عبدالرحمن النافع
New member
- إنضم
- 09/02/2009
- المشاركات
- 11
- مستوى التفاعل
- 0
- النقاط
- 1
[align=center]
[align=center]
* نود أن تحدثنا عن بداية اهتمامكم بعلم التفسير ؟[/align]
** في البداية أرحب بك أخ عبدالرحمن و أرحب بمجلة ( بصائر) وأرجو ان يوفقكم الله للاستمرار في خدمة القران الكريم وعلومه عن طريق هذه المجلة التي نحن في حاجة لتلبية احتياجات لا تلبيها المجلات المحكمة في الساحة ولا غيرها،أما بدايتي واهتمامي بالتفسير فهي منذ دخولي للجامعة ، و قد درست الجامعه في مرحلة البكالريوس بكلية الشريعة – وكلية الشريعة لا تركز كثيراً على الدراسات القرآنية بتفاصيلها، لكننا كنا ندرس فيها التفسير وعلوم القران بشكلٍ مختصر ،و الاهتمام الحقيقي و المركز بدأ مع مرحلة الدراسات العليا ومرحلة الماجستير ،ثم التحقت في قسم القران وعلومه وواصلت إلى اليوم وأنا في هذا التخصص ولله الحمد .
* إذاً علاقتك قديماً بهذا الفن؟
* تقريباً منذ عشرين سنة .
* كيف كانت العلاقة؟
* العلاقة بالعلم بدأت منذ بداية دراستي علوم القران والحرص على حفظه والحرص على قراءته وما يتعلق به ، وأنا منذ عام 1407هـ التحقت بحلقات حفظ القران الكريم وقرأته على عدد من المشايخ وحصلت فيه على بعض الأسانيد والإجازات ، ومنذ ذلك الحين والى اليوم الحمد لله مازلت اشعر باني في بداية الطريق لتعلم علوم القران وما يتعلق بالقرآن .
* لكن قبل الدراسة الأكاديمية ، هل كانت هناك منهجية سرتم عليه؟
** الحقيقة كنا نشكو دائما وما زلنا - وإن كان الوضع اخف - من عدم وجود منهجية جيدة و مؤصلة لدراسة القران الكريم وعلومه بشكل منهجي ، ولذلك تنقلنا بين الكتب والمناهج والحلقات حتى أصبح لدينا الآن ما يسمى بالخبرة – إن صحت العبارة -حول كتب التفسير والمناهج والقران وحفظه ، ولو وجدت من يأخذ بيدي في البداية ويوجهني توجيهاً سديداً لاختصرت الكثير من الوقت وكثير من الجهد ، ولكن لم تخل هذه التجارب والمحاولات من خبرات جيدة نحمد الله عليها .
* إذا هواك كان يميل إلى التفسير في البدية ؟
** سبحان الله لم يكن الأمر كذلك، كنت متخصصا في الفقه وأصول الفقه ،كما تعلم أن الشريعة تخرج متخصصين في الفقه و أصوله ، لكن عندما عرض علي موضوع العمل في الكلية لم يكن هناك وظائف في الفقه وأصول الفقه ،فقالوا إما أن تقبل بقسم القران وعلومه أو السنة وعلومها أو العقيدة وكان لدي عدد من الاسانيد والإجازات في القراءات ، فكان أنسب قسم لي من أجل ذلك هو قسم القران وعلومه ، ولم أندم قط على هذا الاختيار فهو من توفيق الله لي.
*إذا أتت الرياح بما تشتهي السفن ؟
** ( ضاحكا ) نعم . الحمد لله .
*شيخنا الكريم: هل لكم أبحاث ودراسات في هذا الفن ؟
** لدي أبحاث بعضها لم يكتمل والبعض الأخر اكتمل ونشر، فمن الأبحاث التي اكتملت بحث ( جهود ابن فارس في التفسير وعلوم القران) وهو رسالة الماجستير وقد انتهيت منه عام 1418هـ تقريباً ونوقشت فيه وأتمنى أن أخرجه بإذن الله تعالى مطبوعاً وقد جمعت فيه تفسير ابن فارس ، و ابن فارس شخصية من الشخصيات النادرة في التراث الإسلامي لما يتميز به من عمق في اللغة ولا سيما في جانب المعجم وهو صاحب كتاب مقاييس اللغة.
أيضاً لي كتاب بعنوان (الشاهد الشعر ي في تفسير القران الكريم : دراسة تأصيلية)، وهذا هو بحثي الذي حصلت به على الدكتوراه وقد طبع ولله الحمد في دار المنهاج في الرياض مؤخراً، ولي بحث أخر بعنوان ( القول بالصرفة في إعجاز القران الكريم دراسة نقدية) ، والصرفة نظرية من النظريات التي قيلت في وجه إعجاز القران الكريم قال بها بعض المعتزلة و هي ( أن الله سبحانه صرف همم العرب عن معارضة القران الكريم ولو لم يصرفهم لاستطاعوا أن يأتوا بمثل القران الكريم ، فدرست النظرية وعرفت المقصود بها ومذاهب العلماء فيها والمؤلفات التي بها والى آخره، وهناك أبحاث أخرى أرجو أن يوفقني الله سبحانه وتعالى في إخراجها ، كما إنني كتبت حتى الآن على الانترنت ما يزيد عن عشرة الآف صفحة من المقالات والأبحاث والأجوبة العلمية والحوارات وغيرها ، ومعظمها في (ملتقى أهل التفسير) .
*لعلك تخصنا في ( بصائر ) ببعض عناوين هذه البحوث ؟
** هناك كتاب أرجو أن يخرج قريباً بإذن الله تعالى بعنوان ( الفريد في غريب القران) وهذا أرجو أن يكون كتاباً فريداً كما يدل عليه عنوانه وسرت فيه على منوال أحمد بن فارس في كتاب مقاييس اللغة ولكنني خصصته في غريب القران وأتمنى أن ينتفع به القراء. أيضاً هناك كتاب بعنوان ( المفتاح في علوم القران ) وهو كتاب يصلح للمبتدئين في علوم القران ، وقمت بتأليفه تلبية لطلب بعض المعاهد القرآنية المتخصصة لتدريسه في المعهد وأرجو أن يطبع قريباً.
* لو أردنا أن نتحدث عن اهتمامات الشيخ عبدالرحمن العلمية ؟ و ما هو الحيز الذي يشغله التفسير منها ؟
** يمكنني تلخيص رسالتي في عبارة (خدمة القرآن وعلومه) فكل ما يتعلق بالقران وعلومه يدخل في دائرة اهتماماتي إلا فيما يتعلق بمسائل القراءات الدقيقة الخاصةً بجانب الرواية – ومع أنني أقرأ فيها إلا أنها لا تستهلك مني وقتاً كغيرها من جوانب الدراسات القرآنية – لكن أكثر ما أشغل به وقتي هو جانب التفسير و جانب أصول التفسير وجانب علوم القران ، وما يتعلق بالدراسات القرآنية عموماً لا سيما الخطط المستقبلية للتخصص والدراسات العليا والمنهجيات المعرفية في هذا العلم الشريف ، وأسأل الله أن يمدني بعونه وتوفيقه للاستمرار والعطاء في هذا الجانب .
* مع توسع علوم القرآن و حاجة المفسر للعلوم الأخرى لتداخل هذه العلوم ؟ و هل استطاع الشيخ عبدالرحمن التوفيق بينهما ؟ و كم هو الحيز الذي أخذه التفسير في مقروءاتك بشكل عام ؟
** طبعاً لأن علوم القرآن واسعة وينبغي علي وعلى أمثالي المتخصصين في الدراسات القرآنية أن يكون لديهم إحاطة ومعرفة بهذه الكتب ، فانه يستغرق كل وقت القراءة في هذا التخصص ولم اعد أجد وقتاً كافياً للقراءة في غيره ، وكما تلاحظ هذه المكتبة التي نحن بها ألان مليئة بعدد لا بأس به من الكتب ، لكن يغلب عليها جانب الدراسات القرآنية ، ولكن الوقت أضيق من أن يصرف في غيرها ، وإلا لدي اهتمامات كثيرة تتعلق باللغة وتتعلق بالأدب وما يتعلق بالعلوم الأخرى مثل العقيدة والسنة والفقه ولا نستغني عنها ونحن نُسأل فيها، ولله الحمد لدي الحد الأدنى من بعض التخصصات التي أقرأ فيها باستمرار ولا أفرط فيها ، ولكن التوسع ومتابعة الجديد هو لتخصص القران وعلومه .
* و كم شغل كل هذا من وقتكم بشكل عام؟
** قرأتُ كثيراً عن تنظيم الوقت وعن إدارة الوقت حتى أستطيع أن أسيطر على الوقت ولاسيما مع أسرتي ، ولكنني فشلت إلى الآن في أن أشتغل بغير القران ، فلذلك أصبح هذا التخصص هو شغلي الشاغل في كل وقت حتى إنه طغى على وقت أسرتي ووقتي الشخصي وأموري الشخصية العادية. انشغالي بالتفسير أو ببرامجه أو بكتبه ومشاركاته العلمية واجتماعاته أخذ كل الوقت ،اسأل الله آن يتقبل ذلك وأعوذ بالله من التقصير والتفريط .
*آمين.. بما أنك ذكرت المكتبة ، فلعلنا نتطرق للمكتبة القرآنية، و هل استطاعت أن تغطي كل الجوانب المتعلقة بالقرآن و علومه؟
** المكتبة القرآنية من أوسع المكتبات الإسلامية، ومنذ نزول القرآن الكريم والعلماء يجتهدون في خدمة القرآن الكريم وعلومه تأليفاً ، والمصنفات التي صنفت حول القران الكريم لا تكاد تحصى ، ولذلك مكتبة التفسير والدراسات القرآنية عموماً تعتبر من أوسع المكتبات خاصةً ، وكثير من كتب التفسير لم تطبع بعد وكثير من كتب الدراسات القرآنية الأولى فقدت ، وإذا أضفنا إلى ذلك أن الدراسات اللغوية التي نشأت ابتداء كانت كلها لخدمة القرآن الكريم وعلومه، فالبلاغة والنحو و المختارات الأدبية حتى جمع الشعر الجاهلي كلها كانت من اجل خدمة القرآن الكريم والمحافظة على لغته ، و لذلك يصح القول الذي يقول ان الحضارة الإسلامية والمكتبة كلها نشأت حول القرآن الكريم ودارت حوله لأنه النص المباشر الذي تدور حوله كتب التفسير و علوم القرآن بشكل عام، و قد لا يظن المرء أن النحو و البلاغة و الأدب و جمع الشعر الجاهلي و المعاجم أنها أنشئت لخدمة القرآن الكريم بينما هي كذلك ، وأنا ألاحظ أنه في العشر السنوات الأخيرة نشطت المكتبة القرآنية في جانبين ، منها جانب الأبحاث المتجددة والجانب الأخر التحقيق للكتب القديمة ، فلذلك عندما يذهب الشخص إلى المكتبات يجد أن أنشط الكتب وأكثر المطبوعات اليوم للقرآن وعلومه .
