نظرة في مصطلح ( التفسير العلمي )

  • بادئ الموضوع بادئ الموضوع مرهف
  • تاريخ البدء تاريخ البدء

مرهف

New member
إنضم
27/04/2003
المشاركات
511
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الإقامة
ـ سوريا
الموقع الالكتروني
www.kantakji.org
بسم الله الرحمن الرحيم
نظرة في مصطلح ( التفسير العلمي )
هذه أول مشاركة لي في منتدى أهل التفسير ، وهو شرف لي أن أكون أحد أعضائه وبعد:
إننا نجد اليوم من يكتب في الإعجاز العلمي ، والتفسير العلمي في القرآن الكريم ، وأكثر من يكتب ليس مختصاً في التفسير مما يستدعي الشطط والخروج عن التفسير ، مما استدعى إيضاح كثير من النواحي الغامضة في الأسلوب الذي ينبغي أن يسلكه من أراد الخوض في هذه المجازفة ، ومن المعلوم أن أفضل أسلوب للنتاج العلمي هو تلاقح الأفكار وتبادل السؤال والجواب مع الدليل.
ولعل القارئ الكريم يعلم أن العلمانيين حاولوا إسقاط التصور الغربي للدين ـ المتمثل بالكنيسة ـ على الإسلام ، وإقناع مثقفي المسلمين بأن ( الدين ) يختلف عن العلم ، بل يحارب العلم كما كانت تفعل الكنيسة بمن يتصدر لإبداء نظرية علمية ، وظل التفريق بين العلم والدين يأخذ دوراً كبيراً ويعزز في أذهان المسلمين حتى اقتنع فئة كبيرة بهذا التفريق من المثقفين وممن سيطرت عليهم هجمة الإرهاب العالمي ، مما أدى إلى انقسام الدعاة إلى فريق يدافع عن الإسلام بأنه شجع على العلم بشتى أنواعه ، وفريق يبرهن على ذلك ولكن بأسلوب المقارنة بين الدين والعلم ، فصرت ترى مثلاً ( خلق الإنسان بين العلم والقرآن ) وغير ذلك مما شابهه ، ومن المعلوم أن الواو تفيد المغيرة ، يعني أن القرآن غير العلم ، ومع بدء الغرب بالاكتشافات العلمية ـ في الوقت الذي كان يسعى فيه الأعداء عند احتلالهم لبلاد المسلمين بعد سقوط الخلافة وإقامة النظم العلمانية إلى تجهيل المسلمين وإبعادهم عن سبل البحث العلمي وتطويره ـ ثم تقدم الغرب في ذلك مما أدى إلى انبهار كثير من العلماء بالغرب واكتشافاته ، فأرادوا أن يبينوا للناس أن القرآن قد سبق إلى هذه العلوم فأخذوا يبحثون في آيات الله تعالى ـ كلما ظهرت نظرية لم يتحقق صدقها بعد ـ عن آية تبين ما اكتشفه الغرب فظهرت تفاسير محمد عبده الغريبة لبعض آيات من كتاب الله أخرجت الألفاظ القرآنية عن مقتضى دلالتها ، وأبعد النجعة في بيان معانيها ، وظهر تفسير الجواهر الذي حوى من العلوم ما لا علاقة له بالتفسير ، فشط بعيداً عن التفسير .
وما زالت التجارب مستمرة في الكتابة في التفسير العلمي ، ولكن ألا ترون أن هذا المصطلح الذي صار علماً على تفسير الآيات التي تتحدث عن الكونيات مصطلحاً علمانياً ؟
إنني أرى عدم جواز استخدام هذا المصطلح وذلك لأننا نخرج التفسير بالمأثور عن كونه علمياً ، مع أننا نجد كثيراً مما ورد عن السلف الصالح من تفسير الآيات التي تتحدث عن الكونيات قد أكدها البحث والاكتشافات الحديثة ومثال ذلك قوله تعالى ( وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ) (الحجر:21) فقد أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنه قال : ما نقص المطر منذ أنزله الله ولكن تمطر أرض أكثر مما تمطر أخرى ، وقرأ هذه الآية . ) .و أخرج ابن جرير وغيره عن الحكم بن عتبة قال : ( ما من عام بأكثر مطراً من عام آخر ، ولكنه يمطر قوم ويحرم آخرون ، وربما كان في البحر .)
وهذا الذي أكدته الإحصائيات الحديثة بأن نسبة المطر التي تنزل في العالم واحدة ولكن تزيد عند دول وتنقص عند أخرى ، ومنه يكون الفيضانات والخراب عند قوم ، والجفاف والقحط عند آخرين بتقدير الله تعالى ، فماذا نسمي ما قاله ابن عباس رضي الله عنه ، ثم ماذا نسمي تفسير الآيات التي تتحدث عن العبادات والحدود والجهاد ..الخ أليست هي علم في شريعتنا ؟ .
إن مفهوم العلم عند المسلمين يشمل كل جوانب الحياة ولا يختص بمجموعة دون أخرى ، ولعل ما يؤكد ذلك هو قوله تعالى : ( وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ) (فاطر:28)
فإن قوله تعالى (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ ) جاء سياقها بعد ذكر أنواع المخلوقات وإبداع خلق الله تعالى لها ليعمم الوصف على كل الاختصاصات العلمية من شرعية وكونية ، والأحاديث النبوية التي حضت على طلب العلم تؤكد هذا كالحديث الذي أخرجه مسلم وغيره : ( من سلك طريقاً يلتمس به علماً سهل الله له طريقاً إلى الجنة ) .فتنكير العلم في الحديث دل على العموم في العلم المراد طلبه والله أعلم .
 
