يسلك بعض المفسرين مسلكا لا أتسرع بالحكم عليه فأضيع فائدة البحث؛ وإنما أطرحه للنظر من قبل طلاب العلم، والمتأملين في كتابالله سبحانه. وأعرض أولا هذا المنهج من خلال استلالي لكلمات للشيخ المفسر عبد الرحمن بن حسن حبنكة الميداني رحمه الله، حيث يقول في كتابه قواعد التدبر الأمثل دار القلم ط 2009 :
ولما كان من المقطوع به أنه لا يمكن أن تتعارض دلالة قرآنية صحيحة مع حقيقة ثابتة، كان من الواجب متى ثبتت حقيقة ما ثبوتا قطعيا فهم النص القرآني الذي تحدث عنها أو أشار إليها بما ينسجم معها. وبعد هذا فمن الخير أن تشطب الاحتمالات المخالفة التي أوردها المفسرون، هذا بشرط الوصول إلى الحقيقة النهائية علميا. أما ادعاء الوصول إلى الحقيقة النهائية دون برهان قطعي فإنه لا يلغي الاحتمالات المخالفة، بل يظهر الفهم النهائي للنص غير مجزوم به. ص 235
ويقول :
قال أهل التفسير : دحا الأرض بمعنى بسطها وأوسعها.
وقد بحثت في معاني هذه المادة في لغة العرب، فوجدت أن البسط والتوسيع من معاني الدحو، هو الذي أخذ به أهل التفسير، ويمكن حمله على ما يظهر من الأرض لأعين الرائين من الناس، إلا أنني وجدت أيضا من معاني الدحو ما هو أقرب إلى واقع حال الأرض الذي يقرره علماء الهيئة، وبهذا المعنى تظهر إحدى الروائع القرآنية. ص 322
وهو قبله قرر فقال :
ومن الأمور المهمة التي على المتدبر لكتاب الله مراعاتها، اعتماد دلالات الكلمات القرآنية في عصر نزول القرآن، لا وفق ما تطورت إليه الكلمة بعد ذلك في العصور الإسلامية، ولا وفق المصطلحات التي تمت بعد عصر التنزيل، كمصطلحات الفقهاء، وكم يقع بعض المتدبرين في الخطأ لأنه يغفل عن هذا الأمر الأساسي المهم. ص 319
وكما قاله قبل، فقد قاله بعد :
وأؤكد أنه ينبغي الحذر من أن يتأثر المتدبر لكلام الله بمعنى اصطلاحي متأخر عن عصر التنزيل، اصطلح عليه الفقهاء أو الأصوليون أو غيرهم من العلماء في مختلف العلوم الإسلامية، أو أن يتأثر بمعنى شاع في العرف العام بعد عصر التنزيل، فيفهم معنى الكلمة القرآنية على هذا الأساس.
إن من يتأثر بمثل هذا يخرج الكلمة القرآنية عن دلالتها الأصلية، وعن معناها المقصود عند التنزيل.
وينجم عن ذلك الانحراف في الفهم عن المعنى المراد. ص 323
فكيف تقولون في كلام الشيخ المفسر عبد الرحمن الميداني؟ هل ترون فيه تعارضا ؟
وهذا المسلك في التفسير قد استعمله الشهيد سيد قطب رحمه الله في ظلاله على سورة الزلزلة، فقال :
{ فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره . ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره } . .
ذرة . . كان المفسرون القدامى يقولون : إنها البعوضة . وكانوا يقولون : إنها الهباءة التي ترى في ضوء الشمس . . فقد كان ذلك أصغر ما يتصورون من لفظ الذرة
. . .
فنحن الآن نعلم أن الذرة شيء محدد يحمل هذا الاسم ، وأنه أصغر بكثير من تلك الهباءة التي ترى في ضوء الشمس ، فالهباءة ترى بالعين المجردة . أما الذرة فلا ترى أبداً حتى بأعظم المجاهر في المعامل . إنما هي « رؤيا » في ضمير العلماء! لم يسبق لواحد منهم أن رآها بعينه ولا بمجهره . وكل ما رآه هو آثارها !
فهذه أو ما يشبهها من ثقل ، من خير أو شر ، تحضر ويراها صاحبها ويجد جزاءها ! . .
