الوقف في القرآن الكريم بانواعه هل هو توقيفي ام ان هناك مجال للاجتهاد فيه او بصيغة اخرى
هل هناك خلاف في المسالة يذكر ام ان القول واحد بان علم التجويد توقيفي بالكلية
يسرني ان أكون أول من يبدي رأيه في الإجابة على سؤال الأخ نضال بارك الله فيه وأقول: إن علم الوقف والابتداء علم اجتهادي وليس توقيفيا ولذا وجدنا لجان تدقيق المصاحف ومراجعتها مختلفة في تحديد أماكن الوقف وفي تحديد نوع الوقف في الموضع الواحد والمؤلفات في هذا الموضوع كثيرة ومتنوعة منها كتاب أبي عمرو الداني والسجاوندي والعماني وابن الأنباري والنحاس وزكريا الأنصاري والأشموني وغيرهم وجلها مطبوعة وبعضها محقق وقد يبدو للقارئ أن يقف في موضع يخلو من علامة وقف إذا ظهر له أن الوقف أولى من الوصل فله ذلك إن كان من أهل النظر والتقدير وإلا فإنه يتبع ما في المصحف من علامات الوقف التي تهدف إلى إعانته على تحديد مواضع الوقف للاستراحة أولتبيين المعنى وكتب التجويد والقراءات زاخرة بمعلومات قيمة في باب الوقف حول أنواعه ودرجاته وكيفياته ونصائح للمبتدئين تبين لهم المواضع التي لا ينبغي لهم الوقف عليها وهو علم جميل رائع تظهر به المعاني ويفهم من خلاله الكلام، والله تعالى أعلم.
إن ما أشار إليه الأخ الدكتور أحمد شكري أمر حقيق بالنظر فهو مشاهد في أقوال العلماء ، وللنحاة باع كبير في تحديد مواضع الوقف والابتداء حسب دلالات المعاني في سياق الآيات جاءت عن اجتهاد فليست توقيفا - كما قرر في تعليقه - ، إلاالوقوف على رؤوس الآي فيرى بعضهم أنه سنة متبعة في العموم ومع ذلك فالقراء والمفسرون وعلماء العربية لهم اجتهاد تعددت فيه الأقوال وتباينت أحيانا ولم يقل أحد للآخر : ذاك ردُّ لأنه الوقف هنا توقيفي ، وكلامهم في هذا مبثوث في كتب العربية ، ومن يتأمل كتابا مثل ( مغني اللبيب ) لابن هشام الأنصاري يجد فيه وقفاتٍ مع القراء ومع النحاة بناها المؤلف على اجتهادٍ منه وممن سبقوه في هذا المضمار .
ومن طرائف اجتهاده في بيان الأمور المُسْتبعدة التي يجب على طالب العربية أن يتجنبها : الأمر ( الثاني عشر : قول بعضهم في << عينا فيها تسمى >> : إن الوقف على << تسمى >> هنا ، أي : عينا مُسمّاة معروفة ، وإن << سلسبيلا >> جملة أمرية أي : سَلْ سبيلا مُوصِلَة إليها ) اه - المغني طبعة عبد اللطيف الخطيب 6/ 104
و يعني بالأمرية فعل الأمر كأنه يقول : سل سبيلا إليها .
وفي المغني وحده عشرات المسائل في وقوف التلاوة ، وهو كتاب نحو ، وبالله التوفيق .
أخي نضال
لا مزيد على ما طرحه الأستاذ الدكتور أحمد شكري والأستاذ منصور مهران ، لكن بما أن رسالتي في الماجستير كانت في أثر وقوف القرآن في التفسير أحببت أن أشركهما ما طرحته في هذا السؤال ، فأقول :
أولاً : لقد خلطت بين سؤالين : السؤال عن علم الوقف من حيث التوقيف والاجتهاد ، ثم استطردت إلى السؤال عن علم التجويد ( علم التجويد توقيفي بالكلية) ، والسؤال فيه إشكال ، ولعلي أطرح بعض ما في الموضوع في نقاط :
الأولى : أن علم الوقف والابتداء ليس خارجًا من علم التجويد ، بل هو مُدخل فيه ، فالتجويد يرتبط بالصوتيات وتحسين الأداء ، الوقف والابتداء يرتبط بالمعاني من حيث الوقف على المعاني التامة وما عداه من المعاني ، وهو بهذا في معزل عن التجويد ، وإنما ارتباطه بالتفسير ، فالوقف أثر من أثار فهم المعنى ، وعلى هذا بُنيت كتب الوقف والابتداء ، ولا تكاد تجد فيها إشارة إلى مسألة تتعلق بحسن التلاوة ، وإنما يذكرون كيفية استفادة القارئ من هذا العلم في أداء معاني القرآن على وجه حسنٍ .