بسم الله الرحمن الرحيم
أشكر الأخ الكريم مرهف على انضمامه إلينا في ملتقى أهل التفسير ، وأرجو أن يتحفنا دائماً بمثل هذه المشاركة ، مع الحرص قدر الاستطاعة على تحرير المشاركات قبل اعتمادها ، أو تحريرها بعد ذلك ، والعناية بها ، والأمر في ذلك قريب وميسور والحمد لله.
وأما ما أشرت إليه يا أخي الكريم حول مصطلح (التفسير العلمي) ، وأنه مصطلح تشم منه رائحة العلمانية ، وأن فيه ما يشبه اللمز لغيره من أنواع التفسير ، فيمكن الحديث حوله في مسائل :
الأولى : أننا لا ننكر أن العلمانية قد القت بظلالها على جوانب كثيرة في حياة المسلمين اليوم ، وأن الذي يقرأ الكتب التي درست هذا الأمر دراسة عميقة لا يساوره شك في هذا الأمر. وأخص بالذكر كتابين أراهما من أهم ما قرأته في هذا الباب ، وهما كتاب (العلمانية الجزئية والعلمانية الشاملة) للدكتور عبدالوهاب بن محمد المسيري وفقه الله وبارك في علمه وجزاه عن الإسلام خير الجزاء ، ويقع كتابه في جزأين جمع فيهما بين النظرية والتطبيق وتحدث بعمق لم يسبق إليه في هذا الموضوع ، والكتاب الثاني كتاب (العلمانية - نشأتها وتطورها وآثارها في الحياة الإسلامية المعاصرة) للدكتور سفر بن عبدالرحمن الحوالي وفقه الله ورفع درجته. وذلك في حديثهم عن أثر العلمانية وفصلها بين العلم والدين سواء في بلاد المنشأ أو في العالم الإسلامي. والحديث في هذا الأمر يطول.

الثانية : أن (التفسير العلمي) مصطلح حادث ، والأصل في المصطلحات عدم المشاحة ، وإذا بين أهل الاصطلاح مرادهم بالمصطلح بما لامحذور فيه ، فلست أرى في ذلك إشكالاً ، على أن الأمر قابل للأخذ والرد في هذا الباب ، حيث يمكن أن يقال : لماذا لا يبحث عن مصطلح غير موهم ، حتى نخرج من الخلاف. وهذا أمر مقبول ، فما لا خلاف حوله أولى. ومن الملاحظ أن أكثر من اعتنى بهذا اللون من التفسير وتحمس له ، هم علماء الكون والطبيعة والكيمياء ونحوهم ، وليسوا من علماء الشريعة. وقد ثارت في الخمسينات من هذا القرن الميلادي العشرين معركة جدلية على صفحات الصحف المصرية خاصة ، بين فريقين من العلماء حول هذه القضية ، ولا يزال الخلاف قائماً.

