هل حقاً أن الزمخشري زل في الكشاف زلة لا تليق بعلمه؟؟

إنضم
22 أبريل 2010
المشاركات
1,136
مستوى التفاعل
0
النقاط
36
الإقامة
الاردن -- مدينة اربد
يقول الله تعالى في محكم تنزيله: ( وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ )

قال ابن عاشور في التحرير والتنوير في تفسير هذه الآية: أن صاحب الكشاف قد زل فيها زلة لا تليق بعلمه.
فما هي تلك الزلة؟؟
يقول ابن عاشور: ومن أسمج الكلام وأضعف الاستدلال قول صاحب الكشاف:( وناهيك بهذا دليلا على جلالة مكانة جبريل عليه السلام ومباينة منزلته لمنزلة أفضل الإنس محمد صلى الله عليه وسلم إذا وازنت بين الذكرين وقايست بين قوله: {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ، ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ} [التكوير: 19-20]، وبين قوله: {وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ} اه.
وكيف انصرف نظره عن سياق الآية في الرد على أقوال المشركين في النبي صلى الله عليه وسلم ولم يقولوا في جبريل شيئا لأن الزمخشري رام أن ينتزع من الآية دليلا لمذهب أصحاب الاعتزال من تفضيل الملائكة على الأنبياء.
فهل من تعقيب على كلام ابن عاشور والزمخشري حول تلك النقطة؟؟ وجزاكم الله خيراً.
 
بارك الله فيكم يا أبا أنس .
هذه مسألة شهيرة ، وقد كتب فيها الشيخ علي بن عبدالكافي السبكي رسالة مشهورة منشورة ضمن ترجمة الزمخشري في كتاب السيوطي (تحفة الأريب في نحاة مغني اللبيب)المطبوع عندكم في الأردن 1/400 ، واسم الرسالة (سبب الانكفاف عن إقراء الكشاف) . وهي مقولة لام الزمخشريَّ فيها كثيرٌ من العلماء بعده .
وكنتُ أشرتُ إليها في هذا الموضوع هنا (ما هي مؤلفات علي بن عبدالكافي السبكي في التفسير وهل طبعت ؟)
وهذا نص رسالة السبكي :
01.png


الحمد لله الذي هدانا بنبيه محمد , و أحسن عاقبتنا به و أحمد , و شرفنا باتباعه و أسعد , و رفعنا فوق كثير من خلقه و أصعد , و وفقنا بسنته إلى أقوم مقصد , صلى الله عليه و على آله ما أتهم ركب و أنجد , و لاح قمري و غرد , و سلم تسليما كثيرا لا يبيد و لا ينفد , و بعد :
فإن كتاب الزمخشري كنت قرأت منه شيئا على الشيخ علم الدين عبد الكريم بن علي المشهور بالعراقي في سنة اثنتين و سبعمائة , و كنت أحضر قرائته عند قاضي القضاة شمس الدين أحمد السروجي , و كان له به عناية و معرفة , ثم لم أزل أسمع دروس الكشاف المذكور , و أبحث فيه , و لي فيه غرام لما إشتمل عليه من الفوائد و الفضائل التي لم يسبق إليها , و النكت البديعة و الدقائق التي بعد الحصول عليها , و أتجنب ما فيه من الإعتزال , و أتحرج الكدر , و أشرب الصفو الزلال , و فيه ما لا يعجبني مثل كلامه في قوله تعالى ( عفا الله عنك ) ( التوبة 43 ) .
وطلب مني مرة بعض أهل المدينة نسخة من الكشاف , فأشرت عليه بأن لا يفعل حياء من النبي صلى الله عليه و سلم أن يحمل إليه كتاب فيه ذلك الكلام .
ثم صار هذا الكتاب يقرأ علي و أنا أسفر عن فوائده و أعوم به حتى وصل إلى تفسير سورة التحريم , و قد تكلم في الزلة , فحصل لي بذلك الكلام مغص , ثم وصلت إلى كلامه في سورة التكوير في قوله تعالى ( إنه لقول رسول كريم ) ( التكوير 19 ) إلى آخر الآية : و الناس إختلفوا في هذا الرسول الكريم , من هو ؟ فقال الأكثرون : جبريل . و قال بعضهم : محمد صلى الله عليه و سلم , فاقتصر الزمخشري على القول الأول , ثم قال : و ناهيك بهذا دليلا على جلالة مكان جبريل و فضله على الملائكة و مبانة منزلته بمنزلة أفضل الألي محمد صلى الله عليه و سلم إذا وازنت بين الذكرين حتى قرن بينهما , و قايست بين قوله ( إنه لقول رسول كريم , ذي قوة عند ذي العرش مكين , مطاع ثم أمين ) ( التكوير 19 - 21 ) إنتهى كلامه ...
فطرحت الكشاف من يدي , و أخرجته من خلدي , و نويت أن لا أ قرأه , و لا أنظر فيه إن شاء الله تعالى , و كان ذلك يوم البون من إقرائي لي يوم الثلاثاء رابع عشر جمادى الآخرة سنة أربع و خمسين و سبعمائة , و ذلك لأني أحب النبي صلى الله عليه و سلم و أجله بحسب ما أوصى الله من محبته و إجلاله , و إمتنعت من هذه الموازنة و المقايسة التي قالها الزمخشري , ذهب إلى أن الملائكة أفضل من البشر , كما تقول المعتزلة .
أما كان هذا الرجل يستحي من النبي صلى الله عليه و سلم أن يذكر هذه المقايسة بينه و بين جبريل بهذه العبارة ؟
و الذي أقوله أن كتاب الله المبين لا مراء فيه , و فيه : ( و إن تطيعوه تهتدوا ) ( النور 54 ) ، ( إن كنتم تحبون الله فاتبعوني ) ( آل عمران 31 ) ، ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة ) ( الأحزاب 21 )، ( قد جاءكم الرسول بالحق من ربكم ) ( النساء 170 ) ، و غير ذلك مما القرآن طافح به و بتعظيمه .
و أنا واحد من الناس , كل ما أنا فيه من خير من أمور الدنيا و الآخرة من الله تعالى بواسطة النبي صلى الله عليه و سلم و أعلم أن الله تعبدني بذلك , و قام جبريل عليه السلام يعلمه أكثر منا , فما لنا و الله حول في هذا المكان الضيق , و لم يكلفنا الله بذلك , فحسب إمرئ إذا لم يعترف بفضل الملك على البشر , و لا البشر على الملك , أن يتأدب و يقف عند حده , و يعظم كلا منهما كما يجب له من التعظيم , و يكف لسانه و حلقه عن فضول لا يعنيه , و لم يكلف به , و لا بعلمه , و يقدر في نفسه أن هذين المخلوقين العظيمين حاضران و هو بين أيديهما ضئيل حقير , و الله تعالى رابعهم , و هو عالم بما تخفي الصدور , نسأل الله العصمة و السلامة بمنه و كرمه .
و جمهور أهل السنة على أن الإنسان أفضل من الملائكة , و على أن محمدا صلى الله عليه و سلم أفضل الخلق , و بذلك قال صاحب التنبيه , و صلى الله على سيدنا محمد خير خلقه .و جمهور المعتزلة على أن الملائكة أفضل .
و هذه المسألة مما لم يكلف الله العباد معرفتها حتى لو أن إنسانا لم تخطر هذه المسألة بباله طول عمره و مات , لم يسأله الله عنها , فالسكوت عنها أسلم , و القول بأن محمد سيد الخلق ينشرح الصدر له , و هو الذي نعتقده بأدلة وفقنا الله لها , و لا نقول إنه يجب على كل أحد أن يعتقد ذلك , لأن علمه قد يقصر عنه , و إنما على أن يكف لسانه و قلبه عن خلافه , و كما لا يغنيه فضلا عما يجره إلى شئ آخر . نسأل الله العافية .انتهى .
 
بارك الله بكم أبا عبد الله . والحقيقة أن المسألة جديدة عندي لم أسمع بها من قبل. وقد اطلعت عليها بالمصادفة وأنا أقرأ في التحرير. فوجدتها فرصة سانحة للتعميم. جزاكم الله خيراً وأفاض عليكم من نعمائه .
 
