله تعالى (الذى جعل لكم الأرض فراشًا والسماء بناءًا وانزل من السماء ماءًا )
ذكر جماعة من المُفسرين فى قوله (انزل من السماء) ان المُراد بالسماء هُنا السحاب
اذ كُل ما علاك فى لُغة العرب فهو سماء . فكذلك الفضاء والافلاك والكون الخارجى يُسمى سماء بهذا الاعتبار
ولهذا يرى كثير من العُلماء ان القمر والشمس وسائر الكواكب ليسوا فى السماء التى هى السقف المحفوظ ، اى ليسو فى السماوات السبع الطباق ..
بل فى فلك بين السماء والأرض ..
كما روى عن الحسن البصرى وغيره ..
 
وهذا بحثُ مُهم له ارتباط بموضوعنا ، احببت ان انقله للفائدة ..
للعلامة محمد بن صالح العُثيمين رحمه الله
wAAACH5BAEKAAAALAAAAAABAAEAAAICRAEAOw==

قال فى (رسالة حول الوصول الى القمر) كما فى مجموع فتاواه ورسائله 5/319 :
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدُ لله رب العالمين ، ونُصلى ونُسلم على نبينا مُحمد ، وعلى آله واصحابه ، ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين .. أما بعد :
فقد تواترت الأخبار بانزال مركبة فضائية على سطح القمر بعد المُحاولات العديدة التى استنفدت فيها الطاقات الفكرية والمادية والصناعية عدة سنوات وقد أثار هذا النبأ تساؤلات وأخذًا وردًا بين الناس
فمن قائل ان هذا باطل مُخالف للقرآن ، ومن قائل ان هذا ثابت والقُرآن يؤيده ، فالذين ظنوا أنه مُخالف للقُرآن
قالوا : ان الله أخبر أن القمر فى السماء فقال (تبارك الذى جعل فى السماء بروجًا وجعل فيها سراجًا وقمرًا مُنيرًا)
وقال (وجعل القمر فيهن نورًا وجعل الشمس سراجًا)
واذا كان القمر فى السماء فانه لا يُمكن الوصول اليه ، لأن الله جعل السماء سقفًا محفوظًا ، والنبى صلى الله عليه وسلم أشرف الخلق ومعه جبريل أشرف الملائكة وكان يستأذن ويستفتح عند كُل سماء ليلة المعراج ولا يحصل لهما دخول السماء الا بعد أن يفتح لهما فكيف يُمكن لمصنوعات البشر أن تنزل على سطح القمر وهو فى السماء المحفوظة

والذين ظنوا أن القُرآن يؤيده
قالوا : ان الله قال فى سورة الرحمن (يا معشر الجن والانس ان استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض فانفذوا لا تنفذون الا بسُلطان)
والسُلطان العلم وهؤلاء استطاعوا أن ينفذوا من أقطار الأرض بالعلم فكان عملهم هذا مُطابقًا للقُرآن وتفسيرًا له

واذا صح ما تواترت به الأخبار من انزال مركبة فضائية على سطح القمر فان الذى يظهر لى أن القُرآن لا يُكذبه ولا يُصدقه فليس فى صريح القُرآن ما يُخالفه ، كما أنه ليس فى القُرآن ما يدُل عليه ويؤيده
1- أما كون القُرآن لا يُخالفه فلأن القُرآن كلام الله تعالى المُحيط بكل شئ علمًا فهو سُبحانه يعلم ما كان وما يكون من الأمور الماضية والحاضرة ، والمُستقبة ، سواء منها ما كان من فعله ، أو من خلقه فكل ما حدث أو يحدُث فى السماوات أو فى الأرض من أمور صغيرة ، أو كبيرة ظاهرة ، أو خفية فان الله تعالى عالم به ولم يحدُث الا بمشيئته وتدبيره لا جدال فى ذلك .
فاذا كان كذلك فالقُرآن كلامه وهو سُبحانه أصدق القائلين ومن أصدق من الله قيلًا ، وكلامه أحسن الكلام وابلغه فى البيان ، ومن أحسن من الله حديثًا فلا يُمكن أن يقع فى كلامه الصادر عن علمه ، والبالغ فى الصدق والبيان غايته لا يُمكن أن يقع فى كلام هذا شأنه ما يُخالف الواقع المحسوس أبدًأ ، ولا أن يقع فى المحسوس ما يُخالف صريحه أبدًا
ومن فهم أن فى القُرآن ما يُخالف الواقع ، أو أن من المحسوس ما يقع مُخالفًا للقُرآن ففهمه خطأ بلا ريب

والآيات التى يظُنها بعض الناس دالة على أن القمر فى السماء ليس فيها التصريح بأنه مُرصع فى السماء نفسها التى هى السقف المحفوظ نعم ظاهر اللفظ أن القمر فى السماء نفسها ، ولكن ان ثبت وصول السُفن الفضائية اليه ونزولها على سطحه فان ذلك دليل على أن القمر ليس فى السماء الدُنيا التى هى السقف المحفوظ وانما هو فى فلك بين السماء والأرض كما قال تعالى (وهو الذى خلق الليل والنهار والشمس والقمر كلُ فى فلكٍ يسبحون) وقال تعالى (لا الشمس ينبغى لها أن تُدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكلُ فى فلكٍ يسبحون)
قال بن عباس - رضى الله عنهما - : "يدورون كما يدور المغزل فى الفلكة" وذكر الثعلبى والماوردى عن الحسن البصرى انه قال :
"الشمس والقمر والنجوم فى فلك بين السماء والارض غير مُلصقة به ولو كانت مُلصقه به ما جرت"
ذكره عنهما القُرطبى فى تفسير سورة يس

والقول بأن الشمس والقمر فى فلك بين السماء والأرض لا يُنافى ما ذكر الله من كونهما فى السماء ، فان السماء يُطلق تارة على كل ما علا ..
قال ابن قُتيبة : "كُل ما علاك فهو سماء) فيكون معنى كونهما فى السماء أى فى العلو أو على تقدير مُضاف أى فى جهة السماء
وقد جاءت كلمة السماء فى القُرآن مرادًا بها العُلو كما فى قوله تعالى (ونزلنا من السماء ماءًا مُباركًا)
يعنى المطر ، والمطر ينزل من السحاب المُسخر بين السماء والأرض

واذا ثبت ما ذكروا عن سطحية القمر فان ذلك يزيدنا معرفة فى آيات الله العظيمة حيث كان هذا الجرم العظيم وما هو أكبر منه وأعظم يجرى بين السماء والأرض الى الأجل الذى عينه الله تعالى لا يتغير ولا يتقدم ولا يتأخر عن السير الذى قدره له العزيز العليم ، ومع ذلك فتارة يُضى كله فيكون بدرًا ، وتارة يُضى بعضه فيكون قمرًا أو هلالًا ذلك تقدير العزيز العليم

