هل تفضل ترجمة معاني (كلمات) القرآن أم ترجمة تفسير القرآن؟

إنضم
18 ديسمبر 2011
المشاركات
1,302
مستوى التفاعل
1
النقاط
38
الإقامة
أنتويرب
بسم1
والصلاة والسلام على خاتم الانبياء والمرسلين


السلام عليكم ورحمة الله،
أخي، أختي،،

هل تفضل ترجمة معاني (كلمات) القرآن أم ترجمة تفسير القرآن؟
ولماذا؟ (هو المهم).
 
ترجمة المعنى المباشر للآية تخدم غير المسلمين وحديثي العهد بالإسلام من غير الناطقين بالعربية
أما ترجمة تفسير الآية من أحد كتب التفاسير فهي تخدم المسلمين من غير الناطقين بالعربية ، وأرى أن تركز الجهود على ما يخدم غير المسلمين وحديثي العهد بالإسلام من غير الناطقين بالعربية ، وإن كان ليس بد من من ترجمة أحد كتب التفاسير فيكون تفسيرا مختصرا ، والأصل أن من طلب العلم من المسلمين من غير الناطقين بالعربية عليه أن يتعلم اللغة العربية فهي مفتاح العلوم الشرعية ، وإن كتب التفسير الموسعة تشكل قراءتها على بعض العرب فكيف بغيرهم ! هذا إن سلمت ترجمتها من العيوب والنقائص والتحريف ، والله أعلم .
 
لم أقصد العكس سعادة الأستاذ شايب
ولتوضيح الكلام فإن ترجمة معنى قوله تعالى : ( غير المغضوب عليهم ، ولا الضالين )
تكون للمعنى المباشر أي : وجنبنا طريق من اتبع هواه فصده عن قصد الحق واتباعه ، وجنبنا كذلك طريق من غفل فحالت غفلته بينه وبين معرفة الحق .
أما ترجمة أحد كتب التفسير فسيتضمن ما دل عليه الحديث أنهم اليهود والنصارى .
 
الترجمة بالنهاية هي تفسير للقرآن بلغة غير العربية لاستحالة الترجمة الحرفية، والمترجم في الأعم الأغلب لا يملك شروط المفسر فمما لا شك فيه أنه سيعتمد على التفاسير ليصل إلى المعنى بادئ بدء قبل ترجمته فهو لن يترجم بناء على فهمه للمعنى، وعليه فإن ترجمته هي اختياراته التفسيرية، ولهذا أنا أرى أن يوثق المترجم اختياراته التفسيرية من أي التفاسير مع الترجمة.
وهذا أكثر فائدة من ترجمة التفسير لأن المترجم على صلة بالخلفية الثقافية والمجتمعية الغربية فهو أقدر على الاختيار من أقوال المفسرين ما يناسب فقه الأقليات، على أن تكون اختياراته مقبولة عند علماء التفسير.
 
أظن أن كل الترجمات تأويلات فنية للمعاني أي ترجمات فنية والترجمة الفنية ترجمة تعتمد على فلسفة معيّنة من فلسفات الترجمة، وهذه إشكاليات كل الترجمات بما في ذلك الترجمات العربية (التفاسير) إذ أنك تجد من تلك التفاسير تفاسير فنية بمعنى أنها مذهبية أو أنها إختصاصية (يطغى عليها طابع عقدي أو أدبي فكري أو فقهي أو صوفي أو لغوي بياني إلى غير ذلك)، وحل هذه الإشكالية في نظري هو التمييز بين تفسير/تأويل القرآن و تفسير/تأويل آيات القرآن، لتجنب التعميم.

أظن: ليس أمام المترجم إلا أن يقدّم عملا فنيّا لصعوبة أو ربما إستحالة إنتاج ترجمة (مقارن)علمية وهذه الإستحالة قد تعود لخصائص اللغة العربية ثم لخصائص التفاسير الموجودة. إذا عدت للتفسير تبحث عن معنى لفظ معين فسوف تجد معاني كثيرة منها ما يفيد التناقض ومنها ما يفيد التنوع، ثم تذهب إلى اللغة المستهدفة تبحث عن مقابل هذا اللفظ أولا وثانيا مقابل المعنى الذي إخترته ثم ثالثا مقابل لإتصال اللفظ بالمعنى، وإذا أمكن هذا فأنت تقول بإمكانية الإتصال بين اللغتين وبين المجالين التداوليين وبين الثقافتين ثم بين تاريخ الثقافتين، وهذا غالبا مستحيل ولن ترى أمامك إلا إعتماد المنهج البراغماتيقي فتسقط في الأخذ بفلسفة معينة ثم تتحول الترجمة ضروريا إلى ترجمة فنية.