الثالثة: أن المراد (بالتفسير العلمي) هو تفسير الآيات التي تتحدث عن الكون وخلق الإنسان ونحو ذلك بما توصل إليه العلم الحديث من اكتشاف واطلاع على حقائق لم يهتد إليها السابقون.
وهذا نوع من التفسير لا يمكننا أن نغفل أثره في إظهار صدق القرآن ، وإعجازه للناس ، وزيادة الإيمان في قلوب المطلعين عليه ، والعلماء الذين قالوا به لم يتركوا الأمر مهملاً ، بل وضعوا له ضوابط لقبوله من أهمها :
1- أن لا يصادم هذا التفسير أصلاً قد علم بدلالة القرآن الكريم أو السنة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم. فإن صادم هذا التفسير شيئاً من ذلك فهو رد.
2- أن يحتمل اللفظ في اللغة العربية هذا التفسير الذي ذهب المفسر إليه ، فإن لم يتحقق هذا الشرط رد هذا التفسير.
3- أن يكون هذا التفسير العلمي من الحقائق العلمية التي ثبتت ثبوتاً لا شك فيه ، بالبراهين والحجج الصادقة. فإن كان هذا التفسير مجرد نظريات لم تثبت ، فلا يقبل هذا التفسير ، ولا يجعل القرآن الكريم غرضاً لتجارب الناس.
فإذا اجتمعت هذه الشروط فما المانع من قبول هذا النوع من التفسير بعد ذلك.
وما معنى قول الله تعالى :(سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق) ؟ ألا يدل تدبرها على مثل هذه المعاني ؟ من أن الله قد وعد بأن يكشف لخلقه من الآيات في الأنفس وفي الآفاق ما يجعلهم يوقنون بأن هذا القرآن وهذا الدين وهذا النبي صلى الله عليه وسلم حق لا شك فيه ولا لبس.
وقد كتب الشيخ جودت سعيد وفقه الله كثيراً من التأملات الجديرة بالوقوف والتأمل حول هذه المعاني في كتبه حول الآيات في الأفآق والأنفس.

الرابعة : أن فكرة (التفسير العلمي) ليست حديثة ، فقد نبه عدد من الأطباء وغيرهم من قبل على أشياء ، وربطوها بالقرآن ، لكنها لم تبلغ ما بلغه العلم اليوم. ولك أن تراجع كتاب القانون لابن سينا ، وكتب الرازي ، وكتاب (الإنباء في تراجم الأطباء) لابن أبي أصيبعة لتجد في تراجم عدد من الأطباء مثل هذه الإشارات.
وفي العصر الحديث خلال القرن الماضي ، ألف الشيخ طنطاوي بن جوهري المصري المتوفى سنة 1358هـ تفسيره المسمى بالجواهر ، وملأه بذكر الاكتشافات العصرية ، وربطها بالقرآن ، وكان يمثل بالصور في كتابه هذا ، فرفضه الناس وعابوه ، لما رأوا فيه من التكلف والمبالغة. حتى منعته الحكومة السعودية في حينها بناء على فتاوى العلماء من دخول السعودية ، وبقي ممنوعاً حتى عهد قريب.