وأما ما اشتُهر من كون القمر فى السماء الدُنيا ، وعطارد فى الثانية ، والزُهرة فى الثالثة ، والشمس فى الرابعة ، والمريخ فى الخامسة ، والمُشترى فى السادسة ، وزُخل فى السابعة
فان هذا مما تُلقى عن علماء الفلك والهيئة وليس فيه حديث صحيح عن النبى صلى الله عليه وسلم .
ويدل على ذلك ان ابن كثير رحمه الله مع سعة اطلاعه لما تكلم على أن الشمس فى الفلك الرابع قال :
"وليس فى الشرع ما ينفيه بل فى الحس وهو الكسوفات ما يدُل عليه ويقتضيه" أ.هـ
فقوله (وليس فى الشرع ما ينفيه) واستدلاله على ثبوته بالحس . دليل على أنه ليس فى الشرع ما يُثبه أى ما يُثبت ان الشمس فى الفلك الرابع والله أعلم

2- وأما كون القُرآن لا يدُل على وصول السُفن الفضائية الى القمر فلأن الذين ظنوا ذلك .
أستدلوا بقوله تعالى (يا معشر الجن والأنس ان استطعتم ان تنفذوا من أقطار السماوات والأرض فانفُذوا لا تنفُذون الا بسُلطان)
وفسروا السُلطان بالعلم

وهذا الاستدلال مردود من وجوه :
الأول : أن سياق الآية يدُل على أن هذا التحدى يكون يوم القيامة ويظهر ذلك جليًا لمن قرأ هذه السورة من أولها فان الله ذكر فيها ابتداء خلق الانسان والجان ، وما سخر للعباد فى افاق السماوات والأرض ، ثم ذكر فناء من عليها ثم قال (سنفرُغ لكم ايُه الثقلان) . وهذا الحساب ثم تحدى الجن بأنه لا مفر لهم ولا مهرب من أقطار السماوات والأرض فيستطيعون الهروب ولا قُدرة لهم على التناصر فينصروا وينجوا من المرهوب ، ثم أعقب ذلك بذكر الجزاء لأهل الشر بما يستحقون ، ولأهل الخير بما يؤملون ويرجون

ولاشك ان السياق يُبين المعنى ويُعينه فُرب كلمة أو جُملة صالحة لمعنى فى موضع ولا تصلُح له فى موضعٍ آخر ، وأنت ترى أحيانًا كلمة واحدة لها معنيان مُتضادان يتعين المُراد منهُما بواسطة السياق كما هو معروف فى كلمات الاضداد فى اللُغة

فلو قُدر أن الأية الكريمة تصلُح أن تكون فى سياق ما خبرا لما سيكون فى الدُنيا فانها فى هذا الموضع لا تصلح له بل تتعين أن تكون للتهديد والتعجيز يوم القيامة وذلك لما سبقها ولحقها من السياق

الثانى : ان جميع المُفسرين ذكروا انها للتهديد والتعجيز وحمهورهم على أن ذلك يوم القيامة
وقد تكلم الشيخ محمد الأمين الشنقيطى على هذه الأية فى سورة الحجر عند قوله تعالى (ولقد جعلنا فى السماء بروجًا وزيناها للناظرين وحفظناها من كُل شيطانٍ رجيم) ووصف من زعم انها تُشير الى الوصول الى السماء وصفه بأنه لا علم عنده بكتاب الله

الثالث : انه لو كان معناها الخبر عما سيحدُث.لكان معناها يا معشر الجن والانس انكم لن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض الا بعلم وهذا تحصيل حاصل فان كُل شئٍ لا يُمكن ادراكه الا بعلم أسباب ادراكه والقُدرة على ذلك ، ثم ان هذا المعنى يسلُب الأية روعتها فى معناها وفى مكانها فان الاية سبقها الانذار البليغ بقوله تعالى (سنفرُغ لكم أيُها الثقلان)
وتلاها الوعيد الشديد فى قوله (يُرسَل عليكما شُواظُ من نار ونُحاس فلا تنتصران)

الرابع : ان دلالة الآية على التحدى ظاهرةً جدًا
1- لما سبقها ويتلوها من الأيات
2- أن ذكر معشر الجن والانس مُجتمعين معشرًا واحدًأ فهو قريب من مثل قوله تعالى (قُل لئن اجتمعت الانس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القُرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعضٍ ظهيرًا)
3- ان قوله (ان استطعتم) ظاهر فى التحدي خُصوصًا وقد أتى ب "ان" دون "اذا" لأن "اذا" تدُل على وقع الشرط بخلاف "ان"
4- انه لو كان معناها الخبر لكانت تتضمن التنويه بهؤلاء والمدح لهم حيث عملوا وبحثوا فيما سخر الله لهم حتى وصلوا الى النفوذ وفاتت النبى صلى الله عليه وسلم ، وأصحابه الذين هم أسرع الناس امتثالًا لما دعا اليه القُرآن
5- ان الأية الكريمة علقت الحُكم بالجن والانس ومن المعلوم ان الجن حين نزول القُرآن كانوا يستطيعون النفوذ من أقطار الأرض الى أقطار السماء كما حكى الله عنهم (وأنا لمسنا السماء فوجدناها مُلئت حرسًا شديدًا وشُهبًا وأنا كُنا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الآن يجد له شهابًا رصدًا) فكيف يُعجزهم الله بشئ كانوا يستطيعونه ،
فان قيل : انهم كانوا لا يستطيعونه بعد بعثة النبى صلى الله عليه وسلم ، قُلنا : هذا أدل على أن المُراد بالآية التعجيز لا الخبر
6- ان الآية عقلت الحُكم بالنفوذ من أقطار السماوات والأرض ومن المعلوم انهم ما استطاعوا ولن يستطيعوا أن ينفذوا من أقطار السماوات مهما كانت قوتهم
7- أن الاية الكريمةأعقبت بقوله تعالى (يُرسل عليكما شواظُ من نارٍٍ ونُحاس فلا تنتصران)
ومعناها والله اعلم . انكم يا معشر الجن والانس لو حاولتما النفوذ من ذلك لكان يُرسل عليكما شواظُ من نارٍ ونُحاس والمعروف ان هذه الصواريخ لم يُرسل عليها شُواظ من نار ولا نحاس فكيف تكون هى المقصود بالآية
8- ان تفسيرهم السُلطان هُنا بالعلم فيه نظر فان السُلطان ما فيه سُلطة للواحد على ما يُريد السيطرة عليه والغلبة ويختلف باختلاف المقام فاذا كان فى مقام العمل ونحوه فالمُراد به القوة والقُدرة ومنه قوله تعالى عن ابليس (انه ليس له سُلطانُ على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون انما سُلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون)
فالسُلطان فى هذه الاية . بمعنى القُدرة ولا يصح أن يكون بمعنى العلم ، ومنه السُلطان المذكور فى الآية التى نحن بصددها فان النفوذ عمل يحتاج الى قوة وقدرة والعلم وحده لا يكفى وهؤلاء لم يتوصلوا الى ما ذُكر عنهم بمجرد العلم ولكن بالعلم والقُدرة والأسباب التى سخرها الله لهم ، واذا كان السُلطان فى مقام المحاجة والمُجادلة كان المُراد به البُرهان والحُجة التى يُخصم بها خصمه ومنه قوله تعالى (ان عندكم من سُلطان بهذا) .
أى من حُجة وبُرهانٍ ولم يات السُلطان فى القُرآن مُرادًا به مُجرد العلم والاشتقاق يدل على أن المُراد بالسُلطان ما به سُلطة للعبد وقُدرة وغلبة

