محمود عبدالله إبراهيم نجا
Member
هل ذكر الله أن حجم الأرض يماثل حجم السماوات؟
يرى أصحاب فرضية الأرض المسطحة أن حجم الأرض من منظور قُرآني يكاد يماثل حجم السماوات وربما أكبر، وقالوا أيضاً بأن علوم الفضاء والفلك وبالأخص وكالة ناسا كاذبون لأنهم جعلوا حجم الأرض لا يكاد يُذكر بالنسبة للسماء خلافا لما يقول به القرآن من وجهة نظرهم. فهل فعلا قال الله في قرآنه أن حجم الأرض يماثل حجم السماوات؟
■ الجواب
لم يحدث أبدا ان قال الله في نص صريح أن الأرض تماثل السماء في الحجم، والذين قالوا بذلك قد أساءوا تدبر القرآن وخالفوا فهم كبار علماء المسلمين الذين سبقوا وكالة ناسا وعلوم الفضاء في القول بأن الأرض لا شيء بالنسبة للسماء، وإليكم التفصيل.
قال ابن القيم في بدائع الفوائد (١ / ٢٠١)، وقال بقوله الزركشي في البرهان، والألوسي في روح المعاني (الأرض لا نسبة لها إلى السماء وسعتها، فهي بالنسبة إليها كحصاة في صحراء فهي وإن تعددت وتكبرت فهي بالنسبة إلى السماء كالواحد القليل).
وقال الرازي في تفسير قول الله (وإنا لموسعون) أن من احد معانيها أوسعناها بحيث صارت الأرض وما يحيط به من الماء والهواء بالنسبة إلى السماء وسعتها كحلقة في فلاة.
وقال أبوحيان في تفسير البحر المحيط في تفسير قول الله { وإنا لموسعون }: أي موسعون بناءها بحيث أن الأرض وما يحيط بها من الماء والهواء كالنقطة وسط الدائرة.
وذكر ابن تيمية في مجموع الفتاوى (٥ / ١٥٠) أن هناك اجماع على أن الأرض كرة تحيط بها السماوات من كل اتجاه، وقال بذلك ايضا ابن القيم في الصواعق المرسلة (٤ / ١٣٠٨)، وابن حزم في الفِصَل بين الملل والنِّحَل (2 / 243). ونفهم من هذا الاجماع أن كرة الأرض حتماً اصغر من كرة السماء الاولى وهكذا حتى السماء السابعة، والسماوات والأرض اصغر من الكرسي والكرسي اصغر من العرش الذي هو اكبر مخلوقات الله والله اعلم.
وإليكم المزيد من الأدلة التي تثبت أن الأرض لا شيء بالنسبة للسماء مع ملاحظة أن أهل العلم قالوا بأن السبب في تقديم ذكر السماوات على الأرض راجع لأنها أعظم وأكبر:
1. الملوك تفتخر بالأضخم في مُلكها الذي تحكمه، قال تعالى في موضعين من القرآن (له مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ)، (وَتَبَارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا)، ولو كانت الأرض مماثلة للسماء لتقدم ذكر مقاليدها وملكها ولو مرة.
2. مع أن الأرض أقرب لأعيننا من السماء إلا أن الله يقدم الإعتبار بالنظر لملكوت السماوات على ملكوت الأرض لكونه أوسع وبه من الآيات والعبر ما ليس في ملكوت الأرض، ولو كان ملكوت الأرض اعظم لقدمه الله عن ملكوت السماوات، قال تعالى:
( وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض )
( أولم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض )
3. ترتيب خلق السماوات مقدم على الأرض وما بينهما، بما يدل على أن خلقها أعظم، قال تعالى:
لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاس
رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا ۖ
4. لما ذكر الله الشدة والتوسعة في الخلق جعلهما للسماء وليس للأرض، قال تعالى؛
(ءأنتم اشد خلقا أم السماء بناها)، وقال أيضا (وبنينا فوقكم سبعأً شدادا)، وقال ايضا (والسماء بنيناها بأيدٍ)، وكل ذلك يدل على عظيم قدر هذه السماوات الموصوفة بهذه الصفات والتي لا نجد للأرض مثلها في القرآن.
وقال تعالى عن توسعة السماء (وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ)، وقد قال كثير من اصحاب التفاسير أن موسعون في الآية تعني إما القدرة وإما توسيع البناء، وارى والعلم عند الله أن الجمع بين المعنيين متحقق فلا يمكن توسيع بناء بصفة مستمرة إلا بقدرة قادر لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء.
ولكن لما ذكر الله اتساع الارض قال (ألم تكن أرض الله واسعة)، وشتان بين واسعة وموسعون، فالتوسعة المستمرة للسماوات تجعلها الأوسع بإطلاق، بل إن هذه الأرض الواسعة تنقص من اطرافها مقابل اتساع السماء، قال تعالى (اولم يروا انا نأتي الأرض ننقصها من اطرافها).