قال ابن المنيّر رحمه الله :
" ما كان جبريل صلوات الله وسلامه عليه يرضى منه هذا التفسير المنطوي على التقصير في حق البشير النذير ، عليه أفضل الصلاة والسلام ، ولقد اتبع الزمخشري هواه في تمهيد أصول مذهبه الفاسد ، فأخطأ على الأصل والفرع جميعاً ، ونحن نبين ذلك بحول الله وقوته فنقول ..."
الإنصاف فيما تضمنه الكشاف من الاعتزال
 
بارك الله فيك أخي تيسير
وفعلا ملاحظة ذكية من ابن عاشور رحمه الله
وثمة شعرة دقيقة رقيقة بين النقد العلمي والتطاول على المقدسات وسوء الأدب؛ حتى بدون قصد
كما فعل خطيب جمعة صليت عنده في القاهرة فقال:
"انته فاكر ربنا عبيط؟"
وقد لفت نظري قول الدكتور عبدالرحمن في برنامج مداد: أن الزمخشري تطاول على مقام النبوة..
فهل من مواضع أخرى سوى هذا؟
 
من علماء الإسلام العباقرة أبو محمد بن حزم رحمه الله قد شدد النكير على من فضل الأنبياء على الملائكة. فقال قال بعض من ينتسب إلى الإسلام إن الأنبياء أفضل من الملائكة... وشرع في إيراد أدلته فليُراجع.
والحق أنها ليست من الدين ولكن ظاهر القرآن يشهد لما ذهب إليه أبو محمد بن حزم وأبو القاسم الزمخشري فلله درُّهما ولا شأن لنا بالعاطفيين الذين تسربت إليهم فيروسات الفرس من تأليه البشر والغلو فيهم وإن عزوا عواطفهم إلى "أهل السنة". فليراجع ما سطره العلامة ابن حزم في الفِصل فإنه لا مزيد عليه، وليت شعري كيف يُصرَف القرآن عن ظاهره بلا سنة صحيحة صريحة! اللهم عفواً
 
السلام عليكم
الأفضلية بجب أن تكون مفهومة لنا حتى نحكم
هل هى أفضلية الذات مجردة عن المهمة ؛ أم هى أفضلية المهمة بغض النظر عن الذات ؛ أم كليهما؟

عند تماثل الذوات وتوحد المهمات لاتفاضل ......" لاتفاضلوا بين الأننبياء "
أما عند التباين فبما نفاضل ؟

" أنا خير منه " خير منه فى ماذا ؟! فى مهمة الخلافة فى الأرض ....وأن من خُلق من نار أكثر قدرة على الخلافة فى الأرض .... هكذا رأى ؛
لو قال الملك أيضا : أنا خير منه ..... لكان مخطئا
إذن الانسان عموما خير من الجن ومن الملائكة فى خلافة الأرض
وهو - الانسان -خير فى الخلق منهما ... إذ جاء بعدهما زمنيا مما يدل على أنه أعقد فى الخلق؛ ويستمر بعدهما فى الجنة التى أُعدت له ؛ وهو - الانسان - قادر على تحصيل التفضل ....." يريد أن يتفضل عليكم " على بنى جنسه ،ومن باب أولى على من هو خير منهم ؛ وهذه القدرة مستمرة إلى الجنة حيث "وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلا " .... بينما الملائكة لاتتغير مواهبها وقدراتها ... كما هو مفهوم من النصوص ... فكيف يتفضلون ؟
فالتفضل من حيث جزئيات الوجود هو فى صالح الانسان
ثم الانسان المتفضل بالطاعة الكاملة ساكن الفردوس الأعلى هو أفضل
ثم التفاضل بين الملائكة
هل لجبريل - عليه السلام - يد فى أنه الأفضل ؟ هل بذل جهدا أو حصل علما .... أم ألهمه كما يُلهم النفس ؟!

بناءا على هذا أرى أن هذه القضية لاوجه لها ....
ونستغفر الله لمن زلوا فيها
 
اخي تيسير هل هي زلة واحدة بل كتابة يطفح بالإعتزال وكثير من المغالطات مثل ما نقله محمد حسين الذهبي عن الشيخ حيدر الهروى - أحد الذين عَلَّقوا على الكشاف - وصفاً دقيقاً لكتاب الكشاف وهذا نصه:
(( منها: أنه كلما شرع فى تفسير آية من الآي القرآنية مضمونها لا يساعد هواه، ومدلولها لا يطاوع مشتهاه، صرفها عن ظاهرها بتكلفات باردة، وتعسفات جامدة، وصرف الآية - بلا نكتة بلاغية لغير الضرورة - عن الظاهر، وفيه تحريف لكلام الله سبحانه وتعالى، وليته يكتفى بقدر الضرورة، بل يبالغ فى الإطناب والتكثير، لئلا يوهم بالعجز والتقصي، فتراه مشحوناً بالاعتزالات الظاهرة التى تتبادر إلى الإفهام، والخفية التى لا تتسارق إليها الأوهام، بل لا يهتدى إلى حبائله إلا ورَّاد بعد وراَّد من الأذكياء الحذَّاق، ولا ينتبه لمكائده إلا واحد من فضلاء الآفاق. وهذه آفة عظيمة ومصيبة جسيمة.
ومنها: أنه يطعن فى أولياء الله المرتضين من عباده، ويغفل عن هذا الصنيع لفرط عناده. ونِعْمَ ما قال الرازى فى تفسير قوله تعالى: {يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ}.. خاض صاحب الكشاف فى هذا المقام فى الطعن فى أولياء الله تعالى، وكتب فيها ما لا يليق بعاقل أن يكتب مثله فى كتب الفحش، فهب أنه اجترأ على الطعن فى أولياء الله تعالى، فكيف اجتراؤه على كتبه ذلك الكلام الفاحش فى تفسير كلام الله المجيد.
ومنها: أنه أورد فيه أبياتاً كثيرة، وأمثالاً غزيرة بنى على الهزل والفكاهة أساسها. وأورد على المزاح البارد نبراسها. وهذا أمر من الشرع والعقل بعيد، لا سيما عند أهل العدل والتوحيد.
ومنها: أنه يذكر أهل السُّنَّة والجماعة - وهم الفرقة الناجية - بعبارات فاحشة، فتارة يُعبِّر عنهم بالمُجَبِّرة، وتارة ينسبهم على سبيل التعريض إلى الكفر والإلحاد. وهذه وظيفة السفهاء الشطار، لا طريقة العلماء الأبرار".))
مع انه كما قال الذهبي (( فالكل مجمع عن أن الزمخشرى هو سلطان الطريقة اللُّغوية فى تفسير القرآن، وبها أمكنة أن يكشف عن وجه الإعجاز فيه، ومن أجلها طار كتابه فى أقصى المشرق والمغرب، واشتهر فى الآفاق))​
 
السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو ما هو الفرق بين زلة لا تليق بالعلماء وبين موقف علمي مدروس معضد بالأدلة؟ وأرى أنه يجب أن يستمر الحوار بين أهل العلم أصحاب المواقف العلمية المتباينة، ولا سيما في المسائل التي هي اجتهادية ليس فيها نصوص قاطعة مثل المسألة التي أشار إليها ابن عاشور، ولكن من غير الانتقاص من أحد. والزمخشري إمام في التفسير كما أن ابن عاشور له باع طويل في مجال التفسير.
 
ومنها: أنه يطعن فى أولياء الله المرتضين من عباده، ويغفل عن هذا الصنيع لفرط عناده. ونِعْمَ ما قال الرازى فى تفسير قوله تعالى: {يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ}.. خاض صاحب الكشاف فى هذا المقام فى الطعن فى أولياء الله تعالى، وكتب فيها ما لا يليق بعاقل أن يكتب مثله فى كتب الفحش، فهب أنه اجترأ على الطعن فى أولياء الله تعالى، فكيف اجتراؤه على كتبه ذلك الكلام الفاحش فى تفسير كلام الله المجيد.


أخي حمود وفقك الله للخير، لاأدري كيف قال الرازي ذلك مع أن كلامه في الآية المذكورة رائع جدا، وهو يدل على أن الزمخشري كان يعيش مع القرآن ويصوغ أفكاره في ضوء الهدي القرآني.
قال الزمخشري:
(يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ) محبة العباد لربهم طاعته وابتغاء مرضاته ، وأن لا يفعلوا ما يوجب سخطه وعقابه. ومحبة اللَّه لعباده أن يثيبهم أحسن الثواب على طاعتهم ويعظمهم ويثنى عليهم ويرضى عنهم. وأما ما يعتقده أجهل الناس وأعداهم للعلم وأهله وأمقتهم للشرع وأسوأهم طريقة، وإن كانت طريقتهم عند أمثالهم من الجهلة والسفهاء شيئاً ، وهم الفرقة المفتعلة المتفعلة من الصوف، وما يدينون به من المحبة والعشق، والتغني على كراسيهم خربها اللَّه، وفي مراقصهم عطلها اللَّه، بأبيات الغزل المقولة في المردان الذين يسمونهم شهداء، وصعقاتهم التي أين عنها صعقة موسى عند دكّ الطور، فتعالى اللَّه عنه علواً كبيراً.
 
أظن أن محور القضية في طريقة عرض الكلام، لا الكلام في حد ذاته
فالدخول في جدل أيهما أفضل الأنبياء أم الملائكة.. هو جدل بيزنطي وليس من أصول العقيدة
والسؤال: هل أساء الزمخشري رحمه الله لمقام النبوة أم لا؟
أما أن تلك المسألة جائزة وتلك لا، فهي - في نظري - خارج الموضوع
خذوا مثلا ما يقع فيه بعض الشعراء من تطاول على المقدسات
قال نزار قباني:
فبعت الله.. بعت القدس.. بعت رماد ثاراتك..
ليس السؤال هل يجوز توظيف الاسم الأعظم في الشعر؟
لكن السؤال الحقيقي هو: هل يجوز أن يقال بعت الله؟
أم إن هذا سوء أدب.. لا يجوز الوقوع فيه عقيدةً حتى بدعوى الإسقاط السياسي؛ كما سيجيب النقد الأدبي والفني؟
ألم يكن يسع الشاعر أن يقول: فبعت الدين.. فيحافظ على الموسيقى دون أي فارق؟
فلماذا الإصرار على ابتذال الاسم الأعظم؟؟ هنا الإشكال
وفي حوار لي مع أحد الأشاعرة على البالتوك منذ سنوات سألني:
ما تقول في قول ابن تيمية: ولو قد أراد الله أن يستقر على جناح بعوضة لفعل؟
فقلت ابتداء: ليس عندي ثقة في نقلكم عن شيخ الإسلام فقد تبين منهجكم في قناة المستقلة مع حسن السقاف
لكني أقول: لو صح النقل، فهذا سوء أدب مع الله عز وجل
أما أن الله تبارك وتعالى قادر على ذلك وما دونه، فمن يماري في هذا؟
 
وقد لفت نظري قول الدكتور عبدالرحمن في برنامج مداد: أن الزمخشري تطاول على مقام النبوة..
فهل من مواضع أخرى سوى هذا؟
لا يحضرني الآن أحد تلك المواقف ، ولكن له غيرها ، وقد تتبعها الباحثون في تعقباتهم قديماً وحديثاً على تفسير الكشاف غفر الله لنا وله، فما قال ذلك إلا اجتهاداً منه ، ولكن الصواب لا يحالف غير المعصوم دائماً ، فيصيب ويخطئ . والأمر كما تفضلتم أن الدخول في مثل هذه المضائق والمناقشات جدلٌ غير مثمر ، والأولى بالعاقل تركه لما فيه ثمرة علمية أو عملية ، وما سوف يُسأَلُ عنه العبد يوم القيامة من أمور عقيدته وعبادته . وقد فصل العلماء في أدب السؤال في باب العلم ، وجمعوا بين الآيات القرآنية التي تحث على السؤال والتي تنهى عنه بأجوبة محررة ، وقد جمعها الشيخ عبدالفتاح أبو غدة - رحمه الله - في كتابه القيم (الرسول المعلم صلى الله عليه وسلم وأساليبه في التعليم ) وأنصحكم بقراءته فهو نفيس جداً بمتنه وحواشيه .
 
