نقاش حول دلالة قوله تعالى : ( ومن الناس من يشتري لهو الحديث ) على تحريم الغناء

إنضم
26/02/2009
المشاركات
1,878
مستوى التفاعل
0
النقاط
36
"{ لهو الحديث }
الحمد لله حق حمده ، وصلى الله وسلم بارك على نبيه وعبده ، وبعد ،،،
فإن أقوى أدلة المحرمين للغناء ، والمعازف ، وأكثرها اشتهارا عندهم ، قول الله تعالى في سورة لقمان { ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم } قالوا إن ابن مسعود وابن عباس ، رضي الله عنهما ، قالا : إن لهو الحديث هو : الغناء .
ولكي نصل إلى معنى الآية بوضوح ، فإنه يجب أن ننظر في الآية بحيادية غير مسبوقة بمذهب أو رأي . وسأبين لك ذلك في نقاط ، حتى يسهل استيعاب ما أريد إيضاحه :
· يقول جل وعلا : وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه ! فالحجة من الله تبلغنا بسماع كلامه ، لا بتفسيره ، وفي كثير من الأحيان يحبس المرء في نطاق قول من سبق ، وآراء تجعل القرآن جامدا ، لا يواكب العصور! إذ إنها تزعم أني لا أستطيع ، وكذا أي مسلم عربي ، لا يستطيع أن يفهم كلام الله إلا عن طريق عالم !!! ولا يمكنه أن يعي ما يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا عن طريق عالم !!!
· إن من أخطاء التفسير أن تؤخذ الكلمة من سياقها ، ويبنى الحكم على ذلك ، فلو قرأت قوله تعالى { فويل للمصلين } ووقفت ، كان المعنى تهديدا للمصلين ووعيدا ، ولا ريب أن هذا عكس المراد تماما ، فلا يستقيم المعنى إلا بإكمال الآية بعدها ليتضح أن المراد صنف من المصلين ، وهم الذين جاء وصفهم في الآيتين بعدها ، فالآية مرتبطة بالآيتين ، لا تنفك عنهما ، فتأمل .
· وكذا قوله تعالى { لا تقربوا الصلاة } فإن المعنى لا يستقيم إلا بإكمال الآية { لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى } فأصبح النهي عن حالة معينة لا عن قرب الصلاة بالكلية .
· وكذا لو قرأت قوله { ذق إنك أنت العزيز الكريم } فقد تفهم منه التكريم وحسن الوفادة ، فلا يتضح المعنى ـ ولا يظهر المراد من التوبيخ والإهانة إلا بالآيتين قبلها { خذوه فاعتلوه إلى سواء الجحيم ، ثم صبوا فوق رأسه من عذاب الحميم ، ذق إنك أنت العزيز الكريم } وكذا بالآية بعدها { إن هذا ما كنتم به تمترون } .
· سورة لقمان مكية ، وكل آية يستدلون بها في تحريم الغناء مكية ، وهذا من العجيب ، وقد أقر الشيخ عبدالعزيز الطريفي بذلك فقال في كتابه ( الغناء في الميزان ) : وقد حرمه الله على عباده في مكة ، وهذا يدل على عظم خطر الغناء ، وأثره على العباد .
· قلت : وهذا من أعجب ما قرأت ، ومن أكبر الأدلة على أن القوم يرددون ما قال الأوائل هكذا ، دون أن يعملوا عقولهم ، وهذا هو الذي دعاني لقول ما قلت من ترديدهم مقولة الكافرين ، وهم لا يشعرون : إنا وجدنا آباءنا على أمة ، وإنا على آثارهم مقتدون .
· فتأمل معي يا رعاك الله ، كيف يحرم الله تعالى المعازف في مكة ، ويترك تحريم الخمر التي هي أم الخبائث إلى ما بعد الهجرة بزمن طويل ، ويتدرج في تحريمها ، إلى وقت نزول سورة المائدة ، وقد قيل إن تحريم الخمر نزل بعد أحد . فكيف لا تحرم الخمر إلا في المدينة وينزل تحريم المعازف في مكة ؟ ألهذا بلغت الخطورة في المعازف على الدين ، فهل حرمت المعازف في الديانات الأخرى ، فكيف تكون المعازف أشد حرمة من الخمر والزنا ، ثم لا تحرم بنص قاطع مثلهما ؟ وكيف يلعن في الخمر عشرة ولا يلعن المغني ؟
· إلا إن قالوا إن المعازف ، أو الغناء بالأحرى لأن تفسير الصحابة على الغناء لا على المعازف ، إنه أشد خطرا على القلوب من الخمر ، وأشد فتكا بالأعراض من الزنا ؟
· ومن أعجب ما يمكن أن يقال إن المحرمين للمعازف ، يستدلون بهذه الآية في تحريم الغناء ، وعلى حديث أبي مالك في تحريم المعازف ، ومن الدلالات على التحريم في حديث أبي مالك قولهم : إنه قرن المعازف مع المحرمات ، فدل على تحريمها ، فانقلبوا على أنفسهم ، إذ إن المفترض أن يكون العكس ، فلما حرم الله الغناء والمعازف في مكة كما يزعمون ، فإن اقتران الخمر بها هو المفترض أن يكون دليلا على تحريمها ، لكنهم هنا جعلوا تحريم الخمر دليلا على تحريم المعازف ، لأن تحريم الخمر لا جدال فيه ، وكذا الزنا ، وكذا الحرير على الرجال . مع أن دلالة الاقتران ضعيفة عند الأصوليين .
· وقد قدمت لك أن الآيات التي يستدلون بها على تحريم الغناء آيات مكية ، كما في قولهم عن آية النجم ، { وأنتم سامدون } وفي آية الإسراء { واستفزز من استطعت منهم بصوتك } وحتى آية الفرقان { والذين لا يشهدون الزور } كل ذلك مكي ، مما يجعلك إن تحررت من التعلق بالآخرين تتأمل كيف يأتي تحريم الغناء في مكة ويهمل الحديث عنه في المدينة ، فإن فعلت ثبت لك ما سأقوله في آخر هذا البحث القصير ، وتبين لك معنى الآية بإشراق ووضوح .
· إنهم يتهموننا بالخلط وهم الذين يخلطون ، فإنهم يقولون إن الله حرم الغناء في مكة لشدة خطره كما نقلت لك ، ثم يستدلون عليك بحديث أبي مالك وهو في المدينة بلا شك ، وهو في المعازف لا في الغناء ، إلا إذا قالوا إنه لا معازف بلا غناء ، ولا غناء بلا معازف ، ولا أظن ذلك هو قولهم فقد قال الشيخ الطريفي : ولذلك يعلم أن ما يطلق من أقوال بعض الصحابة وأشعار العرب من ذكر الغناء ، فالمراد به الأشعار ، وما يسمى في زمننا بالأناشيد . والمراد من ذلك أنه ينبغي أن يفرق بين اصطلاح أهل العصر ، واصطلاح الأوائل ، وإن كان اللفظ واحدا . فهذا دال على أنه يريد التفريق بين الغناء والمعازف ، فكيف حرم الغناء بمكة وترك تحريم المعازف إلى ما بعد الهجرة ؟ والعلة واحدة ، بل إن مقاله هذا يفهم منه أن الغناء المسمى بالأناشيد حلال ، فلنا أن نسأل من أين له أنها حلال وهو يستدل بقول ابن مسعود وحلفه ، فهل قول ابن مسعود ( هو الغناء ) باصطلاح أهل العصر أم باصطلاح الأوائل ؟ فإن كان باصطلاح الأوائل فيلزمه أن يحرم الأناشيد والأشعار ، وإن كان باصطلاح العصر فمن هو الذي لم يفرق بين الاصطلاحين !!!!
· ولأننا سنحتاج إلى ما يقنع القوم فإن طريقة السلف في التفسير أن يبينوا المعنى المراد ، دون الكلام على كل لفظة . ذكر ذلك شيخ الإسلام في كتابه تفسير آيات أشكلت . ( لاحظ أن ابن تيمية سيتكلم في هذا الكتاب عن تفسير آيات أشكلت على السلف } ويزيل غموضها ، ثم لا يقرون لك بأن الإشكال قد يقع فيه حتى حبر الأمة وترجمان القرآن ، رضي الله عنه .
فلنأخذ المعنى الجامع للآيات :
· إن السورة تتكلم في فاتحتها عن هذا القرآن ، واقرأها من أولها ليستقيم لك المعنى إجمالا ، وتذكر أني قلت لك إن السورة مكية ، ثم لا يغب عن ذهنك أنها بعد الروم ، وفي آخر آية من الروم يقول تبارك وتعالى { فاصبر إن وعد الله حق ، ولا يستخفنك الذين لا يوقنون } ثم جاءت هذه السورة مفتتحة بـ { الم ، تلك آيات الكتاب الحكيم . هدى ورحمة للمحسنين ، الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ، وهم بالآخرة هم يوقنون ، أولئك على هدى من ربهم ، وأولئك هم المفلحون } ومن تأمل السورة علم أنها تفننت في إثبات حكمة هذا الكتاب، وأن ما سواه من الأساطير والأحاديث ليست إلا ضلالا مبينا متى كانت للصد عنه ، ولهذا ناسب أن يقول تلك آيات الكتاب الحكيم ، ومن ثم قال { ولقد آتينا لقمان الحكمة } وقال { إن الله عزيز حكيم } ورد الخاتمة على ما افتتح به ، فقال في الخاتمة { إن وعد الله حق ، فلا تغرنكم الحياة الدنيا ، ولا يغرنكم بالله الغرور } حيث قال في بدايتها { إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم جنات النعيم ، خالدين فيها ، وعد الله حقا } وتنبه : وهو العزيز الحكيم ، ولم يقل : إنه لا يخلف الميعاد مثلا ، فالسورة تريد إثبات الحكمة ، والعزة ، والقدرة ، وتحث في ثناياها على بر الوالدين وإقام الصلاة والأمر بالمعروف ، وغير ذلك من خصال الخير مدمجة في وصايا لقمان ( الحكيم ) لابنه .
· ومن المفارقات أن يأتي في السورة ، وليس في سورة أخرى قط الإشارة إلى الصوت البشع ، { إن أنكر الأصوات لصوت الحمير } بعد الأمر بالغض من الصوت .
· فالسورة تتحدث عن فريقين ، فريق أحسن فاتبع الحكمة ، ولزمها ، وسار عليها ، فأقام الصلاة ، وآتى الزكاة ، وأمر بالمعروف وصبر على الطاعة ، وتفكر في مخلوقات الله ونعمه ، وعبد الله مخلصا له الدين في كل أوقاته وأحايينه .
· يقابله فريق آخر اشترى لهو الحديث، وغرته الحياة الدنيا، وغره بالله الغرور ، فلم يقف عند حكمة الله من خلقه ، وإيجاده ، ولم ينظر في نعم الله التي أسبغها عليه ظاهرة وباطنة ، بل اشترى لهو الحديث ليضل عن سبيل الله ويتخذ آيات الله وسبيله هزوا ، فإذا ذكر بالقرآن أعرض كأن لم يسمعه ، وإذا نهي ووعظ وقيل لهم { اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا } وتأمل خاتمة الآية ، فإنه لم يقل مثل ما قال في البقرة والمائدة { أولو كان آباؤهم لا يعقلون ( لا يعلمون ) شيئا ولا يهتدون } بل قال هنا { أولو كان الشيطان يدعوهم إلى عذاب السعير } ! فبينت الآيات أن النجاة في إسلام الوجه لله ، وأن الكافر لا يجب أن يحزن النبي وأتباعه لكفره ، فإن الموعد عند الله ، وإليه المرجع والمعاد .
· إذا استوعبت المعنى إجمالا ، ومناسبة الآيات وربطها مع بعضها البعض، تبين لك بوضوح مناسبة الآية المشكلة بيننا { ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهين ، وإذا تتلى عليه آياتنا ولى مستكبرا كأن لم يسمعها ، كأن في أذنيه وقرا ، فبشره بعذاب أليم } إنك إن تأملت السياق بحدود الحرية المتاحة لك سترى أن الكلام عن قوم يقابلون القوم الأولين ، فالأولون هم المحسنون ، والمقابل لهم هم الكافرون ، وهو الذي جاء في نصوص السورة كلها ، مقابلة بين فريق آمن وفريق كفر ، ولا يمكن حمل الآية على المسلم أبدا كما نص على ذلك قتادة في التفسير .
· ونفس الفكرة تعرضها سورة البقرة في أوائلها ، حديث عن المتقين ، ثم حديث عن الكافرين .
· ثم لو أضفت إليها ، كما هو المفترض فيمن يفسر القرآن أن ينظر في القرآن ليضم بعضه إلى بعض فإن ما أجمل هنا فصل هناك وهكذا ، فإنك ستجد أن من أهم أسلحة الكافرين في بداية البعثة كان في الصد عن سماع القرآن ، كما قال جل وعلا حاكيا عنهم { وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون } وفي قصة إسلام الطفيل بن عمرو الدوسي دليل على خوفهم من أن يسمع الناس كلام الله ، فيحولون بينهم وبينه ، بالأساطير والقصص المخترعة والأكاذيب والأشعار وما أشبه ذلك ، ولهذا كان من أهم أسباب الهداية سماع القرآن ، كما أخبر جل جلاله فقال { وإن أحد من االمشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله } . سيتبين لك أن الآية تتكلم عن أناس همهم ، وشغلهم ، وهدفهم الصد عن القرآن وإشغال الناس عنه ، حتى لا يسمعوه ، ولا يعملوا به .
· فتعال لنرى أين الخلل في فهم الآية عند بعض الناس ، وقبل أن نبدأ لك أن تسأل وهم يقولون : إن لهو الحديث هو الغناء ، فقل لي بربك أين هذا المعنى في لغة العرب !! ؟؟؟ وأين هو في أشعارها ؟ فأين دليل ذلك من كتاب الله تعالى ؟ أين دليله من سنة الحبيب صلى الله عليه وسلم ؟؟
· إنك لن تجد الحق تبارك وتعالى عبر عن الغناء بلهو الحديث أبدا ، ولن تجد ذلك في سنته صلى الله عليه وسلم ، ولن تجد ذلك في لغة العرب أبدا ، ولا في أشعارها ! نعم الغناء من اللهو ، ولكن ليس معنى اللهو
الغناء !