ألا ترون الصواب أن يقال : بل الذرة هي تلك الهباءة التي كانت معروفة للعربي الذي نزلت عليه الآية، حتى لو اصطلحنا نحن على معانا جديدة لتلك اللفظة؟
ولما كان من المقطوع به أنه لا يمكن أن تتعارض دلالة قرآنية صحيحة مع حقيقة ثابتة، كان من الواجب متى ثبتت حقيقة ما ثبوتا قطعيا فهم النص القرآني الذي تحدث عنها أو أشار إليها بما ينسجم معها. وبعد هذا فمن الخير أن تشطب الاحتمالات المخالفة التي أوردها المفسرون، هذا بشرط الوصول إلى الحقيقة النهائية علميا. أما ادعاء الوصول إلى الحقيقة النهائية دون برهان قطعي فإنه لا يلغي الاحتمالات المخالفة، بل يظهر الفهم النهائي للنص غير مجزوم به. ص 235
ويقول :
قال أهل التفسير : دحا الأرض بمعنى بسطها وأوسعها.
وقد بحثت في معاني هذه المادة في لغة العرب، فوجدت أن البسط والتوسيع من معاني الدحو، هو الذي أخذ به أهل التفسير، ويمكن حمله على ما يظهر من الأرض لأعين الرائين من الناس، إلا أنني وجدت أيضا من معاني الدحو ما هو أقرب إلى واقع حال الأرض الذي يقرره علماء الهيئة، وبهذا المعنى تظهر إحدى الروائع القرآنية. ص 322
وهو قبله قرر فقال :
ومن الأمور المهمة التي على المتدبر لكتاب الله مراعاتها، اعتماد دلالات الكلمات القرآنية في عصر نزول القرآن، لا وفق ما تطورت إليه الكلمة بعد ذلك في العصور الإسلامية، ولا وفق المصطلحات التي تمت بعد عصر التنزيل، كمصطلحات الفقهاء، وكم يقع بعض المتدبرين في الخطأ لأنه يغفل عن هذا الأمر الأساسي المهم. ص 319
وكما قاله قبل، فقد قاله بعد :
وأؤكد أنه ينبغي الحذر من أن يتأثر المتدبر لكلام الله بمعنى اصطلاحي متأخر عن عصر التنزيل، اصطلح عليه الفقهاء أو الأصوليون أو غيرهم من العلماء في مختلف العلوم الإسلامية، أو أن يتأثر بمعنى شاع في العرف العام بعد عصر التنزيل، فيفهم معنى الكلمة القرآنية على هذا الأساس.
إن من يتأثر بمثل هذا يخرج الكلمة القرآنية عن دلالتها الأصلية، وعن معناها المقصود عند التنزيل.
وينجم عن ذلك الانحراف في الفهم عن المعنى المراد. ص 323
فكيف تقولون في كلام الشيخ المفسر عبد الرحمن الميداني؟ هل ترون فيه تعارضا ؟
وهذا المسلك في التفسير قد استعمله الشهيد سيد قطب رحمه الله في ظلاله على سورة الزلزلة، فقال :
{ فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره . ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره } . .
ذرة . . كان المفسرون القدامى يقولون : إنها البعوضة . وكانوا يقولون : إنها الهباءة التي ترى في ضوء الشمس . . فقد كان ذلك أصغر ما يتصورون من لفظ الذرة
. . .
فنحن الآن نعلم أن الذرة شيء محدد يحمل هذا الاسم ، وأنه أصغر بكثير من تلك الهباءة التي ترى في ضوء الشمس ، فالهباءة ترى بالعين المجردة . أما الذرة فلا ترى أبداً حتى بأعظم المجاهر في المعامل . إنما هي « رؤيا » في ضمير العلماء! لم يسبق لواحد منهم أن رآها بعينه ولا بمجهره . وكل ما رآه هو آثارها !
فهذه أو ما يشبهها من ثقل ، من خير أو شر ، تحضر ويراها صاحبها ويجد جزاءها ! . .
ألا ترون الصواب أن يقال : بل الذرة هي تلك الهباءة التي كانت معروفة للعربي الذي نزلت عليه الآية، حتى لو اصطلحنا نحن على معانا جديدة لتلك اللفظة؟