نظرات في غاية النهاية (2)

  • بادئ الموضوع بادئ الموضوع الجكني
  • تاريخ البدء تاريخ البدء

الجكني

مشارك نشيط
إنضم
02/04/2006
المشاركات
1,286
مستوى التفاعل
0
النقاط
36
الإقامة
المدينة المنورة
بسم الله الرحمن الرحيم
هذه المسألة الثانية من المسائل التي جعلتها تحت عنوان "نظرات في غاية النهاية "وهي من المسائل المهمة ؛ليست لهذا الكتاب فحسب ،بل مهمة "للنشر " والطيبة " وتهم أكثر إخواننا الملتزمين ب "التحريرات " ،خلاصة هذه المسألة هي :أن ابن الجزري رحمه الله تعالى ذكر (ثلاثة ) طرق في "النشر " – وهذا يدل أصالة على أنها طرق (صحيحة ،متصلة ،متواترة ) لكن جاء في "غاية النهاية " وأفاد بأن هذه الطرق غير (صحيحة ) ومن أبعد البعيد أن تكون (متصلة ) هذا معنى كلامه 0
أما هذه الطرق فهي :
1-- طريق أحمد بن الصقر؛ من قراءة الهذلي عليه، عن أبي القاسم زيد بن أبي بلال عن الداجوني عن هشام، قال المؤلِّف في ترجمته: روى القراءة عن زيد بن أبي بلال فيما ذكره الهذلي، وقراءته على زيد من أبعد البعيد. اهـ(غاية :1/63)
2- طريق الحسن بن خشيش ؛ نفس التي قبلها، قال في ترجمته: روى القراءة عرضاً عن زيد بن علي؛ وهو بعيد(1/223)
3- محمد بن يعقوب الأهوازي البغدادي؛ كالتي قبلها، قال في ترجمته: قرأ على زيد فيما زعم، ولا يصح ذلك. اهـ(2/283)
وقال المؤلّف في ترجمة زيد بن أبي بلال عندما ذكر هؤلاء الثلاثة وأن الهذلي ذكر قراءتهم عليه: وذلك بعيد جداً. اهـ(1298-299)
وذكر أيضاً في ترجمة الهذلي أنّ لأبي العلاء الهمداني "حاشية "على أسانيد "الكامل" ردّ فيها الخطأ والوهم إلى الصواب وأنه سكت عن كثير، وكان من بعض ما سكت عنه هؤلاء الثلاثة ولم ينكر عليهم قراءتهم على زيد مع أنها لا تصح، وهذه نصّ عبارة ابن الجزري أنقلها لدلالتها على مراد البحث، ولأن بيانه عن مراده أوضح من بيان غيره عنه، قال رحمه الله: وقد وقع له –الهذلي- أوهام في أسانيده، وهو معذور في ذلك لأنه ذكر ما لم يذكره غيره، وأكثر القراء لا علم لهم بالأسانيد فمن ثمّ حصل الوهم، وللحافظ أبي العلاء الحواش على ذلك، ردّ أكثرها إلى الصواب وسكت عن كثير؛ فمن ذلك قول الهذلي: إنه قرأ على: أحمد بن الصقر والحسن بن خشيش ومحمد بن يعقوب، وأنهم قرؤوا على زيد بن علي بن أبي بلال، ولم أر الحافظ أبا العلاء أنكر ذلك، ومن أبعد البعيد قراءته -الهذلي- على أحد((في الغاية : أحمد ،وهو تحريف) من أصحاب زيد؛ فإن آخر أصحاب زيد موتاً الحسن بن علي بن الصقر، قرأ عليه لأبي عمرو فقط، ومات سنة تسع وعشرين وأربعمائة عن أربع وتسعين سنة، ولم يدركه الهذلي، وأيضاً فإن هؤلاء الثلاثة لا يعرفون، ولو كانوا قد قرؤوا على زيد وتأخروا حتى أدركهم الهذلي في حدود الثلاثين وأربعمائة أو بعدها؛ لرحل الناس إليهم من الأقطار واشتهر اسمهم في الأمصار. اهـ(الغاية :2/400-401)
يرى القارئ لهذا النصّ الطويل والمهم استبعاد ابن الجزري قراءة هؤلاء الثلاثة على زيد؛ بل وقراءة الهذلي على أحد من أصحاب زيد، وهو ما يثير عدة نقاط للبحث:
1- إذا كان ذلك كذلك فلماذا اختار هذه الطرق الثلاثة في "نشره" مع خروجها الصريح عنده عمّا اشترطه والتزمه؟.
2- ما هو المعتمد -والحال هذه- في هذه الطرق عند ابن الجزري؟ هل هو ما في "نشره"؟ أم ما في "غايته"؟
فالخلاف جوهري جداً؛ لأنه في حالة اعتماد ما في "النشر" فمعنى ذلك أنها طرق صحيحة موصولة ومقروء بها، وأمّا في الحالة الأخرى فالعكس تماماً؛ أي أنها طرق منقطعة الإسناد فلا يقرأ بها لمخالفتها شرطاً من شروط صحّة القراءة؛ خاصّة عند من يلزمون أنفسهم بتحريرات "الطَّيِّبة".
إذن: ما هو الحلّ، أو كيف يجمع بين هذين النقيضين؟