· إذا كيف قال ابن مسعود إنه الغناء ، وحلف على ذلك ، إنه أمر بسيط جدا يعرفه كل من عرف طريقة السلف في تفسيرهم ، فهم يفسرون بالمثال ، كما ذكر شيخ الإسلام وغيره عنهم في أمثلة كثيرة ، ليس هذا مقام بيانها .
· ولكي أثبت لك ذلك تعال معي في جولة من أقوال بعض المفسرين الذين خالفوا في معنى الآية ، ولم يحصروه في الغناء كما يلتزم بذلك العلماء الذين يقولون بتحريم الغناء والمعازف استدلالا بحلف ابن مسعود رضي الله عنه .
· قال الرازي : لما بين أن القرآن كتاب حكيم ، يشتمل على آيات حكمية ، بين حال الكفار أنهم يتركون ذلك ويشتغلون بغيره ، ثم إن فيه ما يبين سوء صنيعهم من وجوه
الأول : أن ترك الحكمة والاشتغال بحديث آخر قبيح
الثاني : هو أن الحديث إذا كان لهوا لا فائدة فيه كان أقبح
الثالث : هو أن اللهو يقصد به الإحماض ، كما ينقل عن ابن عباس أنه قال : أحمضوا . ونقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : روحوا القلوب ساعة فساعة ، رواه الديلمي ، عن أنس مرفوعا ، ويشهد له ما في مسلم : يا حنظلة ، ساعة وساعة ، والعوام يفهمون منه الأمر ، بما يجوز من المطايبة ، والخواص يقولون : هو أمر بالنظر إلى جانب الحق ـ فالترويح به لا غير ، فلما لم يكن قصدهم إلا ألإضلال لقوله : ليضل عن سبيل الله كان فعله أدخل في القبح .
· قال الدكتور وهبة الزحيلي في التفسير المنير لهو الحديث : ما يلهي منه عما يعني ويفيد ، من الحكايات والأساطير ، والمضاحك ، وفضول الكلام ، وكتب الأعاجم ، والجواري والقينات . واللهو : كل باطل ، ألهى عن الحق ، والخير
· قال هود بن محكم الهواري – من علماء القرن الثالث - في تفسيره كتاب الله العزيز : قوله { ومن الناس من يشتري لهو الحديث } يعني الشرك ، وهو قوله : اشتروا الضلالة بالهدى . أي اختاروا الضلالة على الهدى ، وقتال بعضهم : استحبوا الضلالة على الهدى . قال بعضهم يختار باطل الحديث على القرآن . قال : ليضل عن سبيل الله : أي عن سبيل الهدى ، وهو سبيل الله ... ويتخذها هزوا . أي ويتخذ آيات الله ، أي القرآن هزوا .
قال : وإذا تتلى عليه آياتنا ولى مستكبرا . أي عن عبادة الله ، جاحدا لآيات الله ، ...
· قال القنوجي في فتح البيان في مقاصد القرآن : لهو الحديث : وهو كل باطل يلهي ، ويشغل عن الخير من الغناء والملاهي والأحاديث المكذوبة ، والأضاحيك ، والسمر بالأساطير ، التي لا أصل لها ، والخرافات والقصص المختلفة ، والمعازف والمزامير ، وكل ما هو منكر ... قال الحسن : لهو الحديث المعازف والغناء ، وروي عنه أنه قال : هو الكفر والشرك . وفيه بعد ، والمراد بالحديث الحديث المنكر والمعنى يختارون حديث الباطل على حديث الحق .... إلى أن قال : ليضل عن سبيل الله : اللام للتعليل ، ... أي ليضل غيره عن طريق الهدى ، ومنهج الحق ، وقرئ بفتح الياء أي ليضل هو في نفسه ويدوم ، ويستمر ويثبت على الضلال . ثم قال : فأفاد هذا التعليل أنه إنما يستحق الذم من اشترى لهو الحديث لهذا المقصد ، ويؤيد هذا سبب النزول .
· قال القاسمي : ومن الناس ... تعريض بالمشركين ، وأنهم يستبدلون بهذا الكتاب المفيد الهدى والرحمة والحكمة ما يلهي من الحديث عن ذلك الكتاب العظيم . ليضلوا أتباعهم ، عن الدين الحق .
القاسمي هو من يعتمد عليه جل علمائنا على تقليد المفتي ، استدلالا بقوله تعالى { فاسألوا أهل الذكر } وهو أول من قال بذلك ، وقد توفي سنة 1330 ، وإلا فكل من سبقه من المفسرين يقولون إن أهل الذكر هنا يعني أهل الكتاب ...وهذا من الأخذ عن الشيوخ دون تمحيص ولا تفكير ، مجرد استنساخ . وقد نص ابن عباس على أن أهل الذكر هم ( أهل القرآن ) فتأمل قولهم : ما أنت إلا قارئ ، واحكم ، مع أني لا أوافقه رضي الله عنه في قوله هذا ، وقد رده ابن كثير أيضا ، ولكن أردت فقط أن أرد عليهم بقول صحابي ، فليتهم يعقلون !
· قال المظهري في تفسيره : بعد ذكر المعلوم من التفسير فيها ... قلت مورد النص وإن كان خاصا وهو الغناء أو قصص الأعاجم ، لكن اللفظ عام ، والعبرة بعموم اللفظ لا لخصوص السبب ، ومن هنا قال قتادة هو كل لهو ولعب ، وقال الضحاك هو الشرك . ثم ذكر أحاديث تحريم الغناء والمعازف ثم قال : والأحاديث الموجبة لحرمة الغناء مخصوصة بالبعض لورود أحاديث أخر دالة على الإباحة ، فحملنا أحاديث حرمة الغناء على ما كان منه على قصد اللهو لا لغرض مشروع داعيا إلى الفسوق ، فلنذكر الأحاديث الدالة على إباحة الغناء ، فذكر منها حديث الربيع بنت معوذ الذي فيه وفينا نبي يعلم ما في غذ .... وحديث إن الأنصار يعجبهم اللهو ... وحديث أعلنوا هذا النكاح .... يا عائشة ألا تغنين فإن هذا الحي ... رواه ابن حبان ... ,,,فإن رخص لنا في اللهو عند العرس ... وحديث الجاريتين ، إلى أن قال : فظهر أن المحرم من الغناء ما يدعو إلى الفسق ويشغل عن ذكر الله ، وما ليس كذلك فليس بحرام ...
· قال ابن عادل الدمشقي في كتابه اللباب في علوم الكتاب : روي عن عبدالله بن مسعود وابن عباس وعكرمة وسعيد بن جبير قالوا : لهو الحديث هو الغناء . والآية نزلت فيه ، ومعنى قوله : يشتري لهو الحديث أي يستبدل ويختار الغناء والمزامير والمعازف على القرآن ، ... وقال قتادة : حسب المرء من الضلالة أن يختار حديث الباطل على حديث الحق .
· قال ابن الجوزي في زاد المسير : وفي المراد بلهو الحديث أربعة أقوال : أحدها : أنه الغناء . ....
والثاني أنه ما ألهى عن الله قاله الحسن ، وعنه مثل القول الأول .
الثالث أنه الشرك : قاله الضحاك .
والرابع : الباطل : قاله عطاء .
قال : وإنما قيل لهذه الأشياء لهو الحديث لأنها تلهي عن ذكر الله .
· قال القصاب في نكت القرآن : هو والله أعلم مثل قوله : أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى . يؤثره ويشتغل به ، لا أنه يخرج فيه مالا ، ويحتمل أن يكون رفع الأموال إلى المغنين ، وإخراجه في شراء القينات .... قال : وقد يحتمل أن تكون الآية – وإن كان الغناء محرما من موضع آخر – نازلة في حديث الكفر وما دعا إليه ، لأن ما يلي من المسلمين لا يضع نفسه موضع المتخذين سبيل الله هزوا ، والدليل على ذلك قوله : وإذا تتلى عليه آياتنا ... فهذا فعل الكافر ، وقد يجوز أن تكون الآية نزلت في الكفار ومن يؤثر استماع الغناء واللهو على استماع القرآن . فيدخل فيها تفسير ابن عباس ومجاهد . ويكون السبيل القرآن ..
· قال ابن زمنين في تفسير القرآن العزيز : تفسير السدي : يختار باطل الحديث على القرآن . , قال الكلبي .... وإذا تتلى عليه آياتنا ولى مستكبرا . أي جاحدا كأن لم يسمعها قد سمعها بأذنيه ولم يسمعها قلبه وقامت عليه بها الحجة .
· قال الماوردي في النكت والعيون : فيه سبعة تأويلات : أحدها شراء المغنيات لرواية القاسم بن عبدالرحمن عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا يحل بيع المغنيات ، ولا شراؤهن ، ولا التجارة فيهن ، ولا أثمانهن ، وفيهن أنزل الله تعالى : ومن الناس من يشتري لهم الحديث . { رواه أحمد والترمذي وابن ماجة } وهو حديث ضعيف ، ضعفه الترمذي وابن كثير والألباني في ضعيف الجامع .
الثاني الغناء قاله ابن مسعود ...
الثالث : أنه الطبل قاله عبدالكريم ، والمزمار قاله ابن زخر
الرابع أنه الباطل قاله عطاء
الخامس أنه الشرك بالله قاله الضحاك وابن زيد
السادس ما ألهى عن الله سبحانه قاله الحسن
السابع أنه الجدال في الدين والخوض في الباطل قاله سهل بن عبدالله .
ويحتمل عن لم يرد فيه نص تأويلا ثامنا ، أنه السحر والقمار والكهانة
· قال ابن العربي في أحكام القرآن : المسألة الأولى لهو الحديث : هو الغناء وما اتصل به ..
الثاني أنه الباطل :الثالث أنه الطبل قاله الطبري ... قال : المسألة الثالثة : هذه الأحادي التي أوردناها لا يصح منها شيء بحال ، لعدم ثقة ناقليها إلى من ذكر من الأعيان فيها . وأصح ما فيه قول من قال : إنه الباطل ، فأما قول الطبري إنه الطبل ، فهو على قسمين ، طبل حرب وطبل لهو ، فأما طبل الحرب فلا حرج فيه ، لأنه يقيم النفوس ويرهب على العدو ، وأما طبل اللهو فهو كالدف ، وكذلك آلات اللهو المشهرة للنكاح يجوز استعمالها فيه لما يحسن من الكلام ويسلم من الرفث .
وأما سماع القينات فقد بينا أنه يجوز للرجل أن يسمع غناء جاريته ، إذ ليس شيء منها عليه حراما ، لا من ظاهرها ولا من باطنها ، فكيف يمنع من التلذذ بصوتها ؟ ولم يجز الدف في العرس لعينه ، وإنما جاز لأنه يشهره ، فكل ما أشهره جاز .
وقد بينا جواز الزمر في العرس بما تقدم من قول أ[ي بكر : أمزمار الشيطان في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : دعهما يا أبا بكر ، فإنه يوم عيد . ولكن لا يجوز انكشاف النساء للرجال ، ولا هتك الأستار ولا سماع الرفث ، فإذا خرج إلى ما لا يجوز منع من أوله واجتنب أصله . .
· قال ابن الفرس في أحكام القرآن : وأحسن ما تفسر به الآية أن لهو الحديث كل ما يلهي من غناء أو خناء ونحوه ، فكل ما ألهى محرم بهذه الآية ، ونحوها ، ولا خلاف أن الغناء بالآلة محرم ! ( قلت : بل الخلاف مشهور ، وقد جمع الشوكاني رسالة مشتملة على أقوال أهل العلم في الغناء ، وما استدل المحللون له ، والمحرمون له ، وحقق هذا المقام بما لا يحتاج من نظر فيها وتدبر معانيها إلى النظر في غيرها ، وسماها إبطال دعوى الإجماع ، على تحريم مطلق السماع . قاله الشوكاني في تفسيره . )
، وإنما اختلف فيه بغير آلة ، وظاهر الآية تحريمه ، إلا أن يتأول ، ... ورجح أبو الحسن القول بأن لهو الحديث ما قاله الحسن إنه الكفر والشرك ، وما قاله غيره من قصة النضر بن الحارث ونحو ذلك ، وأبعد أن يكون الغناء ، قال : لأن الغناء لا يطلق عليه أنه حديث ، ولا أنه إضلال عن الدين . ...
· قال البغوي : أي يستبدل ويختار الغناء والمزامير والمعازف على القرآن ، ... وقال ابن جريج هو الطبل ، وعن الضحاك هو الشرك ، وقال قتادة هو كل لهو ولعب .
· قال النسفي : ليضل : أي ليصد الناس عن الدخول في الإسلام ، واستماع القرآن ،
· قال ابن عطية : والذي يترجح أن الآية نزلت في لهو حديث مضاف إلى كفر ، فلذلك اشتدت ألفاظ الآية بقوله ليضل عن سبيل اله بغير علم ويتخذها هزوا . والتوعد بالعذاب المهين ، ، وأما لفظة الشراء فمحتملة للحقيقة والمجاز على ما بينا ، ولهو الحديث كل ما يلهي من غناء ونحوه ، والآية باقية المعنى في أمة محمد ولكن ليس ليضلوا عن سبيل الله بكفر ولا يتخذوا الآيات هزوا ولا عليهم هذا الوعيد ، بل ليعطل عبادة ويقطع زمانا بمكروه وليكون من جملة العصاة والنفوس الناقصة تروم تتميم ذلك النقص بالأحاديث ، وقد جعلوا الحديث من القربى وقيل لبعضهم أتمل الحديث قال بل يمل العتيق .
ثم قال في قوله : وإذا تتلى عليه ... قال : هذا دليل على كفر الذي نزلت فيه هذه الآية التي قبلها ، والوقر في الأذن الثقل الذي يعسر إدراك المسموعات ، وجاءت البشارة بالعذاب من حيث قيدت النص عليها ، ولما ذكر عز وجل حال هؤلاء الكفرة وتوعدهم بالنار على أفعالهم عقب بذكر المؤمنين ، وما وعدهم به من جنات النعيم ... ليبين الفرق ...
· وقال الطبري : وأما الحديث فإن أهل التأويل اختلفوا فيه ، فقال بعضهم هو الغناء والاستماع له ... ذكر من قال ذلك ... وقال بعضهم : هو الطبل ... ذكر من قال ذلك ، وقال آخرون : عنى بلهو الحديث الشرك . ذكر من قال ذلك ..
ثم قال : والصواب من القول في ذلك أن يقال : عنى به كل ما كان من الحديث ملهيا عن سبيل الله ، مما نهى الله عن استماعه أو رسوله ، لأن الله تعالى ذكره عن بقوله { لهو الحديث } ولم يخصص بعضا دون بعض ، فذلك على عمومه ، حتى يأتي ما يدل على خصوصه ، والغناء والشرك من ذلك .
· قال ابن عاشور رحمه الله : والمعنى أن حال الكتاب الحكيم هدى ورحمة للمحسنين ، وأن من الناس معرضين عنه ، يؤثرون لهو الحديث ليضلوا عن سبيل الله الذي يهدي إليه الكتاب ، وهذا مقابلة الثناء على آيات الكتاب الحكيم بضد ذلك في ذم ما يأتي به بعض الناس .. إلى أن قال : فالموجود واحد وله صلتان ، اشتراء لهو الحديث للضلال ، والاستكبار عندما تتلى عليه آيات القرآن .
· ونحسم القول في الآية بقول شيخ مشايخنا ، ومفسر زماننا ، محمد الأمين الشنقيطي ، في أضواء البيان ، ولم يفسر آية اللهو حيث إن منهجه تفسير القرآن بالقرآن ، فلم يجد ما يفسرها به من كتاب الله ففسر التي بعدها فقال : قوله تعالى : وإذا تتلى عليه آياتنا ... ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة أن الكافر إذا تتلى عليه آيات الله ، وهي هذا القرآن العظيم ولى مستكبرا ، أي متكبرا عن قبولها ، كأن لم يسمعها ، كأن في أذنيه وقرا ، أي صمما وثقلا مانعا له من سماعها ، ثم أمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يبشره بعذاب أليم . وقد أوضح جل وعلا هذا المعنى في آيات كثيرة كقوله ويل لكل أفاك أثيم ... إلى قوله : عظيم .
· قال أبو عبد الإله : ويزيدها وضوحا قول الله تعالى { ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر } لو وقفت هنا فإنه لا إشكال في الموصوف بهذا ، ولا يفيد مدحا له ولا ذما ، فالمعنى إن هناك أناس يقولن إنهم آمنوا بالله وباليوم الآخر ، فهل أخذت من هذا مدحهم أم ذمهم ؟ الآية لا تمدح ولا تذم بهذا ، ولكن يتضح المراد مدحا أو ذما في حال إكمال الآية : { وما هم بمؤمنين } إذا تبين لك أن الله يذمهم بزعمهم الإيمان وهم كاذبون !!!
· فانظر لو طبقنا هذا في آيتنا المختلف فيها فاقرأ { ومن الناس من يشتري لهم الحديث } ثم قف ، وانظر ما معنى هذا ، ستجد أنه خبر لا يفيد إلا أن هناك من يشتري لهو الحديث من الناس ، بيد أنه لا يفيد مدحا ولا ذما ، فإذا أردت إكمال المعنى وفهم المراد فأكمل الآية { ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا } ، فإذا ليس ذم المشتري لهو الحديث لأنه اشتراه ، بل لأنه اشتراه ليضل عن سبيل الله ، فعلة الشراء هي المذمومة ، لا مجرد الشراء .
· فتبين لك أن تفسير لهو الحديث بالغناء على النص عليه لا يصح ، وإنما هو على سبيل المثال ، كما قال ابن جرير رحمه الله ، وما رأيته من نقل بعضهم لتحريم الغناء ، قلنا ولو صح هذا فليس هو من الآية ، وإنما هو من دليل آخر غيرها .
· فإذا ثبت حديث الربيع بنت معوذ ، وهو ثابت ، وحديث الجاريتين وهو ثابت ، وغير ذلك مما صح عنه صلى الله عليه وسلم ، وما أقر به المخالفون من أن الغناء بغير آية جائز ، وعده مثل الحداء وما أشبهها ، قلنا إن ذلك لا يستقيم لكم باستدلالكم بحلف ابن مسعود وتفسيره ، لأنه حلف على الغناء المجرد من المعازف ، وثبت عن الحبيب صلى الله عليه وسلم أنه غني في بيته ، بحجة العيد ، كما قال الكرماني في شرحه للصحيح : أما ترى أنه أباح الغناء بحجة العيد . فصار من الملزم لكم أن تقولوا بحرمة كل غناء ، حتى وإن خلا من المعازف ، فتصدمون بالأحاديث الصحيحة فيه والأمر به ولو في أوقات معينة كالعيد والعرس وقدوم الغائب والختان ، كما نص على ذلك النووي وابن كثير ، وإما أن تخالفوهما رضي الله عنهما ، وتقولوا إنهما قالا قولا وعملنا بقول ابن عباس : يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء ، أقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقولون قال أبو بكر وعمر . فرددنا كلامهما لأنه خالف الصحيح من سنته صلى الله عليه وسلم .
والأقرب إلى الحق فيما يظهر والله أعلم أن لا يترك قول الإمامين الحبرين رضي الله عنهما ، وإنما يؤخذ به على سبيل المثال كما قررنا ، ويكون المعنى إن الغناء قد يستعمل للإضلال عن سبيل الله ، كما قد يفعله بعضهم في هذه المهرجانات ، والفيديو كليبات من مجون ومياعة وفسق وفجور وتعر وإثارة جنسية واضحة ، يسمونها غناء ، وما هي إلا صد عن سبيل الله ، حينها نقول نعم الغناء بمثل هذه الصورة لا يصح بحال وهو داخل في الآية قطعا ، وقد يكون كفرا .
أما الغناء للترويح خال من الفحش والفجور والمجون ولو كان بآلة فهو جائز ، كما يظهر لي مما سبق ، والله تعالى أعلم .
هذا ما اتضح لي من النظر في تفسير آية لقمان ، منذ ست سنوات ، سطرته اليوم مرتبا ، وأشهد الله تعالى أني ما سطرته هوى ولا انتصارا لرأي ولكن توضيحا لخطأ في تفسيرها لا أقول من الصحب الكرام ولكن ممن جاء بعدهم ، وما من معصوم إلا الحبيب صلى الله عليه وسلم ، وقد أخطأ أبو بكر وعمر وعثمان وعلي ، وما أزعم أني مصيب وحدي ، ولكني أستطيع الجزم أني أقرب إلى الحق ، وأرجو أن أكون أصدق في طلبه ، لأني لم أتبع فيه فلانا ولا فلانا ، لمجرد أنه فلان أو فلان ، وإنما نظرت في أدلة كل فريق ، وقلت ما أظنه صوابا ، وما أرجو أن يكون أوفق وأقرب للدليل ، فإن أصبت فمن الله ، وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان .
وبعد هذا كله ، فإني أحل كل مغتاب وشاتم ، ومعيب ورام لي بسوء ، وناظم في قصيدة ، لأني أحسبهم فعلوا ذلك غيرة لما يعتقدون أنه الحق ، ومع هذا فإن الغيرة لا بد لها من زمام ، وإلا أصبحت تقليدا أعمى ، وحجر عثرة في طريق الفهم والمباحثة في كتاب الله وسنة رسوله ، صلى الله عليه وسلم ، ولا يمكن لمتزمت لرأي أو مذهب أن يزعم أنه وحده المصيب ، ولكن إذا علم أن المرء المخالف له ما قال ما قال إلا عن بحث ودراية ونظر وفهم ، فإن كان باحثا عن الحق ، حتى وإن لم يقنع بما قال مخالفه ، فإنه يلزمه أن لا يثلب عليه ولا يغلق طريق البيان عليه ، هذا والله هو الموفق والهادي إلى سواء السبيل .
ولنا لقاء قريب بإذن الله في الكلام على الحديث المشهور { ليكونن من أمتي أقوام ... } الحديث . والله يتولانا بحفظه ورعايته ، ويجمعني بمن خالفته ، في جنات ونهر على الأرائك والسرر متحققا فينا : ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا . "

*الموضوع للشيخ عادل الكلباني وفقنا الله وإياه للصواب ، وهو منشور على موقعه.
أرجو من الإخوة الأفاضل مناقشاة الموضوع بما يتعلق بالناحية الاستدلالية بعيدا عن أي متعلقات أخرى وفق الله الجميع لما فيه الخير.
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
"{ لهو الحديث }



هذا ما اتضح لي من النظر في تفسير آية لقمان ، منذ ست سنوات ، سطرته اليوم مرتبا ، وأشهد الله تعالى أني ما سطرته هوى ولا انتصارا لرأي ولكن توضيحا لخطأ في تفسيرها لا أقول من الصحب الكرام ولكن ممن جاء بعدهم ، وما من معصوم إلا الحبيب صلى الله عليه وسلم ، وقد أخطأ أبو بكر وعمر وعثمان وعلي ، وما أزعم أني مصيب وحدي ، ولكني أستطيع الجزم أني أقرب إلى الحق ، وأرجو أن أكون أصدق في طلبه ، لأني لم أتبع فيه فلانا ولا فلانا ، لمجرد أنه فلان أو فلان ، وإنما نظرت في أدلة كل فريق ، وقلت ما أظنه صوابا ، وما أرجو أن يكون أوفق وأقرب للدليل ، فإن أصبت فمن الله ، وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان .
وبعد هذا كله ، فإني أحل كل مغتاب وشاتم ، ومعيب ورام لي بسوء ، وناظم في قصيدة ، لأني أحسبهم فعلوا ذلك غيرة لما يعتقدون أنه الحق ، ومع هذا فإن الغيرة لا بد لها من زمام ، وإلا أصبحت تقليدا أعمى ، وحجر عثرة في طريق الفهم والمباحثة في كتاب الله وسنة رسوله ، صلى الله عليه وسلم ، ولا يمكن لمتزمت لرأي أو مذهب أن يزعم أنه وحده المصيب ، ولكن إذا علم أن المرء المخالف له ما قال ما قال إلا عن بحث ودراية ونظر وفهم ، فإن كان باحثا عن الحق ، حتى وإن لم يقنع بما قال مخالفه ، فإنه يلزمه أن لا يثلب عليه ولا يغلق طريق البيان عليه ، هذا والله هو الموفق والهادي إلى سواء السبيل .
جزاكم الله خيراً أبا سعد وبارك فيكم على هذا النّقل.
وأحسن الشّيخ الكلبانيّ -حفظه الله- في الخاتمة إحساناً كبيراً.
وهذه طريقة من يمسّ شيئاً ممّا يعتقده المتعصّبة من المخالفين -أحداث الأسنان- من المقطوعات؛ يلتزم هؤلاء الأفاضل معهم -وإن أخطأوا- الأدب، وعفّة اللسان، واحترام المخالف، وتواضع العلماء. ويقابلهم أولئك بألفاظ تشيب لها العوارض من ألفاظ التّفسيق، وما يوحي بالتّكفير غير الصّريح. إنّه الغلّ الخارج من التّعصّب المقيت أو الجهل المدقع.
ومع أنّني أتبنّى رأيه هذا منذ زمن بعيد إلا أنّني لا أسمع الغناء أبداً، ولا أطيق سماعه، ولا كثير من الأناشيد المباحة، وقد أسمع بعضها عرضاً؛ لكنّني لا أعيب على أحد يسمع إلا أن تكون حرمته واضحة.
وننتظر حديث المعازف الّذي رواه الإمام البخاريّ -رحمه الله تعالى- في صحيحه معلّقاً؛ وضعّفه المحقّق الشّيخ إحسان عبد المنّان -حفظه الله- من خلال استنباطه لتضعيف البخاريّ -رحمه الله- نفسه للحديث من حيثيّتين.​
 
هذا الموضوع ينبغى أن ينقسم فى البحث والاستدلال إلى موضوعين :

أولا : موضوع الغناء وهو كلام حسنه حسن وقبيحه قبيح
والغناء الحسن هو الأناشيد.

