نظرة في كتاب : النبأ العظيم

إنضم
20 أبريل 2006
المشاركات
81
مستوى التفاعل
0
النقاط
6
قال الدكتور محمد عبد الله دراز في كتاب : النبأ العظيم ( ص/28 ،29 ) وهو يستدل على صدق الوحي :
نزل قوله تعالى : " وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله " سورة البقرة . فأزعجت الصحابة إزعاجاً شديداً وداخل قلوبهم منها شيء لم يدخلها من شيء آخر لأنهم فهموا منها أنهم سيحاسبون على كل شيء حتى حركات القلوب وخطراتها فقالوا : يا رسول الله أنزلت علينا هذه الآية ولا نطيقها فقال لهم النبي أتريدون أن تقولوا كما قال أهل الكتابين من قبلكم : سمعنا وعصينا ؟ بل قولوا : سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير . فجعلوا يتضرعون بهذه الدعوات حتى أنزل الله بيانها بقوله : " لا يكلف الله نفساً إلا وسعها .." إلى آخر السورة المذكورة .
وهنالك علموا أنهم إنما يحاسبون على ما يطيقون من شأن القلوب وهو ما كان من النيات المكسوبة والعزائم المستقرة لا من الخواطر والأماني الجارية على النفس بغير اختيار .
الحديث في مسلم وغيره وأشار إليه البخاري في التفسير مختصراً .
وموضع الشاهد منه أن النبي لو كان يعلم تأويلها من أول الأمر لبين لهم خطأهم ولأزال اشتباههم من فوره لأنه لم يكن ليكتم عنهم هذا العلم وهم في أشد الحاجة إليه ولم يكن ليتركهم في هذا الهلع الذي كاد يخلع قلوبهم وهو بهم رءوف رحيم . ولكنه كان مثلهم ينتظر تأويلها .ولأمر ما أخر الله عنهم هذا البيان ولأمر ما وضع حرف التراخي في قوله تعالى : " ثم إن علينا بيانه " سورة القيامة أهـ
ثم ذكر موقف الحديبية ومراجعة عمر للنبي صلى الله عليه وسلم وقال كلاماً نحو ذلك .

وقد نقل الصباغ هذا الكلام في لمحات من علوم القرآن ولم يتعقبه ولعمري لهو جدير بالتعقب إذ فيه نسبة الجهل إلى النبي وعدم فهم الخطاب انظر إلى قوله :
ولقد كان يجيئه الأمر أحياناً بالقول المجمل أو الأمر المشكل الذي لا يستبين هو ولا أصحابه تأويله حتى ينزل الله عليهم بيانه بعد . قلي ـ كذا ـ بربك أي عاقل توحي إليه نفسه كلاماً لا يفهم هو معناه وتأمره أمراً لا يعقل هو حكمته ؟ أليس ذلك من الأدلة الواضحة على أنه ناقل لا قائل وأنه مأمور لا آمر أهـ .
قل لي بربك أنت أيها القاريء : ما الذي يفيده هذا الكلام غير ما ذكرت ؟

ولو أنه رجع إلى الأحاديث والتزم ما فيها لما وقع فيما وقع فيه : فالأحاديث تبين أن معنى الآية هو ما فهمه الصحابة وأن الآية الثانية إنما نزلت ناسخة للأولى وعليه فقد كان معناها مخالفاً للأولى وكما علم النبي النبي صلى الله عليه وسلم معنى الثانية فقد كان على علم بالأولى وفي ذلك رد على قوله :
وموضع الشاهد منه أن النبي لو كان يعلم تأويلها من أول الأمر لبين لهم خطأهم ولأزال اشتباههم من فوره لأنه لم يكن ليكتم عنهم هذا العلم وهم في أشد الحاجة إليه ولم يكن ليتركهم في هذا الهلع الذي كاد يخلع قلوبهم وهو بهم رءوف رحيم . ولكنه كان مثلهم ينتظر تأويلها .أهـ

وهاك ما قاله البخاري :
بَاب { وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }

4181 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ حَدَّثَنَا مِسْكِينٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ مَرْوَانَ الْأَصْفَرِ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهْوَ ابْنُ عُمَرَ أَنَّهَا قَدْ نُسِخَتْ
{ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ } الْآيَةَ ....