الخامسة : أنه قد كتب فيه أناس من أفاضل العلماء قديماً وحديثاً ، فمن الذين كتبوا فيه قديماً الغزالي (ت 505هـ ) ، وفخر الدين الرازي ، وابن أبي الفضل المرسي ، وبدر الدين الزركشي ، وجلال الدين السيوطي (911هـ) وإن كانت كتابتهم لم تخرج من حيز النظرية إلى التطبيق. وإنما يبقى لهم فضل السبق.
وأما في العصر الحديث فالكتابات فيه كثيرة ، والذي اطلعت عليه وقرأته منها قليل ، ومن أهمها :
- ما كتبه الشيخ محمد عبده في كتابه (الإسلام والنصرانية مع العلم والمدنية)، وطنطاوي جوهري في تفسيره الذي أشرت إليه، وقد نحى هذان العالمان منحى الغلو والإفراط في هذا الجانب ، والذي يبدو لي أن نفور الناس من هذا النوع من التفسير بسبب ما كتبه أماثل هذين العالمين ، غفر الله لهما ، فقد تعسفا كثيراً في طريقتهما في التفسير حتى أنكر عليهما الكثيرون.
- ما كتبه المراغي في تفسيره ، وعبدالحميد بن باديس في مجالسه في التفسير ، ومحمد عبدالله دراز في كتابه الثمين (مدخل إلى دراسة القرآن) ، ومصطفى الرافعي ، ومحمد أحمد الغمراوي. والغمراوي هذا من أدق من تناول هذا الموضوع على حد علمي ، فهو من العلماء الربانيين ، الذين كتب لكتبهم الذيوع والقبول ، وقد كتب في ما يسمى بالتفسير العلمي كتباً ، ورد على أقوال المانعين. ولكنه من القائلين بالتفسير العلمي بطريقة مقبولة ، غير مُفرِط ولا مفرِّط. وله في ذلك كتاب (الإسلام في عصر العلم) ، ولعله يكون لنا عودة إلى كتب الغمراوي مرة أخرى في ملتقى أهل التفسير.
- للطاهر ابن عاشور رحمه الله في كتابه التحرير والتنوير كلام جيد في ضوابط قبول هذا النوع من التفسير ذكرها في المقدمة الرابعة من تفسيره (فيما يحق أن يكون غرض المفسر) فلتراجع حتى لا أطيل.
- ما كتبه الشيخ محمد حسين الذهبي في كتابه (التفسير والمفسرون) حيث تحدث عن هذا النوع ومثل له.
- من الكتب المتأخرة التي كتبت في هذا النوع من التفسير كتابة في غاية النفاسة ما كتبه علامة العراق السيد محمود شكري الآلوسي رحمه الله (1273-1342هـ) في كتابه الثمين (ما دل عليه القرآن مما يعضد الهيئة الجديدة القويمة البرهان). وقد طبعه زهير الشاويش وخرج أحاديثه العلامة محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله ، وهو كتاب حري بالقراءة والتأمل، والمكان يضيق عن التفصيل.
- ما كتبه الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي وفقه الله وبارك فيه في كتابه القيم (كيف نتعامل مع القرآن العظيم) حيث تحدث عن نشأة هذا اللون من التفسير ، واختار رأياً وسطاً بين المجيزين والمانعين. فيمكن مراجعته.
- ومن آخر الكتب التي كتبت في التفسير العلمي بتوسع ما كتبه الدكتور أحمد بن عمر أبو حجر وفقه الله في كتابه (التفسير العلمي للقرآن في الميزان) وهو رسالة دكتوراه ، بسطت الحديث حول هذا الموضوع بشكل جيد فجزاه الله خيراً. كما إنني اطلعت على رسالة جيدة حول موضوع التفسير العلمي في قسم القرآن وعلومه بكلية أصول الدين بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وفات علي اسم الباحث وسنة البحث.
كما أشير إلى أن أخي الشيخ ناصر الماجد وهو أحد الزملاء بقسم القرآن بكلية أصول الدين بالرياض وأحد أعضاء ملتقى أهل التفسير المتخصصين ، قد عزم على الكتابة في التفسير العلمي كتابة جديدة في بحثه لنيل درجة العالمية التي يسمونها الدكتوراه ، وقد قرأ ما كتب في هذا الموضوع ، ووجد أنه بقي مجال للمتعقب ، فتقدم بموضوعه للكلية ، لكنه حالت دون الشروع في البحث حوائل ، فصرف النظر عنه . وأنا أطلب منه أن يعقب على هذا الموضوع بما لديه وفقه الله .
ومعذرة فقد تشعب بي الحديث ، والله أعلم.
 