ثانيا : موضوع الموسيقى وهى ءالات الطرب والمعازف.

فالغناء الحسن الهادف الداعى إلى الخير فهو مباح باتفاق

والغناء القبيح الداعى إلى الشر وإثارة الشهوة فهو محرم باتفاق

ننتقل إلى الموضوع الثانى وهو الموسيقى وهو- فى وجهة نظرى المتواضعة- محرم

فإذا دخلت على غناء فاجر فهى حرام وإن دخلت على أناشيد فهى حرام وأصبحت الأناشيد محرمة لاشتمالها على محرم

وإن انفردت بنفسها ولم تدخل على غناء فهى حرام.

باستثناء الدف لورود الأحاديث الصحيحة به.

وأعتقد أن الصحابة الذين فسروا لهو الحديث بالغناء قصدوا به الغناء المحرم

لثبوت سماع الصحابة الأناشيد من الجوارى و الغلمان.

جزاك الله خيرا
 
الدكتور نعيمان
شكرا الله لك حيث وضعت أصبعك على المهم وهو أدب الحوار وهذا مع الأسف ما نفتقده كثيرا في نقاشاتنا حيث تتحول من علمية إلى مهاترات وسباب وشتائم لها أولا وليس لها آخر

أخي عطاء الله الأزهري وفقك الله وشكر لك مداخلتك
ولكن أرجو أن يكون البحث في طريقة استدلال الشيخ عادل حفظه الله ومدى مطابقتها لقواعد الاستدلل
وليس البحث في حكم الغناء​
بارك الله في الجميع
 
الدكتور نعيمان​

شكرا الله لك حيث وضعت أصبعك على المهم وهو أدب الحوار وهذا مع الأسف ما نفتقده كثيرا في نقاشاتنا حيث تتحول من علمية إلى مهاترات وسباب وشتائم لها أولا وليس لها آخر
بارك الله في الجميع
اللهمّ آمين
ولكن أخي الحبيب الشّيخ أبا سعد -حفظه الله ورعاه- لا تجزع!
فهذه من طبائع الأشياء، ومن طبائع البشر.
نتمنّى جميعاً أن نرتقي لنصبح ملائكة؛ ولكن هيهات هيهات.
أوما تذكر كيف كان العرب قديماً؟
من أجل ناقة - وإن لم تكن مجرّد ناقة، والنّاقة هي القشّة الّتي قصمت ظهر البغي- أو غبراء تسبق داحساًً، أو رجلٍ أحمق يضع رجله في الطّريق متحدّياً المارّة، فيأتي أحمق منه فيقطعها، فيقتله قوم المقطوعة رجله، فتثور العداوة من أجل هذا الحمق سنوات طوالاً.
وعصرنا مليء بالحماقات الدّمويّة؛ حتّى يأتي الزّمان الّذي حدثّنا عنه حبيبنا صلوات ربّي وسلامه عليه وعلى آله:
لا يدري القاتل فيم قَتَلَ، ولا المقتول فيم قُتِلَ.
ولسنا بدعاً من القوم؛ فدماؤنا منهم. ولو ملك المتعصّبة السّلاح لربّما قتلوا خصومهم من أجل رأي يرونه معتقداً لهم.
أما رأيت عند الكلام على الإيجابيّات والسّلبيّات كيف يغمض أولئك أعينهم عن رؤية الإيجابيّات؛ يريدونه مجتمعاً مثاليّاً ملكيّاً خالصاً خالياً من أيّ شيء. وهيهات. مجتمعاً هو مجتمع المدينة الفاضلة الّتي حلم بها الفلاسفة قديماً وما يزالون.
ولا حبيبنا ابن عبد الله صلّى وسلّم عليه الله فعل هذا في خير خلق الله بعد الأنبياء عليهم الصّلاة والسّلام.
لأنّ واقعيّة الإسلام تجعله لا ينظر إلى ملكيّة المجتمع ولو كان أطهر مجتمع وأعظم عصر، ولا إلى شيطانيّته ولو كان أنجس مجتمع وأسوأ عصر.
وأحمد لله الحكيم عزّ وجلّ إذ لم يجعل وكلاء عنه يحاسبون خلقه.
ولكن في النّهاية يا أخاه من كانت نيّته خالصة لله تعالى فإنّه سبحانه يوفّقه للتّعلّم من هذه الحوارات؛ مهما بلغت قسوتها، وشدّتها، وسوء أدب من لا يعرف الأدب، ولا ذاق طعمه يوماً.
ومن كانت نيّته الكتابة المجرّدة، والتّعالم على الخلق، والتّدليس على العلماء؛ بإضافة أقوال أو أشياء لم يلفظها العالم الكبير الّذي يراه كبيراً فيختبئ خلفه؛ فسيكشف الله ستره، ويفضحه على رؤوس الخلائق.
فإنّ الجزاء من جنس العمل.
حفظكم الله شيخنا الحبيب أبا سعد ورفع قدركم في الدّنيا والآخرة وإيّانا​
 
جزاك الله خيرا دكتور نعيمان على هذه اللفتات الجميلة التي تدل على نظرة شمولية غابت عن أذهان الكثيرين
ما تفضلت به حقيقة قد قررها القرآن
(ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ ) فاطر(32)
ومع تقرير هذا الحقيقة القرآنية
فإن الله قد شرع لنا ما يكفل لنا الوصول إلى المرتبة العليا
"وفي ذلك فليتنافس المتنافسون"
والله تعالى قد رسم لنا في كتابه وشرع على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم منهجا في التعامل مع
الإيجابيات والسلبيات قد أغفله الكثير منا فوقعنا في ما وقعنا فيه من الخلل حيث أصبحنا
نضخم السلبية التي في وزن الحبة حتى تصبح في وزن الجبل بحيث لا يصبح هناك مكان للحديث عن الإيجابيات.
نحن نفتقد إلى فقه
تعزيز الإيجابيات
وعلاج السلبيات
نحن نحفظ أكثر مما نفهم
وصدق النية وبذل السبب الصالح كفيل بالإيصال إلى الغاية
(وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) العنكبوت (69)
وفقكم الله أخانا الكريم نعيمان ولا حرمنا من الانتفاع بطرحكم الموفق
وجعل عملنا وعملكم خالصا لوجهه الكريم
 
الإخوة الأفاضل
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لي ملاحظتان متعلقة بموضوعي هذا
الأولى
نقله إلى الملتقى المفتوح مع أن مكانه الأول الملتقى العلمي للتفسير هو الأليق به.
الملاحظة الثانية
لم أرى أحدا من الإخوة الأفاضل سوى الدكتور نعيمان تناول الموضوع مع أن طلبي يركز على جانب مهم في علم التفسير وهو قواعد وأصول التفسير وطرق الاستدلال
فهل هو عجز عن النقد ؟
أو أن الموضوع لا يستحق ؟
أو....؟​
 
الإخوة الأفاضل

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لي ملاحظتان متعلقة بموضوعي هذا
الأولى
نقله إلى الملتقى المفتوح مع أن مكانه الأول الملتقى العلمي للتفسير هو الأليق به.​

نعتذر إليك، وقد أعيد إلى الملتقى العلمي فهو أولى به كما تفضلتم .

الملاحظة الثانية
لم أرَ أحدا من الإخوة الأفاضل سوى الدكتور نعيمان تناول الموضوع مع أن طلبي يركز على جانب مهم في علم التفسير وهو قواعد وأصول التفسير وطرق الاستدلال
فهل هو عجز عن النقد ؟
أو أن الموضوع لا يستحق ؟

أو....؟​

كلا فالموضوع مهم حقاً ، وهو من دقائق علم أصول التفسير، ولا بد للمتخصصين من العناية به .
ولكنني - شخصياً - لم أشأ التعليق على هذا الاستدلال لطول الموضوع من جهة والحاجة إلى التأمل في الأدلة، ولعل هذا يتاح له وقت أوسع فالموضوع غير عاجل لولا هذه الجلبة التي أثيرت حوله مؤخراً . وفي العموم أرى أن الموضوع أخذ أكبر من حجمه الطبيعي، والإعلام دأبه تضخيم مثل هذه الأمور حتى تكون شغل الناس الشاغل، وقد خاض في الأمر أناس بحق وبباطل، ووقع فيه من الزلل والتعدِّي والظلم الشيء الكثير، والمسألة في النهاية مسألة علميَّة قديْمة لا جديد فيها، والباحث عبدالله بن يوسف الجديع قد ناقش هذه المسألة في كتابه حولها، وغيره مِمَّن أيَّدَهُ أو خالفه.
أكرر أن مناقشة الموضوع من الوجهة التي ذكرها أخي أبو سعد الغامدي تهمنا في ملتقى أهل التفسير ولعل بعض الزملاء ممن يجد وقتاً يتولى إكمال هذا الموضوع .
 
أوافق ابا عبد الله في كل ما قال وأوافق أبا سعد في أن العبرة بنقد طريقة الاستدلال - إن كان فيها خلل - ، وإلا فلا اعتراض على اجتهاد مبني على منهج سليم.
 
إن مناقشة مثل هذه المسألة تفتح لطالب العلم في هذا الملتقى باباً جيداً من العلم بأصول تفسير القرآن الكريم ينبغي عليه أن يعتني به حتى لا يقع في سوء الفهم من حيث لا يشعر، وقد أردت الوقوف مع هذه المقالة للشيخ عادل الكلباني وفقه الله من وجهة نظرٍ تتعلق بمنهج الاستدلال، ومراعاة قواعد التفسير، دون تعريج على غير ذلك . وقد لونت كلام الشيخ الفاضل باللون الأخضر
من خلال قراءتي لهذا المقال الذي نقله هنا الأستاذ أبو سعد الغامدي اتضح لي ما يلي
أقام الكاتب الفاضل دعواه على خمس دعاوى منقوضة بيانها كالتالي :
1) أن الحجة من الله تبلغنا بسماع كلامه لا بتفسيره
2) عدم تفريقه بين مقام التفسير للآية ومقام الاستشهاد بها
3) دعوى التلازم بين شدة الحرمة وأسبقيتها .
4) دعواه خصوصية الآية بالكفار وعدم دخول المسلمين فيها .
5) دعواه توقف صحة التفسير بالمثال على ثبوته في الكتاب أو السنة أو لغة العرب

تفنيد الدعاوى والرد عليها
1. أن الحجة من الله تبلغنا بسماع كلامه لا بتفسيره .
وهذه دعوى عريضة لا يستطيع الكاتب الوفاء بها ولا التزامها ساعة التعامل مع آيات القرآن الكريم ؛ لما يلي
أ‌) ليست كل حجة تقوم بمجرد سماع ألفاظها بل هي على قسمين :
الأول : أن تقوم الحجة بمجرد الاستماع إليها لوضوح المراد منها بالنسبة للسامع .
الآخر : أن تفتقر الألفاظ المحتج بها إلى بيان وإيضاح فلا تقوم الحجة بمجرد استماعها
ثم إن الحجة لا تنتج مقصودها إلا ببيانها وتوضيحها وتفسير ألفاظها ، فمقام إقامة الحجة تابع لمقام التفسير .
وسياق الآية التي استند إليها وهي قوله تعالى ( وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ) يؤيد ما أسلفنا ، فقد نص المفسرون على أن ذكر السماع في الآية والاقتصار عليه لأحد أمرين :
إما لكون السامع من أهل الفصاحة فيكون مجرد استماعه كاف في قيام الحجة عليه
وإما لكون المقصود بالسماع السماع المنتج للفهم لا مجرد السماع
قال ابن كثير ( حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ } أي: [القرآن] تقرؤه عليه وتذكر له شيئًا من [أمر] الدين تقيم عليه به حجة الله ) وكلامه – رحمه الله - ظاهر في أن الحجة لم تقم بمجرد السماع ، بدلالة قوله ( وتذكر له شيئا من أمر الدين تقيم عليه به حجة الله )
وقال الآلوسي ( والاقتصار على ذكر سماع لعدم الحاجة الى شىء آخر في الفهم لكونهم من أهل اللسن والفصاحة )
ب‌) لو قلنا بمطلق هذا الكلام ، وأطلقناه على عواهنه - كما فعل الكاتب هنا - فما فائدة البيانات النبوية التي وردت في السنة و التي يسلم الكاتب بكونها بيانا للكتاب وما فائدة تفسير الصحابة ومن بعدهم للقرآن ، وما فائدة هذا الإرث الضخم من كتب المفسرين
ج) أننا نحاكم الكاتب إلى قوله ونطلب منه أن يبين لنا كيف يفسر أمثال هذه الآيات بمجرد السماع دون رجوع إلى شيء آخر :
قال تعالى ( وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها ولكن البر من اتقى )
وقال تعالى ( ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس )
وقال تعالى (إذ تصعدون ولا تلوون على أحد والرسول يدعوكم في أخراكم)
د) يلزم من كلامه إهمال تفسير السلف أو على الأقل إعماله حيث لا يخالف ما نراه أو فيما يواكب عصرنا ، وأما ما عدا ذلك فلا ، ولسنا بحاجة إلى تفصيل الكلام في تفسير السلف وحجيته ، وما أظن الكاتب الفاضل يخالف في حجيته لكنها لوازم تلزم من كلامه .
2. دعواه أن من أخطاء التفسير أن تؤخذ الكلمة من سياقها ، ويبنى الحكم على ذلك ، فلو قرأت قوله تعالى { فويل للمصلين } ووقفت ، كان المعنى تهديدا للمصلين ووعيدا ، ولا ريب أن هذا عكس المراد تماما ، فلا يستقيم المعنى إلا بإكمال الآية بعدها ليتضح أن المراد صنف من المصلين ، وهم الذين جاء وصفهم في الآيتين بعدها ، فالآية مرتبطة بالآيتين ، لا تنفك عنهما ، فتأمل . اهـ
وهو كلام مسلم لكنه لا ينفي الاستشهاد بالآية في غير ما نزلت فيه ، فلا أظنه يخفى على فضيلته أن هنالك فرقا كبيرا بين مقام التفسير للآية وبين مقام الاستشهاد بها أو بجزء منها ، فالسياق متحتم في التفسير لكونه بيانا للمعنى المراد في الآية ، وغير متحتم في الاستدلال والاستباط ، فقد يستدل العالم بجزء ءاية على معنى من المعاني غير ما أفادته الآية كلها في سياقها الذي سيقت له بشرط صحة الاستدلال على المعنى بأي طريق من الطرق المعتبرة ، وعدم مصادمته للمعنى السياقي
وإلا فماذا نقول في تلاوة النبي صلى الله عليه وسلم لقوله تعالى ( وكان الإنسان أكثر شيء جدلا ) بعد حثه لعلي رضي الله عنه على قيام الليل ومحاورة علي رضي الله عنه في ذلك .
وماذا نقول فيما ورد من قيامه طوال الليل يردد قوله تعالى ( إن تعذبهم فإنهم عبادك ) الآية ، ويبكي ، مع أنها نازلة في شأن تعذيب الله للنصارى الذين جعلوا عيسى إلها من دون الله .
وماذا نقول في قول سعد بن أبي وقاص في قوله تعالى ( الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ ) إلى آخر الآية، أنهم الحرورية.
وماذا نقول في قول عمر بن الخطاب : إني أخاف أن أكون كالذين قال الله تعالى لهم وقَرَّعهم: ( أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا ) مع أنها في الكلام عن حال الكفار يوم القيامة حال عرضهم على النار .
هذا إضافة إلى أن المثال المذكور لم يخرج عن سياقه بتفسيره بالغناء ولم يفسر ابن مسعود الآية بمعزل عن سياقها ، وما أبعد الشبه بينها وبين الأمثلة المذكورة ، بل تفسير ابن مسعود دائر مع السياق ، لكن الإشكال في ذهن الكاتب وتصوره ، وإلا فليذكر لنا الآن أين لهو الحديث الذي يشترى ولا يضل عن سبيل الله ولا يملأ القلب رجسا ونجسا ، وإن وجد فما هي نسبته حتى تقوم الدنيا عليه ولا تقعد ، ومن قال بحرمته ؟
3. دعوى التلازم بين شدة الحرمة وأسبقيتها : تعجب الكاتب الفاضل من كون الآيات التي يستفاد منها تحريم الغناء مكية وكون آيات تحريم الخمر وغيره من الكبائر مدنية ، ثم قال : فتأمل معي يا رعاك الله ، كيف يحرم الله تعالى المعازف في مكة ، ويترك تحريم الخمر التي هي أم الخبائث إلى ما بعد الهجرة بزمن طويل ، ويتدرج في تحريمها ، إلى وقت نزول سورة المائدة ؟ اهـ .
والجواب عن هذا يسير سهل وهو : من وجهين :
الأول : أنه لا تلازم بين شدة الحرمة وبين أسبقية التحريم فليس بلازم أن يتقدم تحريم الأشد على تحريم الأخف .
الثاني : مراعاة الأحوال التي أوجبت تقديم الأخف حرمة على ما هو أشد حرمة أمر لا بد منه في فهم تلك القضية ، فقد يكتنف الأخف حرمة في وقت معين ما يجعل خطره أشد وأعظم من الأثقل حرمة ، فيكون ذلك داعيا إلى تقديم تحريمه ، وهذا هو الحاصل في قضيتنا حيث كان الغناء ساعتها وسيلة من أعظم الوسائل التي يستعملها المشركون في الصد عن القرآن وصرف الناس عنه ، ولم يكن الخمر تستخدم في الصد عن القرآن ومحاربته كما أنه لا يلزم ساعة ذكر المحرمات مقترنة أن يعتمد في التحريم على ما تقدم في الزمان ويستند في تحريم المقارنات على مجرد اقترانها بما سبق تحريمه زمنا .
4. دعوى عدم الإقرار بوقوع الإشكال لابن عباس وابن مسعود في تفسير الآية ، قال الكاتب الفاضل : ... ثم لا يقرون لك بأن الإشكال قد يقع فيه حتى حبر الأمة وترجمان القرآن ، رضي الله عنه .اهـ
افترض الكاتب وجود إشكال على تفسير ابن عباس وابن مسعود للهو الحديث بالغناء ، ولا ندري أين هو هذا الإشكال ؟ ولماذا لم يكتشف هذا الإشكال ويناقش ويحرر في عصر الصحابة أو من بعدهم ، خاصة وأن الصاحبيين اللذين صدر هذا القول عنهما هما أشهر من تعرض لتفسير القرآن وكان لهم تلاميذ كثر ينقلون أقوالهم .
ونحن لا نرفض وقوع إشكالات في تفسير الصحابة ، لكن كيف تحدد وكيف يتعامل معها ومتى تنتقد ، وما وجهة انتقادها ؟ كل هذا مما يحتاج إلى إجابة ممن زعم وجود الإشكال .
وتأخُّر هذا الاكتشاف إلى هذا الزمان أكبر دليل على بطلانه وفساده
5. دعواه خصوصية المعنى بالكفار وعدم دخول المسلمين فيه ، قال الكاتب الفاضل : ولا يمكن حمل الآية على المسلم أبدا كما نص على ذلك قتادة في التفسير . اهـ .
والجواب عن ذلك فيما يلي :
أ‌- أن هذا المعنى ورد عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ولم أقف عليه لقتادة
ب‌- سياق كلام ابن زيد واضح في أن مراده الربط بين الآيتين ، وبيان المقصود بهما قصدا أوليا حيث قال (قوله:(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيل اللهِ بغيرِ عِلْمٍ وِيتَّخِذَها هُزُوًا) قال: هؤلاء أهل الكفر، ألا ترى إلى قوله:( وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا ) فليس هكذا أهل الإسلام، قال: وناس يقولون: هي فيكم وليس كذلك ) اهـ
وكلام ابن زيد هنا لا ينتج ما أراد الكاتب ولا يوافق مدعاه ؛ لأن سياق كلام ابن زيد في الربط بين الآيتين وبيان المقصود بهما ،بدلالة ربطه للآية الثانية بالأولى ونصه على أن الأوصاف فيهما ليست أوصاف أهل الإسلام ، فابن زيد هنا في مقام تفسير الآية وربطها بما بعدها وليس في مقام الاستدلال أو الاستشهاد بها أو بجزء منها على حكم من الأحكام أو معنى من المعاني ، و القول بدخول أهل الإسلام في الآية أصالة وأنهم المعنيون بها لم يقله أحد ، وإنما يدخل في الآية تبعا من تلبس بهذه الأوصاف ويناله حظ من عقوبة أهلها بقدر مشابهته لهم في تلك الأوصاف .
ثم إن منتهى قول ابن زيد أنه لا يرى الآية بمجموع ما فيها من أوصاف صادقة في أهل الإسلام ولا أظن أحدا يخالفه في ذلك ، ولو تنزلنا في فهم كلام ابن زيد فمنتهاه أنه لا يرى دخول أهل الإسلام فيها لا كليا ولا جزئيا وهو رأي له يخالفه فيه غيره .
والقول بالعموم في الآية هو الصحيح الذي صححه كثير من أهل العلم ويكفي أن نذكر في هذا المقام كلام ابن عطية الذي أورده الكاتب حيث قال ( والآية باقية المعنى في أمة محمد ولكن ليس ليضلوا عن سبيل الله بكفر ولا يتخذوا الآيات هزوا ولا عليهم هذا الوعيد بل ليعطل عبادة ويقطع زمانا بمكروه وليكون من جملة العصاة والنفوس الناقصة تروم تتميم ذلك النقص بالأحاديث)
6. دعواه افتقار التفسير بالمثال إلى دليل من الكتاب أو السنة أو لغة العرب ، قال الكاتب الفاضل : فتعال لنرى أين الخلل في فهم الآية عند بعض الناس ، وقبل أن نبدأ لك أن تسأل وهم يقولون : إن لهو الحديث هو الغناء ، فقل لي بربك أين هذا المعنى في لغة العرب !! ؟؟؟ وأين هو في أشعارها ؟ فأين دليل ذلك من كتاب الله تعالى ؟ أين دليله من سنة الحبيب صلى الله عليه وسلم ؟؟ إنك لن تجد الحق تبارك وتعالى عبر عن الغناء بلهو الحديث أبدا ، ولن تجد ذلك في سنته صلى الله عليه وسلم ، ولن تجد ذلك في لغة العرب أبدا ، ولا في أشعارها ! نعم الغناء من اللهو ، ولكن ليس معنى اللهوالغناء !
إذا كيف قال ابن مسعود إنه الغناء ، وحلف على ذلك ، إنه أمر بسيط جدا يعرفه كل من عرف طريقة السلف في تفسيرهم ، فهم يفسرون بالمثال ، كما ذكر شيخ الإسلام وغيره عنهم في أمثلة كثيرة ، ليس هذا مقام بيانها .
ولكي أثبت لك ذلك تعال معي في جولة من أقوال بعض المفسرين الذين خالفوا في معنى الآية ، ولم يحصروه في الغناء كما يلتزم بذلك العلماء الذين يقولون بتحريم الغناء والمعازف استدلالا بحلف ابن مسعود رضي الله عنه . اهـ .

