الأخ الكريم الداخل حفظه الله
1. ورود أحاديث صحيحة متعددة تنص على أسماء عدد من السور يثبت أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يسمي السور. أما الزعم بأنه سمى البعض من السور دون البعض الآخر فيحتاج إلى دليل.
2. عدم اختلاف الصحابة في الأسماء يؤكد ما قلناه في البند الأول. ومعلوم أن هناك من الأحاديث الموقوفة ما له حكم المرفوع ومن ذلك الأسماء المتعلقة بالسور لما عهد عن الصحابة من التزام شديد وعلى وجه الخصوص عندما يتعلق الأمر بالقرآن الكريم.
أنا أستغرب من طريقتك في الاستدلال - عفا الله عنك - فإنك ركبت استدلالك من مقدمات لا تلازم بينها
المقدمة الأولى: ورود أحاديث صحيحة تنص على أسماء عدد من السور.
المقدمة الثانية: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسمي السور. (وتطورت إلى أنه سمى جميع السور)
المقدمة الثالثة: أن الصحابة لم يختلفوا في أسماء السور
النتيجة : أن أسماء السور المكتوبة اليوم في المصاحف توقيفية ثابتة النسبة إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
وهذه طريقة في الاستدلال عجيبة وغريبة جداً ، ولعلك لم تعن بقراءة كتب العلماء المتقدمين وأعجبت بالنظريات الحديثة ودلالاتها الإشارية فأثر ذلك في بحثك العلمي.
فالمقدمة الأولى صحيحة ولكن لا تستلزم أن النبي صلى الله عليه وسلم سمى جميع السور ونقلت إلينا.
ونحن نعلم أن الدين محفوظ والنبي صلى الله عليه وسلم بين لأمته ما يحتاجون إليه في أمور دينهم وسنته صلى الله عليه وسلم محفوظة
ولو كانت التسميات المشتهرة اليوم لبعض السور مأثورة لعلمنا أدلتها في دواوين السنة.
فلذلك لا تلازم بين المقدمة الأولى والمقدمة الثانية في صورتها النهائية ، وأما في صورتها المبدئية فلا تفيد شيئاً في الاستدلال.
وأما المقدمة الثالثة فغير صحيحة لثبوت الاختلاف عن الصحابة في أسماء بعض السور
والأكبر من ذلك أنها بعيدة عن اقتضاء النتيجة التي تريد التوصل إليها.
أضف إلى ذلك - وهي نقطة مهمة جداً - وهي أن بعض السور وردت في أسمائها أحاديث صحيحة لكنها كتبت في عدد من المصاحف بغير تلك الأسماء الواردة في الأحاديث الصحيحة كما مثلت لك بسورة النبأ والنصر والعلق وغيرها
فلم كتبت بغير ما سماها به النبي صلى الله عليه وسلم؟
3. هناك مخطوطات قديمة تزعم بعض المتاحف أنها ترجع إلى عهد عثمان رضي الله عنه كتبت فيها أسماء السور.
هذا أمر لا يعول عليه ، بل هو أضعف حالاً بكثير من كثير من الوجادات
4. ما نص عليه من قبل العلماء من أن عثمان رضي الله عنه جرد المصاحف مما هو ليس بقرآن يخالف فيه البعض ويقولون بل فيه أسماء السور على خلاف مصحف أبي بكر رضي الله عنه.
آمل أن تبين لي من قال هذا من أهل العلم المتقدمين، ودعك ممن فهم ذلك من كلام السيوطي، فقد بينت خطأ هذا الفهم في المشاركة السابقة.
وأظنك تقصد الكردي ورضوان المخللاتي
5. ليس هناك من نص يصرح بأن الصحابة هم الذين سموا السور وعليه يبقى الأصل ما عرف في عهد الرسول عليه السلام من أسماء للسور.
وما الذي عرف في عهد النبي صلى الله عليه وسلم؟
هل هي الأسماء المعروفة اليوم؟!!
فأين الدليل على ذلك؟
أم هل هي الأسماء التي صحت عن النبي صلى الله عليه وسلم وكتبت في المصاحف بخلافها؟
وأعجب أنك تريد أن تتوصل بهذا الاستدلال إلى أن أسماء السور الموجودة في المصاحف اليوم ثابتة النسبة إلى النبي صلى الله عليه وسلم !!
وقد بينت أن بعض هذه الأسماء الموجودة اليوم ليست بمأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من الصحابة
وإنما سميت بذلك اختصاراً ، والأمر في التسمية واسع إذ المراد من التسمية الدلالة على المسمى ولذلك تعددت الأسماء في الآثار عن الصحابة وفي مصاحف المسلمين
نعم كتبت بعض أسماء السور في المصاحف كما ورد في الأحاديث والآثار كسورة البقرة وآل عمران والنساء والمائدة والأنعام ويوسف والروم والعنكبوت وغيرها
ولكن وردت أحاديث صحيحة في أسماء بعض السور وآثار عن بعض الصحابة وكتبت في المصاحف بخلافها كما سبق أن مثلت.
والخلاصة: أن الأمر في التسمية كالأمر في النقط والشكل وبيان عدد الآيات ونزول السورة هل هي مكية أو مدنية مما أدخل في المصاحف
فالعدد منه ما هو متفق عليه ومنه ما هو مختلف فيه كما هو معلوم بين أئمة القراءات
وكذلك المكي والمدني منه ما هو متفق عليه ومنه ما هو مختلف فيه
وقد أدخلت في بعض المصاحف وليست من القرآن ولا يزعم أحد من أهل العلم نسبة ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم
6. اليوم يمكن اثبات التوقيف بوسائل علمية منها مثلاً ما توصل إليه الشيخ بسام جرار من أنّ سورة النحل هي السورة 16 في ترتيب المصحف، والعدد 16 هو عدد كروموسومات ذكر النحل. وأن سورة الحديد هي السورة 57 وهذا هو الوزن الذري لنظير الحديد المغناطيسي. حيث النظائر المستقرة أوزانها: 56، 58،57 ولم تشذ سورة النمل والعنكبوت عن قاعدة سورة النحل.....الخ.
7. دراسة أسماء السور يؤكد أنها توقيفية، أي أنّ هناك أدلة داخلية زيادة على الدليل الخارجي. أي أن التوقيف لا يثبت بنص الحديث فقط بل يمكن اثباته بملاحظة النص القرآني بما هو أقوى من رواية آحاد الناس.
هذه الطرق لا قيمة لها عند أهل العلم لأنها ليست قائمة على أصول الاستدلال العلمي ، أضف إلى أنه يدخلها التحكم بشكل ظاهر بين ، فالمقرر لها تجده يعتقد أمر ثم يتلمس له ما يؤيده من هذه المناسبات المتكلفة
وختاماً كتبت ما كتبت من باب التباحث العلمي فآمل أن لا يفسد للود قضية.
وأنا أعتذر للإخوة عن تأخري في الردود لانشغالي الشديد مع حرصي على تدارس العلم والمذاكرة مع إخواني في هذا الملتقى الكريم
وفقني الله وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح وجعنا إخوة متحابين فيه متعاونين على طاعته .