فتبين بهذا أن الأية الكريمة لا يُراد بها الأشارة الى ما ذُكر من السُفن الفضائية وانزالها اللى القمر وهذه الوجوه التى ذكرناها منها ما هو ظاهر ومنها ما يحتاج الى تأمل وانما نبهنا على ذلك خوفًا من تفسير كلام الله بما لا يُراد به لأن ذلك يتضمن محذورين :
أحدهما : تحريف العلم عن مواضعه حيث أُخرج عن معناه المُراد به
الثانى : التقول على الله بلا علم حيث زعم أن الله أراد هذا المعنى مع مُخالفته للسياق وقد حرم الله على عباده أن يقولوا عليه مالا يعلمون

بقى أن يُقال : اذا صح ما ذُكر من انزال المركبة الفضائية على سطح القمر فهل بالامكان انزال انسان على سطحه ؟
فالجواب : ان ظاهر القُرآن عدم امكان ذلك وان بنى آدم لا يحيون الا فى الأرض يقول الله تعالى (فيها تحيون وفيها تموتون ومنها تُخرجون) فحصر الحياة فى الأرض والموت فيها والأخراج منها ، وطريق الحصر فيها تقديم ما حقه التأخير .
ونحو هذه الاية قوله تعالى (منها خلقناكم وفيها نُعيدكم ومنها نُخرجكم تارةً اُخرى) حيث حصر ابتداء الخلق من الأرض ، وأنها هى نُعاد فيها بعد الموت ونخرُج منها يوم القيامة ، كما أن هُناك آيات تدُل على أن الأرض محل عيشة الانسان
(ولقد مكناكم فى الأرض وجعلنا لكم فيها معايش) فظاهر القُرآن بلا شك يدُل على أن لا حياة للانسان الا فى هذه الأرض التى منها خُلق ، واليها يُعاد ، ومنا يخرُج ، فالواجب أن نأخذ بهذا الظاهر وأن لا تبعد أوهامنا فى تعظيم صناعة المخلوق الى حد نُخالف به ظاهر القُرآن رجمًا بالغيب ، ولو فُرض أن أحد من بنى آدم تمكن من النزول على سطح القمر وثبت ذلك ثبوتًا قطعيًا أمكن حمل الآية عليه على أن المُراد بالحياة المذكورة الحياة المُستقرة الجماعية كحياة الناس على الأرض وهذا مُستحيل والله اعلم

وبعد فان البحث فى هذا الموضوع قد يكون من فضول العلم لولا ما دار حوله من البحث والمُناقشات حتى بالغ الناس فى رده وانكاره ، وغلا بعضهم فى قبوله واثباته ، فالأولون جعلوه مُخالفًا للقُرآن ، والآخرون جعلوه مؤيدًأ بالقُرآن فأحببت أن اكتب ما حررته هُنا على حسب ما فهمته بفهمى القاصر وعلمى المحدود

وأسأل الله أن يجعل ذلك خالصًا لوجهه نافعًا لعباده والحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم على نبينا مُحمد واله وصحبه أجمعين

---------
أ.هـ كلام بن عثيمين ، بكماله ، وهو كلام نفيس
 

بسم الله الرحمن الرحيم



أحسن الله إليكم وزادكم علماً وفهماً ، أخي الفاضل أرجو التكرم بالتركيز الشديد فيما سأورده وأسأل الله أن يعينني على بيان ما أعتقده بصورة غير مخلة وأن يصل هذا الفهم لكم كما أفهمه.


إن مما أنعم الله به على البشرية هو فهم وإدراك قوانين الفيزياء ونظرية النسبية العامة والخاصة والسنن التي تسير هذا الكون العظيم أثبتت بأن عناصر كلية مهمة (الزمن ، المكان ، الاتجاهات) هي مسائل نسبية مرتبطة ببعضها البعض ، فالزمن مرتبط بشروق وغروب الشمس وبمعنى آخر بدوران الأرض حول محورها ودورانها حول الشمس ، فإذا خرجت من المحيط الأرضي وعشت على سطح المريخ مثلا فإن عامل الزمن المرتبط بالمكان يختل تماما ولا يعود اليوم كيومنا الذي نعرفه ولا السنة والشهر كما نعمل به على الأرض.

ولو قدر لبشر أن يبقى سابحاً في الفضاء فقد صار في فراغ وهنا بكل تأكيد فلن يخضع لعامل الزمن لأنه لم يعد هناك عناصر تنشئ الزمن كالشروق والغروب ونحو ذلك وبالتالي فطالما المكان والزمان مرتبطان ببعضهما فإن المسألة قبل ظهور هذه الحقائق العلمية لم تكن واضحة للعلماء مما يوجب علينا إعادة النظر فيما تقرر عند بعضهم (ولو أن المسألة خلافية).
وبذلك نقول بأن مسائل الاتجاهات مرتبطة بالمكان فنقول فوق وتحت ويمين مرتبطة بالمكان الذي يتحدث منه الواصف فالرجل في الدور الثاني يتحدث عن جاره الذي فوقه والذي تحته بناء على مكانه هو ، ولكن جاره الذي يعلوه ينظر للأول انه تحت فالمسألة (نسبية).


وبذات المفهوم نقول بأن الخروج من محيط الأرض هو خروج من المكان وبالتالي لم يعد ممكناً أن يقال فلان فوق ، فساكن القطب المتجمد الجنوبي اذا ارتفع فوقه جسم لعشرة كيلومترات في السماء فهو صاعد ، ولكن ساكن القطب المتجمد الشمالي يعتبر ذلك الجسم المرتفع (بالنسبة له) نازل لأن القطب المتجمد الجنوبي (أسفل) بالنسبة له
.
ولذلك فقد بين الله لنا بإشارات قرآنية المغايرة في السنن بين السموات الأخرى وسماءنا الدنيا وعندما أقول سماءنا الدنيا فأنا أعنى الكون المنظور الملموس الذي تسبح فيه الكواكب والمجرات لملايين السنين الضوئية ، فهذه كلها تعد من السماء الدنيا فقال تعالى :


(وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ) [الحج:47]

فالزمن مسألة نسبية تختلف باختلاف الناظر إليه كما أن ربنا جل جلاله
cleanpastedhtml
يقول :

(يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّون) السجدة:5

كما أن الله دائما ما يقول في مسألة الانتقال بين السماوات (يعرج) فهو ليس صعود بل عروج وهي حالة مختلفة تناسب طبيعة الملائكة والانتقال بين السماوات السبع.

(فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَىٰ فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَٰلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (فصلت:12



وبالتالي فإن الأيام والأزمان التي نعرفها مختصة بقانون فيزيائي من قوانين السماء الدنيا التي تشمل الكواكب والمجرات والأفلاك التي تصلها مسابرنا وصواريخنا ومناظيرنا والتي تخضع لقانون المادة والجاذبية ونحو ذلك.
السماء الثانية هو كون آخر يتفوق على الكون الذي نحن فيه ولا يقال انه فوق أو تحت كما قلنا لأن مسألة الاتجاهات ليست متعلقة بسمائنا الدنيا بل متعلقة بموقعنا في سماءنا الدنيا وبالتالي فلا وجه لاستعمال هذه المصطلحات الدنيوية النسبية في هذه الحالة (فوق وتحت وغير ذلك) ولكن يقال فوق من التفوق والتميز بخواص لم يتميز بها كوننا الدنيوي (السماء الأولى) وليس فوق من الظرفية المكانية وهكذا بقية السماوات.


ولعلي قبل أن انتقل لنقاط أخرى نقف لنتلقى نقاط الاعتراض على ما سبق ولكم خالص الدعاء
 
لكن اخى قولك (لا يراد به الانتقال بين الكواكب في سمائنا الدنيا) فيه اشتباه ..
ماذا تقصد بالسماء الدُنيا ؟
بعد اختراقنا للغُلاف الجوى وطبقاته ، نكون قد وصلنا الى الفضاء والكون وليس السماء الدُنيا
و لا نستطيع الوصول الى السماء الدُنيا وفق النص القُرآنى ، اذ هى السقف المحفوظ .
الا اذا اردت بالسماء العُلو كما فى قوله تعالى (الذى جعل لكم الأرض فراشًا والسماء بناءًا وانزل من السماء ماءًا )

إلحاقاً و تعليقاً وتوضيحا لقصدي أقول أن السماء الدنيا هي كل الفضاء المنظور بما فيه من كواكب ومجرات وأفلاك إلى مليارات السنين ولا يراد بالسماء الدنيا طبقات الجو الدنيا التي تحيط بالأرض ودليل ذلك قوله تعالى :
إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ [الصافات:6] فالكواكب والأجرام التي تبعد عنا مليارات السنين تعتبر في "السماء" وليست في السماوات فهي في السماء الدنيا.
ونقول أن السماء الدنيا تشمل الأرض وما عليها وتشمل كل السنن الكونية الدنيا التي تحكم الكون المنظور فإن انتقلنا للسماء الثانية ففيها ارضها وفضاؤها وسننها وقوانينها وهي متفوقة على السماء الدنيا وأقل شأنا من السماء الثالثة وهكذا حتى نصل للسماء السابعة.
وأهل كل سماء (بيئة كونية) يخضعون لقوانين وسنن تختلف عما يعلوها وعما يسفل عنها ، فأهل السماء الثانية يرون أهل السماء الدنيا ولكن أهل السماء الدنيا لا يرونهم فهم يملكون من الخواص والتفوق ما يعلو بدرجتهم وقدراتهم عن أهل السماء الدنيا.
ثم أهل السماء الثالثة يرون ويقدرون على مالا يقدر عليه أهل السماء الثانية والسماء الدنيا وهكذا حتى نصل إلى السماء السابعة الذين يتفوقون على السماوات الست التي دونهم ، لذلك فلما خلق الله آدم خلقه في السماء السابعة فكانت الرؤية بينه وبين ابليس والملائكة بأصنافهم متأتية وممكنة ، ثم لما أهبطه في سماء (كون) اقل درجة من السماء السابعة وهي الجنة التي سكنها هو وزوجه ، أصبحت بعض الكائنات غير مرئية له ومنها ابليس حتى تمكن من خداعه واكل من الشجرة ثم ردهم أسفل سافلين الى السماء الدنيا التي تقل قدراتهم فيها عما كانوا عليه في السماء السابعة وما دونها.

ولذلك يقول تعالى :
وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ [آل عمران:133]
ومن يفهم بأن العرض هو المقابل للطول هنا قد اخطأ وأبعد الفهم عن الحقيقة ، فكيف يكون مسافة أفقية والأرض كرة ليست من جنس السماء (لو كان المراد السماء التي تعلونا) بل العرض هنا يراد به نطاق الرؤية ، فأهل الجنة ينعم الله عليهم برؤية السماوات السبع ولا يحجب عليهم شيء ، فيكون العرض في هذا الموضع يقصد به (مجال الرؤية) وليس العرض أي البعد الأفقي المتعامد مع الطول.
لو تتبعنا مفردة "عرض" في كتاب الله لفهمنا أن العرض هنا مجال الرؤية ولم يأت أبداً دالا على نقيض الطول أو دالا على مسافة أفقية يقول تعالى :
وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَٰؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ [البقرة:31]
عرض ذوي الأسماء على الملائكة أي أصبحوا مرئيين للملائكة وفي مجال المشاهدة البصرية بالسنن التي خلقهم الله بها .
ويقول تعالى :
وَعُرِضُوا عَلَىٰ رَبِّكَ صَفًّا لَقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِدًا [الكهف:48]
جمعوا فاطلع عليهم ربنا جل وعلا في حالتهم تلك ، فكان العرض هنا هو الرؤية والاطلاع .

يقول تعالى :
وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكَافِرِينَ عَرْضًا [الكهف:100]
أي مكناهم من رؤية جهنم وأهوالها قبل أن يدخلوها حتى يذوقوا العذاب قبل وقوعه وهو عذاب الرعب مما سينالهم في جهنم.

ويقول تعالى :
إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ [ص:31]
فالعرض هنا هي الرؤية والمشاهدة .

وهكذا فأهل الجنة بتمتعون بقدرات متفوقة منها رؤية كل السماوات السبع ومافيها من خلق ، ولهم من القدرات ما يفوق أهل السماوات السبع مجتمعة ويتنعمون في كون خاص لا يناله من سواهم من أهل السماوات والأرض ، فإن كانت السماء السابعة وأهلها لهم من الكرامة والنعمة والقدرة مالا يتصوره عقل فكيف بأهل الجنة الذين يفوقون أهل السماوات كلها بما فيها السماء السابعة.
 
إلحاقاً و تعليقاً وتوضيحا لقصدي أقول أن السماء الدنيا هي كل الفضاء المنظور بما فيه من كواكب ومجرات وأفلاك إلى مليارات السنين ولا يراد بالسماء الدنيا طبقات الجو الدنيا التي تحيط بالأرض ودليل ذلك قوله تعالى :
إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ [الصافات:6] فالكواكب والأجرام التي تبعد عنا مليارات السنين تعتبر في "السماء" وليست في السماوات فهي في السماء الدنيا.
ونقول أن السماء الدنيا تشمل الأرض وما عليها وتشمل كل السنن الكونية الدنيا التي تحكم الكون المنظور
{ إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى }
هذا الدليل ظاهرة ان الكواكب مُلاصقه للسماء الدُنيا وداخلةً فيها ، ولكن عند التأمل نرى انه لا يدُل على ذلك ..
اذ لا يلزم من كون الشئ زينةً للشئ ان يكون مُلاصقًا له او مُتصلًا به وداخلًا فيه
يقول الشيخ ابن عُثيمين رحمه الله :
"وقوله (بزينةٍ الكواكب) يعنى أن الكواكب تُزين السماء
وسنورد على هذا ايراداً . وهو أننا ذكرنا قبل آنفًا أن النجوم والكواكب فى فلكٍ بين السماء والأرض ، وظاهر الأية أن تزين السماء الدُنيا بشئٍ لاصقٍ به
والجواب على ذلك أن يُقال : ان الشئ قد يُزين بالشئ ، ولو كان مُنفصلًا عنه .
أرأيت لو وضعت ثريات خارج القصر فاذا نظرت الى القصر والثريات بينك وبينه فان هذه الثريات ستكون زينةً للقصر مع أنها فى الواقع ليس لاصقةً به ، فكل شئ يُحول يكون بينك وبين شئ آخر فانه سيتصف به الشئ الثانى ، وسيكون فى نظرك مُلاصقًا له "
أ.هـ من [تفسير سورة الصافات ص26] وهو كلامُ نفيسُ جدًا