5. وايضا مؤكد ان المخلوق كلما كان اكبر كان غيبه أعظم والعلم به أعظم، قال تعالى (وَمَا مِنْ غَائِبَةٍ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ) (يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ).
6. حتى في القسم يقدم الله السماء على الأرض لعظمتها، قال تعالى (فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُون)، (والسماء وما بناها والأرض وما طحاها)
7. ولأن خلق السماء أعظم ففيها من الجنود والخزائن ما يستحق التقديم عن ما هو في الأرض، قال تعالى (وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ)، (وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ).
8. هل للأرض قيمة عند مُقارنتها بالعرش والسماوات السبع؟
ما الذي يٌمكن ملاحظته عند تدبر الآيات التالية، من كيفية ذكر الربوبية مع العرش والسماوات والأرض؟
(سُبْحَانَ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ)
(قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ)
(لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ)
بالنسبة لي ألاحظ أنه لا قيمة للأرض في السماوات السبع، ولا قيمة للسماوات السبع في العرش، فلو كان للأرض قيمة لأفردها الله بالربوبية عند المقارنة بالعرش، ولكن ذُكرت تابعة للسماوات في الآية الأولى، ولم تذكر مع السماوات في الآية الثانية فهي مجرد قليل في السماوات، والعظمة لم تذكر إلا للعرش، فكيف للأرض أن تُذكر إلى جوار هذا العظيم، فقط ذُكرت معه السماوات السبع بربوبية منفصلة في الآية الثانية، وذُكر عددها (سبع سماوات) مع العرش للدلالة على أنه لا قيمة لسماء واحدة لتُذكر مع العرش، وإذا كانت سماء واحدة لم تذكر مع العرش، فكيف للأرض ان تُذكر منفردة مع العرش، ولا قيمة لها في السماء الواحدة؟!. مع ملاحظة أن ربوبية السماء مذكورة في القرآن ١٤ مرة، منها مرة واحدة بالمفرد سماء في آية (فورب السماء والأرض إنه لحق)، والأرض ذكرت تابع لهذه السماء المفردة، فهي جزء منها. أما باقي الآيات وعددها ١٣، فربوبية السماء مذكورة بالجمع سماوات (رب السماوات)، منها ١١ مرة مقرونة بالأرض (رب السماوات والأرض)، فالأرض مجرد تابع من مكونات السماوات، وذكرها بعد السماوات هو من قبيل عطف الخاص على العام، للتنبيه على خصوصيتها، فهي مُعدة بعناية فائقة لسكن الإنسان المخلوق لعبادة الله. و ذكرت (رب السماوات) مرة واحدة غير مقرونة بالأرض ولكن بالعرش العظيم في آية (رب السماوات السبع ورب العرش العظيم)، ولولا قول الله (وسع كرسيه السماوات والأرض)، لظننا أن السماوات السبع من حيث الحجم قد تُقارن بالعرش، ولكن آية الكُرسي نفت ذلك، وأيضاً صح مرفوعاً وموقوفاً، قول النبي صلى الله عليه وسلم (ما السَّماوات السّبع في الكُرسيِّ إلَّا كحلقةٍ ملقاةٍ بأرضٍ فلاةٍ ، وفضلُ العرشِ على الكُرسيِّ كفضلِ تلك الفلاةِ على تلك الحلقةِ)، وهذا الحديث صححه بعض أهل العلم ومنهم الألباني بجموع طرقه، وللأمانة ضعفه آخرون، والحديث واضح في انه لا قيمة للسماوات في الكرسي، فما بالكم بقيمتها عند مقارنتها بالعرش العظيم، ولو كان للأرض قيمة عند المقارنة بالكرسي والعرش لذكرها رسول الله.
وأخيرا ذكرت (رب السماوات) مرة واحدة مقرونة بربوبية خاصة للأرض في آية (رب السماوات ورب الأرض) وذلك في سورة الجاثية، وهذه هي المرة الوحيدة في القرآن التي خص فيها الله الأرض بربوبية خاصة (رب الأرض)، وذلك لسبب خاص يتضح لنا من سياق الآيات في سورة الجاثية، فبعد ان يدخل أهل الكفر والعناد النار، فيُقال لهم (اليوم لا تخرجون منها)، ثم يُقال (فلله الحمد رب السماوات ورب الأرض رب العالمين)، وكأنه تذكير لهؤلاء الكفرة بقدرة الله على الوفاء بالوعد والعهد بجمعهم في جهنم، وانه لا قدرة لهم على الهرب منه فهو رب السماوات، ورب الأرض، ورب العالمين، فالكل تحت ملكه وسطوته وقدرته، فمن أراد الهرب منه فلن تخفيه سماوات مربوبة له، ولا أرض مربوبة له، ولا عالمين مربوبة له، فسبحان رب السماوات ورب الأرض رب العالمين.