* لكن هناك من يقول بأن المكتبة القرآنية مكتبة متكررة ، و خصوصا إذا أخذنا الكتب الحديثة فهي قائمة على الفوائد و الدروس أي أنها أقرب للمواعظ منها إلى الدراسات الناضجة العميقة؟
** الحقيقة أن هذا القول فيه نوع من المجازفة لسبب ، أولاً لا يوجد كتاب للتفسير ليس له فائدة ومن خلال التجربة وجدت أنك تتردد كثيرا عندما يستشيرك أحد في كتب التفسير ، لان لكل كتاب منها فائدته وأسلوبه وجديده الذي يجد فيه القارئ الفائدة ، ويبقى أن ما ذكرته صحيحا من جهة أن هناك نسبة كثيرة من التكرار باعتبار أنها تدور حول نصٍ واحد وهو القرآن الكريم ، وان هذا النص يجب عليك أن تلتزم بأصول التفسيره وفهمه في كتاباتك ويبقى هناك هامش للتجديد والإضافة ، ولذلك أذا تأمل القارئ لتفسير ابن جرير مثلاً ثم جاء بعده تفاسير كثيرة جداً قد يقول قائل أنها استوعبت ، لكن عندما يقرأ مثلاً في تفسير الشنقيطي أو تفسير الشيخ الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير أو تفسير السعدي برغم صغر حجمه أو تفسير معارج التدبر للشيخ الميداني وغيرها نجد أنها أضافت إضافات ما سبقت إليها ، ولذلك تبقى الحاجة متجددة للتأليف في تفسير القرآن ، ويجب أن يدرك طالب العلم أن الحاجة متجددة لتفسير جديد للقرآن الكريم لأسباب متعددة ، منها اختلاف طريقة فهم الناس واختلاف العصور والحاجة المتجددة للنزول إلى مستوى فهم الناس وقدراتهم التي يقرؤون بها ، فمن هذا الجانب نستطيع أن نقول إن التكرار ليس بهذه الصورة التي يصورها البعض بأنها متكررة .
أما في جانب الدراسات التأصيلية فهناك جوانب كثيرة لا تزال الحاجة ماسة إلى سدها ، ويوجد عدد لا بأس به من الدراسات الجادة في هذا الميدان ، ومثل هذه الدراسات التي تتميز بالعمق والتأصيل تحتاج إلى قدرات علمية بحثية خاصة وهي قليلة في جميع التخصصات.
* د. عبدالرحمن .. دعني آخذ السؤال من زاوية أخرى ، و هي أننا إذا نظرنا للمستشرقين و اهتمامهم بالقرآن و سبره و اكتشاف أسراره و إثارة الشبه عليه نجد أنها دراسات نوعية و عميقة ، بل إنها استطاعت أن تشكك البعض في دينه و في القرآن نفسه ! و يقابل هذه دراسات أشبه ما تكون بالمواعظ إلى دراسات عميقة و نوعية؟ لماذا لا نشهد تجارب أخرى كتجربة المعجم المفهرس و غيره من التجارب الناجحة و التي أحدثت إضافة جديدة للمكتبة القرآنية ؟
** كأنني فهمت ما تعنيه الآن. هذه مشكلتها تعود إلى مشكلة تكوين الباحثين المتخصصين في الدراسات القرآنية وفي غيرها بصفة عامة عندنا في العالم الإسلامي و هذا راجع لطريقة تفكيرنا في العالم الإسلامي، و للأسف الشديد أن الجامعات الإسلامية إلى الآن - بحسب ما أرى وألاحظ - لم تنجح النجاح المطلوب في تخريج عقليات علمية باحثة و ناقدة تحسن النقد العلمي، بل إلى الآن نحن ندرس في درجة البكلاريوس والماجستير والدكتوراه موضوعات مكررة ، بمعنى انك تأتي إلى طلاب الدراسات القرآنية في مرحلة الدكتوراه مثلاً فإذا بهم يدرسونه مادة إعجاز القرآن من الكتب التي يدرسونها في درجة البكلاريوس و يدرس طالب الماجستير مادة أصول التفسير التي كان يدرسها في البكلاريوس أيضاَ ، وأنا شخصياً مررت بهذه التجربة ودرست هذه المناهج حيث كنا ندرس في مرحلة الدكتوراه المادة العلمية نفسها التي كنا ندرسها في مرحلة البكلاريوس ، ولا اذكر أننا وجدنا شيئاً جديداً ، و أنا الآن أقوم بتدريس الدراسات العليا و لكنني غيرت الأسلوب الذي ندرس به تماماً ولذلك خرجنا بفوائد كثيرة ، لأنك لا بد أن تراعي العمق العلمي للطالب و تعطيه الكتب و المراجع التي تناسب الطالب، فالشاهد أن كثيراً من الباحثين المتخصصين في الدراسات القرآنية المعاصرة يقل عندهم جانب الإبداع كثيراً ، وكما قال النبي r الناس كإبل مائه لا تكاد تجد فيها راحلة ،و المجدد والمبدع يأتي نادراً في العصور وعلى مر التاريخ ، في حين أن الغربيين مع أنهم يدرسون القرآن الكريم من زاوية مختلفة وهم لا يؤمنون به كما نؤمن به ، ولكنهم يقعون على موضوعات لو درس القرآن الكريم من خلالها عن طريق باحثين جادين لكان فيه ثمرة رائعة جداً ، ولذلك كل ما بحثه المستشرقون مع الملحوظات عليه المنهجية والعلمية فتح الباب واسعاً للبحث ، فمثلاً كتاب (نولدكه ) تاريخ القرآن مع انه مليء بالشبهات وفيه مطاعن كثيرة إلا انه في طريقة تفكيره وطريقة تناوله للموضوعات فتح آفاقا كثيرة للدارسين سواء الذين ردوا عليه أو الذين كتبوا في هذه الموضوعات كما كتب د. عبد الصبور شاهين في كتاب تاريخ القرآن ، فتناول فيه موضوع الأحرف السبعة من زاوية مختلفة تماماً عما تناوله غيره ، فأنا اتفق معك في هذا الجانب وفيه عوز كبير ولكن أنا أؤمن بإذن الله تعالى خلال الخمسين سنة القادمة أن تتغير هذه النظرة للباحثين في الدراسات القرآنية وهناك ولله الحمد جهود كبيرة تبذل لتصحيح المسار في هذا الجانب للارتقاء بالذوق والارتقاء بالمنهجية ، وفيما يتعلق بالدراسات القرآنية ومنهجية القرأة ومنهجية التعليم ومنهجية الدراسات العليا وأرجو أن تؤتي ثمارها بإذن الله ، واني ألاحظ أن في عدد من الجامعات المختلفة منها جامعة الملك سعود وجامعة الإمام وجامعة القصيم التي بدأت الآن وضع دراسات جيدة وغيرها من الجامعات الأخرى والمعاهد والمراكز كالمركز الخيري الذي الآن تتبع إليه (مجلة بصائر) وكلها الآن أصبحت تفكر بنفس الطريقة وهي طريقة الإبداع والتميز خدمةً للقرآن الكريم بطريقة جديدة وطريق مميز تناسب مكانة القرآن الكريم .
* في ظل اتجاه العقلانيين لإعادة دراسة القرآن الكريم ، أين يقف أهل التفسير والمختصين من أهل العلم في مقابلة هؤلاء ؟
** في تخصص القرآن وعلومه نشتكي من نقص حاد في مواجهة هذه الشبهات ، والسبب في ذلك يكمن في أمور ، الأمر الأول انه لا يوجد من المتخصصين في الدراسات القرآنية عندنا في السعودية من يتقن اللغة التي تكتب بها هذه البحوث اتقاناً يؤهله للرد عليها ، وايضا لا يتقنون المنهجيات التي تكتب بها فهناك المنهجيات الحديثة التي تطرح فيها هذه البحوث مثل منهج (البنيوية) و(الألسنية) وما يتعلق بالدراسات الحداثية وما بعدها ، للأسف الشديد المتخصصون في الدراسات القرآنية ينظرون إليها نظرة ازدراء ونظرة تهوين من شأنها و أنها لا فائدة منها ، وان هذه الدراسات المراد منها هدم القران ونحو ذلك ، وبهذا فوتوا على أنفسهم خيراً كثيراً بعدم دراستهم لهذه المناهج والحرص على فهمها التي تمكنهم من الرد عليها رداً جيداً مقنعا ، أضف إلى ذلك طريقة التفكير التي تكتب بها هذه الدراسات كما تقدم معنا في الدراسات الإستشراقية المختلفة عن طريقة التفكير التي يفكر بها الذين يردون ، فمثلاً احدهم يكتب شبهات حداثية تنطلق من منطلقات عقلية ويأتي المتحمس في الدراسات القرآنية ليرد عليهم بالآيات والأحاديث و المخالف لا يؤمن بها ولا ينظر إليها ، فعندنا عوز في هذا الجانب فلذلك افتتحنا في ملتقانا نافذة أسميناها (ملتقى الانتصار للقران الكريم) ونهدف من ذلك إلى تأسيس علم جديد يضاف إلى علوم القران الكريم الموجودة وهو علم الانتصار للقران الكريم والمنهجية الصحيحة في الرد على هذه الشبهات وكيفية تأهيل الباحثين المتميزين للتصدي لمثل هذه الشبهات لأنها متجددة وتحتاج في كل زمان إلى من يقوم بها ويبين للناس الحق فيها، والناس اليوم لم تعد تقتنع إلا بالعمق العلمي والموضوعي الذي يتناول الموضوعات بدقة وبموضوعية يستطيع أن يقنع الموافق والمخالف .
* لننتقل إلى ابرز النصائح التي توصي بها طالب العلم في هذا المجال ؟
** الوصية الأولى هي إخلاص النية لله سبحانه وتعالى في خدمة هذا العلم لأنه هو اشرف العلوم على الإطلاق وهو القران وعلومه . النصيحة الثاني: الحرص على التركيز على الجانب الذي يريد أن يخدمه ويتخصص فيه .. وكنصيحة أخوية لا تجبر نفسك على ما لا تميل إليه في الدراسة وإنما يحرص طالب العلم على أن يتخصص في الجانب الذي تميل نفسه إليه لان القران الكريم وعلومه عبارة عن أودية وشعاب منها علوم القران وعلوم التفسير والدراسات البلاغية ، والتفسير نفسه و قراءات القرآن وتجويده وتاريخه وما يتعلق به فليتخصص كل واحدٍ منا في هذه الفنون يستفرغ فيه جهده ووقته وبحوثه حتى يكون لأهل العلم مرجعاً في هذا التخصص يرجعون إليه . والنصيحة الثالثة: الحرص على المتابعة والقراءة المستمرة والعمق فيها والتلخيص بحيث أن يؤهل الإنسان نفسه أن يكون عالماً في هذا التخصص الذي هو القران وعلومه .