وعليه فلا يصح قولك (السماء الدنيا هي كل الفضاء المنظور بما فيه من كواكب ومجرات وأفلاك إلى مليارات السنين)
ولا يوجد دليل صريح عليه من القُرآن الكريم ينُص على ان هذا الفضاء والكواكب والقمر والشمس الخ داخل مُلاصق للسماء الدُنيا ..
بل يوجد دليل يدُل على ان هذه الاشياء انما هى فى فلكٍ بين السماء والأرض ..

يقول الشيخ ابن عُثيمين فى (رسالة الوصول الى القمر) :
"والآيات التى يظُنها بعض الناس دالة على أن القمر فى السماء ليس فيها التصريح بأنه مُرصع فى السماء نفسها التى هى السقف المحفوظ نعم ظاهر اللفظ أن القمر فى السماء نفسها ، ولكن ان ثبت وصول السُفن الفضائية اليه ونزولها على سطحه فان ذلك دليل على أن القمر ليس فى السماء الدُنيا التى هى السقف المحفوظ وانما هو فى فلك بين السماء والأرض كما قال تعالى (وهو الذى خلق الليل والنهار والشمس والقمر كلُ فى فلكٍ يسبحون) وقال تعالى (لا الشمس ينبغى لها أن تُدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكلُ فى فلكٍ يسبحون)
قال بن عباس - رضى الله عنهما - : "يدورون كما يدور المغزل فى الفلكة"
وذكر الثعلبى والماوردى عن الحسن البصرى انه قال :
"الشمس والقمر والنجوم فى فلك بين السماء والارض غير مُلصقة به ولو كانت مُلصقه به ما جرت"
ذكره عنهما القُرطبى فى تفسير سورة يس

والقول بأن الشمس والقمر فى فلك بين السماء والأرض لا يُنافى ما ذكر الله من كونهما فى السماء ، فان السماء يُطلق تارة على كل ما علا ..
قال ابن قُتيبة : "كُل ما علاك فهو سماء) فيكون معنى كونهما فى السماء أى فى العلو أو على تقدير مُضاف أى فى جهة السماء
وقد جاءت كلمة السماء فى القُرآن مرادًا بها العُلو كما فى قوله تعالى (ونزلنا من السماء ماءًا مُباركًا)
يعنى المطر ، والمطر ينزل من السحاب المُسخر بين السماء والأرض

...... ،
وأما ما اشتُهر من كون القمر فى السماء الدُنيا ، وعطارد فى الثانية ، والزُهرة فى الثالثة ، والشمس فى الرابعة ، والمريخ فى الخامسة ، والمُشترى فى السادسة ، وزُخل فى السابعة
فان هذا مما تُلقى عن علماء الفلك والهيئة وليس فيه حديث صحيح عن النبى صلى الله عليه وسلم .
ويدل على ذلك ان ابن كثير رحمه الله مع سعة اطلاعه لما تكلم على أن الشمس فى الفلك الرابع قال :
"وليس فى الشرع ما ينفيه بل فى الحس وهو الكسوفات ما يدُل عليه ويقتضيه" أ.هـ
فقوله (وليس فى الشرع ما ينفيه) واستدلاله على ثبوته بالحس . دليل على أنه ليس فى الشرع ما يُثبه أى ما يُثبت ان الشمس فى الفلك الرابع والله أعلم"
أ,هـ كلامه وهو من النفاسة بمكان


فلا يصح اخى الفاضل ان نقول : بان القمر وسائر الكواكب داخلةً فى السماء الدُنيا ، وليس يدُل نص صريح فى القُرآن على هذا ، وانما هو كلام مُحتمل متشابه مُجمل ..
فاذا كان القمر فى السماء الدُنيا فانه لا يُمكن الوصول اليه ، لأن الله جعل السماء سقفًا محفوظًا ، والنبى صلى الله عليه وسلم أشرف الخلق ومعه جبريل أشرف الملائكة وكان يستأذن ويستفتح عند كُل سماء ليلة المعراج ولا يحصل لهما دخول السماء الا بعد أن يفتح لهما فكيف يُمكن لمصنوعات البشر أن تنزل على سطح القمر وهو فى السماء المحفوظة
 
فالمقصود اخى ان هُناك شئ بين السماء والأرض وهو فلك ومدار يسير فيه الشمس والقمر والنجوم وسائر الكواكب ..
قد سماه الله سماءً لعلوه وارتفاعه ، كما سمى السحاب سماءًا
والدليل (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ)
الشاهد قوله "وما بينهما" .
هذه البينونة يدخُل فيها الفلك المذكور فى قوله "وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ" ، وقوله " لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ"
ذكر الله سبحانه أن الشمس والقمر يجريان في فلكٍ بين السماء المحفوظة والأرض في هاتين الآيتين من كتابه الكريم
ولو كانا ملصقين بالسماء لم يوصفا بالسبح لأن السبح هو الجري في الماء ونحوه.

روى بن جريرعن عبدالرحمن بن زيد بن أسلم أنه قال ما نصه: الفلك الذي بين السماء والأرض من مجاري النجوم، والشمس والقمر،
وقرأ: (تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا) وقال: تلك البروج بين السماء والأرض وليست في الأرض. انتهى.
وقال النسفي في تفسيره ما نصه: (والجمهور على أن الفلك موج مكفوف تحت السماء تجري فيه الشمس والقمر والنجوم). انتهى
وذكر ابن جرير رحمه الله في تفسيره المشهور أن الفلك في لغة العرب هو الشيء الدائر، وذكر في معناه عن السلف عدة أقوال، ثم قال ما نصه:
"والصواب من القول في ذلك: أن يقال كما قال الله عزوجل: (وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) وجائز أن يكون ذلك الفلك كما قال مجاهد: كحديدة الرحا، وكما ذكر عن الحسن كطاحونة الرحا، وجائز أن يكون موجا مكفوفا، وأن يكون قطب السماء وذلك أن الفلك في كلام العرب: هو كل شيء دائر، فجمعه أفلاك" انتهى.
وقال الألوسي في تفسيره: (روح المعاني) ما نصه: وقال أكثر المفسرين هو موج مكفوف تحت السماء تجري فيه الشمس والقمر) انتهى
وذكر القُرطبى فى تفسير سورة يس عن الحسن البصرى انه قال :
"الشمس والقمر والنجوم فى فلك بين السماء والارض غير مُلصقة به ولو كانت مُلصقه به ما جرت"

يقول الشيخ العلامة بن باز :
" وعلى هذا القول في تفسير الفلك والآيات المتقدمة آنفا، لا يبقى إشكال في أن الوصول إلى سطح القمر أو غيره من الكواكب لا يخالف الأدلة السمعية، ولا يلزم منه قدح فيما دل عليه القرآن من كون الشمس والقمر في السماء، ومن زعم أن المراد بالأفلاك السماوات المبنية فليس لقوله حجة يعتمد عليها فيما نعلم، بل ظاهر الأدلة النقلية وغيرها يدل على أن السماوات السبع غير الأفلاك ..
فظاهر الأدلة السابقة، وكلام الكثير من أهل العلم أو الأكثر كما حكاه النسفي، والألوسي: أن جميع الكواكب ومنها الشمس والقمر تحت السماوات، وليست في داخل شيء منها."

