أحبابي الأفاضل/ السلام عليكم
لمعرفة أصول الفكر الحداثي أقترح أن تتم مراجعة ما سمي بعصر الأنوار ودراسته رموزه الكبرى وما خلفوه من آثار ... لذا أقترح عليكم هذه الأرضية التي حاولت فيها حصر منطلقات الفكر الحداثي ومرتكزه في التحليل، ثم أردفها ببعض المراجع المهمة في الباب وبعض المواقع. أرجو أن تكون مفيدة. وأعتذر إليكم إن كان يشوبها الارتجال وقلة التدقيق.
أولا: الأرضية
إن الفكر الحداثي المعاصر مدين لفلاسفة الأنوار الذين كانت رسالتهم "التسامح الكوني"، وتفكيك كل ما يزعم أنه حقيقة مطلقة، والتعامل بأخلاق طبيعية لا ترتبط بتعاليم كنسية ولا بشريعة. وعلى رأس هؤلاء الفلاسفة:
- ديدرو 1784) (Denis Diderot)) من أعلام الفكر الفلسفي في القرن الثامن عشر وصاحب الموسوعة (Encyclopédie).
- فولتير (François Voltaire) (1778) كاتب فرنسي، وصاحب رسائل فلسفية (Lettres philosophiques) أظهر فيها مزايا الحرية التي تفتقدها فرنسا. وقد كرس حياته لمواجهة الموارئيات (Les métaphysiques) والماورائيين (Les métahphysiciens). وكان يدعو إلى أن يعيش الإنسان حسب طبيعته...
- روسو (Jean-Jacques Rousseau) (1778) كاتب وفيلسوف فرنسي. وهو صاحب العقد الاجتماعي (Contrat social) الذي بلور فيه شروط الانتقال من الدولة الطبيعية إلى دولة المجتمع. ويعد هذا الكتاب "إنجيل" الثورة الفرنسية.
هؤلاء الثلاثة يشكلون الانطلاقة الحقيقية للفكر الخداثي، والنواة الأساس لها . وبعدهم جاء مجموعة من الفلاسفة الذين عملوا على شرح ما جاد به هؤلاء وتفصيله والبناء عليه. اذكر منهم:
- كومت (Auguste Comte) (1857) فيلسوف فرنسي، مؤسس الفلسفة الوضعية (positivisme) بلورها في كتابه دروس في الفلسفة الوضعية (Cours de philosophie positive) وهو من أهم الأعمال الفلسفية للقرن التاسع عشر، وفيه برهن على وجود علم اجتماع يهتم بدراسة المجتمعات...
- ماركس (Karl Hienrich Marx) (1883) سياسي وفيلسوف واقتصادي ألماني، من أصل يهودي، تأثر بفلسفة هيجل... وهو صاحب التفسير المادي للتاريخ الذي يؤمن بالتطور الحتمي وهو داعية الشيوعية ومؤسسها والذي اعتبر الدين أفيون الشعوب.
- داروين (Charles Robert Darwin) (1889) طبيعي إنجليزي، وهو مؤسس المسلمة الدوابية التي تدعي أن الإنسان ينحدر من سلالة القرود، أو ما عرف بنظرية التطور التي ضمنها كتابه أصل الأنواع (De l’Origine des Espèces) حيث بين فيه أن الكفاح من أجل الحياة والانتقاء الطبيعي هما العاملان الحاسمان في تطور الكائنات الحية.
- نيتشه (Friedrich Nietzsche) (1900) فيلسوف ألماني، اعتبر العالم قوى متعارضة تلعب فيما بينها، وفلسفته تزعم بأن الإله قد مات وأن الإنسان الأعلى (Surhomme) ينبغي أن يحل محله.
هذا فضلا عن جهود فلاسفة القرن العشرين الذين بلغت العلمانية أوجها على أيديهم، ومنهم انتقلت إلى العالم العربي والإسلامي...
يعتبر العقل المرجع الأساس في الفكر الحداثي، وقد عرف في المعجم الفلسفي الغربي بتعريفات متعددة تشترك كلها في إعطائه صبغة معرفية إبستيمية. وقد حددت وظيفته فيما هو حسي فقط...
هذه التعريفات تطورت من قبل ثلة من الفلاسفة في مقدمتهم الفيلسوف الإنجليزي فرانسيس بيكون (Francis Bacon) صاحب المنهج التجريبي (1627) الذي أرجع في مسؤولية ارتكاب الأخطاء وتشويه الحقائق إلى الجانب الفطري من العقل... ثم الإنجليزي جون لوك (John Locke) (1704) الذي زعم أن الإنسان يولد بعقل خال من الأفكار، وأن أفكاره يكتسبها من خلال التجربة والخبرة... وجاء بعده المؤرخ والفيلسوف السكوتلندي دافيد هيوم(David Hume) (1777) الذي أنكر فطرية مبدأ السببية والرابطة الضرورية بين السبب والمسبب معتبرا أن الربط بينهما شكلي ناجم عن الإلفة والعادة...