وفي هذا الكلام أمور تحتاج إلى مناقشة مبناها على قضية التفسير بالمثال التي ذكرها الكاتب وبين أنها من طريقة السلف :
الأول : من عرف التفسير بالمثال عرف البون الشاسع بينه وبين معنى اللفظة المفسرة في لغة العرب ، فالتفسير بالمثال تفسير على المعنى ولا يندرج تحت التفسير اللفظي ، فكيف يطالب الكاتب ببيان صحة قول في اللغة اعترف هو أنه تفسير بالمثال ، وطلبه هذا ضرب من المحال ، ولازمه أحد أمرين :
إما المطالبة بإثبات استعمال العرب للمثال المفسر به كمعنى من معاني المفردة المفسرة في كل موطن من مواطن ورود التفسير بالمثال .
وإما رد كل الأقوال التي فسرت بالمثال لعدم وجود ذلك التفسير كمعنى للفظة أو الجملة المفسرة في لغة العرب .
وهذا ضرب من المحال وهو دليل على القصور في فهم التفسير بالمثال ، فهل يعقل مثلا أن نطلب ممن فسر النعيم بالمثال بأنه الماء البارد أن نقول له اللغة لا تدل على هذا ، وهل يعقل أن نرد قول من فسر النعيم بأنه الزوجة الصالحة مثلا لعدم دلالة اللغة على أن النعيم معناه الزوجة الصالحة ، وهكذا بقية الأمثلة .
الثاني : يطالب الكاتب بالتدليل على صحة المعنى المفسر بالمثال ببيت من الشعر أو بدليل من الكتاب أو السنة ، وهذا فساده أظهر من أن يرد عليه ، بل لازمه يمكن به تخطئة النبي صلى الله عليه وسلم في تفسير الكوثر بانه نهر في الجنة ، فليأت لنا ببيت من الشعر أو بعالم من علماء اللغة ذكر أن من معاني الكوثر أنه نهر في الجنة .
الثالث : يفهم من كلام الكاتب أن المفسِّرَ للهو بالغناء يقول : إن معنى اللهو هو الغناء ، وما أظن مخلوقا عاقلا فضلا عن عالم بله صحابي يقول ذلك ، إذ هناك فرق كبير بين المعنى وبين ما يدخل في المعنى ويندرج تحته ، ولو عاملنا الكاتب الفاضل بمنطقه في قوله (نعم الغناء من اللهو ، ولكن ليس معنى اللهو الغناء) وأسسنا عليه كما أسس لقلنا ( نعم التدخين من الخبائث ، ولكن ليس معنى الخبائث التدخين ، فالتدخين ...)
الرابع : فهم الكاتب من تفسير ابن مسعود أنه يحصر معنى اللهو في الغناء ،بل وجعل العلماء القائلين بحرمة الغناء استنادا إلى الآية يلتزمون بحصر اللهو في الغناء ، ثم دلل على خطئهم من وجهة نظره بأن حشد مقالته وجعل معظم ما فيها دائرا على نقل كلام المفسرين في بيانهم لعموم الآية المنافي للتفسير بالغناء من وجهة نظره .
والتفسير بالمثال له خاصيتان أساسيتان لو تفطن لهما ما استطاع التجاسر على ما قال :
الأولى : أنه ينافي تمام المنافاة دلالة الحصر والتخصيص ولا يجتمع معها بحال .
الثاني : أنه لا ينافي العموم مطلقا بل العموم يشمل ملايين الأمثلة الداخلة تحته دون منافاة .
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى ونفعنا بكتابه
 
بارك الله فيك أبا صفوت ،أكثر تقريرك موفق..

لكنك لم توفق في النقطة السادسة،بل أخطأت فهم مراد كاتب المقال..

فصاحب المقال لا يقصد أن التفسير بالمثال لابد من ثبوته بكذا وكذا..

وإنما هو يُدلل على أن تفسير لهو الحديث بالغناء هو من التفسير بالمثال ودليله هو منع أن يكون هذا تفسيراً للمفردة العربية بما يقاربها لعدم وجود ما يدل على ذلك في العربية ..إلخ..

فإذا تم له أن هذا تفسير بالمثال فهو لا يعترض عليه وإنما يجعله مقدمة لقوله :

فتبين لك أن تفسير لهو الحديث بالغناء على النص عليه لا يصح ، وإنما هو على سبيل المثال ، كما قال ابن جرير رحمه الله ، وما رأيته من نقل بعضهم لتحريم الغناء ، قلنا ولو صح هذا فليس هو من الآية ، وإنما هو من دليل آخر غيرها .

فلم يقل قط بافتقار التفسير بالمثال إلى ما ذكرتَ،وإنما هو يحتج على كون هذا تفسيراً بالمثال بأنه ليس تفسيراً مباشراً للفظ وإلا لوجد الغناء مرادفاً أو مقارباً للهو الحديث في الشعر ونحوه..
 
3. دعوى التلازم بين شدة الحرمة وأسبقيتها : تعجب الكاتب الفاضل من كون الآيات التي يستفاد منها تحريم الغناء مكية وكون آيات تحريم الخمر وغيره من الكبائر مدنية ، ثم قال : فتأمل معي يا رعاك الله ، كيف يحرم الله تعالى المعازف في مكة ، ويترك تحريم الخمر التي هي أم الخبائث إلى ما بعد الهجرة بزمن طويل ، ويتدرج في تحريمها ، إلى وقت نزول سورة المائدة ؟ اهـ .
والجواب عن هذا يسير سهل وهو : من وجهين :
الأول : أنه لا تلازم بين شدة الحرمة وبين أسبقية التحريم فليس بلازم أن يتقدم تحريم الأشد على تحريم الأخف .
الثاني : مراعاة الأحوال التي أوجبت تقديم الأخف حرمة على ما هو أشد حرمة أمر لا بد منه في فهم تلك القضية ، فقد يكتنف الأخف حرمة في وقت معين ما يجعل خطره أشد وأعظم من الأثقل حرمة ، فيكون ذلك داعيا إلى تقديم تحريمه ، وهذا هو الحاصل في قضيتنا حيث كان الغناء ساعتها وسيلة من أعظم الوسائل التي يستعملها المشركون في الصد عن القرآن وصرف الناس عنه ، ولم يكن الخمر تستخدم في الصد عن القرآن ومحاربته كما أنه لا يلزم ساعة ذكر المحرمات مقترنة أن يعتمد في التحريم على ما تقدم في الزمان ويستند في تحريم المقارنات على مجرد اقترانها بما سبق تحريمه زمنا .

أحسنت وبارك الله فيك
وهذه مسألة محل بحث وعناية..

وقد أضيف هنا هذه الإضافة بالبحث والنظر في أقوال أئمة التفسير وغيرهم وهي لا تخرج عن السياق بل هي دليله:

جاء في فتح القدير:
و { لهو الحديث } : كل ما يلهي عن الخير من الغناء والملاهي والأحاديث المكذوبة وكل ما هو منكر ، والإضافة بيانية . وقيل : المراد : شراء القينات المغنيات والمغنين ، فيكون التقدير : ومن يشتري أهل لهو الحديث . قال الحسن : لهو الحديث : المعازف والغناء . وروي عنه أنه قال : هو الكفر والشرك . قال القرطبي : إن أولى ما قيل في هذا الباب هو : تفسير لهو الحديث بالغناء ، قال : وهو قول الصحابة والتابعين .

وجاء في ابن كثير وقد وافق شيخه الطبري:
لما ذكر تعالى حال السعداء، وهم الذين يهتدون بكتاب الله وينتفعون بسماعه، كما قال [الله] تعالى: { اللَّهُ نزلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ } [الزمر: 23]، عطف بذكر حال الأشقياء، الذين أعرضوا عن الانتفاع بسماع كلام الله، وأقبلوا على استماع المزامير والغناء بالألحان وآلات الطرب، كما قال ابن مسعود في قوله تعالى: { وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ } قال: هو -والله-الغناء.
قال ابن جرير: حدثني يونس بن عبد الأعلى، أخبرنا ابن وهب، أخبرني يزيد بن يونس، عن أبي صخر، عن أبي معاوية البجلي، عن سعيد بن جبير، عن أبي الصهباء البكري، أنه سمع عبد الله بن مسعود -وهو يسأل عن هذه الآية: { وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ } -فقال عبد الله: الغناء، والله الذي لا إله إلا هو، يرددها ثلاث مرات .


وقال أيضًا:
حدثنا عمرو بن علي، حدثنا صفوان بن عيسى، أخبرنا حُمَيْد الخراط، عن عمار، عن سعيد بن جبير، عن أبي الصهباء: أنه سأل ابن مسعود عن قول الله: { وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ } قال: الغناء (1) .
وكذا قال ابن عباس، وجابر، وعِكْرِمة، وسعيد بن جُبَيْر، ومجاهد، ومكحول، وعمرو بن شعيب، وعلي بن بَذيمة.
وقال الحسن البصري: أنزلت هذه الآية: { وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ } في الغناء والمزامير.
وقال قتادة: قوله: { وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ } : والله لعله لا ينفق فيه مالا ولكنْ شراؤه استحبابه، بحسب المرء من الضلالة أن يختارَ حديثَ الباطل على حديث الحق، وما يضر على ما ينفع.
وقيل: عنى بقوله: { يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ } : اشتراء المغنيات من الجواري.
قال ابن أبي حاتم: حدثنا محمد بن إسماعيل الأحْمَسي: حدثنا وَكِيع، عن خَلاد الصفار، عن عُبَيْد الله بن زَحْر، عن علي بن يزيد، عن القاسم بن عبد الرحمن (2) عن أبي أمامة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يحل بيع المغنيات ولا شراؤهن، وأكل أثمانهن حرام، وفيهن أنزل الله عز وجل عَلَيّ: { وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ } .
وهكذا رواه الترمذي وابن جرير، من حديث عُبَيد الله بن زحر بنحوه (3) ، ثم قال الترمذي: هذا حديث غريب. وضَعُفَ (4) علي بن يزيد المذكور.
قلت: علي، وشيخه، والراوي عنه، كلهم ضعفاء. والله أعلم.
وقال الضحاك في قوله تعالى: { وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ } يعني: الشرك. وبه قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم؛ واختار ابن جرير أنه كل كلام يصد عن آيات الله واتباع سبيله.


وقد ذكر صاحب زاد المسير:
وفي المراد بلهو الحديث أربعة أقوال .
أحدها : [ أنه ] الغناء . كان ابن مسعود يقول : هو الغناء والذي لا إِله إِلا هو ، يُردِّدها ثلاث مرات؛ وبهذا قال ابن عباس ، ومجاهد ، وسعيد بن جبير ، وعكرمة ، وقتادة . وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد ، قال : اللهو : الطبل .
والثاني : أنه ما ألهى عن الله ، قاله الحسن ، وعنه مثل القول الأول .
والثالث : أنه الشِّرك ، قاله الضحاك .

والرابع : الباطل ، قاله عطاء .

وقال الجزائري:
{ لهو الحديث } : أي الحديث الملهي عن الخير والمعروف وهو الغناء .

وقال السعدي:
{ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ } هو محروم مخذول { يَشْتَرِي } أي: يختار ويرغب رغبة من يبذل الثمن في الشيء. { لَهْوَ الْحَدِيثِ } أي: الأحاديث الملهية للقلوب، الصادَّة لها عن أجلِّ مطلوب. فدخل في هذا كل كلام محرم، وكل لغو، وباطل، وهذيان من الأقوال المرغبة في الكفر، والفسوق، والعصيان، ومن أقوال الرادين على الحق، المجادلين بالباطل ليدحضوا به الحق، ومن غيبة، ونميمة، وكذب، وشتم، وسب، ومن غناء ومزامير شيطان، ومن الماجريات الملهية، التي لا نفع فيها في دين ولا دنيا.

فهذا الصنف من الناس، يشتري لهو الحديث، عن هدي الحديث { لِيُضِلَّ } الناس { بِغَيْرِ عِلْمٍ } أي: بعدما ضل بفعله، أضل غيره، لأن الإضلال، ناشئ عن الضلال.

وقال سيد طنطاوي:
و { لَهْوَ الحديث } : باطله ، ويطلق على كل كلام يلهى القلب ، ويشغله عن طاعة الله - تعالى - ، كالغناء ، والملاهى ، وما يشبه ذلك مما يصد عن ذكر الله - تعالى - :

وقد فسر كثير من العلماء بالغناء ، والأفضل تفسيره بكل حديث لا يثمر خيرا .

وقال القرطبي:
فيه خمس مسائل: الاولى- قوله تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ)" مِنَ" في موضع رفع بالابتداء. و" لَهْوَ الْحَدِيثِ": الغناء، في قول ابن مسعود وابن عباس وغيرهما. النحاس: وهو ممنوع بالكتاب والسنة، والتقدير: من يشتري ذا لهو أو ذات لهو، مثل:" وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ" «1» [يوسف: 82]. أو يكون التقدير: لما كان إنما اشتراها يشتريها ويبالغ في ثمنها كأنه اشتراها للهو «2». قلت: هذه إحدى الآيات الثلاث التي استدل بها العلماء على كراهة الغناء والمنع منه. والآية الثانية قوله تعالى:" وَأَنْتُمْ سامِدُونَ" «3» [النجم: 61]. قال ابن عباس: هو الغناء بالحميرية، اسمدي لنا، أي غني لنا. والآية الثالثة قوله تعالى:" وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ" «4» [الاسراء: 64] قال مجاهد: الغناء والمزامير. وقد مضى في" سبحان" «5» الكلام فيه. وروى الترمذي عن أبي أمامة عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: (لا تبيعوا القينات ولا تشتروهن ولا تعلموهن ولا خير في تجارة فيهن وثمنهن حرام، في مثل هذا أنزلت هذه الآية:" وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ" إلى آخر الآية. قال أبو عيسى: هذا حديث غريب، إنما يروى من حديث القاسم عن أبي أمامة، والقاسم ثقة وعلي بن يزيد يضعف في الحديث، قاله محمد بن إسماعيل. قال ابن عطية: وبهذا فسر ابن مسعود وابن عباس وجابر بن عبد الله ومجاهد، وذكره أبو الفرج الجوزي عن الحسن وسعيد بن جبير وقتادة والنخعي.
قلت: هذا أعلى ما قيل في هذه الآية، وحلف على ذلك ابن مسعود بالله الذي لا إله إلا هو ثلاث مرات إنه الغناء. روى سعيد بن جبير عن أبي الصهباء البكري قال: سئل عبد الله بن مسعود عن قوله تعالى:" وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ" فقال: الغناء والله الذي لا إله إلا هو، يرددها ثلاث مرات. وعن ابن عمر أنه الغناء، وكذلك قال عكرمة وميمون بن مهران ومكحول. وروى شعبة وسفيان عن الحكم وحماد عن إبراهيم قال قال عبد الله بن مسعود: الغناء ينبت النفاق في القلب، وقاله مجاهد، وزاد: إن لهو الحديث في الآية الاستماع إلى الغناء وإلى مثله من الباطل. وقال الحسن: لهو الحديث المعازف والغناء. وقال القاسم بن محمد: الغناء باطل والباطل في النار. وقال ابن القاسم سألت مالكا عنه فقال: قال الله تعالى:" فَما ذا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ" «1» [يونس: 32] أفحق هو؟! وترجم البخاري «2» (باب كل لهو باطل إذا شغل عن طاعة الله، ومن قال لصاحبه تعال أقامرك)، وقوله تعالى:" وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَها هُزُواً" فقوله: (إذا شغل عن طاعة الله) مأخوذ من قوله تعالى:" لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ". وعن الحسن أيضا: هو الكفر والشرك. وتأوله قوم على الأحاديث التي يتلهى بها أهل الباطل واللعب. وقيل: نزلت في النضر بن الحارث، لأنه اشترى كتب الأعاجم: رستم، وإسفنديار، فكان يجلس بمكة، فإذا قالت قريش إن محمدا قال كذا ضحك منه، وحدثهم بأحاديث ملوك الفرس ويقول: حديثي هذا أحسن من حديث محمد، حكاه الفراء والكلبي وغيرهما. وقيل: كان يشتري المغنيات فلا يظفر بأحد يريد الإسلام إلا انطلق به إلى قينته فيقول: أطعميه واسقيه وغنية، ويقول: هذا خير مما يدعوك إليه محمد من الصلاة والصيام وأن تقاتل بين يديه. وهذا القول والأول ظاهر في الشراء. وقالت طائفة: الشراء في هذه الآية مستعار، وإنما نزلت الآية في أحاديث قريش وتلهيهم بأمر الإسلام وخوضهم في الباطل. قال ابن عطية: فكان ترك ما يجب فعله وامتثال هذه المنكرات


انتهى:

الخلاصة:
1- أنني لم أصرف النظر هنا عن مراد الكاتب - بارك الله فيه - وإنما وقفت على جانب مهم في طرق الاستدلال وهي النظر الأولي إلى أئمة الفن ورجاله وهم - أهل التفسير - لأن إغفال نقولهم وأقوالهم المعتبرة جملة - والتي قد تحتاج أيضًا إلى تمحيص واستدلال- لا تخلوا من صحة واتفاق إن لم أقل إجماع في هذه المسألة بالذات.
فالتغافل عن هذه الأخبار والآثار والأقوال هو من أخطر الطرق الموصلة إلى الانحراف عن منهج الاستدلال الصحيح والنظر المحكم في الأدلة.
2- ثم ناهيك عن الآثار الصحيحة في السنة النبوية وهي واضحة وجلية.
3- النظر والاستدلال في المسائل بالقرآن فقط دون التعويل على السنة والإجماع قصور واضح في طرق الاستدلال الصحيح والمقبول.
إذ لا يصح أن يفند- الكاتب الكريم - الحكم المتعلق بالغناء من خلال جانب استدلالي واحد - وهو القرآن - ثم يغفل - السنة - والأقوال - والآثار لأن هذا يفضي إلى خلل في منهجية الأدلة. وهو لا يخفى عليه ذلك.
ولهذ نقلت أقوال الجهابذة من المفسرين فضلاً عن كلام غيرهم لأدلل به على ذلك.. وللحديث عود..
 