توضيح وبيان للمناقشة

توضيح وبيان للمناقشة

بسم الله الرحمن الرحيم
فضيلة الأخ عبد الرحمن حفظه الله وأيده :
فإني في غاية الامتنان لك فيما تقوم به من جهود في الملتقى فجزاك الله خيراً ، وأما بخصوص مداخلتك الطيبة المباركة على موضوع ( التفسير العلمي ) فأود أن أبين أولاً أنني لست من منكري هذا النوع من التفسير ، بل إنني أدعي أن هذا اللون من التفسير ليس حديثاً بل كان مرافقاً لنزول القرآن ، والمثال الذي ضربته حول نزول الأمطار بنسبة واحدة على الأرض ولكنها تختلف من موطن لآخر دليل واضح على ذلك ، ثم أخذ هذا اللون من التفسير يتطور ويتوسع مع تطور العلم التجريبي ، وظهور اكتشافات علمية حقيقية لا مجرد نظريات ، وكان لهذه الاكتشافات الحقيقية محل في دلالات الآيات القرآنية ومتسع .
وأوافقك الرأي في أن ( التفسير العلمي هو مصطلح حادث ) ، وأنه لا مشاحة في الاصطلاحات ، ولكن إن لم يكن لهذا المصطلح مصداقية علمية واقعية ، ووإن لم يكن مصوغاً على أيدٍ مختصة فإن رده أولى من قبوله ، وبما أن مصطلح ( التفسير العلمي ) يدخل في اختصاص التفسير ، والتفسير من جملة العلوم الشرعية ، فينبغي علينا استخدام مدلول العلم كما هو في الإسلام كما استخدمنا معنى التفسير موافقاً ما عليه المختصون، ولكن مصطلح التفسير العلمي مصطلح ملفق ما بين المدلول الشرعي والمدلول المادي ،إذ كلنا يعلم أن مفهوم العلم في الإسلام أوسع مما يطلقه العلمانيون ويريدون به ( النظريات العلمية ـ أو النواحي المادية المحسوسة التي لها تفسير علمي ) سواء كانت حقيقية أم لا وكم كنت أتضايق عندما أسمع أحدهم يقول بأن ( الآيات العلمية ) في القرآن الكريم هي أكثر من ثلث القرآن وهل القرآن انقسم إلى أيات علمية وآيات غير علمية وهل أضحى كتاب الهداية والتشريع كتاب علوم في الطب والهندسة والجيولوجيا والفلك ....فالعلوم الكونية هي جزء من ( العلم ) وعلم التفسير جزء من ( العلم ) ، وأما المصطلح الذي أراه مناسباً لهذا الموضوع فهو : ( الإشارات الكونية في القرآن الكريم ) لأن القرآن أشار إلى علوم كثيرة في آياته والمطلوب منا استنباط هذه العلوم على مستعينين بالاكتشافات العلمية الحديثة التي خرجت من النظرية إلى الحقيقة ، فالعلوم خادمة للقرآن والكون من أدوات التفسير الضرورية لتفسير القرآن .وما زال الكلام قابل للأخذ والرد في الموضوع .
ولعل مما يؤيد كلامي هذا أن السيوطي عقد فصلاً في كتابه الإتقان ( النوع الخامس والستون : في العلوم المستنبطة من القرآن الكريم ) حبذا لو يقرأ هذا الفصل بتمعن ودراية .
وكان مما قاله السيوطي في هذا الفصل : ( وقد احتوى على علوم أخرى من علوم الأوائل مثل الطب والجدل والهيأة والهندسة والجبر والمقابلة ... ) فجعل السيوطي هذه العلوم من جملة العلوم المستنبطة من القرآن ، ولم يجعلها العلم بعينه ولعل أكثر من أفلح من المتقدمين بهذا الشأن هو الفخر الرازي رحمه الله في كتابه مفاتح الغيب المعروف بالتفسير الكبير ، والمشهور بتفسير الرازي .
وأما بالنسبة للضوابط التي ذكرتها لهذا اللون من التفسير فحبذا لو كان لكل ضابط مثالاً حتى تتضح الفكرة أكثر .
وإما الكتب التي ذكرتها من المراجع فإني لم أطلع على بعضها وحبذا لو ترشدني إلى رابط لهذه الكتب :
ـ العلمانية الجزئية والعلمانية الشاملة للدكتور عبد الوهاب بن محمد المسيري .
ـ الإسلام في عصر العلم للسيخ أحمد الغمراوي
ـ ما دل عليه القرآن مما يعضد الهيئة الجديدة القويمة البرهان لمحمود سكري الآلوسي
وحبذا لو أعلم كيف لي الإتصال بالشيخ ناصر الماجد الذي تحدثتم عنه .
وجزاكم الله خيراً
 