9. العروج في السماء في مدة زمنية ضخمة يدل على أنها عظيمة الحجم.
قال تعالى (تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سنة).
الملائكة خلقهم الله من نور ومؤكد سرعتهم عظيمة تفوق كل ما نسمع عنه من سرعات، ربما بسرعة الضوء وربما أكثر، وبرغم هذه السرعة الكبيرة يعرجون لله في يوم مقداره خمسين ألف سنة، تُرى كم المسافة التي يقطعونها بسرعة الضوء في خمسين ألف سنة؟ ربما مليارات المليارات من الكيلوميترات صعودا عبر السماوات، اليس هذا بدليل كافٍ على ان السماوات أعظم من الأرض؟!
10. واذا كان عروج الملائكة عبر السماوات في مدة ضخمة تدل على اتساع عظيم، والسماوات طباقا بحيث كل سماء تحيط بالسماء التي تسبقها فتكون اوسع حجما منها، فمؤكد في هذه السماوات أجرام أضخم بكثير من الأرض، قال تعالى (وان يوما عند ربك كالف سنة مما تعدون).
معلوم ان الله لا يحيط به زمان ولا مكان فهو الظاهر فوق خلقه البائن منهم، ولما كان يوم في الآية نكرة، والنكرة تفيد العموم، دل ذلك على أن هناك أيام أُخرى غير التي تمر على أرضنا، ومن هذه الأيام يوم بألف سنة مما نعد.
وتخيلوا معي مكان يمر عليه يوم بمقدار الف سنة من أيامنا، تُرى ما حجم هذا المكان الذي يومه الف سنة؟!
مؤكد أنه أضخم من أرضنا بدرجة غير عادية.
■ ملحوظة
قال أصحاب التفاسير (يوما عند ربك) بمعنى يوم من أيام خلق الدنيا أو يوم من أيام الآخرة، وحقيقة هذا توجيه لمعنى النص بلا دليل، فيوم نكرة ليدل على تنوع الايام عند الله وهي ليست محصورة في أيام الخلق ولا أيام الآخرة، وليس في سياق الاية ما يوجهها لايام خلق الدنيا او ايام الاخرة، وليس بمستبعد ان الله يخلق أنظمة شمسية على أجرام أخرى تتفاوت في أحجامها، قال تعالى (ءأنتم اشد خلقا ام السماء بناها رفع سمكها فسواها وأغطش ليلها وأخرج ضحاها)، وضحى السماء مصطلح عجيب ربما دل على أن هناك شموس او نجوم كثيرة لها ضحى كضحى شمسنا التي قال الله عنها (والشمس وضحاها)، والله تعالى اعلى واعلم.
■ الرد على بعض الشُبهات حول حجم الأرض
1. اقتران ذكر الأرض بالسماوات يُشعر بتقارب حجم السماء مع حجم الأرض.
اقول وبالله التوفيق مجرد شعور خطأ فلم يُصرح الله ولا رسوله في اي نص من قرآن او سنة أن الأرض تقارب في خجمها حجم السماء، وهذا الإقتران في الذكر هو من قبيل عطف الخاص على العام، للاهتمام به وإعلاء قدره وإظهار شأنه فالأرض هي مسكن الإنسان المُكلف ومهبط الرسالات، ومثل ذلك في القرآن كثير كقوله تعالى: (وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ)، وقوله تعالى: (مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ).
2. ألا يدل ذكر الأرض مع السماء للدلالة على عرض الجنة على أن الأرض ذات حجم مقارب للسماء وذلك في قول الله (سَابِقُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ).
أقول وبالله التوفيق الأرض كوكب صغير يعيش عليه واحد من أكرم خلق الله وهو الإنسان وهو محور حديث القرآن والسنة، وهي جزء من السماوات لم يُشاهد الانسان سواه ولا يعرف اتساع غيره من الأجرام فلو قال الله مثلاً في وصف سعة الجنة (جنة عرضها السماوات والشمس) لاستغرب السامع هذا الوصف لأنه لا يعرف حجم الشمس ولذا ذكر الله الأرض مع السماء ليبين الله لخلقه عظمة اتساع الجنة فهو يقول لهم أنتم تعلمون سعة أرضكم ولو كانت الجنة بحجمها لكفتكم ومع ذلك ضممت لها ما هو أعظم في السعة وهو السماء، وقد سبق بينت لكم ان السماء اعظم حجما من الأرض بأقوال السلف والكثير من الأدلة النقلية المتفقة مع العقل والعلم الحديث.