4182 - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ أَخْبَرَنَا رَوْحٌ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ مَرْوَانَ الْأَصْفَرِ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَحْسِبُهُ ابْنَ عُمَرَ { إِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ } قَالَ نَسَخَتْهَا الْآيَةُ الَّتِي بَعْدَهَا أهـ

وقال مسلم :
179 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مِنْهَالٍ الضَّرِيرُ وَأُمَيَّةُ بْنُ بِسْطَامَ الْعَيْشِيُّ وَاللَّفْظُ لِأُمَيَّةَ قَالَا حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا رَوْحٌ وَهُوَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ الْعَلَاءِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : لَمَّا نَزَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } . قَالَ فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ بَرَكُوا عَلَى الرُّكَبِ فَقَالُوا أَيْ رَسُولَ اللَّهِ كُلِّفْنَا مِنْ الْأَعْمَالِ مَا نُطِيقُ الصَّلَاةَ وَالصِّيَامَ وَالْجِهَادَ وَالصَّدَقَةَ وَقَدْ أُنْزِلَتْ عَلَيْكَ هَذِهِ الْآيَةُ وَلَا نُطِيقُهَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَقُولُوا كَمَا قَالَ أَهْلُ الْكِتَابَيْنِ مِنْ قَبْلِكُمْ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا بَلْ قُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ فَلَمَّا اقْتَرَأَهَا الْقَوْمُ ذَلَّتْ بِهَا أَلْسِنَتُهُمْ فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِي إِثْرِهَا : { آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ } . فَلَمَّا فَعَلُوا ذَلِكَ نَسَخَهَا اللَّهُ تَعَالَى فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : { لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا } .
قَالَ نَعَمْ
{ رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا }
قَالَ نَعَمْ
{ رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ }
قَالَ نَعَمْ
{ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ }
قَالَ نَعَمْ.

180 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَأَبُو كُرَيْبٍ وَإِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَاللَّفْظُ لِأَبِي بَكْرٍ قَالَ إِسْحَقُ أَخْبَرَنَا وَقَالَ الْآخَرَانِ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ آدَمَ بْنِ سُلَيْمَانَ مَوْلَى خَالِدٍ قَالَ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ يُحَدِّثُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ
لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ
{ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ }
قَالَ دَخَلَ قُلُوبَهُمْ مِنْهَا شَيْءٌ لَمْ يَدْخُلْ قُلُوبَهُمْ مِنْ شَيْءٍ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَسَلَّمْنَا قَالَ فَأَلْقَى اللَّهُ الْإِيمَانَ فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى : { لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا }.
قَالَ قَدْ فَعَلْتُ .
{ رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا }
قَالَ قَدْ فَعَلْتُ
{ وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا }
قَالَ قَدْ فَعَلْتُ.أهـ

والعجب أنه ذكر مصدر الحديث في الكتابين .
ثم كيف يقول ذلك وقد ثبت أن الوحى ما كان ينتهي حتى يعي النبي صلى الله عليه وسلم ما قال وذلك ما رواه البخاري في صحيحه :
2 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ الْحَارِثَ بْنَ هِشَامٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ يَأْتِيكَ الْوَحْيُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْيَانًا يَأْتِينِي مِثْلَ صَلْصَلَةِ الْجَرَسِ وَهُوَ أَشَدُّهُ عَلَيَّ فَيُفْصَمُ عَنِّي وَقَدْ وَعَيْتُ عَنْهُ مَا قَالَ وَأَحْيَانًا يَتَمَثَّلُ لِي الْمَلَكُ رَجُلًا فَيُكَلِّمُنِي فَأَعِي مَا يَقُولُ قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وَلَقَدْ رَأَيْتُهُ يَنْزِلُ عَلَيْهِ الْوَحْيُ فِي الْيَوْمِ الشَّدِيدِ الْبَرْدِ فَيَفْصِمُ عَنْهُ وَإِنَّ جَبِينَهُ لَيَتَفَصَّدُ عَرَقًا أهـ

