هل جاءت ثم للترتيب في قوله تعالى:(ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا)؟

إنضم
18/05/2011
المشاركات
1,237
مستوى التفاعل
1
النقاط
38
قال الله تعالى:(خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِّن بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ ذَٰلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّىٰ تُصْرَفُونَ).

هل (ثم) هنا تفيد الترتيب الزمني؟
وقد جاءت في النساء والأعراف بالواو(وجعل منها زوجها).
 
قد يفيدك أخي الكريم معرفة معاني حروف العطف و كيفية تعاطيها

الواو

وهو حرف يفيد المشاركة بين المعطوف والمعطوف عليه، فمثلاً نقول: أكل أحمد وسعيد، كما أنّها لا تفيد التعقيب أو الترتيب بين الاسمين على الإطلاق، فقد يكون أحمد أكل "بعد" سعيد، أو العكس، كما يمكن أن يكونا قد قاما بالفعل معاً في الوقت نفسه.


ثم

وهو حرف يفيد الترتيب لكن مع التراخي، فمثلاً نقول: سافرت ميساء ثم فاطمة، أي أن ميساء سافرت قبل فاطمة، وأن بينهما مهلة متراخية.

يقول الله عز وجل : ( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة و خلق منها زوجها و بث منهما رجالاً كثيرا و نساءاً )
الملاحظ في الآية السابقة ورود حرف الواو للبث ( أي الولادة و الخلق ) , و لكننا نعلم جميعاً أنها تفيد الجمع على اختلاف الترتيب.
فالاختلاف في الآيتين ليس لحروف العطف بل لكلمتين مختلفين وراء ثم والواو
ففي الآية الأولى : ثم جعل منها زوجها
وفي الآية الثانية : و خلق منها زوجها

و يفيدك قراءة الآية : ( يا أيها الناس إنا "خلقناكم " من ذكر و أنثى
و "جعلناكم" شعوبا و قبائل لتعارفوا
إن أكرمكم عند الله أتقاكم
إن الله عليم خبير )
 
قال السمين الحلبي-رحمه الله-:
قوله: { ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا }: في " ثم " هذه أوجهٌ، أحدها: أنها على بابها من الترتيب بمُهْلة، وذلك أنه يُرْوى أنه تعالى أخرجَنا من ظهرِ آدمَ كالذَّرِّ ثم خَلَق حواءَ بعد ذلك بزمانٍ. الثاني: أنها على بابها أيضاً ولكنْ لمَدْركٍ آخرَ: وهو أن يُعْطَفَ بها ما بعدها على ما فُهِم من الصفة في قولِه: " واحدة " إذ التقدير: من نفسٍ وَحَدَتْ أي انفَرَدَتْ ثم جَعَلَ منها زَوْجَها. الثالث: أنَّها للترتيب في الأخبار لا في الزمان الوجوديِّ كأنه قيل: كان مِنْ أمرها قبل ذلك أن جعل منها زوجَها. الرابع: أنها للترتيبِ في الأحوالِ والرُّتَبِ. قال الزمخشري: " فإنْ قلت: وما وجهُ قولِه: { ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا } وما يُعطيه من التراخي؟ قلت: هما آيتان من جملةِ الآياتِ التي عَدَّدها دالاًّ على وحدانيَّتِه وقُدْرَتِه بتشعيب هذا الخلقِ الفائتِ للحَصْرِ من نفسِ آدمَ عليه السلام وخَلْقِ حواء من قُصَيْراه، إلاَّ أَن إحداهما جعلها اللَّهُ عادةً مستمرةً، والأخرى لم تَجْرِ بها العادةُ ولم تُخْلَقْ أنثى غيرُ حواءَ من قُصيرى رجلٍ، فكانَتْ أَدخلَ في كَوْنها آيةً وأَجْلَبَ لعَجَبِ السامعِ، فعطفَها بـ " ثم " على الآية الأولى للدلالةِ على مباينَتِها فضلاً ومزيةً، وتراخيها عنها فيما يرجِعُ إلى زيادةِ كونِها آيةً فهي من التراخي في الحالِ والمنزلةِ لا من التراخي في الوجودِ.
 
وجاء في حاشية الصاوي - رحمه الله-:
إن قلت: إن { ثُمَّ } للترتيب، فيقتضي أن خلق الذرية قبل خلق حواء، هو خلاف المعروف المشاهد. وأجيب بثلاثة أجوبة، الأول: أن { ثُمَّ } لمجرد الإخبار، لا لترتيب الإيجاد. الثاني: أن المعطوف متعلق بمعنى واحدة، و { ثُمَّ } عاطفة عليه، كأنه قال: خلقكم من نفس كانت متوحدة لم يخلق نظيرها، ثم شفعت بزوج. الثالث: أن معنى { خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ } أخرجكم منها يوم أخذ الميثاق في دفعة واحدة، لأن الله تعالى خلق آدم، وأودع في صلبه أولاده كالذر، ثم أخرجهم وأخذ عليهم الميثاق، ثم ردهم إلى ظهره، ثم خلق منهم حواء.
 