* البعض من المبتدئين قد ينظر بازدراء و تقليل من الكتب التراثية،أو يقلل من شأن الطريقة التقليدية في دراسة تفسير القران وعلومه ، بينما قد تأسره اللطائف والفوائد أو الطريقة الحديثة في دراسة التفسير فما رأيك ؟
** هذه حقيقة. وهذه تعود إلى أذواق الناس والى تأهيلهم العلمي السابق و الناس دائماً تميل إلى البساطة والسهولة ، و هنا اذكر تجربة من التجارب في احد البرامج الإعلامية و هي أني كنت أقدم برنامجاً واحضر له واحتشد له من الناحية العلمية وما كنت أجد له ذاك الصدى عند عامة الناس وإنما ربما أجد أحد الزملاء المختصين الذين رأوا الحلقات يثنون على ما فيها من المعلومات الجيدة ، لكن قدمت برنامج أخر مع بعض الزملاء كان عفوياً بطرح أخر وبعض اللطائف ، فوجد اقبالاً منقطع النظير عند الناس ، فعلمت أن الناس تميل إلى البساطة وتحب تناول مثل هذه اللطائف البلاغية واللطائف في التفسير وما يتعلق بها، وان الناس يرغبونها ويكثرون السؤال عنها ، طبعاً قد يقول قائل هذه اللطائف والنكات البلاغية قد لا تؤسس طالب علم جيد وإنما هي تصلح للمتعة أكثر منها للعلم والتأصيل ، لكن الناس أيضاً يحتاجون إلى هذا و ذاك ، فمهما بالغنا وتفاءلنا لا يمكن أن نجعل كل الناس علماء في التفسير ولا متخصصين فيه في حين أن بإمكانك أن تجعل لدى الناس ثقافة جيدة في الدراسات القرآنية ، ولذلك أنا أقول أن الحد الأدنى من علوم القران وكيفية التعامل مع القران وفهمه وتفسيره ينبغي أن تكون ثقافة مشتركة بين الناس ، وينبغي على المتخصصين في الدراسات القرآنية أن يبحثوا ويدرسوا الوسائل المناسبة لإيصال هذا العلم إلى الناس ، وأنا احسب أن( مجلة بصائر) الآن هي وسيلة من هذه الوسائل لتقريب القران و الدراسات القرآنية لعامة الناس الذين يسألون عن معاني القران ويسألون عن القواعد البسيطة للتعامل معه ويسألون عن كتب جيدة سهلة العبارة وواضحة الأسلوب لفهم القران وفهم علومه وهذه الحاجة لا تنقطع .
* هل هناك فرق بين التفسير وعلوم القران ؟
** التفسير هو احد علوم القران لأنه يتعلق بفهم المعنى ، لكنه لأنه قد كثرت المصنفات فيه أصبح علماً مستقلاً يقال له علم التفسير وإلا فهو علم من علوم القران التي انفصلت وتوسعت وأصبح له مؤلفات خاصة به.
* محور آخر من محاور خدمة القرآن و علومه: و هو الأدب و خدمته لكتاب الله U ، هل استطاع الأدب تأدية دوره، و ما أهمية دور الأدب و الأديب ؟
**أنا من وجهة نظري نعم، وأنا شخصياً احتسب على الله القيام بهذا الواجب بقدر استطاعتي ، وأنا لدي دروس في شرح الشعر الجاهلي على وجه الخصوص وهدفي منها خدمة التفسير ولغة القران وقد قدمت في ذلك عدد من الدروس والدورات والبرامج الإعلامية ، والحمد لله ردود الأفعال تبشر بخير وقد سلكت أيضاً منهجاً آخراً في جامعة الملك سعود وبدأت بدرس أسبوعي لعامة الطلاب في الأدب وأنا ابتدأته على انه أمالي أدبية وروايات أدبية وأتنقل فيه بين الأشعار في العصور و الروايات و غيرها و لكني لا أخليه من ربطٍ بالقرآن بطريقة أو أخرى و وجدت له قبولاً واسعاً لدى الطلاب والكل يحرص على حضوره ويحرص على تتبعه ، وأنا أؤمل بإذن الله تعالى انه بعد سنوات قليلة يثمر بإذن الله هذا المنهج في أمور ، أولاً الارتقاء بذوق الذين يستمعون ويشاهدون مثل هذه البرامج. فعندما يقرب لهم الشعر القديم و الشعر الجاهلي في بلاغته و فصاحته يستفيدون من مفرداته الجديدة ومن الأسلوب اللغوي الصحيح في التعبير وهذا يعود مباشرةً بالفائدة على فهم القران الكريم لان القران الكريم نزل بلغةٍ عاليه جداٍ ، فإذا تُرِك الناس على لهجتهم وعدم عنايتهم باللغة العربية سوف تزداد الفجوة بينهم وبين فهم القران الكريم وتزيد الحاجة إلى دراسة كتب التفسير وغريب القران .
* هل هناك دراسات تناولت هذا الموضوع ؟
** الحقيقة أنها قليلة، لكن كتب اللغة بصفة عامة هي ميدان واسع لهذا الموضوع ،و كذلك كتب شرح الشعر الجاهلي. لكن الدراسات التي تؤصل لهذا الموضوع أي ربط اللغة و الأدب بالتفسير قليلة ، وكتابي ( الشاهد الشعري في تفسير القران الكريم دراسة تأصيلية ) في عمق هذا الموضوع، وأرجو بأذن الله تعالى أن نجد في السنوات القادمة برامج ومنهجيات في هذا للارتقاء بأذواق الناس ، وهذه رسالة لزملائي في اللغة العربية و الأدب و البلاغة أن يقوموا بهذه الرسالة وهذه الأمانة لأني أجد أنهم يدرسون هذه التخصصات دراسة منفصلة ولا يوظفونها التوظيف الذي ينبغي أن توظف فيه في خدمة القران الكريم .
* هل يجوز أن تخدم الرواية القرآن ؟ و هل بالإمكان أخذ بعض قصص القرآن و وضعها في رواية؟
** هذا الموضوع طرح قديما و ما زال يطرح. و كثر النقاش حوله، و هنا يرد سؤال أن الروائي سيضطر للإضافة من عنده حتى يحافظ على تسلسل الأحداث فيضيف على القصة ما ليس منها ، أو الروايات الإسرائيليات التي لا تثبت ، فهل يجوز أم لا يجوز لم يقطع فيه إلى الآن ، و الحقيقة أنه لا يجوز أن يضاف على القصص القرآني ما ليس منه، كتبت بعض المحاولات قديماً في قصص القران وصيغت بأسلوب أدبي إلى حدٍ ما لكنها لم تصل إلى المرحلة التي ذكرتها وهي مرحلة أن تكون الرواية متكاملة ، فمثلاً لو صنعت رواية بعنوان ( أصحاب الجنة ) القصة التي في سورة القلم ورواية على أصحاب الكهف أو رواية عن قصة يوسف عليه السلام وهي تعتبر من أوسع القصص التي تسلسلت في سورة واحدة في القران الكريم وهذه لم أقرأ إلى الآن من كتب فيها، و أتصور أنه بالإمكان تنفيذ هذه الرواية لكنها تحتاج إلى فنية عالية ومهارة وتحتاج إلى حذر شديد في قضية ملء الفراغات بطريقة إحترافية لا يكون بها رواية ضعيفة ولا يكون فيها أيضاً أي مزلق يسيء للقران الكريم بطريقة أو بأخرى، فهذا تحدي ينبغي على الأدباء أن يخوضوه بحقه.
* هل علم التفسير هو علم العامة أو الخاصة ؟ و ما هي الجهود المبذولة لتقريب هذا العلم؟
** في تصوري انه يجمع بين الأمرين من حيث الحاجة إليه وضرورة معرفته هو علم العامة ،فهناك جهود للعامة و هناك جهود للخاصة، فمثلاً من الجهود التي تبذل لعامة الناس و الطلاب منها جمعية التحفيظ التي تعنى بحفظ القرآن وغيره، وهناك برامج عديدة في التلفزيون وغيره موجهة إلى عامة الناس سواء بأحكام القران أو تحسين تلاوته أو فهمه وتدبره وهناك خدمات توجه إلى الخاصة للارتقاء بهم من ناحية البحوث ، فهناك مجلات علمية محكمة مثلاً فهذه موجهة للخاصة لينشروا فيها أبحاثهم من جهة ويقرؤوا فيها من جهة أخرى ويتناقشوا فيها في قضايا خاصة ، و هناك ملتقيات علمية كملتقى أهل التفسير على الانترنت وهو في أصله موجه للخاصة للارتقاء بهم علمياً.
* بدأ الاهتمام في الآونة الأخيرة بعلوم التفسير وقد يكون لكم السبق في ذلك من خلال بعض البرامج التلفزيونية والشبكة العنكبوتية ، ما هو تقييمكم لهذه التجربة ؟
** طبعاً الفكرة لا زالت حديثة، لنا سبع سنوات واعتبرها تجربة ناجحة .
*كيف بدأت ؟
** بدأت بفكرة . في بداية دخول الانترنت إلى السعودية ، كان في ذهني أن ابدأ في مشروع خاص يتعلق بالقران وعلومه ، ومن بعد ذلك توسع المشروع وأصبح لله الحمد يعرفه كثير من المتخصصين ويستفيدون منه وهذا المشروع يتوسع عاماً بعد عام والحمد لله وصلنا إلى مرحلة متقدمة وأنشأنا مركزاً علمياً للأبحاث والدراسات القرآنية الذي نهدف منه إلى وضع خطط إستراتيجية للدراسات القرآنية خلال الخمسين أو المائة سنة القادمة بحيث يكون لنا خارطة واضحة لتطوير هذا التخصص بجانب التأليف والتصنيف والدراسات العليا والبرامج الإعلامية والبرامج التي تستهدف جميع الشرائح بحيث يكون لدينا تصور واضح ، كيف نسير ، وأين وصلنا ، ومنها في مجال الدراسات المتخصصة والانترنت وتقييم المواقع ووضع المعايير العلمية لها ، والبرامج الإعلامية وتقويمها من حيث مشاهدة الناس لها ومدى استفادتهم منها ومدى انتشارها و تقويم البرامج المشابهة لها والأسلوب التي تقدم به والشخصيات التي تقدمها كما نخدم الكوادر البشرية المتخصصة التي تخدم القران الكريم وعلومه حول العالم من حيث مستواها العلمي وإمكانية الارتقاء بها. فالمهم أنه كان فكرة بدأ بموقع ملتقى أهل التفسير ثم شبكة التفسير والدراسات القرآنية ثم الآن مركز تفسير للدراسات القرآنية .
