نظرة في صفات الحروف

إنضم
15/04/2003
المشاركات
1,698
مستوى التفاعل
4
النقاط
38
بمناسبة طرح الأستاذ فرغلي لتجويد الحروف ، وبيان ما يقع من الخطأ في نطقها ، حيث رأيته يذكر صفات كل حرف من الحروف ، أقول :
إن صفات الحروف من الموضوعات المهمة في الدراسات الصوتية التجويدية ، وبمعرفتها يتبن كثير من الفوائد الصوتية ؛ كمعرفة أسباب قلب حرف إلى حرف آخر ـ مثلاً ـ وإدغام حرف في حرفٍ ، وغيرها من الفوائد .
وعندي في صفات الحروف تساؤلات ، منها :
1 ـ هل الصفات التي تُدرس من خلال الجزرية ثفات متفق عليها بحيث لا يُزاد عليها ولا ينقص منها ؟
2 ـ ما حال الصفات التي ذكرها السابقةن ، ولم يتعرض لها ابن الجزري ، كالصفات التي ذكرها مكي بن أبي طالب في كتابه الرعاية .
إن المتأمل في الصفات التي ذكرها ابن الجزري يجد الملحوظات الآتية :
أولاً : إن بعض الصفات لا علاقة لها بالصوت ، ولا تؤثر في طريقة خروج الحرف ، وهي صفة الذلاقة وضدها الإصمات ، فهاتان الصفتان لهما علاقة بالعربية ، حيث يعرف العربي من الحرف المُعرَّب أو الأعجمي ، كما نصَّ على ذلك الخليل في كتاب العين ، قال : (( ... فإذا وردت عليك كلمة رابعية أو خماسية مُعرَّاة من حروف الذلق أو الشفوية ، ولا يكون في تلك الكلمة من هذه الحروف حرف واحد أو اثنان أو فوق ذلك ؛ فاعلم أن تلك الكلمة محدثة مبتدَعة ليست من كلام العرب ؛ لأنك لست واجدًا من يسمع من كلام العرب كلمة واحدة رباعية او خماسية إلا وفيها من حروف الذلق والشفوية واحد أو اثنان أو أكثر ... )) العين 1 : 52 .
وحروف الذلق والشفوية عنده هي ( ر ل ن ف ب م ) ثلاثة ذلقية ، وهي ( ل ن ر ) وثلثة شفوية ( م ب ف ) العين 1 : 51 .
وما كان هذا شأنه من أمر الصفة ، فهو بمعزل عن أن يكون له تأثيرٌ في صوت الحرف .
وإذا كان كذلك فذكره في صفات الحروف فضلة ، بل لا داعي له ، والله أعلم .
ثانيًا : من الصفات ما يكون له أثر في قوة الحرف دون أن يكون له أثر مباشر في نطقه ، فالهمس ـ مثلاً ـ لو نُطِقَ حرف من حروفه بدونه لم يخرج هذا الحرف ، أما الإطباق ، فلا يُتصَّورُ عدم الإتيان به ، وكذا الانفتاح ، لذا لا تجد مقرئًا يُدرِّس التجويد يقول للمتعلم أطبق هذا الحرف أو افتح هذا الحرف .
وذكر الإطباق والانفتاح إنما يفيد في معرفة الحروف التي اشتملت على صفات قوية وصفات ضعيفة .
والذي يظهر لي الآن أنه لو لم تُذكر هاتان الصفتان فإنهما لا تؤثِّران في أداء الحرف من الجهة الصوتية بخلاف ترك الهمس أو الشدة وما يضادهما ، أو ترك القلقلة ، فإن لتركها أو العمل بها أثر في نطق الحرف ، والله أعلم .
ثالثًا : تذكر صفات بعض الحروف ، ولا يُحرَّر المراد بالكيفية ، فالصفير ـ مثلاً ـ في السين والصاد والزاي هل المطلوب الإتيان بالحرف مصفورًا واضح الصفير ، أم المراد أنهما قابلان للصفير ؟
والمراد بكلامي هنا : مالمقدار المطلوب في هذه الصفة ؟
فأنت تقول للمتعلم: قلقل حرف القاف ، ولا تراك تقول له : اصفر حرف الصاد .