كرامرس Kramers- واحد إسلامولوجي ("مستشرق ومستعرب") هولندي أصدر سنة 1956 ترجمة لمعاني القرآن باللغة الهولندية معتمدا فلسفة خاصة هدفها هو تقديم ترجمة تخلق عند الهولنديين (الناطقين بالهولندية) إستشعار بالإعجاب والإندهاش والإنبهار ظنا منه أنه بهذه الترجمة يقترب أو يحاكي نفس التجربة الشعورية التي تلقاها العرب عند إستماعهم للقرآن أول مرة. هذه فلسفة عامة تحتها ما يتفرع عنها من التطبيقات فتجده يذهب إلى كلمات قرآنية لا يترجمها إلى ألفاظ موجودة في القاموس الهولندي لكن يصنع في اللغة الهولندية ألفاظا جديدة إذا أمكن أو يقوم بإختيار كلمات جد غريبة تكاد لا تستخدم في هذه اللغة رغم وجودها وذلك لأن الخطاب القرآني بلغة غير عادية فإن المقابل هو لغة هولندية غير معتادة. هذه الترجمة أنتجت درجة من الصعوبة وفي سياق آخر أدت إلى عبارات غير مفهومة فقرر أن يصدر طبعة جديدة منقحة في التسعينات ولكن هذه الترجمة المنقحة جاءت بعد ترجمة أخرى للإسلامولوجي الهولندي Leemhuis بسنوات. هذا الأخير إعتمد فلسفة أخرى وهي أن يترجم القرآن حسب ما يفهمه المسلمون في الوقت الحاضر. الأول يترجم المشركين بكلمة تعني "الذين يجعلون لله رفاقا" genotengevers ثم جاء ليمهاس فوجد أن المسلمين في الوقت الحاضر يفهمون شيء آخر من المشركين أي يفهمون أن المشركين هم "عبدة الآلهة المتعددة" فترجمها كذلك veelgodendienaren، لكن إشكالية هذه الفلسفة هو كيف ومن يحدد أن المسلمين في الوقت الحاضر يفهمون هذا أو ذاك اللفظ القرآني بهذه أو تلك الطريقة؟ ثم من قال أصلا أن أغلب عوام المسلمين يفهمون مضامين القرآن؟

وفلسفة أخرى تحاول أن تثير الإستشعار بالأبعاد الدينية الروحية مقابل فلسفة تتعامل مع كلمات القرآن على أنها تشكل نصوصا إعلامية حيث يتم إبعاد الألفاظ الدينية والروحية لتحل محلها تعبيرات ثقافية-أنتروبولوجية لأن هذه الفلسفة ترى أن الألفاظ في ذاتها مجردة أي أن الذات هي التي تتواصل مع اللفظ والمعنى لتستخرج منه البعد الديني والروحي، ومن يحاول شيء آخر فإنه لا ينتج إلا نصا غير مفهوم. والفلسفتين في صراع أبدي كما هو معروف.

الذي يهمنا أن ترجمة معاني القرآن ترجمة فنية لا يمكن إلا أن تكون منبثقة عن فلسفة معينة وهذه الفلسفة مذهبية أو غير مذهبية. الفلسفة المذهبية إختيار تأويل دون آخر حسب المذهب الذي ينتمي إليه المترجم، أو لا تكون مذهبية بمعنى أنها تبحث عن أقرب حل للتوفيق بين المصدر والهدف (من النواحي الثلاثة) التي ذكرتها حسب الفلسفة المتبعة.

أما الصراع بين فلسفة الترجمة الحرفية (اللفظية) والترجمة التفسيرية فيستشكل عالمية القرآن أي أن مجال تداول ألفاظ القرآن غير عالمي كما هو الحال مع ألفاظ القانون الدولي وهذا الاشكال يتفرع عن إشكال اتصال اللفظ بالمعنى والذي بدوره يتفرع عن أساس الفلسفة نفسها: هل نستخرج المعنى من السياق العام للفظ أم ندخل المعنى في اللفظ؟ المثال الذي أستذكره الآن هو كيف نترجم (شعائر الله) في الآية 158 من سورة البقرة؟ أي نترجم المعنى الحرفي وهو معالم الله ثم نستفيد (شعائر أي طقوس الدين) من السياق العام للآية والتي تتبعها حول الطواف بين الصفا والمروة أم نحذف (الله) في الترجمة نستبدلها بالدين لندخل المعنى في الآية أم هناك في اللغة المستهدفة ما يحتمل هذا وذاك؟

الخلاصة أن الترجمة يجب أن يكون هدفها هو تقريب القرآن لتشكيل صورة عامة ويجب على كل مترجم، كما قالت إحدى الاسلامولوجيات، أن يوضح هدفه في المقدمة ويشير إلى المصادر الأخرى التي تحقق هذا الهدف بشكل أحسن: تعلم لغة القرآن إن أمكن أو البحث والتدبر عن طريق مقارنة الترجمات وقراءة الشروحات المتوفرة باللغات الأخرى التي يحسنها القارئ. وعلى المترجم أيضا أن يشير في مقدمته إلى خلفية القرآن على أنه كتاب إلهي ويجب أن لا نتعامل معه كما نتعامل مع النصوص الأخرى البشرية، ثم ذكر حقيقة الترجمة على أنها تأويل طبق فلسفة عامة خلف الترجمة، ثم هيكلية الترجمة أي أن الجملة القرآنية لا تفهم بمعزل عن الجمل الأخرى في القرآن، ثم الاشارة إلى الأدوات التي يعتمد عليها المترجمون المفسرون الذين يفسرون بالعربية مثل السياق التاريخي والحديث النبوي وغيرذلك.

