نُكَتٌ .. ومُلَحٌ .. وفَوائِدٌ مِنْ أَخبَارِ المفَسِّرِين

يالك من رائع أبا العالية: أنا عاجز عن مكافأتك إلا أن أقول لك: جزاك الله خيرا، فإن الموضوع أعجبني كثرا واستفدت منه. أخو: أبو حذيفة جلول، (أكتب باسم بو سنيان)
 
والعود أحمد

والعود أحمد

الحمد لله ، وبعد ..

22_ ( 194 ) سليمان بن أحمد بن أيوب بن مُطير ، أبو القاسم الطبراني ( 360هـ )
( المحدث صاحب المعاجم الثلاثة )

1_ أهمية عناية المؤلف بمصنَّفه وحرصه على تجويده :
قال الداودي رحمه الله عنه معدداً تصانيفه :: « والمعجم الأوسط » في ست مجلدات كبار على معجم شيوخه ، يأتي فيه عن كل شيخ بما له من الغرائب والعجائب ، فهو نظير كتاب « الأفراد » للدارقطني ، بيَّن فيه فضيلته وسعة روايته ، وكان يقول : هذا الكتاب روحي ؛ فإنه تعب عليه وفيه كل نفيس وعزيز ومنكر » ( 1 /204 )

قال مُقَيِّدُه غفر الله له :
هنا تمهيد ومسألتان :
فالتمهيد : هذا نص الإمام الذهبي رحمه الله في تذكرة الحفاظ (3/912) عن الطبراني نقله عنه الداوودي رحمه الله .
أما المسألة الأولى :
فالأولى : قوله : ( وكان يقول : هذا الكتاب روحي ! )
ما أحلاه من وصف للكتاب ، وما أروع شجون النفس تجاه محبوبها .
ولماذا لا يكون الكتاب روحه ، وقد اتعب نفسه في تحريره وتجويده ، وهو الذي روى عن أكثر من ألف شيخ ، فإذا كان لكل شيخ من شيوخه غريبة أو عجيبة ، فدونك ألف عجيبة ، ولكن الكتاب ينبيك أن في طياته أكثر من ذلك .
لا يسعني القول إلا : إنهم القوم بذلوا الغالي والنفيس في سبيل هذه الكتب وما احتوته من العلم ، حتى تراهم يصبحون ويمسون وديدنهم النظر فيها ما بين بيان مبهم ، أو فتح مغلق ، أو شرح ، أو نظم ، أو اختصار وتهذيب وتجريد ، وغير ذلك .
والعزيز الذي عند القوم وفقدناه _ إلا من رحم الله _ أنهم يعتنون بكتبهم ومصنفاتهم عناية شديدة ويديمون النظر فيها ولو تأخرت سنين ـ كيف لا وهي تصقل العقول صقلاً ، فالعبرة عندهم دقة التحرير ، وقوة الضبط ، لا كثرة النشر والبشر والفشر ! كحال كثير ممن يتسلقون على جهود غيرهم زاعمين أو موهمين القارئ الكريم انها نتاج علمي رصين متين ... إلى آخر هرطقاتهم .
إيه والله أقول وكلي هم وغم وحزن وأسف من واقع المكتبات اليوم وهي ترمي لنا بكتب ورسائل يكاد القلب يعتصر دماً مما خرج ، فالله المستعان .
ولاحقاً لسابق ، فقد علَّقت في ترجمة إبراهيم بن يحيى المبارك ، أبو إسحاق النحوي رحمه الله ( 225هـ) عنايته بذلك وما يستفاد منها ، وحسبي هنا من التذكير بقوله ، فقد نقل الداوودي عن الخطيب قائلاً : ( وصنَّف : ( ما اتفق لفظه واختلف معناه ) ابتدأ فيه وهو ابن سبع عشرة سنة ، ولم يزل يعمل فيه إلى أن أتت عليه ستون سنة )
فانظر إلى هذه الهمم كيف تحيي قلوباً ميتة ، وتشحذ نفوساً كسلى !
وهذا أمر ليس بغريب عن ذاك الرعيل الماجد ، فإن مما يذكر عنهم أيضاً :
_ السَّمين الحلبي حين قال عن كتابه : « الدر المصون » : ( هذا الكتاب ذخيرة عمري )
وقال ابن اليزيد في « صلة الصلة » بعد أن ذكر كتاب ابن عبد الملك المراكشي ، قال وعلى هذا الكتاب_ أي: الذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة _ عكف عمره )
وقال الصالحي عن كتابه : ( سبل الهدى والرشاد ) : ( نتيجة عمري وذخيرة دهري )
فبالله عليك أرنا في هذا الزمان من كان مثل صنيعهم ، وقليل ما هم .