رابعًا : صفة الانحراف التي في اللام والراء من حقها أن تُذكر في المخارج دون الصفات ، ولا أثر لمعرفة هذه الصفة في باب الصفات ، ومما يدل على ذلك ما يقع من الغفلة عن التنبيه على مخرج اللام بدقَّة بسبب عدم الكلام عن الانحراف في مخرج اللام، فإنهم يصفون مخرج اللام فيقولون: أدنى حافة اللسان إلى منتهاها مع ما يحاذيها من اللثة العليا .
ويصفون مخرج النون فيقولون : طرف اللسان تحت مخرج اللام قليلاً مع ما يليه من لثة الأسنان العليا .
لاحظ قولهم : تحت مخرج اللام ، واللام لا تخرج من طرف اللسان بل من حافته ، فمن أين جاءت تحتية الطرف للام ؟
جاءت هذه من كونه يقع للام بعد استوائها في هذا المخرج المذكور انحرافٌ للطرف ، فيعمل الطرف مع الحافة عند خروج اللام ، فالحافة أصل في المخرج وعمل الطرف بسبب الانحراف عند نطق اللام .
فقولهم تحت مخرج اللام غير دقيق ، إذ لابدَّ من تقييدة بعبارة المنحرف ، فيقال : تحت مخرج اللام المنحرف ؛ لأنه هو الذي يكون تحته مخرج النون .
أما في الراء ، فهم يشيرون ـ في الغالب ـ إلى الانحراف الكائن في الراء ، حيث ينحرف من الطرف إلى ظهره ، وقد يسميه بعضهم رأس ظهر الطرف .
وإذا تأملت هذه الصفة في الحرفين فإنك لا تجد لها أثرًا في النطق إذ الانحراف مرتبط بالمخرج ، فلو نُطقَا بغير الانحراف لانعدم الحرف أصلاً ، فلو استغنيَ عن ذكرهما بالإشارة إليهما في الحديث عن مخرج اللام والراء .
خامسًا : أغفل ابن الجزري رحمه الله تعالى في ذكر الصفات صفة مهمة ، وهي الغنة ، ومن حقها أن تُذكر في الصفات لأثرها الواضح في النطق .
سادسًا : ألا يمكن صياغة الصفات صياغة تتناسب مع ما يكون له أثر في النطق ، وترك الصفات التي ليس لها أثر مباشرٌ فيه ؛ لأنَّ أهم ما في معرفة الصفات كيفية النطق بالحرف العربي نطقًا سليمًا ، فلو جُعل هذا هو المعيار في ذكر الصفات لاختُزلت بعض الصفات ، ولم يبق منها إلا ما له أثر ظاهر في النطق .
ولا يقال : إن في هذا تغييرًا لما هو مألوفٌ منذ قرون ، فهذا التغيير خاضع للاجتهاد ، ولا زال العلماء يحررون في العلوم ، ويستدرك بعضهم على بعضٍ دون أن يكون في ذلك غضاضة . ولو قيل مثل هذا لابن الجزري لما ترك الصفات التي أوصلها مكي إلى قرابة الأربعين صفة ، لكنه حرَّر واجتهد ، وكل مشكور مأجور .
بل إنني أدعو إلى صياغة علم التجويد صياغة تتناسب مع التطبيق ، وتقلل من التنظيرات والعلل التي ليست من صلب هذا العلم ، وكذا ما دخله من اجتهادات متأخرة صار العمل عليها عند بعض المقرئين ، وليس فيها سند عن المتقدمين ممن ألف في هذا العلم ، وهذه مسألة أراها مهمة للغاية للتجديد في طرح هذا العلم ، وتقريبه بصورة واضحة مشرقة بعيدة عن التعقيد والتطويل الذي لا يفيد كثيرين ممن يريدون تعلم هذا العلم .
ولموضوع علم التجويد كلام غير هذا أرجو أن ييسر الله طرحه في هذا الملتقى ، والله الموفق .
رجاء : أرجو من الإخوة الكرام المشاركة الهادفة والنقد البناء ، والأخذ والعطاء بصدر رحب وسعة بال واحتمال للرأي المقابل والردِّ بالحجج العلمية دون التهويش والأساليب الخطابية التي لا تفيد في ثبوت العلم .
وإني لأرجو أن تكون هذه سمة هذا الملتقى في جميع طروحاته ، والله يتولانا جميعًا ، ويجعلنا ممن يريد وجهه ، ويخدم كتابه إنه سمبع مجيب .
 