ليت للزمخشري زلة واحدة فنعذره بها ولكنها زلات سار بها منتصراً لمذهب المعتزلة الذي كان يغالي فيه منها تفسيره لقول الله تعالى: {عَفَا اللّهُ عَنكَ} [التوبة:43] عندما قال: كناية عن الجناية لأن العفو رادف لها, ومعناه أخطأت وبئس ما فعلت أهـ الكشاف (2/274)
وايضاً تفسيره لقول الله تعالى: {ياَ أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ} [التحريم:1] فقال: وكان هذا زلة منه, لأنه ليس لأحد أن يحرم ما أحل الله..أهـ الكشاف (4/564)
وهذا جناية في جناب نبي الله نوح عليه السلام عندما قال في تفسيره لقول الله عز وجل: {قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلاَ تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ} عندما قال: وجعل سؤال ما لا يعرف كنهه جهلاً وغباوة, ووعظه إلا يعود إليه وإلى أمثاله من أفعال الجاهلين أهـ الكشاف (2/400)
 
من علماء الإسلام العباقرة أبو محمد بن حزم رحمه الله قد شدد النكير على من فضل الأنبياء على الملائكة. فقال قال بعض من ينتسب إلى الإسلام إن الأنبياء أفضل من الملائكة... وشرع في إيراد أدلته فليُراجع.
والحق أنها ليست من الدين ولكن ظاهر القرآن يشهد لما ذهب إليه أبو محمد بن حزم وأبو القاسم الزمخشري فلله درُّهما ولا شأن لنا بالعاطفيين الذين تسربت إليهم فيروسات الفرس من تأليه البشر والغلو فيهم وإن عزوا عواطفهم إلى "أهل السنة". فليراجع ما سطره العلامة ابن حزم في الفِصل فإنه لا مزيد عليه، وليت شعري كيف يُصرَف القرآن عن ظاهره بلا سنة صحيحة صريحة! اللهم عفواً

سبحان الله جمهور اهل السنة الذين يفضلون الانبياء على الملائكة تصفهم بالعاطفيين الذي تسربت إليهم فيروسات الفرس من تأليه البشر!!! ما اشبه الليلة بالبارحة قبلك وصفهم الزمخشري بالحشوية والمشبهه.
واما كلامك عن السنة الصحيحة والصريحة فهل كان الزمخشري يعرف السنة الصحيحة وقد شحن كتابه بالضعاف والموضوعات ومن جراءته يضعف الصحيح المتفق عليه لانه خالف مذهبه الاعتزالي وينتقي ما يعجبه ويترك ما لا يعجبه.
 
ليت للزمخشري زلة واحدة فنعذره بها ولكنها زلات سار بها منتصراً لمذهب المعتزلة الذي كان يغالي فيه منها تفسيره لقول الله تعالى: {عَفَا اللّهُ عَنكَ} [التوبة:43] عندما قال: كناية عن الجناية لأن العفو رادف لها, ومعناه أخطأت وبئس ما فعلت أهـ الكشاف (2/274)


وايضاً تفسيره لقول الله تعالى: {ياَ أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ} [التحريم:1] فقال: وكان هذا زلة منه, لأنه ليس لأحد أن يحرم ما أحل الله..أهـ الكشاف (4/564)

وهذا جناية في جناب نبي الله نوح عليه السلام عندما قال في تفسيره لقول الله عز وجل: {قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلاَ تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ} عندما قال: وجعل سؤال ما لا يعرف كنهه جهلاً وغباوة, ووعظه إلا يعود إليه وإلى أمثاله من أفعال الجاهلين أهـ الكشاف (2/400)
[align=justify]
إذا كان ما ذكرته زلات، فهي موجودة عند المفسرين الأجلاء، ولم يتفرد بها الزمخشري، فمثلا في قصة نوح عليه السلام يقول الطبري: يقول تعالى ذكره مخبرًا نبيَّه محمدًا صلى الله عليه وسلم، عن إنابة نوح عليه السلام بالتوبة إليه من زلَّته ، في مسألته التي سألَها ربَّه في ابنه :(قال ربّ إني أعوذ بك) ، أي : أستجير بك أن أتكلف مسألتك ما ليس لي به علم، مما قد استأثرت بعلمه ، وطويت علمه عن خلقك، فاغفر لي زلتي في مسألتي إياك ما سألتك في ابني، وإن أنت لم تغفرها لي وترحمني فتنقذني من غضبك. ويقول القرطبي في تفسير قوله تعالى {عفا الله عنك}: وأخبره بالعفو قبل الذنب لئلا يطير قلبه فرقا. وذكروا قول قتادة: عاتبه كما تسمعون.
مع أننا لانوافق المفسرين الذين فهموا من بعض الآيات أنها في عتاب النبي صلى الله عليه وسلم، والحق أنها جاءت لتوبيخ الكفار أوالمنافقين. ومنها قوله تعالى :{عبس وتولى}.

[/align]
 
سبحان الله جمهور اهل السنة الذين يفضلون الانبياء على الملائكة تصفهم بالعاطفيين الذي تسربت إليهم فيروسات الفرس من تأليه البشر!!! ما اشبه الليلة بالبارحة قبلك وصفهم الزمخشري بالحشوية والمشبهه.
واما كلامك عن السنة الصحيحة والصريحة فهل كان الزمخشري يعرف السنة الصحيحة وقد شحن كتابه بالضعاف والموضوعات ومن جراءته يضعف الصحيح المتفق عليه لانه خالف مذهبه الاعتزالي وينتقي ما يعجبه ويترك ما لا يعجبه.
أخي ماجد من حقي أن أحتج عليك بأنك "لست أكثر سنية مني" وكلانا ليس بـ"ـأكثر سنية من ابن حزم"، وأما أن الزمخشري مظلوم بسبب اعتزاله فقد بُيِّنَ ذلكم في غير ما موضع. والسلفي الحق - نظريا على الأقل- هو من يعرف الرجال بالحق لا الحق بالرجال. فقضيتنا ههنا علمية صرف وهي أن بعض العاطفيين قام بالتفضيل من عنده تفضيل الأنبياء بعضهم أو كلهم على الملائكة وعزا رأيه إلى مصطلح تجريدي عام هو "أهل السنة"، وهذا ليس من العلم في شيء، فالتفضيل وارد بين المكلفين لا بين الملائكة وهم {عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون يسبحون الليل والنهار لا يفترون} وبين الأنبياء وهم المصطفون الأخيار. فلا يجوز أن يصرف القرآن عن ظاهره بغير سنة صحيحة صريحة سواء قال بذلك ابن حزم والزمخشري أم لم يقولا، فالحق أبلج والباطل لجلج، ودمتم بودّ
 