وأما المسألة الثانية : فهي قوله : ( وفيه كل نفيس وعزيز ومنكر )
وسبب ذلك أن هذا الكتاب مهم جداً للمتخصصين في علل الأحاديث ، فإنَّ الطبراني رحمه الله ، وهو المحدِّث الماهر ، كان مقصده جمع غرائب وفرائد شيوخه في مكان ، مع بيان وجه ذلك ، ولذا وصفه الذهبي رحمه الله وهو الخبير بصناعة الحديث : ( وفيه كل نفيس وعزيز ومنكر )
وقرَنه أيضاً ابن حجر رحمه الله لما ذكر كتاب البزار فقال : « من مظان أحاديث الأفراد « مسند » أبي بكر البزار؛ فإنه أكثر فيه من إيراد ذلك وبيانه، وتبعه أبو القاسم الطبراني في « المعجم الأوسط » .
وقال السيوطي في طبقاته نقلاً : « أتى عن كل شيخ بما له من الغرائب فهو نظير الأفراد للدارقطني »
لذا فعلى طالب علم الحديث عامة والعلل خاصة أن لا ينثني عن هذا السِّفر النفيس .
وقد حُقِّق تحقيقاً كاملاً و طبعته دار الحرمين بالقاهرة بتحقيق الشيخ طارق عوض الله وعبد المحسن الحسيني جزاهما الله خيراً .

2_ تفسيره الكبير :
قال الداودي رحمه الله عنه من جملة تصانيفه : « وله تفسير كبير » ( 1 /205 )
قال مُقَيِّدُه غفر الله له :
يكاد يجمع كل من ترجم لأبي القاسم الطبراني أنَّ له تفسيراً كبيراً ، وأشرأبت نفوس كثير من الباحثين والمتخصصين بكل شغف إلى خروج هذا التفسير .
وإذ بناشر يرفع عقيرته زاعماً أنه حقق الأمنية ، وسهل الصعب ، وقرب البعيد ، فأخرج لنا تفسيراً في ست مجلدات طرز على طرته : ( التفسير الكبير ) هكذا سماه ، وفي تسميته بهذا الاسم شك عندي ليس هذا محلّه .
فَسُوِّق الكتاب واخذ مهيعاً طويلاً عريضاً ما بين مثبت ونافٍ ، وكتبت المقالات والردود ، والقارئ الكريم _ غير المتخصص _ حائراً مما يرى .
وطالت القضية ، وبلغت التجهيل ، وعدم الديانة ، والأمانة العلمية ، وما وراء ذلك . والله المستعان .
لكن الذي أود أن أنصح القارئ به ، وهو خير ما بحث في المسألة العالقة وحسم نزاعاً كبيراً ، هو ما سطره باحث جادُّ في بحث نشرة في مجلة « بصائر » في عددها الثاني لعام ( 1430هـ ) ، ولا أملك إلا الدعاء له بالتوفيق ، والسداد ، والحث على إتمام الصورة بجلاء أكثر ليكون بحول الله حجة قاطعة .
فدونك الرابط ، وانتفع منه ، واعرف الفضل لأهله .
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?p=82384#post82384
والحمد لله على توفيقه .

3_ عناية الأب بتعليم ولده :
قال الداودي رحمه الله عنه : « وحرص عليه أبوه في صباه » ( 1 /205 )

قال مُقَيِّدُه غفر الله له :
هذا مسلك طيب مبارك ، وحرص ديني كبير ، فإن الأباء والأمهات ، حفظوا لنا بحسن تنشأتهم لأولادهم أفذاذاً من كبار علماء الدنيا ، كالإمام أحمد ، والإمام سفيان ، وهنا الإمام الطبراني ، وغيرهم كثير ، فرحم الله الجميع .
إن حسن الرعاية للولد في منشأه وصباه له اكبر الأثر في صياغة شخصيته وصبغها بالفطرة المحمدية والاقتفا على الآثار العلية ، فينشأ الابن معتنياً بالوحي وما يخدم مسائل الوحي من علوم الألة والوسائل الواصلة للمقاصد .
ولله در ابن الجوزي رحمه الله حين قيَّد رسالة وجيزة في نصيحته لولده يحثه على العلم والعناية به ، فهي على وجازتها من احب النصائح إلى القلب ؛ لما احتوت على درر قيمة ، ومسائل قلَّ من يتفطن لها ، فأهداها لنا الحافظ رحمه الله ، فلعلنا ننتفع بها في حياتنا .
وعليه فالسؤال : لماذا يقل اهتمام كثير من الدعاة وطلبة العلم اهتمامهم بذويهم بدأ من زوجاتهم وأولادهم وأهلهم . لا شك أن التقصير كبير ، والواقع يصدق هذا ويثبته ، ورحم الله الإمام سفيان حين قال : ينبغي للرجل أن يُكره ولده على العلم ؛ لأنه مسؤول عنه .
نسأل الله تعالى أن يصلح حالنا ومآلنا إنه خير مسؤول .

