هل تكلم أحد من المفسرين في معنى (يؤمنون) في هذه الآية؟

الغزالي

New member
إنضم
16/04/2003
المشاركات
125
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
بسم الله الرحمن الرحيم

قال سبحانه ( ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا )

فهل معنى ( يؤمنون ) إيمان عن اعتقاد أو هو موافقتهم للكفار في الظاهر دون الباطن؟

وقد وجدت إشارة للمعنى الثاني في تفسير ابن زيد -بإسناد حسن - للآية التي تليها في تفسير الطبري حيث قال في سبب النزول (1):

حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : قَالَ كَعْب بْن الْأَشْرَف وَحُيَيّ بْن أَخْطَب مَا قَالَا , يَعْنِي مِنْ قَوْلهمَا : " هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنْ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا " , وَهُمَا يَعْلَمَانِ أَنَّهُمَا كَاذِبَانِ , فَأَنْزَلَ اللَّه : { أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمْ اللَّه وَمَنْ يَلْعَن اللَّه فَلَنْ تَجِد لَهُ نَصِيرًا }

فمن عنده مزيد بيان فليتحفنا مشكوراً.

___
(1) ورد في سبب نزولها حديث ابن عباس، وقد اختلف في وصله وإرساله، وقد رجّح الشيخ مقبل الوادعي إرساله.
 
[align=justify]يقول الامام الطبري:
والصواب من القول في تأويل:"يؤمنون بالجبت والطاغوت"، أن يقال: يصدِّقون بمعبودَين من دون الله، يعبدونهما من دون الله، ويتخذونهما إلهين.
يقول العلامة الآلوسي:
معنى الإيمان بهما إما التصديق بأنهما آلهة وإشراكهما بالعبادة مع الله تعالى ، وإما طاعتهما وموافقتهما على ما هما عليه من الباطل ، وإما القدر المشترك بين المعنيين كالتعظيم مثلاً ، والمتبادر المعنى الأول أي أنهم يصدقون بألوهية هذين الباطلين ويشركونهما في العبادة مع الإله الحق ويسجدون لهما .


يقول صاحب اللباب:
قوله : { يُؤْمِنُونَ } فيه وجهانِ :
أحدُهُمَا : انه حَالٌ إمَّا من : « الذين » وإمَّا مِنْ واوِ « أوتوا » ، و « بالجبت » مُتعلِّقٌ به ، و « يقولون » عطفٌ عليه ، و « الذين » مُتعلِّقٌ ب « يقولون » ، واللامُ؛ إمَّا للتبيلغِ ، وإمَّا لِلْعِلةِ؛ كنظائرها ، و « هؤلاء أهدى » مُبْتَدَأٌ وخَبَرٌ في محل نَصْبٍ بالقول و « سبيلاً » تَميِيزٌ .
والثَّانِي : أنَّ « يؤمنون » مُسْتأنَفٌ ، وكأنَّه تعجَّبَ مِنْ حَالِهم؛ إذْ كَانَ يَنْبَغِي لِمَنْ أوتِيَ نَصيباً من الكتاب؛ إلاَّ يَفْعَلَ شَيْئاً مِمَّا ذُكِرَ ، فَيكُونُ جواباً لِسُؤالٍ مُقَدَّرٍ؛ كأنَّهُ قيلَ : إلاَ تَعْجَبُ مِنْ حَالِ الذِين أوتُوا نَصِيباً من الكتاب؟ فقيل : وما حالُهم؟ فقالَ : يؤمِنُون [ ويقولونَ ، وهذان ] منافيان لحالهم .

يقول ابن عاشور:

أعيد التعجيب من اليهود ، الذين أوتوا نصيباً من الكتاب ، بما هو أعجب من حالهم التي مرّ ذكرها في قوله : { ألم تر إلى الذين أوتوا نصيباً من الكتاب يشترون الضلالة } [ النساء : 44 ] ؛ فإنّ إيمانهم بالجبت والطاغوت وتصويبهم للمشركين تباعد منهم عن أصول شرعهم بمراحل شاسعة ، لأنّ أوّل قواعد التوراة وأولى كلماتها العشر هي ( لا يكن لك آلهة أخرى أمامي ، لا تصنع لك تمثالاً منحُوتاً ، لا تسجد لهنّ ولا تعبدهنّ ) . وتقدّم بيان تركيب { ألم تر إلى الذين أوتوا نصيباً من الكتاب } آنفاً في سورة آل عمران ( 23 ) .
[/align]
 
عودة
أعلى