كلام أبي محمد ابن حزم رحمه الله في المسألة

كلام أبي محمد ابن حزم رحمه الله في المسألة

الكلام في أي الخلق أفضل​
قال أبو محمد ذهب قوم إلى أن الأنبياء عليهم السلام أفضل من الملائكة وذهبت طائفة تنتسب إلى الإسلام أن الصالحين غير النبيين أفضل من الملائكة وذهب بعضهم إلى أن الولي أفضل من النبي وأنه يكون في هذه الأمة من هو أفضل من عيسى بن مريم ورأيت الباقلاني يقول جائز أن يكون في هذه الأمة من هو أفضل من رسول الله صلى الله عليه و سلم من حين بعث إلى أن مات ورأيت لأبي هاشم الجبائي أنه لو طال عمر إنسان من المسلمين في الأعمال الصالحة لأمكن أن يوازي عمل النبي قال أبو محمد ولولا أنه استحيا قليلا مما لم يستح منه نظيره الباقلاني لقال ما يوجبه هذا القول من أنه كان يزيد فضلا على رسول الله صلى الله عليه و سلم
قال أبو محمد وهذه الأقوال كفر مجرد لا تردد فيه وحاشا لله تعالى من أن يكون أحد عمر عمر الدهر يلحق فضل صاحب فكيف فضل رسول الله صلى الله عليه و سلم أو نبي من الأنبياء عليهم السلام فكيف أن يكون أفضل من رسول الله صلى الله عليه و سلم هذا مالا تقبله نفس مسلم كأنهم ما سمعوا قول الله عز و جل لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وقول النبي صلى الله عليه و سلم دعوا لي أصحابي فلو كان لأحدكم مثل أحد ذهبا فأنفقه في سبيل الله ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه
قال أبو محمد فكيف يلحق أبدا من إن تصدق هو بمثل جبل أحد ذهبا وتصدق الصاحب بنصف مد من شعير كان نصف مد الشعير لا يلحقه في الفضل جبل الذهب فكيف برسول الله صلى الله عليه و سلم قال أهل الحق إنّ الملائكة أفضل من كل خلق خلقه الله تعالى ثم بعدهم الرسل من النبيين عليهم السلام ثم بعدهم الأنبياء غير الرسل عليهم السلام ثم أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم على ما رتبنا قبل
قال أبو محمد ومن صحب رسول الله صلى الله عليه و سلم من الجن له من الفضل ما لسائر الصحابة بعموم قوله صلى الله عليه و سلم دعوا لي أصحابي وأفضل الرسل محمد صلى الله عليه و سلم أما فضل الملائكة على الرسل من غير الملائكة فلبراهين منها قول الله عز و جل امرا الرسول صلى الله عليه و سلم أن يقول {قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول اني ملك إنْ أتبع إلا ما يوحى إلي} فلو كان الرسول أرفع من الملك أو مثله ما أمر الله تعالى رسوله صلى الله عليه و سلم أن يقول لهم هذا القول الذي إنما قاله منحطا عن الترفع بأن يظن أنه عنده خزائن الله أو أنه يعلم الغيب أو أنه ملك منزل لنفسه المقدسة في مرتبته التي هي دون هذه المراتب بلا شك إذ لا يمكن البتة أن يقول هذا عن مراتب هو أرفع منها وأيضا فإن الله عز و جل ذكر محمدا الذي هو أفضل الرسل بعد الملائكة وذكر جبريل عليهما السلام وكان من التباين من الله عز و جل بينهما تباينا بعيدا وهو أنه عز و جل قال{ إنه لقول رسول كريم ذي قوة عند ذي العرش مكين مطاع ثم أمين } فهذه صفة جبريل عليهم السلام ثم ذكر محمدا صلى الله عليه و سلم فقال {وما صاحبكم بمجنون} ثم زاد تعالى بيانا رافعا للإشكال جملة فقال {ولقد رآه بالأفق المبين }فعظم الله تعالى من شأن أكرم الأنبياء والرسل بأن رأى جبريل عليه السلام ثم قال {ولقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى عندها جنة المأوى إذ يغشى السدرة ما يغشى ما زاغ البصر وما طغى لقد رأى من آيات ربه الكبرى }فامتنّ الله تعالى كما ترى على محمد صلى الله عليه و سلم بأن أراه جبريل مرتين وإنما يتفاضل الناس كما قدمنا بوجهين فقط أحدهما الاختصاص المجرد وأعظم الاختصاص الرسالة والتعظيم فقد حصل ذلك للملائكة قال تعالى جاعل الملائكة رسلا فهم كلهم رسل الله اختصهم تعالى بأن ابتدأهم في الجنة وحوالي عرشه في المكان الذي وعد رسله ومن اتبعهم بأن نهاية كرامتهم مصيرهم إليه وهو موضع خلق الملائكة ومحلهم بلا نهاية مذ خلقوا وذكرهم عز و جل في غير موضع من كتابه فأثنى على جميعهم ووصفهم بأنهم لا يفترون ولا يسأمون ولا يعصون الله فنفى عنهم الزلل والفترة والسآمة[في الشاملة "الساقة" وصوابه "والسآمة" كما هو في النسخة المحققة 5/126] والسهو وهذا أمر لم ينفه عز و جل عن الرسل صلوات الله عليهم بل السهو جائز عليهم وبالضرورة نعلم من عصم من السهو أفضل ممن لم يعصم منه وأن من عصم من العمد كالأنبياء عليهم السلام أفضل ممن لم يعصم ممن سواهم. فإن اعترض معترض بقول الله عز و جل {الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس }قيل له ليس هذا معارضا لقوله تعالى {جاعل الملائكة رسلا} فإن كل آية فإنما تحمل على مقتضاها [في الشاملة "فإنما لم تحمل" والتصحيح من المحققة 5/126]وموجب لفظها ففي هذه الآية أن بعض الملائكة رسل وهذا حق لا شك فيه وليس إخبارا عن سائرهم بشيء لا بأنهم رسل ولا بأنهم ليسوا رسلا فلا يحل لأحد أن يزيد في الآية ما ليس فيها ثم في الآية الأخرى زيادة على ما في هذه الآية والأخبار بأن جميع الملائكة رسل ففي تلك الآية بعض ما في هذه الآية وفي هذه الآية كل ما في تلك وزيادة ففرض قبول كل ذلك كما أن الله عز و جل إذ ذكر في كهيعص من ذكر من النبيين فقال أولئك الذين أنعم الله عليهم من النبيين وقد قال تعالى ورسلا قد قصصناهم عليك من قبل ورسلا لم نقصصهم عليك أفترى الرسل الذين لم يقصصهم الله تعالى عليه جملة أو في هذه السورة خاصة لم ينعم عليهم معاذ الله من هذا فما يقوله مسلم والوجه الثاني من أوجه الفضل هو تفاضل العاملين بتفاضل منازلهم في أعمال الطاعة والعصمة من المعاصي والدنيات وقد نص الله تعالى على أن الملائكة لا يفتُرون من الطاعة ولا يسأمون منها ولا يعصون البتة في شيء أمروا به فقد صح أن الله عز و جل عصمهم من الطبائع الناقصة الداعية إلى الفتور والكسل كالطعام والتغوط وشهوة الجماع والنوم فصح يقينا أنهم أفضل من الرسل الذين لم يعصموا من الفتور والكسل ودواعيهما
قال أبو محمد احتج بعض المخالفين في هذا بأن قال قال الله عز و جل إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين قالوا فدخل في العالمين الملائكة وغيرهم
قال أبو محمد وهذه الآية قد صح البرهان بأنها ليست على عمومها لأنه تعالى لم يذكر فيها محمدا صلى الله عليه و سلم ولا خلاف في أنه أفضل الناس قال الله تعالى كنتم خير أمة أخرجت للناس فإن قال أن آل إبراهيم هم آل محمد قيل له فنحن إذا أفضل من جميع الأنبياء حاشا آل عمران وآدم ونوحا فقط وهذا لا يقوله مسلم[فهم أبو محمد هاهنا الآل بالمعنى العام وهم جميع أمته صلى الله عليه وسلم] فصح يقينا أن هذه الآية ليست على عمومها فإذ [في الشاملة فإذا والتصحيح من المحققة 5/127] لا شك في ذلك فقد صح أن الله عز و جل إنما أراد بها عالمي زمانهم من الناس لا من الرسل ولا من النبيين نعم ولا من عالمي غير زمانهم لأننا بلا شك أفضل من آل عمران [الحق خلاف أبي محمد لأن الآية تتحدث عن الآل بالمعنى الخاص لا بالمعنى العام والله أعلم]فبطل تعلقهم بهذه الآية جملة وبالله تعالى التوفيق وصحّ أنها مثل قوله تعالى يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأني فضلتكم على العالمين ولا شك في أنهم لم يفضلوا على الرسل ولا على النبيين ولا على أمتنا ولا على الصالحين من غيرهم فكيف على الملائكة ونحن لا ننكر إزالة النص عن ظاهره وعمومه ببرهان من نص آخر أو إجماع متيقن أو ضرورة حس وإنما ننكر ونمنع من إزالة النص عن ظاهره وعمومه بالدعوى فهذا هو الباطل الذي لا يحل في دين ولا يصح في إمكان العقل وبالله تعالى التوفيق
قال أبو محمد وذكر بعضهم قول الله عز و جل {الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية }
قال أبو محمد وهذا مما لا حجة لهم فيه اصلا لأن هذه الصفة تعم كل مؤمن صالح من الانس ومن الجن نعم وجميع الملائكة عموما مستويا فانما هذه الاية تفضيل الملائكة والصالحين من الانس والجن على سائر البرية وبالله تعالى التوفيق
قال أبو محمد واحتجوا بامر الله عز و جل الملائكة بالسجود لآدم على جميعهم السلام
قال أبو محمد وهذا أعظم حجة عليهم لأن السجود المأمور به لا يخلو من أن يكون سجود عبادة وهذا كفر ممن قاله ولا يجوز أن يكون الله عز و جل يأمر أحدا من خلقه بعبادة غيره وأما ان يكون سجود تحية وكرامة وهو كذلك بلا خلاف من احد من الناس فاذ هو كذلك فلا دليل ادل على فضل الملائكة على آدم من أن يكون الله تعالى بلغ الغاية في اعظامه وكرامته بان تحييه الملائكة لأنهم لو كانوا دونه لم يكن له كرامة ولا مزية في تحيتهم له وقد أخبر الله عز و جل عن يوسف عليه السلام فقال {ورفع أبويه على العرش وخروا له سجدا وقال يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا} وكانت رؤياه هي التي ذكر الله عز و جل عنه إذ يقول {إني رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين}
قال أبو محمد وليس في سجود يعقوب عليه السلام ليوسف ما يوجب ان يوسف أفضل من يعقوب واحتجوا أيضا بأن الملائكة لم يعلموا أسماء الأشياء حتى أنبأهم بها آدم -على جميعهم السلام - بتعليم الله عز و جل آدم إياها
قال أبو محمد وهذا لا حجة لهم فيه لان الله عز و جل يعلم من هو أنقص فضلا وعلما في الجملة أشياء لا يعلمها من هو أفضل منه واعلم منه بما عدا تلك الأشياء فعلم الملائكة مالا يعلمه آدم وعلم آدم أسماء الأشياء ثم أمره بأن يعلمها الملائكة كما خص الخضر عليه السلام بعلم لم يعلمه موسى عليه السلام حتى اتبعه موسى عليه السلام ليتعلم منه وعلم أيضا موسى عليه السلام علوما لم يعلمها الخضر وهكذا صح عن النبي صلى الله عليه و سلم أن الخضر قال لموسى عليه السلام اني على علم من علم الله لا تعلمه انت وانت على علم من علم الله لا أعلمه أنا
قال أبو محمد وليس في هذا أن الخضر أفضل من موسى عليه السلام
قال أبو محمد وقد قال بعض الجهال أن الله تعالى جعل الملائكة خدام أهل الجنة يأتونهم بالتحف من عند ربهم عز و جل قال تعالى{ تتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون} وقال تعالى والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم
قال أبو محمد أما خدمة الملائكة لأهل الجنة وإقبالهم اليهم بالتحف فشيء ما علمناه قط ولا سمعناه إلا من القُصّاص بالخرافات والتكاذيب وانما الحق من ذلك ما ذكره الله عز و جل في النص الذي أوردنا وهو ولله الحمد من أقوى الحجج في فضل الملائكة على من سواهم ويلزم هذا المحتج اذا كان اقبال الملائكة بالبشارات الى أهل الجنة دليلا على فضل منهم وهذا كفر مجرد ولكن حقيقة هي أن الفضل إذا كان للأنبياء عليهم السلام على الناس بأنهم رسل الله اليهم ووسائط بين ربهم تعالى وبينهم فالفضل واجب للملائكة علي الانبياء والرسل لكونهم رسل الله تعالى اليهم ووسائط بينهم وبين ربهم تعالى واما تفضل الله تعالى على أهل الجنة بالاكل والشرب والجماع واللباس والالات والقصور فانما فضلهم الله عز و جل من ذلك بما يوافق طباعهم وقد نزه الله سبحانه الملائكة عن هذه الطبائع المستدعية لهذه اللذات بل أبانهم وفضلهم بل جعل طبائعهم لا تلتذ بشيء من ذلك الا بذكر الله عز و جل وعبادته وطاعته في تنفيذ أوامره تعالى فلا منزلة أعلى من هذه وعجل لهم سكنى المحل الرفيع الذي جعل تعالى غاية إكرامنا الوصول اليه بعد لقاء الامرّين في التعب في عمارة هذه الدنيا النكدة وفي كلف الأعمال ففي ذلك المكان خلق الله عز و جل الملائكة منذ ابتدائهم وفيه خلدهم وبالله تعالى التوفيق
قال أبو محمد وقال بعض السخفاء ان الملائكة بمنزلة الهواء والرياح
قال أبو محمد وهذا كذب وقحة وجنون لان الملائكة بنص القرآن والسنن واجماع جميع من يقر بالملائكة من أهل الأديان المختلفة عقلا متعبدون منهيون مأمورون وليس كذلك الهواء والرياح لكنها[كذا في المحققة 2/131 وفي الشاملة أيضا وصوابه "لكونها" كما يقتضي السياق] لا تعقل ولا هي متكلفة متعبدة بل هي مسخرة مصرفة لا اختيار لها قال تعالى والسحاب المسخر بين السماء والأرض وقال تعالى سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام وذكر تعالى الملائكة فقال بل عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون وقال تعالى ويستغفرون لمن في الأرض وقال تعالى {وقال الذين لا يرجون لقاءنا لولا أنزل علينا الملائكة أو نرى ربنا لقد استكبروا في أنفسهم وعتوا عتوا كبيرا يوم يرون الملائكة لا بشرى يومئذ للمجرمين }فقرن تعالى نزول الملائكةبرؤيته تعالى وقرن تعالى اتيانه باتيان الملائكة فقال عز و جل {هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة }واعلم أن اعراب الملائكة هاهنا بالرفع عطفا على الله عز و جل لا على الغمام ونص تعالى على أن آدم عليه الصلاة و السلام انما أكل من الشجرة ليكون ملكا أو ليخلد كما نص تعالى علينا اذ يقول عز و جل {ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة الا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين}
قال أبو محمد فبيقين ندري أن آدم عليه السلام لولا يقينه بان الملائكة أفضل منه وطمعه بأن يصير ملكا لما قبل من إبليس ما غره به من أكل الشجرة التي نها الله عز و جل عنها ولو علم آدم أن الملك مثله أو دونه لما حمل نفسه على مخالفة أمر الله تعالى لينحط عن منزلته الرفيعة إلى الدون هذا ما لا يظنه ذو عقل أصلا
قال أبو محمد وقال الله عز و جل {لن يستنكف المسيح أن يكون عبد لله ولا الملائكة المقربون} فقوله عز و جل بعد ذكر المسيح ولا الملائكة المقربون بلوغ الغاية في علو درجتهم على المسيح عليه السلام لأن بنية الكلام ورتبته إنما هي إذا أراد القائل نفي صفة ما عن متواضع عنها أن يبدأ بالأدنى ثم بالأعلى وإذا أراد نفي صفة ما عن مترفع عنها أن يبدأ بالأعلى ثم بالأدنى فنقول في القسم الأول ما يطمع في الجلوس بين يدي الخليفة خازنه ولا وزيره ولا أخوه ونقول في القسم الثاني ما ينحط إلى الأكل في السوق وال ولا ذو مرتبة ولا متصاون من التجار أو الصناع لا يجوز البتة غير هذا وبالله تعالى التوفيق
قال أبو محمد وأيضا فإن رسول الله صلى الله عليه و سلم أخبر بأن الله سبحانه وتعالى خلق الملائكة من نور وخلق الإنسان من طين وخلق الجن من نار
قال أبو محمد ولا يجهل فضل النور على الطين وعلى النار أحد إلا من لم يجعل الله له نورا {ومن لم يجعل الله له نوا فما له من نور }وقد صح أن رسول الله صلى الله عليه و سلم دعا ربه في أن يجعل في قلبه نورا فالملائكة من جوهر دعا أفضل البشر ربه في أن يجعل في قلبه منه وبالله تعالى التوفيق وفي هذا كفاية لمن عقل
قال أبو محمد وقال عز و جل {ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر إلى قوله وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا }فإنما فضل الله تعالى بنص كلامه عز و جل بني آدم على كثير ممن خلق لا على كل من خلق وبلا شك أن بني آدم يفضلون على الجن وعلى جميع الحيوان الصامت وعلى ما ليس حيوانا فلم يبق خلق يستثنى من تفضيل الله تعالى بني آدم عليه إلا الملائكة فقط
قال أبو محمد وأما فضل رسول الله صلى الله عليه و سلم على كل رسول قبله فالثابت عنه عليه السلام أنه قال فضلت على الأنبياء بست وروى بخمس وروى بأربع وروى بثلاث رواه جابر بن عبد الله وأنس بن مالك وحذيفة بن اليمان وأبو هريرة وبقوله صلى الله عليه و سلم "أنا سيد ولد آدم ولا فخر " وأنه عليه السلام بعث إلى الأحمر والأسود وأنه عليه السلام أكثر الأنبياء اتباعا وأنه ذو الشفاعة التي يحتاج إليه يوم القيامة فيها النبيون فمن دونهم أماتنا الله على ملته ولا خالَف بنا عنه وهو أيضا عليه السلام خليل الله وكليمه