* إلى أين وصلتم في ملتقى أهل التفسير ؟
** أصبح الموقع اليوم مشهوراً ومعروفاً عند الخاصة ومن يرتادون الانترنت، و استفاد الناس و المختصون منه كثيرا،بل إن اكبر المستفيدين منه هو أنا شخصيا ثم الأخوة المشرفون، لأنك تضطر لمراجعة المسائل العلمية الدقيقة والأبحاث و غيرها ، و قد راجعت آلاف المسائل و الأبحاث و الموضوعات المتعلقة بعلوم التفسير بسبب الملتقى .ناهيك عن الموضوعات المتعلقة بالكتب والمؤتمرات والندوات التي نشرت عن طريق هذا الملتقى، و الحظ من خلال تجوالي في عدد من دول العالم أن الملتقى أصبح حلقة وصل يجمع العديد من المهتمين في العالم العربي ودول الخليج وإفريقيا واسيا والعديد من الدول الأوروبية ووجدت صداً طيباً لهذا الملتقى لم أكن أتوقعه ، أضف إلى ذلك أن لدينا ألان ما يقارب ستة آلاف عضو في الملتقى من جميع أقطار العالم مع أن التسجيل في الملتقى مغلق ، وإذا طرح أي موضوع في الملتقى سيقرئه من هو في أوروبا وكندا وإفريقيا بل أن هناك احد الأشقاء في العراق يقول أن هذا الملتقى ينوب عن جامعات بالنسبة لي ، ويقول هذا العراقي أنه في أيام الاحتلال ما كان يشعر بأي عجز من خلال التخصص. بل يقول أنه من خلال هذا الملتقى عرف الكتب التي صدرت والمجلات والبحوث ويشارك هذا الأخ العراقي معنا الى اليوم ويقوم بكتابة الأبحاث ويرسلها لنا ونحن نقوم بنشرها في الملتقى ، فأنا أرى هذا الملتقى عبارة عن نافذة ، فلذلك أدعو الآخرين إلى الاستفادة من الموقع ، ونحن نحرص الآن في تجربتنا وتقييمنا للملتقى ولإعادة بناء البوابة الالكترونية للملتقى على الإبداع ، ودائماً أتحدث مع زملائي في الملتقى بأننا لم نبدأ بعد، بل كل السنوات التي مضت هي مجرد جس للنبض ومحاولة التعرف على حاجة الناس والآن تبين لنا مما لا يدع مجال للشك أن الناس في حاجة ماسة جداً وعلى مستوى العامة والخاصة إلى هذه المواقع ونحن الآن لدينا خطة تطويرية واسعة للملتقى أرجو ان يظهر قريباً .
* هناك خطوة خطتها بعض المواقع في موضوع الفهرسة و إضافتها للمكتبة الشاملة كذلك إخراج الكتب و قد يتحول فيما بعد إلى دار نشر ، هل في نيتكم السير على خطاهم؟
** نعم ما ذكرته ضمن خطة الملتقى منذ بدايته وقد طبعنا كتاباً باسم الملتقى قبل أربع سنوات وهو مقالات في أصول التفسير وعلوم القرآن للدكتور مساعد الطيار، والكتاب الثاني سيطبع قريباً أن شاء الله ، ونحن نحرص في المركز على الدراسات النوعية التي تخدم التخطيط للدراسات القرآنية ، ولا نقوم بطبع أي رسالة أو بحث إلا بعض الدراسات التي يرى مجلس إدارة المركز تميزها .
* دعنا شيخ عبدالرحمن ننتقل للمحور الأخير : و هو الجانب الإعلامي: كيف تقيم التجربة الإعلامية ؟ و دعنا نكون أكثر جرأة و نسأل عن الأخطاء التي وقعتم فيها في برامجكم الفضائية؟ ومدى تقبل الناس لهذه البرامج؟
** الحقيقة أنا لأول مرة اسأل هذا السؤال، وأنا عن نفسي بدأت منذ أربع سنوات تقريباً أو اقل ولم أتلق أي دورة تدريبية في مقابلة الجمهور أو التعامل مع الكاميرا وهذا خلل مني ومن القنوات التي أظهر من خلالها ، ولكني بدأت بحلقة واحدة في المجد العلمية ثم وجدتهم يطلبون المزيد بعد ذلك ثم شاركت في برامج أخرى في المجد وغيرها ولم أتلق خلال هذه المرحلة أي تدريب إعلامي .
اليوم تعددت القنوات الإسلامية وأتمنى لها النجاح والتميز وإن كنت أخشى عليها من التكاثر على حساب الجودة والنوعية وهذا ظاهر لمن تأمله وأخشى أن تصبح القنوات مرفوضة لدى الناس بسبب تكرار أفكار البرامج والشخصيات مع تغيير طفيف في عناوين البرامج فقط . بالنسبة لتجربتي الخاصة فهي تجربة متواضعة جداً ، ليس فيها تميز يستحق الوقوف عنده وإن كنت أسعد بخدمتي للقرآن وعلومه بحسب قدرتي ومعرفتي ، ولا أذم ولا أمدح تجربتي لكنني أشعر بقصور شديد في جانب التدريب والاحتراف الذي يتطلبه العمل الإعلامي وهو ليس مهنتي التي أحرص على الإبداع فيها . وإن كنت لم اشاهد حلقة لي (ضاحكا) وأخرج راضياً عن نفسي وأدائي ، إما بسبب ضيق الوقت أو ملابسات الموقف أو غير ذلك من النواقص والعيوب التي ألاحظها على نفسي ، ولدي طموح للتطوير في هذا الجانب وأرجو أن ييسر الله ذلك .
* ماهي البرامج التي قمت بتقديمها ؟
** كنت ضيفاً في عدد من حلقات برنامج ( مبادئ العلوم ) على قناة المجد العلمية، وهو أول برنامج أشارك فيه في قناة المجد ، ثم ضيفاً في برنامج ( يتدارسونه بينهم ) على المجد العامة، وهو برنامج مباشر توقف منذ مدة .
وقدمت بمفردي برنامج (أهل التفسير ) على قناة المجد العلمية وسجلت منه أربع وثلاثون حلقة تقريباً، كنت أتناول في كل حلقة منهج مفسر من المفسرين وأسلوبه في كتابه وقيمته ومنهجه وطبعاته .
شاركت مع زميلي الدكتور محمد الخضيري والدكتور مساعد الطيار في تقديم برنامج ( بينات ) على قناة المجد العلمية وكان في التفسير وتدبر القران، وسجلت برنامج (شواهد الشعر) لقناة صفا الفضائية ، وأقدم الآن برنامجاً مباشراً في قناة دليل الفضائية اسمه (التفسير المباشر) وهو برنامج مستمر حتى اليوم ، وقد قارب عدد حلقاته من الستين ، كما شاركت في بعض القنوات الأخرى في حلقات متفرقة غير منتظمة ، وفي موضوعات أخرى لا تتصل بالدراسات القرآنية وهي قليلة وتأتي عرضاً ، كما شاركت في بعض البرامج الإذاعية من خلال إذاعة القرآن الكريم .
* ما هو الجديد الذي ترغب في إضافته من خلال برنامج التفسير المباشر ؟
** أحرص على عدة أمور :
الأمر الأول الإجابة على أسئلة الناس حول القران وعلومه ،خاصةً في التفسير ، ونحن في البرنامج نتلقى أسئلة كثيرة وهذا بحد ذاته هدف نسعى إليه لان الناس لديهم أسئلة كثيرة وفي التفسير لا يجدون من يجيب عليها مباشرةً في الإعلام.
الأمر الثاني : إظهار وإبراز شخصيات علمية متخصصة جديدة ، حتى يتفع الناس بها وهذا مطلب بالنسبة لي ، وهو أنه يوجد عدد كبير من المتخصصين الذين يمكن أن ينتفع الناس بعلمهم ، ولم يسبق لهم المشاركة الإعلامية ، وقد نجح البرنامج في تحقيق هذه الأهداف وإن كنا مازلنا في البداية. نحن الآن قدمنا 57 حلقة فقط ، وآمل أن تصل إلى ألف حلقة إن شاء الله وقناة دليل حريصة على ذلك جزاهم الله خيراً وهناك أفكار كثيرة لتطويره وأنا أقوم بعرض كتاب في كل حلقة من حلقات البرنامج ولعلي أجدد في هذا الجانب ، وأود في كل حلقة أن يكون هناك لقاء مختصر مدته لا تزيد على أربع دقائق كتقارير موجزة وفي جوانب تخدم القران وعلومه ، فأرجو أن أوفق في تنفيذها إن شاء الله .
*سؤال قد يكون مقابلا للسؤال الذي قبله : وهي نتيجة ما كنت أن تتوقعها أبداً كثمرة لهذا البرنامج ؟
** أنا من أبعد الناس عن الإعلام سابقاً ولم أحرص يوماً أن أظهر في وسيلة إعلامية ولم أوافق على الخروج في المد العلمية إلا بعد استشارة واستخارة ممن أثق بهم وبرايهم من الأصدقاء وأسأل الله أن يرزقنا الإخلاص وإحسان القصد ، وما لقيت أحداً إلا ويشجع ويدعو بخير مع معرفتي بقصوري ، ولكن الناس جزاهم الله خيراً يحسنون الظن ويشجعون المواهب الشابة (ضاحكا) ، وأرجو أن يتقبل الله هذه الجهود وألا يذهب أجرها بالخلل في النية والقصد .
* كلمة أخيرة توجهها لمجلة ( بصائر) ؟
** أولاً أنا أرجو لهذه المجلة الفتية التوفيق ، وأقترح أن تعتني هذه المجلة بما لا يوجد في الساحة من أخبار الدراسات القرآنية وما يهم عامة الناس فيها ، وايضاً ما يهم الخاصة من أخبار مثل أخبار المؤتمرات والندوات والمناقشات والرسائل والبرامج وتلخيص الكتب وعرضها عرضاً جيداً وإجراء اللقاءات مع المختصين وتسليط الضوء على سيرهم والتعريف بالكتب، إلى غير ذلك من الزوايا التي أجزم أنها ستكون نافعة . ولو يكون عندكم زوايا ثابتة في المجلة وزوايا متغيرة ، ويكون هناك ملف للعدد يناقش قضية من القضايا ، وهذا يحتاج إلى جهد منكم لتغطيته ،وإلا فهو ميدان بكر لم يطرق مع مسيس الحاجة إليه وأرجو أن تركزوا على التجديد في هذا الجانب وأيضاً الحرص على الاستمرار وعدم الانقطاع وهذه تجربة نسأل الله أن يوفقكم وأشكركم على إتاحة الفرصة لهذا اللقاء .
