هل الإسرائيليات مصدر من مصادر التفسير عند الطبري؟

موقع تفسير

Administrator
طاقم الإدارة
إنضم
17 مارس 2003
المشاركات
2,863
مستوى التفاعل
42
النقاط
48
الإقامة
.

يُعَدُّ الإمام الطبري من أشهر المفسّرين الذين أَوْرَدُوا المرويّات الإسرائيلية في تفاسيرهم، وتحاول هذه المقالة فهم صنيع الإمام الطبري في إيراد هذه المرويات، وذلك من خلال الإجابة على تساؤل: هل الإسرائيليات مصدر من مصادر التفسير عند الطبري؟

يمكنكم قراءة المقال كاملًا عبر الرابط التالي:
tafsir.net/article/5353
 
قرأت المقال وأفدت منه، جزى الله كاتبه خير الجزاء.
وقد خطرت لي بعض الاستفسارات حول ما ورد فيه أضعها هنا في عُجالة بناء على مشورة بعض مشايخي الكرام.

جعل الكاتب المستند لاعتبارية الإسرائيليات هو "استدعاء أقوال أهل الكتاب ليفصلَ في خلافٍ أو يؤكّد معنى ذَهَبَ إليه"
وهذا ليس ضابطا، ولو طردناه لأسقطنا كثيرا من أقوال السلف التي لم يُفصَل بها خلاف ولم يُؤكد بها معنى.
وهذا فرع عن قوله سلمه الله:
"هذه المرويات في تفسيره -رحمه الله- هو ما نحتاج إليه فيما نحن بصدده، لكن هل كان لهذه المرويات أيّ اعتبار آخر عند الطبري غير كونها مقولات مروية عن المفسّرين من السلف"
فهذا القول مشكل، وربما يتعارض مع قوله: "ورواية الإسرائيليات وطَرْح معاني تفسيرية في ضوئها هو فعل السلف الصالح من الصحابة والتابعين وتابعيهم، ومن ثَمَّ لم يكن أمام الطبري وغيره من المفسِّرين الذين عُنُوا بتفسير السلف إلا نقل هذه المقولات عنهم، ثم نقاشها في ضوء ما تقرّر لديهم من أصولِ وقواعدِ التفسير"
فكيف لا يكون لها اعتبار وهي من أقوال السلف التي يُبنى عليها نقاش أصول التفسير ؟
وليس الإشكال في عدم جعل الإسرائيليات "مصدرا" من مصادر التفسير، لأن هذا قد يكون من الخلاف اللفظي إذا أثبتنا أن لهذه الأقوال اعتبارا في توجيه المعاني، سواء في ذلك أن سميناه مصدرا أو دليلا أو دلالة أو غير ذلك، فيكفي إثبات "اعتباره" وما يُبنى عليه = إنما الإشكال في نفي أي اعتبارية لهذه الأقوال مع إثبات أنها منقولة عن السلف، إلا إذا كنا سنسقط اعتبار أقوال السلف فعندها يطرد الحكم، وهذا ما لا يقول به الكاتب بطبيعة الحال.

في ختام المقال تنبيه يفيد أن الإسرائيليات يمكن أن تكون مصدرا من مصادر التفسير عند السلف وإن لم تكن كذلك عند الطبري، "فهم مَن استدلوا بالمرويات وساقوها رأسًا ليقرِّروا المعاني التي أتوا بها وأنتجوها، وأما الطبري فموازِن بين مقولاتهم التفسيرية بالأساس وليس منتجًا للمعنى"
وهذا توجيه آخر يثبت مصدرية هذه الأقوال أو اعتبارها -في أقل الأحوال- من جهة ثانية.
 