3. ألا يدل قول الله (الْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ)، وقول الله (وسع كرسيه السماوات والأرض) على أن حجم الأرض مقارب لحجم السماء؟
أقول وبالله التوفيق بالنسبة لكون الارض في قبضة الله والسماوات، فلا يدل ذلك على من فيهما أكبر من الآخر لأن كلاهما في يمين الله باجماع المفسرين وإن دل ذلك على شيء فإنما فقط يدل على سعة يد الله التي حوت السماوات والأرضين، وهذا مماثل لقول الله (وسع كرسيه السماوات والأرض) فالآية دلت على سعة الكرسي لا على الفرق بين حجم السماء وحجم الأرض والله تعالى اعلى واعلم.
واضافة الأرض في هذه الآيات مثل اضافتها في آية عرض الجنة، فقط نفهم أن سعة يد الله وسعة الكرسي اعظم بكثير من حجم الأرض التي تعد لا شيء في حجم السماوات، فيدخل الوصف في حيز التخيل.
4. لو سقطت السماء ستسقط على الأرض، فكيف يسقط العظيم على القليل؟! قال تعالى (ويمسك السماء أن تقع على الأرض).
سافترض جدلاً ان السماء في هذه الآية هي السماوات الكونية السبع، والسلف أجمعوا على أن السماوات تحيط بالأرض، فلو انهارت السماوات السبع فستقع بعضها على بعض ثم على الارض لانها طباقا، ولا علاقة هنا للحجم فنقول كيف يقع الكبير على الصغير، فقد تبني خيمة ضخمة جدا وتضع تحتها نملة، فإذا انهارت الخيمة فحتما ستقع على النملة ولن تقول ساعتها كيف يقع الكبير على الصغير.
طبعا هذا لو سلمنا لكم ان السماء في الآية هي السماوات الكونية، ففي القرآن مصطلح السماء له معاني كثيرة منها جو الارض ومنها السحاب ومنها السماوات الكونية، وكما ذكر الله ان هناك سماء تقع على الأرض ذكر ايضا سماء تزول عن الأرض (يمسك السماوات والارض ان تزولا)، والزوال ابتعاد وليس وقوع، فعلمنا يقينا ان السماء التي تقع غير السماء التي تزول، وقد كتبت بحث بعنوان (هل تقع نجوم السماء على الأرض) بينت فيه السماء التي تزول عن الأرص وبينت استحالة وقوع كواكب السماء على الأرض وانها ستنتثر بعيدا عنا، ويمكن الإطلاع على هذا البحث على الرابط التالي:
5. خلق الأرض سبق خلق السماوات، ومدة خلق الأرض اكبر من مدة خلق السماوات كما هو معلوم من آيات سورة فصلت وهذا يدل على ان خلق الأرض عظيم مثل السماء، قال تعالى (قل ءإنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين...........ثم استوى الى السماء وهي دخان ......فقضاهن سبع سماوات في يومين).
سأفترض جدلا ان السماء الدخانية في سورة فصلت هي السماوات الكونية ولكن ذلك لا يعني ابدا أنها خُلقت بعد الأرض وان مدة خلقها أقل من مدة خلق الأرض لثلاثة اسباب:
1. حين استوى الله إلى السماء بعد خلق الأرض لم تكن عدم فانشاها ولكن كانت موجودة في صورة دخانية بما يعني أن لها وجود سابق قبل ان يستوي اليها الله.
2. بدأ وجود السماوات من لحظة فتق الرتق (كانتا رتقا ففتقناهما)، فدل ذلك على وجود السماوات منذ اللحظة الاولى للخلق فلم تسبقها الأرض في الوجود.
3. طالما ظهرت السماوات مع الأرض من لحظة فتق الرتق فمؤكد مدة خلق السماوات امتد طوال ستة ايام الخلق وفقط ذكر الله تسوية السماوات في يومين، ومعنى ذلك ان خلقها استغرق اربعة ايام على التوازي مع خلق الارض وتقدير اقواتها في اربعة ايام ثم جاءت التسوية في يومين فكانت ايام خلق السماوات ستة ايام زليس يومان كما ظننتم.
هذا الجواب طبعا لو سلمنا لكم ان سماوات فصلت الدخانية هي السماوات الكونية، فما ادين به لله ان سماوات فصلت الدخانية هي الغلاف الجوي بينما سماوات النازعات المبنية هي السماوات الكونية، ولمن اراد التفصيل فليراجع الرابط التالي:
أرجو ان تكون المسألة قد اتضحت وثبت للجميع يقيناً ان السماء أكبر بكثير من الارض والله تعالى أعلى وأعلم.
اللهم ما كان من توفيق فمنك وحدك وما كان من ظن أو خطأ أو سهو أو نسيان فمني ومن الشيطان والله ورسوله منه براء.