بارك الله فيك أخي وفي كاتب المقال وجنبنا الله التعصب وجعلنا ممن ينظرون فيما يقولون!
 

الخلاصة:
1- أنني لم أصرف النظر هنا عن مراد الكاتب - بارك الله فيه - وإنما وقفت على جانب مهم في طرق الاستدلال وهي النظر الأولي إلى أئمة الفن ورجاله وهم - أهل التفسير - لأن إغفال نقولهم وأقوالهم المعتبرة جملة - والتي قد تحتاج أيضًا إلى تمحيص واستدلال- لا تخلوا من صحة واتفاق إن لم أقل إجماع في هذه المسألة بالذات.
فالتغافل عن هذه الأخبار والآثار والأقوال هو من أخطر الطرق الموصلة إلى الانحراف عن منهج الاستدلال الصحيح والنظر المحكم في الأدلة.
2- ثم ناهيك عن الآثار الصحيحة في السنة النبوية وهي واضحة وجلية.
3- النظر والاستدلال في المسائل بالقرآن فقط دون التعويل على السنة والإجماع قصور واضح في طرق الاستدلال الصحيح والمقبول.
إذ لا يصح أن يفند- الكاتب الكريم - الحكم المتعلق بالغناء من خلال جانب استدلالي واحد - وهو القرآن - ثم يغفل - السنة - والأقوال - والآثار لأن هذا يفضي إلى خلل في منهجية الأدلة. وهو لا يخفى عليه ذلك.
ولهذ نقلت أقوال الجهابذة من المفسرين فضلاً عن كلام غيرهم لأدلل به على ذلك.. وللحديث عود..

الأخ الفاضل عاطف شكر الله لك ما تفضلت به
ولكن أرى أنك خرجت عن المقصود إلى ما حذرت منه وهو عدم مناقشة حكم الغناء
نحن نريد النقاش حول صحة الاستدلال بالآية على أن معنى "لهو الحديث" هو الغناء
كلامك له وجاهته إذا كان البحث في حكم ما فإنه يجب النظر في الأدلة مجتمعة كما ذكرتَ.
وفق الله الجميع لما فيه الخير والصواب وصلاح الدنيا والدين​
 
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
أرجو من المشرفين الكرام تصحيح الآية في عنوان هذه المشاركة

(( نقاش حول دلالة قوله تعالى:(ومن الناس من يتشري لهو الحديث) ومنهجية الاستدلال ))

(((وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ)))(لقمان6)
 
شكر الله لك أبا فهر على التصويب
لكن ألا يمكن أن يقال : إن اختيار الصحابي الغناء كمثال للهو الحديث فيه إشارة إلى أن الغناء من أظهر وأبرز ما يندرج تحت عموم لهو الحديث ، مع تسليمي بكونه لا يرقى أن يكون نصا قاطعا في الغناء بعينه .
 
لمسة

لمسة

أحسن أبو صفوت فيما كتب وأجاد .
وأقول :
حيثما ينحرف منهج الاستدلال يتناقض الكلام , وحيثما يتناقض الكلام تجد انحرافاً في الاستدلال .


فتبين لك أن تفسير لهو الحديث بالغناء على النص عليه لا يصح ، وإنما هو على سبيل المثال
مادام الغناء داخلاً في لهو الحديث في الآية -ولو من باب المثال- , فالواجب ذكر الدليل على خروجه من معنى الآية وعدم تحريمه , لا طلب الدليل على دخوله فيها .
أمّا أنا فلم أجد عالماً أخرج اسم الغناء من لهو الحديث , وما نقله الكلباني عنهم كافٍ في الدلالة .
والله الموفق .
 
"أن الحجة من الله تبلغنا بسماع كلامه لا بتفسيره ."
القاعدة في الجملة صحيحة والأدلة على ذلك من القرآن كثيرة ومنها :
الآية التي نحن بصددها ، وهي قول الله تعالى:
(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (6) وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آَيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (7))
وقول الله تعالى:
"أَلَمْ تَكُنْ آَيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ" المؤمنون (105)
وقوله تعالى:
(وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (7) يَسْمَعُ آَيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (8)) الجاثية والآيات في هذا كثيرة.

يقول أخونا أبو صفوت :

"وهذه دعوى عريضة لا يستطيع الكاتب الوفاء بها ولا التزامها ساعة التعامل مع آيات القرآن الكريم ؛ لما يلي
أ‌) ليست كل حجة تقوم بمجرد سماع ألفاظها بل هي على قسمين :
الأول : أن تقوم الحجة بمجرد الاستماع إليها لوضوح المراد منها بالنسبة للسامع .
الآخر : أن تفتقر الألفاظ المحتج بها إلى بيان وإيضاح فلا تقوم الحجة بمجرد استماعها
ثم إن الحجة لا تنتج مقصودها إلا ببيانها وتوضيحها وتفسير ألفاظها ، فمقام إقامة الحجة تابع لمقام التفسير . "
أقول : إذا لم ينتج الكلام مقصوده إلا ببيان وتوضيح وتفسير فلا يمكن وصفه بأنه حجة وهذا كلام خطير إذا طبقناه على كلام الله تعالى ، كيف يكون ذلك والله يقول:
"يُبَيِّنُ اللَّهُ آَيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ" ويقول " كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ" ويقول "يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ" ويقول "يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ" ولهذا أقول :
إن عبارة أخونا أبو صفوت "فمقام إقامة الحجة تابع لمقام التفسير" تحتاج إلى مراجعة.
أما قول أخينا أبو صفوت عن آية التوبة:
"وسياق الآية التي استند إليها وهي قوله تعالى ( وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ) يؤيد ما أسلفنا ، فقد نص المفسرون على أن ذكر السماع في الآية والاقتصار عليه لأحد أمرين :
إما لكون السامع من أهل الفصاحة فيكون مجرد استماعه كاف في قيام الحجة عليه
وإما لكون المقصود بالسماع السماع المنتج للفهم لا مجرد السماع "
فأقول تعليق حجة السماع بكون السامع من أهل الفصاحة فهذا لم تشر إليه الآية ولا يصح تقييد الآية به والأدلة من القرآن تدل على خلافه حيث إن الرسول صلى الله عليه وسلم أُمر بتلاوة القرآن على مسامع الكافرين ، واُمر بأن ينذرهم بالوحي ولم يزد على ذلك.
وأما قوله:
"قال ابن كثير ( حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ } أي: [القرآن] تقرؤه عليه وتذكر له شيئًا من [أمر] الدين تقيم عليه به حجة الله ) وكلامه – رحمه الله - ظاهر في أن الحجة لم تقم بمجرد السماع ، بدلالة قوله ( وتذكر له شيئا من أمر الدين تقيم عليه به حجة الله )
وقال الآلوسي ( والاقتصار على ذكر سماع لعدم الحاجة الى شىء آخر في الفهم لكونهم من أهل اللسن والفصاحة )"
أما كلام بن كثير فهو محل نظر لأنه زائد على الغاية التي حددها الله تعالى ، وربما يصح في حال لو أن السامع استشكل شيئا مما سمع وطلب البيان.
وأما كلام الألوسي فهو يحكي الواقع وكل عربي اللسان تقوم عليه الحجة بسماع القرآن في الجملة والأمور التي تحتاج إلى بعض التفصيل لا تخرم القاعدة.
ثم يقول أخونا أبو صفوت:
"ب‌) لو قلنا بمطلق هذا الكلام ، وأطلقناه على عواهنه - كما فعل الكاتب هنا - فما فائدة البيانات النبوية التي وردت في السنة و التي يسلم الكاتب بكونها بيانا للكتاب وما فائدة تفسير الصحابة ومن بعدهم للقرآن ، وما فائدة هذا الإرث الضخم من كتب المفسرين
ج) أننا نحاكم الكاتب إلى قوله ونطلب منه أن يبين لنا كيف يفسر أمثال هذه الآيات بمجرد السماع دون رجوع إلى شيء آخر :
قال تعالى ( وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها ولكن البر من اتقى )
وقال تعالى ( ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس )
وقال تعالى (إذ تصعدون ولا تلوون على أحد والرسول يدعوكم في أخراكم)"
أقول :
أما بخصوص البيانات النبوية فلا تخرم القاعدة بل تؤكدها ، فالرسول صلى الله عليه وسلم كان دوره بعد التبليغ هو البيان العملي في كيفية تطبيق الكتاب في الواقع وهذا أمر جلي واضح من سنته وسيرته صلى الله عليه وسلم ، والأمثلة في ذلك كثيرة ولكن يكفي من القلادة ما أحاط بالعنق ، يقول الله تعالى:
"وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ" فالآية الكريمة حجة على من سمعها في وجوب إقامة الصلاة ووجوب الزكاة ، وبيان النبي صلى الله عليه وسلم للتفصيلات المتعلقة بالصلاة والزكاة لا يلغي كون الآية حجة فيما دلت عليه.
إن البيان النبوي في بيان المراد من اللفظ لا يكون إلا عندما يشكل فهم النص لوجود بعض الاحتمالات ـ وهذا لا يلغي القاعدة في كون النص حجة على السامع ـ كقوله تعالى:
"الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ " الأنعام(82)
فقد فسر النبي صلى الله عليه وسلم الظلم هنا بالشرك وتفسيره صلى الله عليه وسلم لم يلغ فهم الصحابة للمعاني الكثيرة المندرجة تحت هذا الوصف ولكنه بين لهم المقصود به في الآية.
وإشكال فهم بعض الآيات على بعض الناس لا يخرم القاعدة أيضا فهذا النبي صلى الله عليه وسلم يرد الفاروق رضي الله عنه إلى القرآن حين سأله عن الكلالة كما جاء في صحيح مسلم عن عمر رضي اله عنه قال:
"مَا رَاجَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شَيْءٍ مَا رَاجَعْتُهُ فِي الْكَلَالَةِ وَمَا أَغْلَظَ لِي فِي شَيْءٍ مَا أَغْلَظَ لِي فِيهِ حَتَّى طَعَنَ بِإِصْبَعِهِ فِي صَدْرِي فَقَالَ يَا عُمَرُ أَلَا تَكْفِيكَ آيَةُ الصَّيْفِ الَّتِي فِي آخِرِ سُورَةِ النِّسَاءِ"
وأما الأمثلة التي ذكرها أخونا أبو صفوت لا ترد على كلام الشيخ عادل فهو لم يقل إنا لا نرجع إلى شيء آخر لفهم بعض ما أشكل من القرآن وإنما قال "الحجة تبلغنا بسماع كلام الله لا بتفسيره" وبين الأمرين فرق ، وذلك لأن التفسير قد يختلف من مفسر إلى آخر ، والجزم بأن هذا هو التفسير الصحيح دون غيره ومن ثم يكون هو الحجة هذا هو محل البحث والخلاف.
ويقول أخونا أبو صفوت:
" يلزم من كلامه إهمال تفسير السلف أو على الأقل إعماله حيث لا يخالف ما نراه أوفيما يواكب عصرنا ، وأما ما عدا ذلك فلا"
أقول:
الشيخ لم يقل بإهمال تفسير السلف وإنما هو يبحث في مدى صحته ، فهو يقول نقبل ما يصح ونرفض ما لا يصح .
والله أعلى واعلم​
 
الأخ الفاضل عاطف شكر الله لك ما تفضلت به​




ولكن أرى أنك خرجت عن المقصود إلى ما حذرت منه وهو عدم مناقشة حكم الغناء
نحن نريد النقاش حول صحة الاستدلال بالآية على أن معنى "لهو الحديث" هو الغناء
كلامك له وجاهته إذا كان البحث في حكم ما فإنه يجب النظر في الأدلة مجتمعة كما ذكرتَ.​

وفق الله الجميع لما فيه الخير والصواب وصلاح الدنيا والدين​

جزاك الله خيرا أخانا أبا سعد ووفقنا لكل خير
ولكن هنا عدة مسائل مهمة:
1- أن - لهو الحديث - قد يدخل هنا من تنزيل العام على الخاص حيث أن في هذا كثير من الآيات من تنزيل العام على الخاص والخاص على العام أو المطلق على المقيد - كقوله تعالى - فاقطعوا أيديهما - هذا عام مطلق على كل اليد فجاءت السنة فقيدته.
وكلذلك - لهوا الحديث عند العرب - وإن كان معناه كل لهو جملة إلا أنه كان أشد وسائل الصد واللهو عندهم ولهذا تنزلت جملة - لهو الحديث - بوجهين فيما أعلم:
الأول - أنه لهو أي داخل فيه بل وهو أعظم أنواعه.
الثاني: أنه خص بكلمة - الحديث - فعم الكلام وصنوفه.
ولا أدل على هذا - أخي الكريم - من هذه النصوص ولست الآن في محل تخريجها. وهي تدل
بل وهناك وجه ثالث قوله تعالى- يشتري - فهو دال بنفسه على ذلك حيث أن الشراء والبيع في لغة العرب يقع عليه بحسبه لأنهم كانوا يشترون الجواري المغنيات والقينات ليصدوا به الناس عن القرآن وليهلوا به لأنفسهم.
وهذي جملة نصوص تؤكد ذلك:
حدثنا إسرائيل عن سِماكٍ عن مَعْبَدِ بنِ قيس عن عبدالله بن عميرٍ أو عُمسرةَ قال حدَّثني زَوْجُ ابْنَةِ أبي لهبٍ قالَ دَخَلَ عَلَيْنَا رسول الله صلى الله عليهِ وسلم حين تَزَوَّجْتُ ابْنَةَ أبي لهبٍ فقال: هَلْ مِنْ لَهْوٍ*مسند الامام أحمد
4765 حدثنا الفضل بن يعقوب حدثنا محمد بن سابق حدثنا اسرائيل عن هشام بنِ عروةَ عن أبيهِ عن عائشةَ أنّها زَفّتِ امْرأَةً إلى رجلٍ من الأنصار فقال نَبِيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم : يا عائشةَ ما كانَ مَعَكُمْ لَهْوٌ فإنَّ الأنصارَ يُعْجِبُهُمُ اللَّهْوُ*رواه البخاري
1885 حدثنا نصر بنُ عليٍّ الجهمي والخليل بن عمرو قالا حدثنا عيسى بن يونس عن خالد بن إلياس عن ربيعة ابنِ عبدالرحمن عن القاسم عن عائشةَ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: أعلنوا هذا النكاح واضربوا عليه بِالْغِرْبَالِ* سنن ابن ماجة.
وجاء في أسباب النزول
أخرج جويبر عن ابن عباس قال نزلت في النصر بن الحرث اشترى قينة وكان لا يسمع بأيريد الإسلام إلا انطلق به إلى قينته فيقول أطعميه واسقيه وغنيه هذا خير مما يدعوك اليه محمد من الصلاة والصيام وأن تقاتل بين يديه فنزلت
2- هناك آية أخرى تدل على نفس الحكم في هذه المسألة:
وقال تعالى: "وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُورًا" (سورة الإسراء:64)
جاء في تفسير الجلالين: (واستفزز): استخف، (صوتك): بدعائك بالغناء والمزامير وكل داع إلى المعصية و هذا أيضا ما ذكره ابن كثير والطبري عن مجاهد. وقال القرطبي في تفسيره: "في الآية ما يدل على تحريم المزامير والغناء واللهو..وما كان من صوت الشيطان أو فعله وما يستحسنه فواجب التنزه عنه".
و قال الله عز وجل: "وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا" (الفرقان: 72).
وقد ذكر ابن كثير في تفسيره ما جاء عن محمد بن الحنفية أنه قال: الزور هنا الغناء، وجاء عند القرطبي والطبري عن مجاهد في قوله تعالى: "والذين لا يشهدون الزور" قال: لا يسمعون الغناء. وجاء عن الطبري في تفسيره: "قال أبو جعفر: وأصل الزور تحسين الشيء، ووصفه بخلاف صفته، حتى يخيل إلى من يسمعه أو يراه، أنه خلاف ما هو به، والشرك قد يدخل في ذلك لأنه محسن لأهله، حتى قد ظنوا أنه حق وهو باطل، ويدخل فيه الغناء لأنه أيضا مما يحسنه ترجيع الصوت حتى يستحلي سامعه سماعه" (تفسير الطبري).
وفي قوله عز وجل: "و إذا مروا باللغو مروا كراما" قال الإمام الطبري في تفسيره: "وإذا مروا بالباطل فسمعوه أو رأوه، مروا كراما. مرورهم كراما في بعض ذلك بأن لا يسمعوه، وذلك كالغناء".

