أخي العزيز / الأستاذ محمد عبدالله آل الأشرف
الأخوة الأعزاء:
السلام عليكم ورحمة الله
في الواقع، أني أعاني من غياب جهة علمية معنية بدراسات أبحاث التفسير العلمي المتعمق الجاد، وبعد عقدين من طرق عدة أبواب، لم أجد إلا أن أنشر ذلك مباشرة على مدونة خاصة بذلك. هي التي سميتها (
القرآن والعلم).
وأقصد بـ (دراسات التفسير العلمي المتعمق)، تلك التي لا تقل في جودتها عن ما ينشر في نفس الموضوعات في الدوريات العلمية الرصينة. غير أن هذه الدوريات لا تقبل القرآن كمصدر علمي فيما تنشره من أبحاث. كما وأن الدوريات العلمية الشرعية لا تقبل أيضاً فيما تنشره ما يتطرق إلى الظواهر الطبيعية بآليات البحث الإحصائي والرياضي والقوانين الطبيعية والفلكية التي يألفها أصحاب العلوم الحديثة.
وإذا قال لي قائل أن هيئة الإعجاز العلمي في القرآن بمكة المكرمة مرشحة لذلك، أقول لك أن طبيعة أبحاثها أقرب إلى أن تكون دَعوية، وإن حاولوا إظهار أنها علمية. فقد أرسلت لهم في عام 2007 للمشاركة في مؤتمرهم المنعقد في الكويت ببحث أنتقد فيه طريقة حساب سرعة الضوء وأظهرت أخطائها في جزئها الأول، ثم أظهرت في جزئها الثاني كيف يمكن ترقية نفس الدراسة إلى مستوى الدراسات الأكاديمية، والتي يصعب نقض نتائجها لمتانة الأسس التي ترتكز إليها. فما كان من هيئة الإعجاز إلا أنها رفضت قبول البحث. ولا أدري هل رفضته لما فيه من انتقاد في الجزء الأول، أم لصعوبة المادة العلمية في الدراسة في جزئها الثاني، أو لكليهما؟!
أما ما يُنشر من أبحاث الإعجاز العلمي، فأغلبها سطحي دعائي ترويحي للقراء، هذا بخلاف أنها مليئة بالأخطاء العلمية الفاضحة، وإذا أظهرت ذلك ظن محبو الإعجاز أنك تهاجم إعجاز القرآن ونبذوا أبحاثك.
كما وأن أصحاب التفسير الشرعي لا يستطيعون الوقوف على صدق أو كذب دعاوى التفسير العلمي لأن القوانين الطبيعية وما يصاحبها من براهين طبيعية غير معتمدة عندهم. فإذا حاججت أحدهم في دوران الأرض مثلا بقانون حفظ العزم الزاوي، غض عنه الطرف، واعتبرك تهذي. رغم أنه قانون مُلزم ولا يمكن نقضه في مسائل الميكانيكا الحركية على الأرض أو السماء. ومن ينكره في اختبارات الفيزياء أو الفلك فلا بد وأن يرسب. ومن ينكره ويسعى لتصميم سيارة أو طائرة أو قمر صناعي يدور حول الأرض، فحتما يكون عابثا، ويضحك منه أهل العلم بهذه التخصصات، وإن صنع شيئاً من ذلك يرتكز على إنكاره للقانون المُشار إليه فسيؤذي الناس من حيث يظن أنه ينفعهم.
لكل ذلك قررت العمل بانفراد، أدافع عمّا أؤمن به في كتاب الله من تفسير وإعجاز علمي حقيقي وأدرأ عنه الباطل، وأصبح عندي رِضَى أو عدم رِضَى أي من هذه الفئات الثلاث سواء:
1- أصحاب البحث العلمي الغربي المنكرين لعلمية القرآن.
2- أصحاب البحث العلمي الشرعي المنكرين لقيمة القوانين الطبيعية وحِجِّيتها في تفسير القرآن.
3- أصحاب الإعجاز العلمي الدعوي المتعالين عن النقد، والمفتقرين للرصانة العلمية.
هذا والله تعالى الموفق لما يحب ويرضى،