أنا شخصيا أظن أن الترجمة العلمية ممكنة في كثير من الآيات مع الإحتفاظ ببعض الألفاظ على نطقها العربي وشرحها في الهوامش وهذه الترجمة لا ينتجها فرد بل لجنة فيها علماء متخصصون في 1 علوم القرآن خاصة التفاسير ومقارنتها 2 الدراسات القرآنية 3 اللغة العربية وفنونها وخزانتها السوسيوثقافية والتاريخية والادبية ثم 4 اللغة المستهدفة وفنونها وخزانتها السوسيوثقافية والتاريخية والادبية.
 
أما ترجمة أحد كتب التفسير فسيتضمن ما دل عليه الحديث أنهم اليهود والنصارى .
أنا أظن أن التفسير شيء آخر.
المغضوب عليهم: هم أهل فساد القصد، أهل الشهوات.
الضالين: هم أهل فساد العلم، أهل الشبهات.

بينما التأويل هو أن المغضوب عليهم هم يهود محددين عرفوا الحق وعدلوا عنه، والضالين هم نصارى محددين جهلوا الحق ولم يعرفوه، وهذا في التفسير لا ينطبق على كل يهودي ونصراني. أما في التأويل فهو تعيين وتحقيق.
 
الآية رقم 158 من سورة البقرة يترجم معناها كالتالي :
إن جبلي الصفا والمروة من معالم ومواضع العبادة التي شرعها الله وأوجبها ، فمن حج البيت أو اعتمر فلا يتحرج من السعي بينهما وإن كان يسعى بينهما قبل الإسلام ، ومن فعل الطاعات عن طواعية مخلصا بها لله فإنه مجاز على أعمال الطاعات بالثواب ، عليم بما في صدور .
وبذلك ينتفي الإشكال الذي نشأ عندك في ترجمة الآية ، والله أعلم .
أما معنى قوله تعالى : ( غير المغضوب عليهم ، ولا الضالين ) فلا أريد هنا مناقشة صحة المعنى الذي ذكرته في تعليقك ، لأن الترجمة اختيار أحد الأوجه المذكورة في التفاسير المعتبرة ، وبذلك لا يأثر على أصل النقاش أن يختار المترجم هذا الوجه أو ذاك .
أما قولك بأن اليهود والنصارى محددون ! فمن هم بالتحديد ؟ وماهو الدليل على هذا التحديد ؟
وفقكم الله وسددكم أستاذي الفاضل
 
بارك الله فيك أستاذنا محمد عبدالله،،
لا أظن أن الإشكال ينتفي في ترجمتك للآية المقدسة إلى اللغة العربية لأنك هنا تنتهج فلسفة الترجمة التفسيريّة وهنا سوف تحدد ولا تترك مجال آخر خارج مجال القراءة الفقهية، وإذا تتبعت نفس المنهج مع كل القرآن فسوف تظطر غالبا إلى إختيار تأويل معيّن دون الآخر ثم تقيد القراءة كأن تضع "أوجب" و "شرع" دون "أخبر" أو غيرها، ثم إن قيمة قرآنية للآية من ناحية البيان تنتفي تماما فهي في لغة القرآن مع قلة مفرداتها واختصارها تترك لك مجالا واسعا لإستسقاء التصور الفقهي المتعلق بطقوس العبادة من السياق دون الإخلال بجوانبها المعرفية والتي تستفيد منها على سبيل المثال دينية الصفا والمروة بمعزل عن وظائف هذه الشعائر في طقوس الطواف وبالتالي إمكانية فهم المعلومة التي تترك إحتمال الاتصال التاريخي (أي أن الصفا والمروة معالم دينية كذلك هي أو ربما كذلك كانت) وهذه المعلومة ستحقق بشكل أقل أو ربما لا تتحقق أصلا إذا افترضت قراءة واحدة متعلقة بالواجب في العبادات على شرعة ومنهج الرسالة الخاتمة. وهذا مع أن ترجمة القرآن باللغة العربية أسهل بكثير من ترجمة معاني القرآن إلى لغة أخرى.

و {الـمَغْضُوبِ عَلَـيْهِمْ} هم الموصوفون بالتحديد في {قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرّ مِنْ ذلكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعنَهُ اللَّهُ وغَضِبَ عَلَـيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمْ القِرَدَةَ والـخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكاناً وأضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِـيـلِ} كما يؤول الإمام الطبري رحمه الله ويستدل بروايات وأحاديث منها (يعنـي الـيهود الذين غضب الله علـيهم).
والمستفاد ليس كل اليهود.

والله أعلم.
 
الشرط هنا في ترجمة معنى الآية - فيما أرى - أن لا تتضمن اجتهادا فقهيا ينفي بقية الاجتهادات الواردة في كتب الأحكام الفقهية المعتبرة ، وهذا لا يخرج ترجمة معاني القرآن من تعريفها أنها :
اختيار وجه من أوجه تفسير الآية - الواردة في كتب التفسير المعتبرة - ونقله إلى لغة أخرى .
 
عودة
أعلى