[/align]
[align=center]
* نود أن تحدثنا عن بداية اهتمامكم بعلم التفسير ؟[/align]
** في البداية أرحب بك أخ عبدالرحمن و أرحب بمجلة ( بصائر) وأرجو ان يوفقكم الله للاستمرار في خدمة القران الكريم وعلومه عن طريق هذه المجلة التي نحن في حاجة لتلبية احتياجات لا تلبيها المجلات المحكمة في الساحة ولا غيرها،أما بدايتي واهتمامي بالتفسير فهي منذ دخولي للجامعة ، و قد درست الجامعه في مرحلة البكالريوس بكلية الشريعة – وكلية الشريعة لا تركز كثيراً على الدراسات القرآنية بتفاصيلها، لكننا كنا ندرس فيها التفسير وعلوم القران بشكلٍ مختصر ،و الاهتمام الحقيقي و المركز بدأ مع مرحلة الدراسات العليا ومرحلة الماجستير ،ثم التحقت في قسم القران وعلومه وواصلت إلى اليوم وأنا في هذا التخصص ولله الحمد .
* إذاً علاقتك قديماً بهذا الفن؟
* تقريباً منذ عشرين سنة .
* كيف كانت العلاقة؟
* العلاقة بالعلم بدأت منذ بداية دراستي علوم القران والحرص على حفظه والحرص على قراءته وما يتعلق به ، وأنا منذ عام 1407هـ التحقت بحلقات حفظ القران الكريم وقرأته على عدد من المشايخ وحصلت فيه على بعض الأسانيد والإجازات ، ومنذ ذلك الحين والى اليوم الحمد لله مازلت اشعر باني في بداية الطريق لتعلم علوم القران وما يتعلق بالقرآن .
* لكن قبل الدراسة الأكاديمية ، هل كانت هناك منهجية سرتم عليه؟
** الحقيقة كنا نشكو دائما وما زلنا - وإن كان الوضع اخف - من عدم وجود منهجية جيدة و مؤصلة لدراسة القران الكريم وعلومه بشكل منهجي ، ولذلك تنقلنا بين الكتب والمناهج والحلقات حتى أصبح لدينا الآن ما يسمى بالخبرة – إن صحت العبارة -حول كتب التفسير والمناهج والقران وحفظه ، ولو وجدت من يأخذ بيدي في البداية ويوجهني توجيهاً سديداً لاختصرت الكثير من الوقت وكثير من الجهد ، ولكن لم تخل هذه التجارب والمحاولات من خبرات جيدة نحمد الله عليها .
* إذا هواك كان يميل إلى التفسير في البدية ؟
** سبحان الله لم يكن الأمر كذلك، كنت متخصصا في الفقه وأصول الفقه ،كما تعلم أن الشريعة تخرج متخصصين في الفقه و أصوله ، لكن عندما عرض علي موضوع العمل في الكلية لم يكن هناك وظائف في الفقه وأصول الفقه ،فقالوا إما أن تقبل بقسم القران وعلومه أو السنة وعلومها أو العقيدة وكان لدي عدد من الاسانيد والإجازات في القراءات ، فكان أنسب قسم لي من أجل ذلك هو قسم القران وعلومه ، ولم أندم قط على هذا الاختيار فهو من توفيق الله لي.
*إذا أتت الرياح بما تشتهي السفن ؟
** ( ضاحكا ) نعم . الحمد لله .
*شيخنا الكريم: هل لكم أبحاث ودراسات في هذا الفن ؟
** لدي أبحاث بعضها لم يكتمل والبعض الأخر اكتمل ونشر، فمن الأبحاث التي اكتملت بحث ( جهود ابن فارس في التفسير وعلوم القران) وهو رسالة الماجستير وقد انتهيت منه عام 1418هـ تقريباً ونوقشت فيه وأتمنى أن أخرجه بإذن الله تعالى مطبوعاً وقد جمعت فيه تفسير ابن فارس ، و ابن فارس شخصية من الشخصيات النادرة في التراث الإسلامي لما يتميز به من عمق في اللغة ولا سيما في جانب المعجم وهو صاحب كتاب مقاييس اللغة.
أيضاً لي كتاب بعنوان (الشاهد الشعر ي في تفسير القران الكريم : دراسة تأصيلية)، وهذا هو بحثي الذي حصلت به على الدكتوراه وقد طبع ولله الحمد في دار المنهاج في الرياض مؤخراً، ولي بحث أخر بعنوان ( القول بالصرفة في إعجاز القران الكريم دراسة نقدية) ، والصرفة نظرية من النظريات التي قيلت في وجه إعجاز القران الكريم قال بها بعض المعتزلة و هي ( أن الله سبحانه صرف همم العرب عن معارضة القران الكريم ولو لم يصرفهم لاستطاعوا أن يأتوا بمثل القران الكريم ، فدرست النظرية وعرفت المقصود بها ومذاهب العلماء فيها والمؤلفات التي بها والى آخره، وهناك أبحاث أخرى أرجو أن يوفقني الله سبحانه وتعالى في إخراجها ، كما إنني كتبت حتى الآن على الانترنت ما يزيد عن عشرة الآف صفحة من المقالات والأبحاث والأجوبة العلمية والحوارات وغيرها ، ومعظمها في (ملتقى أهل التفسير) .
*لعلك تخصنا في ( بصائر ) ببعض عناوين هذه البحوث ؟
** هناك كتاب أرجو أن يخرج قريباً بإذن الله تعالى بعنوان ( الفريد في غريب القران) وهذا أرجو أن يكون كتاباً فريداً كما يدل عليه عنوانه وسرت فيه على منوال أحمد بن فارس في كتاب مقاييس اللغة ولكنني خصصته في غريب القران وأتمنى أن ينتفع به القراء. أيضاً هناك كتاب بعنوان ( المفتاح في علوم القران ) وهو كتاب يصلح للمبتدئين في علوم القران ، وقمت بتأليفه تلبية لطلب بعض المعاهد القرآنية المتخصصة لتدريسه في المعهد وأرجو أن يطبع قريباً.
* لو أردنا أن نتحدث عن اهتمامات الشيخ عبدالرحمن العلمية ؟ و ما هو الحيز الذي يشغله التفسير منها ؟
** يمكنني تلخيص رسالتي في عبارة (خدمة القرآن وعلومه) فكل ما يتعلق بالقران وعلومه يدخل في دائرة اهتماماتي إلا فيما يتعلق بمسائل القراءات الدقيقة الخاصةً بجانب الرواية – ومع أنني أقرأ فيها إلا أنها لا تستهلك مني وقتاً كغيرها من جوانب الدراسات القرآنية – لكن أكثر ما أشغل به وقتي هو جانب التفسير و جانب أصول التفسير وجانب علوم القران ، وما يتعلق بالدراسات القرآنية عموماً لا سيما الخطط المستقبلية للتخصص والدراسات العليا والمنهجيات المعرفية في هذا العلم الشريف ، وأسأل الله أن يمدني بعونه وتوفيقه للاستمرار والعطاء في هذا الجانب .
* مع توسع علوم القرآن و حاجة المفسر للعلوم الأخرى لتداخل هذه العلوم ؟ و هل استطاع الشيخ عبدالرحمن التوفيق بينهما ؟ و كم هو الحيز الذي أخذه التفسير في مقروءاتك بشكل عام ؟
** طبعاً لأن علوم القرآن واسعة وينبغي علي وعلى أمثالي المتخصصين في الدراسات القرآنية أن يكون لديهم إحاطة ومعرفة بهذه الكتب ، فانه يستغرق كل وقت القراءة في هذا التخصص ولم اعد أجد وقتاً كافياً للقراءة في غيره ، وكما تلاحظ هذه المكتبة التي نحن بها ألان مليئة بعدد لا بأس به من الكتب ، لكن يغلب عليها جانب الدراسات القرآنية ، ولكن الوقت أضيق من أن يصرف في غيرها ، وإلا لدي اهتمامات كثيرة تتعلق باللغة وتتعلق بالأدب وما يتعلق بالعلوم الأخرى مثل العقيدة والسنة والفقه ولا نستغني عنها ونحن نُسأل فيها، ولله الحمد لدي الحد الأدنى من بعض التخصصات التي أقرأ فيها باستمرار ولا أفرط فيها ، ولكن التوسع ومتابعة الجديد هو لتخصص القران وعلومه .
* و كم شغل كل هذا من وقتكم بشكل عام؟
** قرأتُ كثيراً عن تنظيم الوقت وعن إدارة الوقت حتى أستطيع أن أسيطر على الوقت ولاسيما مع أسرتي ، ولكنني فشلت إلى الآن في أن أشتغل بغير القران ، فلذلك أصبح هذا التخصص هو شغلي الشاغل في كل وقت حتى إنه طغى على وقت أسرتي ووقتي الشخصي وأموري الشخصية العادية. انشغالي بالتفسير أو ببرامجه أو بكتبه ومشاركاته العلمية واجتماعاته أخذ كل الوقت ،اسأل الله آن يتقبل ذلك وأعوذ بالله من التقصير والتفريط .
*آمين.. بما أنك ذكرت المكتبة ، فلعلنا نتطرق للمكتبة القرآنية، و هل استطاعت أن تغطي كل الجوانب المتعلقة بالقرآن و علومه؟
** المكتبة القرآنية من أوسع المكتبات الإسلامية، ومنذ نزول القرآن الكريم والعلماء يجتهدون في خدمة القرآن الكريم وعلومه تأليفاً ، والمصنفات التي صنفت حول القران الكريم لا تكاد تحصى ، ولذلك مكتبة التفسير والدراسات القرآنية عموماً تعتبر من أوسع المكتبات خاصةً ، وكثير من كتب التفسير لم تطبع بعد وكثير من كتب الدراسات القرآنية الأولى فقدت ، وإذا أضفنا إلى ذلك أن الدراسات اللغوية التي نشأت ابتداء كانت كلها لخدمة القرآن الكريم وعلومه، فالبلاغة والنحو و المختارات الأدبية حتى جمع الشعر الجاهلي كلها كانت من اجل خدمة القرآن الكريم والمحافظة على لغته ، و لذلك يصح القول الذي يقول ان الحضارة الإسلامية والمكتبة كلها نشأت حول القرآن الكريم ودارت حوله لأنه النص المباشر الذي تدور حوله كتب التفسير و علوم القرآن بشكل عام، و قد لا يظن المرء أن النحو و البلاغة و الأدب و جمع الشعر الجاهلي و المعاجم أنها أنشئت لخدمة القرآن الكريم بينما هي كذلك ، وأنا ألاحظ أنه في العشر السنوات الأخيرة نشطت المكتبة القرآنية في جانبين ، منها جانب الأبحاث المتجددة والجانب الأخر التحقيق للكتب القديمة ، فلذلك عندما يذهب الشخص إلى المكتبات يجد أن أنشط الكتب وأكثر المطبوعات اليوم للقرآن وعلومه .