ثم قال : " وبذلك يعلم أنه لا مانع من أن يكون هناك فضاء بين الكواكب والسماء الدنيا، يمكن أن تسير فيه المركبات الفضائية، يمكن أن تنزل على سطح القمر أو غيره من الكواكب ولا يجوز أن يقال بامتناع ذلك إلا بدليل شرعي صريح يجب المصير إليه، كما أنه لا يجوز أن يصدق من قال إنه وصل إلى سطح القمر أو غيره من الكواكب، إلا بأدلة علمية تدل على صدقه، ولا شك أن الناس بالنسبة إلى معلوماتهم عن الفضاء، ورواد الفضاء يتفاوتون، فمن كان لديه معلومات قد اقتنع بها بواسطة المراصد أو غيرها، دلته على صحة ما ادعاه رواد الفضاء الأمريكيون أو غيرهم، من وصولهم إلى سطح القمر فهو معذور في تصديقه، ومن لم تتوافر لديه المعلومات الدالة على ذلك فالواجب عليه: التوقف، والتثبت حتى يثبت لديه ما يقتضي التصديق أو التكذيب، عملا بالأدلة السالف ذكرها"

الى ان قال :
" ومما يدل على إمكان الصعود إلى الكواكب:
قول الله سبحانه في سورة الجن فيما أخبر به عنهم: (وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا ۝ وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا) فإذا كان الجن قد أمكنهم الصعود إلى السماء حتى لمسوها، وقعدوا منها مقاعد فكيف يستحيل ذلك على الإنس في هذا العصر الذي تطور فيه العلم، والاختراع حتى وصل إلى حد لا يخطر ببال أحد من الناس، حتى مخترعيه قبل أن يخترعوه،
أما السماوات المبنية فهي محفوظة بأبوابها وحراسها، فلن يدخلها شياطين الإنس والجن، كما قال الله تعالى: (وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ)
وقال تعالى: (وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ) وثبت في الأحاديث الصحيحة أن رسول الله ﷺ لما عرج به إلى السماء مع جبريل، لم يدخل السماء الدنيا وما بعدها إلا بإذن، فغيره من الخلق من باب أولى."

وهذا الكلام السابق انما قُمت بتلخيصه من مقالةٍ له لها ارتباط بالموضوع بعُنوان (الادلة النقلية والحسية على امكان الصعود الى الكواكب)
وهذا رابطه للمُراجعه :

https://binbaz.org.sa/articles/29/%D...A7%D9%83%D8%A8

واستطيع بفضل الله ان اُلخص الكلام السابق فى عدة سطور فاقول :
- هذه المسألة وامثالها من المسائل الاجتهادية ، وليس هُناك نصُ صريح فيها
- الكواكب والشمس والقمر والافلاك هى بين السماء والأرض والدليل قوله تعالى "خلق السماوات والأرض وما بينهما"
وليست داخلة فى السماء المحفوظة ، ولايدُل دليل صريح على هذا بل هى ادلة مُجملة مُشتبة مُحتملة
- جمهور العُلماء على ان الفلك : موجُ مكفوف بين السماء والارض يجرى فيه الشمس والقمر
- لا يلزم من كون الشئ زينةً للشئ ، ان يكون مُلاصقًا له وداخلًا فيه

- وفى النهاية اقول : اذا كُنت ما زلت مُصرًا على هذا الرأى
فهذه وجهة نظرك اخى الفاضل ، ولكنها خاطئة وفق نظر هؤلاء العُلماء الاجلاء النُقاد ونظرى
ويظهر هذا عند التدقيق ..
 
الله تعالى يقول (إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب)
وانت تقول السماء الدنيا ليس فيها كواكب ، فمن اصدق من الله حديثاً؟
فهذا فراق بيني وبينك فإني لن استطيع معك صبراً
أكتفي بما سلف وفقنا الله وإياكم لمعرفة الحق واجتناب الزلل.
 
- الاية مُجملة مًُتشابهة مُحتملة غير صريحة فى ان الكواكب مُتصلة داخلة فى السماء الدُنيا ..
وكما قال ابن عُثيمين : "الشئ قد يُزين بالشئ ، ولو كان مُنفصلًا عنه .
أرأيت لو وضعت ثريات خارج القصر فاذا نظرت الى القصر والثريات بينك وبينه فان هذه الثريات ستكون زينةً للقصر مع أنها فى الواقع ليس لاصقةً به ، فكل شئ يُحول يكون بينك وبين شئ آخر فانه سيتصف به الشئ الثانى ، وسيكون فى نظرك مُلاصقًا له "
واكتفى انا ايضًا بما سلف فلا داعى لاعادته :)
- وانصح بالرجوع الى مقالة ابن باز السالف ذكرها ، و(رسالة الوصول الى القمر لابن عُثيمين) ..
وقراءتهما بتأمُل .. وعلى كُل حال هذه وجهة نظرك اخى ..
واشكر لك مُشاركتك اخى الفاضل الطيب ..
وأسأل الله ان يُرينا واياك الحق حقًا ويرزُقنا اتباعه ويُرينا واياك الباطل باطلاً ويرزُقنا اجتنابه
اتمنى لك التوفيق والسداد ..
 
- الأجرام ليست السماوات، بل كلها (شمس قمر نجوم كواكب مذنبات إلخ) بين السماء الأولى الدنيا والأرض.
"اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ"
وحديث المعراج واضح صريح في أن السماء الأولى مادية صلبة لها أبواب.. لا أنها هي الفضاء.
اللبس يأتي بسبب اشتراك لفظة السماء، فهو كل ما علا (فيقال للمطر ولسقف البيت، إلخ) وهو أيضا السماء المعهودة والتي هي سبع.

- الصعود للأجرام ممكن، وحدث. لكنه صعود بلا فائدة، حيث أن الإنسان مخلوق للأرض لا للكواكب الأخرى..
"مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى"

- الأرض مقابلة للسماء. الأرض ليست من مكونات السماء. السماء محيطة بالكرة الأرضية.. وهي كرية أيضا كما في كتاب العلو للذهبي بتحقيق الألباني.