الثانية : أن الوقف والابتداء ليس فيه شيء وارد عن جبريل ولا عن النبي صلى الله عليه وسلم ، كما تجده في المصحف الباكستاني ، ولا يوجد موضع يجب الوقف عليه ، كما قال ابن الجزري :
وليس في القرآن من وقف وجب .... ولا حرام غير ما له سبب
وإذا كان الأمر كذلك ، فليس هناك ما يمكن الحكم عليه بأنه وقف توقيفي .
الثالثة : اختلف العلماء في الوقف على رأس الآية ، فذهب بعضهم إلى سُنِّيته ، وخالفهم في ذلك آخرون .
الرابعة : ما المراد بالتوقيف ؟
هل المراد وروده عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فإن كان كذلك ، فما مستوى الثبوت التوقيفي الذي تريده ، هل المراد مجرد وروده عنه أو أمره به ؟
والوقف لم يرد بهذا ولا بذاك .
بارك الله في الاخوة الكرام الذين أثروا الموضوع ونبهوني على الاخطاء الواردة في صياغة السؤال او المضمون
انا لا اسال بالتحديد عن الوقف على رؤوس الآي والابتداء وانما كان حديثي عن الوقف الللازم والممنوع مثلا كالذي في قوله تعالى إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى فالوقف اللازم على كلمة يسمعون هل نقل عن النبي صلى الله عليه وسلم بالرواية ام هو من اجتهاد القراء لمناسبة المعنى وكذا البقية
مع العلم أن أصول هذا العلم توقيفية، أقصد تداوله واعتباره جزءا من التلقي بين العلماء مع ترك المجال فيه لأهل النظر للإدلاء بدلوهم، لا أن الشيخ ينسب تلك الوقوف إلى شيخه متصلا بالسند للنبي صلى الله عليه وآله وسلم أو أصحابه. وفي بعض الكتب القديمة ما يتصل سنده بالتابعين أو الإئمة بعدهم. وقل أن تجد ما نسب للصحابة.
والدليل على تأصيل المسألة في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم أثر سيدنا ابن عمر وله حكم الوقف اتباعا لأصول علم الحديث
فعن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: لقد عشنا برهة وإن أحدنا ليؤتى الإيمان قبل القرآن وتنزل السورة على النبي صلى الله عليه وسلم فنتعلم حلالها وحرامها وآمرها وزاجرها وما ينبغي أن يوقف عنده منها.
وفيه برهان على أن تعلمه إجماع من الصحابة رضي الله عنهم.
قلت هو أثر صحيح له حكم الرفع قال عنه الحاكم على شرط الشيخين ولا أعرف له علة ولم يخرجاه ووافقه الذهبي (المستدرك 1/38)
استشهد الأخ الدكتور أنمار بقول ابن عمر - كما رواه الحاكم - على أن تفسير : ( وما ينبغي أن يوقف عنده منها ) شيئ مما يتعلق بعلم الوقف والابتداء ، تأصيلا لهذا العلم من عهد النبوة .
قلت :
أورد أبو جعفر النحاس هذا الأثر في كتابه ( القطع والائتناف ) في باب ذكر قراءة النبي صلى الله عليه وسلم وتبيينه إياها وإنكاره الوقف على غير تمام وذكر تعلم أصحابه القرآن كيف كان ؟ ، ص 87 وقال بعده : فهذا الحديث يدل على أنهم كانوا يتعلمون التمام كما يتعلمون القرآن .
ولكن السيوطي لما نقل كلام النحاس أورد لفظا آخر بدلا من ( التمام ) ، فقال : ( يتعلمون الأوقاف كما يتعلمون القرآن ) .