وجاء الفيلسوف الألماني إيمانويل كانط (Emmanuel Kant) (1804) وحاول إنقاذ العقل من المأزق الذي وضعته فيه المدرسة الوضعية، فميز بين مستويات ثلاثة للإدراك هي: الحدس، والفهم، والعقل. وتتم معرفة الأشياء في نظره من خلال الحدس أولا، ثم يتم تصنيف المعطيات وفق مفاهيم أو أسماء، وهي أصناف ذهنية يولدها العقل نفسه ليميز المظاهر المختلفة للأشياء، ثم ترتبط هذه الأصناف الذهنية بعضها ببعض من خلال مجموعة من المبادئ العقلية، سابقة للخبرة الإنسانية ومتعالية عن التجربة الحسية...
اما عن التحليل في الفكر الحداثي فآخر ما توصل إليه الفكر الحداثي هو التحليل التفكيكي، إذ كل الفلسفات والمناهج غايتها التفكيك. وقد ارتبط بهـايدغر (Heidegger) (1976)، قبل أن ينتشر في الفكر الفرنسي المعاصر على يد اليهودي جـاك دريـدا (Jacques Dérida)(2004) ابتداء من سنة 1967.
والتفكيك قطيعة مع الميتافيزيقا والخروج من سلطتها، بل كل فكر غيبي ميتافيزيقي ماورائي ينبغي تقويضه لإعادة البناء. يقول جاك دريدا: "إنه هو ( يقصد هايدجر ) من قرع نواقيس نهاية الميتافيزيقا وعلمنا أن نسلك معها سلوكا استراتيجيا يقوم على التموضع داخل الظاهرة وتوجبه ضربات لها متتالية لها من الداخل. أي أن نقطع شوطا مع الميتافيزيقا، وأن نطرح عليها أسئلة تُظهر أمامها من تلقاء نفسها عجزها عن الإجابة وتفصح عن تناقضها الداخلي. إن الميتافيزيقا ليست نصا واضحا ولا دائرة محددة المعالم والمحيط يمكن أن نخرج منها ونوجه لها ضربات من هذا الخارج... وهذه العملية هي ما دعوته بالتفكيك" .
ثانيا: بعض المراجع المقترحة في الباب:
أولا: باللغة العربية:
1. دريدا (جاك): الكتابة والاختلاف، حوار وترجمة كاظم جهاد، دار توبقال للنشر، الدار البيضاء سنة 1988.
2. دريدا (جاك): مواقع، (حوارات)، ترجمة فريد الزاهي دار توبقال، البيضاء، ط1. 1992.
3. ديورانت (وول): قصة الحضارة، ترجمة محمد بدران، نشر الإدارة العربية في جامعة الدول العربية، مطابع الدجوي، القاهرة.
4. صافي (لؤي): إعمال العقل.. من النظرة التجزيئية إلى الرؤية التكاملية، دار الفكر، دمشق، ط1، 1998. [كتاب قيم جدا]
5. صالح (سعد الدين السيد): احذروا الأساليب الحديثة في مواجهة الإسلام، دار الأرقم، الزقازيق، ط2، 1413هـ-1993م.
6. عبد الرحمن (طه): روح الحداثة.. مدخل إلى تأسيس الحداثة الإسلامية، المركز الثقافي العربي، البيضاء. ط1، 2006.
7. الفجاري (مختار): نقد العقل الإسلامي عند محمد أركون ، دار الطليعة بيروت ط1، 2005.
8. فيشر (أ.هـ): تاريخ أوروبا في العصور الوسطى، ترجمة مصطفى زيادة، مصر 1966م.
9. قطب (محمد): مذاهب فكرية معاصرة، دار الشروق، بيروت، ط 2، 1407هـ-1987م.
10. القفاري (ناصر وزميله): الموجز في الأديان والمذاهب المعاصرة، دار الصميعي للنشر، الرياض، ط1، 1413هـ-1992م.
11. كرم (يوسف): تاريخ الفلسفة الحديثة...
12. الميداني (عبدالرحمن): كواشف زيوف، دار القلم، ط 1، 1405هـ-1985م.
ثانيا: باللغة الأجنبية:
13. Barbier (Maurice): Religion et politique dans la pensée moderne, Nancy, PUN; 1987.
14. Capéran (louis): Histoire contemporaine de la laïcité française tome 1, Paris, librairie Marcel Rivière et Cie, 1957.
15. Mestiri (Mohamed, Moussa khadimillah): Penser la modernité et l’islam.. Regards croisés, IIIT, Paris 2005.
ثالثا: بعض المواقع ربما تكون مفيدة في الموضوع:
http://www.fikrwanakd.aljabriabed.net
http://maaber.50megs.com/last_issue/index.htm
www.philomaroc.com
www.nizwa.com
www.altasamoh.net