 
[align=justify]
إذا كان ما ذكرته زلات، فهي موجودة عند المفسرين الأجلاء، ولم يتفرد بها الزمخشري، فمثلا في قصة نوح عليه السلام يقول الطبري: يقول تعالى ذكره مخبرًا نبيَّه محمدًا صلى الله عليه وسلم، عن إنابة نوح عليه السلام بالتوبة إليه من زلَّته ، في مسألته التي سألَها ربَّه في ابنه :(قال ربّ إني أعوذ بك) ، أي : أستجير بك أن أتكلف مسألتك ما ليس لي به علم، مما قد استأثرت بعلمه ، وطويت علمه عن خلقك، فاغفر لي زلتي في مسألتي إياك ما سألتك في ابني، وإن أنت لم تغفرها لي وترحمني فتنقذني من غضبك. ويقول القرطبي في تفسير قوله تعالى {عفا الله عنك}: وأخبره بالعفو قبل الذنب لئلا يطير قلبه فرقا. وذكروا قول قتادة: عاتبه كما تسمعون.
مع أننا لانوافق المفسرين الذين فهموا من بعض الآيات أنها في عتاب النبي صلى الله عليه وسلم، والحق أنها جاءت لتوبيخ الكفار أوالمنافقين. ومنها قوله تعالى :{عبس وتولى}.

[/align]

الدكتور محي الدي غازي انا أعتب عليك بشدة وشتان بين الزمخشري وغيره وأنا اتحداك ان تاتي بمفسر او غيره قال ان عتاب الرحمن سبحانه وتعالى لخليله سيد الخلق صلى الله عليه وسلم معناه (أخطأت وبئس ما فعلت) او ان مفسر قال عن سؤال نبي الله نوح عليه السلام بانه ( جهلاً وغباوة). الزمخشري يضرب به المثل في معرفته للغة وهو يدرك معنى كلامه.