3- أن الصحابة رضي الله عنهم هم من أصول العرب وفحولها ولا ريب فكونهم بفسرون ويقعون - لهو الحديث - على الغناء فهذا أولى وأسلم وأسد في طرق الاستدلال لوجوه:
- أنهم أصول العرب والبيان.
- أنهم أعلم بالتنزيل من غيرهم إلى يوم القيامة.
- أن الله زكاهم وعدلهم.
- أن المتكلمين منهم في تحريم الغناء.هم من أعلم الناس بالقرآن ومعانيه من أمثال عبد الله بن مسعود وابن عباس.
4- أن أصل الكلام - أن الغناء - داخل بالجملة في لهو الحديث - فإخراج الغناء على التحديد من جملة لهوا الحديث هو الخطأ فهذا هو الذي يحتاج إلى دليل صحيح يؤكده ويعضده.
لأن الأصل في الكلام العموم إلا ما جاء الدليل على تخصيصه: فلهو الحديث كل ما شغل وألهى عن ذكر الله وصد عنه من الغناء واللعب والغيبة وفضول الكلام .
فإخراج الغناء من مفهوم اللغو هو الذي في حاجة إلى استدلال لأن الأصل بقاء ما كان على ما كان..
قال القاسم بن محمد رحمه الله: الغناء باطل، والباطل في النار.
وقال الحسن البصري رحمه الله: إن كان في الوليمة لهو –أى غناء و لعب-، فلا دعوة لهم (الجامع للقيرواني).
قال النحاس رحمه الله: هو ممنوع بالكتاب والسنة، وقال الطبري: وقد أجمع علماء الأمصار على كراهة الغناء، والمنع منه. و يقول الإمام الأوزاعي رحمه الله: لا تدخل وليمة فيها طبل ومعازف.
قال ابن القيم رحمه الله في بيان مذهب الإمام أبي حنيفة: "وقد صرح أصحابه بتحريم سماع الملاهي كلها كالمزمار والدف، حتى الضرب بالقضيب، وصرحوا بأنه معصية توجب الفسق وترد بها الشهادة، وأبلغ من ذلك قالوا: إن السماع فسق والتلذذ به كفر.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "مذهب الأئمة الأربعة أن آلات اللهو كلها حرام...ولم يذكر أحد من أتباع الأئمة في آلات اللهو نزاعا" (المجموع). وقال أيضا: "فاعلم أنه لم يكن في عنفوان القرون الثلاثة المفضلة لا بالحجاز ولا بالشام ولا باليمن ولا مصر ولا المغرب ولا العراق ولا خراسان من أهل الدين والصلاح والزهد والعبادة من يجتمع على مثل سماع المكاء والتصدية لا بدف ولا بكف ولا بقضيب وإنما أحدث هذا بعد ذلك في أواخر المائة الثانية فلما رآه الأئمة أنكروه" وقال في موضع آخر: "المعازف خمر النفوس، تفعل بالنفوس أعظم مما تفعل حميا الكؤوس" (المجموع).

5- أما كتب اللغة فهاكم بعضها في اللهو:
- أنشد ابن الأعرابيّ:
من البيض ترغينا سقاط حديثها ... وتنكدنا لهو الحديث الممنع
- جاء في العين:
لهو: اللَّهْوُ: ما شغلك من هَوىً أو طرب. لَها يَلْهُو، والْتَهَي بامرأةٍ فهي لَهْوَتُهُ، قال:
ولَهْوَةَ اللاهي ولو تَنَطَّسا
واللَّهْوُ: الصُّدُوف عن الشيء. لَهَوْتُ عنه أَلْهُو لَهوا . والعامة تقول: تَلهَيت.
ويقال: ألهيته إلهاءً أي: شغلته.
وتقول: لَهِيت عن الشيء، ولَهِيتُ منه. وآلهَ عن هذا الأمر، وأله منه.
وقول الله عز وجل: " لو أَرَدْنا أن نَتَّخِذَ لَهْواً لاتَّخُذْناهُ من لَدُنّا " . يقال: هو أي: اللهو المرأة نفسها.
واللَّهاةُ: أقصىَ الفَمِ، وهي لَحمة مشرفة على الحَلْق، وهي من البعير العربي الشَّقْشِقَة. ويقال: لكل ذي حلقٍ لَهاة، والجميع: لَهاً ولَهَوات.
واللُّهْوَةُ: ما يُلْقَى في فم الرَّحىَ من الحب للطَّحْن، قال:
يكونُ ثِفالُها شرقي نجدٍ ... ولُهْوتُها قُضاعَةَ أجمعينا.
- قال إسحاق الموصلي: أنشدني إسحاق بن مخلد الرازي لأبي العتاهية:
ما إن يطيب لذي الرعا ... ية للأيام لا لعب ولا لهو
إذ كان يسرف في مسرته ... فيموت من أجزائه جزو

- وجاء في المحيط في اللغة:
لهو اللهو ما شغلك من هوى وطرب، ولها يلهو، والتهى بامرأة فهي لهوة. واللهو المرأة نفسها. وقيل الولد. والجماع أيضاً. وبينهم ألهية أي لهو. واللهو الصرف عن الشيء، لهوت عنه ألهو، ولهيت عنه لغة. واله عن هذا الأمر واله. واللهاة أقصى الفم. وهي من البعير شقشقته. والجميع اللها واللهوات واللهاء - بالمد - واللهيات. واللهوة ما ألقي في فم الرحى لهوة. واللها أفضل العطاء وأجزله، الواحدة ليهة ولهوة. وفلان ذو لهوة أي كثرة مال. ويقولون إبله لهاء المائة أي زهاؤها. ولاهى الصبي من الفطام قاربه.

- وجاء في القاموس الفقهي:
ي به - لها: أحبه.
تلهى بالشئ: لها به.
اللهاة: اللحمة المشرفة على الحلق في أقصى الفم.
(ج) لهوات، ولهيات، ولهي، ولهاء.
اللهو: ما لعبت به، وشغلك من هوى، وطرب، ونحوهما.
وفي القرآن الكريم: (ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم.
ويتخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهين) (لقمان: 6) قال ابن مسعود: هو، والله، الغناء، وكذا قال ابن عباس، وجابر، وعكرمة، وسعيد بن جبير،
ومجاهد، ومكحول.
قال ابن جرير: هو كل كلام يصد عن آيات الله، واتباع سبيله.
-: المرأة الملهو بها.
-: الطبل، ونحوه.
اللهوة: العطية من أي نوع كان.

- وجاء في لسان العرب:
وقوله تعالى ومن الناس من يشتري لَهْوَ الحديث ليُضِلَّ عن سبيل الله جاء في التفسير أَن لَهوَ الحديث هنا الغِناء لأَنه يُلْهى به عن ذكر الله عز وجل وكلُّ لَعِب لَهْوٌ وقال قتادة في هذه الآية أَما والله لعله أَن لا يكون أَنفق مالاً وبحَسْب المَرء من الضلالة أَن يختار حديث الباطل على حديث الحق وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أَنه حَرَّم بيعَ المُغنِّية وشِراءها وقيل إِن لَهْوَ الحديث هنا الشِّرْكُ والله أَعلم ولَهِيَ عنه ومنه ولَها لُهِيّاً ولِهْياناً وتَلَهَّى عن الشيء كلُّه غَفَل عنه ونَسِيَهُ وترك ذكره وأَضرب عنه وأَلهاهُ أَي شَغَلَه ولَهِيَ عنه وبه كَرِهَه وهو من ذلك لأَن نسيانك له وغَفْلَتك عنه ضرب من الكُرْه ولَهَّاه به تَلْهِيةً أَي عَلَّله وتَلاهَوْا أَي لَها بضعُهم ببعض الأَزهري وروي عن عُمر رضي الله عنه أَنه أَخذ أَربعمائة دينار فجعلها في صُرة ثم قال للغلام اذهب بها إِلى أَبي عبيدة ابن الجرّاح ثم تَلَهَّ ساعة في البيت ثم انْظُرْ ماذا يَصْنَعُ قال ففرَّقها تَلَهَّ ساعة أَي تَشاغَلْ وتَعَلَّلْ والتَّلَهِّي بالشيء التَّعَلُّلُ به والتَّمكُّثُ يقال تَلَهَّيْت بكذا أَي تَعَلَّلْتُ به وأَقَمْتُ عليه ولم أُفارقُه وفي قصيد كعب وقال كلُّ صَديق كنت آمُلُهُ ولا أُلْهِيَنّكَ إِني عنكَ مَشْغُول أَي لا أَشغَلُك عن أَمرك فإِني مَشْغُول عنك وقيل معناه لا أَنفعك ولا أُعَلِّلُك فاعمل لنفسك وتقول الْهَ عن الشيء أَي اتركه وفي الحديث في البَلَل بعد الوُضوء الْهَ عنه وفي خبر ابن الزبير أَنه كان إِذا سمع صوت الرعد لَهِيَ عن حديثه أَي تَركه وأَعْرَضَ عنه وكلُّ شيء تَركْتَه فقد لَهِيتَ عنه وأَنشد الكسائي إِلْهَ عنها فقد أَصابَك مِنْها والْهَ عنه ومنه بمعنى واحد الأَصمعي لَهِيتُ من فلان وعنه فأَنا أَلْهَى الكسائي لَهِيتُ عنه لا غير قال وكلام العرب لَهَوْتُ عنه ولَهَوْتُ منه وهو أَن تدعه وتَرْفُضَه وفُلانٌ لَهُوٌّ عن الخير على فَعُولٍ الأَزهري اللَّهْو الصُّدُوفُ يقال لَهَوْتُ عن الشيء أَلهُو لَهاً قال وقول العامة تَلَهَّيْتُ وتقول أَلهاني فلان عن كذا أَي شَغَلني وأَنساني قال الأَزهري وكلام العرب جاء بخلاف ما قال الليث يقولون لَهَوْتُ بالمرأَة وبالشيء أَلْهُو لَهْواً لا غير قال ولا يجوز لَهاً ويقولون لَهِيتُ عن الشيء أَلْهى لُهِيّاً ابن بزرج لهَوْتُ
- وجاء في تاج العروس:
باتَ في لَهْوٍ وسَماعٍ : السَّماع : الغِناء وكلُّ ما الْتَذَّتْه الآذانُ من صوتٍ حسَنٍ : سَماعٌ . والسَّميع في أسماءِ اللهِ الحُسْنى : الذي وَسِعَ سَمْعُه كلَّ شيءٍ . والسَّميعانِ من أَدَوَاتِ الحَرّاثينَ : عُودانِ طَويلانِ في المِقْرَنِ الذي يُقرَنُ به الثَّوْرانِ لحِراثَةِ الأرضِ قاله الليثُ . والمِسْمَعان : جَوْرَبان يَتَجَوْرَبُ بهما الصائدُ إذا طَلَبَ الظِّباءَ في الظَّهيرَة . والمِسْمَعان : عامِرٌ وعبدُ الملكِ بنِ مالكِ بنِ مِسْمَعٍ هذا قولُ الأَصْمَعِيّ وأنشدَ :
ثَأَرْتُ المِسْمَعَيْنِ وقلتُ بُوآ ... بقَتلِ أخي فَزارَةَ والخَبَارِ

6- كما أنه ليس كل لهو محرم وهذا واضح إلا ما دل دليل على تحريمه والغناء وردت فيه نصوص غير هذه الآية وأقوال تدل على أن هذا النوع من اللهو داخل في دائرة التحريم لخطره على القلوب.. وقد وضع أهل العلم شروطًا تدل على أن الغناء محرم إلا بشروط
منها - أن تكون كلماته موافقة الشرع حاثة على معاني القيم وفضائل الأخلاق.
ومنها - ألا يصحب بالمعازف وآلات اللهو
ومنها- ألا يكون بصوت امرأة أمام الرجال
انتهى.
الخلاصة:
1- أن شواهد اللغة تدل عليه على عمومها.
2- أن شواهد التفسير والأقوال تدل عليه على خصوصها.
3- أن الصحابة أعلم بتنزيل النصوص مكانها من غيرهم.
فالغناء على العموم داخل في لهو الحديث. وعلى الخصوص فهو المقصود هنا لأنهم أعظم أنواع اللهو وأشدها على القلوب وأقول الأئمة الأربعة وغيرهم جلية واضحة.
 
مادام الغناء داخلاً في لهو الحديث في الآية -ولو من باب المثال- , فالواجب ذكر الدليل على خروجه من معنى الآية وعدم تحريمه , لا طلب الدليل على دخوله فيها .
أمّا أنا فلم أجد عالماً أخرج اسم الغناء من لهو الحديث , وما نقله الكلباني عنهم كافٍ في الدلالة .
والله الموفق .
الشيخ عادل لم ينكر أن الغناء داخل في لهو الحديث حتى نطالبه بالدليل المخرج
وإنما أنكر أن "لهو الحديث" هنا دليل على تحريم الغناء.
بعبارة أخرى يريد ان يقول لنا :
هل كل لهو من الحديث أو غيره محرم ؟
وهل هذه الآية نص في تحريم كل لهو ؟
أعتقد أن مشكلتنا هي في القناعات المسبقة التي تحول بيينا وبين فهم الرأي الآخر.
* للعلم: أنا لست مع من يقول بحل الغناء المصحوب بالمعازف.
أما الغناء المجرد فالأصل فيه الحل.​
 
الشيخ عادل لم ينكر أن الغناء داخل في لهو الحديث حتى نطالبه بالدليل المخرج

وإنما أنكر أن "لهو الحديث" هنا دليل على تحريم الغناء.
بعبارة أخرى يريد ان يقول لنا :
هل كل لهو من الحديث أو غيره محرم ؟
وهل هذه الآية نص في تحريم كل لهو ؟
أعتقد أن مشكلتنا هي في القناعات المسبقة التي تحول بيينا وبين فهم الرأي الآخر.
* للعلم: أنا لست مع من يقول بحل الغناء المصحوب بالمعازف.

أما الغناء المجرد فالأصل فيه الحل.​


جزاك الله خير وبارك فيك
وأنا معك أن القناعات المسبقة لها خطرها وشأنها لكن المسألة هنا ربما اعتقد لا دخل لها هنا بالقناعات

لأن الأصل فيها العموم كما أشار الشيخ ابن عثيمين في مثل هذا..
فمثلا الدخان وشربه الحرمة.. مع أنه لا نص عليه بالأصل من القرآن.. لكنه داخل في عموم الآية الكريمة - ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث - فهي من الخبائث فوجب تحريمها لأنه داخل - الدخان - في جملتها لما فيه من أضرار وعواقب نص عليها عليها الأطباء فضلا عن الفقهاء..

وهذا وجه مهم أضيفه نلتفت إليه..
وبارك الله فيكم.
 
صاحب المقال لم يحسن ترتيبه والاستدلال له , ولذلك لا يتبين لك مراده إلا بمشقة , وربما تفاوتت في فهمه الآراء , وهذه عادة الآراء الغريبة .
حاول أن تجد معنى {لهو الحديث} عند الكلباني من خلال هذا المقال , لن تجده , إلا أن تستنبطه استنباطاً , مع أنه رأس الموضوع وعنوانه .

الشيخ عادل لم ينكر أن الغناء داخل في لهو الحديث حتى نطالبه بالدليل المخرج
وإنما أنكر أن "لهو الحديث" هنا دليل على تحريم الغناء.
بعبارة أخرى يريد ان يقول لنا :
هل كل لهو من الحديث أو غيره محرم ؟
وهل هذه الآية نص في تحريم كل لهو ؟
مع أن هذا لم يظهر لي , وربما فهمه أبو سعد من الكلام , لكن يبقى السؤال قائماً على هذا الفهم :
الغناء من لهو الحديث , ولهو الحديث منه محرم : فما الدليل على إخراج الغناء من اللهو المحرم ؟
مع أنه أقرب إلى ظاهر اللفظ من غيره من المعاني .
ثم ما هي المعاني الأخرى للهو الحديث , وأيها محرم وأيها غير ذلك ؟ وكيف أدخلت هذا وأخرجت ذاك ؟
ربما لأجل هذا لم نجد معنى {لهو الحديث} في هذا المقال !

أعتقد أن مشكلتنا هي في القناعات المسبقة التي تحول بيينا وبين فهم الرأي الآخر.
نحن لا نرضى أن يلمزك أحدٌ بهذا أبا سعد , فلا ترضه لغيرك رعاك الله , وقد نصحتنا به في أوّل المقال مشكوراً فلا حاجة لتكراره بلا سبب .
 
يقول أبو صفوت:
" دعواه أن من أخطاء التفسير أن تؤخذ الكلمة من سياقها ، ويبنى الحكم على ذلك ، فلو قرأت قوله تعالى { فويل للمصلين } ووقفت ، كان المعنى تهديدا للمصلين ووعيدا ، ولا ريب أن هذا عكس المراد تماما ، فلا يستقيم المعنى إلا بإكمال الآية بعدها ليتضح أن المراد صنف من المصلين ، وهم الذين جاء وصفهم في الآيتين بعدها ، فالآية مرتبطة بالآيتين ، لا تنفك عنهما ، فتأمل . اهـ
وهو كلام مسلم لكنه لا ينفي الاستشهاد بالآية في غير ما نزلت فيه فلا أظنه يخفى على فضيلته أن هنالك فرقا كبيرا بين مقام التفسير للآية وبين مقام الاستشهاد بها أو بجزء منها ، فالسياق متحتم في التفسير لكونه بيانا للمعنى المراد في الآية ، وغير متحتم في الاستدلال والاستباط ، فقد يستدل العالم بجزء ءاية على معنى من المعاني غير ما أفادته الآية كلها في سياقها الذي سيقت له بشرط صحة الاستدلال على المعنى بأي طريق من الطرق المعتبرة ، وعدم مصادمته للمعنى السياقي"
وأقول لم أر الشيخ عادل ينفي الاستشهاد بالآية في غير ما نزلت فيه ولكنه ينفي أن يستشهد بها في غير ما لا يصح أن يستشهد بها فيه.
أما قول أبي صفوت:
"وإلا فماذا نقول في تلاوة النبي صلى الله عليه وسلم لقوله تعالى ( وكان الإنسان أكثر شيء جدلا ) بعد حثه لعلي رضي الله عنه على قيام الليل ومحاورة علي رضي الله عنه في ذلك .
وماذا نقول فيما ورد من قيامه طوال الليل يردد قوله تعالى ( إن تعذبهم فإنهم عبادك ) الآية ، ويبكي ، مع أنها نازلة في شأن تعذيب الله للنصارى الذين جعلوا عيسى إلها من دون الله ."
فما أدري ما علاقتها بالموضوع !!؟
وأما قول أبي صفوت:
"وماذا نقول في قول سعد بن أبي وقاص في قوله تعالى ( الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ ) إلى آخر الآية، أنهم الحرورية."
لا شك أن هذا القول إن صح سنده إلى سعد رضي الله عنه فإنه يقصد أن الحرورية قد نقضوا العهد وربما صدق عليهم هذا الوصف الوارد في الآية ، ولكن بالتأكيد أن الآية لم تنزل فيهم وليس لهم نفس الحكم إلا إذا اجتمعت فيهم جميع الأوصاف المذكورة.
قال بن كثير:
"وهذا الإسناد إن صح عن سعد بن أبي وقاص، رضي الله عنه، فهو تفسير على المعنى، لا أن الآية أريد منها التنصيص على الخوارج، الذين خرجوا على عليٍّ بالنهروان، فإن أولئك لم يكونوا حال نزول الآية، وإنما هم داخلون بوصفهم فيها مع من دخل؛ لأنهم سموا خوارج لخروجهم على طاعة الإمام والقيام بشرائع الإسلام."
ثم هذه صفات ظاهرة من انطبقت عليه أخذ الحكم المترتب على مرتكبها والاستدلال بها في محلها مطابق لتفسيرها.
أما قول أبي صفوت:
"وماذا نقول في قول عمر بن الخطاب : إني أخاف أن أكون كالذين قال الله تعالى لهم وقَرَّعهم: ( أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا ) مع أنها في الكلام عن حال الكفار يوم القيامة حال عرضهم على النار . "
فأقول الفاروق رضي الله عنه قال أخاف أن أكون ..... وهذا من شدة ورعه رضي الله عنه ، ولم يستدل بها على حرمة الاستمتاع بالطيبات التي أحل الله ، وما كان له أن يفعل وهو يقرأ قول الله تعالى :
(قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ) الأعراف(32).
يقول أبو صفوت:
"هذا إضافة إلى أن المثال المذكور لم يخرج عن سياقه بتفسيره بالغناء ولم يفسر ابن مسعود الآية بمعزل عن سياقها ، وما أبعد الشبه بينها وبين الأمثلة المذكورة ، بل تفسير ابن مسعود دائر مع السياق "
أقول :
بعد أن ذكر الطبري رحمه الله تعالى أقوال السلف ومنهم بن عباس وبن مسعود في معنى " لهو الحديث" قال:
"والصواب من القول في ذلك أن يقال: عنى به كلّ ما كان من الحديث ملهيا عن سبيل الله مما نهى الله عن استماعه أو رسوله؛ لأن الله تعالى عمّ بقوله:(لَهْوَ الحَدِيثِ) ولم يخصص بعضا دون بعض، فذلك على عمومه حتى يأتي ما يدلّ على خصوصه، والغناء والشرك من ذلك."
وهنا أدعو إلى تأمل قول الطبري رحمه اله تعالى: "عنى به كلّ ما كان من الحديث ملهيا عن سبيل الله مما نهى الله عن استماعه أو رسوله"
وهنا نلاحظ أنه عم به كل حديث بشرط الإلهاء عن سبيل الله ، وهذا لا شك أنه يدخل فيه الحديث المباح إذا ألهى عن سبيل الله.
ونحن مع بن مسعود رضي الله عنه أن الغناء من اللهو ، ولكن هل قال بن مسعود رضي الله عنه إن الغناء حرام وأن هذه الآية نص في تحريمه؟
بالنسبة لي لا أرى ذلك أنه قول بن مسعود ، وهذا هو رأى الشيخ عادل الكلباني حفظه الله حيث قال:

"والأقرب إلى الحق فيما يظهر والله أعلم أن لا يترك قول الإمامين الحبرين رضي الله عنهما ، وإنما يؤخذ به على سبيل المثال كما قررنا ، ويكون المعنى إن الغناء قد يستعمل للإضلال عن سبيل الله ، كما قد يفعله بعضهم في هذه المهرجانات ، والفيديو كليبات من مجون ومياعة وفسق وفجور وتعر وإثارة جنسية واضحة ، يسمونها غناء ، وما هي إلا صد عن سبيل الله ، حينها نقول نعم الغناء بمثل هذه الصورة لا يصح بحال وهو داخل في الآية قطعا ، وقد يكون كفرا ."