ثم إن قوله : ولأمر ما وضع حرف التراخي في قوله تعالى : " ثم إن علينا بيانه " سورة القيامة أهـ يدل على إبعاده النجعة في فهم الآية فقد ورد في صحيح البخاري ما يبين معناها:
4 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ أَبِي عَائِشَةَ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :{ لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ }
قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَالِجُ مِنْ التَّنْزِيلِ شِدَّةً وَكَانَ مِمَّا يُحَرِّكُ شَفَتَيْهِ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَأَنَا أُحَرِّكُهُمَا لَكُمْ كَمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحَرِّكُهُمَا وَقَالَ سَعِيدٌ أَنَا أُحَرِّكُهُمَا كَمَا رَأَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يُحَرِّكُهُمَا فَحَرَّكَ شَفَتَيْهِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى : { لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ } قَالَ جَمْعُهُ لَكَ فِي صَدْرِكَ وَتَقْرَأَهُ { فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ } قَالَ فَاسْتَمِعْ لَهُ وَأَنْصِتْ { ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ }
ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا أَنْ تَقْرَأَهُ فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ إِذَا أَتَاهُ جِبْرِيلُ اسْتَمَعَ فَإِذَا انْطَلَقَ جِبْرِيلُ قَرَأَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا قَرَأَهُ أهـ
فلابد من الرجوع إلى السنة في فهم كتاب الله عز وجل وتفسيره وإلا فلا يأمن المسلم من الخطأ في فهم خطاب الله تعالى وثم أخبار أخرى تدل على ذلك .
 
يا أخي أبو فاطمة الأزهري حفظك الله :
لا بد أولاً من تعلم اللغة العربية ومدلولات ألفاظها حتى نفهم كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم اللذين لا يمكن فهمهما بدونها ، ويخطيء ألف مرة من ظن فهمهما بدونها ،فالدعوة مباشرة بالرجوع إلى السنة لفهم كتاب الله عز وجل د ون التنبيه على ضرورة تعلم العربية وفهمها دعوة ناقصة 0
أخي : كلام د/ دراز يرحمه الله كلام واضح وصحيح لا غبار عليه - على الأقل عندي - وما ألزمته أنت به لا يلزمه ، وما قولك في قول الله تعالى " قل ما كنت بدعاً من الرسل "وما أدري ما يفعل بي ولا بكم " "0
وأيضاً فإن القول بالنسخ هنا ،المراد به - والله أعلم - البيان والتخصيص وليس النسخ المصطلح عليه ،بدليل أنه في زمن الصحابة رضي الله عنهم لم تكن هذه المصطلحات قد وجدت 0
والله من وراء القصد0
 
أوافق الدكتور السالم -حفظه الله-على ما ذكره
وأزيد أمورا:
1/ أن عبارة الشيخ عبدالله دراز قد لا يُحسن فهمها، أو يتوهم منها مراد غير صحيح، لكن الفائدة التي أرادها منها صحيحة لا غبار عليها، هذه الفائدة هي ما ذكره بقوله: (أليس ذلك من الأدلة الواضحة على أنه ناقل لا قائل وأنه مأمور لا آمر) فهو أراد تقرير هذا الأمر وإثباته، والمثال المذكور (من آيات سورة البقرة) ليس معناه أن النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام لم يفهموا المراد، حاشا وكلا، بل الأحاديث واضحة أنهم فهموا المراد وعقلوه، وإلا لما أشكل عليهم وأصابهم منه شدة وحرج، لكن وجه صدق الوحي -الذي أراد الشيخ إثباته بهذا المثال- قد تحقق بأنه صلى الله عليه وسلم لم يكن عنده من الوحي ما يرفع به الحرج والشدة عن أصحابه رضي الله عنهم، حتى نزل الوحي بعده فبين المراد ورفع الشدة.
2/ كان من المستحسن أن تكون المشاركة عبارة عن طرح لإشكال قد يفهم من أحد موضوعات الكتاب العديدة، وألا يكون طرحا وتقريرا لفهم معين قد يوافق عليه وقد لا يوافق، خصوصا أن أخانا أبا فاطمة -حفظه الله- قد صرح بما فهمه وألزمه المؤلف بقوله: (إذ فيه نسبة الجهل إلى النبي وعدم فهم الخطاب) وهذه الدعوى خطيرة كما هو معلوم، ولا يمكن أن يقول بها مثل الشيخ عبدالله دراز، فكتابه من أفضل ما كتب خصوصا في مجال الإعجاز، بشهادة الكثيرين، ولا يمنع أن تقع فيه بعض الهنات، وبعض الإشكالات..وهنا يأتي دور العالم وطالب العلم ليتدارس ويستشكل ما وجد مع مشايخه وأقارنه وتلاميذه حتى تكمل الفائدة، ويتبين الفهم السديد، ويخرج من النقاش بالأقوى والأرجح، ولا يتسرع بتقرير فهم معين قد يكون بعيدا.

وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه
 
الدكتور السالم بارك الله فيه
أود أن أنبه إلى أنني إنما أردت التنبيه على أهمية الرجوع إلى السنة فحسب ولا أظن أن كلامي يفهم منه أن ذلك يكون بمنأى من اللغة العربية أو بمنأى من أي علم آخر يحتاجه المفسر ، بل إن معرفة اللغة العربية لا تحتاج إلى تنبيه في مثل هذا المقام إذ إنها من أهم
ما ينبغي على المفسر علمه عموماً وليس فقط عند الدعوة إلى التنبه لمكانة السنة في التفسير وهذا من أوضح الأمور.
أما قوله تعالى : " قل ما كنت بدعاً من الرسل وما أدري ما يفعل بي ولا بكم " فهي واضحة أن المقصود بها : أي في المستقبل فما كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم من أمر المستقبل إلا ما علمه الله عز وجل قال ابن كثير رحمه الله :
وقال أبو بكر الهذلِيّ، عن الحسن البصري في قوله: { وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ } قال: أما في الآخرة فمعاذ الله، قد علم أنه في الجنة، ولكن قال: لا أدري ما يفعل بي ولا بكم في الدنيا، أخرج كما أخرجت الأنبياء من قبلي؟ أم أقتل كما قتلت الأنبياء من قبلي؟ ولا أدري أيخسف بكم أو تُرمون بالحجارة؟
وهذا القول هو الذي عَوّل عليه ابن جرير، وأنه لا يجوز غيره، ولا شك أن هذا هو اللائق به، صلوات الله وسلامه عليه، فإنه بالنسبة إلى الآخرة جازم أنه يصير إلى الجنة هو ومن اتبعه، وأما في الدنيا فلم يدر ما كان يئُول إليه أمره وأمر مشركي قريش إلى ماذا: أيؤمنون أم يكفرون، فيعذبون فيستأصلون بكفرهم ؟ أهـ
أما ما ذكره الدكتور دراز فقد كان مقصوده ما نزل عليه من الوحي والفرق بينهما واضح .
وأياً كان معنى النسخ فقد كان يعلم النبي صلى الله عليه وسلم معناها لكن الدكتور دراز قال:
وموضع الشاهد منه أن النبي لو كان يعلم تأويلها من أول الأمر لبين لهم خطأهم ولأزال اشتباههم من فوره لأنه لم يكن ليكتم عنهم هذا العلم وهم في أشد الحاجة إليه ولم يكن ليتركهم في هذا الهلع الذي كاد يخلع قلوبهم وهو بهم رءوف رحيم . ولكنه كان مثلهم ينتظر تأويلها أهـ
وأيضاً فقد قال :
قلي ـ كذا ـ بربك أي عاقل توحي إليه نفسه كلاماً لا يفهم هو معناه وتأمره أمراً لا يعقل هو حكمته ؟أهـ
ولعل كلامه واضحاً .
ثم يؤكده قوله :
ولأمر ما وضع حرف التراخي في قوله تعالى : " ثم إن علينا بيانه " أهـ
وظاهر منه أنه يفسر البيان في الآية بالتفسير وهو ما يفيد أن تفسير الآية قد يتأخر علمه عن النبي صلى الله عليه وسلم .

الأخ العبادي بارك الله فيه
أنا ما ناقشته في النتيجة ـ وهي صدق الوحي وأن النبي ناقل ـ إنما كان كلامي ـ وهو واضح تمام الوضوح ـ في المقدمة التي أراد أن يصل بها إلى هذه النتيجة . ومن المعلوم أنه قد يكون هناك مقدمات غير صحيحة يتوصل بها إلى نتائج صحيحة .
أما تفسيرك لمراد الشيخ فأرجو أن توقف بينه وبين ما نقلت ـ آنفاً ـ من النصين السابقين .
أما الأمر الثاني الذي ذكرته فهو تنبيه جيد ، ولعله يكون مراعى فيما بعد إن شاء الله تعالى .
وفقنا الله وإياكم للخير .
 
عودة
أعلى