وايضاً شتان بين تفسير الزمخشري وتفسير القرطبي رحمه الله فالزمخشري فسّر الآية بهذه الكلمة القبيحة واكتفى بذلك. اما القرطبي فذكر اقوال الائمة والعلماء وقدّم لكلامه بكلام جميل عن عتاب الله عز وجل لخليلة ثم عاد وختم كلامه بذلك ايضاً وخذا ما قال القرطبي كاملاً من باب المقارنة بين الاثنين:

قال القرطبي في تفسيره:​
{ عَفَا ٱللَّهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكَ ٱلَّذِينَ صَدَقُواْ وَتَعْلَمَ ٱلْكَاذِبِينَ }
قوله تعالىٰ: { عَفَا ٱللَّهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ } قيل: هو افتتاح كلام؛ كما تقول: أصلحك الله وأعزك ورحمك! كان كذا وكذا. وعلى هذا التأويل يحسن الوقف على قوله: { عَفَا ٱللَّهُ عَنكَ }؛ حكاه مكيّ والمهدوِيّ والنحاس. وأخبره بالعفو قبل الذنب لئلا يطير قلبه فَرَقاً. وقيل: المعنىٰ عفا الله عنك ما كان من ذنبك في أن أذِنت لهم؛ فلا يحسن الوقف على قوله: «عَفَا الله عَنْكَ» على هذا التقدير؛ حكاه المهدوِيّ واختاره النحاس. ثم قيل: في الإذن قولان: الأوّل ـ «لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ» في الخروج معك، وفي خروجهم بلا عُدّة ونية صادقة فسادٌ. الثاني ـ «لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ» في القعود لما اعتلّوا بأعذار؛ ذكرهما القشيري قال: وهذا عتاب تلطف؛ إذ قال: «عَفَا اللَّهُ عَنْكَ». وكان عليه السلام أذن من غير وحَيْ نزل فيه. قال قتادة وعمرو بن ميمون: ثنتان فعلهما النبيّ صلى الله عليه وسلم و لم يؤمر بهما: إذنُه لطائفة من المنافقين في التخلف عنه ولم يكن له أن يمضي شيئاً إلا بوحي، وأخذهُ من الأسارىٰ الفِدية؛ فعاتبه الله كما تسمعون. قال بعض العلماء إنما بدر منه ترك الأوْلىٰ، فقدّم الله له العفو على الخطاب الذي هو في صورة العتاب أهـ
وهذا ما قاله الزمخشري في تفسيره:​
{ عَفَا ٱللَّهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكَ ٱلَّذِينَ صَدَقُواْ وَتَعْلَمَ ٱلْكَاذِبِينَ }
{ عَفَا ٱللَّهُ عَنكَ } كناية عن الجناية، لأن العفو رادف لها. ومعناه: أخطأت وبئس ما فعلت. و { لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ } بيان لما كنى عنه بالعفو. ومعناه: مالك أذنت لهم في القعود عن الغزو حين استأذنوك واعتلوا لك بعللهم وهلاّ استأنيت بالإذن { حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكَ } من صدق في عذره ممن كذب فيه. وقيل: شيئان فعلهما رسول الله ولم يؤمر بهما: إذنه للمنافقين وأخذه من الأسارى فعاتبه الله تعالى.أهـ
 
الدكتور محي الدي غازي انا أعتب عليك بشدة وشتان بين الزمخشري وغيره وأنا اتحداك ان تاتي بمفسر او غيره قال ان عتاب الرحمن سبحانه وتعالى لخليله سيد الخلق صلى الله عليه وسلم معناه (أخطأت وبئس ما فعلت) او ان مفسر قال عن سؤال نبي الله نوح عليه السلام بانه ( جهلاً وغباوة). الزمخشري يضرب به المثل في معرفته للغة وهو يدرك معنى كلامه.
وايضاً شتان بين تفسير الزمخشري وتفسير القرطبي رحمه الله فالزمخشري فسّر الآية بهذه الكلمة القبيحة واكتفى بذلك. اما القرطبي فذكر اقوال الائمة والعلماء وقدّم لكلامه بكلام جميل عن عتاب الله عز وجل لخليلة ثم عاد وختم كلامه بذلك ايضاً


أخي الكريم ماجد وفقك الله،
موضوعنا هو نوعية الخطأ أو الجناية وليس المقارنة في حجم الأخطاء أو الجنايات، فإن كان نسبة الزلة إلى النبي صلى الله عليه وسلم جناية الزمخشري في جناب نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فقد نسب الطبري نفس الكلمة إلى نبينا نوح عليه السلام، ونسب القرطبي الذنب إلى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
ثم إن الزمخشري لم ينسب صراحة إلى سيدنا نوح عليه السلام الجهل والغباوة، وإنما بين المفهوم المتبادر من الآية وهو أن سؤال الشخص ما ليس له به علم من الجهل.
وإن كنت تتحداني (وليس التحدي من آداب الحوار) أن أجد كلاما مثل كلام الزمخشري عند غيره من المفسرين، فإنني سوف أكتفي بمثال واحد وهو ما حكاه الطبري ونقله السيوطي وابن أبي حاتم والكثيرون من غير تعقيب عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم أن معنى قوله : { إني أعظك أن تكون من الجاهلين } في أن تعتقد أني لا أفي لك بوعد وعدتك به .
وإن كنت تريد أن تعرف مدى حجم الخطأ في كلام ما نقله الطبري عن ابن زيد فانظر إلى ماقاله ابن عطية عن هذا التأويل في المحرر الوجيز: وهذا تأويل بشع ، وليس في الألفاظ ما يقتضي أن نوحاً اعتقد هذا وعياذاً بالله.
وانظر إلى ما قاله أبو حيان في البحر المحيط: وذكر الطبري عن ابن زيد تأويلا في قوله : إني أعظك أن تكون من الجاهلين لا يناسب النبوة تركناه.
 
أخي الكريم ماجد وفقك الله،

موضوعنا هو نوعية الخطأ أو الجناية وليس المقارنة في حجم الأخطاء أو الجنايات، فإن كان نسبة الزلة إلى النبي صلى الله عليه وسلم جناية الزمخشري في جناب نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فقد نسب الطبري نفس الكلمة إلى نبينا نوح عليه السلام، ونسب القرطبي الذنب إلى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
ثم إن الزمخشري لم ينسب صراحة إلى سيدنا نوح عليه السلام الجهل والغباوة، وإنما بين المفهوم المتبادر من الآية وهو أن سؤال الشخص ما ليس له به علم من الجهل.
وإن كنت تتحداني (وليس التحدي من آداب الحوار) أن أجد كلاما مثل كلام الزمخشري عند غيره من المفسرين، فإنني سوف أكتفي بمثال واحد وهو ما حكاه الطبري ونقله السيوطي وابن أبي حاتم والكثيرون من غير تعقيب عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم أن معنى قوله : { إني أعظك أن تكون من الجاهلين } في أن تعتقد أني لا أفي لك بوعد وعدتك به .
وإن كنت تريد أن تعرف مدى حجم الخطأ في كلام ما نقله الطبري عن ابن زيد فانظر إلى ماقاله ابن عطية عن هذا التأويل في المحرر الوجيز: وهذا تأويل بشع ، وليس في الألفاظ ما يقتضي أن نوحاً اعتقد هذا وعياذاً بالله.

وانظر إلى ما قاله أبو حيان في البحر المحيط: وذكر الطبري عن ابن زيد تأويلا في قوله : إني أعظك أن تكون من الجاهلين لا يناسب النبوة تركناه.

اولاً: اود ان عتذر لك يا دكتور محيي الدين غازي على تجاوز حدود ادب الحوار وليتني قلت (اطالبك) فهي اخف. كما ان كلمة (زلة) او (ذنب) اخف من كلمة (جهلاً وغباوة) أو (بئس ما فعلت).
ثانياً: رحم الله ابو حيان وابن عطية في انكارهما لكلمة عبد الرحمن بن زيد وهي كلمة بشعة ولا تناسب النبوة كما قالا وليت الطبري والسيوطي وابن ابي حاتم لم ينقلوها في تفاسيرهم ومع ذلك فهي أخف وأهون من كلمة الزمخشري التي ربما لم يسبقه عليه أحد. وهذا ما قاله الرجلين بالنص حتى نقارن بينهم:
- قال عبد الرحمن ابن زيد بن أسلم في قوله : { إني أعظك أن تكون من الجاهلين } أن تبلغ الجهالة بك أن لا أفي لك بوعد وعدتك حتى تسألني ما ليس لك به علم أهـ
- قال الزمخشري:قلت: قد تضمن دعاؤه معنى السؤال وإن لم يصرح به، لأنه إذا ذكر الموعد بنجاة أهله في وقت مشارفة ولده الغرق فقد استنجز. وجعل سؤال ما لا يعرف كنهه جهلاً وغباوة، ووعظه أن لا يعود إليه وإلى أمثاله من أفعال الجاهلين.أهـ
 
{لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا}والله تعالى أحق

{لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا}والله تعالى أحق

وفعلا ملاحظة ذكية من ابن عاشور رحمه الله
وثمة شعرة دقيقة رقيقة بين النقد العلمي والتطاول على المقدسات وسوء الأدب؛ حتى بدون قصد
كما فعل خطيب جمعة صليت عنده في القاهرة فقال:
"انته فاكر ربنا عبيط؟"
فوجئت عند تصفحي لبعض مواضيع الملتقى بوجود تعليقات على هذا الموضوع من غير نكير على إيراد تلك القالة الشنيعة الواردة في نهاية الاقتباس المنقول أعلاه بحق الذات الإلهية العلية ، و لو كان صاحبها ذكرها و كتبها ناقلا كلام غيره ، و حقا هي سوء أدب مع الله عز و جل ، حتى بدون قصد ، و هو نقل لا يجوز . حاشا لله .و لا يقال ناقل البذاءة ليس بآثم ، تعللا بمقولة ناقل الكفر ليس بكافر ؛ لأن نقل كلام البذاءة في حق البشر قبيح مستهجن ، و في حق الله أشد و أشنع ؛ من باب الأولى
 
الزمخشري غفر الله لنا وله من منظري مذهب المعتزلة وهو امام في ذلك وإن كان يجهل بعض مقالاتهم ودقائق الخلاف في مذهبهم _ أي المعتزلة _ وقد أودع الإعتزال في كشافه بطريقة خفيه ارتكز فيها على الدلالة اللغوية للكلمة ، وقد تتبعه العلماء وبينوا كثيرا مما ذكره ، واكثر من تتبعه من الأشاعرة ، ولذا يغضون الطرف عما يورده من تأويل فيما يوافقهم فيه ، ومن العلماء الذين بينوا اعتزالياته ابن المنير والرازي وابو حيان والطيبي في مفاتيح الغيب وغيرهم .
وفي الكشاف جمع الزمخشري غفر الله لنا وله بين سوء المعتقد ، وقلة البضاعة في السنة فأكثر من ايراد الأحاديث الموضوعة والضعيفة ، وبمراجعة الكاف الشافي لابن حجر رحمه الله يتضح الأمر . والرازي رحمه الله اكثر من الكلام عليه ووصفه بالمسكين ، وبالفضولي ، وبقلة العلم ، وبأنه يطعن بأولياء الله وغير ذلك مما لا يتسع له المجال غفر الله لنا ولهم ووسعنا وإياهم بفضله ورحمته .
 
فضيلة الأستاذ الدكتور صالح حفظكم الله
الزمخشري من أئمتنا نحن المسلمين. وأخطاؤه أقل بكثير من أخطاء الطبري.
 
فضيلة الأستاذ الدكتور صالح حفظكم الله
الزمخشري من أئمتنا نحن المسلمين. وأخطاؤه أقل بكثير من أخطاء الطبري.

لو ضربت لنا مثالا يا دكتور على أخطاء الطبري التي هي أكثر بكثير من أخطاء الزمخشري ، والمثال الذي ذكرته في تفسير الطبري من نقله عن ابن زيد لا يداني ما سطره الزمخشري بيده في جناب سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام ووصم نوح عليه الصلاة والسلام بالجهل و الغباوة.

و هل أخطاء الإمام الطبري لو جمعت كلها تقارب زلة الزمخشري الاعتزالية؟؟
 
هناك فرق كبير بين مقولة الزمخشري وما نقل عن ابن زيد، ومقولة الزمخشري أهون بكثير من حيث المعنى من مقولة ابن زيد، وإن كنت أتفق مع الإخوة أن التعبير الذي اختاره الزمخشري كان مخطأ فيه، وربما غلبت عليه العجمة، فقد نقل عن ابن زيد أن نوحا عليه السلام اعتقد ما لا ينبغي أن يعتقد، ومقولة الزمخشري تدل على أن نوحا عليه السلام أراد أن يدفع شبهة وقعت لديه، يقول الزمخشري: فإن قلت : قد وعده أن ينجى أهله ، وما كان عنده أن ابنه ليس منهم ديناً ، فلما أشفى على الغرق تشابه عليه الأمر ، لأن العدة قد سبقت له وقد عرف اللّه حكيما لا يجوز عليه فعل القبيح وخلف الميعاد ، فطلب إماطة الشبهة وطلبُ إماطة الشبهة واجب ، فلم زجر وسمى سؤاله جهلا؟ قلت : إن اللّه عز وعلا قدّم له الوعد بإنجاء أهله مع استثناء من سبق عليه القول منهم ، فكان عليه أن يعتقد أن في جملة أهله من هو مستوجب للعذاب لكونه غير صالح ، وأن كلهم ليسوا بناجين ، وأن لا تخالجه شبهة حين شارف ولده الغرق في أنه من المستثنين لا من المستثنى منهم ، فعوتب على أن اشتبه عليه ما يجب أن لا يشتبه.

والذي يجب التنبيه إليه أن الزمخشري وابن حزم وإن كانوا يرون تفضيل الملائكة على الأنبياء عليهم السلام، ولكن هذا لا يعني أنهم ما كانوا يحترمون الأنبياء. بل كانوا يعظمون الأنبياء كأي واحد من المسلمين. كما أن الذين يفضلون الأنبياء على الملائكة، لاينتقصون من شأن الملائكة شيئا، ولا يحسبون الكلام في شأنهم أمرا هينا. وإذا صدر شيء من الزمخشري أو غيره فهو زلة لسان وغلبة عجمة، وليس جناية فكر واعتقاد.
 
سعادة الدكتور لم تجب على السؤال : وهو الأخطاء التي فاق بها الامام الطبري الزمخشري ، وبالنسبة للمثال الذي ذكرته حول نقل الطبري عن ابن زيد فقد قال الإمام الطبري :
"
وَقَوْلُهُ: {فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} [هود: 46] نَهْي مِنَ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ نَبِيَّهُ نُوحًا أَنْ يَسْأَلَهُ عَنْ أَسْبَابِ أَفْعَالِهِ الَّتِي قَدْ طَوَى عِلْمَهَا عَنْهُ، وَعَنْ غَيْرِهِ مِنَ الْبَشَرِ. يَقُولُ لَهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: إِنِّي يَا نُوحُ قَدْ أَخْبَرْتُكَ عَنْ سُؤَالِكَ سَبَبَ إِهْلَاكِي ابْنَكَ الَّذِي أَهْلَكْتُهُ، فَلَا تَسْأَلْنِ بَعْدَهَا عَمَّا قَدْ طَوَيْتُ عِلْمَهُ عَنْكَ مِنْ أَسْبَابِ أَفْعَالِي، وَلَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ فِي مَسْأَلَتِكَ إِيَّايَ عَنْ ذَلِكَ وَكَانَ ابْنُ زَيْدٍ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: {إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ} [هود: 46]
مَا: حَدَّثَنِي بِهِ، يُونُسُ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: " {إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ} [هود: 46] أَنْ تَبْلُغَ الْجَهَالَةُ بِكَ أَنْ لَا أَفِي لَكَ بِوَعْدٍ وَعَدْتُكَ حَتَّى تَسْأَلَنِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ؛ {وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [هود: 47] " انتهى


وهذه من صيغ رد القول و تضعيفه عند الإمام الطبري حيث قال:" وكان ابن زيد يقول" و نقل الخبر، فقوله" و كان ابن زيد - بالاستقراء على ما قرره شيخنا مساعد الطيار حفظه الله - من صيغ عدم قبول الامام الطبري و تضعيفه للخبر ، فلا يقال أن الامام الطبري نقل الخبر و لم يعقب عليه كالمرتضي له ، لكن من يعرف منهج ابن جرير يعلم أنه يورد هذه الرواية بصيغة عدم القبول لها ، خاصة أنها تخالف من فسره من معنى الآية
 
من المعروف أن الإمام الزمخشري رحمه الله تعالى من أئمة البلغاء والفصحاء، وهو شيخ التفسير البلاغي في القرآن بلا منازع، وأما اعتزالياته فهي تنطلق من تنزيهه لله تعالى ، وتقديسه له، وأما أن الملائكة أفضل من الناس فهم مخلوقون من نور ، ولا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ، ومن كان هذا شأنه فهو أفضل من الإنسان المعرض للمعصية ، ومع هذا فإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضاً بما يصنع، فمن أفضل ؟
ولكن الأنبياء عليهم السلام وهم معصومون عن الخطأ فلا شك أنهم أفضل من الملائكة ، لما يلاقونه من مشاق في سبيل نشر الدعوة
 
من الغريب جدا أنهم عابوا على الزمخشري بأنه كان يطعن في أولياء الله، ولم أجد بعد شاهدا واحدا على ذلك، وكيف يطعن الزمخشري في أولياء الله، وهو نفسه (فيما أحسب ولا نزكي على الله أحدا) من أولياء الله تعالى والذي وفقه الله تعالى لتفسير كتابه تفسيرا استفاد منه خلق كثير خلال قرون طويلة.
 