بسم الله الرحمن الرحيم

نعم أتفق مع الشيخ الطيار في بعض ما قاله كصفة الذلاقة مثلا لكن هناك أشياء انتقدها وأنا الفقير إلى الله استفدت منها كثيرا في مسألة التلقي وإليك بعض الأمثلة


اعتراضه على صفة الإطباق وأنا الفقير أرى له فائدة عملية كثيرة التكرر وهي مسألة درجة التفخيم المطلوبة، فالمطبق أعلى تفخيما من غير المطبق.

والأولى التنبيه إلى أن ابن الجزري أشار إلى ذلك في المقدمة الجزرية حين قال:

لاطباق أقوى نحو قال والعصا

وهذا يفيد في درجة تقليل التفخيم عند كسر الحرف

فمثلا في سورة الفاتحة قولك اهدنا الصراط المستقيم

يقل تفخيم القاف إلى أدنى درجاته بينما بسبب الإطباق في الصاد لا تصل لدرجة القاف وإلا صارت قريبة من السين.

وهكذا يقال في عشرات الأمثلة في المفخم المطبق كـ الصاد والطاء والظاء والضاد

مقابل المفخم غير المطبق كـ القاف والخاء والغين

وأنا أستفيد من هذه الصفة كثيرا مع من يقرؤون علي.

ثانيا:

صفة الصفير

نعم هي تأتي بطبيعتها والتنبيه عليها نادر، لكن قرأ معي أخ عنده مشكلة في السين بسبب لدغته ومع الوقت تحسن كثيرا عند التركيز على صفة الصفير. وهذا مهم جدا عند هؤلاء الناس.

لكن هناك نقطة أخرى أكثر تكرارا فتكمن أهميته في معرفة أن غير هذه الأحرف لا صفير فيها

وكم سمعت من عندما يهمس التاء مثلا يخرج صوتا فيه صفير فأنبهه مستفيدا من أن الصفير فقط في الصاد والسين والزاي.

والأمثلة كثيرة على ذلك.



أما الغنة فقد ذكرها ابن الجزري في المخارج

وأشار إلى صفتها فقال غنة مخرجها الخيشوم

وأهمية الغنة هو في مقدار قوتها ومطها وهذا مذكور في مواطنه كالميم والنون المشددتين وأحكام الميم الساكنة والنون والتنوين وهو الأهم، لا أنه لم يذكره البتة.

هذا بعض ما ظهر لي الآن

ولعل غيري يكون له وجهة نظر عملية في بقية ما لم يتجل وجه الفائدة منه عند الشيخ مساعد فتحصل الفائدة.
 
