هل غابت معاني القرآن في أحداث العراق؟

عبدالرحمن الشهري

المشرف العام
إنضم
29/03/2003
المشاركات
19,331
مستوى التفاعل
136
النقاط
63
الإقامة
الرياض
الموقع الالكتروني
www.amshehri.com
[align=center]هل غابت معاني القرآن في أحداث العراق؟

د.عبدالعزيز آل عبداللطيف [/align]

عندما قال شيخ الإسلام ابن تيمية عبارته المتينة : (الناس تغيب عنهم معاني القرآن عند الحوادث فإذا ذكروا بها عرفوها) (مجموع الفتاوى27/363) فإن كان مدركاً لذلك من خلال وقائع وأحداث، حيث كان فقيهاً في قضايا عصره والحكم عليها، فقد حفلت سيرته بنوازل شائكة متعددة ، وأزمات عويصة مشكلة، ومع ذلك فكان –رحمه الله- دقيقاً في توصيفها، ومصيباً في الحكم عليها، وفتواه –مثلاً- في شأن التتار مثال ظاهر على ذلك.
والناظر إلى حال أهل الإسلام تجاه نازلة العراق يرى انحسارا وذهولاً عن معاني القرآن، ومن ذلك قوله تعالى: (ومن يتولهم منكم فإنه منهم) "المائدة، آية 51" فمظاهرة الكفار على أهل الإسلام ردة وخروج عن الملة، والمقصود بالمظاهرة أن يكون أولئك أنصاراً وظهوراً وأعواناً للكفار ضد المسلمين.
يقول شيخ المفسرين ابن جرير- رحمه الله- في تفسير هذه الآية: (من تولاهم ونصرهم على المؤمنين فهو من أهل دينهم وملتهم، فإنه لا يتولى متول أحداً إلا وهوبه وبدينه وما هو عليه راضٍ، وإذا رضيه ورضي دينه، فقد عادى ما خالفه وسخطه، وصار حكمه حكمه). "تفسير الطبري 6/160".
وها هو شيخ الإسلام ابن تيمية –مع سعة علمه ورحابة صدره يقرر ذلك بكل صرامة قائلاً: (فمن قفز منهم إلى التتار كان أحق بالقتال من كثير من التتار، فإن التتار فيهم المكره وغير المكره، وقد استقرت السنة بأن عقوبة المرتد أعظم من عقوبة الكافر الأصلي من وجوه متعددة). "مجموع الفتاوى 28/534".
مع أن الحكم على التتار –في حد ذاته- مشكل على بعض أهل العلم، لكن الإمام ابن تيمية يقطع بكفرهم، وكفر من لحق بهم وظاهرهم، فما بالك بالقتال مع الأمريكان الصليبيين المقطوع بكفرهم وظلمهم واستبدادهم؟!
ويقول ابن القيم "إنه سبحانه قد حكم ـ ولا أحسن من حكمه ـ أن من تولى اليهود والنصارى فهو منهم"، (ومن يتولهم منكم فإنه منهم) فإذا كان أولياؤهم منهم بنص القرآن كان لهم حكمهم" (أحكام أهل الذمة 3/67).
وقد عني أئمة الدعوة السلفية في الجزيرة العربية بهذه النازلة ابتداءً من الشيخ محمد بن عبدالوهاب –رحمه الله- وإلى سماحة العلامة الشيخ عبدالعزيز بن باز –رحمه الله- حيث قال: (وقد أجمع علماء الإسلام على أن من ظاهر الكفار على المسلمين وساعدهم عليهم بأي نوع من المساعدة فهو كافر مثلهم، كما قال سبحانه (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم) "المائدة، آية 51". (فتاوى ابن باز 1/274).
ولم يقتصر علماء الدعوة السلفية على مجرد تنظير هذه المسألة، بل نّزلوا هذا الحكم الشرعي على ما يلائم من الوقائع وبكل رسوخ وتحقيق، والناظر إلى رسالتيّ "الدلائل" للشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبدالوهاب، و(النجاة والفكاك من مولاة المرتدين وأهل الإشراك) للشيخ حمد بن عتيق، ومناسبة تأليفهما يدرك جلياً صرامة هؤلاء الأعلام تجاه هذه القضية وتنزيل حكم الله على من تلبّس بهذه الردة.
كما أفتى علماء من المالكية أن من حمل السلاح مع العدو الكافر ضد المسلمين ويحاربهم يكون حكمه كحكم الكافر في نفسه وماله ،(أنظر كتبا الفتاوى الفقهية في أهم القضايا لحسن اليوبي 229-234).
وأخيراً فإن في العراق أهل إسلام وسنة، كما أن فيها مستضعفين مظلومين ملهوفين فحق علينا نصرهم بالدعاء لهم، والدعاء على كفرة أهل الكتاب، والسعي إلى إغاثتهم ودعمهم من أجل دفع هذا العدو الصليبي الصائل عنهم، فلا ينبغي أن يكون كفار مكة خيراً منا حيث اجتمعوا في حلف الفضول على التعاون مع العدل ونصرة المظلوم، وكما في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم (إن الله لا يقدس أمة لا يأخذ الضعيفُ حقه من القوي وهو غير متعتع ) أخرجه البيهقي، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير ج(1853).