د. محمود عبدالله نجا
ا. م. بكلية طب القنفذة - جامعة أم القرى
كلية طب المنصورة، مصر
يرى أصحاب فرضية الأرض المسطحة أن حجم الأرض من منظور قُرآني يكاد يماثل حجم السماوات وربما أكبر، وقالوا أيضاً بأن علوم الفضاء والفلك وبالأخص وكالة ناسا كاذبون لأنهم جعلوا حجم الأرض لا يكاد يُذكر بالنسبة للسماء خلافا لما يقول به القرآن من وجهة نظرهم. فهل فعلا قال الله في قرآنه أن حجم الأرض يماثل حجم السماوات؟
■ الجواب
لم يحدث أبدا ان قال الله في نص صريح أن الأرض تماثل السماء في الحجم، والذين قالوا بذلك قد أساءوا تدبر القرآن وخالفوا فهم كبار علماء المسلمين الذين سبقوا وكالة ناسا وعلوم الفضاء في القول بأن الأرض لا شيء بالنسبة للسماء، وإليكم التفصيل.
قال ابن القيم في بدائع الفوائد (١ / ٢٠١)، وقال بقوله الزركشي في البرهان، والألوسي في روح المعاني (الأرض لا نسبة لها إلى السماء وسعتها، فهي بالنسبة إليها كحصاة في صحراء فهي وإن تعددت وتكبرت فهي بالنسبة إلى السماء كالواحد القليل).
وقال الرازي في تفسير قول الله (وإنا لموسعون) أن من احد معانيها أوسعناها بحيث صارت الأرض وما يحيط به من الماء والهواء بالنسبة إلى السماء وسعتها كحلقة في فلاة.
وقال أبوحيان في تفسير البحر المحيط في تفسير قول الله { وإنا لموسعون }: أي موسعون بناءها بحيث أن الأرض وما يحيط بها من الماء والهواء كالنقطة وسط الدائرة.
وذكر ابن تيمية في مجموع الفتاوى (٥ / ١٥٠) أن هناك اجماع على أن الأرض كرة تحيط بها السماوات من كل اتجاه، وقال بذلك ايضا ابن القيم في الصواعق المرسلة (٤ / ١٣٠٨)، وابن حزم في الفِصَل بين الملل والنِّحَل (2 / 243). ونفهم من هذا الاجماع أن كرة الأرض حتماً اصغر من كرة السماء الاولى وهكذا حتى السماء السابعة، والسماوات والأرض اصغر من الكرسي والكرسي اصغر من العرش الذي هو اكبر مخلوقات الله والله اعلم.
وإليكم المزيد من الأدلة التي تثبت أن الأرض لا شيء بالنسبة للسماء مع ملاحظة أن أهل العلم قالوا بأن السبب في تقديم ذكر السماوات على الأرض راجع لأنها أعظم وأكبر:
1. الملوك تفتخر بالأضخم في مُلكها الذي تحكمه، قال تعالى في موضعين من القرآن (له مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ)، (وَتَبَارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا)، ولو كانت الأرض مماثلة للسماء لتقدم ذكر مقاليدها وملكها ولو مرة.
2. مع أن الأرض أقرب لأعيننا من السماء إلا أن الله يقدم الإعتبار بالنظر لملكوت السماوات على ملكوت الأرض لكونه أوسع وبه من الآيات والعبر ما ليس في ملكوت الأرض، ولو كان ملكوت الأرض اعظم لقدمه الله عن ملكوت السماوات، قال تعالى:
( وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض )
( أولم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض )
3. ترتيب خلق السماوات مقدم على الأرض وما بينهما، بما يدل على أن خلقها أعظم، قال تعالى:
لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاس
رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا ۖ
4. لما ذكر الله الشدة والتوسعة في الخلق جعلهما للسماء وليس للأرض، قال تعالى؛
(ءأنتم اشد خلقا أم السماء بناها)، وقال أيضا (وبنينا فوقكم سبعأً شدادا)، وقال ايضا (والسماء بنيناها بأيدٍ)، وكل ذلك يدل على عظيم قدر هذه السماوات الموصوفة بهذه الصفات والتي لا نجد للأرض مثلها في القرآن.
وقال تعالى عن توسعة السماء (وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ)، وقد قال كثير من اصحاب التفاسير أن موسعون في الآية تعني إما القدرة وإما توسيع البناء، وارى والعلم عند الله أن الجمع بين المعنيين متحقق فلا يمكن توسيع بناء بصفة مستمرة إلا بقدرة قادر لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء.
ولكن لما ذكر الله اتساع الارض قال (ألم تكن أرض الله واسعة)، وشتان بين واسعة وموسعون، فالتوسعة المستمرة للسماوات تجعلها الأوسع بإطلاق، بل إن هذه الأرض الواسعة تنقص من اطرافها مقابل اتساع السماء، قال تعالى (اولم يروا انا نأتي الأرض ننقصها من اطرافها).
