نواســــخ القرآن بين الواقع والمأمول

إنضم
14/07/2017
المشاركات
129
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الإقامة
الجزائر
الخصومة الحقيقية – في موضوع النسخ في الشريعة - دائرة اليوم حول "النسخ في القرآن " فقط, فإن أغلب الآيات التي أدعي عليها " النسخ" , جاء من أبطل فيها هذا الإدعاء , فكل دعاوى النسخ في القرآن يبطل بعضها بعضا , مما حدا ببعض أهل العلم , مثل " ولي الله الدهلوي" أن يحصرها في 5 أو 6 أيات فقط !! والحق أن هذه القضية القرآنية تحتاج فعلا إلى " إعادة نظر" و مزيد من "الضبط", وما من باحث يعمل فكره في كثير من الآيات التي يقال أنها منسوخة , إلا بدا له " تهافت" كثير من تلك الدعاوي , وذلك بإكتشافه ضعف أو ظنية تلك التعليلات التي توجه بها دعوى النسخ , فربما كانت إحداهما في موضوع والأخرى في موضوع غيره, وربما كانت إحداهما خارج محل النزاع, وربما تكون إحدى الآيتين حكما , والأخرى " ارشادا" أو "حقا" او " معتقدا", فلا ينطبق عليها ما قرروه سلفا من أن النسخ يكون بين الحكمين , وربما تكون دعوى الحكم الناسخ غير مسبوقة بحكم منسوخ!!! .
والذي يعتني بدرس النسخ في كتب علوم القرآن , سوف يرى كم هو البون شاسع بين حقيقة دعوى النسخ , وواقعه !!!
أن الذين قالوا بالنسخ في القرآن الكريم من علماء الإسلام , كانوا يمارسون ذلك بإعتباره "فعل إجتهادي" وجهد بشري , تماما كما فعلوا في علوم شرعية أخرى , بدليل أن علماء مسلمين من أمثالهم قد ردوا أقوالهم , وصوبوا مذاهبهم .
إن القول بالنسخ معناه تعطيل حكم سابق بحكم لاحق من كتاب الله تعالى , وهو أمر من الخطورة بمكان ,والشعور بهذه الخطورة هو الذي يجرؤنا على دعوة أهل الإختصاص لإعادة النظر في هذه القضية القديمة , الجديدة, المتجددة!!!
ثم لماذا تقرأ "التغيرات " التشريعية في أدبيات أحكام البشر على أنها " تطور تشريعي" أو " إكتمال تشريعي" أو " تحولات تشريعية " أو " نضج قوانين" , ثم تسمى فقط في أحكام الله تعالى "نسخا" مع ما في هذه اللفظة من إيحاءات الإزالة , والإلغاء, والإبطال .
أنا لاأنكر أن يكون في القرآن " تطور تشريعات" أو "نسخا " بالمفهوم المتداول , لكنني – بصراحة – أستغرب من كل هذا الكم من "نواسخ القرآن " التي لايقر أحد عليها صاحبه !!!
وإن الدعوة إلى " غربلة " هذا الموروث الإجتهادي المتعلق بكتاب الله , أراها دعوة شبيهة بتحقيق وتنقيح كل الموروثات الشرعية المتعلقة بمضامين شرعية أخرى مثل " الفقه " و"التفسير" و"السير ة" و "الحديث "..الخ.
 
للأسف الشديد أن جل المشتغلين بالقرآن وعلومه لا يدركون فداحة وخطورة هذا القول برغم كل المثالب الواضحة والحجج الجلية والاضطراب البين حتى أصبح كلام الله عرضة للابطال والعبث بدون وجه حق.
لك أن تتعجب عندما تعلم أن النسخ بالظن قرره العلماء وأجمعوا على وقوعه وسوغوا حدوثه واقروا بأنه من قبيل الظن !
فكيف صار كلام الله وأحكامه عرضة للابطال بالظن ؟ بل وجوزوا عدم الاستفصال بطريق مقطوع به فعليك أن تتقبل ابطال كلام الله وبعد ذلك لو كان في نفسك شيء من النسخ فعليك اللجوء للتخفيضات ، فهناك من العلماء من خفض عدد الآيات المنسوخة الى ,5 أو 6 آيات فمن اوحى إليهم أن المنسوخ 220 آية ومن أوحى إلى أصحاب التخفيضات انها 5 آيات فقط ؟؟. اقبل بالتخفيضات واقر بالنسخ ولو خمس آيات المهم أن تنظم لركب المبطلين والحذر كل الحذر من نفي النسخ أو دحضه بعرض تناقضاته وكوارثه.
فلا حول ولا قوة الا بالله.
 
أخي الأستاذ الفاضل : عدنان الغامدي
شكر الله لك إضافتك الطيبة النافعة .
أن المكثرين من القول بالنسخ , يعود صنيعهم في الغالب إلى الأخذ بمصطلح السلف في النسخ , والذي يقصدون به تخصيص العام أو تقييد المطلق , فإذا قالوا إن هذه الآية نسخت هذه الآية فهم يعنون أنها خصصت عمومها , أو قيدت مطلقها , أما النسخ بمعني رفع حكم شرعي بخطاب شرعي متأخر عنه , فهو إصطلاح أحدثه الخلف من الأصوليين ,فعد المتأخرون كل ماجاء عن السلف بمصطلحهم أنه منسوخ , في عداد المنسوخ. صحيح أن هناك آيات كثيرة أدعي عليها النسخ , ثم تبين أنها محكمة , ولاأجد مثالا أوضح من صنيع "ابن الجوزي " في كتابه " نواسخ القرآن " , إذا قارنا أحكامه على آيات كثيرة نقل فيها السيوطي في الإتقان - مثلا - النسخ , لكن ابن الجوزي عاد فحكم بأنها محكمة , وبين وجه إحكامها , وبطلان القول بالنسخ فيها , مدعما ذلك بالدليل والتعليل.
السؤال الذي نطرحه الآن : هل ثبت عن " السلف" أي الصحابة , والتابعين, وتابعيهم ,القول بالنسخ بالمفهوم الأصولي المحدث ؟؟ أقصد هل للقول بالنسخ الذي هو رفع الحكم الشرعي بخطاب شرعي متأخر عنه " في القرآن الكريم " أصل في كلام السلف وأحكامهم ؟؟؟
أعود فأزف الشكر مرة ثانية لك أخي عدنان الغامدي ..
 
عودة
أعلى