سعادة الدكتور لم تجب على السؤال : وهو الأخطاء التي فاق بها الامام الطبري الزمخشري ، وبالنسبة للمثال الذي ذكرته حول نقل الطبري عن ابن زيد فقد قال الإمام الطبري :
"
وَقَوْلُهُ: {فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} [هود: 46] نَهْي مِنَ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ نَبِيَّهُ نُوحًا أَنْ يَسْأَلَهُ عَنْ أَسْبَابِ أَفْعَالِهِ الَّتِي قَدْ طَوَى عِلْمَهَا عَنْهُ، وَعَنْ غَيْرِهِ مِنَ الْبَشَرِ. يَقُولُ لَهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: إِنِّي يَا نُوحُ قَدْ أَخْبَرْتُكَ عَنْ سُؤَالِكَ سَبَبَ إِهْلَاكِي ابْنَكَ الَّذِي أَهْلَكْتُهُ، فَلَا تَسْأَلْنِ بَعْدَهَا عَمَّا قَدْ طَوَيْتُ عِلْمَهُ عَنْكَ مِنْ أَسْبَابِ أَفْعَالِي، وَلَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ فِي مَسْأَلَتِكَ إِيَّايَ عَنْ ذَلِكَ وَكَانَ ابْنُ زَيْدٍ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: {إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ} [هود: 46]
مَا: حَدَّثَنِي بِهِ، يُونُسُ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: " {إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ} [هود: 46] أَنْ تَبْلُغَ الْجَهَالَةُ بِكَ أَنْ لَا أَفِي لَكَ بِوَعْدٍ وَعَدْتُكَ حَتَّى تَسْأَلَنِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ؛ {وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [هود: 47] " انتهى


وهذه من صيغ رد القول و تضعيفه عند الإمام الطبري حيث قال:" وكان ابن زيد يقول" و نقل الخبر، فقوله" و كان ابن زيد - بالاستقراء على ما قرره شيخنا مساعد الطيار حفظه الله - من صيغ عدم قبول الامام الطبري و تضعيفه للخبر ، فلا يقال أن الامام الطبري نقل الخبر و لم يعقب عليه كالمرتضي له ، لكن من يعرف منهج ابن جرير يعلم أنه يورد هذه الرواية بصيغة عدم القبول لها ، خاصة أنها تخالف من فسره من معنى الآية
قد يكون من عادة الطبري في تضعيف التفسير/القول/الرأي المنقول لا الخبر لأن تضعيف الخبر يعني تضعيف السند إلى ابن زيد وليس كذلك ظاهر الأمر. وليس في صنيع الطبري ما يوحي عدم القبول للرواية من حيث سندها وثبوتها بل من حيث عدم موافقته لمذهب صاحبه في المعنى الذي ذهب إليه والله أعلم
 
من المعروف أن الإمام الزمخشري رحمه الله تعالى من أئمة البلغاء والفصحاء، وهو شيخ التفسير البلاغي في القرآن بلا منازع، وأما اعتزالياته فهي تنطلق من تنزيهه لله تعالى ، وتقديسه له، وأما أن الملائكة أفضل من الناس فهم مخلوقون من نور ، ولا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ، ومن كان هذا شأنه فهو أفضل من الإنسان المعرض للمعصية ، ومع هذا فإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضاً بما يصنع، فمن أفضل ؟
ولكن الأنبياء عليهم السلام وهم معصومون عن الخطأ فلا شك أنهم أفضل من الملائكة ، لما يلاقونه من مشاق في سبيل نشر الدعوة
قد مرت بنا حجج ابي محمد بن حزم وهي مشهود لها بظاهر القرآن ولا توجد سنة تصرف القرآن عن ظاهره فتبقى حججه أقوى والله أعلم
 
من الغريب جدا أنهم عابوا على الزمخشري بأنه كان يطعن في أولياء الله، ولم أجد بعد شاهدا واحدا على ذلك، وكيف يطعن الزمخشري في أولياء الله، وهو نفسه (فيما أحسب ولا نزكي على الله أحدا) من أولياء الله تعالى والذي وفقه الله تعالى لتفسير كتابه تفسيرا استفاد منه خلق كثير خلال قرون طويلة.

صدقت وبررت وأين مثل أبي القاسم جار الله رحمه الله تعالى وألحقه بالصالحين وقد حكموا عليه دون فهم مراده بأن سلكوه ضمن مسمى يشمل ثلة من الأولين وقليلا من الآخرين في أربعة قرون سواء للسائلين. وقد تقدمت تزكيتهُ قبل أربع سنين في هذا الملتقى المبارك بقول الإمام الشافعي رحمه الله "إذا سلّم القدريّ العلمَ خُصم" وفسّرها الحافظ ابن حجر في الفتح جـ13 بقوله يعني أنه وافق مذهب أهل السنة وهذا كشاف أبي القاسم أمامنا وقد استقريته ذات مساء فوجدته يقرّ بشمول علم الله تعالى من أوله إلى آخره، فقد وافق أهل السنة بحسب الشافعي وتفسير ابن حجر لقول الشافعي فأين من هو اكثر "سنيةً" منهما؟ ولا شك أن من صحت عقيدته في القدر فما سوى ذلك أهون. وفي قضية خلق القرآن تقدم أنها اجتهاد بقصد تنزيه الله تعالى عن التغير وأنها ذات ركنين :أحدهما مبتدع وهو أن المذهب الحق في القرآن "أن لا يوصف بمخلوق"، وأن مقتضى موقف الورعين من المحدثين بقولهم "غير مخلوق" أن يكونوا يعنون "لا يوصف بمخلوق" ليس سوى ذلك، لأنه إن كان سوى ذلك كما زعمتْه كتب منحولة إلى أسماء محترمة كان خوضاً في ما ليس لهم به علم ونحن نربأ بهم عن ذلك قياسا على ما نعرف من ورعهم واتباعهم، والركن الثاني :أن من معاني "مخلوق" "محدث" وهذه صواب لا مرية فيها. وأن من ضل بأن أنكر أنه محدث أشدّ ضلالاً ممن قال "مخلوق" لأن من قال إن القرآن قديم فقد خاض فيما ليس له به علم ووقع في ما هو افظع مما أنكر! أليس أنه يقول بقديمين؟ أم أنه يجعل اللغة العربية واسم زيد وأبي لهب قديمة غير محدثة؟. فماذا يُنقم على أبي القاسم غيرهما؟ يا ليت قومي يعلمون فيكفوا عن شن حملة شعواء على هذا العالم الجليل فقد جاور بمكة وسمي جار الله وأنفق العمر ناسكا يطلب العلم بكشف عن أصله وانتقاد وهو صورة مشرقة مشرفة من علماء الإسلام.
 
اسمح لي يادكتور عبد الرحمن ، هل تريدنا :
1 / أن نتوقف عن بيان أخطاء الزمخشري وأنه كبير المعتزلة المبتدعين .
2 / أو نتوقف عن القدح في ذاته والحكم عليه أنه من الهالكين وأنه ليس من علماء اللغة والبلاغة وتفسير القرآن .
وضح لنا أي الفقرتين صحيحة لكي نستبين السبيل المبين في الفهم والحديث معكم .
حفظكم الله ووفقكم والإخوة لكل خير .
 
لو ضربت لنا مثالا يا دكتور على أخطاء الطبري التي هي أكثر بكثير من أخطاء الزمخشري ، والمثال الذي ذكرته في تفسير الطبري من نقله عن ابن زيد لا يداني ما سطره الزمخشري بيده في جناب سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام ووصم نوح عليه الصلاة والسلام بالجهل و الغباوة.

و هل أخطاء الإمام الطبري لو جمعت كلها تقارب زلة الزمخشري الاعتزالية؟؟
أخي الكريم
إن لي بحثا مفصلا تحت الإعداد في هذا الموضوع، وسوف ينشر في وقته بإذن الله، وأما الموقف الاعتزالي فلا أسلم بأنه زلة، لأن هناك فرقا كبيرا يعرفه العلماء بين الموقف والزلة، فليس هناك زلة حنفية أو زلة مالكية في فروع الفقه أو زلة اعتزالة أو زلة أشعرية أو زلة حنبلية في فروع الكلام أو زلة كوفية أو زلة بصرية في النحو. فهي كلها مواقف تبناها أهل العلم مستندين إلى أدلة وحجج قد تكون ضعيفة وقد تكون قوية. إنني لا أوافق الموقف الاعتزالي في كثير من القضايا ولكني لاأعتبره زلة إنما هو موقف.

وعند المقارنة بين الزمخشري والطبري، يجب أن يكون لدينا إحصائية دقيقة عن الروايات الضعيفة والموضوعة الموجودة عند الزمخشري، والروايات الضعيفة والموضوعة الموجودة عند الطبري، ولا سيما الروايات الموضوعة التي تشوه صورة الأنبياء،مثل الروايات الواردة في قصة داوود عليه السلام، ويوسف عليه السلام، ونبينا صلى الله عليه وسلم.
 
وعند المقارنة بين الزمخشري والطبري، يجب أن يكون لدينا إحصائية دقيقة عن الروايات الضعيفة والموضوعة الموجودة عند الزمخشري، والروايات الضعيفة والموضوعة الموجودة عند الطبري، ولا سيما الروايات الموضوعة التي تشوه صورة الأنبياء،مثل الروايات الواردة في قصة داوود عليه السلام، ويوسف عليه السلام، ونبينا صلى الله عليه وسلم.

لكن سعادة الدكتور وجود الرويات صحيحة كانت أو ضعيفة لا يعني الحكم على آراء من ذكرها، كما في مثال سورة هود السابق الذكر، فلا يتوهم ذكر رواية أن هذه هو رأي من نقلها حتى يتعرف على منهجه في قبول الرواية من حيث الدراية
 
لكن سعادة الدكتور وجود الرويات صحيحة كانت أو ضعيفة لا يعني الحكم على آراء من ذكرها، كما في مثال سورة هود السابق الذكر، فلا يتوهم ذكر رواية أن هذه هو رأي من نقلها حتى يتعرف على منهجه في قبول الرواية من حيث الدراية

أخي الكريم، حديثي عن الروايات الموضوعة التي بنى عليها الطبري موقفه، وصرح بذلك، كما في قصة يوسف عليه السلام في سورة يوسف وقصة داود عليه السلام في سورة ص وغير ذلك كثير.
 
عودة
أعلى