5. وايضا مؤكد ان المخلوق كلما كان اكبر كان غيبه أعظم والعلم به أعظم، قال تعالى (وَمَا مِنْ غَائِبَةٍ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ) (يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ).
6. حتى في القسم يقدم الله السماء على الأرض لعظمتها، قال تعالى (فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُون)، (والسماء وما بناها والأرض وما طحاها)
7. ولأن خلق السماء أعظم ففيها من الجنود والخزائن ما يستحق التقديم عن ما هو في الأرض، قال تعالى (وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ)، (وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ).
8. هل للأرض قيمة عند مُقارنتها بالعرش والسماوات السبع؟
ما الذي يٌمكن ملاحظته عند تدبر الآيات التالية، من كيفية ذكر الربوبية مع العرش والسماوات والأرض؟
(سُبْحَانَ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ)
(قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ)
(لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ)
بالنسبة لي ألاحظ أنه لا قيمة للأرض في السماوات السبع، ولا قيمة للسماوات السبع في العرش، فلو كان للأرض قيمة لأفردها الله بالربوبية عند المقارنة بالعرش، ولكن ذُكرت تابعة للسماوات في الآية الأولى، ولم تذكر مع السماوات في الآية الثانية فهي مجرد قليل في السماوات، والعظمة لم تذكر إلا للعرش، فكيف للأرض أن تُذكر إلى جوار هذا العظيم، فقط ذُكرت معه السماوات السبع بربوبية منفصلة في الآية الثانية، وذُكر عددها (سبع سماوات) مع العرش للدلالة على أنه لا قيمة لسماء واحدة لتُذكر مع العرش، وإذا كانت سماء واحدة لم تذكر مع العرش، فكيف للأرض ان تُذكر منفردة مع العرش، ولا قيمة لها في السماء الواحدة؟!. مع ملاحظة أن ربوبية السماء مذكورة في القرآن ١٤ مرة، منها مرة واحدة بالمفرد سماء في آية (فورب السماء والأرض إنه لحق)، والأرض ذكرت تابع لهذه السماء المفردة، فهي جزء منها. أما باقي الآيات وعددها ١٣، فربوبية السماء مذكورة بالجمع سماوات (رب السماوات)، منها ١١ مرة مقرونة بالأرض (رب السماوات والأرض)، فالأرض مجرد تابع من مكونات السماوات، وذكرها بعد السماوات هو من قبيل عطف الخاص على العام، للتنبيه على خصوصيتها، فهي مُعدة بعناية فائقة لسكن الإنسان المخلوق لعبادة الله. و ذكرت (رب السماوات) مرة واحدة غير مقرونة بالأرض ولكن بالعرش العظيم في آية (رب السماوات السبع ورب العرش العظيم)، ولولا قول الله (وسع كرسيه السماوات والأرض)، لظننا أن السماوات السبع من حيث الحجم قد تُقارن بالعرش، ولكن آية الكُرسي نفت ذلك، وأيضاً صح مرفوعاً وموقوفاً، قول النبي صلى الله عليه وسلم (ما السَّماوات السّبع في الكُرسيِّ إلَّا كحلقةٍ ملقاةٍ بأرضٍ فلاةٍ ، وفضلُ العرشِ على الكُرسيِّ كفضلِ تلك الفلاةِ على تلك الحلقةِ)، وهذا الحديث صححه بعض أهل العلم ومنهم الألباني بجموع طرقه، وللأمانة ضعفه آخرون، والحديث واضح في انه لا قيمة للسماوات في الكرسي، فما بالكم بقيمتها عند مقارنتها بالعرش العظيم، ولو كان للأرض قيمة عند المقارنة بالكرسي والعرش لذكرها رسول الله.
وأخيرا ذكرت (رب السماوات) مرة واحدة مقرونة بربوبية خاصة للأرض في آية (رب السماوات ورب الأرض) وذلك في سورة الجاثية، وهذه هي المرة الوحيدة في القرآن التي خص فيها الله الأرض بربوبية خاصة (رب الأرض)، وذلك لسبب خاص يتضح لنا من سياق الآيات في سورة الجاثية، فبعد ان يدخل أهل الكفر والعناد النار، فيُقال لهم (اليوم لا تخرجون منها)، ثم يُقال (فلله الحمد رب السماوات ورب الأرض رب العالمين)، وكأنه تذكير لهؤلاء الكفرة بقدرة الله على الوفاء بالوعد والعهد بجمعهم في جهنم، وانه لا قدرة لهم على الهرب منه فهو رب السماوات، ورب الأرض، ورب العالمين، فالكل تحت ملكه وسطوته وقدرته، فمن أراد الهرب منه فلن تخفيه سماوات مربوبة له، ولا أرض مربوبة له، ولا عالمين مربوبة له، فسبحان رب السماوات ورب الأرض رب العالمين.