فهل المراد بالتمام وبالأوقاف في كلام النحاس والسيوطي شيء واحد ؟ ولماذا غير السيوطي لفظ ( التمام ) إلى لفظ غيره هو ( الوقوف ) ؟
وقد تراءى لي أن المراد من قول ابن عمر : ( وما ينبغي أن يوقف عنده منها ) شيء آخر غير ما أرادوه من الوقوف الاصطلاحي ، فقد يكون المراد بالوقوف : التأمل والالتزام بالحدود والفهم العميق لمغزى الأوامر والنواهي ، لذلك وُصِفَ عُمَر بأنه كان وقافا عند كتاب الله . بهذا المعنى ، ووُصِفَ عبد الله بن عمر بأنه : ( كان كأبيه وقافا عند كتاب الله تعالى مقتديا برسول الله صلى الله عليه وسلم ) - انظر : أحكام القرآن لابن العربي ج 1 ص 258 - طبعة أبو الفضل - عيسى الحلبي .
وكان السائد في كلام السلف التعبير بصيغة الفعل ( وقف يقف ) ولا يحمل مدلوله المعنى الاصطلاحي المعروف للفظ : ( الوقوف ) بمعنى القطع ، ولعلنا نستأنس بكلام السمعاني في تفسيره إذ يقول : ( وعن بعض السلف قال : يستحب أن يقف عند كل مَثَلٍ في القرآن ، فإن الله تعالى يقول : وما يعقلها إلا العالمون ) . انظر : تفسير أبي المظفر السمعاني ج 4 ص 182 - طبعة دار الوطن .
آمل من ذوي الفضل العلماء مزيد إيضاح لأصحح ما فهمته ولهم مني الشكر ةالتقدير ، وبالله التوفيق .
من أول يوم قرأت فيه هذا الأثر الذي له حكم الرفع قبل حوالي عشرين سنة خطر لي هذا المعنى الذي ذكرتموه، وهو محتمل، لكن إيراد العلماء له محتجين في باب الوقف والابتداء حتى لا يكاد يخلو منه مصنف في هذا العلم أو باب ذكر فيه يجعل المرء يميل إلى ما يميل إليه الجمهور وهو فهم صحيح لا غبار عليه
ويؤيده بقية الأثر
قال ابن عمر : لقد رأيت رجالأ يؤتى أحدهم القرآن فيقرأ ما بين فاتحته إلى خاتمته ما يدري ما أمره ولا زاجره ولا ما ينبغي أن يوقف عنده منه ينثره نثر الدقل.
فقوله ينثره نثر الدقل تدل على عدم مراعاة المعاني أو الوقوف وهذا أمر يتعلق بوصف كيفية القراءة نفسها.
ومثله ما رواه الآجري في حملة القرآن عن ابن مسعود قال: لا تنثروه نثر الدقل ولا تهذوه هذا الشعر قفوا عند عجائبه وحركوا به القلوب ولا يكون همّ أحدكم آخر السورة
وهو كالذي قبله يدل على الوقف والابتداء
وقوله قفوا عند عجائبه، أي في كيفية القراءة أيضا، وهو يرد على إنكاركم استعمال كلمة الوقف عند السلف
وكذلك قول أم سلمة رضي الله عنها يقرأ ثم يقف ...
بل وكلام السمعاني يؤيد معنى الوقوف الاصطلاحي لا الوقف عند الأوامر بمعنى التطبيق بل هو أقرب لمعنى متعلق بطريقة التلاوة والأداء
والله أعلم
أما قولك أن السيوطي غير العبارة فلا أظن إلا أنها نسخة أخرى أو أنه نقلها من حفظه بالمعنى لا أنه تعمد أمرا ما.
بارك الله فيك يا أخا المكارم الدكتور أنمار ، فكم كانت كلماتك من البر بي أن أثلجت صدري ونبهتني من غفوة أثقلتني زمنا ليس باليسير ؛ فشكر الله لك وجزاك خيرا ، فإنما ينمو العلم بالتواصل ، والله الموفق .
أظن أن مواضع الوقف اللازم اجتهادية وليست توقيفية ولو كانت توقيفية لنقل ذلك واشتهر واعتمد، وما ورد في الرواية تحت مسمى (وقوف النبي صلى الله عليه وسلم) يحتاج إلى مراجعة وتحقق وتثبت.
ومما يدلك على الاجتهاد في أماكن الوقف الاختلاف فيها وأذكر هنا ثلاثة أمثلة:
الأول في سورة آل عمران في قوله تعالى: (وما يعلم تأويله إلا الله) في بعض المصاحف علامة الوقف اللازم وفي بعضها علامة الوقف أولى.