أخي الكريم د.أنمار
أشكر لك مشاركتك ، ولي على ما قلت تعليق ، فأقول :
إن المسألة التي ذكرتها من درجة التفخيم تدرس في باب التفخيم والترقيق الذي هو أثر عن صفتي الاستعلاء والاستفال ، وهو اجل موضوعات علم التجويد وانفسها إذ لا يخلو حرف من أن يكون مفخما او مرققا .
والملحوظة التي ذكرتها لا تتعلق بصفة الإطباق بل بهذا الباب .
وإني أعرف أن هناك تقسيما في التفخيم والترقيق يعود في جزء منه إلى حروف الإطباق الأربعة ، لكن يمكن الاستغناء عنه بغيره من الصفات ، ومعرفة درجة التفخيم لا ترتبط بالإطباق من عدمه .
فحينما تكون الطاء مفتوحة بعدها ألف ، فهي أقوى من القاف المفتوحة بعدها ألف ، لأن الطاء تجمع صفات القوة ، ولو حذفت صفة الإطباق والانفتاح فستبقى الطاء تجمع صفات القوة أيضًا .
أما الغنة التي ذكرها ابن الجزري في المخارج فلم يذكرها على انها صفة ، بل أراد ذكر مخرجها فقط .
وأما الصفير فلست أقول : ليس فيه فائدة على الإطلاق ، لكني أسأل عن مدى الصفير المطلوب وغير المطلوب .
وعلى العموم ، فمع شكري لمشاركتك ، أرى أن موضوع التجويد يحتاج إلى عرض جديد ، والله يوفقنا جميًا للخير .
 
كنتُ أتصفح فهرس ملتقى أهل التفسير فشدني عنوان هذا الموضوع وقلت في
نفسي "نظرة شيخنا الطيار ليست ككل نظرة"
دخلتُ... وقرأتُ... فأعجبتُ
أعجبتُ بمنهج شيخنا الفاضل في التدقيق والتحقيق ودعوته للتجديد في هذا العلم.
أسأل الله تعالى أن يبارك في علمه وأن يرفع قدره وأن يجعلنا وإياه من أهل الجنة.
===============================================

شيخنا الكريم.....أحببتُ أن أعلق على بعض النقاط التي ذكرتها - بارك الله فيك - رغبة في التعلم منكم ومثلي لا يناقشُ مثلك ، فأقول وبالله التوفيق :

1- لا...لم يحصل الاتفاق على أن الصفات التي ذكرها ابن الجزري – رحمه الله – لا يزاد عليها ولا ينقص منها ، فكما ما هو معلوم لديكم أن العلماء قديما اختلفوا في عدد صفات الحروف (ومنهم من أوصلها إلى 44 صفة! كمكي بن أبي طالب).

وما ذكره ابن الجزري من أن عدد صفات الحروف سبعة عشر صفة لا يخرج عن كونه اجتهادا ، وكل مجتهد مأجور إن شاء الله.

وتبقى المسألة اجتهادية...إلا إذا أجمع علماء عصرنا (الأحياء) من أهل التخصص على رأي ابن الجزري أو غيره ( وهنا يكون الأمر مجرد ترجيح فقط).

أو أنهم يجتهدون بإخراج رأي جديد يستدركون فيه على من سبقهم ممن ألّف في هذا العلم ، وهذا لا يكون إلا بدارسةٍ متينة مبنية على أسسٍ وقواعد علمية.

ومثل هذا مخارج الحروف أيضا....فالعلماء قد اختلفوا في عددها على ثلاثة أقول (نذكرها للفائدة) :

القول الأول: وهو مذهب الخليل بن أحمد ومن تبعه و به قال ابن الجزري ، وعلى هذا القول يكون عدد المخارج سبعة عشر مخرجا.

القول الثاني: وهو مذهب سيبويه وموافقيه وبه قال الشاطبي ، وقد قالوا إن المخارج ستة عشر مخرجا وذلك بإسقاط مخرج الجوف، وإلحاق ألفه بالهمزة التي تخرج من أقصى الحلق، ويائه بالياء التي تخرج من وسط اللسان، وواوه بالواو التي تخرج من الشفتين.

القول الثالث: وهو مذهب الفراء وموافقيه كقطرب وابن كيسان ، وقد رأوْ أن عدد المخارج أربعة عشر، حيث أسقطوا مخرج الجوف كأصحاب القول الثاني وأسقطوا كذلك مخرجيْ اللام والراء وألحقوهما بمخرج النون.



2- أما صفة الإصمات فالكل متفق على أن هذه الصفة ليس لها علاقة بالتجويد ، ولا تزال
تدرّس في كتب التجويد!