بعد بحث المسألة -حسب الجهد- اتّضح أن ما في "النشر" هو المعتمد والمعوّل عليه من كلام ابن الجزري؛ ليس لأنه المتأخر في التأليف، لا، فهذه مسألة لا يمكنني إثباتها بحال، ولكن للأسباب الآتية:
1- أنّ ما ذكره في "غايته" لم يأت بصيغة الجزم، بل عبّر فيه بصيغة الاستبعاد، مما يعني أن في الأمر فسحة للرأي والنقد، وأن بالإمكان معارضة ذلك، وتوضيح ذلك:
إنّ استبعاد ابن الجزري قراءة الهذلي على أحد من أصحاب زيد مستدلاًّ بأن آخر أصحاب زيد موتاً توفي سنة › 429‹ يجاب عنه ب: إن كان بعيداً فليس مستحيلاً، لأنه قد ثبت في الواقع تتلمذ الهذلي على واحد من تلاميذ زيد، وهو الحافظ أبو نعيم.
لكنْ، قد يقال: إن هذا في جانب الحديث لا القراءة؟ ويُدفع هذا الاعتراض بأنّ هذا لمجرد إثبات الإمكانية وعدم بُعْدِ قراءة الهذليّ على أحد من أصحاب زيد؛ وعليه فهل من (أبعد البعيد) أن يكون هؤلاء الثلاثة معاصرين ومشابهين لأبي نعيم، ورُزِق هو الشهرة وحُرِموها هم؟
2- أنّ الهذلي أدرك (34) أو (27) سنة على أقلّ تقدير-،وذلك للخلاف في تاريخ مولد الهذلي هل هو (395) أو (402)- من عمر آخر أصحاب زيد وفاة، وقد ثبت أنه -الهذلي- قرأ على أبي العلاء الواسطي سنة (431 هـ) وهي السنة التي توفي فيها، أي بعد وفاة ابن الصقر بسنتين غير كاملتين، فليس من البعيد ولا من المستحيل أن يكون هؤلاء الثلاثة من طبقته؛ بل وأكبر منه سنّاً، ليتجاوز عمرهم في تلك السنة (96) سنة أو غيرها، لكنهم لم يشتهروا، خاصّة وأن سنّ القاضي تحتمل القراءة على زيد نفسه، حيث إنه ولد سنة (349 هـ) أي قبل وفاة زيد بـ(9) سنوات وهي سنّ في العادة يصحّ معها أخذ القراءة؛ لكن لم أجد من صرّح بذلك.
3- نُصَّ في ترجمة الهذلي على أنه (درس الأصول)، وأنّه (يفهم الكلام)أي (علم الكلام )، والمقصود من هذا حسب ما فهمتُه من هذا الوصف أن للهذلي مشاركة في (الأصول) و(علم الكلام)؛ وهما علمان متعلِّقان بشكل كبير على معرفة الألفاظ ودلائلها، إذ أدنى درجات الأصوليّ والمتكلم أن يكون عارفاً بذلك، ويقدح عند أهل هذا العلم من كانت دلائل ألفاظه لا تتفق وألفاظَه.
إذ عُرِف هذا، فإن هذا الكلام يقرّر صحّة ما في "النشر" ويؤكد قراءة الهذليّ على هؤلاء الثلاثة، وصحّة قراءتهم على زيد خلافاً لابن الجزري في "غايته" وبيان هذا التقرير:
أنَّ الهذليّ صرّح بذلك فقال: وقرأت على ابن خشيش الكوفي، وأحمد بن الصقر، ومحمد بن يعقوب، قالوا كلّهم: قرأنا على زيد...اهـ
فقوله: (قرأت) والتعبيرُ بهذا اللفظ دون غيره من ألفاظ تحمّل القراءة؛ ك: (أخبرني) و(حدّثني) و(كتب إليّ) أو غيرها من الصيغ التي استخدمها الهذلي في "كامله" لبيان كيفيّة أخذه القراءة أو الطريق من مشايخه لدليلٌ على أن ذلك حصل فعلاً، وليس وَهْماً ولا عبثاً، فـ(قرأتُ) لا يفهم منها غير معناها الأساس وهو المتبادر، ولم يجد البحث مَن (جَرَح) الهذلي بالتدليس.والثقة مصدق فيما يقول 0
أمّا القول بأن هؤلاء الثلاثة مجاهيل لا يعرفون، فلا يلزم الهذلي لأنه قد رآهم، وعرفهم، وقرأ عليهم وأخبروه أنهم قرؤوا على زيد؛ فمن حفظ حجّة على من لم يحفظ، والمثبت للشيء مقدّم على النافي.
نعم، قد يقدح عدم معرفتهم عند العلماء في طرقهم، وهذا من باب الورع والاحتياط، وليس الهذلي بمنفرد في ذلك، فهناك طرق اكتفى ابن الجزري في توثيقها ومعرفتها بشخص واحد، وهناك من عرف حاله ووصف بعدم الحفظ والإتقان، ومع ذلك قبلت طرقه.
وخلاصة القول في هذا: إنّ البحث يرى أن هذه الطرق الثلاث طرق معتمدة صحيحة بدليل اختيار ابن الجزري لها في "النشر" ، فلا بدّ وأن يكون قد وقف على ما يرجّح ما أثبته في "النشر" وإلاّ لم يعتمدها، لكن لم يقف البحث على هذا المرجِّح، فلربّما تأتي به الأيام، والله أعلم.
وإلى لقاء آخر في مسألة أخرى إن شاء الله تعالى0
 