منقول من موقع مجلة البيان .
 
بارك الله فيك فضيلة الشيخ عبد الرحمن على هذه اللفتة المباركة ..
والحقيقة أن الغياب لم يكن فقط عن معاني القرآن ، بل وعن سنن الله تعالى في عباده وقد ذكر كثير منها في القرآن.
والعراق وأهله له محل كبير في قلب كل مسلم نسأل الله أن يرفع عنهم الخوف والظلم وأن يحل عليهم الأمن وجمع الكلمة ، وأن يوفق قادة المسلمين وشعوبهم لنصرتهم ...
 
وبارك فيكم يا أبا سلاف .
وفي الحق إن ما نشاهده اليوم في وسائل الإعلام ، ونقرؤه في الصحف والمواقع الالكترونية من صور الميل للأعداء ، والدعوة للرضى بالاحتلال للأوطان ، واتهام المجاهدين للأعداء بالإرهاب والخيانة والعمالة لأمرٌ لا ينقضي منه عجب المؤمن . وقد سمعتُ من يقول على إحدى الفضائيات : إن حركة حماس حركة صهيونية عميلة لليهود ، وإن من يحارب الأمريكان في العراق هم عملاء للاحتلال ، أما الذين يتآمرون مع اليهود لوأد كل صوت يدعو لنصرة المسلمين المستضعفين في أوطانهم من قبل اليهود والأمريكان فهذا صوتُ وطني يريد للمسلمين الخير ، ويحكم العقل في الأمور والحوادث !
ولعمري إن المفاهيم قد انقلبت في أذهان كثير من أهل زماننا ، وأصبحت ترى المنكر البين معروفاً ظاهراً ، وفي المعروف البين منكراً تجب محاربته ، وهذا من أعظم الفتن التي حلت بالمسلمين في هذا الزمان ، فقد أفسدت كثير من وسائل الإعلام الرأي العام العالمي والإسلامي خصوصاً ، وشوهت الحقائق ، وقلبت الموازين ، حتى أصبح اليهود الغاصبون محقين في قتل أهل الأرض وأهل الإسلام في فلسطين ، ولهم الحق في قتل من يشاءون وسجن من يشاءون دون كلمة عتاب من أحد ، أما أهل فلسطين فلا حق لهم ، ولا كلمةَ لهم . وقل مثل ذلك في العراق وأفغانستان والصومال وغيرها من بلاد الإسلام .
نعم ، لقد غابت معاني القرآن والإسلام والعدالة والعقل في أحداث المسلمين في العراق وفلسطين وغيرها ، ولكن وعد الله سبحانه وتعالى بنصر دينه ، وأوليائه الصالحين هو أكبر قوة وعون على الصمود والصبر في مغالبة الأعداء ، ومجاهدتهم باللسان والسلاح حتى يرد الله كيدهم في نحورهم ، ويسقط راياتهم التي علت في بلاد المسلمين ، ورحم الله عمر أبو ريشة عندما بكى قبل ستين عاماً حال الأمة ، وصاح مستنكراً :
[poem=font="Traditional Arabic,6,black,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=2 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
ويكاد الدمع يهمي عابثاً = ببقايا كبرياء الألمِ !
أمتي ! كم غصةٍ داميةٍ = خنقت نجوى علاك في فمي
ألاسرائيل تعلو رايةٌ = في حمى المهدِ وظل الحرمِ ؟!
كيف أغضيت على الذل ولم = تنفضي عنك غبار التهمِ ؟[/poem]
وهذه أصداء صرخته ما زالت تتردد دون أثر في نفوس المسلمين ، وما زالت راية إسرائيل عالية في بلاد الإسلام إن لم تكن هي الأعلى نسأل الله أن يهلكها ، وأن يعجل بهزيمتها وطردها . ولولا بقية باقية من المجاهدين الذين حملوا أرواحهم على أكفهم ، يتطلبون الموت مظانه ، مع كثرة الأعداء ، والعملاء ، والجواسيس لكانت حال الأمة في شر مما هي عليه ، غير أن وعد الله لا يخلف ، وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم .
اللهم احفظ عبادك ، وانصر جنودك ، واكبت أعدائك يا قوي يا عزيز .
الثلاثاء 8/6/1427هـ
 