وأما الإذلاق فقد رأى بعض القراء أن حروف الإذلاق ينبغي نطقها بتؤدة حتى لا يذهب بعضها أو بعض حركتها وذلك لخفتها. (وهذه هي علاقة الإذلاق بالتجويد على رأي البعض– والله أعلم- .)



3- قلتَ -حفظك الله- : "تذكر صفات بعض الحروف ، ولا يُحرَّر المراد بالكيفية ، فالصفير ـ مثلاً ـ في السين والصاد والزاي هل المطلوب الإتيان بالحرف مصفورًا واضح الصفير ، أم المراد أنهما قابلان للصفير ؟.... إلى آخر كلامكم"

قلتُ : جزاك الله خيرا على التنبيه...فالأحرى بمن يؤلف في هذا العلم أن يذكر المراد من الصفة ويوضح كيفيتها من الناحية التطبيقية إن أمكن ذلك.

والصفير –شيخنا الكريم - يخرج بشكل طبيعي عند النطق بحروفه من مخرجها الصحيح ،مع الإشارة إلى أنه ينبغي الحذر من المبالغة ، أما مقدار الصفير المطلوب: فهذا يضبط بالمشافهة والتلقي ، ولو نطقتها من مخرجها الصحيح من غير مبالغة ولا تكلف ستسمع الصفير بنفسك ويكون نطقك صحيحا إن شاء الله.



4- قلتَ في مجمل حديثك عن مخرج النون : "فقولهم تحت مخرج اللام غير دقيق ، إذ لابدَّ من تقييدة بعبارة المنحرف ، فيقال : تحت مخرج اللام المنحرف ؛ لأنه هو الذي يكون تحته مخرج النون "

ربما يكون الإشكال بسيطا إذا قلنا "تحت مخرج اللام" لأننا نعلم مسبقا أن اللام بعد خروجها من مخرجها تنحرف إلى طرف اللسان إلى مخرج النون. وبالتالي لا يًفهم من قولهم "تحت مخرج اللام" على أن النون تخرج من طرف اللسان تحت الحافة (أي تحت مخرج اللام قبل انحرافها) ! بل المعنى الذي يتبادر إلى الذهن أن النون مخرجها تحت مخرج اللام بعد انحرافها.

أما إذا قلنا "تحت مخرج اللام المنحرف" ربما يُفهم من قولك أنّ هنالك لام منحرفة وغير منحرفة! :

1- مخرج اللام الغير منحرفة :أدنى حافة اللسان إلى منتهى طرفه مع يحاذيه من اللثة العليا

2- مخرج اللام المنحرفة : طرف اللسان مع ما يحاذيه من اللثة العليا!

والانحراف من الصفات الثابتة التي لا تنفك عن اللام والراء بأي حال من الأحوال.

وربما كان الأدق – والله أعلم - أن تقول : "تحت مخرج اللام بعد انحرافها".



5- قلتَ: "خامسًا : أغفل ابن الجزري رحمه الله تعالى في ذكر الصفات صفة مهمة ، وهي الغنة ، ومن حقها أن تُذكر في الصفات لأثرها الواضح في النطق "

لم يذكرها مع بقية الصفات لكنه لم ينكرها – رحمه الله - وربما كان هذا بسبب أنه قد ذكرها في
باب المخارج.
ويجدر بنا التنبيه هنا على أن الذي يخرج من الخيشوم هو الغنة فقط وليس حروفها.



6- لو عقدتَ النية وأسرجتَ القنديلَ تجدني أول تلاميذك.

