هل ثواب التلاوة على الحرف المنطوق أم على المرسوم؟
تطرق الإمام الداني إلى هذه المسألة في رسالته "التنبيه على الخطأ والجهل والتمويه" وقال في معرض رده على خصمه الذي قيل: إنه العلامة أبو العباس المهدوي:"فأما ما ذكره بجهله من الحسنات أنها تجري على الحروف الملفوظة بها وإن لم ترسم في الكتابة، وأن قارئ: {مالك يوم الدين} بألف أكثر حسنات من قارئ: {ملك} بغير ألف؛ لوجود ألف زائدة في اللفظ في القراءة الأولى، وعدمها في القراءة الثانية – فخطأ من طريق الأثر، ومن جهة النظر.
فأما الأثر فما رواه الأئمة، وأداه الثقات، ورُوِّيناه من وجوه، وكتبناه من طرق، عن ابن مسعود، وقد رفعه بعضهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم - بأن لقارئ القرآن على كل حرف عشر حسنات: "أما إني لا أقول: (الم) حرف [يريد الكلمة بأسرها] بل للألف عشر، وللام عشر، وللميم عشر، فذلك ثلاثون حسنة.
فدل ذلك دلالة قاطعة على أن الحسنات جارية للقارئين على الرسم دون اللفظ؛ إذ لو كان على اللفظ لكان لقارئ (الم) تسعون حسنة من حيث كانت حروفه في اللفظ والتلاوة تسعة، وهي في الرسم ثلاثة...
وأما النظر فإن الحسنات لو كانت جارية على الثابت في اللفظ من الحروف المعدومة في الرسم لوجب أن لا تكون جارية على المعدوم منها في اللفظ الثابت في الخط، لأن الملفوظ به إذا كان مخصوصا بذلك وجب أن يمنع غير الملفوظ به من ذلك التخصيص...".
ثم فصل هذا الدليل بأمثلة، وأعقبه بدليلين آخرين.
وقصدي من هذا الموضوع استثارة ما عند المشايخ الكرام من فوائد حوله، فلا تدخروا علما بارك الله فيكم.