* لكن هناك من يقول بأن المكتبة القرآنية مكتبة متكررة ، و خصوصا إذا أخذنا الكتب الحديثة فهي قائمة على الفوائد و الدروس أي أنها أقرب للمواعظ منها إلى الدراسات الناضجة العميقة؟
** الحقيقة أن هذا القول فيه نوع من المجازفة لسبب ، أولاً لا يوجد كتاب للتفسير ليس له فائدة ومن خلال التجربة وجدت أنك تتردد كثيرا عندما يستشيرك أحد في كتب التفسير ، لان لكل كتاب منها فائدته وأسلوبه وجديده الذي يجد فيه القارئ الفائدة ، ويبقى أن ما ذكرته صحيحا من جهة أن هناك نسبة كثيرة من التكرار باعتبار أنها تدور حول نصٍ واحد وهو القرآن الكريم ، وان هذا النص يجب عليك أن تلتزم بأصول التفسيره وفهمه في كتاباتك ويبقى هناك هامش للتجديد والإضافة ، ولذلك أذا تأمل القارئ لتفسير ابن جرير مثلاً ثم جاء بعده تفاسير كثيرة جداً قد يقول قائل أنها استوعبت ، لكن عندما يقرأ مثلاً في تفسير الشنقيطي أو تفسير الشيخ الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير أو تفسير السعدي برغم صغر حجمه أو تفسير معارج التدبر للشيخ الميداني وغيرها نجد أنها أضافت إضافات ما سبقت إليها ، ولذلك تبقى الحاجة متجددة للتأليف في تفسير القرآن ، ويجب أن يدرك طالب العلم أن الحاجة متجددة لتفسير جديد للقرآن الكريم لأسباب متعددة ، منها اختلاف طريقة فهم الناس واختلاف العصور والحاجة المتجددة للنزول إلى مستوى فهم الناس وقدراتهم التي يقرؤون بها ، فمن هذا الجانب نستطيع أن نقول إن التكرار ليس بهذه الصورة التي يصورها البعض بأنها متكررة .
أما في جانب الدراسات التأصيلية فهناك جوانب كثيرة لا تزال الحاجة ماسة إلى سدها ، ويوجد عدد لا بأس به من الدراسات الجادة في هذا الميدان ، ومثل هذه الدراسات التي تتميز بالعمق والتأصيل تحتاج إلى قدرات علمية بحثية خاصة وهي قليلة في جميع التخصصات.
* د. عبدالرحمن .. دعني آخذ السؤال من زاوية أخرى ، و هي أننا إذا نظرنا للمستشرقين و اهتمامهم بالقرآن و سبره و اكتشاف أسراره و إثارة الشبه عليه نجد أنها دراسات نوعية و عميقة ، بل إنها استطاعت أن تشكك البعض في دينه و في القرآن نفسه ! و يقابل هذه دراسات أشبه ما تكون بالمواعظ إلى دراسات عميقة و نوعية؟ لماذا لا نشهد تجارب أخرى كتجربة المعجم المفهرس و غيره من التجارب الناجحة و التي أحدثت إضافة جديدة للمكتبة القرآنية ؟
** كأنني فهمت ما تعنيه الآن. هذه مشكلتها تعود إلى مشكلة تكوين الباحثين المتخصصين في الدراسات القرآنية وفي غيرها بصفة عامة عندنا في العالم الإسلامي و هذا راجع لطريقة تفكيرنا في العالم الإسلامي، و للأسف الشديد أن الجامعات الإسلامية إلى الآن - بحسب ما أرى وألاحظ - لم تنجح النجاح المطلوب في تخريج عقليات علمية باحثة و ناقدة تحسن النقد العلمي، بل إلى الآن نحن ندرس في درجة البكلاريوس والماجستير والدكتوراه موضوعات مكررة ، بمعنى انك تأتي إلى طلاب الدراسات القرآنية في مرحلة الدكتوراه مثلاً فإذا بهم يدرسونه مادة إعجاز القرآن من الكتب التي يدرسونها في درجة البكلاريوس و يدرس طالب الماجستير مادة أصول التفسير التي كان يدرسها في البكلاريوس أيضاَ ، وأنا شخصياً مررت بهذه التجربة ودرست هذه المناهج حيث كنا ندرس في مرحلة الدكتوراه المادة العلمية نفسها التي كنا ندرسها في مرحلة البكلاريوس ، ولا اذكر أننا وجدنا شيئاً جديداً ، و أنا الآن أقوم بتدريس الدراسات العليا و لكنني غيرت الأسلوب الذي ندرس به تماماً ولذلك خرجنا بفوائد كثيرة ، لأنك لا بد أن تراعي العمق العلمي للطالب و تعطيه الكتب و المراجع التي تناسب الطالب، فالشاهد أن كثيراً من الباحثين المتخصصين في الدراسات القرآنية المعاصرة يقل عندهم جانب الإبداع كثيراً ، وكما قال النبي r الناس كإبل مائه لا تكاد تجد فيها راحلة ،و المجدد والمبدع يأتي نادراً في العصور وعلى مر التاريخ ، في حين أن الغربيين مع أنهم يدرسون القرآن الكريم من زاوية مختلفة وهم لا يؤمنون به كما نؤمن به ، ولكنهم يقعون على موضوعات لو درس القرآن الكريم من خلالها عن طريق باحثين جادين لكان فيه ثمرة رائعة جداً ، ولذلك كل ما بحثه المستشرقون مع الملحوظات عليه المنهجية والعلمية فتح الباب واسعاً للبحث ، فمثلاً كتاب (نولدكه ) تاريخ القرآن مع انه مليء بالشبهات وفيه مطاعن كثيرة إلا انه في طريقة تفكيره وطريقة تناوله للموضوعات فتح آفاقا كثيرة للدارسين سواء الذين ردوا عليه أو الذين كتبوا في هذه الموضوعات كما كتب د. عبد الصبور شاهين في كتاب تاريخ القرآن ، فتناول فيه موضوع الأحرف السبعة من زاوية مختلفة تماماً عما تناوله غيره ، فأنا اتفق معك في هذا الجانب وفيه عوز كبير ولكن أنا أؤمن بإذن الله تعالى خلال الخمسين سنة القادمة أن تتغير هذه النظرة للباحثين في الدراسات القرآنية وهناك ولله الحمد جهود كبيرة تبذل لتصحيح المسار في هذا الجانب للارتقاء بالذوق والارتقاء بالمنهجية ، وفيما يتعلق بالدراسات القرآنية ومنهجية القرأة ومنهجية التعليم ومنهجية الدراسات العليا وأرجو أن تؤتي ثمارها بإذن الله ، واني ألاحظ أن في عدد من الجامعات المختلفة منها جامعة الملك سعود وجامعة الإمام وجامعة القصيم التي بدأت الآن وضع دراسات جيدة وغيرها من الجامعات الأخرى والمعاهد والمراكز كالمركز الخيري الذي الآن تتبع إليه (مجلة بصائر) وكلها الآن أصبحت تفكر بنفس الطريقة وهي طريقة الإبداع والتميز خدمةً للقرآن الكريم بطريقة جديدة وطريق مميز تناسب مكانة القرآن الكريم .
* في ظل اتجاه العقلانيين لإعادة دراسة القرآن الكريم ، أين يقف أهل التفسير والمختصين من أهل العلم في مقابلة هؤلاء ؟
** في تخصص القرآن وعلومه نشتكي من نقص حاد في مواجهة هذه الشبهات ، والسبب في ذلك يكمن في أمور ، الأمر الأول انه لا يوجد من المتخصصين في الدراسات القرآنية عندنا في السعودية من يتقن اللغة التي تكتب بها هذه البحوث اتقاناً يؤهله للرد عليها ، وايضا لا يتقنون المنهجيات التي تكتب بها فهناك المنهجيات الحديثة التي تطرح فيها هذه البحوث مثل منهج (البنيوية) و(الألسنية) وما يتعلق بالدراسات الحداثية وما بعدها ، للأسف الشديد المتخصصون في الدراسات القرآنية ينظرون إليها نظرة ازدراء ونظرة تهوين من شأنها و أنها لا فائدة منها ، وان هذه الدراسات المراد منها هدم القران ونحو ذلك ، وبهذا فوتوا على أنفسهم خيراً كثيراً بعدم دراستهم لهذه المناهج والحرص على فهمها التي تمكنهم من الرد عليها رداً جيداً مقنعا ، أضف إلى ذلك طريقة التفكير التي تكتب بها هذه الدراسات كما تقدم معنا في الدراسات الإستشراقية المختلفة عن طريقة التفكير التي يفكر بها الذين يردون ، فمثلاً احدهم يكتب شبهات حداثية تنطلق من منطلقات عقلية ويأتي المتحمس في الدراسات القرآنية ليرد عليهم بالآيات والأحاديث و المخالف لا يؤمن بها ولا ينظر إليها ، فعندنا عوز في هذا الجانب فلذلك افتتحنا في ملتقانا نافذة أسميناها (ملتقى الانتصار للقران الكريم) ونهدف من ذلك إلى تأسيس علم جديد يضاف إلى علوم القران الكريم الموجودة وهو علم الانتصار للقران الكريم والمنهجية الصحيحة في الرد على هذه الشبهات وكيفية تأهيل الباحثين المتميزين للتصدي لمثل هذه الشبهات لأنها متجددة وتحتاج في كل زمان إلى من يقوم بها ويبين للناس الحق فيها، والناس اليوم لم تعد تقتنع إلا بالعمق العلمي والموضوعي الذي يتناول الموضوعات بدقة وبموضوعية يستطيع أن يقنع الموافق والمخالف .
* لننتقل إلى ابرز النصائح التي توصي بها طالب العلم في هذا المجال ؟
** الوصية الأولى هي إخلاص النية لله سبحانه وتعالى في خدمة هذا العلم لأنه هو اشرف العلوم على الإطلاق وهو القران وعلومه . النصيحة الثاني: الحرص على التركيز على الجانب الذي يريد أن يخدمه ويتخصص فيه .. وكنصيحة أخوية لا تجبر نفسك على ما لا تميل إليه في الدراسة وإنما يحرص طالب العلم على أن يتخصص في الجانب الذي تميل نفسه إليه لان القران الكريم وعلومه عبارة عن أودية وشعاب منها علوم القران وعلوم التفسير والدراسات البلاغية ، والتفسير نفسه و قراءات القرآن وتجويده وتاريخه وما يتعلق به فليتخصص كل واحدٍ منا في هذه الفنون يستفرغ فيه جهده ووقته وبحوثه حتى يكون لأهل العلم مرجعاً في هذا التخصص يرجعون إليه . والنصيحة الثالثة: الحرص على المتابعة والقراءة المستمرة والعمق فيها والتلخيص بحيث أن يؤهل الإنسان نفسه أن يكون عالماً في هذا التخصص الذي هو القران وعلومه .
