أخي الماوردي ..
الاستنباط من قصص القرآن أمر في غاية الفائدة والأهمية في استخراج الأحكام والفوائد .. وقد تناولت منه شيئاً يسيراً جداً أثناء بحثي
( منهج الاستنباط من القرآن الكريم ) ...
والاحتجاج بها محلُّه ما ذكر عن الأمم السابقة من قصص، وهي وإن كانتْ مسوقةً بقصد الاتعاظ والاعتبار وهي بعيدة عن الأحكام كما قال القرافي ( ت: 684 هـ): " فإن القصص أبعد الأشياء عن ذلك "( 1) ـ أي الأحكام ـ إلا أنها محلٌّ للاستنباط بمتخلف أنواعه: الفقهي، والعقدي، واللغوي، والتربوي، وغيرها.
فإذا تُأُمّل هذا المسلك في الاستنباط من القرآن؛ دخل قسمٌ كبيرٌ من الآيات فيما يستنبط منه وهي آيات القصص.
قال ابن العربي ( ت: 543 هـ) في حديثه عن حجية شرع من قبلنا: " ونكتة ذلك أن الله تعالى أخبرنا عن قصص النبيين فما كان من آيات الازدجار وذكر الاعتبار ففائدته الوعظ، وما كان من آيات الأحكام فالمراد به الامتثال له والاقتداء به"(2). ومراده الازدجار والأحكام داخل القصص.
وقال الزركشي ( ت: 794 هـ): " فإن آيات القصص والأمثال وغيرها يستنبط منها كثير من الأحكام "(3).
وقال القرافي ( ت: 684 هـ): " وقال بعض العلماء: كُلُّ قصةٍ مذكورةٍ في كتاب الله تعالى فالمراد بذكرها: الانزجارُ عما في تلك القصة من المفاسد التي لابَسَها أولئك الرَّهْط، والأمر بتلك المصالح التي لابسها المحكي عنه "( 4).
وقال ابنُ عاشور ( ت: 1393 هـ): " إن في تلك القصص لعبراً جمة، وفوائد للأمة "( 5).
وهذه من وجوه الاستنباط بالقصص القرآني، ولذا فإرى أن البحث فيها مفيد للغاية ، وهو داخل في البداية تحت الاحتجاج بشرع من قبلنا إذا كانت القصة في شرع من قبلنا ..
وفقكم الله لكل خير ...
ــــــــــــــــــــــــــ
حواشي :
(1 ) شرح تنقيح الفصول: ( 437 ).
(2) أحكام القرآن: ( 1 / 48 ).
(3 ) البرهان: ( 2 / 3 ـ 4 )، وانظر: الإكليل: ( 1 / 283 ).
(4 ) نفائس الأصول: ( 9 / 3832 ).
(5 ) التحرير والتنوير: ( 1 / 64 ).