نقل جميل ، وتعليق أجمل .

بارك الله فيك يا أبا عبد الله

وأسأل الله القوي العزيز أن ينصر عباده المجاهدين ، وأن يذل أعداءه اليهود والصليبيبن ومن ناصرهم .
 
اللهم انصر المجاهدين

نعم غابت معاني القرآن الكريم في احداث العراق عن الكثير وكيف لا تغيب والقرآن بنفسه يغيب عن واقع الأمه وحاضرها أو هكذا يراد له

ولكن بحمد الله لا تزال طائفه من أمه المصطفى عليه الصلاة والسلام متمسكين بالكتاب والسنه لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي وعد الله

قال تعالى ( والذين كفروا بعضهم أولياء بعض إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير )

للأسف في هذه الأثناء التي يحتاج أخوتنا في فلسطين إلى مد يد العون لهم والمسانده نجد من يشكك في حماس وعقيده حماس !!! ويرفض حتى مجرد الدعاء ؟

فعيون الكثير أضحت لا تبصر إلا الزلل ولا تتلمس إلا الخلاف ولا حول ولا قوة إلا بالله
 
اقتراح

اقتراح

كنت قبل مدة كتبت مقالا أستثير فيه همم العلماء وطلاب العلم في هذا الملتقى أن يكون لهم حضور بالدعوة و التبصير في ما يجد للناس من أحداث وما يدهمهم من النوازل،
وأعادني موضوع الشيخ عبدالرحمن حفظه الله إلى الحديث مرة أخرى، فأعود فأقترح عند حدوث نازلة كأحداث العراق أن تصاغ ورقة علمية تصدر عن الملتقى يوقع عليها من يشاء من أعضائه يتم من خلالها إبراء الذمة برؤية شرعية عن الحدث المراد بيان الحق فيه، أو صياغة رسالة إلى أطراف المشكلة ، ومن وجهة نظري أنه لا بد في هذا الجانب مما يلي:

1-الاطلاع الكامل والدقيق على ملابسات القضية والمشكلة وأطرافها ووجهات النظر فيها وأسبابها من مصادر وثيقة من أهلها ومن المصطلين بنارها وعدم إصدار أحكام مجردة لما يسمع في وسائل الإعلام التي يختلط فيها الحق بالباطل، ومحاولة مد جسور التواصل مع العلماء والدعاة في تلك المدن واستقراء آرائهم وتوصيفهم لتلكم الأحداث، حتى يمكن الوصول إلى رؤية شاملة للحدث بكل أبعاده يمكن معها الحكم بعد التصور التام، وقد أنعم الله على هذا الملتقى بصفوة من علماء البلدان وقد سمعت عن مشاركة بعض علماء العراق فيه، وأعلم أن هذا يتطلب جهدا كبيرا وربما سماه البعض انحرافا عن مسار الملتقى وهدفه، لكن لا بد منه، فإن كثيرا من البدع ارتكبت باسم القرآن وقصة الاحتجاج بقوله تعالى ( إن الحكم إلا لله) ماثلة لأولي الألباب، بل ما من بدعة إلا وتعسف راكبوها حجج القرآن وتأولوا لنصرتها آيات الكتاب،