بارك الله فيكم دكتور محمد، أشكر لك اهتمامك بقراءة المقالة وبكتابة هذا التعليق؛ إذ هذه المثاقفة هي التي تعين بإذن الله تعالى على تحرير المسائل والوصول إلى الحق فيما اختلف فيه، وأما بخصوص ما تفضلتم به فلي عدة ملحوظات:
أولها: هذه المقالة مخصوصة بالطبري، ولا تناقش موضوع الإسرائيليات في عمومه، فقد يثبت أنها كانت من مصادر التفسير عند السلف- وإن كان الأمر في هذا يحتاج إلى تحرير- وقد يثبت أنها كانت من مصادر التفسير أو أدلته أو دلالاته عند بعض المفسرين، ولكن المقالة هنا تناقش في اعتبارية هذه المرويات عند ابن جرير في تفسيره، وغايتها أنني بعد فحص طريقة الطبري لم أجد لها عنده أي اعتبارية، وقولي: "استدعاء أقوال أهل الكتاب ليفصلَ في خلافٍ أو يؤكّد معنى ذَهَبَ إليه" لم أقصد به أن هذا ضابط اعتبارها أو عدمه، وإنما قصدت أن هذه طريقة الطبري في تفسيره، فإن المصادر تُؤسس بها المعاني، والأدلة والدلالات تُرجَّح بها الأقوال وتُضعَّف، والتأسيس لا تظهر فيها كثيرا شخصية الطبري؛ لأنه ينقل عن السلف فيما كان عنده فيه نقل، وأما الموازنة ففيها تبرز أدوات الطبري وشخصيته؛ لأنه حجاجه، وقد استعان فيه باللغة وببيان النبي وسنته وبإجماع السلف وأحيانا ببعض طبقاتهم، واستدعى فيه السياق وظاهر الآي والدلالات العقلية واللغة وغير ذلك مما له عنده اعتبار، ولم نجد في موازناته استدعاء للإسرائيليات، مما يدل على أنها لم تكن من أدواته فضلا عن أن تكون من مصادره، اللهم إلا إذا اعتبرنا مجرد إيرادها تحديثا عن السلف ونقلا لأقوالهم يفيد أنها كانت معتبرة عنده، وهذا بعيد. وثم فرق -كما لا يخفاكم- بين القول باعتبارية أقوال السلف عند الطبري والتي من جملتها ما حدثوا به عن أهل الكتاب والقول بأن لها في ذاتها اعتبارية عنده، وقد قصدت بهذا ضبط التصور حيال تفسير الطبري وصنيعه في أمر الإسرائيليات؛ لأن جُلَّ مَن يناقش إنما يتوجه باللوم على الطبري والمفسرين، والحق أن الحديث إنما ينبغي أن يتوجه إلى السلف وفحص صنيعهم في التعامل مع هذه المرويات، وقد لاحظت أن فضيلتك تتحدث عن اعتبارية للإسرائيليات عموما، وهذا ما لم أقصد لنقاشه، نعم قد تكون المحصلة واحدة من جهة اعتبار ما جاء في هذه المرويات في كلام السلف بالضوابط التي يُتفق عليها، ولكن ليس أكثر من هذا، وبمراعاة ما اتفقوا عليه وما اختلفوا فيه بالنظر لكون الأمر يتعلق بهم لا بالمصدر الذي أخذوا عنه، وهذا إن ثبت وصح فله ما بعده، وما طرحته في المقالة قد يكون توفيقا لطيفا تقبل على إثْره الأقوال التي بنيت على المرويات، وفي الوقت نفسه لا يصار إلى كون الإسرائيليات في ذاتها من مصادر التفسير فيستشكل عليها بما هو مشهور من وجوه الإشكالات.
ثانيها: بناء على ما سبق فليس ثم تعارض في كلامي -حفظكم الله- لأنني ما قصدت نفي أي اعتبارية لها مطلقا، كما لم أثبت، وإنما نفيت ذلك عند الطبري، فلم تكن من مصادره ولا من أدوات موازنته بين الأقوال بحسب ما ظهر لي بناء على الوجهة التي ذكرتُ.
 
عودة
أعلى