قال البقاعي رحمه الله:
ولما كان خلق الحيوان أدل على الوحدانية والقهر بما خالف به الجمادات من الحياة التي لا يقدر على الانفكاك عنها قبل أجله، وبما له من أمور اضطرارية لا محيص له عنها، وأمور اختيارية موكولة في الظاهر إلى مشيئته، وكان أعجبه خلقاً الإنسان بما له من قوة النطق، قال دالاً على ما دل عليه بخلق الخافقين لافتاً القول إلى خطاب النوع كله إيذاناً بتأهلهم للخطاب، وترقيهم في عُلا الأسباب، من غير عطف إيذاناً بأن كلاًّ من خلقهم وخلق ما قبلهم مستقل بالدلالة على ما سيق له: { خلقكم } أي أيها الناس المدعون لإلهية غيره { من نفس واحدة } هي آدم عليه السلام.
ولما كان إيجادنا منها بعد شق الأنثى منها، قال عاطفاً على ما تقديره: أوجدها من تراب، مبيناً بلفظ الجعل أن الذكر هو سببها ومادتها منبهاً بأداة التراخي على القهر الذي السياق له بالتراخي في الزمان بتأخير المسبب عن سببه المقتضي له إلى حين مشيئته لأن إيجادها منه كان بعد مدة من إيجاده، والأصل في الأسباب ترتب المسببات عليها من غير مهلة وعلى التراخي في الرتبة أيضاً بأن ذلك - لكونه شديد المباينة لأصله - من أعجب العجب: { ثم } أي بعد حين، وعبر بالجعل لأنه كافٍ في نفي الشركة التي هذا أسلوبها وليبين أنه ما خلق آدم عليه السلام إلا ليكون سبباً لما يحدث عنه من الذرية ليترتب على ذلك إظهار ما له سبحانه من صفات الكمال فقال: { جعل منها } أي تلك النفس { زوجها } أي ونقلكم بعد خلقكم منه إليها ثم أبرزكم إلى الوجود الخارجي منها، ويجوز - وهو أحسن - أن يكون المعنى لأن السياق لإحاطة العلم المدلول عليه بإنزال الكتاب وما تبعه: قدر خلقكم على ما أنتم عليه من العدد والألوان وجميع الهيئات حين خلق آدم بأن هيأه لأن تفيضوا منه، فلا تزيدون على ما قدره شيئاً ولا تنقصون وأن تفيض منه زوجه، وذلك قبل خلق حواء منه، ثم أوجدها فكان الفيض منها فيضاً منه فالكل منه، ولهذا ورد الحديث في مسند أحمد بن منيع عن أبي الدرداء رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " خلق الله آدم يوم خلقه وضرب على كتفه اليمنى فأخرج ذرية بيضاء كأنهم الذر، وضرب كتفه اليسرى فأخرج ذرية سوداء كأنهم الحمم، فقال للذي في يمينه: إلى الجنة ولا أبالي، وقال للذي في يساره: إلى النار ولا أبالي ".
 
قال ابن عطية رحمه الله:
وقوله تعالى: { ثم جعل } ظاهر اللفظ يقتضي أن جعل الزوجة من النفس هو بعد أن خلق الخلق منها، وليس الأمر كذلك.
واختلف الناس في تأويل هذا الظاهر، فقالت فرقة قوله: { خلقكم من نفس واحدة } هو أخذ الذرية من ظهر آدم وذلك شيء كان قبل خلق حواء، وقالت فرقة: إنما هي لترتيب الأخبار لا لترتيب المعاني. كأنه قال: ثم كان من أمره قبل ذلك أن جعل منها زوجها، وفي نحو هذا المعنى ينشد هذا البيت [أبو النواس]:
[TABLE="class: TextArabic"]
[TR]
[TD]قل لمن ساد ثم ساد أبوه[/TD]
[TD] [/TD]
[TD]ثم قد ساد قبل ذلك جدُّه[/TD]
[/TR]
[/TABLE]
وقالت فرقة قوله: { خلقكم من نفس واحدة } عبارة عن سبق ذلك في علم الله تعالى، فلما كان ذلك أمراً حتماً واقعاً ولا بد، حسن أن يخبر عن تلك الحال التي كانت وثيقة، ثم عطف عليها حالة جعل الزوجة منها، فجاءت معان مترتبة وإن كان خروج خلق العالم من آدم إلى الوجود إنما يجيء بعد ذلك، وزوج آدم حواء عليهما السلام، وخلقت من ضلعه القصيري فيما روي، ويؤيد هذا الحديث الذي فيه أن المرأة خلقت من ضلع، فإن ذهبت تقيمه كسرته. وقالت فرقة: خلقت حواء من بقية طين آدم والأول أصح.
 
نعم صحيح
و لزيادة الإيضاح و التفصيل ابحث في كتاب الله فسوف تجد الآيات تتحدث عن الخلق كالتالي:

الله خلق ..... و خلق ......
الله خلق .....و جعل ......
الله خلق .... ثم جعل ......
و لكن لن تجد الله خلق ... ثم خلق ....
 
أتصححين أقوال أهل العلم التي عرضتُها؟!
هذا تطاول لا ينبغي أن تبدأي سيرتك التعلمية باصطحابه، وفقك الله.
 
عودة
أعلى