- ابن حجر العسقلاني: "السموات السبع عند أهل الشرع غير الأفلاك، خلافا لأهل الهيئة"
فتح الباري (6/ 340)
 
السلام عليكم
قال تعالى : وَكَأَيِّن مِّنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ) .
هل السموات المقصودة هنا هي السموات العلا ؟
السموات العلا لن يصل إليها أحد من الإنس أو من الجن ليرى آياتها فيمر عليها وهو عنها معرض، أما إذا أخذنا معنى السماء على أنه كل ما يعلو الأرض فإن سماء الأرض هي غلافها الجوي ، فلكل كوكب من الكواكب السيارة سماء تختلف عن سموات الكواكب الأخرى في نسب الغازات ، فسماء المريخ حمراء بنسب غازات معيننة ، وسماء المشترى غير سماء زحل، وهكذا لكل كوكب سماءه المختلفة عن السموات الأخر، فقد استطاع الإنسان أن يمر بمسباراته على معظم الكواكب وسمواتها ، وكل مسبار أتى بنتائج كيميائية عن سماء الكوكب الذي مر به . فالمسبار يبث بثا مباشرا صورة وصوتا، وكانه هو عيونهم التي مرت بهم على سموات الكواكب فرأوا بها آيات الله في مكونات كل سماء.
 
أبا علي!
تظن "يمرون" معناها هنا "يصلون إليها"؟!
ألا تمر على الكلمات ببصرك؟!
المرور هنا هو رؤيتهم للأجرام السماوية.
ومعروف عند المفسرين واللغويين أن الأجرام يقال لها أنها "في" السماء" حتى لو كانت تحت السماء (المبنية التي فتحت للنبي ليلة المعراج) بمليارات المليارات الكيلومترات..
فالله "في السماء"، مع أنه فوق السماء.

وبالمناسبة، قد اختلف المفسرون كثيرا في تفسير آية "وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجاً" بسبب كلمة "فيهن".
 
أبا علي!
تظن "يمرون" معناها هنا "يصلون إليها"؟!
ألا تمر على الكلمات ببصرك؟!
المرور هنا هو رؤيتهم للأجرام السماوية.
ومعروف عند المفسرين واللغويين أن الأجرام يقال لها أنها "في" السماء" حتى لو كانت تحت السماء (المبنية التي فتحت للنبي ليلة المعراج) بمليارات المليارات الكيلومترات..
فالله "في السماء"، مع أنه فوق السماء.

وبالمناسبة، قد اختلف المفسرون كثيرا في تفسير آية "وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجاً" بسبب كلمة "فيهن".

وما المانع في أن يحصل المرور وصولا ؟ هل إذا قال لك أحد : مررت ببيتكم اليوم ، هل كلامه يعني أنه لم ير بيتكم ولم يقترب منه !!
السماء هي كل ما يعلو أسفله، سماء غرفتي سقفها ، إن قال مذيع الأرصاد الجوية : سماء مصر صافية ، وسماء فرنسا غائمة ، وسماء كندا ممطرة ، هل ستعترض على كلامه وتقول إنه مخطئ !!
كلامه صحيح 100% ، سماء مصر غير سماء فرنسا غير سماء كندا.
إذا صرح الناطق باسم وكالة ناسا بالكلام التالي :
مرت مسباراتنا بالكواكب السيارة ، وعاد كل مسبار بتحليل مكونات سماء كل كوكب مر به ، هل سيعترض أحد على كلامه ؟
لن يعترض أحد على أن لكل كوكب سماء ، ربما الوحيد الذي سيعترض هو أنت لأن عندك فوبيا من الإعجاز العلمي.
المسبارات نابت عن الإنسان في رحلاتها ، فكأنه هو الذي مر بسماوات الكواكب من خلال المسبارات، ولو علقت أنا على كلام الناطق باسم ناسا بالآية :
وَكَأَيِّن مِّنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ)، لكانت هي الآية المناسبة للتعليق على هذا الحدث.
 
كما توقعت قبل سنوات.. الإعجازيون أفسدوا العقول وشجعوكم على تغيير معاني القرآن!
مسابر ومرور على الكواكب وتحليل غلاف المريخ؟ :)
كل هذا في الآية؟؟
هذه طريقة الباطنية العبيدية في التفسير لو كنتم تعلمون!.. وهي أيضا قراءة تعسفية للنص لمجرد سد عقد نقص سببها تقدم الغرب في العلوم.
عبث.
 
ليس تفسيرا باطنيا عبيديا كما ادعيت وإنما هي قراءة معاصرة لواقع عصرنا ، رأيت من خلالها أن تأويل الآية صالح لكل زمان ، فمرور مسبارات وكالة ناسا بسموات الكواكب ومعرفة خصائص كل كوكب وسماءه هي آيات مروا عليها وهم عنها معرضون .
القرآن لا يفسر تفسيرا سطحيا لأنه وحي، والوحي هو بلاغ بأسلوب غير سطحي ، يحتاج لتدبر عميق لمعرفة مقصده، مثل الرؤيا في المنام ، هي وحي لأنها تحتاج لمعبر يعرف رموزها فيؤولها ، القرآن سماه الله حديثا، والرؤا المنامية كذلك سماها الله حديثا : وَكَذَٰلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِن تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ)، فكما يحتاج الحديث المنامي إلى تأويل يبين معناه كذلك الحديث القرآني ، لا يفهم تأويله سطحيا.
 
بسم الله الرحمن الرحيم
المرور بالبصر ضروري في عصرنا و له حظه ، ومتاح لقطاع كبير من الناس ، لكن هل المرور بالبصر كافي؟ وعند تتبع تصريف فعل المرور في القرآن هل يتوقف المعنى عند هذه الكفاية؟ ، فعند الاحتكام إلى السياق في قوله تعالى{وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (104) وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ (105) وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ} نجد أن الخطاب للعالمين في سياق المضارعة ونلاحظ ذلك في قوله تعالى{ يَمُرُّونَ} و{ يُؤْمِنُ}، فنجد أن المرور يتجاوز سلفنا الصالح ومعطياتهم ،فمثلا قال تعالى{ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ}، نجد أن رؤية السلف البصرية فيها الكفاية لإدراك قدرة الله عز و جل وهي كافية لما بعدهم إذا كانوا من أهل الإيمان، لكن إذا كانوا من أهل الكفر، فهم يعملون بعيدا عن القرآن بالبحث والدراسة ويدخلون حقائق العلم في تفسير ارتفاع السماء بلا عمد ويرجعون ذلك لعلة الجذب العام والحركة الطاردة المركزية، فليس من صالح الدعوة أن تقول :الآية لم تقل هذا أو تحاول تقييد المعنى ولديك المتسع ، فالمهم لدينا هو مقابلة الحقيقة بالحقيقة قال تعالى{ وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ} فهل كان المرور بالعين فقط؟ و قال تعالى{ وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ قَالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ}.
 