9. العروج في السماء في مدة زمنية ضخمة يدل على أنها عظيمة الحجم.
قال تعالى (تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سنة).
الملائكة خلقهم الله من نور ومؤكد سرعتهم عظيمة تفوق كل ما نسمع عنه من سرعات، ربما بسرعة الضوء وربما أكثر، وبرغم هذه السرعة الكبيرة يعرجون لله في يوم مقداره خمسين ألف سنة، تُرى كم المسافة التي يقطعونها بسرعة الضوء في خمسين ألف سنة؟ ربما مليارات المليارات من الكيلوميترات صعودا عبر السماوات، اليس هذا بدليل كافٍ على ان السماوات أعظم من الأرض؟!
10. واذا كان عروج الملائكة عبر السماوات في مدة ضخمة تدل على اتساع عظيم، والسماوات طباقا بحيث كل سماء تحيط بالسماء التي تسبقها فتكون اوسع حجما منها، فمؤكد في هذه السماوات أجرام أضخم بكثير من الأرض، قال تعالى (وان يوما عند ربك كالف سنة مما تعدون).
معلوم ان الله لا يحيط به زمان ولا مكان فهو الظاهر فوق خلقه البائن منهم، ولما كان يوم في الآية نكرة، والنكرة تفيد العموم، دل ذلك على أن هناك أيام أُخرى غير التي تمر على أرضنا، ومن هذه الأيام يوم بألف سنة مما نعد.
وتخيلوا معي مكان يمر عليه يوم بمقدار الف سنة من أيامنا، تُرى ما حجم هذا المكان الذي يومه الف سنة؟!
مؤكد أنه أضخم من أرضنا بدرجة غير عادية.
■ ملحوظة
قال أصحاب التفاسير (يوما عند ربك) بمعنى يوم من أيام خلق الدنيا أو يوم من أيام الآخرة، وحقيقة هذا توجيه لمعنى النص بلا دليل، فيوم نكرة ليدل على تنوع الايام عند الله وهي ليست محصورة في أيام الخلق ولا أيام الآخرة، وليس في سياق الاية ما يوجهها لايام خلق الدنيا او ايام الاخرة، وليس بمستبعد ان الله يخلق أنظمة شمسية على أجرام أخرى تتفاوت في أحجامها، قال تعالى (ءأنتم اشد خلقا ام السماء بناها رفع سمكها فسواها وأغطش ليلها وأخرج ضحاها)، وضحى السماء مصطلح عجيب ربما دل على أن هناك شموس او نجوم كثيرة لها ضحى كضحى شمسنا التي قال الله عنها (والشمس وضحاها)، والله تعالى اعلى واعلم.
■ الرد على بعض الشُبهات حول حجم الأرض
1. اقتران ذكر الأرض بالسماوات يُشعر بتقارب حجم السماء مع حجم الأرض.
اقول وبالله التوفيق مجرد شعور خطأ فلم يُصرح الله ولا رسوله في اي نص من قرآن او سنة أن الأرض تقارب في خجمها حجم السماء، وهذا الإقتران في الذكر هو من قبيل عطف الخاص على العام، للاهتمام به وإعلاء قدره وإظهار شأنه فالأرض هي مسكن الإنسان المُكلف ومهبط الرسالات، ومثل ذلك في القرآن كثير كقوله تعالى: (وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ)، وقوله تعالى: (مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ).
2. ألا يدل ذكر الأرض مع السماء للدلالة على عرض الجنة على أن الأرض ذات حجم مقارب للسماء وذلك في قول الله (سَابِقُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ).
أقول وبالله التوفيق الأرض كوكب صغير يعيش عليه واحد من أكرم خلق الله وهو الإنسان وهو محور حديث القرآن والسنة، وهي جزء من السماوات لم يُشاهد الانسان سواه ولا يعرف اتساع غيره من الأجرام فلو قال الله مثلاً في وصف سعة الجنة (جنة عرضها السماوات والشمس) لاستغرب السامع هذا الوصف لأنه لا يعرف حجم الشمس ولذا ذكر الله الأرض مع السماء ليبين الله لخلقه عظمة اتساع الجنة فهو يقول لهم أنتم تعلمون سعة أرضكم ولو كانت الجنة بحجمها لكفتكم ومع ذلك ضممت لها ما هو أعظم في السعة وهو السماء، وقد سبق بينت لكم ان السماء اعظم حجما من الأرض بأقوال السلف والكثير من الأدلة النقلية المتفقة مع العقل والعلم الحديث.