أخي مرهف وفقه الله .
أما كتاب (العلمانية الجزئية والعلمانية الشاملة) للدكتور عبد الوهاب بن محمد المسيري ، فهو من إصدارات دار الشروق بالقاهرة ، الطبعة الأولى 1423هـ ويمكنك شراءه عن طريق الانترنت عن طريق مكتبة النيل والفرات على الشبكة ، والأسعار مبينة هناك.

وأما كتاب ( الإسلام في عصر العلم) للدكتور أحمد الغمراوي رحمه الله ، فربما تجده في المكتبات العامة لديكم حيث إنه كتاب قديم وربما لا يوجد في المكتبات التجارية بكثرة.

وأما كتاب (ما دل عليه القرآن مما يعضد الهيئة الجديدة القويمة البرهان) لمحمود سكري الآلوسي ، فهو متوفر في المكتبات ، وهو ليس كبيراً ، طبعه المكتب الإسلامي في سوريا.

وأما كيفية الاتصال بأخي الكريم الشيخ ناصر الماجد فيمكنكم مراسلته عن طريق هذا البريد بريد وستجد لديه ما يسرك إن شاء الله .
وفقكم الله جميعاً.
 
إضافة في موضوع التفسير العلمي: تأملات

إضافة في موضوع التفسير العلمي: تأملات

أشكر الأخ الكريم مرهف على مشاركاته الجميلة .. والشيخ الفاضل عبد الرحمن الشهري على تعقيباته العلمية المفيدة ..