* البعض من المبتدئين قد ينظر بازدراء و تقليل من الكتب التراثية،أو يقلل من شأن الطريقة التقليدية في دراسة تفسير القران وعلومه ، بينما قد تأسره اللطائف والفوائد أو الطريقة الحديثة في دراسة التفسير فما رأيك ؟
** هذه حقيقة. وهذه تعود إلى أذواق الناس والى تأهيلهم العلمي السابق و الناس دائماً تميل إلى البساطة والسهولة ، و هنا اذكر تجربة من التجارب في احد البرامج الإعلامية و هي أني كنت أقدم برنامجاً واحضر له واحتشد له من الناحية العلمية وما كنت أجد له ذاك الصدى عند عامة الناس وإنما ربما أجد أحد الزملاء المختصين الذين رأوا الحلقات يثنون على ما فيها من المعلومات الجيدة ، لكن قدمت برنامج أخر مع بعض الزملاء كان عفوياً بطرح أخر وبعض اللطائف ، فوجد اقبالاً منقطع النظير عند الناس ، فعلمت أن الناس تميل إلى البساطة وتحب تناول مثل هذه اللطائف البلاغية واللطائف في التفسير وما يتعلق بها، وان الناس يرغبونها ويكثرون السؤال عنها ، طبعاً قد يقول قائل هذه اللطائف والنكات البلاغية قد لا تؤسس طالب علم جيد وإنما هي تصلح للمتعة أكثر منها للعلم والتأصيل ، لكن الناس أيضاً يحتاجون إلى هذا و ذاك ، فمهما بالغنا وتفاءلنا لا يمكن أن نجعل كل الناس علماء في التفسير ولا متخصصين فيه في حين أن بإمكانك أن تجعل لدى الناس ثقافة جيدة في الدراسات القرآنية ، ولذلك أنا أقول أن الحد الأدنى من علوم القران وكيفية التعامل مع القران وفهمه وتفسيره ينبغي أن تكون ثقافة مشتركة بين الناس ، وينبغي على المتخصصين في الدراسات القرآنية أن يبحثوا ويدرسوا الوسائل المناسبة لإيصال هذا العلم إلى الناس ، وأنا احسب أن( مجلة بصائر) الآن هي وسيلة من هذه الوسائل لتقريب القران و الدراسات القرآنية لعامة الناس الذين يسألون عن معاني القران ويسألون عن القواعد البسيطة للتعامل معه ويسألون عن كتب جيدة سهلة العبارة وواضحة الأسلوب لفهم القران وفهم علومه وهذه الحاجة لا تنقطع .
* هل هناك فرق بين التفسير وعلوم القران ؟
** التفسير هو احد علوم القران لأنه يتعلق بفهم المعنى ، لكنه لأنه قد كثرت المصنفات فيه أصبح علماً مستقلاً يقال له علم التفسير وإلا فهو علم من علوم القران التي انفصلت وتوسعت وأصبح له مؤلفات خاصة به.
* محور آخر من محاور خدمة القرآن و علومه: و هو الأدب و خدمته لكتاب الله U ، هل استطاع الأدب تأدية دوره، و ما أهمية دور الأدب و الأديب ؟
**أنا من وجهة نظري نعم، وأنا شخصياً احتسب على الله القيام بهذا الواجب بقدر استطاعتي ، وأنا لدي دروس في شرح الشعر الجاهلي على وجه الخصوص وهدفي منها خدمة التفسير ولغة القران وقد قدمت في ذلك عدد من الدروس والدورات والبرامج الإعلامية ، والحمد لله ردود الأفعال تبشر بخير وقد سلكت أيضاً منهجاً آخراً في جامعة الملك سعود وبدأت بدرس أسبوعي لعامة الطلاب في الأدب وأنا ابتدأته على انه أمالي أدبية وروايات أدبية وأتنقل فيه بين الأشعار في العصور و الروايات و غيرها و لكني لا أخليه من ربطٍ بالقرآن بطريقة أو أخرى و وجدت له قبولاً واسعاً لدى الطلاب والكل يحرص على حضوره ويحرص على تتبعه ، وأنا أؤمل بإذن الله تعالى انه بعد سنوات قليلة يثمر بإذن الله هذا المنهج في أمور ، أولاً الارتقاء بذوق الذين يستمعون ويشاهدون مثل هذه البرامج. فعندما يقرب لهم الشعر القديم و الشعر الجاهلي في بلاغته و فصاحته يستفيدون من مفرداته الجديدة ومن الأسلوب اللغوي الصحيح في التعبير وهذا يعود مباشرةً بالفائدة على فهم القران الكريم لان القران الكريم نزل بلغةٍ عاليه جداٍ ، فإذا تُرِك الناس على لهجتهم وعدم عنايتهم باللغة العربية سوف تزداد الفجوة بينهم وبين فهم القران الكريم وتزيد الحاجة إلى دراسة كتب التفسير وغريب القران .
* هل هناك دراسات تناولت هذا الموضوع ؟
** الحقيقة أنها قليلة، لكن كتب اللغة بصفة عامة هي ميدان واسع لهذا الموضوع ،و كذلك كتب شرح الشعر الجاهلي. لكن الدراسات التي تؤصل لهذا الموضوع أي ربط اللغة و الأدب بالتفسير قليلة ، وكتابي ( الشاهد الشعري في تفسير القران الكريم دراسة تأصيلية ) في عمق هذا الموضوع، وأرجو بأذن الله تعالى أن نجد في السنوات القادمة برامج ومنهجيات في هذا للارتقاء بأذواق الناس ، وهذه رسالة لزملائي في اللغة العربية و الأدب و البلاغة أن يقوموا بهذه الرسالة وهذه الأمانة لأني أجد أنهم يدرسون هذه التخصصات دراسة منفصلة ولا يوظفونها التوظيف الذي ينبغي أن توظف فيه في خدمة القران الكريم .
* هل يجوز أن تخدم الرواية القرآن ؟ و هل بالإمكان أخذ بعض قصص القرآن و وضعها في رواية؟
** هذا الموضوع طرح قديما و ما زال يطرح. و كثر النقاش حوله، و هنا يرد سؤال أن الروائي سيضطر للإضافة من عنده حتى يحافظ على تسلسل الأحداث فيضيف على القصة ما ليس منها ، أو الروايات الإسرائيليات التي لا تثبت ، فهل يجوز أم لا يجوز لم يقطع فيه إلى الآن ، و الحقيقة أنه لا يجوز أن يضاف على القصص القرآني ما ليس منه، كتبت بعض المحاولات قديماً في قصص القران وصيغت بأسلوب أدبي إلى حدٍ ما لكنها لم تصل إلى المرحلة التي ذكرتها وهي مرحلة أن تكون الرواية متكاملة ، فمثلاً لو صنعت رواية بعنوان ( أصحاب الجنة ) القصة التي في سورة القلم ورواية على أصحاب الكهف أو رواية عن قصة يوسف عليه السلام وهي تعتبر من أوسع القصص التي تسلسلت في سورة واحدة في القران الكريم وهذه لم أقرأ إلى الآن من كتب فيها، و أتصور أنه بالإمكان تنفيذ هذه الرواية لكنها تحتاج إلى فنية عالية ومهارة وتحتاج إلى حذر شديد في قضية ملء الفراغات بطريقة إحترافية لا يكون بها رواية ضعيفة ولا يكون فيها أيضاً أي مزلق يسيء للقران الكريم بطريقة أو بأخرى، فهذا تحدي ينبغي على الأدباء أن يخوضوه بحقه.
* هل علم التفسير هو علم العامة أو الخاصة ؟ و ما هي الجهود المبذولة لتقريب هذا العلم؟
** في تصوري انه يجمع بين الأمرين من حيث الحاجة إليه وضرورة معرفته هو علم العامة ،فهناك جهود للعامة و هناك جهود للخاصة، فمثلاً من الجهود التي تبذل لعامة الناس و الطلاب منها جمعية التحفيظ التي تعنى بحفظ القرآن وغيره، وهناك برامج عديدة في التلفزيون وغيره موجهة إلى عامة الناس سواء بأحكام القران أو تحسين تلاوته أو فهمه وتدبره وهناك خدمات توجه إلى الخاصة للارتقاء بهم من ناحية البحوث ، فهناك مجلات علمية محكمة مثلاً فهذه موجهة للخاصة لينشروا فيها أبحاثهم من جهة ويقرؤوا فيها من جهة أخرى ويتناقشوا فيها في قضايا خاصة ، و هناك ملتقيات علمية كملتقى أهل التفسير على الانترنت وهو في أصله موجه للخاصة للارتقاء بهم علمياً.
* بدأ الاهتمام في الآونة الأخيرة بعلوم التفسير وقد يكون لكم السبق في ذلك من خلال بعض البرامج التلفزيونية والشبكة العنكبوتية ، ما هو تقييمكم لهذه التجربة ؟
** طبعاً الفكرة لا زالت حديثة، لنا سبع سنوات واعتبرها تجربة ناجحة .
*كيف بدأت ؟
** بدأت بفكرة . في بداية دخول الانترنت إلى السعودية ، كان في ذهني أن ابدأ في مشروع خاص يتعلق بالقران وعلومه ، ومن بعد ذلك توسع المشروع وأصبح لله الحمد يعرفه كثير من المتخصصين ويستفيدون منه وهذا المشروع يتوسع عاماً بعد عام والحمد لله وصلنا إلى مرحلة متقدمة وأنشأنا مركزاً علمياً للأبحاث والدراسات القرآنية الذي نهدف منه إلى وضع خطط إستراتيجية للدراسات القرآنية خلال الخمسين أو المائة سنة القادمة بحيث يكون لنا خارطة واضحة لتطوير هذا التخصص بجانب التأليف والتصنيف والدراسات العليا والبرامج الإعلامية والبرامج التي تستهدف جميع الشرائح بحيث يكون لدينا تصور واضح ، كيف نسير ، وأين وصلنا ، ومنها في مجال الدراسات المتخصصة والانترنت وتقييم المواقع ووضع المعايير العلمية لها ، والبرامج الإعلامية وتقويمها من حيث مشاهدة الناس لها ومدى استفادتهم منها ومدى انتشارها و تقويم البرامج المشابهة لها والأسلوب التي تقدم به والشخصيات التي تقدمها كما نخدم الكوادر البشرية المتخصصة التي تخدم القران الكريم وعلومه حول العالم من حيث مستواها العلمي وإمكانية الارتقاء بها. فالمهم أنه كان فكرة بدأ بموقع ملتقى أهل التفسير ثم شبكة التفسير والدراسات القرآنية ثم الآن مركز تفسير للدراسات القرآنية .