وفق الله الجميع
 
(( إنني أدعو إلى صياغة علم التجويد صياغة تتناسب مع التطبيق ، وتقلل من التنظيرات والعلل التي ليست من صلب هذا العلم ، وكذا ما دخله من اجتهادات متأخرة صار العمل عليها عند بعض المقرئين ، وليس فيها سند عن المتقدمين ممن ألف في هذا العلم ، وهذه مسألة أراها مهمة للغاية للتجديد في طرح هذا العلم ، وتقريبه بصورة واضحة مشرقة بعيدة عن التعقيد والتطويل الذي لا يفيد كثيرين ممن يريدون تعلم هذا العلم ))
أحسنت يا دكتور مساعد ، نعم هناك مسائل في هذا العلم بحاجة ماسة إلى التجديد والتحرير ، وللأسف فإن المؤلفات الكثيرة فيه ولا سيما المعاصرة تكاد تكون نسخا مكررة لبعضها ، وتحرير مسائل هذا العلم ليس بالعسير إذ هو متعلق بالنطق والأداء وهذا يمكن إدراكه ، كما يمكن الاستفادة من الأجهزة الحديثة التي تحلل الصوت تحليلا دقيقا ، كما دعا إلى ذلك الدكتور غانم الحمد ، لكن لاينبغي التنطع في تحقيق المخارج والصفات والإكثار من التحذيرات التي تحول بين القارئ وبين الاسترسال في القراءة والتلذذ بها .
 