وأود أن أضيف في هذا الموضوع المهم ما يلي:
أولاً:
ينبغي الوقوف عند حقيقة هذا العلم المسمى بالتفسير العلمي من جهتين :
أ ـ الجهة الأولى : من جهة محتواه وهو الأهم :
وتعريف التفسير العلمي كما ذكره الدكتور أحمد أبو حجر في رسالته التفسير العلمي هو : ( التفسير الذي يحاول فيه المفسر فهم عبارات القرآن في ضوء ما أثبته العلم والكشف عن سر من أسرار إعجازه من حيث إنه تضمن هذه المعلومات العلمية الدقيقة التي لم يكن يعرفها البشر وقت نزول القرآن فدل على أنه ليس من كلام البشر ولكنه من عند الله خالق القوى والقدر ) هذا ما ذكره الدكتور في رسالته بعد عرضه لبعض التعاريف .
ويمكننا الوقوف مع هذا التعريف وقفات تأمل:
= هل يعني ذلك أن مهمة المفسر هي البحث عن أدلة ما ثبت صحته علمياً . فإن كان كذلك فهذا منهج ليس بسليم إذ العلماء قد ذكروا أن القرآن لم يدل على كل شيء صراحة وأما استنباطاً فهو يدل على ما لمثله جاءت الشرائع في الغالب ولا أظن أنه يقول قائل بدلالة القرآن على كل شيء عموماً حتى المكتشفات العلمية العصرية إلا ما نسب لبعض المتصوفة .
= ما مدى الثقة بما ثبت علمياً عند علماء العصر في العلوم الكونية ، فما ثبت عنهم هو تغير كثير من النظريات السابقة وتبدلها ، فهل يثق المفسر بما ثبت اليوم وأنه لا يمكن تغيره فيما يستقبل .
= فرق بين ثبوت دلالة القرآن على التفكر في السماوات والأرض وحثه على تعلم العلوم والتأمل في ملكوت السماوات والأرض وبين أن نقول أن القرآن قد فصل نظريات هذا الكون الفسيح ، والمسلم عندما يتأمل الكون يزداد إيماناً بربه العظيم وقد قال الشاعر :
تأمل سطور الكائنات فإنها ..... من الملك الأعلى إليك رسائلُ
وقد خُطَّ فيها لو تأملت خطها .... ألا كل شيء ما خلا الله باطلُ
وأما عندما يقال له إن القرآن قد دل على أن الأرض كروية ثم يقال بعدم ثبوت هذه النظرية فإن ذلك ولا شك ذو أثر سيء على المسلم .
= من الذي يتولى هذا التفسير .
= من يستطيع التمييز بين صحيحه وسقيمه .
وبعد فلا أقول أن هذا التفسير غير صحيح لكنني أقول بأنه بحاجة إلى نظر وبحث وتأصيل .
ب ـ الجهة الثانية : من حيث التسمية :
فهل يُعد هذا النوع من الربط بين الآيات والعلوم الكونية تفسير أم استنباط ، فإن كان تفسيراً فهل يمكن القول بأن تفسير الآية كان مجهولاً إلى عصر المفسر العلمي إن صحت التسمية .
وإن كان استنباطاً فهل يصح استنباط قوانين الكون من نصوص القرآن غير ذات الدلالة الصريحة في ذلك ، إذ إن عدداً من القوانين قد صرح بها القرآن كجريان الشمس والقمر وأن كلاً في فلك يسبحون .
لأن من شروط معرفة صحة الاستنباط معرفة صحة الاستنباط في ذاته وهذا الأمر متعذر في الاستنباطات الكونية فهو لا يمكن إثبات صحته من عدمه إلا ظناً ، وإذا ثبت ذلك فهل يفسر القرآن بمظنون .

ثانياً:
بالنسبة لرسالة الدكتور أحمد عمر أبو حجر فأحب أن أقدم وصفاً سريعاً لها وإن كان فضيلة الشيخ عبد الرحمن قد ألمح إلى شيء من ذلك :
الرسالة عنوانها ( التفسير العلمي للقرآن في الميزان )
طبعت الطبعة الأولى سنة 1411هـ في دار قتيبة .
وهي رسالة دكتوراه ذكر المؤلف فيها المباحث التالية :
- معنى التفسير والتأويل 15-18 .
- نشأة التفسير 21-46
- التفسير بالرأي 50-59
- مفهوم التفسير العلمي 63-66
- نشأة التفسير العلمي وموقف العلماء منه 71 - 130
- أشهر من تناوله من المفسرين القدامى والمحدثين 146-263
- أشهر المعارضين 275-334
- التفسير العلمي في حاضره وماضيه 341-355
- القضايا التي يركز حولها التفسير العلمي 361- 427
- التفسير العلمي بين المنهج والتطبيق 433-501
- خاتمة.
والكتاب جميل وفيه فوائد علمية كثيرة كما أن فيه بعض الملحوظات التي لا يخلو منها كتاب بشري ولعله في مشاركة قادمة أذكر بعض هذه الملحوظات من وجهة نظر قد تكون غير صحيحة .
والله تعالى أعلم .
 
[FONT=&quot] شكرا جزيلاً للسادة الدكاترة على جهودهم الطيبة في شأن التفسير العلمي من حيث اعتبار مصطلحه أو رده ، والنقاش الدائر بينهم حفظهم الله، ومن ثم أرجو من الإخوة المساعدة من أجل الحصول على كتاب:( التفسير العلمي للقرآن في الميزان) للدكتور أحمد عمر أبي جحر، وللجميع جزيل الشكر[/FONT]
 
عودة
أعلى