شيخنا الكريم أحسن الله تعالى إليك وبارك في علمك وعمرك
ذكرتم أن ابن الجزري ذكر استبعاد صحة اتصال الطرق الثلاث بغير صيغة الجزم ومثلتم بقوليه(وهو بعيد)و(وذلك بعيد جداً)..
لكن: قوله (ولا يصح ذلك) أليس فيه جزم بعد صحة اتصال الطريق؟؟
 
أخي الشيخ محمود حفظه الله تعالى :لعلك تقصد :أليس فيه جزم (بعدم ) فالميم سقطت سهواً ،فإن كان ذلك كذلك فاعتراضك وجيه وفي محله ، لكنني غلَّبت ذلك لأنني رأيت الإمام رحمه الله ذكر (ولا يصح ) مرة واحدة في حق "محمد بن يعقوب " ولما جمع الثلاثة لم يذكر عبارة (الصحة ) وإنما عبّر بالبعد 0والله أعلم 0
 
إن كان الترجيح بالتأريخ فالنشر متأخر لأنه ابتدأه في ربيع الأول سنة 799 وانتهى من تأليفه في شهر ذي الحجة سنة 799 هجرية كما نص عليه في آخر الكتاب

بينما نجده في كتاب غاية النهاية والذي هو المختصر ابتدأ فيه سنة 783 هجرية وانتهى 795 هجرية
أما أصله فهو من أوائل ما ألف الحافظ واسمه نهاية الدرايات ابتدأ فيه سنة 772 وانتهى سنة 774 هجرية
أي حين كان عمره 23 عاما

فحتى الاختصار كان قبل النشر بأكثر من أربع سنوات
 
نعم سيدي الفاضل،ويظهر أنه نقح بعض المواطن لا كلها أو لعلها من الإضافات المتأخرة التي بقلم ابنت الحافظ رحمه الله تعالى كحال الترجمة التي كتبتها عن أبيها.
 
تنبيه في فن الإملاء

تنبيه في فن الإملاء

إذا قلنا : ( فلانة بنت فلان ) كتبناها هكذا بالتاء المبسوطة أخت الباء والثاءالنهائيتين ، وهذه التاء هي العوض عن حرف محذوف هو الواو كما في (أخت) ، وسيبويه يشبهها بالتاء المربوطة في إفادة التأنيث - في أحد قوليه - وليس معنى ذلك أنه يجيز كتابتها بالتاء المربوطة إذا خلت كلمة (بنت) من همزة الوصل ، وأيضا لا يجيز كتابتها بالتاء المبسوطة إذا جاءت مع همزة الوصل .
وإذا قلنا : ( فلانة ابنة فلان ) كتبناها بالتاء المربوطة ؛ لأنها مؤنث (ابن) فالفرق بين (الابن) و(الابنة) بتاء التأنيث المربوطة أبدا .
هذا في قواعد الإملاء ، وللمصاحف رسمها الخاص ، وبالله التوفيق .
 
مسألة جديدة

مسألة جديدة

بسم الله الرحمن الرحيم :
مسألة اليوم :
قال المؤلف رحمه الله تعالى في ترجمة "محمد بن يوسف ابن عبد الدائم القاضي – وهو من شيوخه-"إنه ولد سنة (697) وأنه توفي – كما في المطبوع-(708) بل قال :"وقد جاوز الثمانين 0(2/284)وكأن هذا "الإمام الكبير عمراً وقدراً عاش (12) سنة فقط؟؟؟
ولا شك أن في المطبوع خللاً وسقطاً ،أعني في تاريخ الوفاة وأقول:"هل صعد ابن الجزري قبل أن يولد إلى السماء وقرأ على ابن عبد الدائم؟ طبعاً :لا 0
أما صواب التاريخ فهوسنة (778) فسقطت كلمة (سبعين ) من الناسخ ،وهذا النوع أعني سقوط كثير من كلمات "الأعداد "أو التواريخ " كثير في هذا الكتاب 0
وإلى مسألة أخرى إن شاء الله ،فلا زال –بحمد الله – في الجعبة شيء كثير 0
 
عودة
أعلى