هل تعرف معنى "صالح لكل زمان ومكان"؟

معناه أن آيات النبوة ليست مقتصرة على العهد النبوي وإنما كلما ابتعدنا زمنيا عن عهد التنزيل كلما تبينت آيات النبوة أكثر ، الرسم البياني يزداد تصاعديا مع تقدم الزمن إلى المستقبل (ثم إن علينا بيانه ) (ثم) حرف عبر عن المستقبل. فالقرآن هدى، والهدى نور ، والقمر يبدأ هلالا من نور فيزداد وضوحا وكبرا كل ليلة مع تقدم الليالي إلى أن يصير بدرا تاما.
كذلك البيان ، فبالأمثال تدرك الحكمة ، فهي تأتي في كتاب الله معطوفة على الكتاب : (الكتاب والحكمة ) ، فكأن مفاتيح فهم كتاب الله هي الحكمة . القرءان فيه خزائن من الأنباء والحكمة هي مفتاحها.
لو أعطاك أحد سيارته ألا يعطيك معها مفتاحها؟ ولو أعطاك كنزا في صندوق ألا يعطيك مفتاحه؟ كذلك مثل الكتاب ومثل الحكمة.
 
بسم الله الرحمن الرجيم

فقوله تعالى{ يَمُرُّونَ} يصح فيه المرور بالبصر، ولا شك في ذلك آية عندما تبصر في السماء إلى ما لا تبلغه قدمك إلا إذا حملك الضوء،
ويصح فيه المرور على بابه بمعنى الاجتياز، كما شهد له القرآن ، والتعاطف بين الأرض والسماوات ،وعود ضمير{عليها} على الآية، فإذا كان المرور محتملا للوجهين في الأرض فيلزم في السماوات دون المحفوظة .
أما إذا عاد الضمير على الأرض فهذا وجه لكن الأول عليه الجمهور، وفيه ربط بالواقع.
هذا والله أعلم
الطبري-الزمخشري-ابن كثير- ابن عادل- ابو البقاء





 
بسم الله الرحمن الرحيم
ما ذكرته من أقوال أهل العلم ليس على سبيل الترجيح، ولكن على سبيل أن تعدد المعاني مقصود كما قال ابن عاشور رحمه الله، فعلى معنى العطف آمن أو على الاستئناف طالما ثبت دليلك، فالقرآن حمال أوجه ، وهذا من دلائل إعجازه.
قال تعالى{وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ } ،فقوله تعالى{ مَرَّ السَّحَابِ} يعطينا معنى للمرور بأن يكون تحليقا ،فالمرور حقيقي من مكان إلى آخر .والمعنى عند سلفنا الصالح ينقلنا إلى مشهد من مشاهد الآخرة بعطف الآية على سابقتها وبها اهتدوا .
والمعنى عند الخلف على أن الآية معترضة والواو استئنافية ينقلنا إلى مشهد من مشاهد الدنيا وآية من آياته،فبها نثبت أن للأرض حركة لأن الجبال مرتبطة بها ولها مرورا أمام الشمس فيتبدل الليل والنهار وهي آية من آيات الله عز وجل
wAAACH5BAEKAAAALAAAAAABAAEAAAICRAEAOw==
،وعلى هذا يكون المرور في السماوات حقيقة بالأرض ذاتها وهي صورة من صور المرور في السماء.
فالواو تنوع فهمها والمراد واحد هو الله عز وجل .
 
بسم الله الرحمن الرحيم
فالعطف هنا يذهب بك إلى المنهج والحذر من الآخرة ،والاستئناف في نفس الموضع يذهب بك إلى تصديق المنهج، فهما كجناحي طير.
ولا شك في أن القرآن كتاب هداية في المقام الأول ،ولهذا يلتزم السلف المنهج والمعنى الذي يعين على العمل، ويرسخ للعقيدة السليمة ،ومن جهة تصديق المنهج ،فكانت تعينهم فصاحتهم على ذلك ،ويكفيهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهم ، فبعده صلى الله عليه وسلم واتساع رقعة الإسلام والعجمة كان لابد من استمرار قضية تصديق المنهج على مر العصور، فهي تتناسب مع معطيات كل عصر قال تعالى{وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ}.
فمن المعجز أن يظل القرآن مخاطبا للناس بما يفقهون في كل عصر، وأن تختلف الدلالات فيه مع الوقف والوصل.
ولا شك في أن الأرض لها حركة دورانية انتقالية أمام الشمس ،فيتبدل الليل والنهار كل يوم وفصول السنة على مدار العام، وهي من آيات الله ،ومن اتقان صنعه فلا تتناقض هذه الحقيقة مع قوله تعالى{وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ} ،ولكن هذه الحقيقة لم تكن معروفة لديهم، فقالوا بما علموا من أمر الآخرة بالعطف على ما يناسبها .
أما قوله تعالى{ وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ}
الوقف عند السماوات ،والاستئناف يجعل المرور الحقيقي في الأرض فقط ،والقول بالعطف على أن يكون معنى المرور في السماوات، والأرض هو التفكر ،و الاعتبار (مجازي) لكن الآيات التي تدل على أن المرور في الأرض حقيقي تجعل الأمر كذلك في السماوات بموجب العطف .
هذا والله أعلم

 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحديث عن الإمكانية يستوجب الحديث عن سبب عدم الإمكانية إذا كان موجوداً ، وإذا كان هناك بعض الآيات تم تأويلها على النفي فهذه الآيات لديها أيضاً مجال للتأويل بالإيجاب ، وليس الأمر وكأنها مقطوع بأمرها ولا سبيل للتدبر في معنى مختلف .
بالنسبة إلى القدرة وعدم القدرة فهناك أدلة على أن من الجن من نفذ من أقطار السماوات سابقاً فإبليس من الجن وقد كان حاضراً لسجود الملائكة لآدم قبل نزولهم إلى الأرض ، وهذا يشير إلى أنه من الجن من وصل إلى السماوات ، ومن أدلة قدرتهم الآية 8 من سورة الجن : (وأنا لمسنا السماء فوجدناها مُلئت حرسًا شديدًا وشُهبًا وأنا كُنا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الآن يجد له شهابًا رصدًا) ، فهنا مع أنه يشير إلى المنع اللاحق لكنه لا ينفي القدرة بل يؤكدها ، فإذا كانت لدى الجن القدرة فلا يوجد مانع من أن يصبح لدى الإنسان القدرة ،
بالنسبة إلى المنع نلاحظ هنا أن المنع الذي أصبح لاحقاً هو منع إستراق السمع وليس منع النفاذ ، يعني من يصل إلى مقاعد إستراق السمع يقذف بشهاب لمنعه من خبر السماء ، أي أن المانع من النفاذ ليس بسب عدم القدرة ، وهو أيضاً مقيد بزمن بدأ الوحي ذالك لأنه قبل نزول الوحي على النبي صلى الله عليه وسلمصلى الله عليه وسلملم يسبق للجن أن منعو من الوصول إلى السماء ولهذا تعجبو من ملئ السماء بالحرس ومنعهم من الوصول لخبر السماء كما كانو يفعلون سابقاً ، وبالنسبة إلى الآيات التي تشير إلى حفظ السماء فتجد فيها إما تخصيص منع الشياطين أو إشتراط أسباب للنفاذ أو الإشارة إلى المنع في زمن الوحي وهي ليست موقوفة على معنى المنع التام أو الإستحالة وعدم القدرة ،
والله أعلم
 
عودة
أعلى