ولهذا أقول:
ما كان هناك من حاجة إلى قول أخينا أبي صفوت:
" لكن الإشكال في ذهن الكاتب وتصوره ، وإلا فليذكر لنا الآن أين لهو الحديث الذي يشترى ولا يضل عن سبيل الله ولا يملأ القلب رجسا ونجسا ، وإن وجد فما هي نسبته حتى تقوم الدنيا عليه ولا تقعد ، ومن قال بحرمته ؟"

والله الهادي إلى الحق والصواب
والله أعلى وأعلم
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد
 
صاحب المقال لم يحسن ترتيبه والاستدلال له , ولذلك لا يتبين لك مراده إلا بمشقة , وربما تفاوتت في فهمه الآراء , وهذه عادة الآراء الغريبة .
حاول أن تجد معنى {لهو الحديث} عند الكلباني من خلال هذا المقال , لن تجده , إلا أن تستنبطه استنباطاً , مع أنه رأس الموضوع وعنوانه .
مع أن هذا لم يظهر لي , وربما فهمه أبو سعد من الكلام , لكن يبقى السؤال قائماً على هذا الفهم :


الغناء من لهو الحديث , ولهو الحديث منه محرم : فما الدليل على إخراج الغناء من اللهو المحرم ؟


مع أنه أقرب إلى ظاهر اللفظ من غيره من المعاني .


ثم ما هي المعاني الأخرى للهو الحديث , وأيها محرم وأيها غير ذلك ؟ وكيف أدخلت هذا وأخرجت ذاك ؟


ربما لأجل هذا لم نجد معنى {لهو الحديث} في هذا المقال !​


نحن لا نرضى أن يلمزك أحدٌ بهذا أبا سعد , فلا ترضه لغيرك رعاك الله , وقد نصحتنا به في أوّل المقال مشكوراً فلا حاجة لتكراره بلا سبب .
يا بن العم
سلام الله عليك
رأي الشيخ عادل واضح وانظر آخر مقاله تجده .
أما اللمز فأعوذ بالله منه
ولكن هي الحقيقة أخي الفاضل القناعات المسبقة تسطير على الشخص بقوة ويصعب التحرر منها وهذا أجده في نفسي ولا أتبرى منه ولكن أدعو الله أن يعافيني منه.
 
يا ابن العم
سلام الله عليك
رأي الشيخ عادل واضح وانظر آخر مقاله تجده .
أما اللمز فأعوذ بالله منه
ولكن هي الحقيقة أخي الفاضل القناعات المسبقة تسطير على الشخص بقوة ويصعب التحرر منها وهذا أجده في نفسي ولا أتبرى منه ولكن أدعو الله أن يعافيني منه.
يا ابن أخي
أحبك الله وأسعدك

نعم رأي الشيخ عادل واضح بلا شك ؛ لكنه لم يبين معنى {لهو الحديث} عنده , فكيف يبني مقالاً يحتشد له من سنين بلا أصلٍ بَيّنٍ يبنيه عليه ؟!

وأنت لست من أهل اللمز معاذ الله , بل جاءت منك زيادة حرص على الإنصاف , ومراقبة النفس في كل جواب , فشكر الله لك , وغفر لنا ولمن نحب أجمعين .
 
الأخ الفاضل أبو سعد الغامدي - حفظه الله -
هناك أمور أود طرحها بهذا الصدد :
1) القضية المذكورة أهون من يدور حولها كل هذا النقاش في نظري - وما ينازع أحد في كون حسن الكلام مباحا إذا خلا من المعازف ، وما ينازع أحد في كون فاحش الكلام حراما ولو بدون المعازف ، فانحصر الكلام إذن في قضية المعازف .
2) من أراد أن يتكلم عن الغناء في عصر صارت كلمة الغناء فيه حقيقة عرفية في فاحش الكلام وساقطه فعليه أن يحرر بوضوح ماذا يقصد بكلامه عن الغناء بدلا من تطويل الصفحات بمواضع الاتفاق وخلطها بمواطن الاختلاف

3) أول المقال يناقض آخره فأوله دعوة إلى عدم الجمود على آراء السابقين والتمسك بآراء لا تواكب روح العصر ، وآخره ترجيح لكلام السابقين واعتبار له في بعض جزئيات المسألة .
4) لست عاجزا عن أرد على كثير ممن انتقدت به كلامي لا لشهوة الرد ولكن لبيان مقصودي الذي ربما لم يتضح لك ، لكن لست ممن يهوى الدخول في مجادلات في موضوع قد عرفت غايته ومنتهاه وما تفيد كثرة الجدل فيه إلا تضييعا لأوقات صرفها إلى غيره أولى ، وتأمل لو أني أمسكت نقطة نقطة مما عقبت عليه ورددت عليها ثم رددت علي أنت متى ينتهي موضوعنا ومتى نفرغ لأعمال هي أهم منه
5) دخلنا في عناء هذا الموضوع بناء على مطلب منك في نقض طريقة الاستدلال ، فذكرنا وجهة نظرنا ، فانتقدتها ، فهب أننا لم ننتقد ولم نقل شيئا ، وهب أننا سلمنا تنزلا بخطأ كل ما قلنا ، فنحن ندعوك وقد رأينا لديك القدرة على النقد أن تنتقد طريقة الاستدلال إن كنت ترى عليها غبارا ، ونحن إلى انتقادك بالأشواق ، وثق تماما أني لن أدخل معك في شد وجذب وأخذ وعطاء ورد وانتقاد لثقتي بنفاسة وقتك .
وفقك الله
 
الأخ الفاضل أبا صفوت
سلام الله عليك ، وبعد:
حتى أختصر معك الموضوع أنا قلت منذ البداية ليس الغرض هو تقرير حكم الغناء.
وأنا لم أطرح الموضوع من أجل نقض طريقة استدلال الشيخ الكلباني وإنما قلت:
"أرجو من الإخوة الأفاضل مناقشاة الموضوع بما يتعلق بالناحية الاستدلالية بعيدا عن أي متعلقات أخرى وفق الله الجميع لما فيه الخير. "
فلا يلزم من المناقشة النقض بل قد تكون النتيجة هي تأكيد صحة الاستدلال.
وبما أن أغلب موضوعات الملتقى تدندن حول التفسير وضوابطه وقواعد الاستدلال والمطالبة بوضع منهج يسير عليه طلبة علم التفسير رأيت أن مناقشة هذا الموضوع وأمثاله ربما أثمرت بعض النتائج الإيجابية في تأسيس قواعد استدلالية صحيحة.
وعليه فأنا أخالفك الرأي في مدى أهمية الموضوع وإذا كان لديك ما هو أهم فأنت دخلت النقاش باختيارك ولم يجبرك أحد عليه وبإمكانك أن تفرغ نفسك لما تراه أهم ولا تشغل نفسك بردي ولا برد غيري.
بارك الله فيك ونفع بك
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
 
الأخ الفاضل عاطف شكر الله لك ما تفضلت به

ولكن أرى أنك خرجت عن المقصود إلى ما حذرت منه وهو عدم مناقشة حكم الغناء
نحن نريد النقاش حول صحة الاستدلال بالآية على أن معنى "لهو الحديث" هو الغناء
كلامك له وجاهته إذا كان البحث في حكم ما فإنه يجب النظر في الأدلة مجتمعة كما ذكرتَ.

وفق الله الجميع لما فيه الخير والصواب وصلاح الدنيا والدين​
أخي الكريم بوركت أولا ..
وحقيقة أنا ما وقعت فيما حذرت منه لأنه عين ما أردته في طريقة الاستدلال وأزيدك هنا تأكيدا لذلك .. عدة مسائل مهمة:
1- أن - لهو الحديث - قد يدخل هنا من تنزيل العام على الخاص حيث أن في هذا كثير من الآيات من تنزيل العام على الخاص والخاص على العام أو المطلق على المقيد - كقوله تعالى - فاقطعوا أيديهما - هذا عام مطلق على كل اليد فجاءت السنة فقيدته.
وكلذلك - لهوا الحديث عند العرب - وإن كان معناه كل لهو جملة إلا أنه كان أشد وسائل الصد واللهو عندهم ولهذا تنزلت جملة - لهو الحديث - بوجهين فيما أعلم:
الأول - أنه لهو أي داخل فيه بل وهو أعظم أنواعه.
الثاني: أنه خص بكلمة - الحديث - فعم الكلام وصنوفه.
ولا أدل على هذا - أخي الكريم - من هذه النصوص ولست الآن في محل تخريجها.

بل وهناك وجه ثالث قوله تعالى- يشتري - فهو دال بنفسه على ذلك حيث أن الشراء والبيع في لغة العرب يقع عليه بحسبه لأنهم كانوا يشترون الجواري المغنيات والقينات ليصدوا به الناس عن القرآن وليهلوا به لأنفسهم.
وهذي جملة نصوص تؤكد ذلك:
حدثنا إسرائيل عن سِماكٍ عن مَعْبَدِ بنِ قيس عن عبدالله بن عميرٍ أو عُمسرةَ قال حدَّثني زَوْجُ ابْنَةِ أبي لهبٍ قالَ دَخَلَ عَلَيْنَا رسول الله صلى الله عليهِ وسلم حين تَزَوَّجْتُ ابْنَةَ أبي لهبٍ فقال: هَلْ مِنْ لَهْوٍ*مسند الامام أحمد
4765 حدثنا الفضل بن يعقوب حدثنا محمد بن سابق حدثنا اسرائيل عن هشام بنِ عروةَ عن أبيهِ عن عائشةَ أنّها زَفّتِ امْرأَةً إلى رجلٍ من الأنصار فقال نَبِيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم : يا عائشةَ ما كانَ مَعَكُمْ لَهْوٌ فإنَّ الأنصارَ يُعْجِبُهُمُ اللَّهْوُ*رواه البخاري
1885 حدثنا نصر بنُ عليٍّ الجهمي والخليل بن عمرو قالا حدثنا عيسى بن يونس عن خالد بن إلياس عن ربيعة ابنِ عبدالرحمن عن القاسم عن عائشةَ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: أعلنوا هذا النكاح واضربوا عليه بِالْغِرْبَالِ* سنن ابن ماجة.
وجاء في أسباب النزول
أخرج جويبر عن ابن عباس قال نزلت في النصر بن الحرث اشترى قينة وكان لا يسمع بأيريد الإسلام إلا انطلق به إلى قينته فيقول أطعميه واسقيه وغنيه هذا خير مما يدعوك اليه محمد من الصلاة والصيام وأن تقاتل بين يديه فنزلت.

2- هناك آية أخرى تدل على نفس الحكم في هذه المسألة:
وقال تعالى: "وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُورًا" (سورة الإسراء:64)
جاء في تفسير الجلالين: (واستفزز): استخف، (صوتك): بدعائك بالغناء والمزامير وكل داع إلى المعصية و هذا أيضا ما ذكره ابن كثير والطبري عن مجاهد. وقال القرطبي في تفسيره: "في الآية ما يدل على تحريم المزامير والغناء واللهو..وما كان من صوت الشيطان أو فعله وما يستحسنه فواجب التنزه عنه".
و قال الله عز وجل: "وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا" (الفرقان: 72).
وقد ذكر ابن كثير في تفسيره ما جاء عن محمد بن الحنفية أنه قال: الزور هنا الغناء، وجاء عند القرطبي والطبري عن مجاهد في قوله تعالى: "والذين لا يشهدون الزور" قال: لا يسمعون الغناء. وجاء عن الطبري في تفسيره: "قال أبو جعفر: وأصل الزور تحسين الشيء، ووصفه بخلاف صفته، حتى يخيل إلى من يسمعه أو يراه، أنه خلاف ما هو به، والشرك قد يدخل في ذلك لأنه محسن لأهله، حتى قد ظنوا أنه حق وهو باطل، ويدخل فيه الغناء لأنه أيضا مما يحسنه ترجيع الصوت حتى يستحلي سامعه سماعه" (تفسير الطبري).
وفي قوله عز وجل: "و إذا مروا باللغو مروا كراما" قال الإمام الطبري في تفسيره: "وإذا مروا بالباطل فسمعوه أو رأوه، مروا كراما. مرورهم كراما في بعض ذلك بأن لا يسمعوه، وذلك كالغناء".

3- أن الصحابة رضي الله عنهم هم من أصول العرب وفحولها ولا ريب فكونهم بفسرون ويقعون - لهو الحديث - على الغناء فهذا أولى وأسلم وأسد في طرق الاستدلال لوجوه:
- أنهم أصول العرب والبيان.
- أنهم أعلم بالتنزيل من غيرهم إلى يوم القيامة.
- أن الله زكاهم وعدلهم.
- أن المتكلمين منهم في تحريم الغناء.هم من أعلم الناس بالقرآن ومعانيه من أمثال عبد الله بن مسعود وابن عباس.

4- أن أصل الكلام - أن الغناء - داخل بالجملة في لهو الحديث - فإخراج الغناء على التحديد من جملة لهوا الحديث هو الخطأ فهذا هو الذي يحتاج إلى دليل صحيح يؤكده ويعضده.
لأن الأصل في الكلام العموم إلا ما جاء الدليل على تخصيصه: فلهو الحديث كل ما شغل وألهى عن ذكر الله وصد عنه من الغناء واللعب والغيبة وفضول الكلام .
فإخراج الغناء من مفهوم اللغو هو الذي في حاجة إلى استدلال لأن الأصل بقاء ما كان على ما كان..
قال القاسم بن محمد رحمه الله: الغناء باطل، والباطل في النار.
وقال الحسن البصري رحمه الله: إن كان في الوليمة لهو –أى غناء و لعب-، فلا دعوة لهم (الجامع للقيرواني).

قال النحاس رحمه الله: هو ممنوع بالكتاب والسنة، وقال الطبري: وقد أجمع علماء الأمصار على كراهة الغناء، والمنع منه. ويقول الإمام الأوزاعي رحمه الله: لا تدخل وليمة فيها طبل ومعازف.

قال ابن القيم رحمه الله في بيان مذهب الإمام أبي حنيفة: "وقد صرح أصحابه بتحريم سماع الملاهي كلها كالمزمار والدف، حتى الضرب بالقضيب، وصرحوا بأنه معصية توجب الفسق وترد بها الشهادة، وأبلغ من ذلك قالوا: إن السماع فسق والتلذذ به كفر.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "مذهب الأئمة الأربعة أن آلات اللهو كلها حرام...ولم يذكر أحد من أتباع الأئمة في آلات اللهو نزاعا" (المجموع). وقال أيضا: "فاعلم أنه لم يكن في عنفوان القرون الثلاثة المفضلة لا بالحجاز ولا بالشام ولا باليمن ولا مصر ولا المغرب ولا العراق ولا خراسان من أهل الدين والصلاح والزهد والعبادة من يجتمع على مثل سماع المكاء والتصدية لا بدف ولا بكف ولا بقضيب وإنما أحدث هذا بعد ذلك في أواخر المائة الثانية فلما رآه الأئمة أنكروه" وقال في موضع آخر: "المعازف خمر النفوس، تفعل بالنفوس أعظم مما تفعل حميا الكؤوس" (المجموع).

5- أما كتب اللغة فهاكم بعضها في اللهو:
- أنشد ابن الأعرابيّ:
من البيض ترغينا سقاط حديثها ... وتنكدنا لهو الحديث الممنع
- جاء في العين:
لهو: اللَّهْوُ: ما شغلك من هَوىً أو طرب. لَها يَلْهُو، والْتَهَي بامرأةٍ فهي لَهْوَتُهُ، قال:
ولَهْوَةَ اللاهي ولو تَنَطَّسا
واللَّهْوُ: الصُّدُوف عن الشيء. لَهَوْتُ عنه أَلْهُو لَهوا . والعامة تقول: تَلهَيت.
ويقال: ألهيته إلهاءً أي: شغلته.
وتقول: لَهِيت عن الشيء، ولَهِيتُ منه. وآلهَ عن هذا الأمر، وأله منه.
وقول الله عز وجل: " لو أَرَدْنا أن نَتَّخِذَ لَهْواً لاتَّخُذْناهُ من لَدُنّا " . يقال: هو أي: اللهو المرأة نفسها.
واللَّهاةُ: أقصىَ الفَمِ، وهي لَحمة مشرفة على الحَلْق، وهي من البعير العربي الشَّقْشِقَة. ويقال: لكل ذي حلقٍ لَهاة، والجميع: لَهاً ولَهَوات.
واللُّهْوَةُ: ما يُلْقَى في فم الرَّحىَ من الحب للطَّحْن، قال:
يكونُ ثِفالُها شرقي نجدٍ ... ولُهْوتُها قُضاعَةَ أجمعينا.
قال إسحاق الموصلي: أنشدني إسحاق بن مخلد الرازي لأبي العتاهية:
ما إن يطيب لذي الرعا ... ية للأيام لا لعب ولا لهو

إذ كان يسرف في مسرته ... فيموت من أجزائه جزو

- وجاء في المحيط في اللغة:
لهو اللهو ما شغلك من هوى وطرب، ولها يلهو، والتهى بامرأة فهي لهوة. واللهو المرأة نفسها. وقيل الولد. والجماع أيضاً. وبينهم ألهية أي لهو. واللهو الصرف عن الشيء، لهوت عنه ألهو، ولهيت عنه لغة. واله عن هذا الأمر واله. واللهاة أقصى الفم. وهي من البعير شقشقته. والجميع اللها واللهوات واللهاء - بالمد - واللهيات. واللهوة ما ألقي في فم الرحى لهوة. واللها أفضل العطاء وأجزله، الواحدة ليهة ولهوة. وفلان ذو لهوة أي كثرة مال. ويقولون إبله لهاء المائة أي زهاؤها. ولاهى الصبي من الفطام قاربه.