* إلى أين وصلتم في ملتقى أهل التفسير ؟
** أصبح الموقع اليوم مشهوراً ومعروفاً عند الخاصة ومن يرتادون الانترنت، و استفاد الناس و المختصون منه كثيرا،بل إن اكبر المستفيدين منه هو أنا شخصيا ثم الأخوة المشرفون، لأنك تضطر لمراجعة المسائل العلمية الدقيقة والأبحاث و غيرها ، و قد راجعت آلاف المسائل و الأبحاث و الموضوعات المتعلقة بعلوم التفسير بسبب الملتقى .ناهيك عن الموضوعات المتعلقة بالكتب والمؤتمرات والندوات التي نشرت عن طريق هذا الملتقى، و الحظ من خلال تجوالي في عدد من دول العالم أن الملتقى أصبح حلقة وصل يجمع العديد من المهتمين في العالم العربي ودول الخليج وإفريقيا واسيا والعديد من الدول الأوروبية ووجدت صداً طيباً لهذا الملتقى لم أكن أتوقعه ، أضف إلى ذلك أن لدينا ألان ما يقارب ستة آلاف عضو في الملتقى من جميع أقطار العالم مع أن التسجيل في الملتقى مغلق ، وإذا طرح أي موضوع في الملتقى سيقرئه من هو في أوروبا وكندا وإفريقيا بل أن هناك احد الأشقاء في العراق يقول أن هذا الملتقى ينوب عن جامعات بالنسبة لي ، ويقول هذا العراقي أنه في أيام الاحتلال ما كان يشعر بأي عجز من خلال التخصص. بل يقول أنه من خلال هذا الملتقى عرف الكتب التي صدرت والمجلات والبحوث ويشارك هذا الأخ العراقي معنا الى اليوم ويقوم بكتابة الأبحاث ويرسلها لنا ونحن نقوم بنشرها في الملتقى ، فأنا أرى هذا الملتقى عبارة عن نافذة ، فلذلك أدعو الآخرين إلى الاستفادة من الموقع ، ونحن نحرص الآن في تجربتنا وتقييمنا للملتقى ولإعادة بناء البوابة الالكترونية للملتقى على الإبداع ، ودائماً أتحدث مع زملائي في الملتقى بأننا لم نبدأ بعد، بل كل السنوات التي مضت هي مجرد جس للنبض ومحاولة التعرف على حاجة الناس والآن تبين لنا مما لا يدع مجال للشك أن الناس في حاجة ماسة جداً وعلى مستوى العامة والخاصة إلى هذه المواقع ونحن الآن لدينا خطة تطويرية واسعة للملتقى أرجو ان يظهر قريباً .
* هناك خطوة خطتها بعض المواقع في موضوع الفهرسة و إضافتها للمكتبة الشاملة كذلك إخراج الكتب و قد يتحول فيما بعد إلى دار نشر ، هل في نيتكم السير على خطاهم؟
** نعم ما ذكرته ضمن خطة الملتقى منذ بدايته وقد طبعنا كتاباً باسم الملتقى قبل أربع سنوات وهو مقالات في أصول التفسير وعلوم القرآن للدكتور مساعد الطيار، والكتاب الثاني سيطبع قريباً أن شاء الله ، ونحن نحرص في المركز على الدراسات النوعية التي تخدم التخطيط للدراسات القرآنية ، ولا نقوم بطبع أي رسالة أو بحث إلا بعض الدراسات التي يرى مجلس إدارة المركز تميزها .
* دعنا شيخ عبدالرحمن ننتقل للمحور الأخير : و هو الجانب الإعلامي: كيف تقيم التجربة الإعلامية ؟ و دعنا نكون أكثر جرأة و نسأل عن الأخطاء التي وقعتم فيها في برامجكم الفضائية؟ ومدى تقبل الناس لهذه البرامج؟
** الحقيقة أنا لأول مرة اسأل هذا السؤال، وأنا عن نفسي بدأت منذ أربع سنوات تقريباً أو اقل ولم أتلق أي دورة تدريبية في مقابلة الجمهور أو التعامل مع الكاميرا وهذا خلل مني ومن القنوات التي أظهر من خلالها ، ولكني بدأت بحلقة واحدة في المجد العلمية ثم وجدتهم يطلبون المزيد بعد ذلك ثم شاركت في برامج أخرى في المجد وغيرها ولم أتلق خلال هذه المرحلة أي تدريب إعلامي .
اليوم تعددت القنوات الإسلامية وأتمنى لها النجاح والتميز وإن كنت أخشى عليها من التكاثر على حساب الجودة والنوعية وهذا ظاهر لمن تأمله وأخشى أن تصبح القنوات مرفوضة لدى الناس بسبب تكرار أفكار البرامج والشخصيات مع تغيير طفيف في عناوين البرامج فقط . بالنسبة لتجربتي الخاصة فهي تجربة متواضعة جداً ، ليس فيها تميز يستحق الوقوف عنده وإن كنت أسعد بخدمتي للقرآن وعلومه بحسب قدرتي ومعرفتي ، ولا أذم ولا أمدح تجربتي لكنني أشعر بقصور شديد في جانب التدريب والاحتراف الذي يتطلبه العمل الإعلامي وهو ليس مهنتي التي أحرص على الإبداع فيها . وإن كنت لم اشاهد حلقة لي (ضاحكا) وأخرج راضياً عن نفسي وأدائي ، إما بسبب ضيق الوقت أو ملابسات الموقف أو غير ذلك من النواقص والعيوب التي ألاحظها على نفسي ، ولدي طموح للتطوير في هذا الجانب وأرجو أن ييسر الله ذلك .
* ماهي البرامج التي قمت بتقديمها ؟
** كنت ضيفاً في عدد من حلقات برنامج ( مبادئ العلوم ) على قناة المجد العلمية، وهو أول برنامج أشارك فيه في قناة المجد ، ثم ضيفاً في برنامج ( يتدارسونه بينهم ) على المجد العامة، وهو برنامج مباشر توقف منذ مدة .
وقدمت بمفردي برنامج (أهل التفسير ) على قناة المجد العلمية وسجلت منه أربع وثلاثون حلقة تقريباً، كنت أتناول في كل حلقة منهج مفسر من المفسرين وأسلوبه في كتابه وقيمته ومنهجه وطبعاته .
شاركت مع زميلي الدكتور محمد الخضيري والدكتور مساعد الطيار في تقديم برنامج ( بينات ) على قناة المجد العلمية وكان في التفسير وتدبر القران، وسجلت برنامج (شواهد الشعر) لقناة صفا الفضائية ، وأقدم الآن برنامجاً مباشراً في قناة دليل الفضائية اسمه (التفسير المباشر) وهو برنامج مستمر حتى اليوم ، وقد قارب عدد حلقاته من الستين ، كما شاركت في بعض القنوات الأخرى في حلقات متفرقة غير منتظمة ، وفي موضوعات أخرى لا تتصل بالدراسات القرآنية وهي قليلة وتأتي عرضاً ، كما شاركت في بعض البرامج الإذاعية من خلال إذاعة القرآن الكريم .
* ما هو الجديد الذي ترغب في إضافته من خلال برنامج التفسير المباشر ؟
** أحرص على عدة أمور :
الأمر الأول الإجابة على أسئلة الناس حول القران وعلومه ،خاصةً في التفسير ، ونحن في البرنامج نتلقى أسئلة كثيرة وهذا بحد ذاته هدف نسعى إليه لان الناس لديهم أسئلة كثيرة وفي التفسير لا يجدون من يجيب عليها مباشرةً في الإعلام.
الأمر الثاني : إظهار وإبراز شخصيات علمية متخصصة جديدة ، حتى يتفع الناس بها وهذا مطلب بالنسبة لي ، وهو أنه يوجد عدد كبير من المتخصصين الذين يمكن أن ينتفع الناس بعلمهم ، ولم يسبق لهم المشاركة الإعلامية ، وقد نجح البرنامج في تحقيق هذه الأهداف وإن كنا مازلنا في البداية. نحن الآن قدمنا 57 حلقة فقط ، وآمل أن تصل إلى ألف حلقة إن شاء الله وقناة دليل حريصة على ذلك جزاهم الله خيراً وهناك أفكار كثيرة لتطويره وأنا أقوم بعرض كتاب في كل حلقة من حلقات البرنامج ولعلي أجدد في هذا الجانب ، وأود في كل حلقة أن يكون هناك لقاء مختصر مدته لا تزيد على أربع دقائق كتقارير موجزة وفي جوانب تخدم القران وعلومه ، فأرجو أن أوفق في تنفيذها إن شاء الله .
*سؤال قد يكون مقابلا للسؤال الذي قبله : وهي نتيجة ما كنت أن تتوقعها أبداً كثمرة لهذا البرنامج ؟
** أنا من أبعد الناس عن الإعلام سابقاً ولم أحرص يوماً أن أظهر في وسيلة إعلامية ولم أوافق على الخروج في المد العلمية إلا بعد استشارة واستخارة ممن أثق بهم وبرايهم من الأصدقاء وأسأل الله أن يرزقنا الإخلاص وإحسان القصد ، وما لقيت أحداً إلا ويشجع ويدعو بخير مع معرفتي بقصوري ، ولكن الناس جزاهم الله خيراً يحسنون الظن ويشجعون المواهب الشابة (ضاحكا) ، وأرجو أن يتقبل الله هذه الجهود وألا يذهب أجرها بالخلل في النية والقصد .
* كلمة أخيرة توجهها لمجلة ( بصائر) ؟
** أولاً أنا أرجو لهذه المجلة الفتية التوفيق ، وأقترح أن تعتني هذه المجلة بما لا يوجد في الساحة من أخبار الدراسات القرآنية وما يهم عامة الناس فيها ، وايضاً ما يهم الخاصة من أخبار مثل أخبار المؤتمرات والندوات والمناقشات والرسائل والبرامج وتلخيص الكتب وعرضها عرضاً جيداً وإجراء اللقاءات مع المختصين وتسليط الضوء على سيرهم والتعريف بالكتب، إلى غير ذلك من الزوايا التي أجزم أنها ستكون نافعة . ولو يكون عندكم زوايا ثابتة في المجلة وزوايا متغيرة ، ويكون هناك ملف للعدد يناقش قضية من القضايا ، وهذا يحتاج إلى جهد منكم لتغطيته ،وإلا فهو ميدان بكر لم يطرق مع مسيس الحاجة إليه وأرجو أن تركزوا على التجديد في هذا الجانب وأيضاً الحرص على الاستمرار وعدم الانقطاع وهذه تجربة نسأل الله أن يوفقكم وأشكركم على إتاحة الفرصة لهذا اللقاء .
[/align]