الذلاقة والإصمات

الذلاقة والإصمات

قرأت لفضيلة الشيخ أبي رفعت "محمد علي عثمان" مقالًا بخصوص هذا الأمر فأحببت أن أنقله هنا، وهو جواب محرّر، ظننت أنّ المشايخ، والإخوة يسعدون به. قال شيخنا -حفظه الله-:
((6- الذلاقة والإصمات
الذلاقة في اللغة: حدّة اللسان وبلاغته وطلاقته، وتأتي بمعنى حدّ الشيء وطرفه. والحروف المذلقة ستّة يجمعها لفظ: فَرَّ مِنْ لُبِّ. يقال لها المذلقة لخروجها من ذلق اللسان والشّفة؛ أي طرفيهما. والمراد أنّ خروج بعضها من ذلق اللسان وهي: اللام والنون والراء، وبعضها من ذلق الشّفة، وهي: الفاء والباء والميم. وهذا التعريف يشير إلى محلّ خروج الحرف.
والإصمات في اللغة: الـمَنْع، وهو من صَمَتَ أي امتنع عن الكلام. والحروف المصمتة (23) حرفا؛ هي ما عدا المذلقة، سمّيت كذلك لأنها مُنِعَت أن تنفرد أصولاً في بنات الأربعة أو الخمسة. وقد وضّح الخليل بن أحمد ذلك في كتاب العين، فقال: «فإذا وردت عليك كلمة رباعية أو خماسية مُعرَّاة من حروف الذلق أو الشفوية، ولا يكون في تلك الكلمة من هذه الحروف حرف واحد أو اثنان أو فوق ذلك؛ فاعلم أن تلك الكلمة محدثة مبتدَعة ليست من كلام العرب؛ لأنك لست واجداً من يسمع من كلام العرب كلمة واحدة رباعية أو خماسية إلا وفيها من حروف الذلق والشفوية واحد أو اثنان أو أكثر...» اهـ. وهذا الكلام من أقدم ما قيل في الإصمات.
ويلاحظ أنَّ تعريف الذلاقة والإصمات لا يتضمّن دلالة صوتية لهاتين الصفتين؛ فتعريف الذلاقة يشير إلى مكان الخروج لحروفها، وليس إلى ما يعرض لها في المخرج، كالهمس والجهر وغيرهما من الصفات التي لها أثر صوتيّ. كما أن تعريف الإصمات يشير إلى وظيفة صرفيّة تتعلّق ببنية الكلمة. وبعبارةٍ أخرى: هاتان الصفتان لا علاقة لهما بالنطق أو بتجويد الحروف.
وقد أشار الشيخ المرصفي إلى ذلك في "هداية القاري" حيث قال: "واعلم أن صفة الإذلاق وضدَّها صفة الإصمات لا دخل لهما في تجويد الحروف". كما أشار الدكتور غانم قدّوري أيضاً إلى ذلك في "الشرح الوجيز على المقدمة الجزرية" بقوله: "ولا يخفى على الدارسين أن صفتي الذلاقة والإصمات ليستا من الصفات التي لها دلالة صوتية، وإنما هما من الصفات الإضافية التي تتعلّق بنسبة الحروف إلى مخرجها أو وظيفتها الصرفيّة، فمن ثَمَّ لم يذكرهما بعض علماء التجويد المتقدمين وكثير من دارسي الأصوات المحدثين، فالداني لم يذكرهما مع صفات الحروف في كتابه (التحديد)، متابعاً في ذلك سيبويه، ويبدو أنّ المتأخّرين من علماء التجويد ذكروهما متأثرين بمكي الذي أوردهما في كتاب (الرعاية)"، لكن من المتأخّرين من لم يذكرهما، كما فعل المرعشي (ت1150هـ) في كتابه (جهد المقلّ)، وقال في شرحه: ومجموع ما ذكرته ثماني عشرة صفة، وتركت مما ذكره ابن الجزري في نظمه الذّلاقة".اهـ
(قلت): إنَّ إيراد مكّي لهاتين الصِّفتين في كتاب (الرعاية)"، لا يبرّر لبعض المتأخرين إيرادهما في كتبهم؛ لأنَّ مكِّي قال في الرعاية: " فلم أزل أتَتَبَّع ألقاب الحروف التسعة والعشرين وصفاتها وعللها، حتى وجدت من ذلك أربعةً وأربعين لقباً، صفاتٍ لها وُصِفَتْ بذلك على معانٍ وعللٍ ظاهرةٍ فيها" اهـ. وقول مكي صريح في أنّه كان يتتبّع الألقاب والصِّفات والعلل، ولم يكن يتتبّع الصِّفات الذاتيّة ولا المتضادّة؛ لذلك كان من ضمن ما ذكر: الحروف الزوائد، وحروف الإبدال، والحروف الصُّمّ، والحرف الرَّاجع، وغير ذلك ممَّا لاعلاقة له بتجويد الحروف. كما أن مكي ذكر صفة الغنّة، وهي صفة لازمة، ولم يذكرها كثير من المعاصرين ضمن الصّفات اللازمة، تبعاً للإمام ابن الجزري في "المقدّمة".
وهناك أمرٌ آخر، فحسب ما جاء في كلام إمام اللغة العربية وفارسها المقدَّم الخليل بن أحمد، فإنّ الضّدية منتفية حسب هذين التعريفين. فإنّ الذلاقة ليست ضدّ الإصمات، ولا الإصمات ضدّ الذلاقة؛ فوضعهما ضمن الصِّفات المتضادّة يثير التساؤل. ولعل بعض المعاصرين شعر بذلك، فجنح إلى تعريف الذلاقة بأتها: سرعة وسهولة النطق بالحرف لخروجه من طر ف اللسان أو الشفتين، وتعريف الإصمات بأنّه: ثقلٌ في الحرف وصعوبةٌ بالنطق به؛ لوجوده بعيداً عن طرف اللسان. وهم بهذين التعريفين كأنّهم يريدون أن يجترحوا علاقةً ضدِّيَّةٍ بين هاتين الصٍّفتين! فلم يذكروا الأهم من أمر الإصمات وهو الناحية التصريفية التي ركّز عليها المتقدّمون. ومع ذلك فهذين التعريفين لا يتضمَّنان دلالةً صوتيَّةً.إنَّنا لا نُنْكِر هاتين الصفتين، ولكنَّنا نقول إنَّه طالما أنَّهما ليستا من الصفات التي لها دلالة صوتية، وطالما أنَّهما ليس لهما أثرٌ في النطق، فلا ضرورة لإيرادهما في المصنَّفات المتعلِّقة بالتجويد أو بإنتاج الأصوات اللغويّة.
والله أعلم.

وكتبه،
الشيخ محمد علي عثمان (أبو رفعت)
6 / صفر/1433هـ
31 / 12 /2011مـ))

منقول:
منتدى مدرسة بصائر - عرض مشاركة واحدة - إضاءات: هنا تُطرح قضايا في مجال التجويد والصوتيات والقراءات بهدف زيادة بيان أو إزالة لبس أو الإشارة إلى خطأ شائع
 
عودة
أعلى