4_ لذة العلم تفوق كل لذة ( هذا يومك يا أبا القاسم ) :
قال الداودي رحمه الله عنه : «
قال ابن فارس صاحب اللغة : سمعتُ الأستاذ ابن العميد يقول :
ما كنت أظنُّ في الدنيا كحلاوة الوزارة والرياسة التي أنا فيها ، حتى شاهدتُ مذاكرة الطبراني وأبي بكر الجُعابي بحضرتي ، وكان الطبراني يغلبه بكثرة حفظه ، وكان أبو بكر يغلبه بفطنته ، حتى ارتفعت أصواتهما ، إلى أن قال الجعابي : عندي حديث ليس في الدنيا إلا عندي .
فقال : هات .
قال : أنا أبو خليفة ، أنا سليمان بن أيوب ، وحدَّث بحديث .
فقال الطبراني : أنا سليمان بن أيوب ، ومني سمعه أبو خليفة ؛ فاسمعه مني عالياً ؛ فخجل الجعابي .
فوددتُ أنَّ الوزارة لم تكن ، وكنتُ أنا الطبراني وفرحت كفرحه » ( 1 /206 )

قال مُقَيِّدُه غفر الله له :
فيه مسائل :
الأولى : أهمية الحفظ والفطنة للعالم ، وهذا يأخذ من غلبة كل عالم لأخيه ، فلو اجتمعتا في عالم أو طالب علم وصحبه توفيق الله تعالى ، فقلَّ أن يغلب .
الثانية : لذة العلم تفوق والله كل لذة ، ومن أحسن ما قرأت في لذته ، قول الجاحظ في « الحيوان » (1 / 55)
في فصل ( السماع والكتابة ) : « فالإنسان لا يعلمُ حتى يكثُرَ سماعُه ، ولا بُدَّ من أن تكون كتبُه أكثرَ من سَمَاعِه ، ولا يعلمُ ولا يجمع العلم ولا يُخْتَلَف إليه حتى يكون الإنفاقُ عليه من ماله ألذَّ عندَه من الإنفاق من مال عدوِّه ، ومَن لم تكن نفقتُه التي تخرج في الكتب ألذَّ عنده مِن إنفاق عُشَّاق القيان والمستهتَرين بالبنيان لم يبلغ في العلم مبلغاً رضِيّاً ، وليس يَنتفِع بإنفاقِه حتَّى يؤثِر اتِّخاذَ الكتبِ إيثارَ الأعرابي فرسَه باللبن على عياله ، وحتَّى يؤَمِّل في العلم ما يؤَمِّل الأعرابي في فرسه )أ.هـ
و قول أبي حنيفة رحمه الله : إذا أخذته هزة المسائل يقول : أين الملوك من لذة ما نحن فيه ؟ لو فطنوا لقاتلونا عليه .
وللقنوجي في أبجد العلوم كلام عن لذة العلم لا يحضرني الان ، فليرجع إليه من أراد الزيادة .

هذا ما سنح في البال الان ، وأرى يوسف يمشى رويداً نحو والده ، فلا يسعني إلا الختام ، والنوم معه في وئام ، والسلام .
 
[align=center]موضوع ممتع نافع مدهش يا سيدي ..
ذكرني أيام كنت شغوفا بوضع الخطط و العناوين لتأليف كتب ... كان منها
كتاب " أخبار العلم و العلماء "
و كانت النية أن يكون ترجمة من نوع فريد لا للعلماء فردا فردا ..!
بل لطبقات العقود طبقة طبقة فيكون أشبه بتأريخ لحركة العلم في فنونه المتنوعة !؟ و ما يبينه ذلك من توضيح لطبائع العلوم و مقاصدها و أضرار الجهل بها لمن يهجم على مسائل الأمة بغير علم فيها ...
مع مئات الأفكار الجانبية البديعة الغريبة !
فلو كنت عندك أخي العزيز لأهديتك المشروع على أن تدعو لي بتيسير قيام الليل الذي لا زلت ألاحقه فيمتنع !!

و يا ليتك تجعل الخط أكبر حجم 6 مثلا و من نوع خطي هذا فهو أجمل : traditional لو تكرمتم ...

بارك الله فيكم جميعا .
[/align]
 
عودة
أعلى