- وجاء في لسان العرب:
وقوله تعالى ومن الناس من يشتري لَهْوَ الحديث ليُضِلَّ عن سبيل الله جاء في التفسير أَن لَهوَ الحديث هنا الغِناء لأَنه يُلْهى به عن ذكر الله عز وجل وكلُّ لَعِب لَهْوٌ وقال قتادة في هذه الآية أَما والله لعله أَن لا يكون أَنفق مالاً وبحَسْب المَرء من الضلالة أَن يختار حديث الباطل على حديث الحق وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أَنه حَرَّم بيعَ المُغنِّية وشِراءها وقيل إِن لَهْوَ الحديث هنا الشِّرْكُ والله أَعلم ولَهِيَ عنه ومنه ولَها لُهِيّاً ولِهْياناً وتَلَهَّى عن الشيء كلُّه غَفَل عنه ونَسِيَهُ وترك ذكره وأَضرب عنه وأَلهاهُ أَي شَغَلَه ولَهِيَ عنه وبه كَرِهَه وهو من ذلك لأَن نسيانك له وغَفْلَتك عنه ضرب من الكُرْه ولَهَّاه به تَلْهِيةً أَي عَلَّله وتَلاهَوْا أَي لَها بضعُهم ببعض الأَزهري وروي عن عُمر رضي الله عنه أَنه أَخذ أَربعمائة دينار فجعلها في صُرة ثم قال للغلام اذهب بها إِلى أَبي عبيدة ابن الجرّاح ثم تَلَهَّ ساعة في البيت ثم انْظُرْ ماذا يَصْنَعُ قال ففرَّقها تَلَهَّ ساعة أَي تَشاغَلْ وتَعَلَّلْ والتَّلَهِّي بالشيء التَّعَلُّلُ به والتَّمكُّثُ يقال تَلَهَّيْت بكذا أَي تَعَلَّلْتُ به وأَقَمْتُ عليه ولم أُفارقُه وفي قصيد كعب وقال كلُّ صَديق كنت آمُلُهُ ولا أُلْهِيَنّكَ إِني عنكَ مَشْغُول أَي لا أَشغَلُك عن أَمرك فإِني مَشْغُول عنك وقيل معناه لا أَنفعك ولا أُعَلِّلُك فاعمل لنفسك وتقول الْهَ عن الشيء أَي اتركه وفي الحديث في البَلَل بعد الوُضوء الْهَ عنه وفي خبر ابن الزبير أَنه كان إِذا سمع صوت الرعد لَهِيَ عن حديثه أَي تَركه وأَعْرَضَ عنه وكلُّ شيء تَركْتَه فقد لَهِيتَ عنه وأَنشد الكسائي إِلْهَ عنها فقد أَصابَك مِنْها والْهَ عنه ومنه بمعنى واحد الأَصمعي لَهِيتُ من فلان وعنه فأَنا أَلْهَى الكسائي لَهِيتُ عنه لا غير قال وكلام العرب لَهَوْتُ عنه ولَهَوْتُ منه وهو أَن تدعه وتَرْفُضَه وفُلانٌ لَهُوٌّ عن الخير على فَعُولٍ الأَزهري اللَّهْو الصُّدُوفُ يقال لَهَوْتُ عن الشيء أَلهُو لَهاً قال وقول العامة تَلَهَّيْتُ وتقول أَلهاني فلان عن كذا أَي شَغَلني وأَنساني قال الأَزهري وكلام العرب جاء بخلاف ما قال الليث يقولون لَهَوْتُ بالمرأَة وبالشيء أَلْهُو لَهْواً لا غير قال ولا يجوز لَهاً ويقولون لَهِيتُ عن الشيء أَلْهى لُهِيّاً ابن بزرج لهَوْتُ.

- وجاء في تاج العروس:
باتَ في لَهْوٍ وسَماعٍ : السَّماع : الغِناء وكلُّ ما الْتَذَّتْه الآذانُ من صوتٍ حسَنٍ : سَماعٌ . والسَّميع في أسماءِ اللهِ الحُسْنى : الذي وَسِعَ سَمْعُه كلَّ شيءٍ . والسَّميعانِ من أَدَوَاتِ الحَرّاثينَ : عُودانِ طَويلانِ في المِقْرَنِ الذي يُقرَنُ به الثَّوْرانِ لحِراثَةِ الأرضِ قاله الليثُ . والمِسْمَعان : جَوْرَبان يَتَجَوْرَبُ بهما الصائدُ إذا طَلَبَ الظِّباءَ في الظَّهيرَة . والمِسْمَعان : عامِرٌ وعبدُ الملكِ بنِ مالكِ بنِ مِسْمَعٍ هذا قولُ الأَصْمَعِيّ وأنشدَ :
ثَأَرْتُ المِسْمَعَيْنِ وقلتُ بُوآ ... بقَتلِ أخي فَزارَةَ والخَبَارِ

- وجاء في القاموس الفقهي:
ي به - لها: أحبه.
تلهى بالشئ: لها به.
اللهاة: اللحمة المشرفة على الحلق في أقصى الفم.
(ج) لهوات، ولهيات، ولهي، ولهاء.
اللهو: ما لعبت به، وشغلك من هوى، وطرب، ونحوهما.
وفي القرآن الكريم: (ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم.
ويتخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهين) (لقمان: 6) قال ابن مسعود: هو، والله، الغناء، وكذا قال ابن عباس، وجابر، وعكرمة، وسعيد بن جبير،
ومجاهد، ومكحول.
قال ابن جرير: هو كل كلام يصد عن آيات الله، واتباع سبيله.
-: المرأة الملهو بها.
-: الطبل، ونحوه.
اللهوة: العطية من أي نوع كان.​

6- كما أنه ليس كل لهو محرم وهذا واضح إلا ما دل دليل على تحريمه والغناء وردت فيه نصوص غير هذه الآية وأقوال تدل على أن هذا النوع من اللهو داخل في دائرة التحريم لخطره على القلوب.. وقد وضع أهل العلم شروطًا تدل على أن الغناء محرم إلا بشروط
منها - أن تكون كلماته موافقة الشرع حاثة على معاني القيم وفضائل الأخلاق.
ومنها - ألا يصحب بالمعازف وآلات اللهو
ومنها- ألا يكون بصوت امرأة أمام الرجال . انتهى.

الخلاصة:
1- أن شواهد اللغة تدل عليه على عمومها.
2- أن شواهد التفسير والأقوال تدل عليه على خصوصها.
3- أن الصحابة أعلم بتنزيل النصوص مكانها من غيرهم.
فالغناء على العموم داخل في لهو الحديث. وعلى الخصوص فهو المقصود هنا لأنه أعظم أنواع اللهو وأشدها على القلوب وأقوال الأئمة الأربعة وغيرهم فيه جلية واضحة.
 
أنقل هنا ما ذكره الشيخ أبو بكر جابر الجزائري حول هذه الآية في كتابه "الإعلام بأن العزف والغناء حرام" ضمن "رسائل الجزائري" الرسالة السادسة ص363 وما بعده:
قال تعالى (((ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل الناس عن سبيل الله بغير علم))) لقمان الآية 6؛
قال مجاهد -وهو الذي قيل فيه :إن أتاك التفسير عن مجاهد فحسبك-: قال: لهو الحديث الاستماع إلى الغناء، وإلى مثله من الباطل. وقال: حلف عبد الله بن مسعود رضي الله عنه بالله الذي لا إله إلا هو -ثلاث مرات: إنه الغناء. يعني لهو الحديث في هذه الآية.
بيد أن لمقنع أن يقول: إن هذا مقيد بكونه يضل عن سبيل الله تعالى، وما دام المستمع أو المغني لا يضل عن سبيل الله فلا محذور إذا!
فنقول له:
1-أولا: إن الإضلال عن سبيل الله نتيجة طبيعية للغناء والسماع لا تختلف، سواء قصدها المغني أو المستمع أو لم يقصدها؛ لأن المضلل عن سبيل الله ليس هو غير المغني أو المستمع دائما، بل نفس المغني أو المستمع تضل كذلك بالغناء أو السماع، عن سبيل الله، ولهذا لم يذكر المفعول به في الآية؛ بل حذف ليعم المغني والمستمع وغيرهما ممن قد يقصد إضلالهم وإفسادهم.
2-وثانيا: فهل الغناء يهدي بطبعه إلى سبيل الله ويدعو إليه؟ ومتى كان لا يهدي فهو يضل، ومتى كان لا يدعو فهو يصد. ثم هل عرف الناس طوال دهرهم ثمرة للغناء وسماعه سوى ما يصيب به قلوبَ أهله مِن قسوة، وأخلاقَهم مِن التدهور والفساد، وأرواحَهم من الخبث والتدسية -والعياذ بالله-؟؟
أليس من المشاهد عندنا اليوم أن السماع شاغل عن ذكر الله تعالى، وعن الصلاة؟ أو لم يكف الغناء والسماع إليه تحريما ومنعا أن يذكرا وأنهما سبيل إلى الصدّ عن سبيل الله عز وجل، وطريق إلى الانشغال عن ذكر الله؟ ألم تحرم الخمر والميسر من أجل أنهما وسيلة إلى الصدّ عن ذكر الله وعن الصلاة؟ ألم يقل الله (((إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة))) المائدة الآية 91
3-وثالثا: قال تعالى من سورة النجم (((أفمن هذا الحديث تعجبون وتضحكون ولا تبكون وأنتم سامدون))) النجم 59-61. قال عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما: السمود هو الغناء بلسان حمير. وهي إحدى القبائل العربية قال: يقال: اسمدي لنا يا فلانة: أي غني لنا. وقال عكرمة في تفسير الآية: كانوا إذا سمعوا القرآن تغنوْا ليصدوا الناس عن القرآن بالغناء، فنزلت الآية (((أفمن هذا الحديث)))إلى(((وأنتم سامدون))). ولهذا سمى السلف الصالح الغناء: قرآن الشيطان؛ لأنه يعارض به القرآن، ويشغل به عنه وعن ذكر الله، كما يصدّ به عن الله تعالى.
وأخيرا : فهل ذمّ الله تعالى لأصحاب هذه الصفات وتقريعه لهم وإنكاره عليهم هذا الصنيع من الضحك والغناء دال على غير تحريم الغناء ومنعه؟


(يتبع)
 
أخي حكيم رزقنا الله جميعا الحكمة
يلزم من قولك أن العجب مطلقا والضحك مطلقا حرام
**
ولا يلزم من كون الشيء لا يهدي أنه يضل.
***
أخي الكريم أصل النقاش في صحة الاستدلال لا في حكم الغناء​
 


أخي الكريم أصل النقاش في صحة الاستدلال لا في حكم الغناء​

جزاك الله أخي أبا سعد على طول نفسك وصبرك في المناقشة وهذه منقبة لك.. وتعقيبًا دعني أقول:

ما المفصود عندك بصحة الاستدلال لا حكم الغناء..
سيبق أن أشرت في هذه الصفحة إلى عدة أدلة شرعية ولغوية وتفسيرية للآية الكريمة وفيها طرق الاستدلال ولكن يبدوا أنك تشاغلت عنها أو لم تقف معها طويلًا..

من المعلوم أخي الكريم أن مناقشة أي مسألة شرعية يتعلق به أمور:
1- الاستدلال
2- الحكم الناتج عنه.

فإذا كنا نريد البحث عن صحة الاستدلال بالآية أن - لهو الحديث هو الغناء - فقد بينت لكم سابقًا:
1- أن شواهد اللغة تدل عليه على عمومها.
2- أن شواهد التفسير والأقوال تدل عليه على خصوصها.
3- أن الصحابة أعلم بتنزيل النصوص مكانها من غيرهم.
فالغناء على العموم داخل في لهو الحديث. وعلى الخصوص فهو المقصود هنا لأنه أعظم أنواع اللهو وأشدها على القلوب وأقوال الأئمة الأربعة وغيرهم فيه جلية واضحة.

وقد نص أهل العلم على أن مناقشة الاستدلال والوصول إلى الحكم أحسن طرقه وقواعده:
القرآن أولًا قبل السنة واللغة.
السنة النبوية بما صح منها.
الإجماع.
اللغة.
والقياس.
وغيرها..

فإذا أثبتنا من القرآن وتفسيره وأقوال الصحابة رضي الله عنهم وشواهد اللغة أن المقصود - بلهو الحديث هنا هو الغناء - فإننا لم نناقش حكم الغناء أصلًا وإن كان هو الناتج منه ولا ريب لكننا ناقشنا وأثبتنا من خلال الأدلة أن اللهو هنا على وجه الخصوص عام يخص الغناء تنزيلًا..

فما هي الحاجة إذًا إلى البحث عن سياق أدلة ثبت هذا وقد جئنا بها ويوجد غيرها:
ولا ننسى قاعدة مهمة أن هذه بعض آية: أي لا تفسر باللغة أولًأ وإنما بطرق التفسير الصحيحة من تفسير القرآن بالقرآن وبالسنة والإجماع واللغة بعد هذا لا قبل هذا بارك الله فيك..
والقرآن حاكم على اللغة وليست اللغة حاكمة على القرآن وهذا له أدلته المعتبرة..

وإذا تأملنا في قوله تعالى - ولم يلبسوا إيمانهم بظلم - فسره النبي صلى الله عليه وسلم بالشرك..
فهل نقول هنا أين الدليل أن الظلم يقصد به الشرك..
الجواب الدليل: قول الرسول لا الدليل اللغوي لمسمى الظلم.
وصدق القائل:
وليس يصح في الأذهان شئ إذا احتاج النهار إلى دليل.

وأرى أن الاستدلال بالآية واضح لا خفاء فيه... وأن إطالة البحث فيه لا فائدة من ورائه .. بعد هذا

ولكن أقول لو افترضنا أن الآية لا حجة فيها فيها على الغناء.. فإن لدينا من القرآن والسنة الصحيحة والإجماع ما يدلل على الغناء.. وتحريمه..

أرجوا أن أكون وفقت لإيضاح ما أريده بزعمي هذا وأرجوا من الإخوة مناقشة طرق الاستدلال قبل الكلام على طرق استخراجه من الدليل.. التفصيلي..

وجزى الله إخواننا المشاركين وأخانا أبا سعد والله نحن نسعد به سعادة كبيرة لا يعلمها إلا الله.. وفقنا الله لكل خير..
 
الحمد لله
هذا تتمة كلام الشيخ أبي بكر جابر الجزائري في كتابه "الإعلام بأن العزف والغناء حرام" ص365 فيما يتعلق بآية سورة لقمان قال:
وقد يقول المقنع (هذه كناية في كل الرسالة إلى من قال بإباحة الغناء وكتب بذلك في جريدة عكاظ والرائد وكانتا تصدران في مكة وجدة ذكر ذلك في المقدمة ص359): إن هذه الآيات التي سقتموها أدلة على تحريم الغناء ومنعه ليست هي صريحة في ذلك، وكل ما فيها أنه إيماء وإشارة فقط!
ولكنا نقول:
1- إن من له أدنى علم بكتاب الله تعالى يعرف أن التحريم للأشياء لا يكون فيه دائما بصيغة التحريم أو النهي، وإنما يكون بهما ويكون بغيرهما من الصيغ، وقد يكون أبلغ في الزجر، وأشدّ في التحريم. وذلك كأن يذكر عاقبة سيئة لفعل ما من الأفعال أو يذكر شيئا معقبا عليه بذمّه أو بذم فاعله ومتعاطيه، فإن هذا يكون محرما كالنّهي عنه أو أشدّ، ومن ذلك: الحسد والكبر والسحر، والغل والغلول، فهذه وغيرها محرمة إجماعا، ومع هذا فلم ينزل فيها حرف واحد يكون بالصيغة التي يريد "المقنع" وهي النهي الصريح أو التحريم الصريح، وكل ما جاء فيها أن الله تعالى ذمّ السحر وفاعله وهذا هو الشأن كذلك في الكبر والغل والمغلول.
وأوضح من هذا فاحشة اللواط فإنها طبعا وشرعا وبإجماع البشرية قاطبة والشرائع الإلهية عامة، ومع هذا لم يرد فيها نص واحد من الكتاب الكريم يحرمها بالصيغة التي يريد "المقنع" و أمثاله.وكل ما جاء في تحريم هذه الفاحشة العظمى حكايته تعالى عن نبيه لوط عليه السلام، وهو يؤنب قومه، ويعتب عليهم في شأنها، مع ذكر عاقبة خاسرة كانت لهم بسببها وبغيرها من الذنوب والمعاصي، فهل يستطيع "المقنع" ومن لفّ لفه أن يقول: اللواط مباح -كما قال في الغناء- وليس بمحرم، لأن الكتاب لم ينص على تحريمه ومنعه بصيغة المنع والتحريم؟
وقد يقول "المقنع" -فتح الله للحق بصيرته- : إن اللواط حرم بلفظ صريح في التحريم، وهو قول الله تعالى في بيان ما حرم على عباده: (ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن) الأنعام 151.
غير أننا نقول له : إن الفواحش لفظ عام للواط وغيره من كل قبيح شديد القبح كالبخل والشح والزنا ومقدماته، والكذب والسرقة والزمر والغناء، فليس إذا لفظ الفواحش نصا في تحريم اللواط، وإنما هو دال على تحريمه كما هو دال على تحريم المعازف والغناء سواء بسواء.
2- ليعلم "المقنع" أن الغناء في عرف اللغة معناه الصوت الحسن، فلو نزل القرآن بتحريم الصوت الحسن لحرم على المؤمن أن يرفع صوته مخافة أن يكون في صوته حسن أو تطريب، وأي حرج أعظم من هذا الحرج؟ والله يقول (وما جعل عليكم في الدين من حرج) [الحج 87].
ومن هنا كان تحريم الغناء وهو الصوت الحسن مشروطا بأن يكون داعيا إلى لهو، أو يكون معه زور من الكلام، وباطل من القول، لا مطلق الصوت، فإنه يكون بالقرآن وبغيره من الكلام الطيب، وهو إذ ذاك لا محذور فيه، ولعل هذا هو السرّ في مجيء الغناء الحرام في القرآن الكريم بلفظ السمود، لأن السمود لا يتناول في باب الغناء، غير الغناء المعوف، والذي لا يخلو من لهو ومجون، ولا تخلو ألفاظه من لغو وباطل محرمين.
ومن هنا أيضا جاء الغناء الحرام مقرونا بلفظ اللهو في قوله تعالى (ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله) لقمان 6 الآية للتنبيه على أن المراد بالغناء ذاك النوع الخاص المقرون باللهو، كآلات الطرب الصارف عن ذكر الله تعالى، الصادّ عن سبيله كما جاء بلفظ صوت الشيطان في قوله عز وجل (واستفزز من استطعت منهم بصوتك) الإسراء 64. لأن الشيطان لا يوحي إلا بالباطل ولا يوسوس بغير زخرف القول تضليلا وتغريرا.

اهـ المقصود مما يتعلق باللآية الكريم من سورة لقمان عليه السلام، والله الموفق وله الحمد والمنة
وللتنبيه هذا الكتاب قديم اقتنيته أنا سنة 1989 ولعله ألفه قبل ذلك بكثير.
 
عودة
أعلى