2- التفصيل الدقيق للأحكام الشرعية المستنبطة وبيان واجب المكلف تجاهها بكل وضوح، دون تعميم أو تلبيس، لأنها قضايا في غاية الخطورة فقضية البراء من المشركين وتكفير المتلبسين بها ينبغي الحذر من التعميم فيها دون تفصيل فلو قرأ عراقي هذا المقال الذي نقله الشيخ، ثم رأي عراقيا يبيع أو يؤجر نفسه أو سيارته لأمريكي فربما فهم منه أن ذلك من الإعانة واستحل دمه بذلك، مع أن عقود الغبن كالبيع والإجارة جائزة حتى مع الحربي كما ذكر العلماء، والتولي الذي يكون كفرا هو التولي التام قال الشيخ السعدي في قوله تعالى
{ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ } لأن التولي التام يوجب الانتقال إلى دينهم. والتولي القليل يدعو إلى الكثير، ثم يتدرج شيئا فشيئا، حتى يكون العبد منهم.
ثم قال في قوله تعالى { فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ } أي: شك ونفاق، وضعف إيمان، يقولون: إن تولينا إياهم للحاجة، فإننا { نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ } فانظر إلى قوله ضعف إيمان . وأظن الشيخ د.عبدالعزيز بن عبداللطيف فصل ذلك جزاه الله خيرا في رسالته نواقض الإسلام ونقل عن الشيخ السعدي ذلك . وابن تيمية رحمه الله أفتى في التتار وهو أمير الجهاد ضدهم وعالم بهم علما تفصيليا قائما على المباشرة وا لمناظرة والمشافهة .
ولذا فإن الإجمال في مواضع تحتاج إلى البيان والتفصيل من أسباب الوقوع في الغلط وزيادة الفتن وتأخر النصر، وعليه فينبغي تسمية الأشياء بأسمائها دون مواربة وذكر الأفعال بالإيضاح ثم تنزيل النصوص عليها دون تعسف.

3-مراعاة مقاصد الشريعة ومصالحها والسياسة الشرعية وبيان اختلاف الأحكام باختلاف الأحوال من قوة وضعف، فالنبي صلى الله عليه وسلم هادن قريشا بل شاور أهل المدينة في دفع غطفان وبعض الأحزاب بثمار المدينة فأبوا ، ودفع الثمار لهم لا يعني توليهم أو محبتهم بل دفع شرهم الأعظم باحتمال ما دونه، فمثل هذا الإجمال قد تسفك معه دماء الأبرياء والمعصومين، وقتل بعض العوام الذين لا يعلمون هذه الأحكام ولم تقم عليهم الحجة بها، هذا مع الحاجة إلى النظر الواقعي في أهل العراق وما هم فيه من تفرق الكلمة وعدم اجتماع الناس وكون بعض المسلمين لهم أحكام الذين لا يجدون حيلة ولا يهتدون سبيلا، مع ما تعلمون من كلام شيخ الإسلام في عوام الشيعة والخوارج وأن تكفير المعين لا بد فيه من توفر شروط وانتفاء موانع.

4- لا يعني تخبط الكثير من وسائل الإعلام وخدمتهم للمشروع الصليبي لا يعني ذلك ولا يسوغ قطعا أن يتعجل أهل الحق في الإحكام بل عليهم النظر لما في تلك الوسائل من الحق فيقبل وما فيها من الباطل فيرد، حتى يكونوا كما أراد الله، {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ لِمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللّهُ يَهْدِي مَن يَشَاء إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} (213) سورة البقرة أسأل الله أن يحسن منا القصد والنية وأن يهدينا لا تباع السنة وصلى الله وسلم على محمد
 
جزاكم الله خيراً .
وما ذكره أخي الشيخ عبدالله بلقاسم كلام وجيهٌ ، وأرجو أن يوفقنا الله في هذا الموقع لاستثمار وجود هذا العدد الكبير من طلاب العلم من مختلف دول العالم لصياغة مثل هذه الأفكار بإذن الله على علم وبصيرة وهدى ، ونشرها ليعم النفع بها . وفق الله الجميع لكل خير .
 
أظن أن من خير ما يمكن تقديمه من خلال هذا المنتدى الطيب -بحيث لا يخرج عن رسالته وهدفه العام- هو أن يؤصل لهذه المسألة من خلال جمع الآيات التي تحدثت عن علاقة المسلم بغيره في الحرب والسلم، وما ذكره المفسرون فيها، وإبراز جهودهم وآرائهم وتأصيلهم للمسألة، وتفاعلهم مع واقعهم وقضايا أمتهم ومشاركتهم فيها، وأنهم لم يكونوا مجرد مؤلفين. أو عرض المؤلفات أو البحوث المكتوبة حول هذا الموضوع.
 
عودة
أعلى