3. ألا يدل قول الله (الْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ)، وقول الله (وسع كرسيه السماوات والأرض) على أن حجم الأرض مقارب لحجم السماء؟
أقول وبالله التوفيق بالنسبة لكون الارض في قبضة الله والسماوات، فلا يدل ذلك على من فيهما أكبر من الآخر لأن كلاهما في يمين الله باجماع المفسرين وإن دل ذلك على شيء فإنما فقط يدل على سعة يد الله التي حوت السماوات والأرضين، وهذا مماثل لقول الله (وسع كرسيه السماوات والأرض) فالآية دلت على سعة الكرسي لا على الفرق بين حجم السماء وحجم الأرض والله تعالى اعلى واعلم.
واضافة الأرض في هذه الآيات مثل اضافتها في آية عرض الجنة، فقط نفهم أن سعة يد الله وسعة الكرسي اعظم بكثير من حجم الأرض التي تعد لا شيء في حجم السماوات، فيدخل الوصف في حيز التخيل.
4. لو سقطت السماء ستسقط على الأرض، فكيف يسقط العظيم على القليل؟! قال تعالى (ويمسك السماء أن تقع على الأرض).
سافترض جدلاً ان السماء في هذه الآية هي السماوات الكونية السبع، والسلف أجمعوا على أن السماوات تحيط بالأرض، فلو انهارت السماوات السبع فستقع بعضها على بعض ثم على الارض لانها طباقا، ولا علاقة هنا للحجم فنقول كيف يقع الكبير على الصغير، فقد تبني خيمة ضخمة جدا وتضع تحتها نملة، فإذا انهارت الخيمة فحتما ستقع على النملة ولن تقول ساعتها كيف يقع الكبير على الصغير.
طبعا هذا لو سلمنا لكم ان السماء في الآية هي السماوات الكونية، ففي القرآن مصطلح السماء له معاني كثيرة منها جو الارض ومنها السحاب ومنها السماوات الكونية، وكما ذكر الله ان هناك سماء تقع على الأرض ذكر ايضا سماء تزول عن الأرض (يمسك السماوات والارض ان تزولا)، والزوال ابتعاد وليس وقوع، فعلمنا يقينا ان السماء التي تقع غير السماء التي تزول، وقد كتبت بحث بعنوان (هل تقع نجوم السماء على الأرض) بينت فيه السماء التي تزول عن الأرص وبينت استحالة وقوع كواكب السماء على الأرض وانها ستنتثر بعيدا عنا، ويمكن الإطلاع على هذا البحث على الرابط التالي:
5. خلق الأرض سبق خلق السماوات، ومدة خلق الأرض اكبر من مدة خلق السماوات كما هو معلوم من آيات سورة فصلت وهذا يدل على ان خلق الأرض عظيم مثل السماء، قال تعالى (قل ءإنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين...........ثم استوى الى السماء وهي دخان ......فقضاهن سبع سماوات في يومين).
سأفترض جدلا ان السماء الدخانية في سورة فصلت هي السماوات الكونية ولكن ذلك لا يعني ابدا أنها خُلقت بعد الأرض وان مدة خلقها أقل من مدة خلق الأرض لثلاثة اسباب:
1. حين استوى الله إلى السماء بعد خلق الأرض لم تكن عدم فانشاها ولكن كانت موجودة في صورة دخانية بما يعني أن لها وجود سابق قبل ان يستوي اليها الله.
2. بدأ وجود السماوات من لحظة فتق الرتق (كانتا رتقا ففتقناهما)، فدل ذلك على وجود السماوات منذ اللحظة الاولى للخلق فلم تسبقها الأرض في الوجود.
3. طالما ظهرت السماوات مع الأرض من لحظة فتق الرتق فمؤكد مدة خلق السماوات امتد طوال ستة ايام الخلق وفقط ذكر الله تسوية السماوات في يومين، ومعنى ذلك ان خلقها استغرق اربعة ايام على التوازي مع خلق الارض وتقدير اقواتها في اربعة ايام ثم جاءت التسوية في يومين فكانت ايام خلق السماوات ستة ايام زليس يومان كما ظننتم.
هذا الجواب طبعا لو سلمنا لكم ان سماوات فصلت الدخانية هي السماوات الكونية، فما ادين به لله ان سماوات فصلت الدخانية هي الغلاف الجوي بينما سماوات النازعات المبنية هي السماوات الكونية، ولمن اراد التفصيل فليراجع الرابط التالي:
أرجو ان تكون المسألة قد اتضحت وثبت للجميع يقيناً ان السماء أكبر بكثير من الارض والله تعالى أعلى وأعلم.
اللهم ما كان من توفيق فمنك وحدك وما كان من ظن أو خطأ أو سهو أو نسيان فمني ومن الشيطان والله ورسوله منه براء.
د. محمود عبدالله نجا
ا. م. بكلية طب القنفذة - جامعة أم القرى
كلية طب المنصورة، مصر