والمثال الثاني: في سورة الحديد في قوله تعالى: (وجعلنا في قلوب الذين اتبعوه رأفة ورحمة) في بعض المصاحف عليها علامة الوقف اللازم وفي بعضها جردت من علامة الوقف مطلقا.
والمثال الثالث في سورة المسد في لفظ (وامرأته) في بعض المصاحف علامة الوقف اللازم وفي معظمها جردت من العلامة.
تدل هذه الأمثلة وغيرها كثير على الاجتهاد في هذا الباب، ومقارنة يسيرة بين المصحف المطبوع في المغرب والمصحف المطبوع في باكستان وأي مصحف مطبوع في البلاد العربية تريك فروقا كثيرة جدا في أماكن الوقف.
لقد أشكلت علي هذه المسألة بعض الشيء، وذلك أن صنيع العلماء يدل على كون الوقوف اجتهادية، ولكن الرسول عليه الصلاة والسلام حينما علم الصحابة القرآن كان يقرأه عليهم، فكما كان يعلمهم أداءه اللفظي، لا شك أنه كان يعلمهم المواضع التي يقفون عليها، أم أن هذا كان متروكًا لسجيتهم اللغوية؟
أم أن الرسول عليه الصلاة والسلام كان لا يقف إلا على رؤوس الآي، ولم يكن يضطر للوقوف في أواسطها؟
ولماذا نقول إن الوقف فرع عن التفسير لا العكس؟ فالرسول عليه الصلاة والسلام قرأ القرآن أولاً ثم فسره، لا العكس؟
ثم إنني قرأت أن القائلين بوجوب تعلم علم الوقف استدلوا بقوله تعالى (ورتلناه ترتيلا) وقوله (ورتل القرآن ترتيلا) موردين الأثر المروي عن علي رضي الله عنه: الترتيل تجويد الحروف ومعرفة الوقوف.
ونحن نعلم أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا فصحاء، فما هي مسائل الوقف التي سيتعلمونها؟ وهم يعلمون أنه لا يفصل بين المبتدأ والخبر والصفة والموصوف والفعل وفاعله، الخ.
الثانية : أن الوقف والابتداء ليس فيه شيء وارد عن جبريل ولا عن النبي صلى الله عليه وسلم ، كما تجده في المصحف الباكستاني ، ولا يوجد موضع يجب الوقف عليه ، كما قال ابن الجزري :
وليس في القرآن من وقف وجب .... ولا حرام غير ما له سبب
وإذا كان الأمر كذلك ، فليس هناك ما يمكن الحكم عليه بأنه وقف توقيفي .
جزاكم الله خيرًا.
هل يمكننا القول بأن:
1- أصول هذا العلم توقيفية، بدليل حديث أبي بن كعب: (ما لم تختم آية عذاب بآية رحمة، أو آية رحمة بعذاب). فتكون هذه قاعدة يقصد بها تجنب الوقف القبيح الذي يفسد المعنى، ويقاس عليها.
2- الوقوف المتعلقة بالقراءات توقيفية، بما أن القراءات وردت إلينا بالتواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وأذكر على سبيل المثال، الوقوف في هذه الآية: (وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص).
قال الإمام الداني رحمه الله: {{أن النفس بالنفس} كاف لمن قرأ {والعين بالعين} وما بعده بالرفع، لأنه قطع ذلك مما قبله ولم يجعله مما كتب عليهم في التوراة. وكذلك من رفع ((والجروح قصاص)) خاصة وقف على قوله ((والسن بالسن)) ثم يبتدئ بذلك لأنه غير داخل في معنى ما عملت فيه ((أن)) . ومن نصب ذلك كله لم يقف على ذلك لأن الأسماء كلها داخلة فيما عملت فيه ((أن)) معطوفة بعضها على بعض، وهي كلها مما كتب عليهم في التوراة {فهو كفارةٌ له} كاف.}.
3- الوقوف على رؤوس الآي سنة لمن أخذ بحديث أم سلمة رضي الله عنها.
4- الروايات الواردة عن الصحابة في الوقف، إن صحت، هل هي اجتهادات منهم أم أن لها حكم الرفع؟
لأنه لا يتصور أن الصحابة يتكلمون في كتاب الله عز وجل بلا دليل، ولأن الوقوف الواردة عنهم محصورة ومحدودة، ولو كانت اجتهادات منهم، لورد إلينا اجتهادهم في القرآن كله.
5- باقي المواضع التي ذكرها علماء الوقف في كتبهم اجتهادات منهم.